أبحاث

بما أن المعجزات تعارض العلم، فلا يمكن أن تكون حقيقية – لي ستروبل

بما أن المعجزات تعارض العلم، فلا يمكن أن تكون حقيقية – لي ستروبل

بما أن المعجزات تعارض العلم، فلا يمكن أن تكون حقيقية - لي ستروبل
بما أن المعجزات تعارض العلم، فلا يمكن أن تكون حقيقية – لي ستروبل

بما أن المعجزات تعارض العلم، فلا يمكن أن تكون حقيقة

لي ستروبل

«الميلاد العذراوي، والقيامة، وإقامة لعازر، وحتى معجزات العهد القديم، كلها مستخدمة تماماً للدعاية الدينية، وهي مؤثرة جداً داخل مجتمع من السُذج والأطفال.»

ريتشارد داوكنز — مُلحد (١)

«ليس من قبيل الدعاية المثيرة أن الله قد تدَّخل في التاريخ، لكنها حقيقة تستحق اقتناعنا العقلي. فمعجزات المسيحية ليست مصدر ارتباكٍ بالنسبة للنظرة الكونية المسيحية، لكنها بالأحرى شهادة لعطف الله على الجنس البشري الذي داهمته الخطية والواقع.  جاري هابيرماس — مسيحي (٢)

رأيت متهمين مذنبين يرتبكون ويعرقون على منصة الشهادة بينما يشعرون بحبل العدالة يلتف ببطء حول رقابهم. إنهم يحاولون التخلص من مأزقهم. يُلّفقون قصصاً غير معقولة في مجهودٍ عقيم لتقديم دليل يُبرئ ساحتهم. يختلقون إدعاءات زائفة، يُلقون باللوم على الأبرياء، يحاولون رفض تصديق الشرطة والمدعين، يعيدون كتابة التاريخ، ينكرون، ويُشوّشون، ويحاولون خداع القاضي والمحلفين.

لكن هناك استراتيجية لم أرها على الإطلاق. متهم يدَّعي أن سبب ظهور بصمات أصابعه على أداة الجريمة هو — نوعاً ما، ولسببٍ لا يمكن تفسيره — هو عمل الله. وهو حدثٌ غامض، غير متكرر، فوق الطبيعة جعل بصمات أصابعه تظهر فجأة في مكانٍ ما لم يلمسه على الإطلاق.

ذات مرةٍ، جرب متهم تقديم دفاع مكشوف بزعمه المشكوك فيه بأن مستويات السكر المتزايدة لديه هي المسئولة عن سلوكه الإجرامي، ولكن لم يحاول حتى أجرأ المتهمين أن يُقدَّم «دفاعاً إعجازيا.ً»

لماذا؟ لأن لا أحد سيصدقه! فبوجهٍ عام، نحن أُناس متحضرون علميون نعيش في الألفية الثالثة. فنحن لا نؤيد الخرافة، أو السحر، أو التدَّخل المباشر من أي مصدرٍ إلهي غير مرئي. إن الإدعاء بحدوث معجزة سيكون أمراً سخيفاً بشكلٍ صارخ لدرجة أن أيأس متهم لا يمكنه حتى أن يلجأ لهذه الاستراتيجية.

ذات مرة رأيت بن وتيلر، والساحرين الكوميديين، يختاران صبياً في العاشرة من عمره اسمه إشعياء من بين الجمهور، ويعرضان عليه شريطاً طويلاً من البوليستر. كانا ينويان أن يعقداه ويقطعاه في المنتصف، وبعد ذلك، بنجاحٍ باهر، قاما بهز الشريط، وعجباً، صار قطعةّ واحدة من جديد! فسأل بن إشعياء الصغير: «ماذا تعتقد، هل كانت هذه معجزة أم خدعة سحرية؟» فلم يتردد إشعياء وأجاب بثقة «خدعة سحرية».

إنه مجرد طفل — كما يبدو — ذكيٌ بدرجةٍ تكفيه لمعرفة أنه حينما لا يمكننا أن نفهم تماماً ما الذي يمكن أن يكون قد سبّب حدثاً غامضاً، فلا يزال هناك دون شكٍ تفسيرٌ معقول خارج إطار المعجزات عرفتُ من حديثي مع اللا أدري تشارلز تمبلتون أنه كان قد أوقف إيمانه بالمعجزات منذ سنواتٍ طويلة. فقد كتب قائلاً: «لقد بحث أسلافنا الأوائل داخل حدود اختيارهم لتفسير أمور الحياة الغير موزونة، وعادةً ما كانوا ينسبون الأمور الغير مُفسرّة لتدخل إله أو أكثر من آلهتهم، أو أنصاف آلهة، أو أرواحٍ شريرة. لكن بالتأكيد … آن الأوان للتخلص من التأمل البدائي والخرافة، والتطلُّع إلى الحياة بمصطلحاتٍ عقلانية.» (٣)

هناك علماء يوافقون، مُتبنين أن مسيرة المعرفة ستسحق في النهاية الإيمان بالأحداث التي تفوق الطبيعة. في العام 1937  قال الفيزيائي الألماني ماكس بلانك: «الإيمان بالمعجزات لا بدَّ أن يستسلم – خطوة خطوة — قبل التقدم الثابت الواثق لقوات العلم، وسوف تكون هزيمته الكلية بالتأكيد مجرد مسألة وقت». (٤)

يعتقد الملحد ريتشارد داوكنز، أستاذ التفاهم العام للعلم في جامعة أوكسفورد، ومؤلف «الجين الأناني The selfish Gene»، أن الوقت آتٍ سريعاً. وقال في لقاء تليفزيوني: «نحن نعمل لإيجاد … تفاهم متكامل للكون وكل ما فيه.» (٥)

وهذا معناه «عجباً!» كما في الشريط الذي استعاده بن وتيلر سحرياً، ولن تكون هناك حاجة لالتماس رجل المعجزات لتفسير ما كان محجوباً من قبل صورة ألغاز.

ولكن هل يمكن لإنسانٍ أن يكون متفلسفاً علمياً ولا يزال يؤمن بإمكانية المعجزات؟ قال الفيزيائي النووي هيو سيفيكن «إيماني يمكنه أن يتلخص في هذه المقابلة الواحدة: أنا أؤمن بالعلم، وأؤمن بالله. وأنوي أن أستمر شاهداً عن كليهما.» (٦)

فهو يرى مع كثير من العلماء الآخرين عدم وجود صراع ملازم بين مهنتهم واستنتاجهم أن الله صانع المعجزات مسئول عن خلق وتدعيم الكون.

هل هذا أحد أشكال الإنكار المحترف؟ هل يمكن لإنسانٍ أن يحذف الجينات باعتبارها خيالية، وفي نفس الوقت يقبل المن من السماء، والميلاد العذراوي، والقيامة باعتبارها أحداثاً مُصدَّقة من التاريخ؟ لو كانت المعجزات اختراقات مباشرة للقوانين الطبيعية، فكيف يؤمن إنسانٌ عاقل بحدوثها؟

عرفتُ أن ويليام لين كريج إنسان عقلاني، وأنه استخدم مهاراته العقلية البارعة للدفاع عن فكرة أن الله قد تدَّخل — ويتدَّخل — في العالم من خلال الأعمال الإعجازية. هاتفته وطلبتُ منه ما إذا كان مستعداً أن أسأله حول هذا الموضوع. فقال لي: «بالطبع، هيا».

كتبتُ قائمةً طويلة من التحديات، وحجزتُ تذكرة طيران إلى أتلانتا. في الطائرة، تأملتُ في أن السكان الأصليين من المحتمل أن يكونوا قد اعتبروا السفر بالطائرة معجزة. فكيف يمكن لخمسين طناً من المعدن أن تبقى مرتفعة في تحدٍ واضح لقانون الجاذبية؟ لا بدَّ أن يد الله الغير مرئية متداخلة في ذلك.

الناس اليوم يعرفون أفضل. فهم يفهمون الديناميكا الهوائية ودفع الطائرة. ولكن هل معرفتنا بالعلوم والتكنولوجيا قد جعلت حقاً كل الإيمان بالمعجزات مُهملاً؟ أم أن كريج سيكون قادراً على تقديم الدليل المقنع أن الإنسان يمكنه أن يكون عاقلاً ومميزاً بينما في نفس الوقت محافظاً على صحة المعجزات؟

اللقاء الثاني: ويليام لين كريج — دكتوراه في الفلسفة

كان رد فعلي المبدئي لرؤية كريج هو عدم التصديق. فلحيته التي أكسبته مظهراً أكاديمياً جاداً لمدة 23  عاماً كانت قد اختفت. ولا بدَّ أن وجهي قد سجل صدمتي.

فشرح الأمر قائلاً: «لقد أصبحتُ في الخمسين، لذلك احتفلت بحلق لحيتي.»

قادني كريج للأسفل بضع درجاتٍ إلى مكتبه، وقد كان غرفة منظمة جيداً يسودها مكتب داكن وأرفف كتب من الأرضية إلى السقف مع صفوفٍ مرتبة من الكتب والدوريات الدراسية. جلستُ على مقعد مريح بينما جلس كريج خلف المكتب، مستنداً إلى الخلف في مقعد جلدي.

لقد كتب كريج باستفاضة عن المعجزات، ولا سيما عن قيامة يسوع. وتتضمن كتبه: «الإيمان المعقول؛ معرفة الحق عن القيامة؛ الحجة التاريخية لقيامة يسوع؛ تحديد برهان العهد الجديد لتاريخية قيامة يسوع. وساهم في كتابة: «دفاعاً عن المعجزات؛ هل الله موجود؟؛ يسوع تحت الهجوم؛ والمثقفون يتحدثون عن الله.

يحمل كريج شهادات دكتوراه في الفلسفة من جامعة بيرمنجهام، انجلترا، وشهادة دكتوراه في اللاهوت من جامعة ميويخ. ويعمل حالياً أستاذاً باحثاً للفلسفة في كلية لاهوت تالبوت. ويُمّثل عضواً من تسعة تجمعات متخصصة تتضمن الأكاديمية الأمريكية للدين، وجمعية الأدب الكتابي، والجمعية الفلسفية الأمريكية. وقد كتب لكلٍ من دراسات العهد الجديد؛ دورية دراسة العهد الجديد؛ دورية الزمالة العلمية الأمريكية؛ ومفاهيم الإنجيل، والفلسفة، والمطبوعات الدراسية الأخرى.

بدون لحية، ومرتدياً الچينز الأزرق، بدا كريج أصغر من سنه بعقدٍ من السنين، بعينين زرقاوين نافذتين، وشعر بني مُرَّتب على الجانب، وضحكة سريعة حماسية. داعب ذقنه — ربما كأنه لا شعورياً يفتقد لحيته — بينما استمع عن كثبٍ لسؤالي الأول الذي أعترفُ أنه جاء بمنتهى التحدي.

بدأتُ قائلاً: حسناً، دكتور كريج، أنت رجل متعلم ومثقف أخبرني، كيف يمكن لإنسانٍ عقلاني معاصر أن يبقى مؤمناً بأطفال يولدون من عذارى، وأُناسٍ يمشون على المياه، وجثثٍ تقوم من القبور؟»

فابتسم كريج قائلاً: «من الممتع أن تسأل تحديداً عن الميلاد العذراوي، لأن هذا كان حجر عثرة في طريقي كي أصبح مسيحياً. لقد أعتقدتُ أنه كان أمراً سخيفاً تماماً».

فسألته: «حقاً؟ ماذا حدث؟»

«عندما أُعلنتْ لي البشارة المسيحية للمرة الأولى بينما كنتُ مراهقاً، كنتُ قد درست أصلاً علم الأحياء. وعرفتُ أنه كي يكون الميلاد العذراوي حقيقياً، فلا بدَّ أن يُخلق كروموسوم Y من العدم في مبيض العذراء مريم، لأن مريم لم تكن لديها المادة الچينية لولادة طفل ذكر. وبالنسبة لي، كان هذا أمر خياليٌ تماماً؛ فلم يكن الأمر يُشكَّل أدنى معنى.»

فأشرتُ قائلاً: «لستَ وحدك؛ فهناك متشككون كثيرون لديهم مشكلات حول ذلك أيضاً. كيف واصلتَ؟»

فتأمل كريج للحظاتٍ وقال: «حسناً، لقد تصرفتُ أن ألقيتُ الموضوع جانباً وصرت مسيحياً على أي حالٍ، رغم إنني لم أؤمن حقاً بالميلاد العذراوي. ولكن آنذاك، بعدما صرتُ مسيحياً، حدث لي أن اقتنعتُ أنه لو آمنت حقاً بإلهٍ قد خلق الكون، فسوف يكون خلق كروموسوم Y مجرد لعبة طفل بالنسبة له!»

فقلت لكريج إنني اعتبرت هذا ممتعاً أن يكون قد صار مسيحياً رغم الشكوك المُثارة حول عقيدة في مثل أهمية الميلاد العذراوي.

فأجابني: «أعتقد أن أصالة شخص يسوع وحق رسالته كانا في منتهى القوة، لدرجة أنهما قد سحقا ببساطةٍ أية شكوكٍ باقية لدىّ.»

ففاجئته بالسؤال: «ألم تكن تتقدم للأمام نحو شئٍ ما لم تقبله تماماً؟»

فقال: «لا، أعتقد أن هذا يمكنه أن يكون إجراءً حسناً. فأنت لست بحاجةٍ لمعرفة حلول كل أسئلتك حتى تأتي إلى الإيمان. ولكن عليك فقط أن تقول «ثّقل الدليل يبدو أنه يُبين أن هذا صحيح، ولذلك رغم إنني لا أملك إجابات لكل أسئلتي، فسوف أؤمن وأرجو الحصول على الإجابات على المدى البعيد. وهذا ما حدث معي.»

«هل على الإنسان أن يُرجى حكمها النقدي حتى يؤمن بشئٍ بعيد الاحتمال كالمعجزات؟

انتصب كريج في جلسته ورفع إصبعه السبابة كما لو كان سيؤكد على كلامه: «فقط لو آمنت أن الله غير موجود! فحينها سوف أوافق أن المعجزات ستكون سخيفة. ولكن بما أن هناك خالقاً صمم الكون وأبدعه، ذاك الذي يُدَّعم وجوده لحظة بلحظة، والمسئول عن القوانين الطبيعية التي تحكم العالم المادي، فبالتأكيد يكون من المنطق أن أؤمن بإمكانية المعجزات».

المعجزات ضد العلم

كنا بالحقيقة نتقدم في الحوار، لكننا لم نتوقف بعد حتى نُعرَّف مصطلحاتنا. وقبل التقدم إلى أبعد من ذلك، عرفتُ أنه من المهم أن نستقر على معنى «المعجزة».

فقلتُ: «نحن نتعامل مع هذه الكلمة كيفما اتفق». وفيما استدعيتُ الماضي أضفتُ: «على سبيل المثال يمكنني أن أقول «لقد كانت معجزة أن أواصل رحلتي إلى أتلانتا» أو «لقد كانت معجزة أنني وجدتُ بيتك» فهل هذا غير مرتبط بالكلمة؟»

فقال: «نعم، أعتقد أنه من سوء الاستخدام أن نتكلم عن هذه الأمور كمعجزات، فهي أحداث طبيعية واضحة لها نتائج طبيعية.»

«فكيف تُعرَّف المصطلح إذاً؟»

فقال كريج تعريفه بدقة: «بالمعنى العام، المعجزة هي حدث لا تُنتجه المُسببات الطبيعية التي تعمل في نفس زمان ومكان وقوع الحدث.»

وفيما قاله: رددتُ في صمتٍ هذا التعريف حتى يترَّسخ في عقلي. وواصلتُ ذلك لعدة لحظاتٍ قبل مواصلة ما اعتبرته السؤال المنطقي التالي.

فتساءلتُ: «ألا يوجد إذاً تعارضٌ بين العلم والمعجزات؟» فقد قال الفيلسوف الملحد مايكل روز: «المؤمنون بالخلق يؤمنون أن العالم بدأ بطريقة إعجازية. لكن المعجزات تقع خارج إطار العلم الذي يتعامل — وفقاً للتعريف — مع الطبيعي، والمتكرر، ومع ما يحكمه القانون.»(٧)

فأشار كريج قائلاً: «لاحظ أن روز لا يقول إن المعجزات مناقضة للعلم، بل يقول إن المعجزات تقع خارج إطار العلم، وهناك فرقٌ شاسع. أعتقد أن المسيحي المؤمن بالمعجزات يمكنه أن يوافقه في ذلك. فيمكنه أن يقول إن المعجزات تقع خارج نطاق العلم — ولكن ليس معنى ذلك أنها تناقض العلم.»

حاولتُ هضم التمييز، فتساءلتُ: «هل يمكنك تقديم مثال آخر عن شئٍ مثل هذا؟»

ففكر كريج للحظاتٍ قبل الإجابة، وقال: «حسناً، الأخلاق مثلاً تقع خارج نطاق العلم. فالعلم لا يُقدَّم أحكاماً أخلاقية. ولذلك لستُ أعترض بالضرورة على وصف روز. فهو يقول إن هدف العلم هو البحث عن تفسيرات طبيعية، ومن هنا فإن المعجزات تقع خارج إطار المملكة العلمية.»

وقبل أن أسأل سؤالاً جديداً، رفع كريج صوته قائلاً: «يجب أن أضيف رغم ذلك أنه يمكنك أن تنتج صيغة إيمانية من العلم. فمثلاً هناك حركة كاملة من الناس – مثل الرياضي ويليام ديمبسكي، وعالم الكيمياء الحيوية مايكل بيهي – تستدل بوسائل ذات مبادئ أن هناك

مصمماً ذكياً Intelligent Designer للكون وللعالم البيولوجي.(٨) وهؤلاء ليسوا كيفيين — من المنظور العلمي والعقلاني — لكنهم يستنتجون من الدليل أنه لا بدَّ أن يكون هناك خالق ذكي.»

فقلتُ: أنت تعارض إذاً المتشكك الشهير ديفيد هيوم الذي عرَّفَ المعجزات بأنها اختراقات لقوانين الطبيعة».

«بالتأكيد. فهذا فهمٌ غير مناسب للمعجزات. فالقوانين الطبيعية تحوي شروطاً ضمنية ceteris paribus  تكون فيها كل الأمور الأخرى متساوية. وبأسلوب آخر، فإن القوانين الطبيعية تفترض عدم تدخل أية عوامل طبيعية أو فوق طبيعية أخرى في العملية التي يصفها القانون.

«هل يمكنك تقديم مثال على هذا؟» «تفحصتْ عينا كريج أرجاء الغرفة بحثاً عن شرحٍ، وأخيراً استقر على شرحٍ قريب قرب جسده.

«حسناً، من قوانين الطبيعة أن الأكسجين والبوتاسيوم يحترقان عندما يتحدان. لكن جسدي يحوي أكسجيناً وبوتاسيوم، ومع ذلك لا أشتعل. فهل هذا معناه أن ذلك معجزة وأنني أخترق قوانين الطبيعة؟ لا، لأن القانون يُقرَّر فقط ما يحدث تحت شروطٍ مثالية، دون أن يزعم بتدخل أية عوامل أخرى. ومع ذلك، ففي هذه الحالة، هناك عوامل أخرى تتدخل مع الاحتراق، ومن هنا لا يحدث الاحتراق. وهذا ليس اختراق للقانون.

وبصورةٍ مشابهة، لو كان هناك عامل فوق الطبيعة يعمل في العالم الطبيعي، فإن الشروط المثالية الموصوفة من قبل القانون تصبح عديمة التأثير. فالقانون لا يخترق لأن القانون لديه هذا الاستعداد الضمني أن ليس هناك شئٌ يعبث بالشروط».

فقلتُ لكريج إن تفسيره ذكرني بحوارٍ أجريته منذ عدة سنوات مع جي. بي. مورلاند الفيلسوف الشهير الذي كتب «المسيحية وطبيعة العلم. فلقد استخدم تفسيراً لقانون الجاذبية يقول إنك لو أسقطتَ شيئاً، فسوف يقع على الأرض، ولكن لو سقطتْ تفاحة من شجرة، ومددتَ يدك لتمسكها قبل أن تلمس الأرض، فأنت بذلك لا تخترق أو تنفي قانون الجاذبية، بل أنك تتدخل فحسب.

فقال كريج: «نعم، هذه هي فكرة الشروط الضمنية التي طرحتها. فقانون الجاذبية يُقرَّر ما سيحدث تحت شروط معينة دون تدّخل عوامل طبيعية أو فوق طبيعية. فإمساك التفاحة لا يقلب قانون الجاذبية أو يتطلّب صياغة قانون جديد، فقط بل تدّخل إنسان بإدارة حرة يتجاهل المُسبّبات الطبيعية العاملة في ذلك الظرف الخاص. وهذا أساساً ما يفعله الله عندما يُسبّب حدوث معجزة. بدا أن هذا يُشكَّل معنى بالنسبة لي. ومع ذلك فقد عرفتُ أن بعض العلماء سيعتبرون المعجزات كمجرد خرافات، فقرَّرت أن أتتبع تلك السلسلة من الأسئلة فيما بعد.

أعمال الله الحقيقية

سألتُ كريج عن رأيه في تنبؤ الفيزيائي ماكس بلانك أن الإيمان بالمعجزات سيبطل بلا شك أمام تقدم العلم، وملحوظة البيولوجي ريتشارد داوكنز أن العلماء سيفهمون يوماً أعمال الكون، ومن ثم ستخمد الحاجة للتفسيرات الإعجازية. فاندهشتُ لرد فعل كريج.

فقد صرَّح قائلاً: «أعتقد أنهم على حق.»

تطلَّعتُ من بين أوراقي معتقداً أنه ربما يكون قد أساء فهم سؤالي. فقلت: «عفواً؟»

فأصرَّ قائلاً: حقاً، أعتقد أنهم على حق بقدر ما يقوم بعض المؤمنين بالخرافات باستخدام المعجزات كعذرٍ للجهل وكنوعٍ من الرهان لله كلما لا يمكنهم تفسير شئ. أعتقدُ أنه من الجيد أن يعصر العلم ذاك النوع من التفكير الساذج.

«لكني لم أكن أتكلم عن ذاك النوع من المعجزات، بل أشير إلى الأحداث التي يمكنك بها — بأسلوب منظم — أن تستدل منطقياً إلى أنه كان هناك عامل فوق الطبيعة يتدخل في العملية. فهذه المعجزات — أعمال الله الحقيقية — لن يُقضى عليها بتقدم العلم لأنها ليست مؤسسة على التجاء للجهل. لكنها مُدَّعمة بثقل الدليل العلمي والتاريخي.

«مايكل بيهي يفعل ذلك في كتابة “صندوق دارون الأسود”، حيث يستكشف بيهي «التعقيد المتعذر اختزاله» في الطبيعة — الكائنات الحية التي لم يمكنها التطور خطوةً بخطوة عن طريق الطريقة الدارونية التدريجية من الاختيار الطبيعي والتغير الوراثي. والآن لا يقول إن هذا لا يتعذر

شرحه علمياً فحسب، بل إنه يعطي إشارةً ذات مبدأ إلى المصمم الذكي بناءً على ما توَّضحه االأدلة هذا أمرٌ عقلاني؛ فاستنتاجاته مبنية على التحليل العلمي الجاد.»

أثارتني مناقشة كريج حول أدلة المعجزات لأسأله عن نقطة أخرى أشار إليها هيوم – المتشكك الاسكتلندي في القرن الثامن عشر، وأشهر متشككي التاريخ بخصوص المعجزات. فأشرتُ قائلاً: «قال هيوم إن دليل اتساق الطبيعة حاسمٌ تماماً لدرجة أن أي دليل في صالح المعجزات لن يكون قادراً أبداً أن يقهره. فمثلاً أنظر إلى القيامة. لدينا آلاف السنين من البرهان الإتساقي أن الموتى ببساطة لا يعودون من الموت. ولذلك فإن هيوم يقول إنه لن تكون هناك براهين قادرة لفهم ذلك الادعاء الهائل».

فهز كريج رأسه قائلاً:«ليس هناك تعارض بين الإيمان أن الناس يبقون عامة في قبورهم وأن يسوع الناصري قد قام من الأموات. ففي الحقيقة يؤمن المسيحيون بكلا الأمرين. فعبارة أن يسوع قام من الأموات ليس عكسها أن كل الآخرين قد بقوا في قبورهم، بل أن يسوع الناصري بقى في قبره.

«وللجدال ضد برهان القيامة، عليك أن تقدم البرهان ضد القيامة نفسها، وليس البرهان أن كل إنسان آخر قد بقى على الدوام في قبره. ولهذا أعتقد أن حجته ببساطة زائفة. «الآن سأتفق مع هيوم أن قيامة يسوع الطبيعية من الموت دون أي تدخل بشري غير محتملة تماماً. لكن ليست هذه هي الفرضية. فالفرضية هي أن الله قد أقام يسوع من الأموات. وهذا لا يقول أي شئ ضد قوانين الطبيعة التي تقول إن الموتى لا يعودون إلى الحياة بصورة طبيعية».

دليل استثنائي

بينما استطعتُ أن أفهم فكرة كريج، أردتُ أن أتبع ذلك أكثر.

فقلتُ: «يقول بعض النقاد أن القيامة حدث استثنائي؛ ومن ثم فهي تتطلَّب دليلاً استثنائياً. أليس لهذا التأكيد قدر من القبول؟»

فأجابني: «نعم، هذا يبدو كحسٍ عام، لكنه خاطئٌ تماماً. كيف؟»

«لأن هذا المعيار سيمنعك من الإيمان بكل أنواع الأحداث التي نقبلها عقلياً. فمثلاً لن تؤمن بتقرير صحيفة المساء أن الأرقام التي أُختيرت في يانصيب الليلة الماضية كانت 4، 2، 9، 7، 8، 3؛ لأن هذا سيكون حدثاً من اللااحتمالية الاستثنائية.وشواذ ذلك ملايين وملايين إلا واحد؛ ومن هنا عليك ألا تؤمن بذلك عندما تعلن الأخبار. لكننا نؤمن بوضوح أننا عقلانيين في استنتاج أن هذا حقيقي. كيف يمكن هذا؟

«حسناً، يقول واضعو نظريات الاحتمالات إنك لا بدَّ أن تزن لااحتمالية حدوث الحدث ضد احتمالية أن يكون الحدث كما هو لو لم يحدث.» لفظ كريج هذه الجملة بمنتهى السرعة حتى واجهت عقلي مصاعب استيعابها. فقلت رافعاً يدي: «مهلاً، أرجو أن تهدأ وتقدَّم مثالاً لي.»

فقال: «حسناً، تأمل في ذلك هكذا. لو كانت أنباء المساء فيها إحتمالية عالية جداً من الدقة، فمن غير المحتمل بدرجةٍ كبيرة أن تٌعلن الأرقام المختارة في اليانصيب بدون دقة. فهذا يوازن أية عدم احتمالية في اختيار تلك الأرقام، ومن هنا تكون عقلانياً تماماً أن تؤمن بهذا الحدث الغير محتمل بدرجة كبيرة.

«بنفس الطريقة، أية عدم احتمالية تظن أنها موجودة في قيامة يسوع هي متوازنة بعدم احتمالية القبر الفارغ، فظهورات قيامة يسوع، والتغير المفاجئ في التلاميذ الأوائل الحادث لو لم يكن هناك حدث مثل قيامة يسوع. أتفهم ما أقصده؟»

فقلتُ: «نعم. لقد أوضح هذا التفسير فكرته، فكما أن القيامة تبدو غير محتملة بالنسبة للمتشككين، فلا بدَّ أن يُقابل هذا بكم عدد احتمال أن تكون لديك كل الأدلة التاريخية المتنوعة لحدوثها لو لم تحدث بالفعل.

فاستنتج كريج قائلاً: «لذلك يصبح من العقلاني جداً أن نؤمن بحدث مثل قيامة يسوع المعجزية. وبالإضافة إلى ذلك، فأنا أنظر إلى ذلك هكذا: «بما أن الله موجود حقاً، فبأي معنى يكون من غير المحتمل أن يقيم يسوع من الموت؟ لا أجد أي معنى.»

فتساءلتُ: «هل رأيتّ متشككين صاروا مؤمنين بالمسيحية بسبب كم وكيف الأدلة المؤيدة للقيامة؟»

فاتسعتْ عينا كريج وقال: «نعم بالتأكيد! لقد قابلتُ مؤخراً رفيقاً صار مسيحياً من بين الحركة المسماة ب «الفكر الحر free thought». لقد تأمل في القيامة واستنتج من الأدلة أن الله أقام يسوع من الموت. وبالطبع، فإن رفاقه في هذه الحركة هاجموه بحدة. فقال: «لماذا هم عدوانيين للغاية؟ لقد تبعتُ فحسب تعاليم الفكر الحر، وهذا هو ما قادني إليه الدليل والمنطق!»

فضحكتُ ضحكةً خافتة قائلاً: «هل تقصد أن بعض رفاق «الفكر الحر» ليسوا متحررين فكرياً فيما يخص إيمان الناس؟»

فأجابني: «بصراحة، أعتقد أن كثير من المتشككين يتصرفون بأسلوبٍ منغلق الفكر.»

وكمتشكك سابق بنفسي لاحظتُ نفس الظاهرة، فتساءلتُ: «هل تشير الحقيقة أن بعضهم يتجاهلون حتى إمكانية المعجزات منذ البداية؟»

فأجابني: «بالضبط، فعلماء المنطق لديهم مصطلح «الرجوع للتفسير الأفضل». وهذا معناه أن تكون لديك مجموعة من البيانات للتفسير، ثم تكون لديك مجموعة من اختيارات حيوية أو تفسيرات متنوعة لهذه البيانات. وتكون بحاجة لاختيار أي تفسير من هذه المجموعة — في حالة صحته — يفسر البيانات المطروحة بأفضل صورة.

ومع ذلك فإن بعض المتشككين لن يسمحوا بتفسيران فوق طبيعة حتى أن تكون ضمن مجموعة الاختيارات الحيوية. ومن ثم لو لم يكن هناك تفسير طبيعي لحدثٍ ما، فإنها تُترك ببساطة في تجاهل.

«وهذا تحيز. فبعيداً عن بعض أدلة الإلحاد، ليس هناك ضمان لاستبعاد التفسيرات الفوق طبيعية من كونها عضوً في مجموعة الاختيارات الحيوية. لو وضعتها في تلك المجموعة، فعليك أن تكون محققاً أميناً منفتحاً لترى أي التفسيرات هو الأفضل لأي حدثٍ مطروح».

معجزات يسوع

قلتُ: «لنقل إنك محققاً أميناً تُسلسل أفكارك، فما الذي ستبحث عنه كي تقتنع بحدوث شئ إعجازي؟

«أن يكون لديك عدد من المعايير. عليك أن تتحرى كي ترى ما اذا كان هناك شئ لا يمكن الاهتمام به بخصوص القوى الطبيعية التي كانت تجرى في ذاك المكان والزمان. وسوف تبحث عن سياق تاريخي ديني.

أردتُ أن أتتبع فكرة السياق هذه. فلقد قال هيوم إنه لو اتفق المؤرخون باتساقٍ أن ملكة إنجلترا قد ماتت ثم ظهرت حية بعد شهر، فسوف يميل لقبول أي تفسير عدا أن يكون الله قد أجرى معجزة. وسألتُ كريج عن رد فعله إزاء ذلك.

فأجابني: «أوافق أن المعجزة دون سياق غامضة أصلاً. فسياق المعجزة يمكنه أن يساعدنا في تحديد ما إذا كانت من الله أم لا. فمثلاً إعادة إحياء الملكة سيفتقد أي سياق ديني وسيكون أساساً شذوذ صريح بلا تفسير».

«ولكن ليس هذا هو الحل مع يسوع. فأعماله التي تفوق الطبيعة حدثت في سياق يتميز بالأهمية الدينية لأنه أجرى معجزاته وأعاجيبه كعلامات لبزوغ ملكوت الله داخل التاريخ الانساني، وقد كانت قيامته بمثابة تصديق على رسالته. وتأتي قيامته كذروة حياته التي لا تُضاهي وتصريحاته الجذرية بالسلطان الإلهي وخدمته التي أدت إلى صلبه. ولهذا تجعلنا القيامة نتوقف للتأمل، بينما عودة الملكة ستُربكنا. ومن هنا فإن السياق التاريخي الديني أمرٌ حاسم لفهم الأحداث الإعجازية.»

ولكني واصلتُ الحديث: «هل أجرى يسوع المعجزات؟ وماذا يقنعك أنه قام بذلك؟»

«الحقيقة أن معظم نقاد العهد الجديد اليوم يُصرّحون أن يسوع أجرى ما يمكن أن نسميه معجزات. وبقبول ذلك، ربما لا يؤمنون جميعاً أنها كانت معجزات أصلية، لكن فكرة يسوع الناصري كرجل معجزات وأعاجيب جزء من فكرة يسوع التاريخي المقبولة من قَبل النقاد اليوم بوجه عام.»

وعند ذلك، أدار كريج كرسيه وسحب ملفاً من الدرج خلف مكتبه. قلَّب بعض الصفحات حتى وصل لما يريده، ثم قال: «لأقرأ لك اقتباساً من رودولف بولتمان، الذي يعد أحد أشهر نقاد العهد الجديد المتشككين في القرن العشرين:

كانت الجماعة المسيحية مقتنعة أن يسوع قد أجرى المعجزات، وقد رووا كثيراً من القصص حول المعجزات عنه. ولكن معظم هذه القصص التي تحتويها الأناجيل أسطورية أو على الأقل مُغلَّفة بأسطورة. ولكن لا شك أن يسوع قد قام بهذه الأشياء التي كانت تعتبر في نظره، وفي نظر معاصريه، معجزات؛ أي أحداث كانت نتيجة السببية الإلهية الفوق طبيعية. فلا ريب أنه شفى المرضى وطرد الشياطين. (٩)

أغلق كريج الملف وقال: «حتى بولتمان يقول إن المعجزات والأعاجيب تنتمي ليسوع التاريخي. والآن، كانت هذه القصص في أيام بولتمان تعتبر أسطورية بسبب التأثير المفترض لعلم الأساطير الروماني — اليوناني على الأناجيل، لكن الدارسون اليوم يدركون أن هذا التأثير كان أصلاً لا شئ. إنهم يؤمنون الآن أن دور يسوع كصانع معجزات لا بدَّ أن يُفهم مقابل الستارة الخلفية لليهودية الفلسطينية في القرن الأول التي يناسبها هذا الأمر تماماً.

واستنتج قائلاً: «في الحقيقة، فإن السبب الوحيد كي تتشكك من أن هذه المعجزات كانت معجزات أصلية أكثر منها حالات شفاء جسدية نفسية سيكون سبباً فلسفياً — فهل تؤمن أن مثل هذه الأحداث يمكنها أن تحدث أم لا؟ إن تاريخية الأحدث ليست مُعرَّضة للشك.»

المعجزات والأساطير

كانت استنتاجات هؤلاء الدارسين نافعة، لكني أردتُ المزيد. فتساءلتُ: «ما هو الدليل المحدد أن يسوع أجرى المعجزات؟»

فقال: «جزءٌ من هذا الدليل هو أن هذه الأحداث موجودة في مل مراحل مصادر الإنجيل. فمثلاً معجزة إشباع الخمسة آلاف موجودة في كل الأناجيل، ومن هنا لديك شهادة مستقلة ومتعددة لهذه الأحداث. ولا توجد إشارة إلى يسوع ناصري بلا معجزات في أي من المصادر. ومن هنا يكون من المعقول أن هذا ينتمي ليسوع التاريخي. والأكثر أن هذا يناسب البيئة اليهودية تماماً. فقد كان هناك رجال أعاجيب ومعجزات يهود سبقوا يسوع».

