الرد على محمود داود

يوميات إرهابي هارب (7): “إبن الله” و”إبن الإنسان” هل يعرف محمود داود شيئاً عنهما؟ درس جديد لمحمود داود في اللاهوت (يجب قراءته)

“إبن الله” و”إبن الإنسان” هل يعرف محمود داود شيئاً عنهما؟ درس جديد لمحمود داود في اللاهوت

"إبن الله" و"إبن الإنسان" هل يعرف محمود داود شيئاً عنهما؟ درس جديد لمحمود داود في اللاهوت
“إبن الله” و”إبن الإنسان” هل يعرف محمود داود شيئاً عنهما؟ درس جديد لمحمود داود في اللاهوت

“إبن الله” و”إبن الإنسان” هل يعرف محمود داود شيئاً عنهما؟ درس جديد لمحمود داود في اللاهوت

 

  1. يؤسفني أن أقول : إن الكثير من الإخوة المسلمين حينما ينتقدون الكتاب المقدس ، لا ينتقدون بحسب واقعية النص بل بحسب فهمهم للنصوص مجردة عن غيرها، ففي موضوعنا هذا سيبدأ محمود داود في مرحلة جديدة من إمتاعنا بالأفكار الذكية اللاهوتية! لكي ينتقد بها طبيعة المسيح ولاهوته، وللأسف هذه الأفكار السخيفة سنضطر لسماعها وتلويث آذاننا وأعيننا بها، في هذه الأفكار، لن تجد ميمو يستشهد بتفاسير المسييحيين، أو بكتبهم، اللهم إلا ما ندر، فعندما يجد أن هناك كتاب ما فيه ما يخدم موقفه، يستشهد به، وعندما يجد أن ذات الكتاب يرد عليه سيرفضه!، الغريب أن شخص كميمو، طفل صغير جاهل في الأمور اللاهوتية، لديه أساليب رئيسية في نقد شواهد لاهوت المسيح، فمن الأساليب الرئيسية، في نقد الألقاب مثلا، أنه لكي ينفي دلالة لقب ما على لاهوت المسيح، أنه يحاول أن يأتي بهذا اللقب أنه قيل لغيره، ليخبرك بعهدها: لو كان هذا اللقب يفيد ألوهية المسيح، فقد قيل لغيره، إذن، فلو ستؤله المسيح بسبب هذا اللقب، فقم بتأليه الشخص الآخر الذي قيل في حقه هذا اللقب!!، وهذه الطريقة البهلوانية سنجدها كثيراً، ومن الطرق الأخرى أنه يعتبر أن فهمه للنصوص هو المثل والمثال للفهم الصحيح، على كلٍ دعونا نريكم أساليبه الملتوية وكيفية الرد عليها.
  2. سيناقش ميمو لقبي “إبن الله” و”إبن الإنسان”، والقاريء المدقق في الكتاب المقدس، سيجد أن لقب “إبن الله” وهو كما يظهر منه أنه يشير إلى جانب لاهوتي، ولكنه غالبا ما يتم إستخدامه لإظهار جانب بشري في ناسوت المسيح، وعلى العكس تماما، فإننا نجد لقب “إبن الإنسان” والذي يدل كما الظاهر منه إلى الجانب الناسوتي في المسيح، إلا أنه لو تتبعنا ذكره في العهد الجديد سنجد أنه في يستخدم في إظهار الجانب اللاهوتي في لاهوت المسيح، وهذا ليس بشيء جديد على من درسوا سر التجسد، فلأجل بيان إتحاد طبيعتي المسيح الناسوتية واللاهوتية في طبيعة واحدة، كانت هذه الألقاب تستخدم لتدل بالتبادل على غير ما يظهر من القراءة، وذلك لبيان الإتحاد الكامل، فبسبب هذا الإتحاد الحقيقي الكامل غير المنفصل، يمكننا أن نستخدم لقب “إبن الإنسان” في الجانب اللاهوتي ولقب “إبن الله” في الجانب الإنساني للمسيح، ولكن، كيف لشخص مثل ميمو أن يعرف هذا، أو أن يفهمه إن قرأه؟ فكما سنرى معا، ما أدى إليه جهله بهذه الأمور، فأوضح لنا جهله بها عن طريق طريقة نقده لهذه الألقاب.
  3. الفكرة الأولى التي ناقشها ميمو، هو لقب “إبن الله”، فكما أخبرنا حضراتكم في النقطة السابقة، فأنه لكي يرد على المسيحيين في هذا اللقب سيأتي بأمثلة يقال فيها هذا اللقب لأشخاص آخرين، أو بدلالات أخرى، وكأن وجود اللقب لأشخاص آخرين بدلالات أخرى ينفي حقيقة كون المسيح إبن الله بالجوهر، فدعونا نرى أمثلته التي يظن انه ينقض دلالة لقب “إبن الله” اللاهوتي بها، ونرد على الأفكار الرئيسية فيها:

Heb 6:6  وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضا للتوبة، إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية ويشهرونه.

يعلق ميمو على هذا النص ويقول أنه لمن المستحيل أن يؤمن المسيحي بأن إبن الله، اللاهوت، يتم صلبه وقتله، لأن اللاهوت لا يصلب ولا يموت، وبالفعل، إبن الله كلاهوت لا يصلب ولا يموت، لكن كما أخبرتكم، هو جاهل بنقطة أن طالما أن المسيح هو إبن الله وإبن الإنسان في آن، فيصح لاهوتيا إستخدام الألفاظ بالتبادل بسبب الإتحاد الكامل الحقيقي بين الطبيعتين البشرية واللاهوتية، فمع أن النص يقول “إبن الله”، إلا أنه يقصد المسيح، لأنه إبن الله، ولا يقصد الطبيعة اللاهوتية في المسيح بعينها، فبفعل الإتحاد نقول أنهم صلبوا إبن الله، ونقول أن “إبن الإنسان” له سلطان أن يغفر الخطايا (متى 9: 6)، وهو رب السبت (متى 12: 8)، وهو الذي يرسل الملائكة (متى 13: 41)، ويأتي في مجد أبيه ويجازي كل واحد حسبما يكون عمله (16: 27)، فعلى الرغم من أن لقب “إبن الإنسان” كما يظهر منه يشير إلى الطبيعة الإنسانية، إلا أنه إستخدم للأشارة لأمور لاهوتية كالدينونة وغفران الخطايا وإرسال الملائكة، وهذا كله كما قلنا سابقاً للتأكيد على إتحاد الطبيعتين في المسيح.

Psa 82:6  أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلي كلكم.

Hos 1:10  لكن يكون عدد بني إسرائيل كرمل البحر الذي لا يكال ولا يعد ويكون عوضا عن أن يقال لهم: لستم شعبي يقال لهم: أبناء الله الحي.

يستخدم ميمو هذين النصين لكي يخبرنا بأنه يوجد لله أكثر من إبن واحد، فاليهود هم أبناء الله، والقضاة منهم أيضاً أبناء الله!، هذا المنطق المعوج لهو دليل على جهل ميمو الأكيد، لماذا؟ لأن اليهود أبناء الله بمعنى انهم شعبه، والقضاء مع أنهم يهود، فهم بالتالي أبناء الله، إلا أن الرب قد خصصهم بأبناء الله لهم خصيصا لأن لها معنى آخر في هذه الحالة، وهو أنهم لهم السلطة كآلهه في الحكم، فإن كان النصين الذين أتى بهما ميمو يردان على فكرته الأساسية وهى أنع مع أن القضاة يهود، واليهود كلهم أبناء الله، فما من حاجة لتخصيص لقب أبناء الله لهم مرة أخرى، إلا أنه عندما إختلف مفهومها، قيلت للعامة، أي لليهود، كشعب الله، وقيلت للخاصة وهم القضاة كحُكَّام بأوامر الرب، فكم وكم التخصيص عندما يكون إبن الله الوحيد الجنس مع أبيه؟ناهيك أن ميمو لم يرد على لفظ “إبن الله الوحيد” هنا، والذي ومن الواضح انه يعطي تخصيصا للمسيح، وبالاكثر في اليونانية “مونوجنيس” حيث تعني الكلمة حرفياً “الوحيد الجنس” أو “الفريد”، فهذا التخصيص الفريد للمسيح يرد على كل ما قاله ميمو في هذا اللقب “إبن الله” حيث أننا لو تنازلنا جدلاً وتواضعاً في الحوار، وسلمنا له بكل ما قال ككلام صحيح، سيتبقى لنا لقب “إبن الله الوحيد” الذي لم يرد عليه والذي يخصص الوحيد كوحيد الجنس من الآب، كما سنرى فيما بعد.

2Sa 7:14  أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا. إن تعوج أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم.

يقول ميمو أن هذا النص يتكلم (تقريباً) عن سليمان، وبغض النظر عن من يتكلم النص عليه، فهو يريد أن يقول أن سليمان أيضاً كام إبنا لله، وبالتالي لم يتفرد المسيح بكونه إبن الله وحده، وبالتالي أيها المسيحي لو ستؤله المسيح لكونه قيل عنع انه “إبن الله” فأيضاً قم بتأليه المسيح لأنه قيل عليه أنه “إبن الله”، وللرد على هذا الكلام الفارغ نقول، زيادة على ما قلناه سابقاً، إلا أني أريد أن أشير لنقطة هامة جدا، فنحن المسيحيين لا نقرأ الكتاب المقدس لنبحث فيه عن أدلة للاهوت المسيح ثم عندما إكتشفناها ووجدناها، فرحنا بها ثم أخبرنا العالم بالإكتشاف، أن المسيح هو الله! فهذا لا علاقة له بالواقع، فالكرازة الشفوية في عهد الرسل قد سبقت الكتابة نفسها، سواء للبشائر أو الرسائل أو الرؤيا، فكانت هذه الشهادات المكتوبة هي توثيقاً لما تعلمته هذه المجتمعات من فم الآباء الرسل الأطهار وتذكيراً لهم من الرسل، فالرسل لم يكتبوا هذه الشهادات الكثيرة لكي يقوموا بتأليه المسيح منذ هذا الحين، بل كتبوها ليوثقوا ما كرزوا به سابقاً، لذلك، فإننا ليس لأن المسيح إبن الله الوحيد فهو الله، فقط، بل لأنه إبن الله، قد قيل عنه كل هذه الأوصاف التي سنناقشها فيما بعد، فهذا مبدأ خاطيء عند ميمو، فهو يعتقد أنه لو حاول إنتقاد كل الشواهد على لاهوت المسيح فسيكون المسيح ليس هو الله لأنه إنتقد شواهد ألوهيته، لإعتقاده ان المسيحيين قد إخذوا عقيدة ألوهية المسيح عبر القراءة والإكتشاف وليس عبر التقليد (التسليم) الشفوي المُسَلَّم مرة للقديسيين والذي أكده ووثقه التقليد المقدس المكتوب المُسَلَّم مرة للقديسيين، هذا بفرض أنه حاول الإنتقاد بهذا المستوى الهزلي الهزيل!

Psa 2:7  إني أخبر من جهة قضاء الرب. قال لي: [أنت ابني. أنا اليوم ولدتك.

بغض النظر عن جهله المدقع في هذا النص تحديداً، حيث ان هذا النص هو شهادة للمسيح أصلاً كما قال العهد الجديد في سفر الأعمال 13: 33، ورسالة العبرانيين 1: 5 و 5: 5، بل وبشهادة اليهود أنفسهم، إلا أنه مازال يعتقد ان كون هذا النص لغير المسيح فهو يشير إلى عدم تفرد المسيح بهذا اللقب مما يفقده أي ميزة لاهوتية!، هذه هي فكرته التي كررها في أكثر من موضع سيتم الرد عليه فيها كلها، كلٍ في مكانه.

Joh 1:49  فقال نثنائيل: «يا معلم أنت ابن الله! أنت ملك إسرائيل!»

حقيقة، أنا لم أفهم ما هو وجه إحتجاجه بهذا النص بالضبط!! وهذا النص دليل على خطأ فكرته، كيف؟ حجة ميمو ان كل يهودي هو “إبن الله” والمسيح يهودي ونثنائيل يهودي، فما الذي يدفع نثنائيل اليهودي ليقول ليسوع اليهودي أنه “إبن الله” عند عمل معجزة من المسيح أمامه؟ أي ما هو الدافع لأن يقول له “أنت إبن الله”، فطالما هو يهودي فهو إبن الله، حسب فكر ميمو!، الغريب والأغرب أن ميمو أن نثنائيل قد أكمل وقال “أنت ملك إسرائيل” وهنا لابد من ربط كلمة “إبن الله” بكلمة “ملك إسرائيل” فلو كان كل يهودي هو إبن الله بسذاجة ميمو فلن يكن هناك ميزة في أن يكون يسوع إبن الله وملك إسرائيل، بكلمات أخرى، كل اليهود أبناء الله، حسب فكرة ميمو، فمجرد أن يفعل المسيح معجزة، فهذا لا علاقة بكونه ملك إسرائيل او إبن الله، لأن ليس من المعتاد ان كل يهودي يفعل معجزة، فما الذي جعل نثنائيل الذي كان ينكر ان من الناصرة يمكن ان يخرج شيء صالح ومتشكك في أمر هذا الرجل الذي قابل فيلبس، يغير من موقفه فجأة عندما قال له المسيح “وانت تحت التينة رأيتك” ليدفعه فجأة للقول بآن هذا الرجل هو صالح، وليس فقط صالح، بل هو إبن الله ملك إسرائيل؟ أليس كل يهودي في الوضع العادي بدون معجزات هو إبن الله؟ حسب الفكر الميموي! والأعجب ان المسيح قد وصف هذا الإعتراف بأنه “إيمان” فهل كل هذا أمر معتاد لدى اليهودي الذي يفعل معجزة مثلاً ليكون لقب “إبن الله” من الألقاب المعتادة؟

  1. اللقب التالي الذي سيرد عليه ميمو، هو لقب “إبن الإنسان” وهو هنا سيحاول بطريقة مضحكة أن يرد قوة هذا اللقب والإشارة اللاهوتية الموجودة فيه للاهوت المسيح، فتعالوا لنضع النصوص التي ظن انه بها يرد على اللقب ثم نرد على فهمه منها، ثم نضع النصوص التي تناقض فكرته الأساسية:

Mat 11:19  جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون: هوذا إنسان أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة. والحكمة تبررت من بنيها».

يستشهد ميمو بأن المسيح هنا يقول عن نفسه بكونه إبن الإنسان أنه يأكل ويشرب، ويسأل ميمو: هل يعتقد النصارى ان الله يأكل ويشرب؟ ويرد ميمو على لسان النصارى ويقول: لا، إنما هو الناسوت! وبهذا يكون ميمو قد حقق ما أراده وهو أن هذا اللقب يدل على الناسوت وليس اللاهوت، ما رأيكم في هذه السخافة الميماوية؟، فمع ما قلناه بخصوص الإتحاد الحقيقي بين الطبيعتين البشرية واللاهوتية،  نقول، أن من كان يأكل ويشرب ويبكي ويُضرب هو إبن الإنسان، المسيح، ولكن هذه الأفعال هي بحسب ناسوته، فنحن لا ننكر وجود الناسوت في المسيح، ولا نقول بأن الناسوت قد إختفى في اللاهوت بحيث لا تظهل أفعال المسيح البشرية، فنؤمن أنه ناسوته متحد بلاهوته إتحاد كامل حقيقي بغير إنفصال ولا إستحالة ولا إمتزاج، كما علمنا الآباء القديسون، فليس معنى ان “إبن الإنسان يأكل ويشرب” أن “إبن الإنسان ليس هو الله” بل أنه هو الله لأجل طبيعته اللاهوتية المتجدة بطبيعته البشرية التي قيل عنه انه يأكل ويشرب بها، فالحديث عن صفات طبيعة من طبيعتيه لا ينفي وجود الطبيعة الأخرى!

Mat 17:12  ولكني أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا. كذلك ابن الإنسان أيضا سوف يتألم منهم».

ذات الفكرة، يحاول أن يثبت وجود الطبيعة البشرية في المسيح ظنا منه أن إثبات وجود الطبيعة البشرية في المسيح تنفي الطبيعة اللاهوتية! فإبن الإنسان كلقب يدل على المسيح الذي هو من طبيعتين، وإبن الله كلقب للمسيح يدل على المسيح الذي هو من طبيعتين، وطالما أي منهم يدل على المسيح الذي هو من طبيعتين، فالحديث عن طبيعة واحدة منهم لا ينفي الأخرى، فالإنسان مثلا هو من جسد وروح ونفس، فعندما يقول أني جائع فهذا لا ينفي وجود الروح والنفس فيه، وعندما يشعر بفتور روحي فهذا لا ينفي وجود الجسد والنفس، وعندما يشعر بالغضب مثلاً فأن هذا لا ينفي الجسد والروح فيه! لأن التركيز على طبيعة واحدة لا ينفي الأخرى، هكذا المسيح، هو الذي يغفر الخطايا وهو الذي يجوع ويشرب، فكونه يغفر الخطايا بلاهوته، لا ينفي كونه إنسان، أي لديه الطبيعة البشرية، وهكذا عندما بكى على لعازر فهذا لا ينفي لاهوته فيه، فهذا يقوله من يجهل أساسيات الإيمان المسيحي القائل بإتحاد طبيعتي المسيح إتحاد حقيقي بدون أن تلاشي إحداهما الأخرى أو تبتلعها.

Mar 9:31  لأنه كان يعلم تلاميذه ويقول لهم إن ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه وبعد أن يقتل يقوم في اليوم الثالث.

ذات الفكرة السمجة، أن طالما إبن الإنسان، سيقتلونه إذن فهو ليس الله، فمازال يظن أن إثبات بشرية المسيح ينفي لاهوته!، ولكن على الجانب الآخر لم يعرض هذا الشخص النصوص التي تؤكد لاهوت المسيح في هذا اللقب عينه، مثل:

Mat_12:8  فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضا».

Mat_13:41  يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم

Mat_16:27  فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله.

Mat_24:30  وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير.

Mat_25:31  «ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده.

Mar_8:38  لأن من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ فإن ابن الإنسان يستحي به متى جاء بمجد أبيه مع الملائكة القديسين».

Joh_3:13  وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء.

Joh_6:62  فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدا إلى حيث كان أولا!

فها هو إبن الإنسان رب السبت، أي أنه صاحب السبت، والسبت كما هو معروف ليهوه الرب، وها هو يرسل ملائكته وله ملكوت، وسيأتي في مجد الآب على سحاب السماء بقوة ومجد كثير مع الملائكة والقديسيين ويجلس على كرسي مجده وكان إبن الإنسان أولا في السماء ثم نزل منها، فمن هو الذي كان في السماء؟

  1. بعد هذا الذكاء الميموي المفرط، سبدأ في التعمق أكثر وأكثر، وسيبدأ في تعليم المسيحيين إيمانهم! نعم صدقوني، هو يظن في نفسه هذا ويهرب من المناظرات التي ستضعه في حجمه الطبيعي، على كلٍ، سيبدأ بالتحدث عن “طبيعة المسيح” بين الكاثوليك والأرثوذوكس، حيث يقول أن الكاثوليك يقولون بأن للمسيح طبيعتان بعد الإتحاد أي أن الكاثوليك يقولون بعدم إتحاد الطبيعتين، والأرثوذوكس يقولون بإتحاد الطبيعتين بحيث لا يمكن لشخص أن يذكر كلمة “ناسوت” و”لاهوت، ثم أتى بإقتباسات هي كالتالي:

 

كتاب طبيعة المسيح للبابا شنودة الثالث:

إنما عبارة “طبيعة واحدة” المقصود بها ليس الطبيعة اللاهوتية وحدها، ولا الطبيعة البشرية وحدها، إنما اتحاد هاتين الطبيعتين في طبيعة واحدة هي (طبيعة الكلمة المتجسد). وذلك مثلما نتحدث عن الطبيعة البشرية وهى عبارة عن اتحاد طبيعتين هما النفس والجسد. فالطبيعة البشرية ليست هي النفس وحدها، ولا الجسد وحدة، إنما اتحادهما معاً في طبيعة واحدة تسمى الطبيعة البشرية. وسنتحدث عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما بعد.

وأيضاً:

والقديس كيرلس الكبير علمنا أن لا نتحدث عن طبيعتين بعد الاتحاد. فيمكن أن نقول أن الطبيعة اللاهوتية اتحدت أقنومياً بالطبيعة البشرية داخل رحم القديسة العذراء ولكن بعد هذا الاتحاد لا نعود مطلقاً نتكلم عن طبيعتين في المسيح. فتعبير الطبيعتين يوحي بالانفصال و الافتراق.

وأيضاً:

إننا لا نتحدث هنا عن طبيعتين منفصلتين : إله، وإنسان. فهذا التعبير يدل على اثنين لا واحد. وتعبير اثنين لا يدل مطلقاً على اتحاد. فالاتحاد لا يقسم إلى اثنين. وأنا أحب أن استخدم عبارة الاتحاد للتكلم عن الذي حدث في بطن العذراء. أما بعد ذلك فنسميها وحدة الطبيعة. كذلك تعبير اثنين يوحي بالانفصال أو إمكانيته.

وأيضاً:

إن الإيمان بطبيعة واحدة للكلمة المتجسد ، هو أمر لازم وجوهري وأساسي للفداء . فالفداء يتطلب كفارة غير محدودة، تكفى لمغفرة خطايا غير محدودة ، لجميع الناس في جميع العصور. ولم يكن هناك سوى تجسد الله الكلمة ليجعل بلاهوته الكفارة غير محدودة. فلو أننا تكلمنا عن طبيعتين منفصلتين . وقامت الطبيعة البشرية بعملية الفداء وحدها. لما كان ممكناً على الاطلاق أن تقدم كفارة غير محدودة لخلاص البشر. ومن هنا كانت خطورة المناداة بطبيعتين منفصلتين، تقوم كل منهما بما يخصها.

 

موسوعة الأنبا إغريغوريوس، اللاهوت المقارن، صـ231:

وعلى ذلك فصفات اللاهوت باقية، وصفات الناسوت باقية، ولكن في طبيعة واحدة.

المسيح إذن من طبيعتين، ليس هو طبيعتين بعد الإتحاد، كما يقول البابا ديوسقورس. فلا اللاهوت إمتزج بالناسوت ولا إختلط به، ولا إستحال أحدهما إلى الآخر. إنما اللاهوت والناسوت قد إتحدا. ليس من قبيل الاجتماع أو المصاحبة، ولكن إتحاد بالمعنى الحقيقي لكلمة إتحاد، وإذا كان اللاهوت والناسوت قد إتحدا فقد صارا واحداً، ولا مجال للقول بعد ذلك أن هناك طبيعتين، وإلا فلا يكون الإتحاد صحيحا أو حقيقياً.

لقد أتى بهذه الإقتباسات لكي يرد على من أسماهم “الأرثوذكوس” في قولهم بإتحاد الطبيعتين، وهو يستشهد بهذه الأقوال ليكي يرد بها على أي مسيحي أرثوذكوسي يقول أن المسيح وُلدَ من العذراء بحسب الجسد، وأكل بحسب الجسد، وشرب بحسب الجسد، وصعد إلى السماء بحسب الجسد، من جهة، ومن جهة أخرى، لكي يرد على أي مسيحي أرثوذوكسي يقول أن المسيح غفر بحسب اللاهوت وأقام الموتى بحسب اللاهوت وشفى بحسب اللاهوت ومشى على المياه بحسب اللاهوت وقال هذه العبارات بحسب اللاهوت، فهو لا يريد لأي أحد مسيحي أرثوذوكسي أن يقول بعد اليوم بكلمتي “لاهوت” و”ناسوت” ويعتمد في ذلك على الأقوال سابقة الذكر، والحقيقة أن فهمه لهذا الكلام نفسه خاطيء، فليس معنى كلام البابا شنودة والأنبا غريغوريوس ألا ننطق بكلمتي لاهوت وناسوت، وأن نمزج بينهما، بن كل غايتهم ألا يتحدث الإنسان عنهم كطبيعتين منفصلتين أو متحدتين بشكل صوري وليس حقيقي وكامل، ولبيان خطأ فهمه، سنقتبس من قداسة البابا شنودة نفسه توضيح لكلامه الذي فهمه ميمو لنصحح له فهمه، ثم نضع أدلة من البابا شنودة والأنبا إغريغوريوس وغيرهما من الآباء الأوائل كل منهم يذكر أن هذا بحسب اللاهوت وذاك بحسب الناسوت لكي نعلمه ماذا قال الأباء مثال الأرثوذوكسية.

 

أولاً: إيضاح كلام البابا شنودة والأنبا أغريغوريوس

إن مقصد كل من الأنبا شنودة والأنبا إغريغوريوس، هو ذلك التمييز الذي يؤدي إلى الفصل، كأن يقول شخص، هذه فعلها المسيح بجسده المنفصل عن لاهوته وهذه فعلها بلاهوته المنفصل عن ناسوته، فالمحذر منه هو الفصل أو أي شبهة للفصل بين الطبيعتين، وليس مجرد ذكر “لاهوت وناسوت” فهذا خرف لا يقول به إلا ميمو، حسب ما بقى لديه من عقل، وإني لا أعرف كيف توقع ميمو أن يكون هذا هو مقصدهما في هذا الكلام؟ ألم يقرأ لأي منهما وهو يقول أن المسيح لا يعرف الساعة مثلا بحسب الناسوت (المتحد باللاهوت) وأنه مات بحسب الناسوت (المتحد باللاهوت) وأنه صعد بالناسوت (المتحد باللاهوت) وأنه غفر باللاهوت (المتحد بالناسوت) وأنه يقول “قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن” بحسب لاهوته (المتحد بناسوته) وقال أنا والآب واحد بحسب لاهوت (المتحد بناسوته)؟ ألم يقرأ كل هذا؟ إن كان لم يقرأ فهو جاهل وغير جدير بأن يُعلِم من هم أجهل منه، وإن كان قرأ وقال ما قال فهو غبي، وإن كان قد قرأ وفهم ومع ذلك قال ما قال، فهو مدلس!، فأي منهم يختار؟، سنضع هنا إثباتات من كلام البابا نفسه يقول فيها أن الهدف هو عدم الفصل وأن الفكرة التي يرد عليها هي فكرة الإنفصال بين الطبيعتين:

كتاب طبيعة المسيح للبابا شنودة

(صـ19) إننا لا نتحدث هنا عن طبيعتين منفصلتين: إله، وإنسان. فهذا التعبير يدل على اثنين لا واحد. وتعبير اثنين لا يدل مطلقاً على اتحاد ” ويكمل ” فلو أننا تكلمنا عن طبيعتين منفصلتين. وقامت الطبيعة البشرية بعملية الفداء وحدها. لما كان ممكناً على الاطلاق أن تقدم كفارة غير محدودة لخلاص البشر. ومن هنا كانت خطورة المناداة بطبيعتين منفصلتين ، تقوم كل منهما بما يخصها.

 

(صـ15) ومع أن مثال وحدة النفس والجسد في الطبيعة البشرية هو مثال شامل في أوجه شتى ، هي التي قصدناها وحدها ، إلا أن هذا التشبيه فيه نقطة نقص ، هي إمكانية انفصال النفس عن الجسد بالموت ، وعودتها إليه بالقيامة . أما وحدة الطبيعة بين اللاهوت والناسوت في المسيح ، فهي وحدة بغير انفصال . فلم ينفصل لاهوته عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.

 

(صـ17) كل خواص اللاهوت وكل خواص الناسوت. فيها الناسوت لم يصر لاهوتاً، بل ظل ناسوتاً، ولكنه ناسوت الله الكلمة. والكلمة لم يتحول إلى ناسوت، بل بقى كما اللاهوت مع الناسوت في الجوهر وفى الاقنوم وفى الطبيعة ، بدون انفصال.

ولم يحدث انفصال بين اللاهوت واللاهوت الناسوت في موت المسيح.

 

(صـ21) وفى صلب المسيح يقدم لنا الكتاب آية جميلة جداً في حديث القديس بولس الرسول مع أساقفة أفسس حيث قال “لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه” (أع28:20).

ونسب الدم هنا إلى الله، بينما الله روح، والدم هو دم ناسوته. ولكن هذا التعبير يدل دلالة عجيبة جداً على الطبيعة الواحدة للكلمة المتجسد ، حتى أن ما يتعلق بالناسوت يمكن أن ينسب في نفس الوقت للاهوت، بلا تفريق إذ لا يوجد انفصال بين الطبيعتين.

 

فها هو قداسة البابا شنودة الثالث يوضح أن هدفه هو عدم الفصل بين الطبيعتين، فمن يقول أن المسيح فعل هذا الفعل بالناسوت، قاصدا الفصل بين الطبيعتين هو بالتأكيد محروم، لكن من يقول أن غير خالطاً أو غير مازجا بين الطبيعتين بأن على الرغم من ان الموت والأكل والشرب وغيرها من أمور الجسد هي بحسب ناسوت المسيح (المتحد بلاهوته) فهو يقول عين الحقيقة، فمن جهة هو لا يمزج بين الطبيعتين ومن جهة يقر بالإتحاد التام الكامل.

موسوعة الأنبا غريغوريوس، اللاهوت المقارن، صـ231

(صـ231) قد نتكلم أحيانا عن الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية، لكن هذه التفرقة تفرقة ذهنية بحتة لا وجود لها في الواقع بالنسبة للسيد المسيح، الإله المتأنس، ذلك أنه لم يحدث بتاتاً أن الناسوت واللاهوت كانا منفصلين أو مفترقين في الخارج ثم إتحدا معا بعد ذلك. إن ما حدث هو هنا: أن الأقنوم الثاني من اللاهوت القدوس نزل وحل في أحشاء البتول مريم، وأخذ من لحمها ودمها جسدا ذا نفس إنسانية ناطقة عاقلة.

 

(صـ232) أما بعد، فيبدو أن الخلاف بين الكنائس الأرثوذكسية الخلقيدونية والكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية، مجرد خلاف في التعبير، ذلك لأن كل فريق يقر بالإتحاد بين اللاهوت والناسوت، وإني أرى أن هذا صحيح إلى حد بعيد، وأن الخلاف بين الفريقين هو خلاف في الحقيقة على التعبير الصحيح الذي ينبغي أن يعبر به المسيحيون عن إيمانهم بحقيقة الإتحاد القائم بين اللاهوت والناسوت.

 

وها هو الأنبا إغريغوريوس بنفسه الذي يستشهد به ميمو عن عدم فهم يتكلم أننا قد نتكلم عن الطبيعتين ولكن هذا التفريق يكون مجرد تفرقة ذهنية بحتة، وليست في المسيح نفسه، وهذا يؤكد أن المقصود بهذا المنع هو عدم الفصل، فمادمت لا تفصل أو لا تقصد الفصل، فالكلام عن الطبيعتين المتحدتين لا مشكلة فيه، كما سنرى أن الأنبا إغريغوريوس نفسه قد إستخدم ألفاظ مثل “الطبيعة البشرية” وما شابهها ومثل “الطبيعة الألهية” وما شابهها، في نسب أفعال أو أقوال لناسوت المسيح المتحد بلاهوته أو لاهوته المتحد بناسوته، وكذا الأنبا شنودة أيضاً.

ثانياً: أدلة من كلام البابا شنودة والأنبا إغريغوريوس على إستخدام الطبيعتين بالمعنى الصحيح

  • نقولات من كتب البابا شنودة نفسه

كتاب طبيعة المسيح

(صـ 19) ولذلك نرى القديس بولس الرسول يقول:”لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد (1كو8:2).ولم يقل لما صلبوا الإنسان يسوع المسيح. إن تعبير رب المجد هنا يدل دلالة أكيدة على وحدة الطبيعة ولزومها للفداء والكفارة والخلاص. لأن الذي صلب هو رب المجد. طبعاً صلب بالجسد ولكن الجسد كان متحداً باللاهوت في طبيعة واحدة . وهنا الأمر الأساسي اللازم للخلاص .

 

(صـ 21) حقا إن اللاهوت غير قابل للآلام. ولكن الناسوت حينما وقع عليه الألم ، كان متحداً باللاهوت. فنسب الألم إلى هذه الطبيعة الواحدة غير المحدودة . ولذلك نرى أن قانون الإيمان الذي حدده مجمع نيقية المقدس يقول إن ابن الله الوحيد، نزل من السماء، وتجسد وتأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس وتألم وقبر وقام … فرق كبير بين أن نقول إن الناسوت وحده منفصلاً عن اللاهوت قد تألم ، وبين أن نقول إن نقول إن الابن الوحيد تجسد وصلب وتألم وقبر وقام . هنا فائدة الإيمان بالطبيعة الواحدة التي تعطى الفداء فاعلية غير المحدودة. فهل تألم اللاهوت إذن؟ نقول إنه بجوهره غير قابل للألم … ولكن المسيح تألم بالجسد، وصلب بالجسد. ونقول فى قطع الساعة التاسعة” يا من ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة …”. مات بالجسد، الجسد المتحد باللاهوت . فصار موته يعطى عدم محدودية للكفارة.

 

(صـ 22) إذن فالذي بذله الآب هو الابن ، والابن الوحيد ، أي الاقنوم الثاني، الكلمة … ولم يقل بذل ناسوته أو أي شيء من هذا القبيل ، مع أنه مات على الصليب بالجسد ولكن هذا دليل كبير على وحدة طبيعة الله الكلمة، وأيضاً أهمية هذه الوحدة من أجل عمل الفداء.

 

كتاب قانون الإيمان

(صـ 73) “وصعد إلى السماوات وجلس عن يميين أبيه” المقصود طبعاً أنه صعد بالجسد.

ذلك لأن اللاهوت لا يصعد ولا ينزل. اللاهوت موجود فوق وتحت وما الفوق و التحت. موجود في السماء وعلي الأرض وما بينهما . لذلك فهو لا يصعد ولا ينزل، لأنه مالئ الكل، وهو في كل مكان . إنما السيد المسيح صعد إلي السماء جسدياً، حسبما نقول له في القداس الغريغورى: “وعند صعودك إلي السماء جسدياً ..” لقد رآه التلاميذ صاعداً بالجسد إلي فوق “ارتفع وهو ينظرو، وأخذته سحابه عن أعينهم ” ( أع 1: 9). وطبعاً رأوه صاعداً بالجسد ، لأنهم لا يمكن أن يروا اللاهوت.

 

سنوات مع أسئلة الناس، أسئلة لاهوتية وعقائدية، جـ2

ألسنا نقول إن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين؟ كيف إذن قد مات؟

موت المسيح معناه إنفصال روحه عن جسده 0 و ليس معناه إنفصال لاهوته عن ناسوته0

الموت خاص بالناسوت فقط0 إنه إنفصال بين شقى الناسوت ، الروح و الجسد ، دون أن ينفصل اللاهوت عن الناسوت0

و ما أجمل القسمة السريانية التى نقولها فى القداس الإلهى ، و التى ، و التى تشرح هذا الأمر فى عبارة واضحة هى إنفصلت نفسه عن جسده 0 ولاهوته لم ينفصل قط عن نفسه و لا عن جسده. 

إنفصلت الروح البشرية عن الجسد البشرى 0 و لكن اللاهوت لم ينفصل عن أى منهما ، و إنما بقى متحداً بهما كما كان قبل الموت 0و كل ما فى الأمر أنه قبل الموت ، كان اللاهوت متحداً بروح المسيح و جسده و هما ( أى الروح و الجسد ) متحدان معاً 0 أما فى حالة الموت ، فكان اللاهوت متحداً بهما و هما منفصلان عن بعضهما البعض0 أى صار متحداً بالروح البشرية على حدة ، و متحداً بالجسد على حدة.

 

ما معنى أن المسيح يصلي وأنه يتعب؟

أصحاب هذا السؤال يركزون على لاهوت المسيح، و ينسون ناسوته! إنه ليس مجرد إله فقط، و إنما أخذ طبيعة بشرية مثلناً، ناسوته كاملاً، بحيث قال عنه الكتاب إنه شابهنا فى كل شئ ماعدا الخطية ( عب 2 : 17 ). و لولا أنه أخذ طبيعتنا ، ما كان ممكناً أن يوفى العدل الإلهى نيابة عنا0 إنه صلى كإنسان، وليس كإله00 

لقد قدم لنا الصورة المثلى للإنسان 0 و لو كان يقدم لنا ذاته مثالاً لذلك صلى00

و فى صلاته علمنا أن نصلى ، و علمنا كيف نصلى0 و أعطانا فكرة عملية عن أهمية الصلاة و قيمتها فى حياتنا.. و فى بعض صلواته – كما فى بستان جثسيمانى، عرفنا كيفية الجهاد فى الصلاة ( لو 22 : 44 )

ولو كان المسيح لا يصلى، لا عتبرت هذه تهمة ضده ولإعتبره الكتبة والفريسيون بعيداً عن الحياة الروحية ، و صارلهم بذلك عذر أن لا يتبعوه، إذ ليست له صلة بالله!

و بنفس الطبيعة البشرية كان يتعب و يجوع و يتألم0

لأنه لو كان لا يتعب و لا يجوع و لا يعطش و لا يتألم، و لا ينعس و ينام ، ما كنا نستطيع أن نقول أنه إبن للإنسان ،و إنه أخذ لنا، و أخذ نفس الطبيعة المحكوم عليها بالموت ، لكى بها ينوب عنا فى الموت ، يفدى الإنسان.. و إنه لم يتعب كغله 0 فاللاهوت منزه عن التعب.

و لكن هذه الطبيعة البشرية التى اتحد بها لاهوته ، و التى لم ينفصل عنها لحظة واحدة و لا طرفة عين ، هى التى تعبت ، لأنها طبيعة قابلة للتعب 00 و السيد المسيح لكى يكون تجسده حقيقة ثابتة ، يمكنها القيام بالفداء ، سار على هذه القاعدة : 

لم يسمح أن لاهوته يمنع التعب عن ناسوته 0

 

  • نقولات من كتب الأنبا إغريغوريوس

 

6-اللاهوت العقيدى ج1 – لاهوت السيد المسيح

(صـ663، 664) أما أولاً، فلأن المسيح كما هو إبن الله كذلك هو إبن الإنسان.، وهو يعرف اليوم والساعة بصفته كائنا في الآب ومتحدثاً معه في الجوهر والذات ولكنه لا يعرفهما بوصفه إبن الإنسان. ولو كان يقصد الإبن من حيث هو أزلي، ففي قوله “إلا الآب” كأنه ينفي المعرفة عن الروح القدس وهو الأقنوم الثالث من اللاهوت، وهو روح الله، وكيف يمكن ان نتصور الله يعرف أمرا لا يعرفه روحه؟؟ وإذن فالمسيح لا يتكلم عن نفسه من حيث هو إله، ولكنه من حيث هو إنسان، وإبن إنسان، فبهذه الصفة لا يعرف زمن القيامة.

 

(صـ 654، 6555) فلا غرابة إذن في قول الكتاب المقدس عن المسيح إنه كان ينمو في القامو والحكمة والنعمة عند الله والناس (لوقا 2: 52) أو قوله قبل ذلك “وكان الطفل ينموا ويتقوى بالروح، ممتلئاً حكمة، وكانت نعمة الله عليه” (لوقا 2:40). فالكلام هنا ينصرف على الناسوت في المسيح، والذي لا يفترق مطلقا عن طبيعتنا البشرية، فيما عدا أنه طاهر.

 

(صـ674، 67) نعم إن السيد المسيح عندما كان يصلي، كان يصلي كإنسان، لأنه أخذ إنسانية كاملة، وللإنسانية روح وجسد، وكما يصلي الإنسان بروحه (1 كو 14: 14) كان المسيح يصلي بروحه الإنسانية…. على أنه مما تجدر الإشارة إليه وتقريره بوضوح، أن المسيح في بستان جثسيماني قد صلى كإنسان لاة الطلب، لأنه كان في تدبير الفداء بديلاً عنا، أي أنه صلى كنائب عن البشرية وشفيع فيها، وفادٍ لها.

 

(صـ680) عندما نقول “قدوس الله، قدوس الحي الذي لا يموت” فالمعنى المقصود يتجه إلى المسيح من حيث لاهوته. أما عندما نقول “بموتك يارب نبشر” فنحن نتجه إلى المسيح من حيث ناسوته. فالمسيح الإله ( قذ ذاق الموت بالجسد)…. ولذلك يمكن أن نقول عن المسيح إنه (حي لا يموت)، إذا قصدنا الكلام عن لاهوته، إذ أن لاهوته هو بعينه لاهوت الآب والروح القدس، لاهوت واحد، لأن الله واحد، والله لا يموت. أما إذت قلنا “بموتك يارب نبشر” فالموت هنا، ليس للاهوت لأن اللاهوت لا يموت، ولكن الموت للناسوت.

 

 

ثالثا: نقولات من الآباء الأولين

وهنا، سنقتبس بعض الإقتباسات القليلة من بعض الآباء كأمثلة على قولهم بالناسوت واللاهوت بالمعنى الصحيح الذي يقصده كل من البابا شنودة والأنبا إغريغوريوس وليس كما فهم ميمو بشكل مضحك.

 

القديس كيرلس الكبير (تفسير إنجيل لوقا، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الآبائية، طـ2)

 

(صـ26) عندما سيقول البشير لوقا إن الرسل كانوا شهود عيان لذات الكلمة المحيي، فإنه بذلك يتفق مع البشير يوحنا، الذى يقول إن ” الكلمة صار جسدًا، وحل فينا، ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب” (يو14:1). فالكلمة أصبح من الممكن رؤيته بسبب الجسد الذي هو منظور وملموس وصُلب، بينما الكلمة ذاته غير منظور. ويوحنا أيضًا يقول في رسالته: ” الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة، فإن الحياة أُظهِرَت” (1يو1:1).

ألا تسمعونه يتحدث عن الحياة على أساس أنها يمكن أن تُلمس؟ وهو يقول هذا لكى تفهموا أن الابن صار إنسانًا وصار منظورًا من جهة الجسد، ولكنه غير منظور من جهة لاهوته.

 

(صـ84) وهكذا فإن عبارة “مسحني” تناسب ناسوته، فليست الطبيعة الإلهية هي التي مُسِحت بل تلك الطبيعة التي هي منَّا، هكذا أيضًا عبارة “أرسلني” إنما تشير إلى ما هو بشرى.

 

(صـ102) يمكننا أن نرى المسيح متألمًا بالجسد حسب الكتب، ولكنه يظل متعاليًا على الآلام. نراه مائتًا في طبيعته البشرية، ولكنه حيّ بطبيعته الإلهية، لأن الكلمة هو الحياة. فقد قال التلميذ الحكيم جدًا: ” مُماتًا في الجسد ولكن مُحيي في الروح” (1بط3: 18). ولكن رغم أن الكلمة لا يمكن أن يقبل آلام الموت في طبيعته الخاصة، إلا أنه ينسب إلى نفسه ما تألم به جسده.

 

وما أقواله أنا هو مثل هذا. فمن ناحية، بعض الأقوال تناسب على الأخص لاهوته، وأقوال أخرى أيضاً تناسب ناسوته، ولكن هناك أقوالاً تتصل بنوع خاص بموقف متوسط معين لأنها تعلن الإبن كإله وإنسان معاً في نفس الوقت وفي شخصه. لأنه حينما يقول لفيلبس أنا معكم زماناً هذا مدته ولم تعرفني يا فيلبس، ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ، من رآني فقد رأى الآب” (يو14 : 9،10) “أنا والآب واحد”(10 : 30)، ونحن نؤكد أن هذا الكلام هو لائق جداً بلاهوته. ولكنه حينما يوبخ الشعب اليهودي قائلاً لهم:” لو كنتم أولاد إبراهيم لكنتم تعملون أعمال إبراهيم ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق. هذا لم يعمله إبراهيم ” (يو8 : 39،40) فنحن نقول أن مثل هذه الكلمات لائقة بناسوته. ومع ذلك فنحن نقول أن تلك الكلمات اللائقة بلاهوته وتلك اللائقة بناسوته هي كلمات الإبن الواحد، لأنه وهو الله صار إنساناً، ومع ذلك عندما صار إنساناً لم يترك ما لكينونته الإلهية باتخاذه اللحم والدم. ولكن حيث أنه واحد: الإبن والله والرب، فنحن نقول أن شخصه واحد، نحن وهم ([1]) نقول هذا.[2]

وهم يقسمون الأقوال بهذه الكيفية، فبعضها لائق بألوهيته، وبعضها الآخر لائق بناسوته، وأقوال أخرى لها وضع مشترك لكونها تليق بلاهوته وناسوته معاً. ومع ذلك فهي أقوال قيلت عن واحد وهو هو نفسه، وليس كما ينسب نسطوريوس بعضها لله الكلمة على حده وبعضها الآخر لذلك المولود من إمرأة، كإبن آخر. لأن معرفة الإختلاف بين الأقوال شيء، وشيء آخر أن نُقّسِم الأقوال بين شخصين بعضها لواحد وبعضها الآخر لشخص آخر غيره.[3]

 

وتبعاً لذلك، فحينما نؤكد إتحاد الكلمة الذي من الله الآب بجسده المقدس ذي النفس العاقلة، وهو إتحاد يفوق الإدراك ويعلو على الفكر، وقد حدث بدون إختلاط، وبدون تغيير، وبدون تحول فنحن نعترف بمسيح واحد الإبن والرب، وهو نفسه إله وإنسان، وليس واحداً وآخر، بل هو واحد وهو نفسه، هكذا هو كائن وهكذا يدرك (بفتح الراء). لذلك فهو أحياناً كان يحاور كإنسان حسب التدبير وحسب ناسوته، وأحياناً أخرى كإله يعطي كلماته بسلطان لاهوته. ونحن نؤكد ما يأتي أيضاً. فبينما نحن نبحث كيفية تدبيره بالجسد ونسبر أعماق السر، نرى أن الكلمة الذي من الله الآب تأنس وتجسد وأنه لم يصنع ذلك الجسد المقدس من طبيعته الإلهية بل بالحري أخذه من العذراء مريم. لأنه كيف صار إنساناً لو لم يكن قد لبس ([4]) جسداً مثل أجسادنا؟ لذلك فعندما نعتبر – كما قلت – كيفية تأنسه نرى أن طبيعتين إجتمعتا إحدهما مع الأخرى في إتحاد لا يقبل الإنفصام، وبدون إختلاط وبدون تغيير، لأن جسده هو جسد وليس لاهوتاً رغم أن جسده قد صار جسد الله. وبالمثل فالكلمة أيضاً هو الله وليس جسداً، رغم أنه جعل الجسد خاصاً به بحسب التدبير. لذلك فحينما تكون لنا الأفكار، فنحن عندما نقول إنه كان من طبيعتين فنحن لا نحرج الوحدة، ولكن بعد الإتحاد لا نفصل الطبيعتين إحدهما عن الأخرى، ولا نجزئ الإبن الواحد غير المنقسم إلى إبنين، بل نقول بإبن واحد، وكما قال الآباء :طبيعة واحدة متجسدة لكلمة الله ([5]).[6]

 

وهذه المَسحَة أيضاً صارت له بحسب ناسوته. وكما أنه من البديهي أن الآب قدوس هكذا الإبن الوحيد المولود منه، فهو قدوس بالطبيعة. لذلك يقال إنه مُسِحَ مثلنا أي تَقدّس من الآب حسبما إتضح أنه إنسان. لذلك يقال فإن بولس الحكيم جداً يكتب عنه وعنا أيضاً : “لأن المُقّدِس والمُقدسين جميعهم من واحد، فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوة قائلاً: “أخبر بإسمك إخوتي” (عب2 : 11،12).[7]

 

لأنهم أيضاً إعترفوا معنا أن العذراء القديسة هي والدة الإله، ولم يضيفوا أنها والدة المسيح أو والدة إنسان، كما يقول أولئك الذين يدافعون عن أراء نسطوريوس التعيسة والكريهة. أما (الأولون) فيقولون بكل وضوح أنه يوجد مسيح وإبن ورب واحد، الله الكلمة المولود بطريقة تفوق الإدراك من الله الآب قبل كل الدهور، وأنه وُلِدَ في الأزمنة الأخيرة من إمرأة بحسب الجسد.[8]

 

ولكننا لسنا على إستعداد أن نقبل هذه الأمور على أنها حقيقية، بل قد تعلمنا حسب الكتب الحقيقية والآباء القديسين نعترف بإبن واحد المسيح الرب أي الكلمة الذي من الله الآب الولود من قبل الدهور بكيفية إلهية وتفوق الإدراك، وأنه في الأزمنة الأخيرة الإبن نفسه وُلد لأجلنا حسب الجسد من العذراء القديسة. وحيث أنها ولدت الله المتأنس المتجسد، لهذا السبب فنحن أيضاً نسميها والدة الإله. لذلك يوجد إبن واحد “رب واحد يسوع المسيح” (1كو8 : 6) هو نفسه فبل تجسده وبعد تجسده. فليس هناك إبن هو الكلمة الذي من الله الآب وإبن آخر أيضاً من العذراء القديسة. بل نحن نؤمن أنه هو نفسه الذي كان قبل الدهور، هو الذي قد وُلد حسب الجسد من إمرأة، ليس أن ألوهية أخذت بداية وجودها أو أنها دُعِيت إلى بداية وجودها بواسطة العذراء القديسة، بل بالحري كما قلت، أن الكلمة الذي كان قبل الدهور، يقال عنه أنه قد وُلد حسب الجسد. لأن جسده هو خاص به كما أن كل واحد منا – بلا شك – له جسده الخاص.[9]

 

وبناء عليه فحينما يقال أنه ولد من إمرأة (غلا4 : 4)، فبالضرورة أيضاً يشار إلى أنه ولد بحسب الجسد لكي لا يعتبر كأنه يتخذ من العذراء القديسة بداية لوجوده. ورغم أنه كائن قبل كل الدهور وهو الله الكلمة المساوي في الأزلية لأبيه الذاتي والقائم فيه، إلا أنه حينما أراد أن “يأخذ صورة عبد” (في2 : 7) بمسرة أبيه الصالحة، عندئذ يقال إنه خضع للولادة من إمرأة بحسب الجسد مثلنا.[10]

 

القديس كيرلس الأورشليمي

 

فلنسجد له لأنه إله، ونؤمن أيضاً بأنه قد صار إنساناً؛ لأنه لو قُلنا عنه إنه إنسانٌ بدون إلوهية، فلن ننتفع شيئاً، وهكذا أيضًا إن لم نعترف بناسوته مع لاهوته، فلن يكون لنا خلاص.[11]

 

إذاً ولادة الابن وحيد الجنس بالجسد من العذراء هي غير دنسه. وإذا كان لدى الهراطقة اعتراضات على الحق فالروح القدس سيبكتهم، وقوة العلي ستغضب عليهم، تلك القوة التي ظللت العذراء، وسوف يأتي الملاك جبرائيل لكي يواجههم ويقف ضدهم في يوم الدينونة. ومكان المذود الذي أحتضن الرب سوف يُخجلهم. والرعاة الذين سمعوا البشارة المفرحة سيشهدون، وكذلك جنود الملائكة الذين سبحوا ورنموا قائلين: ” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي أناس المسرة” (لو 2: 24).[12]

 

أثناسيوس الرسولي

 

وهنا يلزم أن يسمعوا نفس الكلام مرة أخرى. وليتعلموا أولاً أن اللوغوس هو ابن الله، كما قيل أيضًا فيما سبق، وأنه غير مخلوق، ولا ينبغى أن ينسبوا مثل هذه الألفاظ إلى ألوهيته، بل عليهم أن يفتشوا لماذا، وكيف كُتبت هذه الأقوال؟ ومما لا شك فيه أن تدبير التجسد الذي صنعه لأجلنا سيجيب على الذين يتساءلون، لأن بطرس عندما قال ” جعله ربًا ومسيحًا” أضاف في الحال ” الذي صلبتموه أنتم”[13]، مما جعل الأمر واضحًا للجميع. ولعله يصير أيضًا واضحًا لهؤلاء، إن كانوا يتابعون معنى النص، إن كلمة “جَعَل” ليست عن جوهر الكلمة ـ بل عن ناسوته. لأن ما هو الذي صُلب سوى الجسد؟ فكيف يمكن أن يتحدث عن ما هو جسدى في الكلمة سوى بقوله “جَعَل (صنع)”؟.[14]

 

لأن الكلمة هنا لم يتحدث من خلال سليمان مشيرًا إلى جوهر ألوهيته ولا إلى ميلاده الأزلى والحقيقى من الآب، ولكنه يشير إلى ناسوته وعمل تدبير خلاصنا.[15]

 

أما العبارة الواردة فى الأمثال ـ كما سبقت أن قلت ـ فهى لا تشير إلى جوهر الكلمة، بل إلى ناسوت الكلمة.[16]

القديس أمبروسيوس

وعلاوة على ذلك، فإنه يقول: ” وإلهى وإلهكم”، لأنه رغم أنه هو والآب واحد، والآب هو أبوه إذ له نفس طبيعة أبيه ـ بينما قد بدأ الله أن يصير أبًا لنا بواسطة عمل الابن، ليس بفضل الطبيعة بل بالنعمة، إلاّ أنه ينبهنا هنا إلى وجود طبيعتين معًا فى المسيح، اللاهوت والناسوت، اللاهوت من أبيه، والناسوت من أمه. الأولى كائنة قبل الأشياء، والثانية مأخوذة من العذراء. بسبب الأولى ـ إذ هو يتكلم على أنه الابن، فهو يدعو الله أباه، وبعد ذلك، إذ يتكلم كإنسان، فإنه يدعوه إلهًا له.[17]

 

وعلاوة على ذلك، فإنه يقول: ” وإلهى وإلهكم”، لأنه رغم أنه هو والآب واحد، والآب هو أبوه إذ له نفس طبيعة أبيه ـ بينما قد بدأ الله أن يصير أبًا لنا بواسطة عمل الابن، ليس بفضل الطبيعة بل بالنعمة، إلاّ أنه ينبهنا هنا إلى وجود طبيعتين معًا فى المسيح، اللاهوت والناسوت، اللاهوت من أبيه، والناسوت من أمه. الأولى كائنة قبل الأشياء، والثانية مأخوذة من العذراء. بسبب الأولى ـ إذ هو يتكلم على أنه الابن، فهو يدعو الله أباه، وبعد ذلك، إذ يتكلم كإنسان، فإنه يدعوه إلهًا له.[18]

 

ماذا إذًا كان معنى الهدايا السَّرية التي قُدَّمت، في إسطبل البهائم الوضيع، سوى أنه يجب أن نميِّز في المسيح الفرق بين الألوهة والجسد؟ إنه يُنظر إليه كإنسان[19] ولكنه يُعبد كرب. إنه راقد وسط الأقمطة ولكنه يشرق وسط النجوم. إن المهد يكشف ميلاده ولكن الكواكب تبرهن على سلطانه[20]. إنه الجسد هو المُقمّط في الملابس ولكن الألوهة تتقبّل خدمة الملائكة، وبهذا فإن كرامة عظمته الطبيعية لم تُفقد وبهذا يتبرهن اتخاذه للجسد حقًا.[21]

 

القديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات

 

المسيح أُرسل، لكنه أُرسل كإنسان لأنه من طبيعة مزدوجة[22]. لأنه شعر بالتعب وجاع وعطش وتألم وبكى حسب طبيعة كائن له جسد.[23]

 

بعد قليل سوف ترى يسوع ينزل ليتطهر في الأردن (مت17:3) لأجل تطهيرى أنا، أو بالحرى ليقدس المياه بطهارته (لأنه لم يكن في إحتياج إلى التطهير ذاك الذي يرفع خطية العالم). وإنشقت السماوات، وشهد له الروح الذي من نفس الطبيعة الواحدة معه؛ وسنراه يُجرب وينتصر على التجارب ويُخدم من الملائكة (انظر مت1:4ـ11)، ويشفى كل مرض وكل ضعف (مت23:4)، ويمنح الحياة للأموات (وليته يهبك الحياة أنت الذي مت بسبب هرطقتك)، ويطرد الشياطين (مت33:9) أحيانًا بنفسه وأحيانًا أخرى بواسطة تلاميذه. ويُطعم بخبزات قليلة آلاف من البشر (مت14:14)، ويمشى على البحر كأرض جافة (مت25:14)، ويُسلّم ويُصلب صالبًا خطيتى معه، وقُدم ذبيحة كحمل، وأيضًا قدم ذاته ككاهن يقدم ذبيحة، ودُفن كإنسان وقام ثانية كإله، ثم صعد إلى السموات لكى يعود ثانية في مجده. كم من الأعياد توجد لأجلى في كل سر من أسرار المسيح! وغاية كل هذه الأسرار تجديدى وتكميلى أنا لكى أرجع إلى حالة آدم الأولى.[24]

 

القديس أغريغوريوس النيسي

 

وكما أن الطفل الذي لا يتكلم يعتبر قليل العقل بحسب تقديرات الناس، إلى أن تولد الكلمة من شفتيه، هكذا كلمة الله المولود بحسب الجسد، عبر كل مراحل عدم الكلام الخاصة بطبيعتنا، حين استعلن بكل وضوح في عملية الخلق مع الآب والروح القدس.[25]

 

وبعد كل هذه الإستشهادات، وهي قليلة إذا ما قورنت بالمتاح، لكن لتكن هذه مجرد أمثلة من كلام الآباء أنفسهم على خطأ ميمو، فكيف لا يعرف شخص أعطى لنفسه الحق ليحاضر من هم أجهل منه وهو لا يعرف أبجديات اللاهوت المسيحي؟، على كلٍ نحن لا نستغرب هذا منهم، فهذه شيمتهم. إذن، عرفنا أن الآباء أنفسهم، ومنهم الأنبا شنودة والأنبا إغريغوريوس اللذان إستشهد بهما ميمو، يستخدمون ألفاظ تدل على الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية مع إيمانهم التام بالإتحاد الحقيقي بين الطبيعتين، فكيف إستدل ميمو من كلامهما على أن الأرثوذوكس لا يحق لهم أن ينطقوا بألفاظ مثل “ناسوت” و”لاهوت”؟ لا نعرف!

  1. ننتقل إلى نقطة كوميدية أخرى من مهزلة ميمو الفكرية، حيث قد إستدل هذا الفيلسوف بالنصوص التي تتكلم عن “إبن الإنسان” بالقدرات الإلهية التي ذكرناها سابقاً، مثل أن إبن الإنسان هو رب السبت وأنه يغفر الخطايا وأنه سيرسل الملائكة وأنه يأتي ويدين، ويأتي في مجد أبيه..إلخ، قد إستدل بهذا، على أن المسيحيين يعبدون إنسان!، كيف يا ميمو؟ يرد ميمو بأن إبن الإنسان له صفات بشرية (ذكرها هو) وله صفات ألوهية (كما ذكرناها) وبهذا يكون المسيحيين يعبدون إنساناً!!، يا للذكاء الخارق!! ما أبدعك ما أذكاك!، فبدل أن يقول أن بهذه النصوص التي تثبت صفات لاهوتية لإبن الإنسان، أن المسيحيين يعبدون إلها تجسد، صار يقول أن المسيحيين يعبدون إنساناً بؤلهوه!! وهو الذي قال بعد هذا بنفسه، مخبراً مستمعيه من الجهلة، أن المسيحيين لا يؤمنون بـأن “الإنسان تأله” بل بـأن “الله تجسد”، فكيف يقول الآن أن المسيحيين يعبدون إنسان؟ هل رأيتم مدى التناقض في كلامه نفسه؟ وألم يقرأ بنفسه الصفات الألوهية على مسامع المستمعين؟ ألم يجيبوا ويقولوا أن هذه الصفات هي صفات لله وحده؟ إذن فلقب إبن الإنسان بهذه الصفات يدل على “ألوهية المسيح”! فكيف يحاضر في “دورة” هي خصيصاً لأجل الرد على “ألوهية المسيح” وهو نفسه والمستمعين قد أثبتوا ألوهية المسيح؟ هل رأيتم إنحطاطاً فكرياً مثل هذا؟
  2. بعد أن قهر هذا المغوار صاحب الذكاء الخارق (كما رأينا) الأرثوذوكس، بدأ يتكلم عن الكاثولويك والبروتستانت، فقال لمستمعيه أن الكاثوليكي والبروتستانتي سيردون على هذا الطرح تجاه الأرثوذوكس، بأنهم يقولون بالناسوت واللاهوت، فيرد ميمو عليهم كلامهم ويقول لهم أن إبن الإنسان الذي يأكل ويشرب وينام ويتألم ويموت، هو نفسه رب السبت وهو الذي يرسل الملائكة وهو الذي يجازي كل واحد حسب عمله وهو الذي سيأتي بمجد أبيه!، ويكمل ميمو موضحاً أن هذه الحجة قوية لدرجة أن الكاثوليكي والبروتستانتي لن يجدوا مفر منها! الحقيقة، إن جهل هذا الشخص ليس هو السبب الوحيد للسخرية منه، بل تعالمه وتكبره وإفختاره بجهله! يعتقد هذا الشخض أنه بهذا الهراء الفكري الذي قدمه أنه أفحم الكاثوليكي والبروتستانتي! وسبب هذا الإعتقاد الخاطيء أنه قد توهم أن البروتستانت والكاثوليك يقولون بإنفصال اللاهوت والناسوت!! فياللجهل!، الحقيقة أنهم يؤمنون بإتحاد الطبيعتين أيضاً، لكنهم يقولون “طبيعة واحدة في طبيعتين” بدلا من التعبير الذي يستخدمه أغلب الأرثوذوكس الرافضين لمجمع خلقيدونية وهو “طبيعة واحدة من طبيعتين”، فكلاهما يقران بالإتحاد الكامل والحقيقي وعدم الفصل وعدم الإمتزاج وعدم الإستحالة! وكل منهم يؤمن بأن الإله تجسد متأنساً، وإحتفظ بصفات الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية، فعندما يأكل ويشرب وينام ويموت، فإن هذا لكونه إحتفظ بخواص الطبيعة البشرية في الطبيعة الواحدة، وعندما يأتي على السحاب ويجازي ويفغر الخطايا ويقول أنه رب السبت ويكون قبل إبراهيم ويكون هو الكلمة الله، فهذا لأنه إحتفظ بطبيعته الإلهية، فهل لم يعرف ميمو هذا؟ ؟ ألم يقرأ بنفسه ما قاله البابا شنودة في كتاب “طبيعة المسيح” صـ9:

ومع أن أصحاب الطبيعتين يقولون باتحادهما، إلا أن نغمة الانفصال كما تبدو واضحة في مجمع خلقيدونية ، مما جعلنا نر فضة… ونفى القديس ديسقورس الإسكندري بسبب هذا الرفض.

 

وألم ينقل لنا البابا شنودة بنفسه في ذات الكتاب الإتفاقية مع الكاثوليك:

نؤمن أن ربنا ألهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الكلمة (اللوجوس) المتجسد، هو كامل في ناسوته. وأنه جعل ناسوته واحداً مع لاهوته، بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير . وأن لاهوته لم ينفصل عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين وفى نفس الوقت نحرم تعاليم كل من نسطور و أوطاخى.

 

فها هو نص الإتفاقية به كلمتين “ناسوت” و “لاهوت”! وهذا ما ذكره البابا شنودة بنفسه، فكيف يهرف ميمو بما لا يعرف؟ وكيف يقول بأشياء مناقضة تماماً لما تقوله الكتب التي إستشهد بها؟

 

 

([1]) أي أساقفة أنطاكية.

[2] رسائل القديس كيرلس (الجزء الثالث) (32 – 50) ترجمها عن اليونانية الدكتور موريس تاوضرس و الدكتور نصحي عبد الشهيد للقديس كيرلس الإسكندري ديسمبر 1995، الرسالة 40، 18.

[3] رسائل القديس كيرلس (الجزء الثالث) (32 – 50) ترجمها عن اليونانية الدكتور موريس تاوضرس و الدكتور نصحي عبد الشهيد للقديس كيرلس الإسكندري ديسمبر 1995، الرسالة 44، 7.

([4]) Peforike (     )

([5]) باليونانية mian physin Theou Logou cesarkwmenin

[6] رسائل القديس كيرلس (الجزء الثالث) (32 – 50) ترجمها عن اليونانية الدكتور موريس تاوضرس و الدكتور نصحي عبد الشهيد للقديس كيرلس الإسكندري ديسمبر 1995، الرسالة 45، 6.

[7] رسائل القديس كيرلس (الجزء الثالث) (32 – 50) ترجمها عن اليونانية الدكتور موريس تاوضرس و الدكتور نصحي عبد الشهيد للقديس كيرلس الإسكندري ديسمبر 1995، الرسالة 50، 24.

[8] رسائل القديس كيرلس (الجزء الثالث) (32 – 50) ترجمها عن اليونانية الدكتور موريس تاوضرس و الدكتور نصحي عبد الشهيد للقديس كيرلس الإسكندري ديسمبر 1995، الرسالة 50، 31.

[9] رسائل القديس كيرلس (الجزء الثالث) (32 – 50) ترجمها عن اليونانية الدكتور موريس تاوضرس و الدكتور نصحي عبد الشهيد للقديس كيرلس الإسكندري ديسمبر 1995، الرسالة 45، 4.

[10] رسائل القديس كيرلس (الجزء الثالث) (32 – 50) ترجمها عن اليونانية الدكتور موريس تاوضرس و الدكتور نصحي عبد الشهيد للقديس كيرلس الإسكندري ديسمبر 1995، الرسالة 50، 3.

[11] عمانوئيل الله معنا للقديس كيرلس الأورشليمي، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الآبائية، ترجمة : دكتور جورج عوض إبراهيم صـ 10.

[12] عمانوئيل الله معنا للقديس كيرلس الأورشليمي، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الآبائية، ترجمة : دكتور جورج عوض إبراهيم صـ 37.

[13] أع36:2.

[14] المقالة الثانية ضد الأريوسيين، للقديس أثناسيوس الرسولي، ترجمة مركز دراسات الآباء، 15، 12.

[15] المقالة الثانية ضد الأريوسيين، للقديس أثناسيوس الرسولي، ترجمة مركز دراسات الآباء، 19، 45.

[16] المقالة الثانية ضد الأريوسيين، للقديس أثناسيوس الرسولي، ترجمة مركز دراسات الآباء، 20، 51، تابع.

[17] الكرازة الرسولية، القديس أمبروسيوس، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الأبائية، 14، 91.

[18] الكرازة الرسولية، القديس أمبروسيوس، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الأبائية، 14، 92.

[19] فيلبى 7:2

[20] رؤ16:1 ، 16:22 ـ  عدد 17:24.

[21] الكرازة الرسولية، القديس أمبروسيوس، المركز الأرثوذوكسي للدراسات الأبائية، 4، 32.

[22]  طبعًا من جهة طبيعته التي فيها اللاهوت متحد بالناسوت.

[23] ثيوفانيا مــيــلاد الـمــسيح للقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات، 15.

[24] ثيوفانيا مــيــلاد الـمــسيح للقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات، 16.

[25] خلق الإنسان على صورة الله ومثاله للقديس غريغوريوس النيسى،  المركز الأرثوذوكسي للدراسات الآبائية، صـ 24.