أبحاث

المزامير – صلوات بني إسرائيل وصلواتنا

المزامير – صلوات بني إسرائيل وصلواتنا

المزامير - صلوات بني إسرائيل وصلواتنا
المزامير – صلوات بني إسرائيل وصلواتنا
  • بعض الملاحظات الاستنتاجية.
  • المزامير لدى بني إسرائيل قديماً.
  • أنواع المزامير.
  • نماذج للشرح الاستنتاجي.
  • ملاحظة خاصة على مزامير استنزال القضاء الإلهي.
  • بعض الملاحظات الحياتية الختامية.
  • تحذير.

 

إن سفر المزامير عبارة عن مجموعة من الصلوات والترانيم العبرية ذات الوحي الإلهي، وهو على الأرجح أكثر أسفار العهد القديم ألفة وتفضيلاً لدى معظم المؤمنين. ولعل كثرة إلحاق المزامير بترجمات العهد الجديد واستخدمها في العبادة والتأمل قد أضفيا على هذا السفر شهرة خاصة. لكن، بالرغم من كل هذا كثيراً ما أُسئ فهم المزامير وبالتالي أُسئ استخدامها أيضاً.

ومشكلة تفسير المزامير برزت بالدرجة  الأولى بسبب طبيعتها وماهيتها. ولأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، فقد افترض معظم المؤمنين آلياً بأن كل محتويات الكتاب المقدس هي كلمة من الله إلى الناس. وهكذا أخفق كثيرون في إدراك أن الكتاب المقدس يحتوي أيضاً على كلام من الناس موجة إلى الله أو كلام عن الله، وأن هذا الكلام بالتالي هو كلمة الله.

والمزامير هي كلمات من هذه النوعية، أي أنه بسبب كونها في الأساس عبارة عن صلوات ترانيم فهي بطبيعتها موجهة إلى الله. أو تُعِّبر عن حق إلهي بواسطة الترنيم. وهذا ما يضعنا عادة في مواجهة مشكلة استثنائية عند تفسيرنا الحياتي للآيات المقدسة. إذ كيف لنا أن نتعامل مع الكلام الموجه إلى الله وكأنه كلام من الله لنا؟ والجواب هو: لأن المزامير ليست مجرد توصيات أو أوامر أو قصص توضح التعاليم، وليس المقصود منها أن تُعلِّمنا العقيدة أو المسلك الأدبي أولاً. لكنها مفيدة لنا وخاصة عندما نستخدمها للأغراض التي وضعها الله من أجلها والذي أوحى بها لنا بنفسه.

فالمزامير تساعدنا على:

1- التعبير عن ذواتنا.

2- التأمل في طرقه.

إذن فالمزامير عظيمة في فائدتها للمسيحي الراغب في نيل العون من الكتاب المقدس ليشاركه تعبيره عن البهجة والحزن والنجاح والفشل والأمل والأسف.

إلا أنه كثيراً ما يساء تطبيق معنى المزامير بسبب كثرة إساءة فهمها؛ إذ ليست جميع المزامير من نوعية المزمور الثالث والعشرين مثلاً من حيث كونها سهلة التتبع منطقياً أو سهلة التطبيق في القرن العشرن. ففي المزمور 23 مثلاً يُرمز إلى الله كراع وإلى المرنم وبالتالي نحن كخراف؛ لأن رغبة الله هي رعايتنا في الأماكن الصالحة أو بمعنى آخر هدف الله هو سده الدائم لاحتياجتنا وتوفيره الخير لنا بكل سخاء هذا أمر واضح ومفهوم لكل مَنْ اعتاد الترنم بهذا المزمور.

لكن توجد مزامير أخرى لا يمكننا فهم معناها من النظرة الأولى. فعلى سبيل المثال كيف يمكن للدارس أن يستخدم مزموراً يصطبغ بالسلبية تماماً ويظهر شقاء المرنم في عبادة الكنيسة، أم أن مثل ذلك المزمورللاستخدام الشخصي فقط؟ وماذا عن مزمور يتحدث عن تاريخ بني إسرائيل وعن بركات الله عليهم، هل يمكن للمسيحي الاستفادة من هذا النوع من المزامير؟

أم أن مثل هذا المزمور هو وقف علي اليهود فقط؟ أو ماذا عن المزامير التي تتنبأ بعمل المسيا؟ أو التي تثني على فوائد الحكمة؟ وماذا بشأن المزامير التي تتحدث عن أمجاد الملوك البشريين لشعب إسرائيل؟ في وقت نجد فيه أن قلة من الناس هي التي لا تزال تحيا في ظل أنظمة ملكية، فهل من الصعب لمزامير من هذا النوع أن تعني الكثير.

وأخيراً، ما الذي يمكن للدارس أن يفعله بشأن الرغبة في ضرب أطفال البابليين بالصخرة في مزمور 137: 8-9؟

صديقنا الدارس، في الوقت الذي نحتاج فيه فعلاً إلى كتاب مطول لبحث كل أنواع المزامير، وكل الاستخدامات الممكنة لها، سنكتفي في هذا الفصل بإيراد بعض الإرشادات التي يمكنك بموجبها إدراك قيمة هذه المزامير واستخدمها في حياتك الخاصة، وحياة الكنيسة التي تنتمي إليها.

بعض الملاحظات الاستنتاجية التمهيدية

تماماً كما هو الحال مع كل أنواع النصوص الأخرى للكتاب المقدس – ولأن المزامير تمتاز بأدب من نوع خاص – فهي إذن تتطلب عناية خاصة عند القراءة والشرح، أي أنه علينا أن نفهم طبيعتها، بأنواعها المتعددة، وكذلك أن نفهم أشكالها ووظائفها.

المزامير كشعر:

ولعل أهم ما ينبغي أن تتذكره عند قراءتك او تفسيرك لمزمور من المزامير – وهو الأمر الأكثر وضوحاً أيضاً – أن المزامير شعر، شعر موسيقي. وقد سبق لنا أن قمنا ببحث طبيعة الشعر العبري في الفصل السابق إلا أن نقاطاً ثلاثاً أخرى تحتاج منا لأن نربطها بالمزامير.

1- تحتاج صديقنا الدارس إلى إدراك أن الشعر العبري بطبيعته كان موجهاً – إذا جاز التعبير – لمخاطبة العقل بواسطة القلب (فمثلاً، تستطيع بسهولة أن تميز اللغة المستخدمة في المزامير هي لغة عاطفة وعن قصد). لذلك عليك أخذ الحذر من المبالغة في التفسير الاستنتاجي للمزامير وتكون هذه المبالغة عادة فيما أردت البحث عن معنى خاص لكل كلمة أو جملة، في حين لم يكن في بال الشاعر أي منها.

فعلى سبيل المثال أنت تذكر أن طبيعة الشعر العبري تتضمن شكلاً من أشكال التوازي، وأن أحد هذه الأشكال هو الشكل المسمى “التوازي الترادفي” حيث يقوم الشطر الثاني بإعادة أو تعزيز ما جاء في الشطر الأول. وفي هذا النوع من التوازي يقوم الشطران معاً بالتعبير عن قصد الشاعر ولا يقوم الشطر الثاني بمحاولة قول شيء جديد أو مختلف. وكمثال على ذلك تأمل في مطلع المزمور التاسع عشر (19: 1‘2).

السموات تُحدِّث بمجد الله

والفلك يُخبر بعمل يديه

يوم إلى يوم يُذيع كلاماً

وليل إلى ليل يُبدي علماً

يقوم المرنم في هذين البيتين من التوازي الترادفي بتمجيد الله كخالق. والنقطة الجوهرية يمكن وضعها في قالب نثري بالقول: إن الله ظاهر في خليقته وبخاصة في الأجرام السماوية. إلا أن نثرنا هذا لابد له من أن يبدو فاتراً أمام شعر المزمور الرائع. فلغة الشعر الرفيعة تُعبِّر عن المعنى بشكل أفضل وبطريقة سهلة للحفظ.

لاحظ أن الشطور الأربعة لا تقول أربعة أمور مختلفة مع أن الجزء الثاني يضيف شيئاً جديداً وهو أن السماوات تعلن صانعها ليلاً ونهاراً. مع أن الشاعر لا يشير في الجزء الأول إلى أن السماوات تفعل شيئاً والفلك يفعل شيئاً آخر، فكلا شطري الجزء الأول يعلنان معاً نفس الحقيقة المجيدة.

2- هنا على الدارس أن يتذكر أيضاً أن المزامير ليست مجرد نوع من أنواع الشعر بل هي شعر موسيقي أو قصائد. إذ لا يمكنه قراءة الشعر الموسيقي بالطريقة نفسها التي يقرأ بها رسالة أو قصة من الكتاب المقدس أو مقطعاً من الشريعة. فالقصد من الشعر الموسيقي التأثير في العواطف وإثارة المشاعر لا التفكير المنطقي، وخلق استجابة من جانب القارئ تفوق مجرد فهم أو استيعاب حقائق معينة.

وهنا نقول إنه في الوقت الذي تحتوي فيه المزامير على التعاليم السلوكية وتعكس أيضاً بعض القيم العقائدية، لكنها تكاد لا تعد مصدراً للشرح العقائدي ولا يمكن أن تقوم بقراءة المزامير وكأنها تقدم تعليماً عقائدياً متكاملاً. إن كون المزامير تتناول أنواعاً معينة من الموضوعات بطريقتها الموسيقية الشعرية فهذا لا يعطينا الحق بالافتراض تلقائياً بأن الطريقة المستخدمة في المزامير للتعبير عن قضية ما هي بالضرورة مادة للبحث والجدل الذهني.

فمن منا عندما يرنم بأن إلهنا هو حصن منيع يفترض أن الله في طبيعته هو نوع من التحصينات أو بمثابة سور لا يمكن اختراقه؟ كلنا يعلم بأن الحصن المنيع هو أسلوب رمزي في تصورنا لله. كذلك عندما يقول المرنم وبالخطية حبلت بي أمي (مز 5:51) فهو لا يحاول التعليم بأن الحبل خطية، أو أن كل أنواع الحب خطية، أو أن أمه كانت آثمة لأنها حبلت، أو أي شيء من هذا القبيل.

في الحقيقة قام المرنم باستخدام أسلوب المبالغة الهادفة كي يصور لنا بقوة وحيوية أنه إنسان خاطئ. وأنت صديقنا الدارس عندما تقرأ المزامير، انتبه لكي لا تستخلص منها نظريات لم تكن مستهدفة على الإطلاق من قِبل الشاعر الموسيقي الذي أُوحي إليه بكتابة تلك القصائد.

3- من المهم أيضاً أن تتذكر بأن المفرادات الشعرية هي مجاز مقصود. لذلك يفترض فينا الحرص على البحث عن القصد من المجاز. ففي المزامير، تقفز الجبال كالكباش (4:114) يالها من طريقة عجيبة في الترنم بالمعجزات التي رافقت الخروج “سيوف في شفاه الأعداء” (7:59) من ذا الذي لم يحس بالألم الحاد الناجم عن الافتراء أو الكذب؟ وفي مرات عديدة نرى الله مصوراً كالراعي أو الحصن، أو الترس، أو الصخرة، وهنا نؤكد على أنه من المهم جداً تعلم الإصغاء للمجازات وإدراك ما ترمز إليه.

من المهم أيضاً عدم المغالاة من جهة المجازات أو أخذها بالمعنى الحرفي. فإذا أخذ أحدهم المزمور 23 حرفياً على سبيل المثال فقد يقع في خطأ فادح وذلك بافتراض أن الله يريدنا أن نكون ونتصرف كالخراف، أو أنه يريدنا أن نحيا حياة ريفية كالرعاة. فعدم القدرة على استيعاب اللغة الرمزية (المجاز والتشبيه) والقيام بتحويل الأفكار الرمزية في المزمور إلى حقائق، يمكن أن يقود الدارس إلى سوء تطبيق المزمور كلياً.

المزامير كأدب:

ولأن المزامير – كشعر موسيقي – هي نوع من أنواع النصوص، فمن المهم الانتباه إلى بعض الملامح الأدبية للمزامير عند قراءتها أو دراستها. إذ يمكن أن يؤدي الفشل في ملاحظة هذه الملامح إلى أخطاء عديدة في التفسير والتطبيق.

1- تنتمي المزامير إلى أنواع عديدة ومختلفة من الفنون الأدبية، وبسبب الأهمية الكبيرة لهذه الحقيقة أثناء فهمك للمزامير، سنسهب في الحديث عن هذه الأنواع الأساسية لاحقاً في هذا الفصل. أما الأن فما يهمنا أن تعرفه هو أن بني إسرائيل كانوا يعرفون الفرق بين مزمور المرثاة (حيث يُعبِّر الأفراد أو الجماعات عن الحزن أمام الرب ويقومون بطلب المعونة) ومزمور الحمد (حيث يُعبِّر الأفراد أو الجماعات عن بهجتهم برحمة الله التي أصبغها عليهم بالفعل).

أما في بيئتنا نحن، فلا نقوم عادة باستخدام المزامير كما استخدمها بنو إسرائيل. إذ من الصعب على أحدنا أن يفهم مزموراً ما، ما لم يكن مُلماً بنوع المزمور الذي يقرأه.

2- يتميز كل مزمور أيضاً بصيغته. ونقصد بالصيغة النوع المحدد بالسمات (وبخاصة البنية)، هذا النوع الذي تشترك فيه مجموعة من المزامير. فعندما يفهم الدارس بنية مزمور ما، عندها فقط يستطيع تتبع أحداث ذلك المزمور. فيمكنه على سبيل المثال الانتقال من موضوع إلى آخر، وإدراك كيفية توجه المرنم للتركيز على بعض الأمور وذلك من أجل إدراك رسالة المزمور. في دراسة كهذه ستتمكن صديقنا من رؤية ذلك بوضوح من خلال الأمثلة الاستنتاجية التي سنوردها لاحقاً.

3- كل نوع من المزامير يهدف إلى أداء وظيفة معينة في حياة بني إسرائيل. وبسبب احتلال هذه القضية أهمية خاصة، لذلك سوف نعطيها اهتماماً خاصاُ أدناه. أما الآن علينا إلا أن نتذكر بأن لكل مزمور هدفاً مقصوداً منه. فعلى سبيل المثال، ليس من المنطق في شيء أن نقوم بقراءة مزمور ملوكي في حفل زفاف، وذلك لأن وظيفة هذا المزمور الأصلية كانت الاحتفال بنظام إسرائيل الملكي الذي يُمسح فيه الملك. ولم يكن مقصوداً منه أبداً أن يُستخدم في مراسم الزفاف.

4- على الدارس أن يتعلم أيضاً تمييز الأنماط المختلفة في المزامير. إذ كثيراً ما كان المرنمون يجدون سروراً في ترتيبات معينة أو تكرار معين لكلمات وأصوات، وكذلك في إستخدام أساليب لغوية متعددة المعاني. علاوة على ذلك، تتميز بعض المزامير بالأسلوب الجمالي، فلو جمعت مثلاً أوائل حروف أبيات القصيدة أو أواخرها فستشكل هذه الحروف الأبجدية كاملة. والمزمور 119 مثال على ذلك، فنمط السرد والتكرار الذي يميزه يقود القارئ وبشكل فاعل إلى قائمة من الفوائد التي يمكن أن يجنيها من شريعة الله، وإلى المسؤوليات المترتبة تجاه تلك الشريعة.

أخيراُ ينبغي قراءة كل مزمور كوحدة أدبية. إذ يجب التعامل مع كل مزمور كوحدة واحدة، بدلاً من تجزئته إلى أيات منفردة أو أفكار مستقلة، كما يحدث عادة أثناء التعامل مع سفر الأمثال، حيث نرى الأمثال كاللآلئ الكثيرة المربوطة بعقد بحيث يتم التمتع بكل لؤلؤة على حدة، في منأى عن اللآلئ الأخرى. ومن المفيد أيضاً عند قراءة المزامير أن نتتبع تدفق المزمور وتوازنه، فلكل مزمور نمطه في التوسع بحيث يتم تطوير أفكاره وتقديمها للخروج منها بخلاصة ما.

على الدارس ان يحذر بشكل خاص أخذ آيات بمفردها من مزمور ما بالانفصال عن قرينتها.

ونظراً لتميز أي مزمور بالوحدة الأدبية، فعلى الدارس أن يحذر بشكل خاص اخد آيات بمفردها من مزمور ما بالانفصال عن قريتنها، وتفسيرها بناء على فحواها فقط وكأنها لا تحتاج إلى قرينة تُفسر بموجبها. فغلى سبيل المثال، تأمل في مزمور 34:105 “أمر فجاء الجراد وغوغاء بلا عدد”، إن قمنا بعزل هذه الآية عن قرينتها فقد يبدو عندها  وكأن الجراد والغوغاء بشكل عام هم وكلاء الله المعينون للقيام بمهام  في الأرض، او كأن الجراد والغوغاء هي وسيلة الله لتنفيذ كلمته.

في هذه الحالة كيف يمكننا إذاً أن نوفق بين هذا وما جاء في مزمور12:85 أيضاً “الرب يعطي الخير، وأرضنا تعطي غلتها” خاصة وأن الجراد والغوغاء سبب خراب الأرض (انظر يؤ 25:2)؟

وكيف يمكن لكلمة الله أن تجلب الجراد والغوغاء في الوقت الذي يؤكد الله فيه أنه سيجلب الخير على الأرض وأن الأرض ستعطي غلتها؟ الجواب طبعاً هو وجود إطار للمعنى في القرينة الكاملة للقصائد الموسيقية التي تنتمي إليها كل آية، وذلك الأطار هو الذي يساعد في تحديد معاني الكلمات في آيات كهذه، كما يساعد على فهمها بحسب القصد الحقيقي منها وليس بحسب بعض المقاصد التي يمكن أن نعزوها نحن لتلك الكلمات في غياب فهمنا للقرينة.

المزمور 85 يمثل استعراضاً للخيرات التي يُنعم بها الله على أرض إسرائيل كمثال على مدى وفائه بعهوده. أما المزمور 105 فيصف الطريقة التي استخدم الله بها الجراد والغوغاء في أيام الضربة التي أجبر بها فرعون على إطلاق بني إسرائيل من أرض مصر.

في الحقيقة إن إخراج أجزاء من المزامير من قرينتها يؤدي إلى خلاصات غير صحيحة. وكلما قام أحدهم بأخذ قطعة أدبية واستخدمها بشكل غير صحيح، ستعجز تلك القطعة الأدبية عن أداء الدور المُسند إليها أصلاً. ولو أدى الأمر إلى إساءة تطبيق جزء واحد فقط من أي مزمور فسيؤدي ذلك إلى إساءة فهم قصد الله عندما أوحى بذلك الجزء.

المزامير لدى بنى إسرائيل قديماً

كانت المزامير أناشيد ذات وظيفة، إذ كتبت لتستخدم في العبادة عند بني إسرائيل القدامى. وعندما نقول إن للمزامير وظيفة، فمعنى ذلك أنها لم تكن مجرد ترانيم تُرنم كما في أيامنا وتفصل بين أجزاء خدمة العبادة استعداداً لسماع العظة، لكنها شكلت وظيفة هامة في الربط ما بين الساجد والله.

وهنا نقول إنه ليس من الممكن تحديد تاريخ كتابة معظم المزامير، إلا أن هذا لا يُشكل مشكلة استنتاجية كبيرة بالنسبة لنا. فالمزامير صالحة بشكل ملحوظ لكل الأزمنة. ومع أن استخدمها في إسرائيل قديماً تُعد بمثابة دروس لنا، لكنها لا تقيّدنا بأسلوب العبادة والصلاة الذي كان سائداً آنذاك. وفي الوقت الذي تتحدث فيه المزامير إلى قلوب المسيحيين كأفراد أو كجماعة تجتمع معاً للعبادة، فإن قيمتها التي لا تحددها الحدود البيئية أو الجغرافية تبدو واضحة للعيان.

كانت المزامير في الأزمنة القديمة تستخدم عموماً في توجيه العبادة عندما كان بنو إسرائيل يقدمون الذبائح في الهيكل في اورشليم. وهنا من الجائز القول إن المرنمين الموهوبين كانوا ينشدون المزامير أثناء قيام الشعب بالعبادة، مع أن هذا الأمر صعب الإثبات. لكن من الواضح أن المزامير ومعرفة المزامير شقت طريقها إلي خارج الهيكل، وبدأ الناس ينشدونها في مواقف كثيرة خاصة عندما كانت كلمات المزامير تُعبِّر عن ظروفهم وأحوالهم.

ولقد تم أخيراً جمع المزامير في خمسة كتب (الكتاب الأول مزمور 1-41، الكتاب الثاني مزمور 24-72، الكتاب الثالث مزمور 73-89، الكتاب الرابع مزمور 90-106، الكتاب الخامس مزمور 107-150). ولأن مجموعات معينة من المزامير تتمتع ببميزات خاصة، فمن المحتمل أنها جُمعت أصلاً ضمن فئات إضافية ثم تم ضمها فيما بعد للكتب الخمسة الرئيسية. مع أن هذه الفئات لا تُشكل الآن أية أهمية في الترتيب الحالي لسفر المزامير، وذلك لأننا نرى فيه أشكالاً أدبية كثيرة ومختلفة موزعة في أنحاء السفر كله.

وبحسب عناوين المزامير، التي لم تكن جزءاً من المزامير نفسها، فإن داود كتب نصف سفر المزامير تقريباً إذ قد كتب ما مجموعه 73 مزموراً. أما موسى فقد كتب مزموراً واحداً مزمور 90 وكتب سليمان مزمورين 72،127 وقام بنو أساف وبنو قورح بكتابة عدة مزامير أخرى…الخ.

ومما يبدو واضحاً أنه لدى عودة بني إسرائيل من السبي وبنائهم الهيكل تم جمع المزامير في مجموعة رسمية لتكون بمثابة كتاب ترانيم الهيكل وتم وضع المزمور الأول في البداية كمقدمة للباقي والمزمور 150 في النهاية كخاتمة.

ويمكننا أن نفهم من العهد الجديد بأن الرب يسوع وتلاميذه بشكل خاص،واليهود بشكل عام كانوا يعرفون المزامير جيداً، فقد كانت جزءاً من عبادتهم. حتى بولس الرسول يمكننا أن نراه وهو يحث المسيحيين الأوائل في أن يشجعوا بعضهم بعضاً بالمزامير “مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية” (أف 19:5؛ كو 16:3).

إن هذه التعابير الثلاثة يمكن أن تشير إلى المزامير مع أنه من المحتمل أيضاً أن يكون بولس الرسول قد قصد أنواعاً أخرى من الترنيم المسيحي القديم.

أنواع المزامير

من الممكن تصنيف المزامير تحت سبعة أنواع مختلفة، ومع أننا قد نجد أحياناً تداخلاً بين تلك الأنواع، إضافة إلى وجود أنواع أصغر تنقسم إليها، إلا أن هذا التصنيف نافع لإرشاد القارئ للإفادة من المزامير جيداً.

مزامير الرثاء:

تشكل مزامير الرثاء المجموعة الأكبر من المزامير في هذا السفر، إذ يوجد أكثر من ستين مزموراً رثائياً بما فيها مزامير تحكي عن مراثي فردية وأخرى جماعية. إن المراثي الفردية (مثل 3، 22، 31، 39، 42، 57، 71، 139، 120، 142) هي مزامير تساعد قارئها على التعبير للرب عن الصراعات أو الجهاد، أو خيبة الأمل. أما المراثي “الجماعية” (مثل 12، 44، 80، 94، 137) فهي تفعل الفعل ذاته لكن لمجموعة من الناس وليس لفرد واحد. فهل أنت مُثبط العزيمة؟ هل تمر كنيستك في مرحلة صعبة؟

هل أنت ضمن مجموعة كبيرة كانت أم صغيرة وتساءل لماذا لا تسير الأمور كما ينبغي؟ إن كان الأمر كذلك، فإن استخدام المراثي سيكون عاملاً مساعداً في تمكينك من التعبير للرب عن إحباطك. كثيراً ما مر الشعب اليهودي القديم بأوقات عسيرة، وها هي المراثي في سفر المزامير تُعبِّر عن الضيق الذي عاناه ذلك الشعب تعبيراً عميقاً وصادقاً.

مزامير الحمد:

استخدمت هذه المزامير، كما يدلنا عليها الاسم أعلاه، في ظروف مغايرة تماماً لتلك التي استدعت المراثي. إذ أن هذه المزامير قد عبِّرت للرب عن الفرح لحدوث أمر جديد، أو لسير الأحوال بشكل أحسن، أو ربما كُتبت لأن الشعب أحس بدافع تقديم الشكر لله على أمانته، وحمايته، وخيراته. تقوم عادة مزامير الشكر بمساعدة قارئها على التعبير عن أفكار ومشاعر الامتنان. وفي مجموعها، نرى ستة مزامير حمد جماعية (65، 67، 75، 107، 124، 136) وعشر مزامير حمد فردية (18، 30، 32، 34، 40، 66، 92، 116، 118، 138) في هذا السفر.

مزامير التسبيح:

دون الإشارة إلى المحن السابقة أو الإنجازات المفرحة. هذه المزامير جاءت تركز فقط على تسبيح الله على شخصه، وعلى عظمته وجوده على كل الأرض، كما لشعبه، بالطبع يمكننا تسبيح وتمجيد الله كخالق الأكوان (مزمور 8، 19، 104، 148). ويمكن تسبيحه أيضاً لكونه المدافع عن بني إسرائيل والمعطي لهم الخيرات (66، 100، 111، 114، 149). كما أنه يمكننا تسبيحه كالسيد على التاريخ (33، 103، 113، 117، 145، 146، 147). فالله إذ يستحق التمجيد. وهذه المزامير تناسب بشكل خاص تسبيح الله سواء في العبادة الفردية أو الجماعية.

مزامير تاريخ الخلاص:

تركز هذه المزامير القليلة (78، 105، 106، 135، 136) على استعراض لتاريخ أعمال الله الخلاصية لبني إسرائيل، وبخاصة إنقاذه لهم من العبودية في مصر، وتكوينه لهم كأمة.

مزامير الاحتفالات:

نجد أنواعاً عديدة من المزامير هنا تحت هذا الباب. فالمجموعة الأولى هي “صلوات تجديد العهد” مثل المزمورين 50،81 اللذين يهدفان إلى قيادة الناس إلى تجديد العهد الذي أعطاهم الله إياه قبلاً على جبل سيناء. وتمثل هذه المزامير إرشادات مفيدة لاجتماع غرضه تجديد عهودنا. وكثيراً ما تم تسمية المزمورين 89،132 مزموري داود للعهد إذ يبرزان أهمية اختيار الله لنسل داود.

وحيث أن هذا النسل قد جاء منه ربنا يسوع المسيح فهذه المزامير تشكل خلفية لخدمته كالمسيا. هناك أيضاً تسعة مزامير أخرى في سفر المزامير تتناول قضية الملك بشكل خاص، ونطلق على هذه المزامير اسم المزامير الملكية (2، 18، 20، 21، 45، 72، 101، 110، 144). يُشكِّل أحد تلك المزامير (18) مزمور حمد ملكي، بينما يشكل آخر (144) مرثاة ملكية. لقد كانت الملكية عند بني إسرائيل نظاماً هاماً، لأن الله كان يوفر من خلاله الآستقرار والحماية.

وعلى الرغم من أن معظم ملوك بني إسرائيل كانوا غير أمناء لله فقد كان الله قادراً على استخدامهم للأغراض النافعة. فالله يعمل في المجتمع من خلال وسائط، ولعل مدح وظيفة تلك الوسائط هو ما نجده في المزامير الملكية.

إن المزامير التي أسميناها مزامير التتويج (24، 29، 47، 93، 95-99)، كانت مرتبطة عادة بالمزامير الملكية. ولعل هذه المزامير قد استخدمت فعلاً في احتفالات اعتلاء الملوك لعرش إسرائيل قديماً، وربما كانت هذه الاحتفالات تتكرر سنوياً. ولقد اتفق بعض الدارسين على أن تلك المزامير كانت تمثل تتويج الرب نفسه، وأنها استخدمت كصلوات في بعض المناسبات التي احتفل فيها بهذا الأمر، لكن الدليل على ذلك غير كاف.

وأخيراً، هناك فئة من المزامير تدعى أناشيد صهيون أو أناشيد مدينة أورشليم (46، 48، 76، 84، 87، 122). فبحسب النبوات التي أعطاها الله لموسى في البرية (مثلاً تثنية 12)، كانت أورشليم المدينة المركزية لإسرائيل، وفيها بنى الهيكل، ومنها مارس داود سلطاته الملكية. لذلك تحتل أورشليم بصفتها المدينة المقدسة مكانة هامة في احتفالات واهتمام تلك الأناشيد. وحيث أن العهد الجديد يستخدم كثيراً الرمز الخاص بأورشليم الجديدة (السماء) تظل هذه المزامير جزءاً هاماً من العبادة المسيحية.

مزامير الحكمة:

يمكن إدراج ثمانية مزامير تحت هذا الباب (36، 37، 39، 73، 112، 127، 128، 133). ويمكننا القول أيضاً بأن أمثال 8 هو مزمور في حد ذاته، يمتدح – مثله مثل المزامير الأخرى – فضائل الحكمة والحياة بحكمة. ومن أجل الفائدة، يمكن قراءة تلك المزامير جنباً إلى جنب مع سفر الأمثال (انظر الفصل 12).

مزامير الاتكال:

هذه المزامير العشرة (11، 16، 23، 27، 62، 63، 91، 121، 125، 131)، تركز انتباهنا على حقيقة أنه يمكن الاتكال على الله والثقة به، وأنه حتى وفي أوقات اليأس، فإنه ينبغي التعبير عن صلاح الله وعنايته بشعبه. فالله يبتهج عندما يرى الذين يؤمنون به وقد وثقوا فيه وائتمنوه على حياتهم وعلى ما يختار هو أن يمنحهم. نعم فهذه المزامير تساعدنا على التعبير عن ثقتنا بالله، سواء كانت أوضاعنا حسنة أم لا.

نماذج للشرح الاستنتاجي

حتى نتمكن من توضيح أن معرفة نمط المزمور وبنيته يساعدنا في فهم رسالته، قمنا باختيار مزمورين للدراسة، أحدهما مرثاة شخصية والآخر مزمور حمد.

المزمور الثالث مرثاة:

عند قيام الدارسين بمقارنة جميع مزامير المراثي، استطاعوا فرز ستة عناصر تظهر بطريقة أو بأخرى في جميع تلك المزامير. وإليك هذه العناصر بحسب ترتيبها الأكثر تكراراً:

1- العنوان: وهنا يقوم كاتب المزمور بتحديد هوية مَنْ كتب المزمور لأجله وهو بطبيعة الحال الرب.

2- الشكوى: يقوم المرنم أو كاتب المزمور في هذا الجزء بتقديم شكواه بكل صدق وفاعلية ذاكراً طبيعة المشكلة والسبب الذي استدعى تدخل الله.

3- الاتكال: أما هنا فيقوم المرنم مباشرة بالتعبير عن الاتكال على الله (لماذا تشكو إلى الله طالما لا تثق به؟) علاوة على ذلك عليك أن تثق في الله لكي يجيب شكواك بالطريقة التي يراها هو مناسبة وليس بالضرورة أن تكون كما تراها أنت.

4- الإنقاذ: في هذا المقطع يتوسل المرنم إلي الله لكي ينقذه من الحالة التي قدم وصفاً لها في شكواه.

5- اليقين: هنا يُعبِّر المرنم عن يقينه من أن الله سيقوم بالإنقاذ وهذا اليقين عادة ما يوازي عملية التعبير عن الثقة.

6- التسبيح: في النهاية يقوم المرنم بالتسبيح شاكراً الله ومعطياً إياه المجد والكرامة من أجل بركات الماضي والحاضر والمستقبل.

اَلمَزمُورُ الثَّالثُ

مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ حِينَمَا هَرَبَ مِنْ وَجَهْ أَبْشَالُومَ ابِنْهِ

1 يَارَبُّ، مَا أَكْثَرَ مُضَايِقِيَّ! كَثِيُرونَ قَائِمُونَ عَلَيَّ.

 2 كَثِرُونَ يَقُولُونَ لِنَفْسِي: “لَيْسَ لَهُ خَلاَصٌ بِإِلهِهِ” سِلاَهْ.

 3أَمَّا أَنْتَ يَارَبُّ فَتُرْسٌ لِي. مَجْدِي وَرَافِعُ رَأْسِي.

4بِصَوْتِي إِلَى الرَّب أَصْرُخُ، فَيُجِيبُنِي مِنْ جَبَلِ قُدْسِهِ. سِلاَهْ.

5أَنَا اضْطَجَعْتُ وَنِمْتُ. اسْتَيْقَظْتُ لإَنَّ الرَّبَّ يَعْضُدُنِي.

6لاَ أَخَافُ مِنْ رِبْوَاتِ الشُّعُوبِ الْمُصْطَفينَ عَلَيَّ مِنْ حَوْلِي.

7قُمْ يَا رَبُّ! خَلصْنِي يَا إِلهِي! لِأَنَّكَ ضَرَبْتَ كُلَّ أَعْدَائِي عَلَى الْفَك. هَشَّمْتَ أَسْنَانَ اْلأَشْرَارِ.

8لِلرَّب الْخَلاَصُ. عَلَى شَعْبِكَ بَرَكَتُكَ. سِلاَهْ.

يمكنك التعرف إلى العناصر الستة للمرثاة في المزمور أعلاه كما يلي:

1- العنوان: وهو يا رب (عدد 1) لاحظ عدم وجوب الإطالة والتفنن في العنوان فالصلوات البسيطة تساوي الصلوات البليغة في فاعليتها؛ إذ لا نحتاج معها إلى أن نتملق الله.

2- الشكوى: نرى الشكوى موصوفة في باقي العدد الأول وكل العدد الثاني حيث يصف داود الأعداء (الذين يمكن أن يكونوا في هذه المزامير رموزاً مشخصية لكل أنواع البؤس أو المشاكل) ثم يصف مدى كآبة حاله. وهنا نقول بأنه يمكننا التعبير عن أية صعوبة بهذا الشكل.

3- الاتكال: تشكل الأعداد 3-6 هنا تعبيراً عن الثقة في الرب فهي تصف مَنْ هو الرب، وكيفية إجابته الصلاة، وكيفية حفظه لسلامة شعبه حتى عندما يبدو الحال دافعاً إلى اليأس – وبالتالى، فإن جميع هذه تشير إلى أن الله أهل للثقة.

4- الإنقاذ: في الجزء الأول من العدد 7 يقوم داود بالتعبير عن التماسه (والتماسنا) عون الرب (قم يا رب خلصني يا إلهي). لاحظ كيف أن طلب المعونة بشكل مباشر ظل حبيساً حتى هذه المرحلة من المزمور وجاء بعد التعبير عن الثقة بالله. وهذا الترتيب أمر اعتيادي إلا أنه ليس مطلباً أو شرطاً. ويمكننا أن نلاحظ هنا بأن التوازن بين الطلب والتسبيح يميز هذه المراثي ويجدر بنا أن نتعلَّم هذا في صلواتنا.

5- اليقين: يتألف عنصر اليقين هنا مما قد تبقى من العدد السابع “لأنك ضربت كل أعدائي على الفك. هشمت أسنان الأشرار”. وقد تتساءل وأي يقين هو هذا الذي يصور الله كملاكم؟ والجواب هنا مرة أخرى هو: أن اللغة المستخدمة في هذا العدد هي لغة مجازية وليست حرفية.

ولعل التعبير التالي يعتبر إعادة صياغة لهذا العدد صياغة ملائمة: (أنت قمت يا رب بطرح كل مشاكلي عني) وذلك لأن كلمة الأعداء وكلمة الأشرار عادة ما ترمز إلى المشاكل والمحن التي عصفت بداود وتعصف بنا. فبهذه اللوحة الناطقة تم تصوير هزيمة ما يعترض طريقنا؛ لكن تذكر بأن هذا المقطع من المزمور لا يعد شعب الله بعدم الوقوع في المشاكل، لكنه يؤكد على أن الله وفي توقيته الإلهي سيرعى شؤوننا وسط المشاكل الكبيرة التي تعترضنا وبحسب خطته لنا.

6- التسبيح: أما العدد الثامن فيُعبَّر عن تمجيد الله على أمانته، ويسمى الله هنا بالمخلّص، وفي معرض طلب بركته يعلن المرنم بأن الله هو مصدر البركة. (إذ أنك تسأل عن البركة ممن لا يعطونها).

هناك الكثير لنتعلمه من المرثاة الواردة بالمزمور الثالث، ولعل أهمية الصلاة المتوازنة تحتل رأس القائمة (يجب موازنة الطلبة بالشكر والشكوى بالثقة). إن الأمانة في ما نقوله تقودنا إلى التعبير عن أنفسنا بصراحة قدام الله بدون محاولة تغطية مشاكلنا (لاحظ مدى الحرية أو القوة التي حددت لداود كيفية التعبير عن شكواه والتماسه).

وعلى الرغم مما سبق فإن غاية المزمور ليست التعليم بل الإرشاد. ويمكننا استخدام هذا المزمور عندما نصل إلى حافة اليأس والإحباط وعندما نحس بالهزيمة من جراء ما يدور حولنا من مشاكل. في الحقيقة إن مزموراً كهذا يساعدنا على التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا وعلى الأتكال على أمانة الله، تماماً كما ساعد بني إسرائيل قديماً. فلقد وضع الله في الكتاب المقدس هذا النوع من المزامير ليمكننا من الاتصال به: “ملقين كل همكم عليه لأنه هو يعتنى بكم” (1 بط 7:5).

أما مزامير الرثاء الجماعي فهي تسير على هذا النمط السابق ذي الخطوات الست. وبإمكان الكنيسة أو جماعة من المؤمنين استخدام هذه المزامير كصلاة عند مواجهة الصعوبات بطريقة تماثل استخدام الفرد للمزمور الثالث.

المزمور المئة والثامن والثلاثون: مزمور حمد

تتميز مزامير الحمد ببنية مختلفة كما هو متوقع لأنها تُعبَّر عن هدف مختلف. إليك عناصر مزمور الحمد:

1- المقدمة: يتم هنا تلخيص شهادة المرنم لمعونة الله التي عملها.

2- المحنة: يتم وصف الحالة التي تدخل الله فيها للإنقاذ.

3- الالتماس: يكرر المرنم الالتماس الذي قدمه لله.

4- الإنقاذ: يتم وصف الإنقاذ الذي قام به الله.

5- الشهادة: يتم تسبيح الله على رحمته.

وكما ترى من العناصر السابقة، فإن مزامير الحمد تركز على الترنم بمراحم الله السابقة. فمزمور الحمد عادة شكر الله على ما صنعه. لكن يمكننا وبسهولة أن نُغير في ترتيب هذه العناصر بشكل كبير، لأن الترتيب الثابت لهذه العناصر يحد وبشكل غير ملائم من التجديد الذي يقوم به المرنم بوحي إلهي.

المزمور المئة والثامن والثلاثون

لِدَاوُدَ

1أَحْمَدُكَ مِنْ كُل قَلْبِي. قُدَّامَ الآلِهَةِ أُرَنمُ لَكَ.

2أَسْجُدُ في هَيْكَلِ قُدْسِكَ، وَأَحْمَدُ اسْمَكَ عَلَى رَحْمَتِكَ وَحَقكَ، لِأَنَّكَ قَدْ عَظَّمْتَ كَلِمَتَكَ عَلَى كُل اسْمِكَ.

3في يَوْمَ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي. شَجَّعْتَنِي قُوَّةً في نَفْسِي.

4يَحْمَدُكَ يَا رَبُّ كُلُّ مُلُوكِ اْلاَرْضِ، إِذَا سَمِعُوا كَلِمَاتِ فَمِكَ.

5وَيُرَنُمُونَ في طُرُقِ الرَّب، لِأَنَّ مَجْدَ الرَّب عَظِيمٌ.

6لِأَنَّ الرَّبَّ عَالٍ وَيَرَى الْمُتَوَاضِعَ، أَمَّا الْمُتَكَبرُ فَيَعْرِفُهُ مِنْ بَعِيدٍ.

7إِنْ سَلَكْتُ في وَسَطِ الضيْقِ تُحْينِي. عَلَى غَضَب أَعْدَائِي تَمُدُ يَدَكَ، وَتُخَلصُنِي يَمِينُكَ.

8الرَّبُّ يُحَامِي عَني. يَارَبُّ، رَحْمَتُكَ إلَى الْأَبَدِ. عَنْ أَعْمَالِ يَدَيْكَ لاَ تَتَخَلَّ.

1- المقدمة: يُعبَّر داود في العددين 1-2 عن عزمه على حمد الله على محبته وأمانته اللتين أظهرهما ، وكذلك على عظمة الله التي في حد ذاتها تستحق الثناء.

2- المحنة: لا توجد أية إشارة في العدد 3 إلى طبيعة المحنة – التي قد تكون نوعاً من الصعوبة التي صرخ داود إلى الله في وسطها، وعليه فإن هذا المزمور يصلح لكل مؤمن يرغب في شكر الله على أي نوع من المعونة.

3- الالتماس: العدد 3 يتضمن أيضاً عنصر الالتماس فداود يحمد الله علي استجابته له في محنته (غير المذكورة هنا).

4- الإنقاذ: وهنا نرى أن للعددين 6-7 صلة وثيقة جداً بالموضوع. وقيام الله بالالتفات إلى عبده غير المستحق، وكذلك حفظه لحياته وسط الضيق (ربما عدة مرات لأن الفعل هنا تحيني يأتي في زمن المضارع) وإنقاذه لداود من خصومه – كل هذا يمكِّننا ويساعدنا كمؤمنين بالمسيح على أن نُعبَّر عن تقديرنا لله على كل معونته لنا في الماضي.

5- الشهادة: تخبرنا الأعداد 4، 5، 8 بشهادة داود (وشهادتنا) وبالتالي عن صلاح الله. فرحمة الله تجعله مستحقاً أن يحمده عليها عظماء الأرض 4-5 ولهذا السبب يمكن الاستناد إليه والتماس رحمته من أجل أن يحقق وعوده ومقاصده، ورحمة الرب لا تنضب أبداً (عدد 8).

يالها من نظرة عظيمة الشأن عن علاقتنا بالله تلك التي يحتويها نشيد كمزمور 138، فهذا المزمور يفيدنا في إرشاد أفكارنا ومشاعرنا عندما نتمعن في أمانة الله التي أظهرها لنا عبر السنين.

وهنا نقول: إذا كنت راغباً في متابعة ما تشتمله أنواع أخرى من المزامير غير المذكورة في هذا السياق، فستحتاج للاستعانة بكتاب تفسير جيد للمزامير. غير أنه يمكنك الوصول إلى عدد كبير من النتائج المرجوة من خلال مجرد قراءة عدة مزامير من نوع واحد ومن ثم القيام بتحليل المميزات التي تتصف بها. ولعل أهم أمر ينبغي عليك مراعاته هو معرفة أن كل مزمور يختلف عن الآخر، وأن تمييزاً حكيماً لأنواع المزامير سيقود إلى إستخدامها استخداماً حكيماً.

ملاحظة خاصة على

مزامير استنزال القضاء الإلهي

لعل أحد الأسباب التي جعلت المزامير محببة إلى شعب الله في كل العصور هو لغتها الشاملة. فنحن نجد في المزامير كل المشاعر الإنسانية، حتى المفرطة منها. ومهما بلغت درجة حزنك، فسفر المزامير يساعدك على التعبير عنه برثاء ملموس عند الضرورة (انظر مزمور 69: 7-20 أو 88: 3-9). أو مهما بلغت درجة سعادتك، سيساعدك سفر المزامير كذلك على التعبير عنها (انظر مزمور 98 أو 133 أو 23: 5-6). ومن الصعوبة بمكان منافسة مثل هذه اللغة البليغة.

فالفرح أو الحزن ليسا بخطية. أما المرارة والكراهية والحقد، فقد تؤدي  بالإنسان إلي أفعال أو أفكار خاطئة، مثل أن يتمنى أو حتى يحاول إيذاء الآخرين. ومما لاشك فيه أن تعبير الإنسان عن غضبه بالكلام أو التنفيس عن هذا الغضب بالكلمات أفضل من التعبير عنه بأعمال العنف.

وهنا تقوم فعلاً بعض أجزاء من مزامير معينة بمساعدتنا بهذه الطريقة وهي بذلك تضيف أيضاً بٌعداً جديداً إذ توجه غضبنا أو توصله إلى الله بالكلام، بدلاً من أن نصبه على شخص آخر، سواء بالكلام أو الفعل. إن المزامير التي تتضمن غضباً على الآخرين مُعبراُ عنه بالكلام إلى الله، يطلق عليها اسم “مزامير استنزال القضاء الإلهي”.

فمحاولة إنكار وجود أفكار سلبية عندنا ضد الآخرين أحياناً هي محاولة غير نافعة وغير صادقة، سواء كانت هذه الأفكار خطية أم لا. ويدعونا الله من خلال مزامير استنزال القضاء إلى أن نغضب بدون أن نخطئ (مزمور 4:4). وعلينا أن نطيع تعاليم العهد الجديد القائل:

“لا تغرب الشمس على غيظكم، ولا تعطوا إبليس مكاناً” (أف 4: 26-27)، وذلك بأن نُعبَّر عن غضبنا إلى الله ومن خلاله بدلاً من أن نسعى إلى مجازاة مَنْ أساءوا إلينا بالإساءة إليهم بدورنا. إن مزامير استنزال القضاء تحد من غضبنا وتساعدنا على التعبير عنه أمام الله باستخدام صيغ المبالغة الصريحة والهادفة والتي تعرفنا إليها من خلال أنواع المزامير الأخرى.

إن الأجزاء المتعلقة باستنزال القضاء في المزامير ترد في معظم الأحوال على شكل مراثي. والمزمور 3 الذي سبق وتحدثنا عنه بالتفصيل، يحتوي في عدده السابع على جزء متعلق باستنزال القضاء، وهذا الجزء يماثل الأجزاء المناظرة له في باقي المزامير من حيث كونه مختصراً؛ واذا فكلماته ليست مزعجة لدرجة كبيرة بالمقارنة مع مزامير اخرى فيها بعض الأجزاء المتعلقة باستنزال القضاء والتي تتميز بالطول والقسوة (انظر بعض أجزاء المزامير 12، 35، 58، 59، 69، 70، 83، 109، 137، 140). تأمل على سبيل المثال في مزمور 137: 7-9.

المزمور المئة والسابع والثلاثون

7اُذْكُرْ يَارَبُّ لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ، الْقَائِلِنَ: “هُدُّوا، هُدُّوا حَتَّى إِلَى أَسَاسِهَا”.

8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ،

9طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكَ الَّذِي جَازَيْتِنَا! طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبْ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!

يُعد المزمور 137 مرثاة تصف معاناة شعب إسرائيل القديم في السبي فقد تم تدمير عاصمتهم أورشليم، وتم للبابليين الاستيلاء على ارضهم بمساعدة وتشجيع من الأدوميين (انظر سفر عوبديا).

وفي ضوء كلمة الله القائلة ” لي النقمة والجزاء” (تث 35:32 انظر أيضاً رو 19:12)، قام كاتب هذه المرثاة بطلب استنزال قضاء الله بحسب اللعنات الواردة في العهد (انظر الفصل العاشر من هذا الكتاب) وتلك اللعنات تشمل تدبير إبادة الجماعة الشريرة، بما فيها أفراد العائلات (تث 5:32 ؛ 28: 53-57). وبطبيعة الحال، لا يوجد في الكتاب المقدس ما يعلِّم بأن هذا القضاء الزمني أو الوقتي ينبغي أن يؤخذ كإشارة إلى المصير الأبدي لأولئك الأفراد من العائلة.

فما فعله كاتب المزمور 137 هو مجرد التعبير لله عن مشاعر شعب إسرائيل المتألم مستخدماً صيغة المبالغة كتلك الموجودة في لعنات العهد نفسها. يبدو أن قيام الكاتب بمخاطبة البابليين مباشرة مجرد أسلوب عمل ذلك المزمور – إذ أننا نراه أيضاً يذكر مدينة أورشليم في العدد 5.

والسامع الحقيقي لهذه الكلمات الغاضبة هو الله (عدد 7)، كما أن الله وحده الذي يجب أن يستمع إلى كلماتنا الغاضبة. إن فهمنا لهذه الكلمات ضمن سياقها اللغوي كجزء من لغة المراثي واستخدمنا إياها لتوجيه وضبط الغضب الذي ربما يؤدي للخطية، سيجعل مزامير استنزال القضاء تساعدنا فعلياً على عدم الوقوع في الخطية. أما أن نضمر للآخرين الغضب أو نبوح به أمامهم فهذا أمر علينا جميعاً تحاشيه (مت 22:5).

ومزامير استنزال القضاء هذه ليست مناقضة لتعاليم الرب يسوع بأن نحب أعداءنا. إننا نخطئ عندما نساوي ما بين المحبة ومشاعر الود. لأن تعاليم السيد المسيح تحدد المعنى الحقيقي للمحبة غير المتعلق بطبيعة شعورك تجاه شخص ما، بقدر ما هو متعلق بموقفك العملي حيال هذا الشخص بحيث تظهر محبتك (لو 10: 25-37). الوصية الكتابية هي أن تمارس المحبة، وليس أن تحس بها فحسب.

كذلك مزامير استنزال القضاء، فهي تعيننا على ألا نتصرف بغضب عندما نشعر بالغضب؛ إذ علينا أن نُعبَّر لله بأمانة عن غضبنا بغض النظر عن مدى ما يصاحبه هذا الأمر من الشعور بالمرارة أو البغض ومن ثم نفسح المجال لله في أن يتولى إجراء العدالة مع أولئك الذين يسيئون إلينا. والخصم الذي يتمادى في شره فوق احتمالنا يضع نفسه حقاً في مأزق (رو 20:12). إذاً فالدور السليم لهذه المزامير هو في مساعدتنا حتى لا يغلبنا الشر، وفي تحريرنا من الغضب لنتمكن من أن نغلب الشر بالخير (انظر رو 21:12).

كلمة أخيرة: لقد تمت – وبشكل عام – إساءة فهم المعنى الحقيقي لتعبير البغض في سفر المزامير، فعندما يقول المرنم بأنه لا يمتلك إلا مشاعر البغض تجاه أعدائه “بغضاً تاماً أبغضتهم” فهو لا يُعبَّر عن خطية وإلا فإن تصريح الله ” وأبغضت عيسو” (ملا 2:1؛ رو 13:9) تجعل الله خاطئاً، حاشا.

إن كلمة “بغض” في اللغة العبرية، تحمل في بعض القرائن معنى الاحتقار ولكنها يمكن أن تعني أيضاً عدم القدرة أو الاستعداد للتحمل أو تعني الرفض وهذان المعنيان كلاهما موجودان في قاموس اللغة العبرية كمرادفين لكلمة بغض. لذلك وعلى هذا الأساس لا يجوز لنا الحكم على لغة مزامير استنزال القضاء الإلهي وكأنها مخالفة لتعاليم الكتاب المقدس الأخرى بما فيها متى 22:5.

بعض الملاحظات الحياتية الختامية

بما أن المسيحيين على مر الأجيال كثيراً ما لجأوا إلى المزامير في وقت الاحتياج أو الحيرة أو الفرح فإننا نخشى أن تأتي تعليقاتنا التفسيرية على المزامير بشكل غير مناسب، لكن هناك بعض الملاحظات الجديرة بالذكر وذلك من أجل جعل تلك المزامير أكثر متعة عند استخدامها في القراءة أو الترنيم أو الصلاة.

أولاً: علينا أن ننتبه إلى فطرة المسيحي التي أشرنا إليها لتونا، فهي تعطينا الجواب الأساسي عن السؤال الذي بدأنا به هذا الفصل: كيف يمكننا أن نأخذ الكلام الموجه إلى الله على أنه كلام الله لنا؟ والجواب هو: بالطرق ذاتها التي أدت بها هذه المزامير دورها بين بني إسرائيل أصلاً – بمعنى أن المزامير هي بمثابة فرص للتحدث إلى الله بكلمات سبق أن أوحى لآخرين بمخاطبته بها في الماضي.

ثانياً: فوائد أساسية ثلاث للمزامير: لو أخذنا نمط استخدام المزامير عند بني إسرائيل قديماً وعند المسيحيين الأوائل لوجدنا طرقاً هامة ثلاث يمكن لنا بواسطتهم اليوم استخدام هذه المزامير.

إن المزامير تساعدنا على التعبير عن همومنا على الرغم من قلة كفاءتنا في إيجاد الكلمات المناسبة.

1- يجب التذكير على أن المزامير هي بمثابة مرشد إلى العبادة. و ما نعنيه بقولنا هذا أنه يمكن للعابد أن يستخدم المزامير كتعبير مكتوب عن أفكاره ومشاعره أثناء تسبحة الله او طلب وجهه تعالى أو تذُّكر حسناته عليه. فالمزمور هو كلمات أدبية مؤلفة بعناية ومحفوظة من أجل استخدمها في الكلام. وعندما يتعلق المزمور بموضوع أو قضية نود التعبير عنها إلى الرب يمكننا عندها أن نعزز قدرتنا على التعبير بالاستعانة بذلك المزمور. فالمزامير تساعدنا على التعبير عن همومنا على الرغم من قلة كفاءتنا في إيجاد الكلمات المناسبة.

2- توضح لنا المزامير كيفية القدرة على الاتصال الصادق مع الله. فعلى الرغم من عدم وجود قدر كبير من التوجهات العقائدية بالمزامير حول هذه النقطة لكنها تعطينا وبطريق المثال توجيهاً فعلياً. ويمكن معه للدارس أن يتعلم من المزامير معنى الصدق والانفتاح في التعبير عن الفرح او خيبة الأمل أو الغضب أو أية مشاعر أخرى.

3- تبين لنا المزامير أهمية التفكير العميق والتأمل في الأمور التي صنعها الله معنا؛ إذ تدعونا إلى الصلاة والتفكير المُنصب على كلمة الله (هذا هو التأمل)  والشركة العميقة مع غيرنا من المؤمنين. ومن شأن هذه الأمور أن تدربنا على حياة الطهارة والصلاح. فالمزامير تمتاز عن أنواع النصوص الأخرى في قدرتها على جعلنا نسمو إلى حيث يمكننا أن نتصل مع الله وأن ندرك شيئاً عن عظمة ملكوته وعما ستكون حياتنا عليه عندما نعيش معه إلى الأبد.

فالله معنا حتى في أحلك ساعات حياتنا وعندما تُمسي الحياة صعبة بحيث لا نعود نحتملها (مز 1:130)، وحيث ننتظر الرب من الأعماق ونراقب خلاصه عالمين أنه بإمكاننا الثقة به على الرغم من مشاعرنا فالصراخ إلى الله طلباً للمعونة ليس حكماً على أمانته بل تأكيداً عليها.

تحذير

نريد أن نختتم هذا الفصل بتحذير هام جداً: المزامير لا تضمن لنا حياة رغيدة. والاستنتاج القائل بأن الله في كثير من المزامير يعد المسيحيين بحياة سعيدة خالية من المشاكل لهو استنتاج خاطئ وتفسير حرفي مبالغ فيه لكلمات ولغة المزامير. فداود الذي ترنم في مزاميره ببركات الله بأقوى التعابير عاش حياة مليئة بالمأسي وخيبة الأمل المستمرة تقريباً كما نقرأ في سفري صموئيل الأول والثاني.

لكنه، على الرغم من ذلك كان يحمد الله ويشكره بكل حماسة وفي كل مرحلة بحياته حتى في مراثيه، تماماً كما ينصحنا بولس الرسول بعمله حتى في الأوقات الصعبة (أف 16:1؛ 20:5). فالله يستحق أن يُحمد على عظمته وصلاحه حتى في وسط شقائنا، لأن حياتنا على الأرض لا تضمن الخلو من الضيقات.

انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان

خطوات عملية لفهم النصوص الكتابية 11 – المزامير – صلوات بني إسرائيل وصلواتنا

تقييم المستخدمون: 4.85 ( 2 أصوات)