الردود على الشبهات

السؤال 23 (تناقضات) ممنوع اللمس أم مسموح اللمس؟ عماد حنا

السؤال 23 (تناقضات) ممنوع اللمس أم مسموح اللمس؟ عماد حنا

السؤال 23 (تناقضات) ممنوع اللمس أم مسموح اللمس؟ عماد حنا

السؤال 23 (تناقضات) ممنوع اللمس أم مسموح اللمس؟ عماد حنا
السؤال 23 (تناقضات) ممنوع اللمس أم مسموح اللمس؟ عماد حنا

 


من التناقضات الموجودة في الإنجيل نجد انه قد ورد في إنجيل يوحنا 20: 17 قول المسيح لمريم المجدلية: لا تلمسيني لأني لم اصعد بعد … الا اننا نجد بعد ذلك في العدد 27 من نفس الإصحاح ان المسيح يقول لتوما : هات اصبعك . . وهات يدك وضعها في جنبي !!

الإجابة
للإجابة عن هذا السؤال علينا الاستعانة ببعض المعرفة في اللغة اليونانية، وهنا الكلمة المستخدمة في تعبير يسوع “لا تلمسيني” هي الفعل اليوناني haptomai، الذي من ضمن معانيه: اللمس، المعانقة، التعلُّق. هذا الفعل جاء في صيغة الأمر وفي زمن المضارع، ولأنه مسبوق بأداة نفي يكون معناه التوقف عن عمل مستمر. لذلك أفضل معنى بحسب سياق النص ومن خلال مقارنة هذا النص مع ما جاء في متى 28: 9، يكون التوقف عن التمسك أو التعلُّق بيسوع.
يقول النص في متى 28: 1-9 “وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ.وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لِلْمَرْأَتَيْنِ :«لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعًا فِيهِ. وَاذْهَبَا سَرِيعًا قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا». فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ.”
كلمة “أمسكتا” في الآية التاسعة من متى 28 هي من الفعل اليوناني kratew، وهي كلمة مرادفة للفعل السابق haptomai الذي استخدمه البشير يوحنا. وواضح هنا أن مريم المجدلية قد تكررت في الحادثتين لذلك استخدم كل من البشيرين التعبير الذي يتوافق معه، لكن تم توصيل الفكرة. وهي أن كل من مريم المجدلية ومريم الأخرى عندما رأتا يسوع أمسكتا بقدميه وسجدتا له. ومن الواضح جداً أن يوحنا يقوم بنقل نفس الفكرة لكنه اختار أن يتحدث عن مريم المجدلية أكثر من مريم الأخرى التي يشاركه متى في عدم ذكر اسمها.
مع أن هذا ليس موضوع هذا السؤال، لكن هذا جزء من الفرق بين مفهوم الوحي في المسيحية ومفهومه في الإسلام. في المسيحية هناك العنصر الإلهي وهناك العنصر البشري. حيث يرد في رسالة بطرس الأولى الأصحاح الأول والعددين 20-21 التالي: “20 عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. 21 لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.”
وهنا ينبغي التعليق على الآية 21 حيث بحسب قواعد اللغة اليونانية يرد اسم المفعول “مسوقين feromenoi” في الزمن المضارع مما يعني التوافق في الزمن مع زمن الفعل الرئيسي “تَكَلَّمَ”. هذا يعني، أن اللحظة التي كان كتّاب الكتاب المقدس يكتبون ويسطرون فيها كلمات الوحي، كانوا مسوقين من الروح القدس. وكلمة “مسوقين” يُفَضَّل ترجمتها إلى محمولين وهي كلمة تُستخدم لشراع القارب أو السفينة الذي يحتضن الهواء فيتسبب في دفع القارب أو السفينة إلى الأمام.
نعود الآن إلى توما الذي لم يُصَدِّق حادثة قيام يسوع من بين الأموات. حيث قراءة متأنية للأعداد التي ورد فيها ذكر عدم تصديق توما كافية بأن ترد على التساؤل المطروح. لاحظ يوحنا 20: 26-29″وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ:«سَلاَمٌ لَكُمْ!». 27 ثُمَّ قَالَ لِتُومَا:«هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا». 28 أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ:«رَبِّي وَإِلهِي!». 29 قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا».”
مع أن الشرح السابق لعملية تمسُّك مريم بيسوع وسجودها له مع مريم الأخرى كافٍ ووافٍ، إلاّ أني أجد نفسي مضطراً إلى التعامل مع قصر النظر الموجود في قراءة الكتاب المقدس من قِبَل من يطرح مثل هذه الأسئلة، الرب يعطي من يقرأ الكتاب المقدس فهماً وإدراكاً لعمق التعليم الموجود فيه.
لاحظ أن توما لم يقم بعملية وضع اصبعه إذ بمُجرَّد رؤيته ليسوع آمن مباشرةً، وصرخ من شدة دهشته لرؤية يسوع بكلِّ إيمان وقال ربِّي وإلهي. وهذا واضح من خلال رد يسوع عليه بالقول، لأنك رأيتني يا توما آمنت! طوبى للذين آمنوا ولم يروا. وهنا يتضح من خلال تصرف توما ورد يسوع عليه أنه لم يقم بلمس يسوع. فمن أين جاء السائل بهذا التعارض المزعوم؟! أترك الإجابة لضميره.
الى السؤال التالي.