أبحاث

يسوع المسيح هو الوحيد الذي مات وقام

يسوع المسيح هو الوحيد الذي مات وقام

يسوع المسيح هو الوحيد الذي مات وقام

يسوع المسيح هو الوحيد الذي مات وقام
يسوع المسيح هو الوحيد الذي مات وقام

يسوع المسيح هو الوحيد الذي مات وقام؟

 

“إن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمائة أخ أكثرهم باقٍ إلى الآن. ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين. وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أنا.”

يؤكد بولس الرسول أن هذه ليست أسطورة. فهو لا يربط فقط موت وقيامة المسيح بنبوات العهد القديم (فيقول بولس مرتين “حسب الكتب”)، ولكنه يؤسس اعتقاده أيضا على التاريخ. فهو يذكر الرسل، وخمسمائة مؤمن آخر، ويعقوب (أخا الرب)، وهو نفسه كشاهد على قيامة المسيح. ثم يذكر أن “أكثرهم باقٍ إلى الآن” لقد كانت قيامة المسيح موثّقة بشهود العيان. ويذكّر بولس قراءه بالأهمية المحورية للإيمان بحقيقة القيامة، بقوله: “وإن لم يكن المسيح قد قام فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم” (15: 14).

الفكرة الوثنية للإله “الميت-القائم”

هل كان بولس والرسل الآخرون ينسجون قصة إله _ إنسان مات وقام، مستخدمين نول النسيج الخاص بالديانات السرية؟ قال البعض هذا، وأن فكرة الإله المائت -القائم كفكرة مشابهة للمفهوم المسيحي لموت وقيامة المسيح تم ترويجها بواسطة جيمس فريزر في كتابه “The Golden Bough”، الذي صدر أولاً عام 1906.

وقد لاحظ إدوين ياموشي، وهو عالم معروف باهتمامه الكامل وبحكمه المتأني على النصوص التاريخية، أنه على الرغم من أن فريزر قد ساق الكثير من التشابهات، إلا أن أساسها كان شديد الهشاشة وقد ثبت عدم مصداقيته بواسطة حشد من العلماء منذ أن كانت أفكاره في أعظم شهرة لها في الستينات من القرن الماضي.

إننا نحتاج أن نفحص البيانات لكي نرى ما إذا كانت مزاعم فريزر _ والآخرين _ لها أساس. سوف نقوم هنا بالبحث باختصار في الثلاث أساطير الأكثر تأثيراً في الديانات السرية _ وهي إيزيس وأوزوريس، وسيبيل وأتيس، وتموز (أدونيس) _ لكي نرى ماذا يقولون عن الإله _ الإنسان المائت القائم.

إيزيس وأوزوريس

كان أوزوريس هو إله مصري قديم والذي لم تكن أسطورته المبكرة وعبادته مرتبطة بالعبادات السرية. أما الشكل الهيليني لعبادة أوزوريس فقد تطور إلى ديانة سرية من خلال التجديدات التي أدخلها عليها بطليموس الأول (300 ق.م) وقد تضمنت هذه التغييرات مزيجا مركباً من الديانة المصرية القديمة مع الفكر اليوناني. وبحلول أواخر القرن الأول، عرّف بلوتارك أوزوريس على إنه التجلي المصري للإله الذي عرّفه اليونانيون على إنه ديونيسوس. يلخص جاري هابرماس ومايكل ليكوّنا أسطورة أوزوريس كما يلي:

تم قتل أوزوريس بواسطة أخيه الإله ست، والذي قام بتقطيع جسده إلى أربعة عشر جزءاً ووزعها في كل أنحاء مصر. لكن الآلهة إيزيس قامت بتجميع أجزاء جسده وتركيبها معاً ثانية وردته للحياة. لكن للأسف، فقد استطاعت أن تجد ثلاثة عشر فقط. والأكثر من ذلك إنه أمر مشكوك فيه ما إذا كان أوزوريس قد عاد للحياة على الأرض أو إن آخرين قد رأوه، كما حدث مع يسوع. وقد نال منزلته كإله للعالم السفلي المظلم. أن الصورة التي لدينا عن أوزوريس هي صورة إنسان ليست جميع أعضائه كاملة، والذي حصل على وجود خيالي كإله للمومياوات…

