إلحاد

مناظرة وليم لان كريج مع سام هاريس: اللاهوت الأخلاقي للإيمان

مناظرة وليم لان كريج مع سام هاريس: اللاهوت الأخلاقي للإيمان

مناظرة وليم لان كريج مع سام هاريس: اللاهوت الأخلاقي للإيمان
مناظرة وليم لان كريج مع سام هاريس: اللاهوت الأخلاقي للإيمان

 

أولاً: تقدم الايمانية (الايمان بالله) أساساً متيناً للأخلاق والقيم الموضوعية , حيث تتصل القيم الاخلاقية بما هو [صواب] وبما هو [خطأ] , فبالنسبة لوجهة النظر عند المؤمنين فإن الاخلاقيات أرضيتها وأساسها هو الله .
كما يرى القديس انسلم (Anselm) أن الله بحسب التعريف هو أعظم كائن يمكن تخيّله وبالتالي هو الخير الأعظم وفي الواقع هو ليس مجرد كامل أخلاقياً بل هو النقطة الرئيسة والنموذج (المثالي) للقيم الأخلاقية . فطبيعة الله كاملة القداسة والمحبة تعطينا معياراً مطلقاً بحيث أنّ كل الأفعال تُقاس عليه .
فهو بحسب طبيعته مُحب, مُعطي ,أمين ,حنون …الخ ,فإذاً إذا كان الله موجوداً , فإن الاخلاق والقيم الموضوعية موجودة , وبشكل مستقل عن الانسان البشري

ثانياً: توفر الايمانية (الايمان بالله) [أرضية وأساس] ثابت لهذه الاخلاق الموضوعية , فمن وجهة نظر المؤمن فإن هذه الاخلاق الموضوعية قد أعطاها الله لنا من خلال شريعته ووصاياه .
فطبيعة الله الاخلاقية يُعبًّر عن علاقتها بنا من خلال شريعة الله والتي تحكم وتُشكل ضوابطنا وأخلاقياتنا , بل إنّ هذه الاوامر الالهية يجب أن تكون متناسقة مع طبيعته القدوسة والمُحبة, فإذن أخلاقنا تُشكل من خلال شريعة الله والتي بدورها تعكس شخصيته الجوهريّة ,
إنّ الله في اليهودية والمسيحية , يلخص شريعته في نقطتين أساسيتين وهما [تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك
هذه هي الوصية الأولى والعظمى
والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك] (متى 22:37-39)
وعلى هذا الاساس يمكننا أن نقرر ~صواب~ [المحبة ] [والسخاء] [والتضحية] وعلى قدم المساواة فإننا نشجب [الأنانية] [والكراهية] , [والإساءة] ,[والتمييز] [والإضطهاد ]على أنها موضوعياً ~خاطئة~

لنضع أولاً في عين الإعتبار السؤال في موضوعية الأخلاق , إذا لم يكنْ اللهُ موجوداً , فأي أساس يبقى لوجود الأخلاق والقيم الموضوعية ؟
وبالتحديد ,لماذا نعتقد أنّ الإنسان يتمتع بموروث أخلاقي موضوعي؟
فعلى الجانب الإلحادي البشرية هي مجرد نتاج عرضي غير مقصود من الطبيعة تطورت نسبياً في بقعة كالغبار متناهية الصغر , ومحكوم عليها بالهلاك أفراداً وجماعات في وقت قصير نسبياً , وبحسب الإلحاد فإنه يصعب رؤية أيّ سبب بأنّ الإنسان هو جيد وخيّر موضوعياً ,فلن يختلف كثيراً عن حشرة أو جرذ أو حيوان متوحش ! هذا ما يسميه الدكتور هاريس[ملحد]
بمشكلة القيم !

والهدف من كتابه (الدكتور هاريس) هو تفسير [أساس] الاخلاق الموضوعية على الجانب الإلحادي ,فهو يرفض بصراحة الرؤية للأخلاق كأفلاطون على أنها أشياء توجد مستقلة عن العالم, لذا فإن ملاذه الوحيد هو محاولة وضع أرضية متينة للقيم الأخلاقية ويفسرها بالطبيعة (natural world)

ولكن كيف نستطيع فعل ذلك , والطبيعة في حد ذاتها محايدة أخلاقيا ً؟

ومن وجهة النظر الطبيعيّة (naturalistic) هي مجرد تصرفات ثانوية تنتج من التطور البيولوجي .
يقول فيلسوف العلوم مايكل روس:” موقف التطوريين الحديثين هو أنّ الإنسان لديه وعي وحس أخلاقي …لأن مثل هذا الوعي له فائدة بيولوجية ,الإخلاق هو مجرد تكيف بيولوجي ,لا يختلف كثيراً عن أيدينا أو أقدامنا…الأخلاق هي وسيلة للتكاثر والصراع من أجل البقاء وأي معنى عميق هو مجرد وهم “

إذا لم يكن هناك إله , بالتالي إن أي سبب بالنسبة لموضوع الأخلاقيات التي تطورت من خلال الإنسان العاقل على هذا الكوكب كأخلاقيات يحكم بصوابها موضوعيا لا يجدي نفعاً
أخرج الله من الصورة , وكل ما سيتبقى لديك كائن شبيه بالقردة على بقعة صغيرة من الغبار (الارض) مع أوهام عظمة الأخلاق !
تقدير ريتشارد داوكنز للقيم الانسانية قد يكون محبطاً بعض الشيء , ولكن على الجانب الالحادي هل هو مخطئ ؟,حيث يقول‘‘ففي نهاية الامر , لايوجد تصميم , ولا هدف ,لاخير ,ولا شر ,لاشيء , فقط لامبالاة من دون أي هدف ….نحن مجرد الآلات لتناقل المادة الوراثية ….. انه السبب الوحيد لوجود كل كائن حي ‘‘
سؤال اخر: هل الإلحادية توفر أساساً منطقيا جيدا للأخلاق ؟ المسؤوليات المرتبطة بالمفروض علينا والممنوع عنا أخلاقياً, ما الذي يجب أو لا يجب علينا فعله وهنا لم يرحم النقاد كتاب الدكتور هاريس في قصف محاولته لتوفير بنية تحتية على أساس طبيعي (naturalistic) للأخلاق الموضوعية , حيث تظهر مشكلتان :
أولاً: أنّ العلوم الطبيعية تخبرنا بما هو (موجود) وليس ما يجب أن يكون , فالقضية كما وصفها الفيلسوف جيري فودور ‘‘العلوم تدور حول الحقائق, لا المبادئ, فهي تخبرنا كيف نكون , وليس ماهو الصحيح وماهو الخاطئ بكيفية كوننا ‘‘, وبالتحديد هي لا تستطيع إخبارنا بالمسؤوليات الأخلاقية لنقوم بالأفعال التي تقودنا إلى ازدهار البشرية
فإذا إذا لم يكن هناك إله, فأي أساس يبقى لهذه الأخلاقيات الموضوعية ؟, فعلى الجانب الطبيعي , الإنسان هو مجرد حيوان , والحيوانات لا تمتلك أي مسؤولية أخلاقية ,فمثلاً عندما يقوم أسد بقتل الحمار الوحشي , فإنه يقتله , ولكنه يقوم [بجريمة] قتل ,وأيضا عندما يقوم قرش ابيض عملاق بوحشية بالتزاوج مع الأنثى , فإنه يقوم بالتزاوج ولا يقوم باغتصابها ,فلا يوجد أبعاد أخلاقية لهذه الأفعال
فإذا إذا لم يوجد إله , لماذا نعتقد أننا نمتلك هذه الواجبات الأخلاقية لفعل أي شيء؟ من أو ما هو الشيء الذي يفرض علينا هذه الأخلاقيات؟ من أين تأتي ؟ فإنه من الصعب رؤية لماذا لا تكون مجرد انطباعات شخصية متأصلة من خلال الأوضاع والظروف في المجتمع والأهل
المشكلة الثانية:”ما يجب” تعني “تستطيع”,فأي شخص ليس مسئولا بشكل أخلاقي عن أي فعل هو لا يستطيع أن يتجنبه .فعلى سبيل المثال: إذا قام أحد بدفعك على شخص آخر, فأنت لست مسئولا عن اهتزازه ,لم تملك الخيار , ولكن سام هاريس يؤمن بأن كل أفعالنا مسببة بشكل مسبق (causally determined) وانه لا يوجد لدينا أي حرية إرادة , فهو لا يرفض فقط حرية الإرادة الكاملة(libertarian) بل وأيضا حرية الإرادة المتناسقة
ولكن إذا لم يكن هناك حرية إرادة ,فإذا لا يوجد هناك أي مسؤولية أخلاقية لأي شيء !, ففي النهاية ,الدكتور هاريس يعترف بهذا بالرغم من أنها موجودة في الملاحظات في اخر كتابه, المسؤولية الأخلاقية كما يقول هاريس هي ‘‘بناء اجتماعي‘‘ وليس حقيقة موضوعية واقتبس من كلامه‘‘ في علم الاعصاب ,لايوجد شخص أكثر أو أٌقل مسؤولية من الآخر, للأفعال التي يقوم بها ‘‘ فالحتمية (determinism) التي ينادي بها لا تبقي أي أمل أو أي إمكانية للأخلاق الموضوعية ,وذلك بسبب أنه من وجهة نظره , لا يوجد لدينا أي إرادة للتحكم في أفعالنا

[يتبع….]

 

________
William lane craig ,Debate with sam harris,[ is the foundation of Morality natural or supernatural?]

ترجمة عضو في فريق اللاهوت الدفاعي