الردود على الشبهات

المرأة في ايام المسيح – القمص متى المسكين

المرأة في ايام المسيح – القمص متى المسكين

المرأة في ايام المسيح – القمص متى المسكين

المرأة في ايام المسيح - القمص متى المسكين
المرأة في ايام المسيح – القمص متى المسكين

(كانت المرأة اليهودية مغطاة الرأس بحيث لا تظهر لا تظهر معالم وجهها على الاطلاق حبيسة المنزل تحت سلطان زوجها او ابيها لا تتمتع بحق العبادة المتساوية مع الرجل، لأنها كانت محتقرة على المستوى الديني.

اما الكتابات المنقولة من ذلك العصر وما قبله، فهي تخلو تماماً من الاوصاف التى كان يوصف بها رجل الدين، فلا يعثر قط على اصطلاح (غيورة) او(صديقة) او (قديسة) بالنسبة للمرأة مثلما يطلق (هاسيد) (صاديق) (قادوش) على الرجل والناموس نفسه يقول عن المرأة انها دون الرجل (1)

اما المسيح فكان تعامله مع المرأة على مستوى لم يسبق له مثيل فى تاريخ اليهود، فقد اصطحب عدداً كبيراً منهن، يلازمنه ويسرن معه كلاثنى عشر، منهن من كن عامة الشعب ومن كن من طبقة الحكام، الفقيرات والغنيات سواء بسواء

(وعلى اثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت الله ومعه الاثنا عشر وبعض النساء كن قد شفين من ارواح شريرة وامراض، مريم التي تدعى المجدلية التي خرج منها سبعة شياطين ويونًا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة واخر كثيرات كن يخدمنه من اموالهن) (لو 1:8/3)  

وهؤلاء بقين مع المسيح كل سني خدمته لم يفارقنه. فيذكر القديس مرقس الرسول اخر مشهد لهن معه عند الصليب هكذا (وكانت ايضاً نساء ينظرن من بعيد بينهن مريم المجدلية، ومريم ام يعقوب الصغير، ويوسي، وسالومة، اللواتي ايضاً تبعنه وخدمنه حين كان في الجليل، واخر كثيرات اللواتي صعدن معه الى اورشليم) (مر 15 14.40)

وكان ظهور النسوة وسيرهن علناً وسط الجماهير وتركهن لمنازلهن ، حدثاً جللاً في اسرائيل ، لان هذا كان يمثل ثورة على التقاليد اليهودية فيما يخص المرأة الامر الذي دخل رسمياً ضمن التهم الموجهة ضد المسيح والتي كانت تدعو الى صلبه ( اننا وجدنا هذا يفسد الامة ) ( لو 23/2)

ولكن المسيح بهذه الصورة اعطى النموذج الواضح الناطق لحق المرأة في العمل والسير مع الرجال، للاشتراك في خدمة المسيح، والاستماع اليه والاستجابة له، بل والدخول اليه بدالة فائقة، اذ لا ننسى اقتحام ام ابني زبدي عرشه غير المنظور، لتطلب منه مستبقه الحوادث (حينئذ تقدمت اليه ام ابني زبدي مع ابنيها، وسجدت وطلبت منه شيئاً، فقال لها ماذا تريدين فقالت له قل ان يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك) (مت 20: 21.20)

ويوضح القديس جيروم (2) ان يوحنا المعمدان لم يتراجع عن قبول اعترافات النسوة، ووعظهن للتوبة، وتعميدهن، شأنهن في ذلك شأن الرجال سواء بسواء. وهذا يقره الرب يسوع ويوافق عليه ويمتدحه، باعتباره عملاً الهياً بقوله (…. الحق اقول لكم ان العشارين والزواني يسبقونكم الى ملكوت الله لان يوحنا جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به، واما العشارون والزواني فأمنوا به) (مت 32:21)

ويمكن بوضوح اكتشاف منهج فكري كامل، يختطه المسيح بالنسبة لخروج المرأة وعملها في الحقل الديني مع الرجال سواء بسواء، لأنه بعدما سمح للنسوة بالسير معه في كل مدينة وقرية ضمن زمرة التلاميذ محذراً (واما انا فأقول لكم ان كل من ينظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه) (مت 28:5) وهكذا يكشف ضمناً ان المسيح سمح للمرأة برفع الحجاب، بعد ان قنن للرجال كيفية التعامل معها. لان أصل وضع الغطاء على رأس المرأة هو عمل وقائي للرجل، وليس للمرأة وان كان بولس الرسول قد عاد فطالب بوضع غطاء الرأس س، فقد كان ذلك داخل الكنيسة، اي وسط الجماعة واثناء الصلاة والتنبؤ بالذات، اي اثناء تسبيح المرأة برفع صوتها او تلاوة ما يعطيها الروح ان تنطق به، وليكون غطاء الرأس بمثابة حائل دون العثرة

وان اجراء المسيح العلني بمغفرة خطايا المرأة التي امسكت في الزنا، وكذلك المرأة الخاطئة التي جاءت من ورائه وبلت رجليه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها، امام الفريسين وحماة الناموس، كان اول منطق لإخراج المرأة من حبسها الابدي الذي كان تحت الناموس، لتقف امام الله مع الرجل سواء بسواء (من كان منكم بلا خطية فليرمها اولاً بحجر) !! (يو7:8) فلم يوجد منهم ولا رجل واحد بلا خطيئة اذ خرجوا جميعهم في خزي. اما المسيح فلم يخرج المرأة بل غفر لها خطاياها دون اولئك المشتكين جميعاً معبراً بذلك ومسجلاً انه حتى المرأة الخاطئة صار لها الحق في المسيح ان تقف امام الله مغفورة الخطايا

وان المسيح بنقده اللازع للناموس _ بسبب تصريحه للرجل بتطليق المرأة عائداً باللوم على الرجال في عصر موسى الذين بسبب قساوة قلوبهم اعطاهم موسى _ وليس الله _ الحق في التطليق، يكون المسيح بذلك قد اعاد لناموس الخلقة الاول كل مجده وكرامته وبالتالي يكون قد منح المرأة حق التساوي مرة اخرى مع الرجل، في كافة الحقوق المدنية المترتبة على الزواج، معتبراً ان الزوا
ج هو سر إلهي منذ بدء الخليقة

_ وقال لهم اما قرأتم قط ان الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وانثى، فالذي جمعه الله لا يفرقه انسان) مت 18/4، تك 1/27 24:2)

وهكذا رفع المسيح هيبة الزواج وكرامته الى مستوى قدسية السر الالهي غير القابل للانحلال قط حاسباً ايضاً ان الذي يتزوج بمطلقة يزني، باعتبار ان زواجها الاول قائم في عين الله لا يلغى (مت 5/32،19/9_ مر 10/12.11_لو 16/18) وهكذا يعطي المسيح بالتالي للمرأة هيبتها وكرامتها كشريك مساوٍ في كل حقوق الزوجية زكل ما يتفرع من هذه الحقوق وينتج عنها

ونحن نقرأ فى سفر الاعمال عن العذارى أربع (بنات فيلبس المبشر أحد الشمامسة السبعة المنتخبين) اللائي كن يتنبأن (اع 21:9)، كذلك فأن زوجات الرسل اللائي كن يجلن معهم للكرازة، كن يكرزن للنساء في داخل البيوت الامر الذي سجله لنا اكلمندس الاسكندري

(وان الرسل الذين سلموا أنفسهم الى عمل الكرازة كما يليق بخدمتهن اخذوا معهم نساءهم، لكن لا كزوجات بل كأخوات، لكي يشتركن في الخدمة معهم (سواء بسواء) # انما في البيوت للنساء اللائي يعشن في بيوتهن وهكذا صار تعليم الرب يصل بواسطتهن الى اماكن النساء دون ان يثير ذلك الشبهات (3)

ويعتبر هذا النص المتقدم جداً في الزمن ذا اهمية كبرى، خاصة انه يحدد بوضوح وبصورة ايجابية دور المرأة في خدمة الكرازة بكل تعاليم الرب، انما لجنسها فقط اي للنساء وفي بيوتهن الخاصة التي كان يصعب على الرسل دخولها

الهوامش:

1- Jerusalem in the time of Jesus ، by Joachim jeremias, pp.375, 376.

2- Jerome, Dial ad Pciag،111،2

3- Strom,111،6،53