روحيات

لا تلمسينى – بين المجدلية والبستانى ونحن – مينا فوزى

لا تلمسينى – بين المجدلية والبستانى ونحن – مينا فوزى

لا تلمسينى - بين المجدلية والبستانى ونحن - مينا فوزى
لا تلمسينى – بين المجدلية والبستانى ونحن – مينا فوزى

لا تلمسينى – بين المجدلية والبستانى ونحن – مينا فوزى

– عِندما ذهبت مريم المجدلية إلى القبر,ولم تجد جسد يسوع المسيح فى الداخل,أخذتها نوبة بكاء شديدة[1],وفى بكاءها ظهر ملاكين فى القبر وقالا لها”لماذا تبكيين”(يو12:20) ونفس السؤال قاله لها المسيح عندما إلتفتت إلى الوراء,وهو سؤال إستنكارى يقصد منه أن يقول لها“لماذا تبكين؟ولا يوجد سبب لذلك فأنا قد قُمت من بين الآموت ولم ياخذ جسدى أحد..

-فى سؤال السيد المسيح للمجدلية إعادة لمكانة الإنسان الآولى لفرحته التى لا يقدر أحد أن ينزعها مننا,فعندما حدث التعدى من قِبل أدم وحواء كان القرار{بالحزن تحبلين أولاداً}(تك16:3),فكما كانت تحت الحزن عندماأصغت إلى صوت الحية ..أخبرها الرب أن تمتنع عن البكاء,فقد حول نوحها إلى فرح[2].

-كانت مريم تظن إن يسوع المسيح هو البستانى وهو فعلاً يسوع المسيح البستانى القائم من بين الآموت.وحينئذ صرخت مريم”يا معلم”وحينئذ قال لها يسوع“لا تلمسينى”وهذه الكلمة غير دقيقة,والكلمة الأدق هيا”لا تُمسكينى” ترجمتها الترجمة اليسوعية والارثوذكسية المشتركة”لا تمسكينى”فالكلمة اليونانى المُستخدمة هيا[]ἅπτου]وتترجمها الترجمات الإنجليزية[hold, cling, Touch]ووردت تلك الكلمة39مرة,تأتى بمعنى يحتضن ويمسك,وجاءت مرة واحدة فى انجيل يوحنا عن قيامة المسيحة ,تعنى حرفياَ“stop touching me,وهذا يُعنى أنها مسكته ولمسته,ونفهم إن القصد من قوله هذا هو أن لا تُمسكه بقصد الإعاقة,فعليها أن تقوم تُبشر التلاميذ بقيامته وهذا ما قامت به مريم(يو18:20)[3].
 
-فالمعنى المقصود“لا تستمرى فى لمسى”وليس” لا تبتدئي باللمس”. أراد السيد المسيح منها أن تتوقف عن اللمس، وكأنه سمح لها باللمس ولكن إلي حين. أراد أن يؤكد لها أنه قد قام بحياة جديدة، ليس كالحياة القديمة التي تركها، ليهب البشرية المؤمنة هذا التغيير في يوم الرب العظيم (1 كو 15: 51-53).مرة أخرى إذ تلامست مع قيامته يؤكد لها أنه لم يصعد بعد إلى السماء، وقد حان الوقت للكرازة بالقيامة وتهيئة الأذهان للصعود. إنه لا يوجد وقت للارتباط الزمني وحضوره جسديًا وسطهم. ليس من وقت للحديث معه، بل يلزم تحقيق رسالته، إنه وقت للكرازة بالأخبار المفرحة[4].
 
راء قول السيد المسيح للمجدلية”لاتلمسينى”يوجد أسرار ,وربما توجد كنوز لمن يُفتش وراء هذا الحِدث الجِلل.نحاول جاهدين لا فهم النص فقط,بل نجتهد بالحرى لفهم ما وراء النص.فيقول القديس كيرلس الأسكندرى:ـ[فلا يقدر العامة فهم معنى هذا القول بسهولة,لآن فيه سر خفى,ولكن يجب أن نبحث فيه لفائدتنا وسوف يمنحنا الرب] [5].
 
يقول القديس يوحنا ذهبى الفم أن السيد أراد أن ينقل المجدلية من حالة التعلق العاطفى بشخصه إلى حقيقة القيامة ومجد لاهوته الجديد وكانه يتدرج بها فى النضوج فاطنا اياها من مشاعرها الجسدية الى مشاعر روحية ارقى[6].

 

-بعدما تلامست مريم مع الرب,أصبحت أول المُبشريين بقيامته,فيقول القديس يوحنا الرائى{حينئذ جائت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ}(يو28:20) فكلمة”جاءت”و”أخبرت”تُفيد إنها قامت فى الحال والتو ,بمعنى إنها تركت الرب راضية فى الحال لتقوم ببشارتها [7].

