آبائياتأبحاث

رسالة الراعي لهرماس وقانونية العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط

رسالة الراعي لهرماس وقانونية العهد الجديد - القمص عبد المسيح بسيط

رسالة الراعي لهرماس وقانونية العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط

رسالة الراعي لهرماس وقانونية العهد الجديد - القمص عبد المسيح بسيط
رسالة الراعي لهرماس وقانونية العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط

رسالة الراعي لهرماس وقانونية العهد الجديد

  من الكتب التي كتبت في منتصف القرن الثاني وينسب للآباء الرسوليين لأن البعض يرى أنه كان تلميذا للقديس بولس ويرون أنه المذكور في التحية الواردة في رسالته إلى رومية: ” سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ ” (رو16 :14). ولكن لا يستطيع أحد أن يجزم بدقة أن كاتبه هو هرماس. وإن كان أغلب العلماء يميلون إلى أن هرماس هو كاتبه. وتقول الوثيقة الموراتورية المكتوبة في منتصف القرن الثاني تقريباً (165م): ” كتب هرماس الراعي في زمن حديث جدًا في مدينة روما عندما كان أخيه الأسقف بيوس (Pius) يجلس على كرسي الكنيسة في روما  (140 – 155) “[1].

  وأعتبره بعض الكتاب الكنسيين، خاصة الشرقيين، ككتاب من الكتب اللازمة للقراءة واستخدموا أقواله لشرح بعض الأمور اللاهوتية، مثل أوريجانوس الذي اقتبس فقرة منه في كتابه ” المباديء “، تقول: ” فأنه مكتوب في كتاب الراعي، ملاك التوبة، الذي وضعه هرماس: آمن أولاً بأن هناك إله خلق كل شيء ورتبه وصنع كل شيء بينما لم يكن شيء مما صنعه يستوعب الأشياء كلها وما من شيء يستوعبه “[2].

  كما يقول يوسابيوس أن إيريناؤس كان يقبله: ” وهو لا يعرف كتاب الراعي فقط بل أيضاً يقبله، وقد كتب عنه حسناً تكلم السفر قائلاً: أول كل شيء آمن بأن الله واحد الذي خلق كل الأشياء وأكملها “[3].

  ويقول أكليمندس الإسكندري: ” قالت القوة الإلهية التي كلمت هرماس في الرؤيا: ” الرؤى والإعلانات هي لهؤلاء الذين لهم عقل مزدوج، الذين يشكون في قلوبهم إذا

أتكون هذه الأشياء أو لا تكون “[4].

  ولا نعتقد هنا أن العالم والعلامة إيريناؤس، الذي اثبتت أكتشافات نجع حمادي للكتب الأبوكريفية علمه العظيم ودقته الشديدة في كل ما كتبه عن هذه الكتب الابوكريفية وعن الهراطقة، ولا العلامة أكليمندس الإسكندري الذي قرأ أكثر من ألف وخمسمائة كتاب في الآبائيات وجميع العلوم الكنسية والأدب اليوناني والفلسفة وغيرها من الكتب الكلاسيكية المختلفة، أن يخفى عليهما، أن هرماس كتب كتابه الراعي أثناء جلوس شقيقه الأسقف بيوس على كرسي روما فيما بين سنة 140 و155م، أي بعد رحيل القديس يوحنا بنصف قرن، يمكن أن يكون كتاباً قانونياً وموحى به، بل نظروا إليه بوجوب قراءته لفائدته. كما كان يعتبره القديس أثناسيوس، في رسالة وزعت في اعمال مجمع نيقية ف 18، ضمن الكتب المفيدة لكنه غير قانوني[5].

  ويقول عنه يوسابيوس القيصري: ” ولكن نظراً لأن نفس الرسول (بولس) في تحيته الواردة في آخر رسالة رومية (رو16 :14)[6] قد ذكر ضمن من ذكرهم هرماس الذي ينسب إليه سفر الراعي، فيجب ملاحظة أن هذا السفر أيضاً متنازع عليه ولا يمكن وضعه ضمن الأسفار المعترف بها، مع أن البعض يعتبرونه لا غنى عنه للذين يريدون تعلم مبادئ الإيمان. وعلى أي حال فنحن نعرف أنه يقرأ في بعض الكنائس، كما تبينت أن البعض من أقدم الكتاب اقتبسوا منه “[7]. ويضيف: ” وضمن الأسفار المرفوضة يجب أيضا أن يعتبر أعمال بولس وما يسمى بسفر الراعي “[8].

  ويضعه العلامة ترتليان ضمن الكتب الأبوكريفية. ويرى انه يحبذ الزناه[9]. ويقول القديس جيروم كان في القرن الرابع منسيا تماما في الغرب[10].

  وكان كتاب الراعي من اشهر الكتب في القرون الأولى للمسيحية، وكان مقتبسا منه بشكل واسع، كما بقي له أكثر من عشرين مخطوطة كاملة وجزئية، منفصلة، على ورق بردي أو رقوق تؤرخ فيما بين القرن الثاني والقرن السادس الميلادي، للنص اليوناني، وأجزاء من مخطوطتين باللغة اللاتينية، من القرن الثاني للقرن الرابع والخامس الميلاديين، ومخطوطتين للترجمة القبطية الصعيدية والأخميمية، كما توجد أيضا ترجمة تفسيرية باللغة الأثيوبية[11].   

  وعلى الرغم قول بعض الآباء أن كاتبه كان تلميذا للقديس بولس، كما يقول هو نفسه، في الرؤى، إلا أنه كان معاصرا لاكليمنس أسقف روما: ” أكتب كتابين. كتيب إلى أكليمندس وكتيب إلى جرابتي. ويسمح لأكليمندس أن يرسل ذلك إلى المدن التي في الخارج، وعلى جاربتي أن تنصح الأرامل والفقراء، أما أنت فعليك أن تقرأ ذلك في هذه المدينة على الشيوخ ومتقدمي الكنيسة ” (الرؤى 2 :4). ولكونه أخا لبيوس الذي جلس على كرسي رومية في الفترة من 140 – 155م، كما تقول الوثيقة الموراتورية، إلى جانب الدليل الداخلي تأكيد على أنه كتب في منتصف القرن الثاني[12].

  وعلى الرغم من أنه لم يقتبس بشكل مباشر سواء من العهد القديم أو العهد الجديد إلا أن الكثير من كلماته تدل على أنها صدى لما جاء بهما. وكان من الوضح أن الإنجيل للقديس يوحنا وأحد الأسفار المتماثلة (متى ومرقس ولوقا)، وكذلك الرسالة إلى أفسس والرسالة إلى يعقوب، كما سنبين، كانت في عقله وفكره، فيقول:

  ” لا يمكن لأحد أن يدخل إلى الملكوت السماوي إلا من الباب الذي هو يسوع المسيح ابن الله الحبيب ” (مثال 9 :12). وهذا صدى لما جاء بالإنجيل للقديس يوحنا خاصة قوله: ” الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً ” (يو3 :36)، و ” أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى ” (يو10 :9).

  وفي مثال 9 يبدو صدى هذه الفقرة: ” مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ ” (أف4 :3-6). واضحاً ومؤكداً، فيقول في الفقرة التالية: ” أن أعضاء الكنيسة صار لهم فكر واحد وجسد واحد: ” الذين آمنوا بالرب بابنه ولبسوا لباس العذارى يشكلون روحا واحداً وجسداً واحداً وثوباً موحد اللون واحداً … روحاً واحداً وجسداً واحداً وثوباً واحداً ” (مثال 9 : 13. 5و7).

ويقول أن الذين نالوا المعمودية صار لهم فكر واحد وعقل واحد وإيمان واحد: ” لأن كل الشعوب التي تقطن تحت السماء بعد أن سمعت بالبشارة وآمنت حملت اسم ابن الله وعندما خُتمت (اعتمدت) بالختم صارت جميعاً بفكر واحد وعقل واحد وإيمان واحد ومحبة واحدة ” (مثال 9 :17 :4). وعندما تتطهر الكنيسة ستكون جسداً واحداً بعقل واحد: ” بعد طرد الأشرار تصبح الكنيسة جسداً واحداً وقلبا واحداً وروحاً واحداً وإيماناً واحداً ” (مثال 9 :18. 4).

  كما يستخدم هرماس تعبيرات رسالة يعقوب مرات عديدة وكثيرة، في كل اقسام الكتاب. وعلى سبيل المثال يستخدم هرماس تعبير (δίψυχος = double-minded = ذُو رَأْيَيْنِ) والتي لم ترد لا في ترجمة العهد القديم اليونانية، السبعينية، ولا في العهد الجديد بل في رسالة يعقوب فقط، في الفقرة التالية: ” رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ (δίψυχος) هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ ” (يع1 :8)، ” نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ (διψυχοι) ” (يع4 :8). ويستخدم هذه الكلمة 19 مرة، ويستخدم فعلها 20 مرة، ويستخدم اسمها 16 مرة[13].

 إقرأ أيضاً:

[1] Ante-Nicene Fathers, Vol. II. Introductory Note To The Pastor Of  Hermas.

[2] أوريجانوس في المباديء، تعريب الأب جورج خوام البولسي، ص 104.

[3] يوسابيوس ك 5 :8.7.

[4] Clement of Alexandria Stromata 1 :29.

[5] الآباء الرسوليون  تعريب البطريرك الياس الرابع (معوض) ص 168.

[6] أنظر: ” سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ ” (رو16 :14).

[7] يوسابيوس ك 3 : 25، 4.

[8] يوسابيوس ك3: 4.25.

[9] De Pudicitia, c. xx., also c. x.; De Oratione, c. xvi.

[10] De Viris Illustribus, c. x.

[11] Bruce M. Metzger p.63.

[12] Ibid. 64.

[13] Ibid. 67.

رسالة الراعي لهرماس وقانونية العهد الجديد – القمص عبد المسيح بسيط

تقييم المستخدمون: 4.3 ( 1 أصوات)