لم يكن كافياً بالنسبة لي. فقلتُ: «إن قول كثيرين بحدوث شئ استثنائي — مثل إشباع الخمسة آلاف — لا يعني بالضرورة أنه حقيقي.»

فأجابني: «بمعنى ما، هذا سؤالٌ شخصي جداً ستجده مقنعاً بالنسبة لك. أعتقد أنه يمكننا أن نقول بثقةٍ إنه لا يوجد أي سبب يثير الشك بخصوص هذه الروايات ماعدا الأسباب الفلسفية.

وبكلماتٍ أخرى، لو آمنت بوجود الله، فليس هناك سبب مقنع يدعوك للتشكك بخصوص هذه الأحداث.

«ومع ذلك، أُضيف هذا: بخصوص معجزة العهد الجديد الرئيسية — القيامة — هناك دفاعٌ رائع جداً يُستنتج منه بثقةٍ أن القيامة حقاً أحد أحداث التاريخ. إن براهين القيامة أقوى بكثير. من براهين أن يسوع قد أجرى معجزة شفاء الأعمى في يوحنا الإصحاح 9. فأنت لديك كنز من البيانات حول القبر الفارغ، وظهورات القيامة، وأصل إيمان التلاميذ بالقيامة».

فتساءلتُ: «أليس من المحتمل أن تقارير معجزات يسوع قد كانت حقاً أساطير تطورت بعد سنواتٍ من حياته؟»فالملحد جورج سميث يقول: «بينما ينتقل المرء من الأناجيل المبكرة  المتأخرة، فإن بعض المعجزات تصبح أكثر مبالغةً».(١٠)

«إنه يشرح التطور الأسطوري هذا بمقارنة مرقس الإصحاح الأول الذي يقول: « وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا مُجْتَمِعَةً عَلَى الْبَابِ. فَشَفَى كَثِيرِينَ كَانُوا مَرْضَى بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَخْرَجَ شَيَاطِينَ كَثِيرَة.» مع متى الإصحاح الثامن الذي يقول: «وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ.» مع لوقا الإصحاح الرابع الذي يقول: «وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، جَمِيعُ الَّذِينَ كَانَ عِنْدَهُمْ سُقَمَاءُ بِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ قَدَّمُوهُمْ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَفَاهُمْ.» وقد قال المؤرخ أركيبولد روبرتسون: «نحن نشهد النمو المتزايد لأسطورة؟»(١١)

فنظر كريج نظرة حادة، وقال: «هذه الحُجة خيالية تماماً حقاً لأن كُتَّاب الأناجيل لا يستخدمون كلمتي «كل»  و «بعض» كما تستخدمها تقارير الشرطة».

دفع جانباً ملف بولتمان على مكتبه ومدَّ يده لكتابه المقدس، وفتحه على العهد الجديد، ومر بإصبعه على صفحة. وجد (مرقس 1 : 5)، وقرأ الآية بصوت عال: «وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.»

فقال: حسناً، فكَّر في ذلك. إنه يقول إن يوحنا المعمدان كان يعمد كل اليهودية وكل أورشليم. حقاً؟ كل اليهودية؟ وكل أور   شليم؟» قالها كريج وصوته يتصاعد بدهشةٍ ساخرة. «المنطقة كلها أُخلت الناس وذهبوا لنهر الأردن وتعمدوا جميعاً — كل الأطفال، وكل الشيوخ، حسناً، بالطبع لا. لم يكن هذا هو التعبير المقصود أن يُقرأ بسذاجة كتقارير الشرطة.

والآن عودةً إلى التقارير التي ذكرتها مبكراً — ما هي الفكرة الرئيسية التي تُقدَّمها؟ بشكلٍ واضح، أن الجموع كانت تذهب إلى يسوع للشفاء والمعجزات، وهذا ما هو مشهوداً عنه جيداً. والحقيقة هي أن كل هذه التقارير تتوافق تماماً بأنه كانت هناك معجزات يُجريها يسوع،  وأن هذا كان يتضمن وجود الكثير من الناس».

وأضاف نقطةً أخرى: «من المهم أن نتذكر أنه بالنسبة للمعجزة العظمى — القيامة – فنحن نعرف من البحث التاريخي أنه لم يكن هناك وقتٌ كاف بأي شكلٍ كي تتطور أسطورة معينة لتزيل أساساً راسخاً من الحق التاريخي.»

«معجزات» محمد

بافتراض وجود الدليل التاريخي أن يسوع قد أجرى أعمالاً اعتبرها شهود العيان إعجازية، فماذا عن المعجزات في الديانات الأخرى؟ وفقاً للناقد هيوم، فإن المعجزات من الديانات الأخرى تُعارض الواحدة الأخرى باعتبارها دليلاً في طريق الحق.

فمثلاً، يقول التقليد الإسلامي إن محمداً صعد إلى السماء على بُراق؛ وإنه شفى الساق المكسورة لصديق؛ وإنه أطعم مجموعات كبيرة من الناس بطعام قليلٍ؛ وإنه حوَّل فرع شجرة إلى سيف صلب؛ وإنه كان مسئولاً عن إنجازات أخرى فوق طبيعة.

قلتُ لكريج: «بما أن محمداً ويسوع قد أجريا معجزات متشابهة، ألا يُضعف هذا فرادة يسوع وينفي كون المعجزات دليلاً لحقه؟»

فجعد كريج حاجباه، وقال بلهجةٍ مُلّطفة قليلاً: «أعتقد أن هذا مبني على سوء فهم الإسلام. صَوّبني إن أخطأتُ، ولكني فيما أقرأ القرآن، فليست هناك أساساً أية معجزات، بغض النظر عما يُسمى بمعجزة القرآن فقط.»

فأجبتُ: «موافق، باستثناء فقرات قليلة موضع نقاش، أعتقدُ أن الدارسين يفسرون القرآن هكذا بشكلٍ عام. لكنني قلتُ إن هذه المعجزات مُسجلة في التقليد الإسلامي، حيث تكون فيه متكاثرة حقاً.»(١٢)

بحث كريج في ذهنه ثم استغرق في الموضوع، وقال: «آه، نعم، تماماً، فالمعجزات، مذكورة فيما يُسمى بالحديث. وهاك المهم، فهذا التقليد الإسلامي دُوَّن بعد مئات السنين من حياة محمد، ومن هنا فإنه لا يُقارن بالأناجيل التي كُتبتْ خلال الجيل الأول حين كان شهود العيان لا يزالون أحياءً.

مثلاً، في ( 1 كورنثوس 15)، فإن تقارير ظهورات قيامة يسوع تعود إلى الفترة الواقعة خلال السنوات الخمس الأولى بعد الحدث. ومن ثم تكون هذه بيانات مُستحدثة لا يمكن أن تكون نتيجة التطور الأسطوري. وهذا ببساطة لا يُقارن مع هذه القصص الأسطورية حول محمد التي تراكمتْ بعد سنوات كثيرة جداً في التقليد الإسلامي.»

«هل تعتقد أنه من المهم أن القرآن نفسه لا يؤكد معجزات محمد بنفس الطريقة التي يؤكد بها الكتاب المقدس معجزات يسوع؟»

«ربما بمعنى أن الحديث قد بدا في ما بعد أنه وجد من الضروري أن يختلق معجزات لمحمد. إنه لم يؤكد لنفسه أي شئٍ. وبشكلٍ أساسي، فإن هذه القصص تشرح كيف أن التقارير الغير تاريخية تنشأ من التأثيرات الأسطورية عبر قرون من الزمان، وهذا على خلاف الأناجيل، حيث تقارير المعجزة جزء من أول مراحل المصادر.»

شعرتُ بوجود تناقض. فلو كانت فورية تقرير المعجزات مهمة، فمن المؤكد أن كتاب المورمون يجتاز هذا الاختبار. وأشرتُ قائلاً: «من هنا تكون لديك تأكيدات عن المعجزات المُسجلة بسرعة بعدما تكون قد حدثت افتراضاً، ومع ذلك لا تقبل صحته.»

في هذه الحالة يكون ما لديك الدجل الواضح لجوزيف سميث مؤسس المورمونية. من الممتع أن سميث وأبيه، عندما عاشا في نيويورك، كانت تستحوذ عليهما فكرة العصور على ذهب كابتن كيد  ” Captain Kidd” المدفون. وبعدها ماذا يدَّعي سميث العصور عليه؟ أطباق ذهبية من الملاك مارون، وبعدها يختفيان ويُزعم أنهما أخذا إلى السماء ولم يُريا فيما بعد.

«ما لديك هنا خدعة واضحة مقارنةً بالأناجيل ذات الأمانة الواضحة لمن كانوا يسجلون الأحداث. إن مشكلة المارونية أساساً هي مشكلة مصداقية بسبب عدم الوثوق في جوزيف سميث، والافتقاد الصارخ للتوثيق. وعلى خلاف الأناجيل – التي تعززت مصداقيتها بدرجة هائلة من قَبل علن الآثار- فإن الاكتشافات الاثرية فشلتْ مراراً في تدعيم كتاب المورمون.»

الجانب الشخصي للمعجزات

كانت مناقشتي مع كريج مُحفزة حتى الآن، لكنها بقتْ بشكلٍ خاص في مستوىٍ عقلي. أردتُ أن أكون أكثر اقتراباً، أن أتفحص شخصية كريج الدراسية، وأربط موضوع المعجزات بحياته الشخصية، لكنني ترددتُ.

فمن خلال سنوات تعارفي مع بيل كريج، لاحظتُ بعض الإعاقات الجسدية التي كان يواجهها. فمثلاً يمكنني أن أحكي عندما تصافحنا الأيدي، كانت يده اليمنى مُشوَّهة قليلاً. ولاحترامي الشخصي، لم أُثر الموضوع معه على الإطلاق. والآن – فيما استكشفنا هذا الموضوع— فقد آثار مرضه الظاهر سؤالاً مربكاً لم أستطع تجاهله فيما بعد: فلو كان الله يمكنه إجراء المعجزات، فلماذا لم يشفي إنساناً مكرساً له ك بيل كريج؟

بدأتُ ببطء: «أُنظر، يا بيل، أنت تؤمن أن الله مازال يُجري المعجزات، أليس كذلك؟»

فقال كريج: «لا أنكر أن المعجزات يمكنها أن تحدث اليوم. وأضيفُ رغم ذلك أنه ليس هناك سبب يمنعها من أن تكون متكررة وواضحة كما كانت مع يسوع. والمعجزات تميل إلى أن تتجمع حول لحظاتٍ عظمى في تاريخ الخلاص، كخروج بني إسرائيل أو خدمة يسوع، الذي أعتبر معجزاته كعلاماتٍ للشعب لبزوغ ملكوت الله، وأعاجيبه كعلامات قدرته على تدمير قوات الظلمة.»

فقلتُ برفقٍ: «قل لي، إذا كان الله يحبك ولديه القوة لشفاءك، فلماذا لا يجعل أتعابك الجسدية تختفي؟»

بدا أن كريج لم يكن يتوقع مواجهة هذا السؤال. فتنقل في جلسته وأستند للأمام، وتحولتْ نبرة صوته من نغمة أستاذية إلى نغمة أكثر فردية وأكثر رقة.

بدأ كريج: «كان بولس الرسول يعاني مما أسماه «شوكة في الجسد» حتى طلب من الله أن يزيلها ثلاث مرات، وكانت إجابة الله أن نعمته تكفيه لأن قوته في الضعف تُكمل. وقد ظلت هذه الفقرة عزاءً لي طوال حياتي.»

نظرّ إلى الجانب، ربما مقرراً ماذا سيقول بعد ذلك. وعندما أعاد النظر إلىّ، كانت حدة عينيه الزرقاوين الفولاذية الحادة قد تحولت إلى إخلاصٍ حساس.

وقال: «أعتقد أنني لا أناقش هذا كثيراً بشكلٍ عامٍ، لكني أعاني من مرضٍ خلقي عصبي عضلي يُسبّب ضموراً متزايداً في الأطراف. وفي حالتي هذه يكون هذا الضمور خفيفاً نوعاً ما.

كثيرٌ من المصابين بهذا التزامن عليهم ارتداء دعامات، ولقد كنتُ محظوظاً حقاً أن حالتي لم تكن سيئة للغاية.»

فسألته: «هل طلبتَ معجزة؟»

فأومأ قائلاً: «كمسيحي شاب صليتُ أن يشفيني الله، لكنه لم يشفني».

ورغم أنني استطعتُ أن أفهم من نبرة صوته الواقعية أنه لم يكن يطلب الشفقة، إلا أن قلبي قد انجذب اليه. فقلتُ له: «أنت خائب الأمل»، وقد انطلقتْ كلماتي كملاحظة أكثر منها كسؤال.

فارتسمتْ ابتسامة على وجهه. وسألني بمعنى واضح من الاندهاش: لي Lee، أتعرف ماذا أدهشني؟ بينما أنظرُ إلى حياتي، أدرك أن الله قد استخدم هذا المرض بطرقٍ ملحوظة جداً كي يُشكّلني ويشكّل شخصيتي. فلأنني لم أستطع ممارسة الألعاب الرياضية حتى أنجح في شئٍ ما، وُجهت إلى الأكاديميات. وحقاً أُدينُ بوجودي كدارسٍ لهذا المرض، فهو الذي أجبرني لدخول حياة العقل.

«وأيضاً أثر عليَّ نفسياً بإعطائي دفعةً هائلة للنجاح. فلقد أسهم أن يكون لي إنجاز وإتجاه للهدف، وهذا ما ساعدني لعمل الكثير في الحياة. وهكذا فهمتُ في النهاية حقاً بأسلوبٍ خاص جداً ما قاله بولس: قوته في الضعف تُكمل».

فسألته: «لو كنتَ قد شُفيتَ، فهل كنتَ تريد ذلك؟»

فأطلقَ ضحكته وقال: «حسناً، الآن ربما يكون الأمر لطيفاً، حيث تعلمتُ الدروس!»

ثم قال إجابةً أكثر جدية ردّدتْ صدى تعليقات بيتر كريفت المبكرة حول المعاناة: «من الناحية الأخرى، أصبحتُ معتاداً على ذلك. ففيما أذكرُ الماضي، يمكنني القول بأمانة إنني سعيد بهذه الطريقة التي قاد بها الله حياتي. فالله يمكنه حقاً أن يستخدم أمور الحياة السيئة كي يُنجح

مقاصده وأغراضه النهائية.

«وهذا ليس معناه أن هذه الأمور ليست سيئة – فهي سيئة حقاً. ولكنها جميعاً داخل إطار سلطان الله. فحتى الخير يمكنه أن يأتي من الشر».

الإيمان بإله المعجزات

بيل كريج ليس أسقفاً يحيا في برجٍ عاجي، لكنه إنسان تُجسَّد حياته اليومية فلسفته المسيحية. فحتى حينما نتصارع مع موضوع مرضه الواقعي جداً، فهو يخرج بتأكيد أن معتقداته راسخة تماماً. كل شئ مُدَّعم بثقةٍ سامية في عقلانية المسيحية؛ تلك الديانة التي دعامتها معجزة من الإتساقات الغير مسبوقة.

قلتُ: «لقد أسميتَ أحد أشهر كتبك بعنوان الإيمان المعقول، لكن هناك متشككون ربما يدعون هذا جمعاً لكلمتين متناقضتين.»

مددتُ يدي لحقيبتي وسحبتُ كتاباً عنوانه «مقالات نقد الله»، وانتقلتُ لفصل عنوانه «الدين والعقلانية» كتبه الملحد ريتشارد روبنسون، فيلسوف تعلم في جامعتي أكسفورد وكورنيل. قرأتُ اقتباساً لكريج كنتُ قد حددته من قبل:

«الإيمان المسيحي ليس هو مجرد إيمان أن هناك إلهاً. لكنه الإيمان أن هناك إلهاً بغض النظر عن الدليل المطروح. فمصطلح «ليكن لك إيمان» في المعنى المسيحي معناه «آمن أن هناك إلهاً دون إشارة للدليل.»(١٣)

أغلقتُ الكتاب، ونظرتُ إلى كريج متسائلاً: «كيف ترى هذا التفاعل بين الإيمان والعقل؟ هل الاثنان متعارضان كما يؤكد على ذلك النقاد؟»

فبدأ كريج بتعريف: «الإيمان هو الثقة أو التكريس لما تعتقد أنه حقيقي.» فأسباب اعتبار الإنسان صحة المسيحية يمكن أن تختلف من فرد لآخر. فبالنسبة للواحد ربما يكون السبب هو أن الله يتحدث إلى قلبه ويؤكد في داخله إقناعاً أن هذا حقيقي. وأنا أؤمن بالتأكيد بصحة هذا.

«ومع ذلك فبالنسبة لآخر، ربما يكون استكشافاً معرفياً عملياً للدليل المؤدي به إلى نفس الخاتمة. ولكن كلاهما لا يأتي إلى الإيمان حتى يقوما بفعل الثقة أو التكريس لما يظناه حقيقياً. عندما تفهم الإيمان في ظل هذه التصنيفات، يمكنك أن تفهم أنه منسجماً تماماً مع العقل.»

عندما طلبتُ من كريج أن يتوَّسع في شرحه، فكر للحظاتٍ ثم قدَّم تفسيراً من خبرته الشخصية. بدأ قائلاً: «كانت لديَّ جراحة زرع أعضاء في القرنية منذ فترةٍ ما، وبينما فارقتْ الكلمات لسانه، ضحكَ. وقد بدتْ مشكلةٌ طبية أخرى وكأنها «ارتشاف حبات الدواء»، في ضوء مناقشتنا السابقة حول صحته. هزَّ كريج كتفيه وقال ضاحكاً: «زوجتي تقول إنني كارثة طبية، ومع ذلك الإنسان الأوفر صحة التي تعرفه!

عموماً، قبل استعدادي للسماح بأي إنسانٍ لإجراء جراحة على عيني، قامت جان وأنا ببحثٍ شامل للعثور على أفضل جراح قرنية في البلاد. عملنا بحثاً، ونظرنا إلى الدليل، واتصلنا به، وتحدثنا معه، وأخيراً بعدما اقتنعنا على أساس الدليل أنه الأفضل، وثقتُ به وسمحتُ له بإجراء الجراحة على عيني. كان إيماني أو ثقتي به مؤسس على الدليل الجيد الذي كان لديّ بالنسبة لمؤهلاته ومصداقيته.

بنفس الحال — وفيما يتعلق بالإيمان بالله أو بالمعجزات — فإن كثيراً من الناس يقومون بالثقة أو التكريس بعدما يكونوا قد اقتنعوا بدليل صحة المسيحية. وليس كل إنسان يسلك هذا الطريق، لكن هناك أناسٌ بالطبع يفعلون ذلك. وهذا مدخل منطقي عقلاني يستخدم العقل أكثر مما ينفيه.»

لقد فتح موضوع الدليل الباب لموضوعٍ جوهري كان بحاجة لاستكشافه. فوقتاً بعد الآخر، أشار كريج إلى حقيقة أن الله موجود، ومن هنا يكون من المعقول أن نؤمن أن المعجزة ممكنة. وبينما يُشكَّل هذا الأمر معنى، فبالنسبة لكثيرين يتوقف على علامة «لو» كبيرة جداً.

تساءلتُ: «ما الدليل التأكيدي الذي يُقنعك أن مثل عمل المعجزات هذا موجود؟ أيمكنك أن يُقدَّم لي بعض الأسباب المقنعة للإيمان بخالق إلهي وبصحة المسيحية؟»

كان كريج يومئ طوال فترة السؤال. وأجابني قائلاً: «في العام 1986 سمعتُ محاضرة قدم فيها ألفين بلانتنجا 24 سبباً للإيمان بالله. وهو الفيلسوف المسيحي البارز اليوم، وقد كان عرضاً مدهشاً لحجج إيمانية.(١٤)

نظرتُ في ساعتي واقترحتُ قائلاً: «ماذا عن إعلان خمس حجج رئيسية؟»

فقال: «حسناً، سأُناقش مجموعة من الحجج المؤيدة لله والتي تُدَّعم وتؤكد كل واحدة.»(١٥)

رفع كريج أكمام قميصه، واستقر في كرسيه. وكمؤلف «وجود الله وبداية الكون»؛ والمؤلف المشترك ل«الإيمان، والإلحاد، وكوزمولوجيا الانفجار العظيم» الذي نشرته مطبعة جامعة أكسفورد، بدأ كريج حججه من حيث يتوقع المرء تماماً:

 السبب الأول: الله يَفْهمُ أصلِ الكونِ

قال كريج: «فلسفياً وعملياً، يمكنني أن أؤمن أن الكون والزمان نفسه كانت له بداية في نقطةٍ معينة في الماضي. ولكن بما أن شيئاً لا يمكنه أن يأتي من العدم، فلا بدَّ أن تكون هناك عَلة عليا خارج إطار المكان والزمان أظهرت الكون».

فتساءلتُ: «والكون ظهر بما سمى بما سُمى بالانفجار العظيم؟»

فقال: بالضبط، كما قال ستيفن هوكنج: «كل إنسان يؤمن الآن أن الكون والزمان نفسه، كانت لهما بداية في الانفجار العظيم» (١٦)

وهذا ما يشير إليه الدليل العلمي الساحق — إلى حدثٍ يرجع تاريخه إلى 4 مليار سنة مضت تقريباً. والآن يثير هذا مشكلةً رئيسية للمتشككين. يقول أنتوني كيني من جامعة أكسفورد: «إن مؤيد نظرية الانفجار العظيم، على الأقل لو كان ملحداً، لا بدَّ أن يؤمن أن … الكون قد جاء من العدم ومن خلال العدم.» (١٧)

فضحك كريج قائلاً: «بالطبع شئ قادم من العدم لا يُشكَّل معنى! لي Lee، لقد كنتَ تقتبس كلمات المتشكك الشهير ديفيد هيوم قليلاً في لقاءاتنا حسناً، فقد قال: «ولكن اسمحوا لي أن أخبركم أنني لم أؤكد أبداً على أي اقتراحٍ سخيف مثل أن أي شئ يمكنه أن ينشأ دون علة» (١٨)

«الملحدون يدركون هذا. فمثلاً قال أحد أشهر ملحدي الفلسفة المعاصرة — كاي نيلسن – ذات مرة: «افترض أنك سمعت فجأة ضجةً عالية … وسألتني: «ماذا سبَّب هذه الضجة؟»، فأجبتك: «لا شئ، لقد حدثتْ فحسب»، فلن تقبل مني هذا.» (١٩)

وهو على حقٍ تماماً. ولكن فكر في ذلك: لو كان لا بدَّ أن يكون هناك سبب لضجة بسيطة، ألا يكون من المعقول أيضاً أن يكون هناك سبب لانفجار عظيم؟»

كان هذا سؤالٌ يبدو أنه لا يحتاج إجابة. فسألته: «فكيف تلخص إذاً هذه الحجة المبدئية؟»

بينما جهز كل نقطة، بدأ كريج في عدها على إصبعه: «أولاً، كل شئ يبدأ أن يكون له علة. ثانياً، الكون بدأ أن يكون. وثالثاً: من هنا يكون الكون له علة. وهذا ما كتبه العالم الشهير سير آرثر أدينجتون: «البداية يبدو أنها تُقدَّم صعوبات لا تُقهر ما لم نتفق أن ننظر إليها كأنها بصراحة فوق الطبيعة.» (٢٠)

فقاطعته قائلاً: «حسناً، هذا يشير إلى خالق، ولكن هل تقول لنا الكثير عنه؟»

فأجابني: «نعم بالطبع. فنحن نعرف أن هذه العلة الفوق طبيعية لا بدَّ أن تكون كيان موجود بذاته، غير متغير أزلي، وغير مادي.»

ما أسباب استنتاجاتك؟»

«لا بدَّ أن يكون موجوداً بذاته لأننا نعرف أنه لا يمكن أن يوجد نُكوص مُطلق من العلل. ولا بدَّ أن يكون أزلياً ومن ثم غير متغير، على الأقل بدون الكون، لأنه كان خالق الزمان. وبالإضافة إلى ذلك لأنه أيضاً خلق المكان، فلا بدَّ أن يسمو فوق المكان، ومن هنا يصير غير مادي عن كونه مادي في الطبيعة.»

كان هناك سؤال واضح لا بدَّ من طرحه، فقلتُ: «لو كان لا بدَّ على كل إنسانٍ أن تكون لديه علة، فمن أو ماذا علَّلَ الله؟»

فأجابني كريج: «مهلاً، فأنا لم أقل إن كل شئ لا بدَّ أن تكون له علة، فالمقدمة المنطقية تقول إن كل ما يبدأ أن يكون لا بدَّ أن تكون له علة. وبأسلوبٍ آخر فإن «الوجود»، لا يمكنه أن يأتي من «عدم الوجود»، وحيث أن الله لم يبدأ أبداً أن يكون، فهو لا يتطلب علة. فالله لم يأتَ أبداً إلى الوجود.»

قلتُ له إن ذلك قد بدا بلا شك وكأنه يستثني الله بشكلٍ خاص.

فأجابني: «الملحدون بأنفسهم تعودوا أن يكونوا مكتفين تماماً بتقرير أن الكون أبدي قائم بذاته. والمشكلة أنهم لا يحملون فيما بعد هذا الوضع بسبب الدليل الحديث أن الكون قد بدأ بالانفجار العظيم. ومن هنا فهم لا يمكنهم الاعتراض شرعياً عندما أستخدمُ نفس الكلام حول الله — فالله أبديٌ قائم بذاته.»

السبب الثاني: الله يفهم تعقيد الكون

قال كريج: «في السنوات الخمس والثلاثية الأخيرة، ذهل العلماء لاكتشاف أن الانفجار العظيم لم يكن حدثاً بدائياً فوضوياً، بل بالأحرى حدثاً مرتباً بشكلٍ فائق الدقة حتى إنه تطلَّب قدراً هائلاً من المعلومات. في الواقع، منذ لحظة استهلاله، كان على الكون أن يكون متحولاً تماماًfine-tuned إلى دقةٍ غير مفهومة لوجود حياة كحياتنا نحن. وهذا يشير بطريقة مؤكدة جداً إلى وجود مصمم ذكي.»

فأشرتُ قائلاً: «إن مصطلح «متحولاً تماماً» مصطلح ذاتي يمكنه أن يعني كثيراً من الأشياء. فماذا تقصد به؟

فقال: «لأضع الأمر هكذا: علمياً، من المحتمل جداً أن يوجد كون معارضاً للحياة أكثر من كونٍ داعم للحياة. تُقاس في وضعٍ حساس للغاية.

وكمثالٍ، تلا كلمات هاوكنز، وقال كريج: «لقد حسب أنه لو كان معدل اتساع الكون بعد الانفجار العظيم بثانية واحدة أقل حتى من جزء واحد من مائة ألف مليون مليون، لكان الكون قد انهار إلى كرةٍ من نار.»(٢١)

وباختصار تقدم كريج لذكر قائمة من بعض الإحصائيات الأخرى المذهلة للعقل لتدعيم استنتاجه.(٢٢) ومنها:

■ استنتج الفيزيائي البريطاني ديفيز P.C.W Davies أن شواذ الظروف المبدئية المناسبة لتكوين النجوم — وهي ضرورية للكواكب ومن ثم الحياة — هي واحد متبوعة على الأقل بألف مليار مليار صفراً.(٢٣)

■ حسب ديفيز أيضاً أنه لو كانت شدة الجاذبية أو شدة القوة الضعيفة قد تغيرت بجزءٍ واحد فقط من عشرة متبوعة بمائة صفر، لما كانت الحياة قد تطورت تماماً.(٢٤)

■ هناك حوالي خمسين من الثوابت والكميات — مثلاً كمية الطاقة المستخدمة في الكون، غرق الكتلة بين البروتونات والنيوترونات، نسبة القوى الرئيسية في الطبيعة، ونسبة المادة بالنسبة للمادة — لا بدَّ أن تقاس على درجة دقيقة حسابياً لإمكان وجود أية حياة.(٢٥)

قال كريج: «كل هذا يُدَّعم باسهاب استنتاج أن هناك ذكاءً وراء الخلق. في الحقيقة، فإن التفسيرات البديلة لا تضيف جديداً.

فمثلاً هناك نظرية اسمها «الضرورة الطبيعية natural necessity» معناها وجود نظرية «كل شئ» Theory of Everything مجهولة تفسر نظام الكون. بأسلوبٍ آخر، هناك شئ في الطبيعة جعل من الضروري أن تظهر الأشياء بهذا الشكل.

ومع ذلك فإن هذا المفهوم يتهاوى عندما تدرسه بعمق. أولاً، أي من يدَّعي أن الكون لا بدَّ أن يكون شامخاً بالحياة يُقدَّم زعماً جذرياً يتطلب الدليل القوي، لكن هذا الدليل هو مجرد تأكيد. ثانياً، هناك أشكال أخرى للكون مختلفة عن أشكالنا نحن؛ فبالنسبة للكون لا بدَّ أنه كان مختلفاً. وثالثاً، حتى لو كانت قوانين الطبيعة ضرورية، فمازال عليك أن تكون لديك شروط مبدأية مُسلَّم بها في البداية يمكن أن تجري عليها هذه القوانين.»

لكن هذا لم يكن الدليل الممكن الوحيد. فسألته مقاطعاً لإثارة سيناريو مختلف بدا أنه معقولاً على السطح: «ماذا عن احتمالية أن التحول التام للكون هو نتيجة الصدفة البحتة؟» فربما يكون الأمر كله مجرد حادثاً كونياً كبيراً — أي مثلاً تدحرج هائل للنرد.»

فتنهد كريج قائلاً: «لي Lee، سأقولُ لك هذا: إن الدقة رائعة تماماً، مثيرة للغاية حسابياً، لدرجة إنه من الحماقة الواضحة أن تفكر أن الأمر كان حادثٌ. وخاصة لأننا لا نتكلم عن الشواذ البسيطة فحسب، بل عما يدعوه واضعو النظريات «الاحتمال المحدد، الذي يستثني الصدفة خارج إطار الشك المعقول».

لم أكن مستعداً لترك اختيار الصدفة. فتساءلتُ: «وماذا لو كان هناك عددٌ غير محدود من الأكوان الأخرى الموجودة بعيداً عن كوننا؟ حينها ستكون الشواذ أن أحداً منهم ستكون له الشروط الصحيحة لتدعيم الحياة — وهذا هو الواحد الذي نجد فيه أنفسنا الآن.»

كان كريج قد سمع هذه النظرية من قبل فقال: «هذه تدعي فرضية العوالم الكثيرة The Many World Hypothesis . لقد تحدث هاوكنغ عن هذا المفهوم. وهنا تكمن المشكلة: فهذه الأكوان النظرية الأخرى غير متاحة لنا؛ ومن ثم فليس هناك طريق ممكن لتقديم أي دليلٍ بصحة ذلك. إنها مجرد مفهوم، فكرة، بولكينجهورن دعا ذلك علماً زائفاً، وتخميناً ميتافيزيقياً.»(٢٦)

«فكر في هذا: لو كان هذا حقيقياً، لجعل السلوك العقلاني للحياة مستحيلاً لأنك يمكنك أن تُفسَّرَ أي شئ — مهما كان غير محتمل — بافتراض رقم لا محدود من الأكوان الأخرى.»

لم أكن أتبع تماماً ذلك الإتجاه من التفكير، فتساءلتُ: «ماذا تقصد بذلك؟»

«مثلاً؟ لو كنتَ توزع الأوراق في لعبة البوكر، وكلما وزعتَ لنفسك أربعة آسات، لا يمكن أن تُتهم بالغش، مهما كانت عدم احتمالية الموقف.

يمكنك فقط أن تشير إلى أنه في مجموعة غير محدودة من الأكوان سيحدث كوناً كلما يوزع فيه إنسان الأوراق، فإنه يوزع لنفسه أربعة آسات ومن ثم — فيا لحظي! — فأنا أتمنى أن أكون في ذاك الكون!

«أُنظر، هذه ميتافيزيقا خالصة. ليس هناك سبباً حقيقياً للإيمان بوجود مثل هذه العوامل المتوازنة. فحقيقة أن المتشككين عليهم أن يطلعوا بمثل هذه النظرية الغريبة هي أن التحول التام للكون يشير بقوة إلى مصمم ذكي — وأن بعض الناس سيفترضون أي شئٍ لتجنب الوصول لذلك الاستنتاج».

عرفتُ أن توازن الكون الدقيق بشكلٍ مدهش هذا كان أحد العوامل الرئيسية التي قادت باتريك جلين – الذي تعلم في هارفارد، والمدير المساعد، والباحث المقيم في معهد جامعة جورج واشنطن لدراسات سياسة التواصل – لترك الإلحاد إلى المسيحية. ففي كتابه «الله: الدليل God: The Evidence ، يفند تلك النظريات البديلة الأخرى كميكانيكات الكم و «الأكوان الصغيرةbaby universes » متقدماً إلى هذا الاستنتاج:

إن البيانات الملموسة اليوم تشير بقوة في إتجاه فرضية الله … فأولئك الذين يرغبون معارضتها ليست لديهم نظرية قابلة للاختبار لتنظيمها، بل مجرد تخمينات عن أكوانٍ أخرى نابعة من الخيال العلمي المثمر … والمثير للسخرية، فإن صورة الكون المُهداة لنا من علم القرن العشرين الأكثر تقدماً أقرب في الروح من الصورة المقدَّمة في سفر التكوين من أي شئٍ آخر قدَّمه لنا العلم منذ كوبرنيكوس.(٢٧)

السبب الثالث: الله يفهم القيم الأخلاقية الموضوعية

لخص كريج نقطته التالية ببلاغة في البداية: «العامل الثالث الذي يشير إلى الله هو وجود القيم الأخلاقية الموضوعية في الكون. لو كان الله غير موجود، فلا وجود إذاً للقيم الأخلاقية الموضوعية». وقد أثار ذلك بالطبع سؤالٍ ماذا يقصد بالقيم «الموضوعية». كان كريج سريعاً لإضافة كلا من التعريف والتفسير.

شرح قائلاً: «القيم الأخلاقية الموضوعية صالحة ومتماسكة بشكلٍ مستقل سواء آمن بها أو لا. مثلاً، أن تشير إلى الهولوكوست باعتبارها خطأ موضوعياً هو أن تقول إنه كان من الخطأ حتى لو كان النازيون يعتقدون أنهم على حق. ويمكن أن يستمر الأمر خاطئاً حتى لو كان النازيون قد ربحوا الحرب العالمية الثانية، ونجحوا في غسل عقول أو إبادة كل من كان يعارضهم. والآن، لو كان الله غير موجود، تكون القيم الأخلاقية موضوعية لهذه الطريقة».

كنتُ أهز رأسي، فتعجبتُ قائلاً: «مهلاً، لو كنتَ تقول إن الملحد لا يمكن أن تكون لديه القيم الأخلاقية أو يحيا حياةً أخلاقية أساساً، فأنا لدي مشكلة بخصوص ذلك.

لديَّ صديقٌ ملحد لا يؤمن بالله، وهو إنسانٌ رقيق ومهتم ككثير من المسيحيين الذين أعرفهم.

«لا، أنا لا أقول إن الإنسان لا بدَّ أن يؤمن بالله كي يحيا حياة أخلاقية. لكن السؤال هو: «لو لم يكن الله موجوداً، فهل تكون القيم الأخلاقية الموضوعية موجودة؟ والإجابة هي: لا».

«لماذا لا؟»

«لأنه إن لم يكن هناك الله، تكون القيم الأخلاقية مجرد نتاج التطور البيولوجي الاجتماعي. وفي الحقيقة هذا ما يعتقده كثير من الملحدين. فطبقاً للفيلسوف مايكل روز: «الأخلاقية هي توافق بيولوجي ليس أقل من أيادٍ وأرجلٍ وأسنان. والأخلاقية هي مجرد وسيلة للنجاة والتوالد … وأي معنى أعمق هو معنى وهمي.»(٢٨)

«وإن لم يكن هناك الله، تكون الأخلاقية مجرد مسألة تذوق شخصي، قريبة من جمل مثل «القرنبيط مذاقه جيد». حسناً، فهو مذاقه جيد بالنسبة للبعض، لكنه ردئ بالنسبة للبعض الآخر.

ليس هناك أي حقٍ موضوعي بخصوص ذلك، لكنه مسألة تذوق شخصية. وللتعبير عن أن قتل الأطفال الأبرياء خطأ، يجب أن يكون مجرد تعبير عن الذوق قائلين: «لا أحب قتل الأطفال الأبرياء».

مثل روز، والملحد برتراند رسل، لا أرى أي سببٍ يدعوني للتفكير أنه في غياب الله، تكون الأخلاقية التي وضعها الإنسان موضوعية. عموماً، لو لم يكن الله موجوداً، فماذا سيكون الأمر المثير حول البشر؟ إنهم مجرد نتاجات ثانوية عرضية من الطبيعة تطورت مؤخراً على بقعة ضيقة من التراب المفقود في مكانٍ ما في كونٍ غبي، ومحكوم عليه بالفناء إلى الأبد في فترةٍ قصيرة نسبياً من الوقت.

من وجهى النظر الإلحادية، فإن بعض الأفعال، كالاغتصاب يمكنها ألا تكون مفيدة اجتماعياً، ومن ثم صارت ممنوعة في مجرى التطور البشري. ولكن هذا لا يبرهن أن الاغتصاب خطأ حقاً. ففي الحقيقة من المتصور أن الاغتصاب كان من الممكن أن يتطور كشئ ضروري لبقاء الأنواع. وبهذا، بدون الله لا يوجد صواب وخطأ مُطلق بفرض نفسه على ضمائرنا.

ومع ذلك، فكلنا يعرف تماماً أن القيم الأخلاقية موجودة حقاً. فكل مما علينا لرؤية ذلك هو أن نسأل أنفسنا ببساطة: «هل تعذيب طفل من أجل المتعة هو عمل محايد أخلاقياً حقاً؟ يقيني أنك ستقول: «لا؛ فهذا عمل غير محايد أخلاقياً، فمن الخطأ حقاً أن تفعل ذلك». وسوف تقول ذلك في إدراكٍ كامل لنظرية تطور دارون وبقية ذلك.

هناك تفسيرٌ جيد لهذا، وهو خطاب لجمع تبرعات أرسله في العام 1991 جون هيلي — المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية قال فيه: «أكتبُ لكم اليوم لأنني أعتقد أنكم ستشاركوني إيماني العميق أن هناك بالحقيقة بعض الحقائق الأخلاقية المطلقة. عندما يصل الأمر إلى التعذيب، إلى القتل الذي تعاقب عليه الحكومة، إلى الاختفاءات، … فهذه تعديات ضد كل منا.»(٢٩)

«إن أفعالاً كالاغتصاب وسوء استغلال الطفل ليست مجرد سلوكيات تحدث حتى لا تُقبل اجتماعياً — لكنها رجاسات أخلاقية بصورةٍ واضحة. فهي خاطئة موضوعياً. ومثل هذه الأمور كالحب، والمساواة، والتضحية بالذات مميزة حقاً بمعنى موضوعي. ونحن جميعاً نعرف هذه الأمور بشكلٍ عميق.

«وحيث أن هذه القيم الأخلاقية الموضوعية لا يمكنها أن توجد بدون الله، وهي أصلاً موجودة دون جدالٍ، يكون من المنطقي والبديهي أن الله موجود.»

السبب الرابع: الله يفهم القيامة

مع هذه النقطة، قال كريج إنه سيضبط جلسته قليلاً. قال: «لقد كنا نقول إنه لو لدينا أسبابٌ مقنعة للإيمان بالله، يمكننا أن نؤمن بالمعجزات. كنتُ أقدم أسباباً تؤيد وجود الله. لكن المعجزات نفسها يمثلها أن تكون جزءاً من الراحة المتزايدة بالنسبة لله.

هذا حقيقي بالنسبة للقيامة، على سبيل المثال، فلو كان يسوع الناصري قد عاد حقاً من الموت، تكون لدينا معجزة إلهية بين أيادينا، وبهذا يكون لدينا الدليل لوجود الله.»

طلبتُ من كريج أن يلخص لماذا يؤمن بالبرهان التاريخي المؤدي لذلك الاستنتاج، وصممتُ قائلاً: «ولكن لا تفترض أن العهد الجديد هو كلمة الله الموحي بها. فوافق أن تعتبر إجابته أن العهد الجديد مجرد مجموعة من وثائق القرن الأول اليونانية التي يمكن إخضاعها للتحليل كأية سجلاتٍ قديمة أخرى.

بدأ كريج: «هناك على الأقل أربع حقائق على مصير يسوع مقبولة على نطاقٍ واسع من قَبل مؤرخي العهد الجديد من قطاعٍ عريض. الحقيقة الأولى هي أنه بعد صلب يسوع، دفنه يوسف الرامي في مقبرة. هذا أمر مهم لأن معناه أن مكان القبر كان يعرفه اليهود والمسيحيون والرومان على حدٍ سواء». فسألته: «ما دليل ذلك؟»

«دفن يسوع مُسّجل في البيانات القديمة جداً لدرجة أن بولس قد ذكره في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس.(٣٠) وهذه المعلومات يمكن أن يرجع تاريخها إلى حوالي خمس سنوات بعد موت يسوع، لذلك لم تكن أسطورية. والأهم هو أن قصة الدفن جزء من مادة قديمة جداً استخدمها مرقس في كتابة إنجيله، وقصته تفتقد علامات التطور الأسطوري. ليست هناك تتبعات لأية قصة دفن منافسة. والأهم هو أنه سيكون أمراً متعذر تفسيره لأي إنسانٍ أن يُقرَّر قرار يوسف الرامي، حيث كان عضواً في السنهدريم الذي أدان يسوع.

«الحقيقة الثانية هي أنه في الأحد بعد الصليب، وُجدَ قبر يسوع فارغاً من قَبَلْ مجموعة من النساء التابعات. وهذا ما أكده تقرير بولس المُبكَّرَ إلى الكورنثيين الذي يتضمن القبر الفارغ، وأكدته مادة مرقس الأصلية القديمة جداً. وهكذا يكون لدينا البرهان المستقل المبكر.

«ولدينا المزيد أيضاً. فعلى سبيل المثال، قصة القبر الفارغ تفتقر علامات الزخرفة الأسطورية، وأول استجابة يهودية معروفة لإعلان قيامة يسوع تفترض مسبقاً أن قبره كان فارغاً. بالإضافة إلى ذلك، فإنه مُسجل أن النسوة قد اكتشفن القبر فارغاً. والآن، فإن شهادة النسوة قد اُعتبرت غير موثوقٍ بها تماماً لدرجة إنهن لم يكن يمكنهن الشهادة في المحاكم اليهودية. والسبب الوحيد لتضمن التفاصيل المثيرة للغاية أن النسوة قد اكتشفن القبر الفارغ هو أن كُتَّاب الأناجيل كانوا يسجلون بأمانة ما حدث بالفعل.

الحقيقة الثالثة هي أنه في مناسباتٍ عدة وتحت ظروفٍ متنوعة، اختبر أفراد مختلفون ومجموعات من الناس ظهورات يسوع حياً من الموت. وهذا مُعترف به على نطاقٍ كوني من قَبل دارسي العهد الجديد لعدة أسباب.

«فمثلاً قائمة شهود عيان قيامة يسوع التي أهداها بولس إلى الكورنثيين تضمن أن مثل هذه الظهورات قد حدثت. ومع تقديم التاريخ المبكر للبيانات، وتعارف بولس الشخصي مع الأشخاص المشتركين، لا يمكن اعتبار ذلك أسطورياً.

«وأيضاً يقدم رواة الظهور في الأناجيل براهين متعددة مستقلة عن الظهورات. فحتى ناقد العهد الجديد المتشكك جيرد لودمان استنتج قائلاً: «يمكن أن يكون من المؤكد تاريخياً أن بطرس والتلاميذ كانت لديهم اختبارات بعد موت يسوع ظهر لهم فيها يسوع كالمسيح القائم.»(٣١)

«الحقيقة الرابعة هي أن التلاميذ الأصليين آمنوا فجأة وبإخلاصٍ أن يسوع قد قام من الأموات رغم ميلهم السابق لعكس ذلك. لقد أعاقتْ المعتقدات اليهودية قيام أي إنسانٍ من الأموات قبل القيامة العامة في نهاية العالم. ومع ذلك، فإن التلاميذ الأصليين قد آمنوا فجأة وبمنتهى القوة أن الله قد أقام يسوع حتى صاروا مستعدين أن يموتوا دفاعاً عن هذا الإيمان. قال دارس العهد الجديد لوقا جونسون: «لا بدَّ من الاختبار التحولي القوي لإنتاج ذاك النوع من الحركة التي كانت عليها المسيحية المبكرة»(٣٢)

فقلتُ: «حسناً إذاً، في رأيك ما هو أفضل شرح لهذه الحقائق الأربع؟»

فأجابني: «بصراحة، لا يوجد بالقطع تفسيرً طبيعيً مناسبً. فجميع النظريات القديمة مثل «التلاميذ سرقوا الجسد»، أو «يسوع لم يكن ميتاً حقاً»، قد رفضتها الثقافة الحديثة رفضاً عالمياً.

«شخصياً، أعتقدُ أن أفضل شرح هو نفس الذي قدَّمه شهود العيان:  أن الله قد أقام يسوع كن الأموات. في الواقع، هذه الفرضية تجتاز بسهولة ستة اختبارات يستخدمها المؤرخون لتحديد ما هو أفضل تفسير لأمرٍ معين من الحقائق التاريخية».(٣٣)

السبب الخامس: الله يمكنه أن يُختبر على الفور

قال كريج إن هذه النقطة الأخيرة لم تكن بمثابة حُجة دامغة لوجود الله، «بل بالأحرى الدليل الذي يمكنك أن تعرف به أن الله موجودٌ تماماً بعيداً عن الحجج كونك تملك اختباراً فورياً عنه.

ويطلق الفلاسفة على ذلك «إيمان أساسي خالص».

نظر كريج إلىَّ مباشرة وقال: «لي Lee، دعني أشرح هذا المفهوم بسؤال: «هل تؤمن بوجود العالم الخارجي؟»

أدهشني هذا السؤال، وفكرتُ فيه للحظات، ولم أستطع أن أخرج بسياق منطقي من الحجج يمكنها أن تؤسس إجابة لا جدال فيها. فأعلنتُ قائلاً: «لستُ متأكداً كيف أتيقن من ذلك.»

فأجابني: «هذا صحيح. فإيمانك بحقيقة العالم الخارجي أساسي بدقة، فلا يمكنك أن تبرهن أن العالم الخارجي موجود. ورغم ذلك يمكنك أن تكون عقلاً في وعاءٍ يُعالَج بالأقطاب الكهربائية من قَبل عالم مجنون حتى إنك تعتقد أنك ترى عالماً خارجياً، لكنك ستكون مجنوناً إن أعتقدتَ بذلك. وهكذا فإن الاعتقاد الأساسي الدقيق بالعالم الخارجي هو اعتقاد عقلاني تماماً. وبكلماتٍ أخرى نقول إنه متأصل بصورة ملائمة في اختبارنا.

«بنفس الطريقة، في سياق خبرة فورية عن الله، يكون من العقلانية أن نؤمن بالله بأسلوبٍ أساسي دقيق. وقد اجتزتُ مثل هذا الاختبار. فالله غزا حياتي بينما كنتُ في السادسة عشرة من عمري، ولمدة أكثر من 30 عاماً سلكتُ معه يوماً فيوماً، عاماً فعاماً، كحقيقةٍ حية في اختباري.

«في غياب الحُجج القوية المؤيدة للإلحاد، يبدو لي أنه من العقلانية تماماً أن أستمر في الإيمان بحقيقة هذا الاختبار: فعذع هي الطريقة التي عرف بها الناس الله أيام الكتاب المقدس. وهذا ما كتبه جون هيك John Hick: «بالنسبة لهم، لم يكن الله افتراضاً يُكمّل القياس المنطقي، أو فكرة يتبناها العقل، بل الحقيقة المُختبرة التي أعطت المعنى لحياتهم.»(٣٤)

فقاطعته قائلاً: «ولكن ماذا لو قال ملحد نفس الشئ — أن لديه إيماناً أساسياً بدقة، بغياب الله؟ فأنت ههنا في ورطة».

فأجاب كريج: «يقول الفيلسوف ويليام ألستون إنه في تلك الحالة، يجب على المسيحي أن يفعل كل ما هو معقول للعثور على الخلفية العامة — كالحقائق المنطقية أو التجريبية — لتوضح رؤية من هي الصحيحة بأسلوبٍ مباشر.(٣٥)

وهذا ما حاولتُ أن أفعله في هذه الحُجج الأربع الأخرى. فأنا أعرفُ أن الله موجود بطريقةٍ أساسية دقيقة، وقد حاولتُ أن أفصح أنه يوجد بالحقائق العامة للعلم والأخلاق والتاريخ والفلسفة.

فبتجميعها معاً تُشكَّل برهاناً قوياً مؤيداً الله وللمسيحية.»

طرقه على الباب

بينما كنتُ أُراقب كريج وهو يذكر أسباب إيمانه بالله، لاحظتُ أنه أظهر ثقةً هادئة فيما كان يقوله. قبل أن ينتهي، أردتُ أن استكشف أعناق ما كان ينتج ذاك الاقتناع.

فتساءلتُ: «فيما تجلس هنا الآن، متعمقاً في نفسك، هل تعرف سبب صحة المسيحية؟»

فأجابني بلا تردد: «نعم»

«كيف تتأكد؟»

«إن الطريقة التي يعرف بها المسيحي أن المسيحية حقيقية هي من خلال شهادة النفس الأصلية عن روح الله. فالروح القدس يهمس لأرواحنا أننا ننتمي إلى الله.(٣٦) وهذا أحد أدواره. والأدلة الأخرى — رغم أنها لا تزال صالحة — إلا أنها تأكيدية أساساً».

فكر كريج للحظات ثم تساءل: «أنت تعرف بيتر جرانت، أليس كذلك؟» فأجبته بالإيجاب، حيث كنتُ صديقاً لقس أتلانتا. فقال كريج: «حسناً، لقد طلع علينا بتفسيرٍ رائع عن كيف يعمل هذا.

«لنقل إنك ذاهب إلى المكتب لرؤية ما إذا كان رئيسك موجوداً. ترى سيارته في ساحة الانتظار. وتسأل السكرتيرة ما إذا كان بالداخل، فتقول لك: «نعم، لقد تحدثتُ معه للتو. ترى النور من تحت باب مكتبه. وتسمع صوته في الهاتف. فعلى أساس كل هذه الأدلة، تكون لديك أساسيات جيدة لاستنتاج أن رئيسك داخل مكتبه.

«ولكن يمكنك عمل شئ مختلف تماماً. يمكنك أن تذهب إلى الباب وتطرق عليه وتقابل رئيسك وجهاً لوجه. في هذه النقطة، تكون أدلة وجود السيارة في ساحة الانتظار، وشهادة السكرتيرة، والنور المنطلق من تحت الباب، والصوت المسموع في الهاتف — وكل الأدلة التي لا زالت صالحة — لها دور ثانويً لأنك الآن قد تقابلتَ مع الرئيس وجهاً لوجه.

«وبنفس الطريقة، عندما قابلنا الله — لنفترض — وجهاً لوجه، فإن كل الحجج والأدلة لوجوده — رغم أنها ما زالت صالحة تماماً — يكون لها دورً ثانويً. لقد صارت الآن مؤكدة لما أظهره الله بنفسه لنا بطريقةٍ فوق طبيعة — من خلال شهادة الروح القدس في قلوبنا.»

«وهذا الاختبار الفوري لله متاح لكل من يطلبه؟»

«بالطبع، فالكتاب المقدس يقول إن الله يقرع على باب حياتنا ولو فتحنا له سنقابله وسنختبره سخصياً. يقول في (رؤيا 3 : 20) «هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.»

نظر كريج إلى الكاسيت الذي كان يُسجّل حوارنا، وقال في الختام: «لقد تحدثنا كثيراً عن المعجزات اليوم. وليس من المبالغة أن أقول إن معرفة الله شخصياً ورؤيته وهو يغير الحياة هي أعظم المعجزات على الإطلاق.»

مددتُ يدي وأطفأتُ االتسجيل فبسبب اختباري الشخصي عن الله بعد سنواتٍ من الحياة في مستنقع اللاأخلاقية كملحد، عرفتُ أنه كان على حق.

فمن خلال كيف حوَّل الله حياتي، واتجاهاتي، وعلاقاتي، ودوافعي، وزواجي، وأولوياتي بحضوره المستمر الواقعي جداً في حياتي، أدركتُ في تلك اللحظة أن المعجزات كالمن من السماء، والميلاد العُذري، والقيامة تبقى في النهاية بمثابة لعبة طفلٍ بالنسبة لإلهٍ مثل هذا.

مشاورات

أسئلة للتأمل ومجموعات الدراسة

■ بعد قراءة هذا اللقاء، هل تؤمن أن المعجزات ممكنة؟ ماذا سيُقنعك أن شيئاً إعجازياً قد حدث؟ هل تؤمن أن برهان التاريخ يُدَّعم أن قيادة يسوع المعجزية قد حدثت فعلاً؟ لماذا، أو لماذا لا؟

■ أي من حُجج كريج لوجود الله كانت الأكثر إقناعاً لك؟ لماذا؟ هل هذه النقاط الخمس مجتمعةً تُقنعك أنه من العقلاني أن تؤمن بوجود إله صانع معجزات؟ لو كان لا، فكيف تعتبر أيضاً هذه التطبيقات الخمسة من البراهين؟

■ صلى كريج لله كي يشفي حالته المرضية، لكنه لم يشفيه. ماذا تعتقد في رد فعله تجاه ذلك؟ هل صليتَ إلى الله أن يتدَّخل بمعجزة في حياتك؟ ماذا حدث؟ كيف أثر ذلك في إتجاهك نحو الله؟ بأية طريقة كانت استجابة كريج لموقفه مشجعة أو غير مشجعة بالنسبة لك؟

لمزيد من الأدلة

مصادر أخرى حول هذا الموضوع

  • William Lane Craig. “The Problem of Miracles.” In Reasonable Faith, 127-155. Wheaton, III.: Crossway, 1994.
  • R. Douglas Geivett and Gray R. Habermas, eds. In Defense of Miracles. Downers Grove, III.: Intervarsity Press, 1997.
  • C. S. Lewis. Miracles: A Preliminary Study. New York: Macmillan, 1947.
  • J. A. Cover. “Miracles and Christian Theism.” In Reason for the Hope Within, ed. Michael J. Murray, 345-374.

Grand Rapids, Mich.: Eerdmans, 1999.

Norman L. Geisler. Miracles and the Modern Mind.

Grand Rapids, Mich.: Baker, 1992.

  1. Richard Dawkins, «Snake Oil and Holy Water. » Avail­able: forbes.com/asap/99/1004/235.htm [1999, Nov. 19].
  2. Douglas Geivett and Gary R. Habermas, In Defense of Miracles (Downers Grove, 111.: Intervarsity Press, 1997), 280.
  3. Charles Templeton, Farewell to Cod, 21.
  4. Quoted in: Nicky Gumble, Searching Issues (East­bourne, East Sussex, UK.: Kingsway Publications, 1994), 99.
  5. «Interviews» Available at: pbs.org/faithandreason [1999, Nov. 21]
  6. Dale and Sandy Larsen, Seven Myths about Christi­anity (Downers Grove, 111.: InterVarsity Press, 1996), 86.
  7. Michael Ruse, Darwinism Defended (London: Ad­dison; Wesley, 1982), 322.
  8. See: William Dembski, The Design Inference (Cambridge: Cambridge University Press, 1998); Michael Behe, Darwin’s Black Box (New York: The Fress Press, 1996); and William Dembski and Michael Behe, Intelligent Design (Downers Grove, 111.: Inter Varsity Press, 1999).
  9. Rudolf Bultmann, Jesus (Berlin, 1926), 159.
  10. George H. Smith, Atheism: The Case against God, 215.
  11. Archibald Robertson, The Origins of Christianity (New York: International Publishers, 1954), 82, quoted in: George H. Smith, Atheism: The Case against God, 216.
  12. Norman L. Geisler writes in Baker Encyclopedia of Christian Apologetics (Grand Rapids, Mich.: Baker Books, 1999), 512: «Most miracle claims for Muhammad do not occur in the Qur’an [or Koran], the only book in Islam for which divine inspiration is claimed…. The vast majority of alleged miracles are reported in the Hadith (Islamic tradition), considered by Muslims to contain many authentic traditions. There are hundreds of miracle stories in the Hadith. »
  13. Richard Robinson, «Religion and Reason» in Critiques of God, ed. Peter A. Angeles (Buffalo, N.Y.: Prometheus Books, 1997), 121.
  14. Alvin planting, «Two Dozen (or so) Theistic Argu­ments» Lecture presented at the 33d Annual Philoso­phy Conference, Wheaton College, Wheaton, Illinois, October 23-25, 1986.
  15. For a booklet summarizing Craig’s five reasons for believing God exists, see: William Lane Craig, God, Are You There? (Norcross, Ga.: Ravi Zacharias International Ministries, 1999).
  16. Stephen W. Hawking and Roger Penrose, the Nature of Space and Time (Princeton, N.J.: Princeton University Press. 1996), 20.
  17. Anthony Kenny, the Five Ways: St. Thomas Aquinas’ Proofs of God’s Existence (New York: Schocken Books, 1969), 66.
  18. David Hume to John Stewart, February, 1754, in the Letters of David Hume, ed. J. Y. T. Greig (Oxford: Clarendon Press, 1932), vol. I, 187.
  19. Kai Nielsen, Reason and Practice (New York: Harper & Row, 1971), 48.
  20. Arthur Eddington, the Expanding Universe (New York: Macmillan, 1933), 124.
  21. Stephen W. Hawking, a Brief History of Time (New York: Bantam Books, 1988), 123.
  22. For a list of examples, see: John Leslie, Universes (London: Routledge, 1989).
  23. C. W. Davies, Other Worlds (London: Dent, 1980), 160-61.
  24. Ibid, 168-69.
  25. For example, see: P. C. W. Davies, «The Anthropic Principle» in Particle and Nuclear Physics 10 (1983), 28; and Patrick Glynn, God: The Evidence, 29-31.
  26. John Polkinghorne, Serious Talk: Science and Reli­gion in Dialogue (London: Trinity Press International, 1995), 6.
  27. Patrick Glynn, God: The Evidence, 53-54, 26.
  28. Michael Ruse, «Evolutionary Theory and Christian Ethics» in the Darwinian Paradigm (London: Routledge, 1989), 262, 269.
  29. John Healey, fund-raising letter, 1991.
  30. See Corinthians 1(15: 4)
  31. Gerd Ludemann, What Really Happened to Jesus? Trans. John Bowden (Louisville, Ky.: Westminster John Knox Press, 1995), 8.
  32. Luke Timothy Johnson, the Real Jesus (San Francisco: Harper San Francisco, 1996), 136.
  33. For a list of these historical tests, see: c. Behan Mccullagli, Justifying Historical Descriptions (Cambridge: Cambridge University Press, 1984), 19. To see how the Resurrection meets these criteria, see: William Lane Craig, God, Are You There? 46-47.
  34. John Hick, Introduction, in The Existence of God, ed. with an Introduction by John Hick, Problems of Philosophy Series (New York: Macmillan, 1964), 13-14.
  35. See: William Alston, «Religious Diversity and Perceptual Knowledge of God» in Faith and Philosophy 5 (1988), 433-48.
  36. Romans 8:16: «The Spirit himself testifies with our spirit that we are God’s children. »

بما أن المعجزات تعارض العلم، فلا يمكن أن تكون حقيقية – لي ستروبل

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !