أبحاث

ما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين – القمص عبد المسيح بسيط

ما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين – القمص عبد المسيح بسيط

القمص عبد المسيح بسيط
القمص عبد المسيح بسيط

ما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين – القمص عبد المسيح بسيط

وما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين، بناء على ما فهموه وفسروه لنبوّات الأنبياء عن المسيح الآتي والمنتظر فهو كثير، فقد امتلأت كتب اليهود سواء الأبوكريفية أو ما جاء في الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية التي تمت قبل الميلاد وكتب الربيين

 

والترجوم والمشناه[1] والتلمود وغيرها؛ وسنكتفي هنا بفقرات منها توضح لنا صورة المسيح كما كان ينتظره اليهود قبل الميلاد. ومن أهم ما جاء في هذه الكتب هي أوصاف المسيح المنتظر وخاصة ألقاب ابن الإنسان وابن الله والممسوح والمختار والديان الجالس عن يمين العظمة والذي ستخضع له جميع الأمم والشعوب، بل وكلمة الله الذي يعمل أعمال الله ويمثل الله والذي مع الله وفي ذات الله. والكثير مما جاء فيها يتطابق مع ما جاء عن الرب يسوع المسيح في العهد الجديد!! وفيما يلي نماذج لما جاء فيها من أوصاف للمسيح المنتظر:

(1) الكلمة، كلمة الله: يقول المرنم بالروح في سفر المزامير: ” بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها ” (مز33 :6). وكلمة الرب هنا ” hw”hy>â rb:åd>Bii- dâbâr yhwh “، أي كلمه يهوه. وقد فهم منها علماء اليهود قبل الميلاد أن الله يخلق ويعمل في الكون بكلمته، وأن كلمته هو كيان ذاتي في ذاته بل هو الله ذاته، ولذا فقد ترجم العلماء اليهود الكلمة هنا، منذ أيام عزرا الكاهن والكاتب (في القرن الخامس قبل الميلاد) في الترجوم إلى ” ميمرا – מימרא – Memra  أو ma’amar ” في الآرامية والتي تساوي في اليونانية ” لوجوس – logos – λογος “. ونظراً لأن اليهود بعد عودتهم من السبي كانوا يخشون من نطق اسم الله ” يهوه – יהוה ” وذلك بسبب قداسة الاسم الشديدة وعظمته ورهبته بالنسبة لهم، وكذلك بسبب الخوف من تحذير الوصية الثالثة القائلة: ” لا تنطق باسم يهوه إلهك باطلاً لأن يهوه لا يُبرى من نطق باسمه باطلاً ” (خر20 :7). وأيضاً بسبب الخوف من الوقوع تحت عقوبة التجديف التي هي الموت رجماً: ” ومن جدف على أسم يهوه فإنه يقتل. يرجمه كل الجماعة رجماً. الغريب كالوطني عندما يجدف على الاسم يقتل ” (لا 16:24). ولذا فقد أمتنع اليهود عن النطق به نهائياً منذ ذلك الوقت، وبالغوا في ذلك كثيراً، ودعوه ” بالاسم الذي لا ينطق به ولا يصح ذكره “[2]. وكانوا عند قراءة يهوه يستبدلونه في النطق بـ ” أدوناي – Adonai” والذي يعنى ” ربى – My Lord “، ويضعون التشكيل والحركات التي للاسم ” ادوناى ” على الحروف الأربعة ” ى- هـ- و- هـ ” للاسم الذي لا ينطق به، وينطقونه ” أدوناي “، أي يقرءونه يهوه وينطقونه آدوناي!!

  وعندما وجدوا أن الوحي الإلهي يصف الله في الظهورات الإلهية التي ظهر من خلالها للآباء والأنبياء؛ مثل ظهوره وحديثه مع آدم وإبراهيم واسحق ويعقوب وموسى النبي، بالملاك؛ ملاك الرب (يهوه) وملاك حضرته (اش63 :9)، وملاك العهد (ملا3 :1)، وكما قال يعقوب عندما بارك يوسف: ” الله الذي سار أمامه أبواي إبراهيم واسحق. الله الذي رعاني منذ وجودي إلى هذا اليوم. الملاك الذي خلصني من كل شر يبارك الغلامين ” (تك48 :15و16)، وكما حدث عند حديث الله مع موسى في العليقة: ” وظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليّقة 000 فلما رأى الرب انه مال لينظر ناداه الله من وسط العليقة 000 ثم قال أنا اله أبيك اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب. فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله ” (خر3 :2-6). ولذا فقد وضعوا في كل هذه الظهورات كلمة ” ميمرا – מימרא – Memra  أو ma’amar ” كبديل لله، وعلى سبيل المثال فقد ترجموا قوله: ” وسمعا صوت الرب الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة “. وقد ورد تعبير ” وسمعا صوت الرب الإله ” في العبرية: ” وسمعا صوت كلمة الرب “. ويظهر تعبير ” ميمرا – מימרא – Memra  أو ma’amar ” كتعبير عن الظهور الإلهي وعمل الله في الخليقة 596 مرة في الترجومات، ويستخدم ترجوم أونكيلوس هذا التعبير 179 مرة، وترجوم يروشاليمي 99 مرة، وترجوم يوناثان 321 مرة. وعلى سبيل المثال فقد ترجم قوله: ” فخلق الله الإنسان على صورته.على صورة الله خلقه ” (تك1 :27)، ” فخلق كلمة الرب (ميمرا – מימרא – Memra) الإنسان “. وقوله: ” فدعت (أي هاجر) اسم الرب الذي تكلم معها أنت إيل رئي ” (تك16 :13)، إلى ” فدعت كلمة الرب (ميمرا – מימרא – Memra) “. وقوله: ” فقال إبراهيم الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني ” (تك22 :8)، إلى ” فقال إبراهيم كلمة الرب (ميمرا – מימרא – Memra) يرى له الخروف للمحرقة يا ابني “. وقوله: ” ونذر يعقوب نذرا قائلا أن كان الله معي وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه وأعطاني خبزا لآكل وثيابا لألبس ورجعت بسلام إلى بيت أبي يكون الرب لي ألها ” (تك28 :20و21)، إلى ” أن كان الله (ميمرا – מימרא – Memra) معي 000 يكون كلمة الرب (ميمرا – מימרא – Memra) لي إلها ” 00 الخ

  أي أنهم ميزوا كلمة الرب أو كلمة الله في الذات الإلهية ونسبوا له الظهورات الإلهية وكل أعمال الله وعلى رأسها الخلق. وبالرغم من ذلك كان خاص بالذات الإلهية والتعدد في الذات الإلهية للإله الواحد، إلا أنه كان الطريق المؤدي لمعرفة لاهوت المسيح وكونه كلمه الله الذاتي: ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله، هذا كان في البدء عند الله كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان، فيه كانت الحياة ” (يو1 :1-4).

(2) ابن الإنسان المعبود والرب الجالس عن يمين الآب: ومن أهم الألقاب التي وردت في هذه الكتب عن هذا الآتي؛ المسيح المنتظر والنسل الموعود، هو لقب ابن الإنسان الذي أعلن في سفر دانيال النبي، والذي تأثر به الأدب اليهودي في فترة ما بين العهدين بشدة وصار ملهما لكتاب هذه الفترة وتأثروا به كثيرا في كتباتهم الأبوكريفية وغيرها، فقد تنبأ دانيال النبي في رؤياه التي رآها عن شبه ابن الإنسان المعبود الذي تتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة فقال: ” كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض ” (دا7 :13و14). وكذلك نبوة داود النبي عن المسيح الرب الجالس عن يمين الله الآب: ” قال الرب لربي أجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك ” (مز110 :1). وكان لهاتين النبوتين تأثيرا كبيرا على كتاب فترة ما بين العهدين كما كانتا مصدرا لإلهامهم ولذا نجد صداهما في الكثير من هذه الكتابات، وعلى سبيل المثال فقد ورد لقب ابن الإنسان في هذه الكتابات مرات كثيرة، وكذلك وصف المسيح بابن الله الذي يمثل الله والذي من ذات الله وله نفس صفات وألقاب الله، وكونه الجالس على عرش المجد، عن يمين الله، وابن العلي، الكائن في ذات الله قبل الخليقة، والديان، والذي  يسجد له جميع سكان الأرض، والذي يأمر ويمارس السلطان على الأرض وبفمه تُعلَن كلُّ أسرار الحكمة، وسيحكم على كثير من الأمم وسينتشر ملكوته كل يوم وسيرتفع في العلي، وسيكون ملكوته ملكوت أبدي.

