أبحاث

ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ1

ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس - جـ1

ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ1

ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس - جـ1
ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ1 

ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ1

1 – ملك ملكوت الله:

جاء الرب يسوع المسيح ينادي بالملكوت وكان موضوع ” ملكوت الله – Basileian Tuo Theou – θεου του βασιλειαν ” أو ” ملكوت السموات – Basileian Twn Ouranwn – ουρανων των βασιλειαν ” هو جوهر ولب وأساس ومحور كرازته، يقول الكتاب إنه جاء ليكرز ” ببشارة ملكوت الله “، وكلمة بشارة هنا هي ” إنجيل – ευαγγελιον – euangelion “، جاء يكرز بإنجيل الملكوت (مر1:14)، وأول كلمات يسجلها الوحي الإلهي للرب يسوع المسيح هي: ” قد كمل الزمان وأقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل ” (مر1:15)، والإنجيل هنا ” ευαγγελιω – euangelion ” والذي يترجم أيضاً بشارة، ويقول الإنجيل: ” وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة (ευαγγελιω – euangelion) الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب ” (مت4:23)، وكان ” يطوف المدن كلها والقرى يعلم في مجامعها. ويكرز ببشارة (ευαγγελιω – euangelion) الملكوت ” (مت9:35). وقد أرسل تلاميذه الأثنى عشر ليكرزوا في كل مكان ” قائلين أنه قد أقترب ملكوت السموات ” (مت10:7)، كما عين سبعين آخرين وأرسلهم لينادوا، أيضاً أنه ” قد أقترب ملكوت الله ” (لو10:1و9).

وقد وردت عبارة ” ملكوت الله – θεου του βασιλειαν -Basileian Tuo Theou ” في العهد الجديد 56 مرة، منها 49 مرة في الأناجيل الأربعة و7 مرات في بقية العهد الجديد، ووردت عبارة ” ملكوت السموات Basileian Twn Ouranwn – ουρανων των βασιλειαν “، 32 مرة في الإنجيل للقديس متى فقط ولم ترد في أي مكان آخر، ويرجع السبب في ذلك لأن القديس متى قد دون إنجيله بالروح القدس للمسيحيين من أصل يهودي، وبصفة خاصة يهود فلسطين، والذين كانوا يتجنبون النطق أو التلفظ باسم الله يهوه خشية ورهبة(1)، فراعى عادتهم هذه، كيهودي أصلاً، وأستخدم التعبير الذي كان شائعاً في وسطهم وهو ” ملكوت السموات Basileian Twn Ouranwn – ουρανων των βασιλειαν “، ومع ذلك فقد أستخدم تعبير ” ملكوت الله ” حوالي ست مرات للتعبير عن طبيعة وجوهر ” ملكوت الله “: فيقول الرب للجموع: ” لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم ” (مت6:33)، ويقول لرؤساء اليهود: ” ولكن أن كنت أنا بروح الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله ” (مت12:28). وقال عن الشاب الغني: ” وأقول لكم أيضا أن مرور جمل من ثقب أبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله ” (مت19:24)، ووبخ اليهود على ريائهم قائلا: ” الحق أقول لكم أن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله ” (مت21:31)، ثم قال مشيرا إلى دخول الأمم ملكوت الله بعد فشل جزء كبير من اليهود في ذلك: ” لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره ” (مت21:43).

كما استخدم العهد الجديد أيضاً عبارات ” الملكوت – βασιλειας “، ” ملكوتك –  βασιλεια σου “، التي تشير إلى الآب ” ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض ” (مت6:10). وإلى الابن؛ فقد طلبت أم يوحنا ويعقوب من الرب قائلة: ” أن يجلس أبناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك ” (مت20:21)، وقال له اللص اليمين: ” اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك ” (لو23:42). و ” ملكوته – αυτου βασιλειας ” التي تعود على الآب ” ونشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم إلى ملكوته ومجده ” (1تس2:12)، أو على الابن، المسيح ” يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ” (مت13:41)، ” الحق أقول لكم أن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيا في ملكوته ” (مت16:28).

