روحيات

اللاهوتي وابداعات الله (خواطر لاهوتية) ج4

اللاهوتى وابداعات الله(خواطر لاهوتية )ج4 

اللاهوتي وابداعات الله (خواطر لاهوتية) ج4
اللاهوتي وابداعات الله (خواطر لاهوتية) ج4

 اللاهوتي وابداعات الله (خواطر لاهوتية) ج4

  • نبحث دوما عن هذا التحول الدائم والمستمر من ذاك المحدود إلى سماء اللامحدودية,من هذا الظلام إلى النور الحقيقى,فى داخل كل منا فنان مُبدع وهذا المُبدع دائماً ما يرسم دائرة يكون هو فيها ناظراً إلى ما هو خارج الدائرة,رُبما ابدع –انجز-كثيراَ فى لوحات اُخرى,ولكن فى داخل هذا الفنان رغبة فى رسم لوحة لا يشاء الإنتهاء من إبداعها,رغبة فى إنشاء عِلاقة حِية قوية,لا تنتهى بل تبداء ولا تنتهى,رحلة فنية فى \مع الثالوث القدوس,وهذا فى ذاته نُسميه فن وابداع.
  • ولكن كل من كانت لديه تِلك الرغبة يعلم ويعى جيداً إنه يبداء فى عِمِله هذا و لم –ولن- ينتهى,إنها لوحة العُمر,لوحة يبداء فيها المُبدع يرسم سِر الشركة مع الله,وتلك الشركة يُعرفها لنا الانجيل بانها “الحياة الابدية”(الانجيل بحسب القديس يوحنا3:17).والحياة الابدية أى معرفة الله.
  •   فإن كانت لديك الرغبة فى تلك المعرفة فعليك أن تتحلى بروح فنان وقلب عاشق[1],فبفِنك هذا سترسم تلك العلاقة وبقلبك سوف تعيش فى تلك اللوحة,فإذا إقتنيت هذا القلب وتلك الروح فإعلم إنك قد بدأت فى رسم دائرة الحوار الالهى,على تلك الدائرة نقطتين متساويتين مقابل بعضهما البعض,والنقطة الأولى هيا الله,والنقطة الثانية صورة هذا الإله-الإنسان-,الذى يِسِبح دوماً فى تلك الدائرة التى لا نهاية ولا بداية لها,لكى ما يصل الى الله.
  • وما أن لبث-الإنسان- رحلته فى تلك الدائرة,وهوعلى أول طريقه اللا نهائي يسبح فى بحر الحب الإلهى,ذلك البحر الذى لا يُشبع عِطِش الغريق( يشوع ابن سيراخ24::29),ليس لأِن مائه مالح,فبحر الحب الالهى مياهه عذب المذاق ولكنه ليس بحر الحب الالهى فقط ,بل بحر أسرار الله,إنه بحر الحياة الابدية,ومن يسبح فيه لن يصل إلى برٍ او شطٍ .إنه الغرق فى الإلهيات.ويكون الفنان غريق لا يلتمس من ينقذه,لإن غرقه ليس للموت,بل غِرق للحياة وفى الحياة.
  • الإنسان مخلوق فنان موسيقاراً-كما يقول القديس يعقوب السروجى-فالله فى حبه للإنسان خلقه كائناً موسيقاراًمتهللاً يُشِارك السمائيين [2],ولأنه مخلوق على صورة الله,فبالتالى الإنسان صورة لِفنان أنشأ وأبدع لوحة فنيه نُسميها الكون,ولكن من إتضاع هذا الفنان أنه إذ رِسِم لوحة فإنه لا يضع توقيعه عليها,ولكن نحن نعرف فنان تِلك الصورة من خلال إسلوبه, وهذا الكون الذى ابدعه الله فى الحقيقة يتحرك نحو هدف وحيد[3] و هو التأله[4]،وسر التاله هو الاتحاد بالله فى تقديس الروح,وحركة الكون تقوم فى الأصل على الحب ,والحب هو صورة الله فينا.
  • وتقديس الروح لا يكون إلا إذا ايقظنا المسيح النائم فى داخلنا,فتقول ليزلى نيوبيجين Leslie Newbigin:ـاأِعرف وأؤمن بأن كل شخص أراه لديه القدرة أن يوقظ المسيح الغائب والقائم من الأموات داخله,وأن توقظ المسيح الذى بداخلك فهذا هو بداية التجلى الشخصى والتحول[5]. اى التقديس .والتقديس هو الاتحاد بجمر النار الإلهى,فتزداد نار إشتياقتنا بنار اللهيب الإلهى,وبهذا تحترق خطايانا وتستنير قلوبنا حتى نستطيع بواسطة المشاركة فى النار الالهية أن نظل مشتعليين ونتحد بالله[6].
  • فكل ما قيل هو أمر قائم على الإيمان بشخص يسوع المسيح,وهذا هو تاج اللاهوت المسيحى كله-الايمان بشخص يسوع المسيح إيماناً قلبياً,فيه يصبح المسيح نفسه هو الشِارح للاهوته”فتح ذهنهم ليفهمو الكتب”(لو45:24),[7].
  • فالإيمان ليس مجرد تأملات ونظريات فلسفية عقيمة,بل هو صراع من أجل الوصول إلى الله,ومهما يأتى الإنسان من دراسات لمعرفة العقيدة الإيمانية فى المسيحية,تِظِل واقعة تحت الظلمة العقلية الكثيفة إلى أن يدخل المسيح نفسه داخل القلب فينيره,وحينئذ تتبدد الظلمة وتستعلن الحقيقة[8].
  • فالإيمان لم يعد مُجرد نظريات فلسفية أو كتابات لاهوتية,بل تحول إلى مرحلة-الإرتقاء بالإيمان النظرى-بداية تحول وإرتقاء إلى حياة الإيمان,وأدراك شُعاع الثالوث,الذى لا يُمكن إدراكه. فلى القدرة على الوقوف على مهد الطريق,ولكن لا اقدر أن أصل الى لِحد \هرم الطريق.
  • ولم يعد اللاهوت المسيحى يدور حول مِن هو الله المعبود فى ذاته,وإنما شغله الشاغل هو ما هيا صلة الإنسان بالله بعد أن تجسد إبن الله فى الطبيعة البشرية فاتحاً عهد جديد فى علاقة الله مع الإنسان[9].
  • اى أن نِظِرتنا إلى اللاهوت أصبحت فى تغير وفى نمو دائم ومُستمر,من نظرتنا إنِه نظريات وفلسفات إلى نظرتنا إنه فن وإبداع,لذلك نقول كما يقول القديس يعقوب السروجى إن الأنسان فنانً موسيقارً,يُرتل ويُلحن ويُصلى وفى تلك الصلاة يُبدع صورة جميلة,بريشة الله الفنية,فتخرج الصلاة ناضحة راقية.حسب مشيئة الله,فنتمسك من خلالها بالحياة الأبدية المدعويين إليها(1تيمو12:6)

 

[1] كتاب الهى لا نفع له-الاب شارل ديليه اليسوعى ص17
[2] Paedagogus2:4
[3] مقالة بعنوان”لاهوت الارتقاء”للاستاذ مارك فيلبس
[4] والتاله حسب اللغة اليونانية هو theosبمعنى ان يكون لدى الانسان نفس نوع الحياة والوجود الذى لدى الله دون ان يكون متطابقاَ مع الله,او بمعنى اخر هو الاتحاد بالله,ونحن لا نقول ان الانسان اصبح الله او متطابق لهhomoousian,وحسب اللغة اليونانية فاذا سبقtheosاداة التعريفhoاصبحنا نتكلم عن تطابق مع الله,ولكن نحن لا نستخدم اداة التعريف,وقصدنا الاتحاد بالله والتقديس
[5] تحقيق طاقتك الكامنة فى المسيح-الاتحاد بالله- الاب انتونى م.كزنيارس-ص57
[6] المرجع السابق ص89
[7] الايمان بالمسيح –الاب متى المسكين ص20
[8] المرجع السابق ص21
[9] الهى لا نفع له ص15.