وهكذا فإن عودة أوزوريس للحياة لم تكن قيامة، بل زومبية (قوة فوق طبيعية يزعم المعتقد الودوني إنها تدخل أجساد الموتى فتحييها دون استعادتهم للقدرة على الكلام وحرية الإرادة). إن واحداً من الاختلافات الأساسية بين يهوه، إله اليهود، وبين الآلهة المصرية، هو أن يهوه كان متساميًا عن الطبيعة، أكثر مما كان مندمجًا معها، بينما الآلهة الوثنية كانوا مندمجين مع العمليات الطبيعية:

كان الآلهة المصريون يبدون مأسورين داخل تجلياتهم الخاصة. فقد كانوا يشخّصون القوة ولكنهم يظلون غير كاملين كشخصيات. ومع ذلك فإن هؤلاء الآلهة المبهمين والعظماء لم يكونوا بعيدين وغير ملموسين؛ فقد كان المصريون يعيشون للأبد داخل مجال أعمالهم ونشاطاتهم… كان المصريون يفسرون الظهور اليومي للشمس على إنه ميلادها؛ وكان القمر يمحق ويتناقص لأنه كان العين المتوعكة لحورس. وعندما كان بالجهد يتحول إلى خمر وخبز، كان أوزوريس _ المتجلي في المحاصيل _ هو الذي يموت.

وسوف نلتقي بهذه التشبيهات والصور في كل مكان، لكننا لا يجب أن نفسرها على إنها استعارات أو قصص رمزية، لأننا لا نستطيع أن نجرّدها من المعنى بدون إبطال المعتقدات التي تعبر عنها. 4 وقد أكّد هنري فرانكفورت (انظر ملحوظة 4) امتزاج الآلهة بالطبيعة وتجلياتها، كما أوضح ذلك بلوتارك، كاتب السير في أواخر القرن الأول. 5 فقد حذّر بلوتارك قرّاءه بشأن أساطير الآلهة، قائلاً: “كلما تسمع الخرافات والروايات الأسطورية التقليدية التي يرويها المصريون عن الآلهة، ورحلاتهم، وتقطيع أوصالهم، والكثير من الاختبارات من هذا النوع، …

يجب عليك ألا تعتقد أن أيًا من هذه الروايات قد حدثت بالفعل بالصورة التي تروى بها. 6 فبخصوص أسطورة أوزوريس، يشير ميتزجر إلى أنه ما إذا كان يمكن أن يطلق على هذه الأسطورة بالفعل إنها قيامة، فهذا أمر مشكوك فيه، خاصة حيث أنه -بحسب بلوتارك -كانت الرغبة التقية للمخلصين من أنصار الديانة، بحسب التقليد المحلي، أن يدفنوا في نفس الأرض حيث جسد أوزوريس لا يزال موجوداً. 7 ويتفق معه ياموشي بالقول:

من سوء الفهم الأساسي أن نساوي النظرة المصرية للحياة الأخرى مع مفهوم “القيامة” بحسب التقليدين العبري والمسيحي. فلكي يتحقق الخلود، كان على المصري أن يحقق ثلاثة شروط: (1) يجب أن يحفظ جسده، في ذلك الوقت بالتحنيط. (2) كان يجب توفير الغذاء، سواء بالتقدمة الفعلية اليومية للخبز والخمر، أو بواسطة النقوش السحرية للطعام على جدران القبر. (3) كانت هناك تعاويذ سحرية يجب دفنها مع الميت _ وهي النصوص الموجودة على الأهرامات في المملكة القديمة، ونصوص التابوت في المملكة الوسطى، وكتاب الموتى في المملكة الحديثة.

وأكثر من ذلك، فإن المصري لا يقوم من الأموات؛ بل أن كيانات منفصلة من شخصيته مثل (Ba) “با” (Ka) “كا” كانت تستمر في التحليق حول جسده. 8 وهكذا فإن الحديث عن أوزوريس على أنه يقوم من الأموات إنما يحمل مبالغة هائلة. إن أسطورة أوزوريس ترتبط أكثر بفرانكشتاين وترتبط بقصص الرعب والخيال التي تتحدث عن الموتى الذين يتحركون أكثر مما ترتبط بقصة يسوع. 9  

سيبيل وأتيس

بينما توجد أسطورة سيبل وأتيس بأشكال متنوعة، إلا أن لها جوهر واحد. الأم الإلهة سيبل أحبت أتيس، وهو راعٍ وسيم من آسيا الصغرى. ولكن أتيس لم يكن مخلصاً لحبيبته الإلهة، ففي ثورة غيرة منها جعلته مجنوناً. وفي جنونه، قام أتيس بتجريح نفسه وهرب إلى الغابة حيث ظل ينزف حتى الموت.

أما حزن سيبل الغامر فقد جاء بالموت إلى العالم، ولكنها بعد ذلك أعادت أتيس للحياة، والذي بدوره أعاد الحياة للأرض مرة أخرى. المزاعم الخاصة “بالقيامة” في هذه الأسطورة تم المبالغة فيها بشدة. 10 فكما يشرح جي جريشام ماكين، “لا تحوي الأسطورة أية رواية لقيامة، فكل ما كانت سيبل تستطيع أن تحصل عليه هو أن يتم الحفاظ على جسد أتيس، وأن يظل شعره ينمو، ويظل إصبعه الصغير يتحرك. 11 في العبادة السرية لأتيس، لا يتم التركيز على فكرة “قيامة أتيس” بل كانت معاناته وموته هما محور التركيز. فيشير إفجويني توركينوف إلى الآتي:

لكن الشعائر لا تشدد جداً إلا على آلام ومعاناة وموت وقيامة الإله؛ فهنا تكمن النقطة المحورية للشعائر والطقوس. فهذه النقطة تكمن في الأساس الحقيقي لعبادة أتيس نفسها، وهذه النقطة هي السبب الأساسي لشعبيتها. وهكذا فمن السليم أن نتفق مع إشارة فريزر إلى أن الأساطير لها طبيعة ثانوية بالمقارنة بالطقوس، فقد تم اختراع الأساطير لكي تشرح طقوس وعادات المؤمنين بها (فريزر، ص 327) …

لكن يبدو لي أنه من الأفضل أن نضيف لهذا الرأي أن قيمة الطقوس نفسها تم تحديدها بناحيتها النفسية العملية أو بالنيّة، والتي يكون الغرض منها هو إدراك مشاعر تطهير العواطف أو التنفيس من خلال تجربة الموت والميلاد الجديد.

فالأثر النفسي العملي للطقوس السرية كان هو القوة السحرية التي غيرت الصبي الراعي المحبوب، الذي كان حبيباً لشخصيتين انثويتين مقدستين، إلى السيد كلي القدرة، راعي النجوم وملك الفضاء فيما وراء العالم. 12 إن العابدين الأوائل لسيبيل قاموا بتمثيل أسطورة أتيس لضمان محصول جيد. ولم يحدث إلا في الاحتفالات الرومانية اللاحقة، بعد نشأة وانتشار المسيحية بزمن طويل، أن ظهرت فكرة القيامة. 13 فأول ما ظهرت هذه الفكرة، التي ظهر فيها أتيس كإله “قائم” كان ذلك بعد منتصف القرن الثاني الميلادي. 14 وهكذا فإن تبعية عبادة أتيس للمسيحية هي إمكانية قوية.

