مُترجَم

البدلية العقابية – جي. آي. باكر – الفصل الخامس | ترجمة: ماجد حكيم

البدلية العقابية – جي. آي. باكر – الفصل الخامس | ترجمة: ماجد حكيم

البدلية العقابية – جي. آي. باكر – الفصل الخامس | ترجمة: ماجد حكيم
البدلية العقابية – جي. آي. باكر – الفصل الخامس | ترجمة: ماجد حكيم

البدلية العقابية – جي. آي. باكر – الفصل الخامس

إن البدلية العقابية، كفكرة، تفترض مبدئياً ان هناك عقوبة علينا أن نؤديها قادمة من الله القاضي لأجل الشر الذي عملناه ولأجل فشلنا في أن نفي بمطالبه. إن الموضع الكلاسيكي (Locus Classicus) لهذا هو رو1: 18-3: 20، ولكن الفكرة نفسها موجودة في كل مكان في العهد الجديد. إن السياق القضائي هو سياق أدبي أخلاقي أيضاً؛ بالرغم من أن النظم القضائية الإنسانية ليست بالضرورة دائماً مؤسسة في حقيقة أخلاقية أدبية، ويتعامل الكتاب المقدس مع عالم الواقع الأدبي الأخلاقي وعالم الدينونة الإلهية كأنهما متداخلين. إن الدينونة الإلهية تعني أن القصاص يتتبعنا بسبب ماضينا وينسحب على وجودنا الحاضر وعلى مستقبلنا، والله نفسه هو المسئول عن هذه العملية، ضامناً أن الخطأ الموضوعي والمذنوبية اللذان كنا عليهما دائماً “هناك” في تلامس مؤثر لما سنكون عليه. وفي كلمات إميل بروننر، “المذنوبية تعني أن ماضينا – الذي لا يمكن إصلاحه أبداً – يمثل دائماً أحد عناصر وضعنا الحالي”.[i] لما رأت ليدي ماكبيث، وهي تمشي وتتكلم في نومها، دماً على يدها، ولم تستطع أن تنظفه أو تجعله يبدو جميلاً، كانت تشهد لأمر القصاص كما عمل كل كتاب القصص المآساوية وكل البشر المتأملين – وبكل تأكيد، وهؤلاء الذي يؤمنون بالبدلية العقابية – إن فعل الخطأ قد يُنسَىَ لبعض الوقت، كما نسى داود خطيته مع بثشبع وما صنعه مع أوريا، ولكنه سيظهر في الذاكرة مرة أخرى آجلاً أو عاجلاً، كما حدث مع خطية داود تحت خدمة النبي ناثان، وفجأة يعود لإنتباهنا، ويذهب سلامنا وفرحنا، ويخبرنا شيئاً ما بداخلنا أننا نستحق المعاناة لما قد إرتكبناه. وعندما يجتمع هذا مع معرفتنا المحدودة بغضب الله، هذا الإحساس بالأمور هو بداية الجحيم. إن نموذج البدلية العقابية يُقَدَم في سياق هذا الإدراك، لكي يضع في بصيرتنا أربع نقاط محورية لموقفنا.

البصيرة الأولى تتعلق بالله؛ وهي أن مبدأ القصاص ينال مصادقة من الله، وبكل تأكيد يعبر عن قداسته، وعدله وصلاحه المنعكس في شريعته، وأن الموت، الروحي والجسدي، وفقدان حياة الله كما فقدان حياة الجسد، هو الحكم العادل الذي اصدره ضدنا ويتحضر الآن لكي ما يوقعه.

البصيرة الثانية تتعلق بنا؛ وهي أننا ونحن الآن تحت هذا الحكم، ليس لنا حول ولا قوة لكي نزيل الماضي أو نتخلص من الخطية في الحاضر، لذا فليس لدينا طريق نتجنب به ما يهددنا في المستقبل.

البصيرة الثالثة تتعلق بيسوع المسيح؛ إنها أنه هو الله وإنسان كما في يو1: 1-18 وعب1-2، وقد أخذ مكاننا تحت هذا الحكم وتقبل في خبرته هو الشخصية في كل جوانبه الموت الذي كان عقوبتنا، مهما كانت، حتى أنه وضع الأساس لكي ننال الغفران والضمان.

قد لا نعلم، وقد لا نستطيع الإخبار

الآلام التي أضطر أن يحتملها

ولكننا نؤمن أنها كانت من أجلنا

أنه قد علق وتألم هناك

والبصيرة الرابعة تتعلق بالإيمان؛ وهي أن الإيمان هو أولاً وآخراً موضوعه أن ينظر الشخص خارج نفسه وبعيداً عنها إلى المسيح وصليبه كالأرضية الوحيدة للغفران الحالي والرجاء الآتي. يرى الإيمان أن مطالب الله تظل كما هي، وأن شريعة الله في القصاص، والتي يعلن عنها ضميرنا أنها صحيحة، لم تتوقف عن العمل في العالم، ولن تتوقف؛ ولكن في حالتنا نحن فقد تمت هذه الشريعة بالفعل، حتى أن كل خطايانا، الماضي والحاضر وحتى المستقبل، قد كُفَرَ عنها تماماً في الجلجثة. لذا يرتاح ضميرنا ويهدأ بمعرفة أن خطايانا قد حكم عليها وعوقبت بالفعل، ومهما كانت هذه العبارة تبدو غريبة، في شخص آخر وبموته. في كتابه سياحة المسيحي، فقد يوحنا بنيان حمله عند الصليب، وتستطيع توبليدي أن تؤكد لنفسها قائلة:

إن كنت أنت قد ضمنت لي الغفران،

وبملء إرادتك تحملت بدلاً مني،

كل الغضب الإلهي،

لا يستطيع الله ان يطالب بدفع الدين مضاعفاً،

أولاً من يدي ضامني النازفتين،

ثم مرة أخرى مني.

وبهذه الحُجَه، يمسك الإيمان بواقع عطية البر المجاني من الله، أي، الوضع الصحيح مع الله الذي تتمتع به حالة البر (رو5: 16)، ومعها إلتزام الإنسان المبرر بأن يعيش من هذه اللحظة لأجل الشخص الذي مات من أجله وقام (2كو5: 14).

يظهر هذا التحليل، إن كان صحيحاً، ما هو عمل كلمة “عقابي” في نموذجنا. إنها هنا، ليس لكي تدفع بغموض نظري عن كيفية نقل الذنب، ولكن لكي توضح بتفصيل رؤية المؤمن، الذي وهو ينظر للجلجثة في ضوء العهد الجديد، مدفوع لأن يقول، “كان يسوع حاملاً دينونتي التي أستحقها، وعقوبة خطاياي، والعذاب الذي أدين أنا به لله” – “الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي” (غل2: 20). كيف كان ممكناً لأن يحمل يسوع عقوبة المؤمنين؟ هذا أمر لا يدعون أنهم يعلمونه، أكثر من أنهم يعلمون كيف كان ممكناً أن يصير إنسان، وأما من جهة حمله للدينونة فهو أمر مؤكد ويستند عليه كل رجائهم في راحة.