 

-ومن يقدر أن يستمر فى لمس جروح السيد المسيح ,ويتلامس مع لاهوته؟فكان طلب الرب من المجدلية“لا تستمرى فى لمسى”يهدف لخيرها وقامتها حسب خبرتها الروحية,فعندما تلامس توما مع حقيقة المسيح صرخ”ربى وإلهى”لقد رجه اللاهوت رجاً,وسرىَ فيه سريان النار فى الحطب ,فكيف لهذه أن تضُم النار فى حُضنها ولا تحترق؟.[8]
 

 -ويرى القديس أغسطينوس إن المجدلية ترمز إلى كنيسة الأمم,ونحن -المؤمنين-نلمس الرب عندما نؤمن جميعاً,لقد صعد الرب إلى الآب,..وتعترف الكنيسة بذلك كل يوم-أى فى الصلاة-أولئك الذين تعمداو يسمعون ذلك ويؤمنون بذلك قبل عمادهم,لذا عندما يؤمنون-مريم-أى الكنيسة تلمس المسيح,فالمفهوم غامض ولكنه عميق,إنه مغلق على غير المؤمنيين ولكنه منفتح على الشخص الذى يقرع فى إيمان [9].

 

-عندما ظنت المجدلية إنه البستانى,فكان هذا الظن على صواب,نعم فالسيد المسيح هو البستانى القائم من بين الآموات,فالبستانى الآول تِسبب فى سقوط البشرية-أدمبينما البستانى الثانى,قد أعادنا إلى البستان مرة أخرى-الفردوس-,بينما أدم الآول لم يكن أمين على البستان وتسبب فى تصحره,إلا إن أدم البستانى الآخير قد أعاد البستان إلى حالته الآولى وأعدنا إلى هذا البستان.فبعد ما كان بستاننا قاحل مُتصحر وكانا نسمع صوت اللعن ونرىسقوط الآنسان,فى البستان أيضاً سمعنا صوت البركة فيقول القديس كيرلس ألآسكندرى:ـ[هكذا فى بستان أيضاً يطلب منها أن تمتنع عن البكاء ,ولأنه عتقها من اللعنة التى قيدتها بالحزن,فإنه يطلب منها أن تكون أول مُبشر بأخبار الفرح العظيم ,وتُخبر التلاميذ بصعوده إلى السماء][10]
 
-طوبى لمريم المجدلية التى تلامست مع السيد المسيح وكانت أول المُبشريين بقيامته,طوب لتلك العينين التى كانت تبكى عندما لم تجد السيد,طوب لمريم
التى إشتاقت للسيد فكانت مكافئتها على عنايتها وسهرها هو مُضاعفة وتعويض على إيمانها الحار ومحبتها له موضحاً إن الذين يجتهدون فى خدمته ينالون مكافأة[11].
 
 
صلاة للأب متى المسكين

ياإبن الله يا من صعدت بنا إلى الآب
وقدمتنا أمامه كل حين فيك وبك,وأنت لنا شفيع وضامن
وضمين لتكميل خلاصنا إلى النهاية.أعطنا سر قيامتك وسر صعودك

وسر نفخة روحك القدوس فينا لنستمع بقية أيام حياتنا ,يا ربى.فى حياة جديدة ,فى خليقة جديدة,
ننسى ما فات,ننسى ما وراء ونمتد إلى
ما هو قدام لعلنا نبلغ إلى قيامتك.نعم.يا ابن الله بِلِغنا إياها ,
بل قد بلغناها فيك وسوف نأخذ إستعلانها يوما بعد يوم.
بارك يا ربى هذا اليوم ليكون لنا فيه غنى,وليكون لنا منه تسبحة
تدوم إلى الآبد ,مبارك اسمك من الآن وإلى الآبد.امين.

 

 


مينا فوزى
sargious

___________________________

[1]قارن بين موقف التلميذانيوحنا وبطرس وموقف المجدلية فالتلميذان رجع الى منزلهما اما مريم فوقفت عن القبر تبكى

[2]شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الإسكندرى -المجلد الثانى. د نصحى عبد الشهيد ,المركز الارثوكسى للدراسات الابائية ,ص497

[3]الانبا ابرام اسقف الفيوم فى شرح انجيل يوحنا -ص349.

[4] تفسير انجيل يوحنا ,الجزء التانى -للقمص تادرس يعقوب -ص1250.

[5]شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الإسكندرى -المجلد الثانى. د نصحى عبد الشهيد ,المركز الارثوكسى للدراسات الابائية ,ص494وص495.[6] الانبا ابرام اسقف الفيوم فى شرح انجيل يوحنا -ص349.

[7] تفسير الإنجيل بحسب القديس يوحنا-الجزء الثانى-الاب متى المسكين,ص1278

[8]المرجع السابق

[9]Fathers of the Church Series, Volume 38, Sermons on Liturgical Seasons, Saint Augustine, Catholic University of America

[10]شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الإسكندرى -المجلد الثانى. د نصحى عبد الشهيد ,المركز الارثوكسى للدراسات الابائية ,ص497

[11]شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الإسكندرى -المجلد الثانى. د نصحى عبد الشهيد ,المركز الارثوكسى للدراسات الابائية ,ص496

 

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

تعليق واحد