تموز (أدونيس)

يوضّح ياموشي أن الدليل على وجود قصتين رئيسيتين أخريين عن “إلهين ماتا وقاما من الموت” الذي وضعه فريزر، ثبت عدم مصداقيته. فتفسير القيامة لتموز البابلي (دوموزي السومري)، الذي يفترض إنه قام بواسطة الإلهة إينانا _ إشتار، تم إقحامه في النصوص بنفس الطريقة تقريباً التي تم بها تأكيد أن يسوع قبّل مريم المجدلية على فمها، التي إقحامها في الإنجيل المنسوب إلى فيلبس. كما أن نهاية الأسطورة في كل من النصوص السومرية والأكادية “بظهور إينانا (عشتار) ” قد فقدت.

وفي عام 1960، أصدر الخبير الديني في أديان حضارات العراق القديم، صامويل نوح كرامر قصيدة تم ترجمتها حديثاً، بعنوان “موت دوموزي” والتي كشفت أن إينانا _ إشتار لم تنقذ دوموزي من العالم السفلي. 15 وفيما بعد في تطور القصة، تم تعريف تموز بطريقة توفيقية بفيونيشيان أدونيس الشاب الوسيم المحبوب من أفروديت. يخبرنا جيروم أن الإمبراطور هادريان من القرن الثاني، قام بتخصيص ضريح لتموز _ أدونيس في كهف بيت لحم المفترض أنه مكان ميلاد يسوع.

ورغم انتشار عبادة أدونيس من مكان مولدها في بيبلوس 16 إلى العالم اليوناني _ الروماني، إلا أن هذه العبادة لم تحظَ بأي تأثير على الإطلاق، وكانت مقصورة على النساء. أما بخصوص نصوص الديانات السرية الأخرى، فلا توجد أية إشارة لقيامة من الأموات في النصوص أو التشبيهات المبكرة لأدونيس. فالنصوص الأربعة الباقية التي تذكر أمر قيامته يمكن أن ترجع من القرن الثاني إلى القرن الرابع الميلادي. 17 إن الرواية الأسطورية لموت وقيامة إله _ إنسان في الديانات السرية السابقة للمسيحية هي في حد ذاتها أسطورة.

فبحسب مؤرخ أكسفورد، روبين لين فوكس، “الوثنيون المفكرون قد انزعجوا من بداية العالم أكثر من انزعاجهم بشأن نهايته المحتملة. فلم يكن هناك سؤال بشأن “قيامة” جسد ما، فقد كانت الحقائق واضحة لأي شخص كان يفتح قبراً وينظر إلى العظام العارية الموجودة فيه. 18

يلخّص ناش البرهان الخاص بكل هذه الآلهة للديانات السرية وقيامتهم المزعومة كما يلي:

أية آلهة أسطورية اختبرت حقاً قيامة من الأموات؟ بالتأكيد لا توجد أية نصوص قديمة تشير إلى أية قيامة لأتيس. كما أن المحاولات لربط عبادة أدونيس بقيامته هي في مثل هذا الضعف كذلك. كما لا تعتبر قضية قيامة أوزوريس أقوى من ذلك أيضاً. فبعد أن قامت إيزيس بتجميع أوصال جسد أوزوريس المتفرقة، أصبح “سيداً للعالم السفلي.” وكما يعلّق ميتزجر: “ما إذا كان يمكن أن يطلق على هذا “قيامة” بالمعنى الصحيح، فهذا أمر مشكوك فيه، خاصة لأنه بحسب بلوتارك، كانت الرغبة التقية للمخلصين من أتباع هذه الديانة أن يدفنوا في نفس الأرض التي بحسب التقليد المحلي لا يزال جسد أوزوريس مدفوناً فيها.

يمكن للمرء إذاً أن يتحدث عن “قيامة” في روايات أوزوريس، وأتيس، وأدونيس فقط بأقصى المعاني الممتدة بعداً. وبالطبع لا يمكن أن يكون هناك أي زعم بأن ميثرا كان إلهاً مات وقام. يخلص العالم الفرنسي أندريه بولانجيه إلى أن: “مفهوم أن الإله يموت وأنه يقوم لكي يقود المخلصين له إلى الحياة الأبدية لا يتم تمثيله في أية ديانة سرية هيلينية. 19

قيامة المسيح

كانت فكرة القيامة من الصعب ترويجها في الثقافة اليهودية، بل كان من الأكثر صعوبة ترويجها في الثقافة اليونانية _ الرومانية الوثنية في القرن الأول. فعلى الرغم من أن فكرة القيامة المادية الجسدية كانت مغروسة بعمقٍ في الفكر اليهودي، إلا أن المفهوم كان مرتبطاً بصورة قوية بالدينونة الأخيرة ونهاية الأزمنة (دا 12: 1-2). ففكرة القيامة الجسدية في خلال الزمن الحالي لم تكن ترد على فكر اليهود لأنها لم تكن ترتبط في ذهنهم بحدث نهاية الزمان. وبالمثل، فإن العالم الوثني لم يكن يتوقع قيامة من الأموات.

بل كان الأمل اليوناني _ الروماني هو الهروب من الجسد إلى العالم الروحي، لخلود الروح، أكثر منها لقيامة الجسد. وهكذا فإن النظريات القائلة بأن القيامة كانت فكرة تم إدخالها إلى المسيحية من مصادر وثنية، هي فكرة ببساطة ليس لها أساس حقيقي. يفترض العهد الجديد في مكانين على الأقل أن الوثنية لم يكن لديها مفهوم القيامة. ففي أعمال 17 يأتي بولس إلى أثينا، المركز الفكري للفلسفة والديانة اليونانية. وهناك بشّر للفلاسفة في آريوس باغوس، وكانوا رجالاً يعرفون جيداً الفلسفات والديانات الجديدة، وكانوا مستعدين لأن يسمعوا آخر الأخبار الجديدة الممتعة (عدد21).

فبشرهم بولس بقيامة المسيح، ولكن استهزئوا به (عدد32)، ربما لأنهم لم يسمعوا بهذه الفكرة من قبل. من المحتمل تماماً بالطبع، أن الناس في العالم الأوسع عندما سمعوا ما كان المسيحيون الأوائل يقولونه، فإنهم حاولوا أن يكيفوا تلك الرسالة الغريبة على النظرة العالمية للعبادات التي كانوا يعرفونها بالفعل. ولكن الدلائل تفترض أنه كان من الأرجح أن يرتبكوا أو يتحيروا أو يسخروا من الفكرة. فعندما بشّر بولس في أثينا، لم يقل أحد، “آه، هذه صورة جديدة من أوزوريس وما شابه.” وكان الادّعاء الهوميروسي لا يزال قوياً.

فمهما كان ما تفعله الآلهة _ أو العبادات، فإن البشر لم يقوموا من الموت أبداً. 20 وفي الأصحاح الرابع من رسالة تسالونيكي، يجيب بولس على أسئلة عن قيامة المسيحي الذي يموت. ولكنه يبدأ بتوبيخ بسيط، فيذكّرهم ألا “يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم” (عدد13). لقد بشّر بولس بالقيامة من الأموات عندما كان في تسالونيكي (انظر ا تس 1: 10)، ولكن مؤمني تسالونيكي الآن كانوا يتصرفون كما لو كانوا لم يؤمنوا تماماً بهذا الأمر. فكان “الباقين الذين لا رجاء لهم” هم جيرانهم الوثنيون.

وحيث أن المؤمنين كانوا في وقت من الأوقات عابدي أوثان هم أنفسهم (1 تس 1: 9)، كانوا يعرفون أن الديانات الوثنية لم تكن تقدم أي وعد حقيقي. فهذه الديانات لم يكن في استطاعتها أن تقدم رجاءً لأنها لم تكن تعلّم عن القيامة من الأموات. فخلود الروح كان شيئاً، ولكن قيامة الجسد من الأموات كان مفهوماً غريباً وجديداً على الوثنية. كما يعبّر إن تي رايت عن هذا الأمر بالقول: “لم يكن أحد يتوقع على الإطلاق أن تقوم المومياوات، وتمشي، وتستأنف حياتها الطبيعية؛ كما لم يكن هناك أحد في ذلك العالم يريد حدوث شيء من ذلك أيضاً.

فإن ما كان هوميروس والآخرون يعنونه بالقيامة لم يكن مؤكداً بواسطة أتباع أوزوريس أو أبناء عمومتهم في مكان آخر. 21 وهكذا فإن جزءاً من تفرّد المسيحية هو إصرارها وتأكيدها على القيامة الجسدية ليسوع المسيح وعلى القيامة التالية بعد ذلك لأجساد المؤمنين بالمسيح. فإعادة اتحاد الروح بالجسد في جسم جديد أبدي هو أمر لم يتم سماعه أبداً في الديانات السرية القديمة. إن دراسة راندال ناش للديانات السرية تظهر التناقض بينها وبين المسيحية. وهو يشير إلى ستة نقاط للتناقض والاختلاف بين موت وقيامة الآلهة المخلّصة للديانات السرية، وبين موت وقيامة المسيح:

1_ لم يوجد واحد ممن يطلق عليهم “الآلهة المخلّصة” مات لأجل شخص آخر. ففكرة أن ابن الله يموت بدلاً من خليقته هي فكرة تتفرد بها المسيحية. 22   

2_ يسوع فقط هو الذي مات لأجل الخطيئة … وكما يلاحظ فاجنر، فإنه لم تنسب لأي من الآلهة الوثنية “النية لمساعدة الناس. فنوع الموت الذي كانوا يموتونه هو مختلف تماماً (في حادث صيد، أو بإضعاف النفس، إلخ.) 32

3_ مات يسوع مرة واحدة وإلى الأبد لأجل الجميع (عب 7: 27؛ 9: 25-28؛ 10: 10-14). وعلى العكس من ذلك، فإن آلهة الديانات السرية كانت آلهة إخصاب، فكان موتهم وإحياؤهم المتكرر يتبع الدورة السنوية للطبيعة.42

4_ موت يسوع كان حدثاً فعلياً وحقيقياً في التاريخ. ولكن موت الآلهة الموصوف في العبادات الوثنية هو عبارة عن دراما أسطورية بدون روابط تاريخية، وترديدها المستمر يحتفل بتكرار موت وحياة الطبيعة من جديد. فالحقيقة التي لا تقبل الجدل بأن الكنيسة الأولى آمنت بأن تبشيرها بموت وقيامة يسوع كان مؤسساً على وقائع تاريخية حقيقية، جعلت أية محاولات لإثنائها عن هذا الاعتقاد عن طريق أية روايات أسطورية غير تاريخية للعبادات الوثنية، هي محاولات مستحيلة. 52

5_ بعكس آلهة العبادات السرية، مات يسوع طواعية. فلا يوجد ما يشبه أبداً موت المسيح الإرادي طواعية في العبادات السرية. 62

6_ وأخيراً لم يكن موت يسوع هزيمة بل نصرة. وهكذا تقف المسيحية متفردة تماماً عن الديانات السرية الوثنية في أن أخبارها عن موت يسوع هو رسالة نصرة. فحتى رغم أن يسوع كان يختبر الألم والمعاناة والإهانات على الصليب، إلا أنه كان منتصراً. فنغمة انتصار وفرح العهد الجديد تتناقض بشدة مع تلك التي نجدها في الديانات السرية، الذين يبكي أتباعها وينوحون لأجل القدر المروّع الذي قضى على آلهتهم. 72  

يقدم والتر كونيث في النهاية ملخصاً للأمر فيقول: “إنه أمر مصطنع وليس له أساس، أن نقول إن دراسة تاريخ الديانات قد أظهر تبعية قيامة يسوع للأساطير. فعلى العكس إن المقارنة مع تاريخ الأديان هي بالتحديد التي أثارت أقوى الاعتراضات ضد أية محاولة لجعل قيامة يسوع نوعاً من الأسطورة. 28

يسوع المسيح هو الوحيد الذي مات وقام

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !