أبحاث

الله وهم أم حقيقة؟ هل إخترعنا وجود الله لإحتياجنا له؟

الله وهم أم حقيقة؟ هل إخترعنا وجود الله لإحتياجنا له؟

الله وهم أم حقيقة؟ هل إخترعنا وجود الله لإحتياجنا له؟
الله وهم أم حقيقة؟ هل إخترعنا وجود الله لإحتياجنا له؟

«ذكرتَ أن الله ليس وهماً. لكن أي شخص له معرفة بسيطة بعلم النفس سيقول لك إننا نخترع أشياء تناسب احتياجاتنا. فنحن نؤلف أفكاراً، والله ليس استثناء من هذه القاعدة. فلماذا لا نعترف بذلك ونواجه الحقيقة؟»

إجابتي:

«سؤالك مهم جداً. وهو يفتح الطريق للعديد من القضايا المهمة. ولكن اسمح لي أن أركز على بضع أفكار محاولاً الأجابة على النقطة الرئيسية التي أثرتَها في سؤالك. أظن أني لستُ متفقاً على الملخص الذي عرضتَه لعلم النفس الحديث، ولكني أتفق معك أننا غالباً ما نجد في أنفسنا الرغبة لاختراع أفكار مريحة.

فعندما كنتُ أنا نفسي ملحداً منذ سنوات كنت أرى أن الله مجرد فكرة مريحة اخترعها بعض البؤساء الذين لم يتمكنوا من مواجهة قسوة الحياة. والحقيقة أني كنت أستمتع بشرح القسوة الميتافيزيقية التي تميزالإلحاد، وكانت حجتي أن هذه القسوة تمثل نظرة جافة للحياة لن تستهوي أحداً لاختراعها.

ولكني سأقول نقطتين رداً على هذا السؤال الممتاز.

أولاً، لي زملاء ملحدون لأنهم تحديداً لا يريدون لله أن يكون موجوداً. فهم يريدون أن يبنوا عوالمهم الخاصة، ويقررون الصواب والخطأ بأنفسهم، ولكن الله سيعرقل طريقهم ويُعقد الأمور. فهم يعرفون الأشياء التي يريدونها أن تكون صحيحة. ومن ثم، يعلنون أنها صحيحة. لذلك، أعتقد أن هذه الحجة سلاح ذو حدين. فإن كانت صحيحة، وهي مسألة قابلة للنقاش بالمناسبة، فهي تفسر سبب عدم إيمان الملحدين بالله وسبب إيمان المؤمنين به.

ثانياً، علينا أن نقيس الأشياء وفقاً للأدلة المتاحة. فأنا لم أصبح مسيحياً لأني شعرت باحتياج لله. لقد كنت كمن يعتقد أن الماء الوحيد المتوافر للشرح هو ماء بركة راكدة، فاخترع الشمبانيا. وما قادني للإيمان هو التأمل في العالم، وليس عجزاً وجودياً فيَّ، لأني كنت سعيداً جداً بقبول هذه النظرة الجافة للحياة، مادامت صحيحة.

لذلك، ما جعلني أؤمن بالله أني رأيت أن هذا الإيمان صحيح. أعرف أن قبول الإيمان على هذا النحو هو فعل عقلاني جداً. ولكني اكتشفت فيما بعد أن المسيحية لها عمق تخيلي ووجداني، إضافةً إلى قدرتها على خلق منطق للأشياء. كل هذا اكتشفته فيما بعد. ولكن هذا موضوع آخر على أي حال.

«إذَن أنا متفق معك بكل تأكيد أنه علينا أن نواجه الواقع ونتحقق من صحة الأمور. فالواضح أن كلينا يفكر بشكل نقدي. ولكني أعتقد أن الفارق الكبير بيننا هو في النقطة التي يظن كلٌّمنا أن هذا التفكير النقدي سيوصله إليها.»

أريد أن أوضح أن هذه الردود ليست إجابات نموذجية قابلة للتطبيق في كل المواقف. ولكنها إجابات حقيقية تمت صياغتها في لحظتها فكانت مناسبة لتلك الأسئلة بالذات بالشكل الذي طُرِحَت به. ولكن لماذا اخترت أن أجيب عنها بتلك الطريقة؟

يتضح من مناقشتنا لهذين السؤالين أنه كان يمكن أن أشير إلى الكثير من النقاط. فلماذا اقتصرت على انتقاء تلك الألون بالتحديد؟ أحد الأسباب الواضحة أن الإجابات يجب أن تكون قصيرة نسبياً، وهو ما يحد من عدد النقاط التي يمكنك طرحها. ولذلك، لم أتمكن من ذكر كل النقاط التي أشرت إليها سابقاً في هذا الفصل.

ولننظر إلى الإجابة الأولى. شعرت وأنا أستمع للشخص الذي سأل هذا السؤال أن المشكلة وجودية وليست فكرية. فالكلمات توحي بعنصر فكري في السؤال، ولكن النبرة كانت توحي بمشكلة أعمق. فشعرت أنه لم يكن قلقاً لئلا يكون الإيمان بالله غير منطقي، ولكنه قلق لئلا يكون الكون بلا معنى، وحياته كذلك.

ولذلك، ركزت في إجابتي على تأكيد وجود الله في أوقات الظلام والشك والوحدة، قبل أنأركز على الدور المحوري الذي تلعبه عقيدة التجسد في توكيد التزام الله بنا. ثم ختمت بالتشديد على نقطة واحدة: «نحن غير متروكين.» لأن هذا ما شعرت أن الشخص يريد أن يسمعه.

لاحظ أني لمأدافع عن الله ضد الألم. ولكني شعرت أن التصرف الملائم هو أن أظهر لهذا الشخص كيفية مواجهة الإيمان المسيحي للمعاناة وأن هذا الإيمان لديه أمور مهمة يخبرنا بها. فقد اكتشفت في عملي بالدفاعيات أن شرحما تقوله المسيحية في أي موضوع يُعتبر واحداً من أكثر دفاعاتها فاعلية.

ماذا عن الإجابة الثانية؟ بدا لي وأنا أستمع للسائل أنه يعول كثيراً على قيمة العقل والأدلة، وأنه يميل للاعتقاد بأن الإيمان بالله لا يحظى بالتأييد الكافي منأي منهما. وكان سؤاله ينطوي على افتراض ضمني يقول بأن إيماني بالله وهم. فاخترت أن أبدأ بتوضيح أننا غالباً ما نتآمر مع رغباتنا ونخلق واقعاً يتفق مع ذوقنا. وكما أشرت، كان لابد للسائل أن يفكر في احتمالية أن غير المؤمنين بالله يحولون رغباتهم إلى فلسفة حياتية.

ثم رويت قصة، هي قصتي الشخصية، وإن كنت لم أقص إلا جزءاً منها وبإيجاز. وكانت النقطة الأساسية التي أردت عرضها أن قبولي للإيمان كان يمثل تحولاً إلى العقل والأدلة، وليس تحولاً عنهما، على الأقل من وجهة نظري الشخصية. وأردت أيضاً أن أزرع بذرة، بالإشارة إلى أن الإلحاد نظرة جافة للحياة، وأنه ليس من الحكمة أن نفترض أن القسوة والجفاف مؤشران على صحة منظور معين، لأانهما ليسا كذلك.

هذه هي إجابات “مباشرة علىالهواء” قدمتها في لحظتها رداً على أسئلة صادقة من الحضور. وأرجو لأن تكون قد أفادتك. ولكني متأكد أنه بإمكانك أن تطورها وتبني عليها. وهذا ما أود أن أتركه لك.

الله وهم أم حقيقة؟ هل إخترعنا وجود الله لإحتياجنا له؟

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !