أبحاث

مكانة المرأة في المسيحية – رؤية كتابية و ابائية

مكانة المرأة في المسيحية - رؤية كتابية و ابائية

مكانة المرأة في المسيحية – رؤية كتابية و ابائية

مكانة المرأه في المسيحية، رؤية كتابية و ابائية
مكانة المرأه في المسيحية، رؤية كتابية و ابائية

مكانة المرأه في المسيحية، رؤية كتابية و ابائية

إن المرأة قد خُلقت أيضاً على صورة الله مثل الرجل تماماً، إن طبيعتيهما متساويتان في كل شيء وفضائلهما أيضاً على تساوي، وإن كانت هناك فروق ما فهي خارجيه لأن نفسيهما متساويتان – أثناسيوس الرسولي[1]

وَقَالَ اللهُ: “نَعْمَلُ الإنسان عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ”.٢٧فَخَلَقَ اللهُ الإنسان عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.٢٨وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: “أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ”.٢٩وَقَالَ اللهُ: “إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْل يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا.٣٠وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ، أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَامًا”. وَكَانَ كَذلِكَ.٣١وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. (تك 1: 26 – 31)

خلق الله الصالح الإنسان ذكراً وأنثى دون تفرقة أحدهما فأعطاهم نفس البركة واخضع الخليقة لهما الاثنين ليحفظاها وينتفعا بها معاً.. ولكن مع الأسف بمرور الوقت ونتيجة انتشار الشر في الإنسان والثقافات الوثنية وسياسة البقاء للأقوى أهجرت حقوق المرأة وتشوه معني وجودها حتى انحصر في خدمة أغراض الرجل وتربية الأطفال. وحتى في الكنيسة انتهت رتبة الشماسات والأرامل لفتره طويله جداً من الزمان وكأن المرأة ليست أهلا للخدمة أو ليست مستحقه لها، وهي التي أعطاها الله المشاعر القوية والحب والاحتواء والعطف وهو لا يوجد عند الرجل بنفس قوة وجوده عند المرأة.

يقول الأنبا يؤانس:

لم يكن تأثير المسيحية قاصراً على الرجال، بل تعداه إلى النساء لقد رفعت المسيحية المرأة من مرتبتها الذليلة التي كانت عليها في اليهودية والوثنية، إلى مكانة ممتازة ذات أهمية، فأضحت وارثه لنفس الخلاص مع الرجل (1 بط 3: 7، غل 3: 28) وفتحت لها أفاقا لأنبل الفضائل. لم يكن للمرأة وضع وسط، فإما الحبس الكامل الذي ينطوي على الكسل والبلادة، وإما الانطلاق في حياة الجسد والخلاعة. لكن المسيحية رفعت من قدرها وجعلتها عوناً للرجل.[2]

في هذا الموضوع نعود إلى فكر الله بحسب الكتاب المقدس والكنيسة الأولى عن المرأة في النقاط الآتية:

  1. المرأة في العهد القديم

  2. المرأة في حياة وخدمة المسيح

  3. خدمة المرأة في العصر الرسولي

  4. مساواة المرأة والرجل في فكر الآباء

1 – المرأة في العهد القديم:

يبدأ العهد القديم بسفر التكوين الذي يظهر بداية خليقة الله ونري فيه كيف ان الله خلق الإنسان ذكراً وأنثى على صورة الله، وليس بلا سبب ذكر الله في التكوين كلمة ذكراً وأنثى فكان من الممكن أن يكتفي فقط بكلمة إنسان لتشمل الجنس البشري ومع ذلك فقد أورد الله ذكر الذكر والأنثى خصيصاً حتى يقطع كل شك حول كرامة المرأة في فكر الله. ويكمل سفر التكوين في خلق المرأة بتعبير أن المرأة معيناً للرجل ونظيره ففي الرجل والمرأة يتوحد الجنس البشري لان كلاهما يكتمل في الآخر والمرأة نظير الرجل وليست ادني منه في أي شيء.

وبعد ذلك تأتي قصة السقوط والتي كان لآدم فيها من خطأ ما لحواء تماماً بل أن خطيته أعظم لأنه نال التعليم الإلهي قبلها وعاش في الجنة قبلها. وقد وعد الله أن الخلاص سيأتي من نسل المرأة والعجيب أن ادم لم يلم حواء بل أعطاها هذا الاسم (حواء = حياه = schavva) اعتزازاً بها وتمجيداً لها: (وأما المرأة فهي مجد الرجل.. 1 كو 11: 7)، وكأنما آدم يتحدى الموت عندما سمي امرأته (حياه، أو (حواء) وصار له هذا الاسم عزاء وتذكار لوعد الله إن من نسلها يخرج من يحطم رأس الشيطان ويغير عار سقطته.[3]

يقول القديس إكليمندس الروماني:

وبعد ذلك نجد في العهد القديم نساء كثيرات صرن قويات بالنعمة الإلهية وقمن بأعمال خارقه. عندما رأت يهوديت المغبوطة أن مدينتها مُحاصرة، طلبت من الشيوخ أن يسمحوا لها بالخروج إلى معسكر الغرباء. عرضت نفسها للخطر حباً في وطنها وشعبها المُحاصر، فأسلم الرب هولوفرنيس إلى يد امرأة (يهوديت 8). أيضاً استير كاملة الإيمان عرضت نفسها لخطر لا يقل عن هذا من اجل خلاص الأسباط الاثني عشر من هلاك خطير. كانت تتضرع صامته متذللة أمام الله الأبدي الذي يرى الكل. وقد نظر إلى تواضع روحها، فخلص الشعب الذي قدمت نفها للخطر من اجل خلاصه.[4]

ويقول القديس أمبروسيوس أسقف ميلان:

إذ أن امرأة صارت قاضيه، امرأة وضعت الجميع في انضباط، امرأة تنبأت، امرأة انتصرت، وإذ اشتركت في صفوف القتال علمت الرجال أن يحاربوا تحت قيادة امرأة. ولكن هذا سر، فهذه هي معركة الإيمان وانتصار الكنيسة.[5]

كما نرى أن الله تكلم مباشرة مع النساء فخاطب حواء (تك 3: 13) وتحدث إلى هاجر (تك 16: 8) كما خاطب أم شمشون (قض 13: 3)

كما أن المرأة اشتركت في الجمه على باب خيمة الاجتماع (خر 38: 8)

وقد قادت أخت موسى الشعب في موسيقي النصر (خر 15: 21 – 1 اخ 35: 25) والنساء كنَّ يقمن بالغناء في بيت الرب (1 اخ 25: 5 – 7)

وكانت المرأة مطالبه بحفظ الشريعة (يش 8: 35) وفي عصر القضاة اختيرت دبوره قاضيه (قض 4: 8) وقد كانت مهمة القضاء مهمه مدنيه دينيه. فلقد كانت مستشاره. كما قادت دبوره جيشاً لمحاربة باراق، وكانت إلى جانب ذلك نبيه. وكانت خلده النبيه مستشاره للقيادة الروحية والسياسية (1 اخ 34: 32 – 2 مل 22: 14).[6]

 

2 – المرأة في حياة وخدمة السيد المسيح:

تعامل السيد المسيح مع المرأة بطريقة تحدي بها عصره. دُهش التلاميذ إذ رآوه يتحدث مع السامرية علانية (يو 4: 27). ولم يبال السيد المسيح بأن تلمسه نازفة الدم التي كانت حسب الشريعة تُحسب دنسه (مت 9: 20 – 22) وسمح للمرأة الزانية أن تقترب منه في بيت سمعان الفريسي (لو: 7: 37). كما سامح الزانية التي كانوا يريدون رجمها (يو 8: 11).

انه لم يتردد عن التخلي عن حرفية الناموس الموسوي ليؤكد المساواة بين الرجل والمرأة في حقوقهما وواجبتهما بخصوص الرباط الزوجي (مر 10: 2 – 11، مت 19: 3 – 9).

لم يكن في صحبته الاثني عشر تلمياً فقط، وإنما جماعة من النسوة (لو 8: 2 – 3)

على خلاف العقلية اليهودية في ذلك الحين، قدم للمرآه امتياز أن تكون أول من يشهد لقيامته لدي تلاميذه (مر 28: 7 – 10، لو 24: 9 – 10، يو 11: 20 – 18).

هذا وقد رفع من شأن المرأة باختياره امرأة لتكون أمًا له، يتجسد في أحشائها وتلتصق في حياته، تفوق كل البشر وتسمو على السمائيين.

كثيراً ما كرَّم المرأة في أحاديثه وأمثاله، فشبه ملكوت الله بخمس عذاري حكيمات (مت 25: 1)، كما شبهه بامرأة أخذت خميرة ووضعته في ثلاثة أكيال دقيق (لو 13: 21)، وتحدث عن المرأة التي فرحت بوجود الدرهم المفقود (لو 15: 9). كما أشار إلى ملكة سبأ التي بحكمتها جاءت تسمع حكمة سليمان (مت 12: 42)، وإلى امرأتين تطحنان وجاء عليهما يوم الرب العظيم (لو 17: 53).[7]

يقول القديس كيرلس السكندري:

فلم يمتنع الرب عن الحديث مع امرأة، لكن كعادته منح حبه لجميع البشرية، وهو اعتنى أن يُظهر بهذه الحادثة انه طالما يوجد خالق واحد فيتحتم ألا يكون وقفاً على الرجل فقط حتى ينال الحياة بالإيمان.[8]

ونجد في إنجيل القديس لوقا انه يسرد روايات متوازية تخص رجل وامرأة معاً، لكي يؤكد على وجودهما معاً، وأنهما متساويان أمام الله بالنعم والعطايا والواجبات، فعليس سبيل المثال: زكريا واليصابات (. 1: 5)، سمعان وحنه (2: 25 – 28) أرملة صيدا ونعمان السرياني (4: 25 – 28) شفاء الممسوس وحماة بطرس (4: 31 – 39) سمعان الفريسي والمرأة الخاطئة (7: 36 – 50) الإنسان وحبة الخردل وخميرة المرأة (3: 18 – 21) السامري الصالح ومريم ومرثا (10: 29 – 42) الإنسان والمائة خروف والمرأة والعشرة دراهم (15: 1 – 10) القاضي الظالم والأرملة (18 – 1: 14) النساء عند القبر وتلميذي عمواس (24: 1 – 23، 55 – 11، 24: 13 – 32).[9]

وهكذا نجد في حياة المسيا إلى جانب العذراء يقدم لنا الإنجيل مجموعه كبيره من التلميذات والمُحبات التففن حول الرب وخُلِدت أسماؤهن …. من بينهن مريم زوجة كلوبا وسالومة أم يعقوب ويوحنا ومريم ومرثا ومريم المجدلية والمرأة الخاطئة التي غسلت قدمي الرب يسوع بدموع توبتها ومسحتهما بشعر رأسها … يضاف إليهن بعض النساء النبيلات هدمن ابن البشر بعواطفهن وأموالهن مدة حياته في الجسد التي عاشها في فقر على الأرض (انظر مت 27: 55، مر 15: 41، لو 8: 3) واجتمعن أخيرا حول الصليب وكنَّ أول من ولجنَّ قبره فجر القيامه (لو 24: 1 – 10).[10]

يقول القديس إكليمندس السكندري:

وقد تغنى الكثير من الآباء بفضائل تلميذات الرب ومنهم المجدلية التي قيل فيها:

(مريم المجدلية) هذه التي كانت قبلاً خادمة للموت قد تحررت الآن…بخدمة صوت الملائكة القديسين وبكونها أول كارز بالأخبار الخاصة بسر القيامة المُبهج.[11]

ويقول القديس كيرلس الكبير:

لقد فاق حب المجدلية محبة النساء الأخريات. كانت أول من رأي القبر، ويبدو كذلك أنها طافت بالبستان وبحثت حول القبر عن الجسد، لأنها ظنت أن الرب أُخذَ بعيداً …. ما أعظم الكرامة والمجد الأبدي اللذان نالتهما مريم، لان المخلص يطلب منها أن تقوم بواجب البشارة لإخوته حامله لهم هذا الخبر الصار.[12]

وبهذا صارت المجدلية مبشره الاثني عشر وكما يقول القديس هيبوليتس في شرحه لنشيد الأنشاد (رسولة الاثني عشر). وتكرمها كنيستنا القبطية في ذكصولوجية خاصه.[13]

وبعد القيامه المجيدة جاءت إليه التلميذات اللائي تبعنه من البداية فقال لهم (سلام لكن)، وعن هذه الكلمة التي قيلت بعد القيامه للنسوة.

يقول كيرلس الكبير:

إنها صادره من نفس الإله الذي أصدر الحكم باللعنة، وهي كلمه تعني أن الجنس النسائي قد نال البراءة من العار وكذلك بطلت اللعنة.[14]

وأيضا:

المرأة التي خدمت الموت في القديم هي اُعتقت الآن من ذنبها بالخدمة التي وصلت بصوت الملائكة القديسين، وكذلك لأنها صارت الأولى لأنها أولا عَلِمَت، وثانياً لأنها أخبرت بسر القيامه المجيد. لذلك فإن الجنس النسائي قد نال البراءة من العار وكذلك بطلت اللعنة، وذلك لان الذي قال للمرأة في القديم (بالوجع تلدين أولادا. تك 3: 16) هو الذي خلصها من البلية بأن قابلها في البستان وقال لها (سلام.. مت 28: 9).[15]

 

3 – خدمة المرأة في العصر الرسولي:

بعد صعود المسيح وإرسال الروح القدس تعمدت النساء وامتلأن من الروح القدس كما الرجل وجميعهم نالوا مواهب الروح الواحد معاً دون تفرقه وجالوا يكرزون ويبشرون بالكلمة …

 وفي فترة بين القيامه وحلول الروح القدس كانت اجتماعات الصلاة التي يعقدها الرسل في علية صهيون تواظب عليها النساء والعذراء مريم (أع 1: 14)، بل أن هذه العلية التي أصبحت أول كنيسه مسيحيه في العالم كانت في بيت امرأة وهي مريم أُم يوحنا المُلقب مرقس وهو كاروز بلادنا (أع 12: 12)، ومنذ البداية سُمِحَ للمرأة في حدود مُعينه أن تشترك في خدمة الكنيسة (لان الرجل ليس من دون المرأة في الرب ولأنه كما أن المرأة هي من الرجل هكذا الرجل أيضاً هو بالمرأة … 1 كو 1: 11 – 12).[16]

خارج اورشليم نقرأ عن طابيثا في يافا تلك التي كانت ممتلئة أعمالا صالحه وإحسانات للفقراء والأرامل (اع 9: 36)، وبنات فيلبس المبشر الأربع اللائي كن يتنبأن في قيصريه (أع 21: 8 – 9)، ويحدثنا مار بولس في رسالته إلى أهل فيلبي عن افوديا وسنتيخي التين جاهدتا معه ي الإنجيل (في 4: 2- 3)، ويشير مار بولس في رسالته إلى أهل روميه عن خدمة النساء في عاصمه الإمبراطورية فيذكر مريم التي تعبت كثيراً وتريفينا وتريفوسا التاعبتين في الرب كما يذكر برسيس المحبوبة (رو 16: 6 – 12).

وفي كنيسة كورنثوس وجدت اثنتان من أنشط نساء العصر الرسولي خدمة هما برسكيلا وفيبي، وقد خدمت الأولى مع زوجها أكيلا في أفسس وروما وكورنثوس وقد أقام بولس في بيتهما في كورنثوس مدة إقامته الطويلة هناك ويتحدث عنها بتقدير كبير فيقول: (اللذين وضعا عنقيهما من اجل حياتي) (رو 16: 4)، أما فيبي فهي أيضاً من كنيسة كورنثوس ويذكرها القديس بولس في الرسالة إلى روميه وهي نفسها كاتبة هذه الرسالة (أوصى إليكم بأختنا فيبي التي هي خادمه الكنيسة التي في كنخريا لكي تقبلوها في الرب كما يحق للقديسين لإنها صارت مساعده لكثيرين ولي أنا أيضاً) (رو 16: 1 -2).[17]

يقول القديس إكليمندس الإسكندري:

إن الرسل الذين سلموا أنفسهم إلى عمل الكرازة كما يليق بخدمتهم اخذوا معهم نسائهم، لكن لا كزوجات بل كأخوات، لكي يشتركن في الخدمة معهم (سواء بسواء) إنما في البيوت، للنساء اللائي يعشن في بيوتهن، وهكذا صار تعليم الرب يصل بواسطهن إلى أماكن النساء، دون أن يثير ذلك الشبهات.[18]

ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم:

ويشير بولس الرسول على المرأة المؤمنة إن كان زوجها غير المؤمن لم يفارقها، فعلى المرأة هنا أن تبقى معه لان في هذا ربح عظيم. إذ تنصحه وتقنعه. لان لا يوجد معلم يقدر على ذلك هكذا مثل المرأة.[19]

 

4 – مساواة المرأة والرجل في فكر الآباء:

يقول القديس باسليوس الكبير:

واحده هي الفضيلة عند الرجل والمرأة بما أن خلقهما أُحيط بشرف متساوٍ. اسمعوا سفر التكوين: (خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكراً وأنثى خلقهم) (تك 1: 27). فبما أن طبيعتهما واحده، ولهما نفس الأفعال، فمكافئتهما يجب أن تكون أيضاً واحدة.[20]

ويقول العلامة أوريجانوس:

رأينا بأعيننا نساء وفتيات احتملن عذاب الاستشهاد الطاغية في زهرة شبابهن، عندما أُضيف وهن الحياة إلى ضعف جنسهن.[21]

ويضيف القديس إكليمندس الإسكندري:

الطبيعة واحدة في كل فردٍ، وكل منهما قادر على ممارسة ذات الفضيلة. ليس للمرأة طبيعة بشرية وللرجل طبيعة أخرى. كلاهما لهما ذات الطبيعة وذات الفضيلة. إن قلنا إن التعقل والعدل والفضائل المشابهة مذكر، يلزمنا البلوغ إلى النتيجة بأن الرجل يلزم أن يكون فاضلاً، والمرأة أن تكون مسرفة وظالمة، لكن هذا القول ذاته مشين. المرأة كالرجل، يلزم أن تتعهد التعقل والعدالة وكل الفضائل الأخرى، سواء كانت حرة أم أَمَة، إذ توجد فضيلة واحدة مماثلة للطبيعة الواحدة المماثلة.[22]

ويقول القديس يوستينوس والشهيد:

وبما انه لا يجوز ختان الإناث فهذا يبين أن الختان اُعطي كعلامه وليس للتبرير، لان الله انعم على النساء أيضاً أن يقمن بأعمال صالحه وفاضله، ومن الواضح إن التكوين الجسدي للذكر يختلف عن التكوين الجسدي للأنثى، ومن الواضح أيضاً أن الشكل الجسدي لا يجعل أيا منهما صالحاً أو شريراً. لان الإنسان يُحكم عليه بحسب تقواه وصلاحه.[23]

وعن قول بولس الرسول الرجل رأس المرأة يقول ذهبي الفم:

إن كان الرجل هو رأس المرأة والرأس مساوٍ للجسد في الجوهر، ورأس المسيح هو الله فالابن مساوٍ للآب في الجوهر.[24]

ويقول القديس باسليوس الكبير:

بل أن طبيعة المرأة تتفوق أحيانا كثيره على طبيعة الرجل:

هل تستطيع طبيعة الرجال في وقت من الأوقات أن تدخل في منافسه مع طبيعة المرأة التي تقضي حياتها في معاناة ألوان الحرمان. وهل يستطيع الرجل أن يقتفي اثرهن في التجلد على الأصوام والحرارة في الصلاة وغزارة الدموع والهمه في أعمال الخير.[25]

ويضيف:

إن جنس المرأة يجاهد بنفس قوية وشجاعة، لذلك تُسجل أسماؤهن في قائمة المُجاهدات. ولا يُمكن استبعادهن بسبب ضعف أجسادهن، وهناك كثيرات من النساء تفوقن على الرجال ونلن كرامة وشهره عظيمه، من هؤلاء من تألق في ميدان الاعتراف بالإيمان والفوز بإكليل الشهادة. والذين تبعوا الرب في مجيئه ليس الرجال فقط، بل النساء أيضا، ومن الاثنين تكتمل ليتورجية الخلاص.[26]

ويقول إكليمندس السكندري:

والتمايز الجسدي بين الرجل والمرأة لا ينقص من فضيلة المرأة وكرامتها: نعم إن المسيحية هي فلسفة نساء بقدر ما هي فلسفة رجال، لان المسيح له المجد قد جاء ليفتدي الناس جميعاً. ثم ما قيمة الجنس؟ إنما رجال ونساء في هذا العالم فقط، أما في العالم الآخر فجميعنا أرواح قد تبررت بالفداء. فالجنس البشري يُلازمنا سنوات طالت أو قَصُرت على الأرض، واللاجنس سيلازمنا إلى الأبد. فما قيمة هذه السنوات إذا قيست بالأبدية.[27]

ويضيف:

نحن لا نقصد بذلك طبعاً أن المرأة من حيث كونها إمراه، يكون لها نفس طبع الرجل، فمن اللائق جداً أن يكون لكل من الجنسين ما يتميز به بحيث يكون أحدهما مؤنثاً والآخر مذكراً. فنحن نُقر إن من خاصية المرأة أن تحبل وتلد، وذلك يختص بصفتها كامرأة ولا يختص بكيانها البشري العام. وأما فيما ينعدم الاختلاف بين الرجل والمرأة فإنهما يعملان نفس العمل ويشعران بنفس الشعور. لذلك ففي المجال الذي تتساوى فيه المرأة مع الرجل، أعني في مجال النفس، فإنها تصل إلى نفس الفضيلة، ولكن في المجال الذي تختلف عنه، أعني بسبب صفاتها الجسدية، يكون من اختصاصها الحمل والتدبير المنزلي.[28]

ويختم القديس أثناسيوس الرسولي كما بدأ:

النساء أيضاً يدربون أنفسهم بأنظمة جسديه لجهاد ضده، ووصل الضعف بالشيطان لدرجة أن النساء أنفسهن اللواتي خُدعهنَ قديماً يهزأن به الآن كميت ومُنحل القويّ.[29]

[1] المرأة حقوقها وواجبتها في الحياة الاجتماعية والدينية في الكنيسة الأولى. الأب متى المسكين. ص 82. athan. in verb. 1, de hominis structure 1, 22 – 23, pg. 30, 33 – 36

[2] الكنيسة المسيحية في عصر الرسل. نيافة الأنبا يؤانس أسقف الغربية المتنيح. 180. de press ense vol, 1 p 388

[3] الأب متى المسكين. قصة الإنسان. ص 44

[4] الحب الإلهي. 133. 1 clement of rome, 55: 3 -6

[5] الي الأرامل فصل 8: 50 التوبة ص 27, 28. إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الأبائية.

[6] دور المرأة في الكنيسة والمجتمع. د. ق. صموئيل حبيب. ص 37: 39.

[7] الأب تادرس يعقوب. الحب الإلهي. 132

[8] المرأة حقوقها وواجبتها في الحياة الاجتماعية والدينية في الكنيسة الأولى الأب متى المسكين. ص 87. in loannem 2, 5; pusey 1, 287

[9] المسيح المُعلم. د. جورج عوض إبراهيم. ص 17

[10] الكنيسة المسيحية في عصر الرسل. الأنبا يؤانس أسقف الغربية المتنيح 118.

[11] الحب الإلهي. 133. comm. On Luke Ch. 24

[12] تفسير إنجيل القديس يوحنا للقديس كيرلس السكندري. إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية. يو 20: 1 – 18.

[13] رؤية مسيحيه نحو المرأة. الشماس أمير ملاك أديب. ص 35

[14] تفسير لو 24: 9 للقديس كيرلس السكندري. إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية – رؤية مسيحيه نحو المرأة. أمير ملاك أديب. الشماس. 33

[15] رؤية مسيحيه نحو المرأة. الشماس أمير ملاك أديب. ص 34: كيرلس السكندري. عظه 154. ص 755 تفسير إنجيل القديس لوقا.

[16] الكنيسة المسيحية في عصر الرسل. الأنبا يؤانس أسقف الغربية المتنيح. 181

[17] الكنيسة المسيحية في عصر الرسل. الأنبا يؤانس أسقف الغربية المتنيح. 226

[18] المرأة حقوقها وواجبتها في الحياة الاجتماعية والدينية في الكنيسة الأولى. الأب متى المسكين. ص 30. strom, iii, 6, 53

[19] تفسير كورنثوس الأولى للقديس يوحنا ذهبي الفم. سلسلة كنوز مخطوطات دير البراموس للراهب أغسطينوس البراموسي. (1كو 7: 16) ص 52.

[20] الحب الإلهي. 133. hom in ps 1, 6: pg 29: 215 d

[21] الحب الإلهي. 133. in ludic hom 9: 1

[22] الحب الإلهي. 133. stromata 4: 8

[23] الحوار مع تريفو فصل 23 ص 164 … إصدار دار بناريون للنشر والتوزيع. ترجمة د. عماد موريس.

[24] فم الذهب. تفسير كورنثوس الأولى. سلسلة كنوز مخطوطات دير البراموس للراهب أغسطينوس البراموسي. (1كو 11: 3) ص 76

[25] رؤية مسيحيه نحو المرأة. أمير ملاك أديب الشماس. ص 51. اسبيرو جبور. المرأة في الكنيسة. ص 85

[26] رؤية مسيحيه نحو المرأة. الشماس أمير ملاك أديب. ص 54, 55 — الإنسان وغاية وجوده. مجموعه من الباحثين بالمركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية. ص 81 —–مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية ص 31. للدكتور سعيد حكيم يعقوب.

[27] رؤية مسيحيه نحو المرأة. الشماس أمير ملاك أديب. ص 57.

[28] المرأة حقوقها وواجبتها في الحياة الاجتماعية والدينية في الكنيسة الأولى. الأب متى المسكين. ص 56.  strom, iv, 59, 4 – 60, 1

[29] تجسد الكلمة فصل 27: 3. ص 57. ترجمة د. جوزيف موريس فلتس.

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !