الرد على أحمد ديدات

ألوهية المسيح و اللوغوس – الأخ وحيد يرد على جهالات الشيخ ديدات

 ألوهية المسيح و اللوغوس – الأخ وحيد يرد على جهالات الشيخ ديدات

 ألوهية المسيح و اللوغوس - الأخ وحيد يرد على جهالات الشيخ ديدات
ألوهية المسيح و اللوغوس – الأخ وحيد يرد على جهالات الشيخ ديدات

 ألوهية المسيح و اللوغوس   – الأخ وحيد يرد على جهالات الشيخ ديدات

نناقش الآن جزئية هامة تختص بـ ألوهية المسيح، وذلك من خلال حوار وهمي فبركه ديدات مع قس مسيحي. اختار له ديدات الكلام الذي يقوله في كل الموضوعات التي يدعي ديدات أنه ناقشه فيها. وعجز القس عن الرد… وكم كانت (السيناريوهات) التي يصنعها ديدات في كل موضع. كاشفة للتلفيق الذي يدركه أي مسيحي. له القليل من المعرفة في كتابه المقدس… ولكن لا بأس فربما هذه (السيناريوهات) هي أفضل وأقصر طريق للربح السريع.

في ص 84 وتحت عنوان (في البدء) كتب ديدات بأنه سأل د. موريس القادم من كندا مرة ثانية، وقال ديدات له (أين قال عيسى: “أنا الله؟” أو “أنا مساوٍ لله؟” أو “أعبدوني؟”. وتنفس السيد موريس بعمق، وحاول أن يجيب، فاقتبس من الأصحاح الأول ليوحنا “ فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.).

أنا الله – سؤالك والإجابة المسيحية عليه

أجيب هنا على سؤال ديدات الذي أعتقد خاطئاً أننا لا نستطيع الإجابة عليه. أو نجد له رداً في كتابنا المقدس… وكالعادة فديدات دائماً يفشل في تقديراته….

يسأل ويقول (أين قال عيسى: “أنا الله؟” أو “أنا مساوٍ لله؟” أو “أعبدوني؟”) وأقدم الإجابة المسيحية ومن كتابنا المقدس كالتالي:

  1. الفهم اللاهوتي للمساواة بين الأقانيم: قبل أن أجيب على هذا السؤال التقليدي. أود أن أشرح مصطلح كتابي. من الناحية اللاهوتية فأوضح أنه لا يوجد أي فرق بين لفظ (أنا الله) أو (أنا والآب واحد) أو (أنا مساو لله) لأنه لا يوجد من يُعادل الله ولا من يماثله أو يساويه. إلا الله ذاته، ولا أجد كتاباً في الوجود يشرح هذه الحقيقة أفضل من الكتاب المقدس. وذلك في آيات كثيرة وواضحة. وعلى سبيل المثال قول الوحي المقدس («فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي فَأُسَاوِيهِ؟» يَقُولُ الْقُدُّوسُ) (إشعياء 40: 25) وقوله أيضاً (بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟) (إشعياء 46: 5) وأيضاً (فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ، وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ؟) (إشعياء 40: 18). أي أنه لا يوجد من يُساوي الله أو يعادله غير الله ذاته…

والآيات الدالة على ألوهية الله المطلقة. وسلطانه المتفرد على خليقته. وأنه من خلق السماء وما بها والأرض وما عليها. وأنه من خلق كل ما يرى وما لا يرى…. هي آيات كثيرة يقوم عليها الكتاب المقدس كله…