واستخدم أيضاً عبارات ” ملكوت أبى ” (مت26:29) و” ملكوت ابن محبته ” (كو4:11)، أي المسيح، و ” ملكوت المسيح ” (أف5:5) و” ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح ” (2بط1:11) و ” ملكوت يسوع المسيح ” (رؤ1:9) و” صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه ” (رؤ11:15)، أي ملكوت الآب والابن. وهذا يعنى أن ملكوت الله هو ملكوت المسيح وملكوت الآب هو ملكوت الابن، أو كما يقول الرب يسوع المسيح ” كل ما للآب هو لي ” (يو16:15). فالمسيح هو الملك ” الآتي باسم الرب ” (يو12:13)، وهو ” ملك الملوك ورب الأرباب ” (رؤ19:16)، ملك الملكوت الذي تنبأ الأنبياء أنه سيجلس على عرش داود إلى الأبد ” قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك ” (مز110 :1)، الإله الأبدي القدير رئيس السلام ” لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد ” (اش9 :6و7).

وعندما جاء المسيح إلى العالم في ” ملء الزمان ” (غل4:4)، و” ظهر في الجسد ” (1تي3:16)، أعلنت الملائكة أنه الملك السمائي الآتي ليقيم ملكوت الله، فقال الملاك للعذراء القديسة مريم أثناء بشارته لها ” هذا يكون عظيماً وأبن العلى يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه. ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية ” (لو1:32و33)، وهتف جند السماء عند ميلاده ” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة ” (لو2:14)، وذلك لحلول ملك السلام على الأرض، وجاء مجوس من المشرق مهتدين بنجم في السماء ليسجدوا له كملك ” أين هو المولود ملك اليهود ” (مت2:2)، وقدموا له هدايا كملك، ولما رأى نثنائيل قدرته على معرفة الغيب، في أول لقاء لهما، قال له ” يا معلم أنت أبن الله. أنت ملك إسرائيل ” (يو1:49)، وهو يقصد الملك الآتي الذي تنبأ عنه الأنبياء، ولما أشبع الجموع بخمسة أرغفة وسمكتين آمنوا إنه هو الملك الآتي وأرادوا أن ينصبوه ملكا ” فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم. وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكاً أنصرف إلى الجبل وحده ” (يو5:14-16)، لقد كان هو حقاً الملك الآتي ولكنه لم يكن ملكاً أرضياً يحكم على مجرد شعب واحد بل ملكاً سمائياً روحياً لكل الأمم والشعوب والقبائل والألسنة، كما قال هو لبيلاطس ” مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسّلم إلى أيدي اليهود. ولكن الآن مملكتي ليست من هنا ” (يو19:36). مملكته هي مملكة ” قديسي العلى ” التي تنبأ عنها دانيال النبي (دا7:27)، ” مملكة لا تنقرض أبداً ومُلكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفنى كل هذه الممالك وهى تثبت إلى الأبد ” (دا7:27)، وملكوته ” ملكوت أبدى وجميع السلاطين إياه يعبدون ويطيعون ” (دا7:44)، ملكوت يسود فيه على ما في السماء وما على الأرض، كما قال هو ” دفع إلى كل سلطان في السماء وعلى الأرض ” (من28:18)، ” كل شيء قد دفع إلى من أبى ” (مت11:27)، ” الآب يحب الابن وقد دفع كل شئ في يده ” (يو3:35) ومن ثم فقد دعاه الوحي في سفر الرؤيا بـ ” رئيس ملوك الأرض ” (رؤ1:5) و ” ملك القديسين ” (رؤ15:30) و ” رب الأرباب وملك الملوك ” (رؤ17:24) و ” ملك الملوك ورب الأرباب ” (رؤ19:16).

وفي حديثه عن ” ملكوت الله ” في الدهر الآتي، في المستقبل، بعد المجيء الثاني قال أن ” ملكوت الله ” هو ملكوته هو ” يرسل أبن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ” (مت13:41)، ” الحق أقول لكم عن من القيام هنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتياً في ملكوته ” (مت16:28). وقال لتلاميذه ” وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبى ملكوتاً. لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي ” (لو22:29)، وعندما قال له اللص اليمين وهو على الصليب ” أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك. فقال له يسوع الحق أقول لك أنك اليوم تكون معي في الفردوس ” (لو23:42و43).

وعلى الرغم من أن الرب يسوع المسيح رفض أن يُنصّب ملكاً على إسرائيل، لأنه ملك الملوك ورب الأرباب، فقد قبل أن يدخل أورشليم كملك، ولكن ملك ” وديع ومتواضع ” تحقيقاً لنبوءة زكريا النبي عنه ” أبتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان ” (زك9:9)، والجموع هتفت له ” مبارك الآتي باسم الرب. مباركة مملكة أبينا داود الآتية (باسم الرب). أوصنا في الأعالي ” (مر11:9و10).

2 – متمم نبوات العهد القديم:

وكشف لليهود والتلاميذ أنه جاء ليتمم كل ما سبق أن تنبأ به عنه أنبياء العهد القديم، من موسى وجميع الأنبياء إلى ملاخي، بل وإلى يوحنا المعمدان، فقال لهم: ” فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية. وهي التي تشهد لي ” (يو5:39)، ” لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني ” (يو5:46)، وقال لليهود الذين رفضوه: حسنا تنبأ اشعياء عنكم انتم المرائين كما هو مكتوب. هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيدا ” (مر7:6). وعن دخوله الأنتصاري لأورشليم يقول الكتاب: ” وفي الغد سمع الجمع الكثير الذي جاء إلى العيد أن يسوع آت إلى أورشليم. فأخذوا سعوف النخل وخرجوا للقائه وكانوا يصرخون أوصنّا مبارك الآتي باسم الرب ملك اسرائيل. ووجد يسوع جحشا فجلس عليه كما هو مكتوب لا تخافي يا ابنة صهيون. هوذا ملكك يأتي جالسا على جحش أتان. وهذه الأمور لم يفهمها تلاميذه أولا. ولكن لما تمجد يسوع حينئذ تذكروا أن هذه كانت مكتوبة عنه وأنهم صنعوا هذه له ” (يو12:12-16).

وكان يشير دائما إلى ما سبق أن تنبأ به عنه جميع أنبياء العهد القديم ويؤكد على أن كل ما يقوله أو يفعله كان مكتوبا سابقا عنه، وعلى سبيل المثال يقول الكتاب عن آلامه وموته على الصليب: ” واخذ الأثنى عشر وقال لهم ها نحن صاعدون إلى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان. لأنه يسلم إلى الأمم ويستهزأ به ويشتم ويتفل عليه ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم ” (لو18:31-33). وأكد لهم هذا الكلام بعد قيامته: ” وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم انه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير ” (لو24:44). وأثناء عشاء الفصح قال ليهوذا: ” أن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد ” (مت26:24)، وقال عنه أيضاً: ” أنا اعلم الذين اخترتهم. لكن ليتم الكتاب. الذي يأكل معي الخبز رفع عليّ عقبه ” (يو13:18). وقال في ماجاته للآب: ” حين كنت معهم في العالم كنت احفظهم في اسمك الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم احد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب ” (يو17:12). وقال لبقية التلاميذ الأثنى عشر ” كلكم تشكّون فيّ في هذه الليلة لأنه مكتوب أني اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية ” (مت26:31)، ولما جاءوا للقبض عليه في بستان جثسيماني قال لهم: ” كل يوم كنت معكم في الهيكل اعلّم ولم تمسكوني. ولكن لكي تكمل الكتب ” (مر14:49)، وعندما حاول القديس بطرس الدفاع عنه بالسيف قال له: ” رد سيفك إلى مكانه. لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون. أتظن أني لا أستطيع الآن أن اطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشا من الملائكة. فكيف تكمل الكتب انه هكذا ينبغي أن يكون في تلك الساعة قال يسوع للجموع كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصي لتأخذوني. كل يوم كنت اجلس معكم اعلّم في الهيكل ولم تمسكوني. وأما هذا كله فقد كان لكي تكمل كتب الأنبياء ” (مت26:52-56)، وقال لتلميذي عمواس: ” أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده. ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب ” (لو24:25-27)، ولما ظهر لبقية التلاميذ قال لهم: ” هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم انه لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث. وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم. وانتم شهود لذلك ” (لو24:44-48).

وكانوا هم بدورهم يعرفون الكثير من هذه النبوات وقد أشاروا إليها وقت ميلاده وختانه وفي كل مراحل عمله أثناء تجسده وكان ذلك واضحا في كلام اليهود وكلام تلاميذ المسيح أنفسهم بل وكان الجو العام في إسرائيل في ذلك الوقت مهيئاً ومنتظرا لمجيء المسيح المنتظر في هذا التوقيت بالذات بحسب ما جاء في نبوّة يعقوب لابنه يهوذا (تك49:9و10)، ونبوة دانيال النبي الذي حدد له فيها الملاك جبرائيل أن صدور بإعادة تجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس 490 سنة وقد صدر هذا الأمر سنة 457 ق م + 35 سنة حية المسيح = 490 سنة. ومن ثم فعند ختان الطفل يسوع في الهيكل في اليوم الثامن لولادته من مريم العذراء يقول الكتاب: ” وكان رجل في أورشليم اسمه سمعان. وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحي إليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب. فأتى بالروح إلى الهيكل. وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام. لان عينيّ قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل … وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير … فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم ” (لو2:25-38). ومن الواضح هنا أن سمعان كان دارساً للنبوات وأنه كان تواقا لرؤية هذا الآتي فأعطاه الروح وعداً بأنه لن يموت حتى يرى هذا المسيح المنتظر والرب الآتي. كما كانت حنة وجمع كبير كانوا متوقعين ميلاد هذا المسيح المنتظر في أيامهم والذين قال عنهم الكتاب: ” جميع المنتظرين فداء في أورشليم “.

وعندما جاء مجوس من المشرق: ” قائلين أين هو المولود ملك اليهود. فأننا رأينا نجمه في المشرق واتينا لنسجد له “، يقول الكتاب: ” فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع أورشليم معه. فجمع كل رؤساء الكهنة وكتبة الشعب وسألهم أين يولد المسيح. فقالوا له في بيت لحم اليهودية. لأنه هكذا مكتوب بالنبي. وأنت يا بيت لحم ارض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا.لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل ” (مت2:2-6). وهنا يشيرون إلى نبوة ميخا النبي القائل: ” أما أنت يا بيت لحم افراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل ” (مي5:2). وكان تلاميذ المسيح أنفسهم مثلهم مثل بقية اليهود متوقعين هذا المجيء في أيامهم وهذا ينضح من قول تلميذي عمواس عنه ” ونحن كنا نرجو انه هو (أي المسيح) المزمع أن يفدي إسرائيل ” (لو24:21). كما أرسل يوحنا المعمدان وهو في السجن اثنان من تلاميذه إلى الرب يسوع المسيح ليتأكدا أنه هو المسيح الآتي إلى العالم وقالوا له ” أنت هو الآتي أم ننتظر آخر ” (مت11:3)، وكان رد الرب يسوع المسيح عليهما عمليا فقد أجاب بما سبق أن تنبأ به عنه اشعياء النبي قائلاً ” حينئذ تتفتح عيون العمي وآذان الصم تتفتح. حينئذ يقفز الأعرج كالآيل ويترنم لسان الأخرس لأنه قد انفجرت في البرية مياه وانهار في القفر ” (اش35:5و6)، ” فأجاب يسوع وقال لهما اذهبا واخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران. العمى يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين يبشّرون. وطوبى لمن لا يعثر فيّ ” (مت11:4-6). وعندما عرف أندراوس الرسول المسيح، يقول الكتاب: ” هذا وجد أولا أخاه سمعان فقال له قد وجدنا مسيا (Μεσσίας – Messiah). الذي تفسيره المسيح ( Christus – χριστος- Christ) ” (يو1:41). ولما أنضم فيلبس لتلاميذ المسيح يقول الكتاب: ” فيلبس وجد نثنائيل وقال له وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة ” (يو1 45). وقالت له المرأة السامرية: ” أنا اعلم أن مسيا (ΜεσσίαςMessiah) الذي يقال له المسيح (Christus – χριστος) يأتي. فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء ” (يو4:25). وسأل رؤساء اليهود يوحنا المعمدان أن كان هو المسيح الآتي أم لا: ” فاعترف ولم ينكر واقرّ أني لست أنا المسيح ” (يو1:20). وقالت مرثا أخت لعازر للرب: ” أنا قد آمنت انك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم ” (يو11:27)، وعند محاكمته سأله رئيس الكهنة أيضا وقال له: ” أأنت المسيح ابن المبارك. فقال يسوع أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا في سحاب السماء ” (مر14:61).

3 – ابن الإنسان السمائي والمسيح ابن الله (الإله المتجسد):

كما أعطى لنفسه لقب أبن الإنسان الذي تنبأ عنه دانيال النبي، هذا اللقب الذي يعني ألوهيته وأنه المعبود من كل الخلائق ورب السماء والأرض: ” كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض ” (دا7:13و14). وأكد هو أنه الديان الذي سيأتي على السحاب كما أشار إلى كونه الرب الجالس عن يمين الله والذي تنبأ عنه داود النبي قائلا: ” قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعدائك موطئا لقدميك ” (مز110 :1). فعندما سأله رئيس الكهنة أثناء محاكمته قائلا: ” استحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله ” (مت26 :63): ” فقال يسوع أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا في سحاب السماء ” (مر14 :64).

وكان لقب ابن الإنسان يحمل في ذاته كل صفات المسيح اللاهوتية والناسوتية معا، كالإله المتجسد. وكان يعني دائما، على فم الرب يسوع المسيح، المسيح كما هو؛ المسيح كما تنبأ عنه أنبياء العهد القديم والذي هو ابن إبراهيم والكائن قبل إبراهيم ” قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن ” (يو58:8)، أي الموجود الدائم، والذي من نسل داود ورب داود، كقوله:

أنا أصل وذرية داود ” (رؤ16:22)، والذي من بني إسرائيل ولكنه الإله القدير ” لأنهُ يُولد لنا ولد ونُعطى ابنا وتكون الرآسة على كتفه ويُدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبديّاً رئيس السلام ” (اش6:9)، ” ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلهاً مباركاً (رو5:9)، المولود من بيت لحم ولكنه الأزلي الذي لا بداية له (مي2:5)(2). 

وكان لقب ” أبن الإنسان ” هو اللقب المفضل لدى الرب يسوع والذي أطلقه على نفسه ولم يطلقه عليه أحد لأنه كان يؤكد دائما أنه المسيح بكل صفاته كالإله المتجسد، وخاصة لأن لقبي المسيح وابن الإنسان كان اليهود يدركونهما في عصره جيدا، وكانوا يلقبون هذا المسيح الآتي والمنتظر بملك إسرائيل وكانوا يحاولون تتويجه ملكا! وعلى سبيل المثال فعندما كشف لنثنائيل بعض الأسرار، يقول الكتاب ” أجاب نثنائيل وقال له يا معلّم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل ” (يو49:1)، وعندما اشبع الجموع بخمسة خبزات وسمكتين يقول الكتاب ” فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا أن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم. وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكا انصرف أيضا إلى الجبل وحده “(يو15:6- 16)، وعند دخوله الأنتصاري لأورشليم يقول الكتاب أيضا ” فأخذوا سعوف النخل وخرجوا للقائه وكانوا يصرخون أوصنّا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل ” (يو13:12). ولما سأله رئيس الكهنة أن كان هو المسيح ابن الله الحي قال له: ” أنت تقول وأيضا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء ” (مت64:26)، فمزق رئيس الكهنة جبته وأتهمه بالتجديف!! وكانت تهمته التي قدموه بها إلى بيلاطس هي أنه قال أنه ابن الله وأنه ملك اليهود ” ثم دخل بيلاطس أيضا إلى دار الولاية ودعا يسوع وقال له أنت ملك اليهود؟ أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمّتك ورؤساء الكهنة أسلموك إليّ. ماذا فعلت؟ أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا ” (يو33:18-36).

كان المسيح ملكاً ولكن ليس كما فهم اليهود ومازالوا يتوقعون في مسيحهم الذي ما زالوا ينتظرونه كالملك المحارب الذي سيسيطر على العالم بالسيف لمدة ألف سنة! وإنما هو ملك الملكوت ” ملك الملوك ورب الأرباب ” (رؤ16:19)؛ يقول الكتاب لما رأى الرب يسوع المسيح ” نثنائيل مقبلا إليه فقال عنه هوذا إسرائيلي حقا لا غش فيه. قال له نثنائيل من أين تعرفني. أجاب يسوع وقال له. قبل أن دعاك فيلبس وأنت تحت التينة رأيتك. أجاب نثنائيل وقال له يا معلّم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل. أجاب يسوع وقال له هل آمنت لأني قلت لك أني رأيتك تحت التينة. سوف ترى أعظم من هذا. وقال له الحق الحق أقول لكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان ” (يو47:1-51). والموجود في كل مكان: في حديثه مع نيقوديموس أحد قادة اليهود قال الرب يسوع المسيح ” وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء ” (يو13:3). وهنا يؤكد أنه الموجود في كل مكان في السماء وعلى الأرض في آن واحد، فهو ابن الإنسان النازل من السماء والصاعد إلى السماء والموجود في نفس الوقت في السماء. وقد أكد ذلك أيضا في قوله لليهود ” فان رأيتم ابن الإنسان صاعدا إلى حيث كان أولا ” (يو62:6).

كما أعلن أنه الملك الديان الذي سيدين المسكونة بالعدل، ملك يوم الدين، فقال: ” ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم … ثم يقول أيضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته … فيمضي هؤلاء إلى عذاب ابدي والأبرار إلى حياة أبدية ” (مت25:31-46).

وهنا يقدم لنا مشهد الدينونة وكرسي الدينونة وأنه هو الديان الذي يجلس على كرسي الدينونة والملائكة وجميع الشعوب والأمم تقف أمام الديان. والديان كما هو معروف هو الله ” وتخبر السموات بعدله لان الله هو الديان ” (مز6:50)، وهو يقول عن نفسه أنه هو الديان، الملك الديان، ملك يوم الدين، وأن مجد الدينونة هو مجده وكرسي الدينونة هو كرسي مجده وجميع الملائكة القديسين هم ملائكته وأنه هو الذي سيجلس على كرسي مجده وهو الذي ستجتمع أمامه جميع الشعوب والذي سيجازي كل واحد بحسب أعماله، كقوله أيضاً: ” فان ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله ” (مت16:27)، وأيضاً: ” يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم ” (مت13:41)، ” فأن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله ” (مت16:27). ” فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السموات إلى أقصائها ” (مت24:31). كما يقول أيضاً: ” لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن ” (يو5:22)، ” وأعطاه سلطانا أن يدين أيضا لأنه ابن الإنسان ” (يو5:27).

وتأكيداً لذلك يقول القديس بولس بالروح: ” لأننا جميعا سوف نقف أمام كرسي المسيح. لأنه مكتوب أنا حيّ يقول الرب انه لي ستجثو كل ركبة وكل لسان سيحمد الله. فإذا كل واحد منا سيعطي عن نفسه حسابا لله ” (رو14:11و12). ” لأنه لا بد أننا جميعا نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيرا كان أم شرا ” (2كو5:10)، ” من هو الذي يدين. المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا الذي هو أيضا عن يمين الله الذي أيضا يشفع فينا ” (رو8:34)، ويقول لتلميذه تيموثاوس: ” أنا أناشدك إذا أمام الله والرب يسوع المسيح العتيد أن يدين الأحياء والأموات عند ظهوره وملكوته ” (2تي1:4)، ” قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان وأخيرا قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا ” (2تي8:4). وأخيرا يقول الرب يسوع المسيح نفسه: ” لأن الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن . لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب . من لا يكرم الابن لا يكرم الآب الذي أرسله … أنا لا اقدر أن افعل من نفسي شيئا. كما اسمع أدين ودينونتي عادلة لأني لا اطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني ” (يو22:5و23و30).

وبعد حديثه عن كونه الديان كشف لثلاثة من تلاميذه عن شيء من مجده ولاهوته، يقول الكتاب: ” الحق أقول لكم أن من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيا في ملكوته. وبعد ستة أيام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبل عال منفردين. وتغيّرت هيئته قدّامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. … وصوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت. له اسمعوا. ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدا. فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا. فرفعوا أعينهم ولم يروا أحدا إلا يسوع وحده. وفيما هم نازلون من الجبل أوصاهم يسوع قائلا لا تعلموا أحدا بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان من الأموات ” (مت 28:16؛1:17-9)، ويقول أيضاً: ” متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون انتم أيضا على اثني عشر كرسيا تدينون أسباط إسرائيل ” (مت28:19).

كما أنه ابن الإنسان هو ابن الله الحي: يقول الكتاب ” ولما جاء يسوع إلى نواحي قيصرية فيلبس سأل تلاميذه قائلا من يقول الناس أني أنا ابن الإنسان؟ فقالوا. قوم يوحنا المعمدان. وآخرون إيليا. وآخرون ارميا أو واحد من الأنبياء. فقال لهم وانتم من تقولون أنى أنا؟ فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع وقال له طوبى لك يا سمعان بن يونا. أن لحما ودما لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات ” (مت13:16-17). ولما تركه بعض تلاميذه بسبب عدم فهمهم لتعليمه ” فقال يسوع للاثني عشر ألعلككم انتم أيضاً تريدون أن تمضوا، فأجابه سمعان بطرس يا رب إلى من نذهب. كلام الحياة الأبدية عندك. ونحن قد آمنّا وعرفنا انك أنت المسيح ابن الله الحي ” (يو6 :67 -69). وأكد هو نفسه أن له كل ما لله الآب من صفات وألقاب ويعمل جميع أعمال الله: يقول الكتاب ” فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن وأنا اعمل. فمن اجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضا أن الله أبوه معادلا نفسه بالله. فأجاب يسوع وقال لهم الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئا إلا ما ينظر الآب يعمل. لان مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك. لان الآب يحب الابن ويريه جميع ما هو يعمله. وسيريه أعمالا أعظم من هذه لتتعجبوا انتم. لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء. لان الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب … الحق الحق أقول لكم انه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون. لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضا أن تكون له حياة في ذاته. وأعطاه سلطانا أن يدين أيضا لأنه ابن الإنسان ” (يو16:5-27).

كما أكد أنه النازل من السماء ليعطي الحياة الأبدية: قال الرب يسوع المسيح ” اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يعطيكم ابن الإنسان لان هذا الله الآب قد ختمه … لان خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم. فقالوا له يا سيد أعطنا في كل حين هذا الخبز. فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة. من يقبل إليّ فلا يجوع ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدا. ولكني قلت لكم أنكم قد رأيتموني ولستم تؤمنون … لأني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني “(يو27:6-38)

كما أنه غافر الخطايا أيضاً: ” وجاءوا إليه مقدمين مفلوجا يحمله أربعة … فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمفلوج يا بنيّ مغفورة لك خطاياك. وكان قوم من الكتبة هناك جالسين يفكرون في قلوبهم لماذا يتكلم هذا هكذا بتجاديف. من يقدر أن يغفر خطايا إلا الله وحده. فللوقت شعر يسوع بروحه أنهم يفكرون هكذا في أنفسهم فقال لهم … أيّما أيسر أن يقال للمفلوج مغفورة لك خطاياك. أم أن يقال قم واحمل سريرك وامش. ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا. قال للمفلوج لك أقول قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك ” (مر2:2-12). وهو الفادي الذي جاء ليبحث عن الضالين وليبذل نفسه، كالإله المتجسد، عن خطايا العالم، لذا يقول عنه الكتاب أنه رب المجد الذي صلب ” لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد ” (1كو8:2)، والله الذي فدى الكنيسة بدمه ” كنيسة الله التي أقتناها بدمه ” (أع28:20)؛ والذي أنتصر على الموت انتصارا نهائيا بقيامته من الأموات. وكانت آلامه وصلبه وموته حتمية ” لان ابن الإنسان قد جاء لكي يخلّص ما قد هلك ” (مت11:18).” أن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين ” (مت28:20). ” وابتدأ يعلّمهم أن ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل. وبعد ثلاثة أيام يقوم ” (مر31:8). ” وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ” (يو14:3، 15).

كما أنه رب العالمين: قال الرب يسوع المسيح لتلاميذه قبل صعوده مباشرة دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدّوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به. وها أنا معكم كل

الأيام وإلى انقضاء الدهر(مت18:28، 19)، ويضيف الإنجيل للقديس مرقس ” ثم أن الرب بعدما كلمهم أرتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله. وأما هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة ” (مر19:16-20).

(1) استخدم العهد القديم تعبير ” الملكوت ” للإشارة إلى ملكوت الله ولم ترد عبارة ” ملكوت الله ” إلا مرة واحدة في سفر الحكمة Basileia Tuo Theou ” ” (حك 10:10)، ووردت عبارة ” ملكه ” العائدة على الله (حك 4:6) وعبارة ” ملك الدهور ” في سفر طوبيا (10:13). وفي أدب اليهود وكتبهم التي كتبت في الفترة ما بين العهدين وردت عبارات ” الملكوت ” و” ملكوتك ” و” ملكوت إلهنا ” وذلك في كتاب أخنوخ الأول (1:41) وكتاب مزامير سليمان (18:5؛ 3:17). وفي كل الأحوال فالمعنى المقصود هو الله ” ملكوت الله “. ولكن في الفترة السابقة لميلاد المسيح مباشرة والفترة المعاصرة له استخدم اليهود في فلسطين عبارة ” ملكوت الله – مالكوت شمايم –
Basilei Ton Oranoon ” وذلك تجنباً لذكر اسم الله.

(2) أنظر كتابنا ” هل تنبأ أنبياء العهد القديم عن لاهوت المسيح؟

ما أعلنه المسيح عن نفسه وعن الآب والروح القدس – جـ1

تقييم المستخدمون: 3.8 ( 1 أصوات)