  وقد ورد لقب ابن الإنسان في ثلاثة مراجع أخرى خارج الكتاب المقدس، في التقليد اليهودي المعاصر للمسيح، وهي سفر أخنوخ الأول الأبوكريفي وسفر عزرا الرابع الأبوكريفي وكتابات فيلو الفيلسوف اليهودي الإسكندري المعاصر للمسيح. ويبدو أنها كلها كانت متأثرة بما جاء في نبوّة مزمور 110 وما جاء في سفر دانيال النبي. وعلى الرغم من أن عبارة ” ابن الإنسان ” لم ترد في التلمود اليهودي والذي كتب بعد المسيح بمئات السنين إلا أن كثيرين من الربيين اليهود فسروا نبوة دانيال النبي عن ابن الإنسان على أنها خاصة بالمسيح الآتي والمنتظر:

(أ) سفر أخنوخ الأول: استخدم هذا السفر المكتوب في القرنين الأول قبل الميلاد والأول بعد الميلاد، في جزئه الثاني المعروف بالخطب الأخروية أو أمثال أخنوخ ( في الإصحاحات من 37 إلى71)، عبارة ولقب ” ابن الإنسان ” مرات عديدة عن كائن أسمى من الملائكة والبشر دعاه أيضا بـ ” المختار Elect – “، وقد وصفه بصفات تتطابق كثيرا مع صفات ” مثل ابن الإنسان ” في سفر دانيال النبي:

1 – فقال في الإصحاح 39 ” رأت عيناي مختار الحق والإخلاص، العدالة ستسود في زمنه، والأبرار والمختارون، الذين لا يحصى عددهم (سيمتثلون) أمامه 000 والأبرار والمختارون كانوا كلهم أمامه بمثل جمال نور النار 000 بحضوره لن تهلك العدالة أبداً، ولن يفنى الحق بوجوده ” (6و7).

2 – هذا المختار سيجلس على عرش المجد:سيجلس مختاري على عرش المجد وسيصنف أعمالهم ” (3:45).

  ويقول أيضاً: ” نصفهم ينظر إلى النصف الآخر فيُرتج عليهم، ويخفضون الرؤوس من العذاب حين يرون ابن الإنسان هذا يجلس على عرش مجده. فمنذ البدء ظلّ ابن الإنسان مخفياً. احتفظ به العليّ داخل قدرته 000 ربّ الأرواح يقيم فيهم ومع ابن الإنسان يأكلون وينامون ويقومون، على الدوام ” (62 :5- 7و 14).

3 – كما يصفه أيضا بالذي ينتمي إليه الحق: ” هناك رأيت ذاك القابض على رأس الأيام. رأسه كالصوف الأبيض، ومعه آخر، له وجه ذا شكل بشريّ، والنعمة تفيض منه مثل أحد الملائكة القديسين. سألت عن ابن الإنسان هذا، أحد الملائكة القديسين الذي كان يرافقني ويريني جميع الأسرار: ” من هو هذا؟ ومن أين يأتي؟ ولماذا يرافق رأس الأيام؟ “، فأجابني: ” هو ابن الإنسان الذي له البرّ. البرّ يقيم معه. وهو من يكشف كلَّ كنز الأسرار. فهو من اختاره ربّ الأرواح ونال نصيبه نصراً أمام ربّ الأرواح، بحسب الحقّ، إلى الأبد. وابن الإنسان هذا الذي رأيته يقيم الملوك والمقتدرين عن مضاجعهم، والأقوياء عن مقاعدهم. يحلّ رباط الأقوياء ويحطّم أسنان الخطاة. يطرد الملوك عن عروشهم ومن مملكتهم، لأنهم لم يعظّموه ولم يمجدوه ولم يقرّوا من أين جاء ملْكهم يحطّ وجه الأقوياء، يملأهم خزياً، فتكون الظلمة مسكنهم، والدود مضجعهم، ولا أمل لهم بقيام، لأنهم لم يعظّموا اسم ربّ الأرواح. وجود ابن الإنسان منذ الأزل ” (1:46-6).

4 – وجوده قبل الخليقة: فيقول: ” ورأيتُ في هذا الموضع عين البرّ التي لا تجفّ،
تحيط بها عيون عديدة من الحكمة حيث يشرب العطاش فيمتلئون حكمة ويكون مسكنهم مع الأبرار والقديسين والمختارين. في هذه الساعة دعي ابن الإنسان هذا إلى ربّ الأرواح ونُودي باسمه أمام رأس الأيام. قبل أن تُخلق الشمسُ والعلامات قبل أن تُصنع كواكب السماء، أُعلن اسمه أمام ربّ الأرض. يكون عصا للأبرار، يستندون إليها ولا يعثرون. يكون نور الأمم، يكون رجاء المتألمين في قلوبهم. أمامه ينحني ويسجد كل سكّان اليابسة. يمجّدون، يباركون، ينشدون ربّ الأرواح. لهذا صار المختارَ، وذاك الذي كان خفياً لديه قبل خلق العالم وحتى مجيء الدهر ولكن حكمة ربّ الأرواح كشفته للقديسين والأبرار. فقد حفظ نصيبَ الأبرار، لأنهم أبغضوا واحتقروا عالم العنف هذا وأبغضوا كلَّ عمله وكلَّ طرقه باسم ربّ الأرواح. باسمه يخلَّصون، وبمشيئته صار هو حياتهم ” (48 :1-7).

  وأيضاً: ” باطلاً يُخفض ملوكُ الأرض وجهَهم في ذلك الوقت، والمقتدرون أسيادُ اليابسة، بسبب عمل أيديهم. ففي اليوم الذي يحلّ بهم الضيق والوجع لن يخلّصوا أنفسهم. ولكن أسلّمهم إلى أيدي مختاريّ. كالعشب في النار يحترقون أمام القديسين، كالرصاص في النار يبتلعون أمام الأبرار ولا يتركون أثراً.  في يوم عذابه يكون الهدوء على الأرض. يسقطون أمام الأبرار (أو: أمامه) ولا يقومون. لا يمدّ إليهم أحدُ يداً ليقيمهم لأنهم أنكروا ربّ الأرواح ومسيحه. ليكن اسم ربّ الأرواح مباركاً ” (8 -10).

5 – ثم يصفه في بقية الإصحاحات كنور الأمم الموجود قبل الخليقة والذي سيسجد له جميع سكان الأرض: ” و(لفظ) اسمه بحضور مبدأ الأيام. قبل أن تُخلق الشمس والإشارات، قبل أن تصنع نجوم السماء، كان اسمه قد أعلن بحضور رب الأرواح. سيكون عصا للأبرار، وسيتكئون عليه بلا خوف من التعثر. سيكون نوراً للأمم، سيكون أملاً للذين يتألمون في قلبهم. أمامه سينحني ويسجد جميع سكان الأرض ” (2:48-5). ثم يؤكد بعد ذلك أنه أُعطي ابن الإنسان هذا كل الدينونة (27:69-29)، وأنه سيجلس على عرش الله (1:51-3؛6:61-8)[3].

6 – ثم يصفه كالديان: ” في ذلك الوقت تُعيد الأرض ما أُودع فيها ويردّ مثوى الأموات ما تقبّل، والهلاك يعيد ما عليه من واجب يتميّز وسط (الموتى) الأبرار والقديسين لأن يوم الخلاص قد جاء لهم في ذلك الوقت يجلس المختار على عرشي، بفمه تُعلَن كلُّ أسرار الحكمة لأن ربّ الأرواح أعطاه (إياها) ومجّده جبال من المعادن لمجيء المختار ” (51 :1-3).

7 – سلطان المسيح على الأرض: ” بعد هذا الوقت، وفي الموضع الذي فيه رأيت كل الرؤى السرية، فقد كنت اختُطفت في إعصار وحُملت إلى الغرب، رأيت بعينيّ جميع أسرار السماء المقبلة: جبل من حديد، جبل من نحاس، جبل من فضّة، جبل من ذهب، جبل من قصدير، جبل من رصاص. فسألت الملاك الذي كان يرافقني: ” ما هذه الرؤية السرّية التي رأيتها؟ “، فأجابني: ” كل ما رأيتَه يخدم سلطان مسيحه، فيأمر ويمارس السلطان على الأرض ” (52 :1-3).

8 – مديح ابن الإنسان: ” أحَسّوا بفرح عظيم، باركوا، مجّدوا، عظَّموا، لأن اسم ابن الإنسان هذا كُشف لهم. جلس على عرش مجده ومجمل الدينونة أعطيت لابن  الإنسان هذا. يزيل الخطاة من على وجه الأرض ويسلّمهم إلى الفساد مع الذين أضلّوا العالم. يقيّدون ويُسجَنون في حبس الفساد وكل عملهم يزول من على وجه الأرض عند ذاك لن يكون شيء فاسداً لأن ابن الإنسان هذا قد ظهر وجلس على عرش مجده. زال كل شرّ من على وجه الأرض ومضى. يتحدّثون إلى ابن الإنسان هذا فيقوم أمام ربّ الأرواح ” (69 :26-29).

9 – ارتفاع ابن الإنسان: ” ثم حصل أن اسم ابن الإنسان هذا رُفع حياً إلى ربّ الأرواح، من بين سكّان اليابسة. رُفع على مركبة الريح وأخذ اسمه من بينهم ” (70 :1و2).

(2) وجاء في مزامير سليمان: ” أنظر، يا ربّ، وأقم لهم ملكهم، ابنَ داود، يوم تعرف، يا الله، ليملكَ على إسرائيل عبدك. لا يضعف طوال حياته، أنه استند إلى إلهه. فالله منحه القوّة، بالروح القدس، والحكمةَ بمشورة الفهم، القدرةَ والبرّ 000 ذاك هو بهاء ملك إسرائيل الذي هيّأه الله، وأقامه على بيت إسرائيل وأدّبه ” (17:21و37و42).

(3) وجاء في باروخ الثاني: ” عندئذ حين يتمّ ما يجب أن يحصل في هذه الأجزاء، يبدأ المسيح فيكشف عن نفسه. ويكشف بالموت عن نفسه في موضعه 000 والأرض أيضًا تعطي ثمارها، كل واحد بعشرة آلاف. وعلى جفنة واحدة يكون عشرة آلاف غصن، ويعطي كل غصن ألف عنقود عنب، وكل عنقود يعطي ألف حبّة. والحبّة تعطي من النبيذ. والذين جاعوا سيكونون في الفرح، بل يرون كل يوم معجزات لأن رياحًا ستخرج من عندي، فتحمل كلّ صباح رائحة الثمار العطرة، وفي نهاية النهار، تقطر الغيوم ندى الشفاء ” (29 :3-7).

  ويقول أيضاً: ” وبعد هذا، وحين يتمّ زمنُ مجيء المسيح فيعود لمجده، يقوم جميع الذين رقدوا في رجائه ” (30:1). ” الرئيس العظيم الذي يظلّ في ذلك الوقت على قيد الحياة، ساعة يدمَّر جمهور جماعاته، يُقيَّد ويؤخذ إلى جبل صهيون. فيتهمه مسيحي بكل كفره، ويجمع أمامه كل أعمال جماعاته ” (40:1). وأيضاً: ” بعد أن تأتي الآيات التي سبق وقلتها لك، تضلّ الأمم ويأتي زمن مسيحي. فيدعو إليه كل الأمم، فيحيي بعضًا ويقتل بعضًا، وهذا ما يحصل للأمم التي ستحيا به ” (72:2).

(4) وجاء في كتاب عهد لاوي: ” وبعد أن يتمّ عقابهم من الربّ، يزول الكهنوت. فيقيم الربّ كاهناً جديداً تُكشف له كلُّ أقوال الرب، فيمارس دينونة الحقّ على الأرض خلال العديد من الأيام. يطلع كوكبه في السماء ككوكب ملك، ويُشعّ بنور المعرفة كما الشمس في وضح النهار، فيعظَّم في العالم كله. يُشع كما الشمس على الأرض فيزيل كل ظلمة من تحت السماء، ويملك السلام على الأرض كلها. في أيامه تهلّل السماء، والأرض تفرح والغمام يبتهج. وتنتشر معرفة الربّ على الأرض كمياه البحار، ويبتهج من أجله ملائكة مجد وجه الرب. تنفتح السماء، ومن هيكل المجد يأتي عليه التقديس، وصوت أبويّ مثل صوت إبراهيم لإسحاق. فمجد العليّ يُعلن عليه، ويحل عليه في الماء روحُ الفهم والتقديس ” (18 :1-7).

(5) وجاء في كتاب عهد يهوذا: وصف المسيح ككوكب يعقوب: ” بعد هذا يطلع لكم كوكب من يعقوب، في السلام. يطلع رجل من ذرّيتي كشمس البرّ، يسلك مع البشر في الوداعة والبرّ، ولا تُوجد فيه خطيئة. تنفتح السماوات له لتُفيض الروح، بركة الآب القدوس، وهو يفيض روح النعمة عليكم تصيرون أبناءه في الحقيقة، وتسلكون في أوامره الأولى والأخيرة. هو نبت العلي، وهو الينبوع المحيي الجميع. فيشعّ صولجان ملكي، ومن جذركم ينبت جذع منه يخرج صولجان البرّ للأمم ليدين جميع الداعين للرب ويخلّصهم ” (24 :1-5).

(6) وجاء في مخطوطات قمران الكثير من النماذج نختار منها ما يلي:

(أ) ما جاء قي 4QAramaic Apocalypse (4Q246), col. II: ” وسيدعى ابن الله، وسيدعونه ابن العلي 000 وسيكون ملكوته ملكوت أبدي 000 ويعم الأرض السلام والحق ويتوقف السيف في الأرض وستبايعه كل المدن. وهو إله عظيم بين الآلهة 000 وسيكون ملكوته ملكوتا أبدياً “.

(ب) وجاء في 4Q252 frag 1, col5): [on Gen 49.10]:: ” لن تزول السيادة من سبط يهوذا، وبينما يكون لإسرائيل السيادة فلن يعدم أحد من الجلوس على عرش داود 000 حتى يأتي مسيح العدالة، فرع داود “.

(7) أما فيلو اليهودي فيقول في كتابه حياة موسى (The Life of Moses I:289-290): ” سيأتي إنسان، وسيحكم على كثير من الأمم وسينتشر ملكوته كل يوم وسيرتفع في العلى “.

  ويقول في (On Rewards and Punishments 95): ” سيأتي إنسان يقول أقوال الله “. وقد وصف ابن الإنسان بنفس الصفات المذكورة في سفر دانيال النبي ويقترب كثيرا مما جاء عن ابن الإنسان على لسان الرب يسوع المسيح، ولكنه لا يعترف أنه يسوع الناصري[4].

(8) وجاء في سفر عزرا الرابع: والذي كتب قبل الميلاد، ويتكلم عن ابن الإنسان المهيب الرهيب الخارج من البحر، والذي يصفه بقوله ” ونظرت [ وإذا بهذه الريح تُصعد من قلب البحر كائناً كان مثل إنسان ونظرت وإذا ] بهذا الإنسان يطير مع سحب السماء وحيث كان يدير وجهه لينظر كان كل ما يقع عليه نظره يرتجف “. ثم يصفه بالجبار المهيب الذي يبيد الأشرار بنفخة فمه ويضم إليه الأبرار (1:13-13)[5].

  وهناك الكثير مما جاء في الترجومات وبقية كتب اليهود مما سنفرد له بحث خاص فيما بعد.

(2) والنبوّات الرمزية وخاصة التي ركزت على عمله الفدائي من خلال الذبائح التي كانت تقدم كفارة عن الخطايا والمذبح الذي كانت تقدم عليه والكهنة الذين كانوا يقدمونها، لكونه سيكون هو نفسه الكاهن الأعظم والذبيح الأعظم الذي سيقدم نفسه كذبيحة أثم وكفارة لكل خطايا العالم على المذبح الذي حمله والذي هو خشبة الصليب. وهذه ما شرحه الوحي الإلهي تفصيليا في الرسالة إلى العبرانيين، وكما سنوضح لاحقاً.

9 ” مشناه ” كلمة عبرية مشتقة من الفعل العبري ” شنَّاه ” ومعناه ” يُثنِّي ” أو ” يكرر “. ولكن، تحت تأثير الفعل

لآرامي ” تانا “، صار معناها ” يدرس “. ثم أصبحت الكلمة تشير بشكلٍّ محدد إلى دراسة الشريعة الشفوية، وخصوصاً حفظها وتكرارها وتلخيصها. والمشناه مجموعة موسوعية من الشروح والتفاسير تتناول أسفار العهد القديم، وتتضمن مجموعة من الشرائع اليهودية التي وضعها معلمو المشناه (تنائيم) على مدى ستة أجيال (10ـ 220). وتُعَدُّ المشناه مصدراً من المصادر الأساسية للشريعة، وتأتي في المقام الثاني بعد العهد القديم الذي يُطلَق عليه لفظ ” مقرا ” (من ” قرأ “) باعتبار أن العهد القديم هو الشريعة المكتوبة التي تُقرأ. أما المشناه، فهي الشريعة الشفوية، أو التثنية الشفوية، التي تتناقلها الألسن، فهي إذن تكرار شفوي لشريعة موسى مع توضيح وتفسير ما التبس منها، ولابد من دراسـته (وتسـمية العهد القديم بالمقرا حدثت في العهد الإسلامي، وهي صدى للتفرقة بين القرآن والسنة، فظهرت التفرقة بين المقرا والمشناه). ولهذا، فإن المشناه تُسمَّى ” الشريعة الثانية “. وتتضارب الآراء المتصلة بمدلول كلمة ” مشناه “، فيذهب البعض إلى أنها تشير إلى الشريعة الشفوية بكاملها (مدراش وهالاخاه وأجاداه). ولكن الرأي الآن مستقر على أن المشناه تعني الهالاخاه فقط، حتى أن كلمتي ” مشناه ” و ” هالاخاه ” أصبحتا مترادفتين تقريباً. ومع هذا، فإن هناك فقرات أجادية في نهاية كل قسم من أقسام المشناه. وعلى أية حال، فإن فقرة واحدة تتضمن سنة واحدة في الفقهيات التشريعية يُسمَّى ” مشناه ” وجمعها ” مشنايوت “. أما كتاب المشناه ككل فيشار إليه أحياناً بأنه ” هالاخاه ” وجمعها ” هالاخوت “.

  وقد دوِّنت المشناه نتيجة تراكم فتاوى الحاخامات اليهود (معلمي المشناه) وتفسيراتهم وتضاعفها كمياً بحيث أصبح من المستحيل استظهارها، فبدأ تصنيفها على يد الحاخام هليل (القرن الأول الميلادي)، وبعده الحاخام عقيبا ثم مائير. أما الذي قيدها في وضعها الحالي كتابةً، فهو الحاخام يهودا الناسي (عام 189م) الذي دونها بعد أن زاد عليها إضافات من عنده (ولكن هناك من يقول إنه لم يدونها رغم اقترانها باسـمه، وقد ظـلت الأجيـال تتناقـلها حتى القرن الثامن الميلادي). ويتكون كل من التلمود الفلسطيني والتلمود البابلي من المشناه والجماراه. ووجه الاختلاف بينهما في الجماراه، أما المشناه فهي مشتركة بين التلمودين. والواقع أن لغة المشناه هي تلك اللغة العبرية التي أصبحت تحتوي على كلمات يونانية ولاتينية وعلى صيغ لغوية يظهر فيها تأثر عميق بقواعد الآرامية ومفرداتها، وتُسمَّى عبرية المشناه. ويصل حجم المشناه في الترجمة الإنجليزية إلى 789 صفحة. ولذا، ورغم أنها تعليق على العهد القديم، فإنها أكبر منه حجماً. ويجب التمييز بين المشناه والمدراش، فالمدراش (حتى التشريعي الهالاخي) تعليق على النصوص التوراتية نفسها، أما المشناه فتهدف إلى تقديم المضمون القانوني للشريعة الشفوية بشكل مجرد ودون العودة إلى النصوص التوراتية.

10 Theo. Dic. OT Vol. 5 P. 500.

ويعقب الفيلسوف اليهودي فيلون Philo (20ق.م-40م)  على لاويين (15:24) ” كل من سب إلهه يحمل خطيئته “، بقوله ” إذا كان هناك أحد، لا أقول أنه يجدف على رب الناس والآلهة، بل يجرؤ فقط على أن ينطق باسمه في وقت غير مناسب فليتوقع الموت ” (” أنت المسيح ابن الله الحي” جـ 90:5).