وإذا كان لا يوجد من هو مساو لله غير ذاته… وأيضاً إذ لا يوجد فرق بين (أنا الله) أو (أنا والآب واحد) أو (أنا مساوٍ لله). لأن المساوي لله هو الله ذاته… بناء على ذلك، من يقول: أنه مساو لله، بمعنى أنه الله وقد أظهر نفسه للبشر. بطريقة يحتملونها ليتعاملوا معه. فإما أن يكون صادقاً صدقاً مطلقاً، وإما أن يكون كاذباً كذباً مطلقاً… ولكن إن قام بأعمال أثبت فيها سلطانه الألوهي المطلق على خليقته فأطاعته، فهذا يعني أنه صادق صدقاً مطلقاً… وقد قالها المسيح عن نفسه، وأثبت بأعماله أنه في الآب والآب فيه. أي أنه كلمته العقلي الناطق… بل وجعل المسيح أعماله هي حُجة برهان طبيعته الألوهية… وأكد المسيح له كل المجد هذه الحقيقة فقال (اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي) (يوحنا 10: 25)، وقال أيضاً (إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ) (يوحنا 10: 37-38)، وأيضاً (صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا) (يوحنا 14: 11)، وأيضاً (وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا، لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لأُكَمِّلَهَا، هذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي) (يوحنا 5: 36).

إنه المسيح والمسيح فقط من أعلن سلطان لاهوته من خلال أعماله الألوهية الواضحة، مؤكداً أنه الله المتجسد، لكل من يريد أن يؤمن…

  1. معنى كلمة (الآب): كلمة (الآب) بالمدة وليس (الأب) بالهمزة. كما ينطقها خطأ غير المسيحيين، إنها كلمة استخدمها اليهود خاصة المتأخرون منهم للدلالة على ذات الله… أي أن كلمة (الآب) تعني ذات الله أو الله ذاته….
  2. أنا الله: والآن لنعود إلى سؤال ديدات القائل (أين قال عيسى: “أنا الله؟” أو “أنا مساو لله؟” أو “أعبدوني؟“).

من يقرأ ولا يفهم، فهذه مشكلة يجب أن يجد لها حلاً… لأنه في كل مرة أعلن فيها المسيح أنه في الآب، والآب فيه. أو أنه والآب واحد… هذا الإعلان عن لاهوته وغيره، سبب صلب المسيح. فاليهود صلبوه لأنه أعلن عن ألوهيته وأنه واحد مع الآب في جوهر طبيعته اللاهوتية… فإذا كان اليهود فهموا أن المسيح يؤله نفسه. فهذا يعني بالضرورة، أن المسيح شهد عن ألوهيته، وقال – بلغة اليهود الدينية وثقافتهم – أنا الله. وإلا: كيف فهموا أنه يؤله نفسه. إن لم ينطق بها المسيح أكثر من مرة وفي أكثر من موقف؟

وأترك هنا بعض مما قاله المسيح، ليؤكد طبيعته اللاهوتية. فقد قال على مسمع من الجميع، معاندين ومريدين (أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ) (يوحنا 10: 30)، كما أنه وبخ تلاميذه لعدم إدراكهم لطبيعته الألوهية، وذلك حينما قال له أحدهم وهو فيلبس («يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا». 9قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟ 10أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟) (يوحنا 14: 8-10).

وكي لا يترك مجال للمدلسين الذين يقولون إنه مجاز، أغلق المسيح أفواههم، وتركهم بلا عذر فقال: (الْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي، لكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ، وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا) (يوحنا 10-11). الآب الحال في، تعبير لاهوتي مفهوم وواضح، ومن لا يريد الحياة الأبدية، فهذا شأنه…

وعن أزليته قال المسيح له المجد (الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ) (يوحنا 8: 58).

هذه آيات مباشرة أعلن من خلالها المسيح ألوهيته بصورة واضحة. كاشفاً عن طبيعته دون خوف أو دبلوماسية كما يحاول ديدات دائماً أن يفبرك الأمور…

والسؤال الذي يفرض نفسه هو: من في هذا الوجود المدرك لدينا، او حتى في السماء، مهما كان شأنه. يستطيع أن يقول ما قاله المسيح ونسبه لنفسه؟ مهما كان السباق الذي يريد أن يتبعه ليصل إلى نتيجة ما مهما كانت؟ّ! بكلمات أخرى، كيف يقول المسيح (أنا والله واحد؟!) (الذي يراني يرى الله؟) (أنا في الله والله في؟!) (قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن؟!) (الآب الحال فيَّ). كيق يقول كل هذه التعبيرات، ولا يكون يقصد معناها؟ وكيف فهم اليهود معناها. إن لم يكن يقصدها؟ ولماذا لم يتراجع عن فهمهم لها، بل أكده في مجمعهم فحكموا عليه بالصلب؟

السؤال: ما الذي فهمه اليهود؟ لنسمع الحق الإلهي في الإنجيل المقدس (فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللهِ) (يوحنا 5: 18).

إذن، لقد فهم أهل الكتاب قصد المسيح، بأنه يعادل نفسه بالله… وهنا يقفز سؤال مهم: كيف يؤكد المسيح بنفسه، معادلته لذات الله. إن لم يكن هو الله بذاته. في طبيعتنا البشرية؟

إذن سؤال ديدات. أين قال المسيح أنا الله؟ يكشف عن جهله الكبير بأبجديات الكتاب المقدس الذي يدعي أنه يفهمه أو يأخذ أدلته منه، وهو أبعد ما يكون عن أي دليل…

على من يدعي أنه يعرف مصادرنا، عليه أن يستخدمها، لا أن يؤلف في عقيدتنا… كما أني سأعود بنعمة الرب لشرح هذه الآيات أكثر من وقته…

  1. اعبدوني: بقية السؤال الساذج:( أين قال عيسى… “اعبدوني؟”). أجيب فأسأل: هل قبل المسيح سجود العبادة له. أم رفضه؟ نقرأ في سفر الرؤيا، عن يوحنا الحبيب، لما رهب منظر الملاك الذي ظهر له. فقال يوحنا (فَخَرَرْتُ أَمَامَ رِجْلَيْهِ لأَسْجُدَ لَهُ، فَقَالَ لِيَ: «انْظُرْ! لاَ تَفْعَلْ! أَنَا عَبْدٌ مَعَكَ وَمَعَ إِخْوَتِكَ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ. اسْجُدْ ِللهِ! فَإِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ») (رؤيا 19: 10). بينما قبل المسيح سجود العبادة المقرن بطبيعته اللاهوتية، دون أي اعتراض منه. فمثلاً حينما طرد اليهود المولود أعمى. الذي خلق المسيح له مقلتين لعينيه. وقابله المسيح في الخارج. سأله المسيح سؤالاً مرتبط بألوهيته هكذا («أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ؟» 36أَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ: «مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «قَدْ رَأَيْتَهُ، وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ!». فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ!». وَسَجَدَ لَهُ) (يوحنا 9: 35-38). مراجعة ما تحته خط، يقدم المعنى المطلوب، فالمسيح يسأله عن إيمانه بابن الله. وهو يستخدم تعبير “ابن الله” هنا في بعده اللاهوتي، مقترناً بالإيمان. فكانت إجابة المولود أعمى. بالقول: أومن، وبالفعل: السجود للمسيح، ورد فعل المسيح، أنه قّبِلَ سجوده ولم يرفضه. لأنه مستحق أن نسجد له. فهو الله المتجسد.

وقد قبل المسيح سجود العبادة من كثيرين في الكتاب المقدس. ولم يرفضه ولم يقل لهم ما قاله الملاك ليوحنا: لماذا تعبدوني وتسجدون لي، اسجدوا لله… لم يقل هذا وإنما قبل سجود عبادتهم له.

وأفرّق هنا بين سجود العبادة وسجود الإكرام. لأنهم سجدوا له كإله. وليس كمعلم يُكرمونه… وشهد إنجيلنا المقدس بهذا الحق الإلهي، كما سبق وأشرنا في المولود أعمى. وكذلك (وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!») (متى 14: 33) وتعبير “ابن الله” يعادل “الله“. أي أنهم يسجدون له وفي قلوبهم وعلى ألسنتهم شهادة حية بأنه: “ابن الله“. أي الله في الثقافة الدينية اليهودية. ومع ذلك لم يرفض المسيح هذا السجود، ولا هذه الشهادة الحية.

كذلك أم ابني زبدي، تقدمت إليه ساجدة ضارعة مع ابنيها، طالبة منه أمراً سماوياً لا يعطيه غير الله فقط، فقال الوحي المقدس عنها (حِينَئِذٍ تَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ أُمُّ ابْنَيْ زَبْدِي مَعَ ابْنَيْهَا، وَسَجَدَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ شَيْئًا) (متى 20: 20). قبل المسيح سجودها.

وبعد القيامة قال الوحي المقدس عن المريمتين (وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ) (متى 28: 9). قبل المسيح سجودهن أيضاً.

وعلى صعيد آخر، فحتى الشياطين سجدت للمسيح. وخرت عند رجليه، تسترحمه. وهذا هو الأمر الذي تفرد به المسيح على مدار التاريخ البشري كله ودون سواه… وهذا أحد الذين كان بهم روح شيطان (فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ) (مرقص 5: 6 ولوقا 8: 28). وقال الوحي المقدس أيضاً عن سجود الشياطين للمسيح (وَالأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «إِنَّكَ أَنْتَ ابْنُ اللهِ!») (مرقص 3: 11). ولا يخفى علينا هنا، ارتباط السجود والتضرع مقترناً بتعبير “ابن الله“… أي أنه سجود العبادة… قبله المسيح أيضاً.

وتبدو قائمة الذين سجدوا للمسيح، سجود عبادة، وقبل المسيح سجودهم، قائمة طويلة، وما قدمناه منها. كافياً للإجابة على السؤال الساذج … أين قال عيسى: اعبدوني؟ فها هو المسيح له كل المجد، يقبل العبادة الحية، من كل الذين سجدوا له، من الناس أو من الشياطين دون أن يمنعهم أو يرفض عبادتهم، خاصة وهو الذي صرح من قبل فقال (لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ) (متى 4: 10 ولوقا 4: 8). فكونه يرضى بعبادة الكائنات العاقلة له، والتي تدرك هذه الحقيقة، فهذا لا يعني إلا أنه الله الظاهر في الجسد البشري. ولو كان هو غير ذلك، لوبخ كل هؤلاء وغيرهم على عبادتهم وسجودهم له، وأمرهم بالسجود لله فقط.

في البدء

أولاً: إجابة المناظر الوهمي لديدات

بعد أن سأل ديدات مناظره الوهمي، السؤال السابق الساذج الذي أجبنا عليه. والذي كان على مسيحي يسميه ديدات “عالم في المسيحية” أن يجيب عليه بكل سهولة. غير أن ديدات اختار لمناظره إجابة لا تعتبر الرد المباشر على سؤاله. وهي الإجابة التي وضعها ديدات في كتابه تحت عنوان “في البدء” ص 84 (وتنفس السيد، موريس بعمق، وحاول أن يجيب، فاقتبس من الأصحاح الأول ليوحنا: “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ “)

  1. غرائب تستحق الملاحقة: كما سبق وأشرت، فالقارئ المسيحي يكتشف فبركة ديدات للحوار، لأن هذه ليس من كلمات المسيح. وبالتالي فيه ليست إجابة على سؤال ديدات الساذج. فقد كان سؤال ديدات (أين قال المسيح؟) وهذه الآية هي من شهادة الوحي المقدس عن المسيح على لسان القديس يوحنا الإنجيلي. ولا أستغرب أن يجيب المحاور على سؤال لم يسأله ديدات، ولا أستغرب أن ديدات يقبل إجابة ليست على سؤاله… فلم يقل له: أنا لم أسأل عن الذين قالوا عن المسيح. وإنما أسأل: أين قال المسيح عن نفسه؟ لا أستغرب لأن الفبركة ظاهرة في كل ما يتناوله ديدات. وهو بدون الخداع، لا يعرف أن يكتب أي شيء.
  2. 2. في سياق (سيناريوهات) ديدات: يلفت النظر ديدات “بالسيناريوهات” الغريبة التي حاول أن يُقنع بها نفسه أولاً، ثم ينفثها للقارئ، وهو يصور له، كيف أنه – ديدات – يصول ويجول. بينما منُاظرها لحائر يتنفس بعمق، ولا يقدر مجابهة أسئلة ديدات الساذجة. التي تكشف بقوة عن جهله الكبير بالكتاب المقدس…
  3. اللوغوس: أقترب الآن من قدس أقداس التجسد الإلهي، من اللوغوس الكلمة السرمدي… حيث الآية التي رد بها مناظر ديدات الوهمي، في غير مكانها المباشر… فنشرح بعض من سناها، حتى يتقدس الفكر والقلب، ونصل إلى الحق الإلهي المقدم في الإنجيل المقدس… فقد جاء بالوحي الإلهي (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ) (يوحنا 1: 1).

وهذه الآية كما وردت في اليونانية، اللغة التي كُتب بها الإنجيل. تُقراً هكذا (في البدء كان اللوغوس، واللوغوس كان عند الله، وكان اللوغوس الله) واللوغوس يعني العقل الناطق. والنطق العاقل. إذن فهي تقرأ (في البدء كان العقل، والعقل كان عند الله، وكان العقل الله). فهنا يتكلم عن العقل الألوهي. ولهذا لم ترد في الترجمة العربية بمعنى، الكلمة الملفوظة، أي لم تكن الترجمة هكذا (في البدء كانت الكلمة)، وإنما (في البدء كان الكلمة). فالكلمة هنا هو نطق الله السرمدي. أي أن الكلمة هو أزلي أبدي بأزلية الله وأبديته. فلم يكن الله في وقت من الأوقات بلا كلمة، فالمسيح هو ثروة الكلام الإلهي…

ثم يقول الوحي الإلهي (وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا)، أي أن عقل الله حل واتحد بطبيعة بشرية، وهكذا دخل المسيح إلى دائرتنا البشرية، من خلال طبيعتنا البشرية، ففيه كل ملء اللاهوت. هذه الآيات تكشف عن طبيعة المسيح. وأنه الكلمة الألوهي السرمدي. الذي خيم بيننا وكانت خيمته: طبيعتنا البشرية… هذا هو إيمان الكنيسة منذ فجرها الأول…

وللتبسيط تضعها في هذا الإطار النموذجي:

المسيح هو:                                      كلمة الله.

وكلمة الله، هو:                                  نطق الله.

ونطق الله، هو:                                 عقله الناطق، وليست مجرد كلمة ملفوظة.

وعقل الله، هو:                                  الله ذاته.

وحيث أن المسيح هو: كلمة الله، فالمسيح هو الله المتجسد…

ومن يريد أن يفهم، زمن له عقل للفهم، فليفهم، ومن ليس له، فليصلي ليعطي الله له فهماُ ليفهم…

ثانياً: أدلة المسيح اللوغوس اللاهوتية من ذات الآيات والسياق

يجب على من يدعي البحث، خاصة وأنه يزعم استخدام مصادرنا، أن يتابع سياق الآيات التي يأخذ منها كلامه. ليتأكد من حقيقة ما يبحث، إن كان هذا يهمه… فمثلاً: في سياق الآيات (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ)، فهل يوجد ما يؤكد حقيقة أن المسيح. هو كلمة الله الأزلي، أي عقله ونطقه؟ لنرى:

  1. المسيح الكلمة الخالق: الدليل الأول نجده بعد هذه الآية (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ) مباشرة، وفي ذات السياق، يتكلم الوحي الإلهي عن طبيعة اللوغوس الكلمة، بأنه الله الخالق، فلماذا لم يأخذ ديدات هذه الآيات؟ إنها تصعقه فلا يستطيع الاقتراب منها… وهذا هو السياق (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ) (يوحنا 1: 1-4). الكلام واضح، فكل شيء خُلق بكلمة الله المسيح، كل شيء تم خلقه بالمسيح عقل الله، ولهذا قال: فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ…. فالحياة هو الله الأصل والمنبع. فهو الذي أعطى الحياة لكل كائن حي، ولا ننسى ما قاله المسيح عن نفسه (أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ…) (يوحنا 14: 6). فالمسيح هو مصدر الحياة، إنه الكلمة الخالق…
  2. كلمة الله العاقل، له اسم: أما الدليل الثاني، وفي ذات السياق أيضاً، ومن ذات الآيات فهو يتكلم عن هذا الكلمة العاقل فيقول عنه (وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ). لاحظ إنه يتكلم عن كلمة عاقل ومُشخَّص وله اسم، هذا الكلمة العاقل يقبله الناس ويؤمنون به. ويعطيهم حياة جديدة. ليكونوا بسلطان أولاداً لله. أين ديدات من إنجيلنا المقدس؟ لقد أهلك نفسه بنفسه…
  3. اتحاد كلمة الله العاقل بطبيعة بشرية كاملة: أما الدليل الثالث، ومن ذات الآيات والسياق… فإن هذا الكلمة العاقل اتخذ ناسوتاً كاملاً، أي طبيعة بشرية كاملة – روح ونفس وجسد بشرين – واتحد بها، فيقول الوحي المقدس عنه (وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا) (يوحنا 1: 14). فإن كانت هذه الآيات في نفس الأصحاح والسياق، فلماذا تركها ديدات؟ هل يعرفها وتركها؟ هذا يعني أنه يرتعب منها ويهرب، وبالتالي فهو غير أمين ومدلس… أم أنه لا يعرفها؟ فهذا يعني أنه جاهل بألف باء الإنجيل… والحقيقة التي أعرفها مما قرأت لديدات… هو الاثنين معاً. فهو مدلس وجاهل بالكتاب المقدس… فهو يهمل كل الحقائق ويؤلف كما يحلو له. ويقول: هذا إنجيلكم! والإنجيل منه بريء.
  4. 4. الكلمة أزلي: أما الدلي الرابع، وفي ذات السياق والآيات، نجده في شهادة يوحنا المعمدان عن المسيح الكلمة اللوغوس، عقل الله الأزلي. فيشهد المعمدان عنه وينادي قائلاً (هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: إِنَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي) (يوحنا 1: 15 و30).

بالتأكيد كان قبله لأنه هو عقل الله الأزلي، فهو الكلمة السرمدي، أي أن له وجود سابق أزلي. قبل أن يأتي إلى عالمنا في المسيح يسوع، ويولد بيننا في بيت لحم…

  1. المسيح الكلمة يعطي النعمة والحق: والدليل الخامس، أيضاً من ذات السياق… حيث يواصل الوحي المقدس كلامه عن الكلمة اللوغوس فيقول (وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ. لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا) (يوحنا 1: 16 و17). يصل إلى الحقيقة الرائعة. بأن عقل الله الناطق الكلمة اللوغوس، الذي أخذ جسداً وحل بيننا، أي يسوع المسيح، قدم للعالم النعمة والحق، نعمة الخلاص والحياة الأبدية بالحق الألوهي الذي هو السيد المسيح، هذا هو إيماننا ومن قلب الإنجيل المقدس، بل ومن ذات الأصحاح الذي اختار ديدات منه، الآيات التي وضعها على فهم مناظره الوهمي…. ديدات يؤلف، ويقول: هذا إيمانكم. وإيماننا منه بريء.
  2. طبيعة المسيح اللاهوتية: وهذا الدليل القوي السادس. وهو واضح وجلي، بحيث لا يترك مجالاً للمدلسين… ففي ذات السياق والآيات، يعطي الوحي الإلهي دلالة خاصة عن المسيح كلمة الله. افردنا لها هذه المساحة الصغيرة هنا، حيث يقول (اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ). (يوحنا 1: 18).

وهنا يعلن الوحي الإلهي طبيعة المسيح، فهو من ذات طبيعة الله وجوهره، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون مركزه (حضن الآب)، وهو تعبير عن مكان الكلمة وطبيعته، في حضن الذات الألوهي، ولا يمكن أن يوجد في حضن الآب أي شيء أو أي شخص غيره هو فقط، فهذا مجال الذات الألوهي، إنه الله، فكيف يوجد فيه غيره؟ فمن قلب الإنجيل، حسم الوحي الإلهي، بهذا الإعلان عن طبيعة المسيح، حسم هروب المدلسين، وأبطل حججهم، وأبكم أفواههم، ومن يصرخ، فلن يسمع غير صدى صوته…

  1. بين المسيح والملائكة: بينما نجد ابن الله اللوغوس في مكانه الطبيعي في حضن الآب. فهو الله طالما مكانه الطبيعي في حضن الآب… ولهذا حينما يقول الوحي المقدس (اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ) نجد هنا دلالة واضحة على أن الابن أو العقل. هو ابن وحيد وفريد لا مثيل له، فالله ليس لديه أكثر من عقل، فهو ابن وحيد أي عقل واحد لله، لا شريك له ولا مثيل يعادله، هذا هو الحق الألوهي، ومنطقه في الوحي الإلهي بأن يكون عقل الله من ذات طبيعة وجوهر الله.

كما أرجو أن نلاحظ الفرق الكبير، فبينما الملائكة مخلوقة بالكلمة، وهي كائنات خاضعة خاشعة أمام الله، كما قال الوحي الإلهي (الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ رِيَاحًا وَخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَارٍ) (العبرانيين 1: 7) نجد المسيح في حضن الذات الألوهي… ولا يستحق أي مخلوق مهما علا شأنه في السماء أو على الأرض، لا يستحق أن يوجد في الذات الألوهي، لأنه بذلك يكون مساوياً للجوهر الإلهي، مشاركاً ذات طبيعة الإلهية، أي سيكون إلهاً آخر، وأما المسيح فهو عقل الله، أي الله ذاته، وليس إلهاً آخراً…

وهذه الآية المباركة تدخل بنا إلى مداخل السماء، وتكشف لنا عن حقائق إلهية فائقة، وأسرار سماوية رائعة، فالابن أو اللوغوس هو إذن عقل الله، وحيث أن عقل الله أزلي بأزلية الله، أي لم يكن هناك وقت من الأوقات كان فيه الله بلا عقل… إذن فالعقل الإلهي هو سرمدي في سرمدية الله. أي أزلي أبدي، وحيث أن عقل الله وهو الله ذاته، لهذا نستطيع أن نقول عن المسيح: بأنه الله الظاهر في الجسد البشري.

  1. المسيح الكلمة المخَبِّر: وحيث أن عقل الله هو الكلمة نطق الله العاقل، لذلك فهو أداة الكلام والنطق الإلهي، وبالتالي مكتوب عنه أنه الوحيد الذي أعطى خبراً كاملاً عن الله، فقال الوحي المقدس في ذات الآيات والسياق المقدس (اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ)، أي هو المتكلم في الذات الألوهي، ويعطي الخبر الكامل عن الله، أي لما أراد الله أن يعلن عن ذاته، ويكشف حقيقة حبه للبشر، تكلم من خلال عقله الذي هو المسيح اللوغوس الكلمة، وبذلك أعلن للبشرية أجل وأعظم خبر عن الله… أن الله محبة. هذا ما كنا نحتاجه، لنحياه هنا، ونكمله في الحياة الأبدية…

فبعد أن هيأ الله ذهن البشرية، من خلال الأنبياء وكلامه الموحى لهم في العهد القديم، ختم كلامه في رسالة حية، حملها عقله الإلهي الابن الكلمة تجسد بشراً. ليعلن للناس أعظم الأخبار جميعها عن الله، وبصورة عملية خلاصية، حيث تكلم إلى البشرية بعقله ذاته الذي اتخذ طبيعة بشرية كاملة… وهكذا قال الوحي المقدس (اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ) (عبرانين 1: 1 و2)

أما بالنسبة للخبر الإلهي بأنه المحبة المطلقة، فقد أكد صدق خبره، حينما تجلّى هذا الحب الإلهي للعالم كله على الصليب المجيد… فعلى الصليب تجلت قوة المسيح ومحبته ورحمته… تجلت في الصليب محبة الله الذي تجسد ومات ناسوتياً على الصليب، أي مات بالجسد البشري نيابة عن البشرية كلها، وتجلت قوته حيث قام من الموت منتصراً على سلطان الموت، بقدرته الإلهية وسلطانه المطلق، معطياً قوة القيامة من الموت الأبدي. لكل تابعيه المؤمنين بشخصه وطبيعته، وجوهر لاهوته ورسالته الخلاصية للعالم كله.