  وقال أيضاً ” الاسم يهوه لا يجوز أن ينطق به إلا الذين تطهرت بالحكمة آذانهم وألسنتهم، وبشرط أن يسمعوه وينطقوا به في مكان طاهر ” (السابق ص 90). وجاء في القاموس الدولي للدين ” هذا الاسم (يهوه) مقدس لدرجة أن اليهود لم ينطقوه عالياً قط ودائماً يستبدلونه بلقب آخر ” (The Int. Dic. Of Religion P. 99.)، ويقول التلمود البابيلوني ” أن اليهود امتنعوا أن يلفظوا الاسم، بل والكهنة أيضاً لم يعودوا ينطقون به حتى في تلاوة البركة ” (أنت المسيح جـ 91:5.). ويقول التلمود الأورشليمي أنه كان مشروعاً لرئيس الكهنة أن ينطق بالاسم في احتفالات يوم الكفارة (السابق). وكان ينطق به بصوت خفيض في قدس الأقداس حتى لا يسمعه أحد خارجاً. وبلغت المبالغة في الخوف من نطق الاسم أن يقول أحد الربيين، كما ينقل د.ت. بيرسون D. T. Pierson، أن من يجرؤ على النطق بهذا الاسم (يهوه) سيفقد مكانه في العالم الآتي (All D. Names P. 18 .)، أي يحرم من السعادة الأبدية. ومن ثم فقد دعوه بـ ” الاسم – Ha Shem” و ” الاسم العظيم المهوب ” و ” الاسم الخاص ” و “الاسم المنفصل” و “الاسم الذي لا ينطق به” و ” الاسم الذي لا يوصف ” و ” الاسم المحفوظ، و ” الاسم المقدس ” و ” الاسم المتميز ” و ” الاسم الذي من أربعة أحرف ( ى . ه. و . هـ Y H W H) ” (Ibid 17.). وغالباً ما يسمى بالكلمة اليونانية ” تتراجراماتون –       Tetragrammaton – τετραγράμματον ” أي الاسم ذو الحروف الأربعة (YHWH, JHVH) (The Levicon Web. Dic. Vol. 2. P. 1017).

  وكانوا عند قراءة يهوه يستبدلونه بـ ” أدوناي – Adonai” والذي يعنى ” ربى – My Lord “، ويضعون التشكيل والحركات التي للاسم “ادوناى” على الحروف الأربعة “ى.هـ.و.هـ” للاسم الذي لا ينطق به، وينطقون ” أدوناي “. وهكذا تركوا الحروف الساكنة الأربعة ليهوه، في النص، ووضعوا معهم الحروف المتحركة أدوناي (a – o – a). ومن هذا جاء الاسم الهجين ” جيهوفاه – Jehovah ” المستخدم في الانجليزية والفرنسية والألمانية، وهو الشائع الآن. كانت اللغة العبرية تتكون من 22 حرفاً ساكناً وليس بها حركات أو حروف متحركة. وكان القارئ يدرك النطق الصحيح ويضع الحروف المتحركة من الذاكرة تقليدياً، ومع عدم نطق اسم يهوه فقد ضاع النطق الصحيح له. وبدأت الحركات والحروف المتحركة تدخل اللغة العبرية، حتى تم ذلك على أيدى المأسوريين، أى حملة التقليد (ماسورا) فيما بين 500 إلى 950م (كتاب التوراه كيف كتب وكيف وصلت إلينا) للمؤلف ص 29 و 73.

  وقد فقد النطق الصحيح للاسم من التقليد اليهودي أثناء العصور الوسطى (Theo. Dic. OT Vol. 5 P. 500). وصار ينطق بأشكال مختلفة أهمها: ” ياهفيه أو يهفيه – Yahveh, Yeheveh ” أو ” ياهفي – Yahve ” أو “جيهوفا –  Jehova” (The Pulpit Com. Vol. 1 Ex. 57. See also Clarke’s Com. Vol. 1 P. 475.).

  يقول المؤرخ والكاهن اليهودي يوسيفوس (36 – 100م) أنه غير مشروع له أن يقول شئ عن هذا الاسم المقدس ونطقه (Ant. B. 2:4).

11 أنظر ” مخطوطات قمران – البحر الميت ” جـ 2 : 45-56 . مع  H.F.D.Sparks The Apocryphal O T p. 221-257.

12 Theological Dictionary of the N T . vol. 8 p.410-411.

13 السابق جـ 3 : 347 . مع The New English Bible. 2 Esdras ch. 13.

ما كتبه علماء اليهود في فترة ما بين العهدين – القمص عبد المسيح بسيط

تقييم المستخدمون: 3.75 ( 1 أصوات)