أبحاث

التصميم الإلهي للكون بين العرض والنقد ونقض النقد

التصميم الإلهي للكون بين العرض والنقد ونقض النقد

التصميم الإلهي للكون بين العرض والنقد ونقض النقد
التصميم الإلهي للكون بين العرض والنقد ونقض النقد

التصميم الإلهي للكون بين العرض والنقد ونقض النقد

’’ الجاهل الذي لا يعرف شيئاً عن العلم هو فقط من يقول إن العلم يقلل من الإيمان. لأنك إن درست العلم بحق يقربك العلم من الله‘‘.

’’چيمز تور‘‘James Tour عالم نانو

لا بد أن الأدلة الفلكية على وجود الله قوية طالما أن الفيزيائيين الملحدين يعترفون أن’’الكون انفجر من العدم‘‘، وعلماء الفلك اللاأدريين يزعمون أن’’قوى فوق طبيعية‘‘ عملت في البداية، حتى إن العلماء يجدون أنفسهم يعودون إلى’’مجموعة من اللاهوتيين… وقد جلسوا هناك منذ قرون‘‘(انظر الفصل الثالث). إلا أن الأدلة العلمية على وجود الله لا تنتهي عند الحجة الكونية. فالكثيرون يرون أن الدقة التي انفجر بها الكون إلى الوجود تزودنا بدليل أكثر إقناعاً على وجود الله.

وهذا الدليل يعرف اصطلاحاً باسم الحجة الغائية Teleological Argument، اسمه مشتق من الكلمة اليونانية telos التي تعني ’’تصميم‘‘. وتقول الحجة الغائية:

  • لكل تصميم مصمِّم.
  • الكون له تصميم شديد التعقيد.
  • إذن الكون له مصمِّم.

وقد أكد’’إسحاق نيوتن‘‘(1642-1727) ضمناً صحة الحجة الغائية عندما عبر عن اندهاشه من تصميم مجموعتنا الشمسية، وكتب’’إن هذا النظام الأخاذ الذي يحكم الشمس، والكواكب، والنيازك لا يمكن أن ينبثق إلا من مشورة وسيادة كائن ذي ذكاء وقوة‘‘.1إلا أن ’’وليم پبلي‘‘ William Paley(1743-1805) هو من أعطى الحجة شهرة واسعة عندما صرح تصريحاً بديهاً مفاده أن كل ساعة تتطلب صانعاً.

تخيل أنك تسير في الغابة ووجدت في الأرض ساعة ماركة’’رولكس‘‘ مرصعة بالألماس. فما الذي تظن أنه مسبب تلك الساعة: الريح والمطر؟ عوامل التعرية؟ مزيج من القوى الطبيعية؟ بالطبع لا! لن تشك لحظة أن كائناً ذكياً صنع تلك الساعة، وأنها سقطت صدفة من شخص سيء الحظ في تلك الغابة.

والعلماء اليوم يكتشفون أن الكون الذي نعيش فيه يشبه تلك الساعة’’رولكس‘‘ المرصعة بفصوص الألماس، فيما عدا أن الكون مصمَّم بدقة تتجاوز دقة تصميم الساعة. والحقيقة أن الكون مصمم بدقة تسمح تحديداً بوجود الحياة على الأرض، وهي كوكب يحوي المئات من الظروف المتكافلة التي يعتبر وجودها أمراً غير محتمل الحدوث، وهذه الظروف تدعم الحياة وتجعل الأرض واحة شديدة الصغر وسط كون شاسع عدائي.

وهذه الظروف البيئية المتكافلة متناهية الدقة (التي يطلق عليها’’الثوابت الإنسانية‘‘ ’’anthropic constants‘‘) تشكل ما يعرف باسم’’المبدأ الأنساني‘‘’’Anthropic Principle‘‘. وكلمة’’Anthropic‘‘ مشتقة من كلمة يونانية تعني ’’إنساني‘‘أو’’إنسان‘‘. والمبدأ الإنساني هو مجرد تسمية جذابة للأدلة المتراكمة التي تجعل الكثير من العلماء يعتقدون أن الكون مضبوط ضبطاً في منتهى الدقة(مصمَّم) بحيث يدعم الحياة البشرية هنا على الأرض.

وفي هذا الكون الشاسع العدائي، نحن البشر سكان كوكب الأرض نشبه كثيراً رواد الفضاء الذين لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة إلا بين جدران سفينتهم الفضائية الصغيرة. وأرضنا مثل سفينة الفضاء، تدعم الحياة بينما تنطلق وسط فضاء بلا حياة. ولكنها مثل سفينة الفضاء أيضاً من حيث أنه إذا حدث أي تغير طفيف أو خلل في أي من العوامل، سواء في الكون أو في الأرض نفسها، يمكنه أن يحدث تغييراً قاتلاً في الظروف البيئية المحسوبة حساباً دقيقاً اللازمة لبقائنا على قيد الحياة.

والمهمة ’’أپولو13‘‘ Apollo13 التي تعد من أصعب المهام في تاريخ ناسا وأشهرها سوف تساعد في كشف هذه النقطة بمزيد من الجلاء. وسوف نقضي بضع الصفحات القادمة على متن‏’’أپولو13‘‘‏. وأثناء رحلتنا سنشير إلى بعض الثوابت الإنسانية التى تجعل حياتنا ممكنة.

هيوستن عندنا مشكلة

اليوم هو 13 نيسان/أبريل 1970 بعد مرور أكثر من يومين على انطلاق رئيس المهمة’’چيم لڨل‘‘ Jim Lovell ورائدي فضاء آخرين خارج الغلاف الجوي للأرض على متن سفينة الفضاء ‏’’أپولو13‘‘‏. وهم الآن يطيرون عبر الفضاء بسرعة تزيد عن 3200 كيلومتر في الساعة، ويترقبون بشوق تمشية لم يقم بها إلا عدد قليل من الرجال، تمشيه على سطح القمر. وكل شيء يسير حسب الخطة على مركبتهم الفضائية ذات التصميم الرائع. وقد قال’’لڨل‘‘ بالحرف الواحد إنه وطاقمه’’منتفخون، مدهوشون، سعداء‘‘. ولكن هذه الحالة ستتغير سريعاً.

ففي الساعة الخامسة والخمسين والدقيقة الرابعة والخمسين من بدء المهمة بعد وقت قصير من إنهاء بث تليفزيوني للأرض، يعيد’’لڨل‘‘ الأسلاك إلى مكانها حينما يسمع صوتاً مدوياً، فيظن في البداية أنه الطيار’’چاك سويجرت‘‘ Jack Swigert يمزح بتشغيل صمام مرتفع الصوت خفيةً. ولكنه عندما يلمح علامات القلق على وجه’’سويجرت‘‘، وكأنه يريد أن يقول ’’لست أنا‘‘، سرعان ما يدرك’’ لڨل‘‘ أنها ليست مزحة.

والحوار الذي يدور بين رواد الفضاء’’لڨل‘‘ و’’سويجرت‘‘ و’’فرد هيز‘‘ Fred Haise و’’تشارلي دوك‘‘Charlie Duke (الذي كان على الأرض في مدينة هيوستن) يسير كالتالي:

’’سويجرت‘‘: هيوستن، عندنا مشكلة هنا.

’’دوك‘‘: هنا هيوستن. كرر من فضلك.

’’لڨل‘‘: هيوستنن عندنا مشكلة. انخفاض في فولت الموصل العمومي B.

’’دوك‘‘: ’’روچر‘‘. انخفاض في فولت العمومي B.

’’هيز‘‘: هيوستن الفولت الآن… يبدو جيداً. كان عندنا صوت عال جداً من الإنذار والتحذير. وعلى قدر ما أتذكر، العمومي B هو الذي حدث فيه من قبل ارتفاع مفاجئ في الأمبير.

’’دوك‘‘: ’’روچر‘‘، ’’فرد‘‘.

’’هيز‘‘: أكيد هذه الحركة العنيفة هزت جهاز إحساس كمية الأكسجين رقم 2، فهبط وأخذ يتذبذب من 20إلى60%. ولكنه الآن ارتفع إلى الحد الأقصى.

وعند هذه النقطة رواد الفضاء ليسوا متأكدين تماماً مما يحدث. فأجهزة إحساس أنبوبة الأكسجين متذبذبة. تارة تبين أن الأنابيب تحوي فقط 20% وتارة أكثر من 100% وهو شيء مستحيل. وفي الوقت نفسه رغم ملاحظة ’’هيز‘‘ الأولى أن ’’الفولت يبدو جيداً‘‘، فإن إشارة الإنذارات المتعددة على الأجهزة الكهربية في السفينة تحكي قصة عكسية.

وفي غصون بضع دقائق، تتضح حقيقة المشكلة الخطيرة. ‏’’أپولو13‘‘‏ ليس فيها مجرد مشكلة جهاز إحساس. ولكن فيها مشكلة فعلية. إن مركبتهم الفضائية التي تبعد حالياً قرابة 370 ألف كيلومتر عن الأرض وتتجه بعيداً عن موطنها، تفقد الأكسجين والطاقة بسرعة. لقد فرغت اثنتان من خلايا الوقود الثلاث، والثالثة تنضب سريعاً. ويخطر ’’هيز‘‘ هيوستن بحالة الطاقة:

’’هيز‘‘: قراءة AC 2 صفر… وعندنا الآن انخفاض في فولت الموصل العمومي A… قراءته حوالي 25 ونصف. وقراءة العمومي B الآن صفر.

ثم يبلغ’’لڨل‘‘ عن مشكلة الأكسجين:

’’لڨل‘‘: وأنبوبة رقم 2 لكمية الأكسجين قراءتها صفر. سمعت؟

هيوستن: كمية الأكسجين رقم 2 صفر.

وبيما ينظر’’لڨل‘‘ من زجاج إحدى النوافذ يرى شيئا كأنه تسريب غاز إلى الفضاء من جانب مركبتهم الفضائية.

’’لڨل‘‘: ويظهر لي وأنا أنظر من زجاج النافذة أن شيئاً ما يتسرب من عندنا.

هيوستن:’’روچر‘‘.

’’لڨل‘‘: نعم…نحن نسرب شيئاً إلى، إلى الفضاء.

هيوستن:’’روچر‘‘. نحن نسمعكم هنا، أنتم تسربون.

’’روچر‘‘: إنه غاز من نوع ما.

اتضح فيما بعد أن هذا الغاز هو الأكسجين. لقد انفجرت أنبوبة الأكسجين رقم 2 وأضرت أنبوبة الأكسجين رقم 1 بسبب انفجارها، وهو ما لم يكن يعلمه الطاقم حتى هذه اللحظة. فالقائد’’لڨل‘‘لايستطيع رؤية الضرر الذي حدث للأنبوبة ولكنه يرى الغاز المتسرب فقط.

الثابت الإنساني 1(مستوى الأكسجين): يشكل الأكسجين على الأرض 21% من الغلاف الجوي. وهذا الرقم هو ثابت إنساني يجعل الحياة على الأرض ممكنة. فلو كان الأكسجين 25%، لاندلعت الحرائق تلقائياً، ولو كان 15% لاختنق البشر. والآن يتعين على ’’لڨل‘‘ وطاقمه أن يجدوا طريقة للحفاظ على مستوى الأكسجين الصحيح في سفينتهم.

ولكن الأكسجين ليس مشكلتهم الوحيدة. فكما هو الحال في الغلاف الجوي للأرض، تغيير ثابت واحد على المركبة الفضائية يمكن أن يؤثر على عدة ثوابت أخرى لازمة للحياة أيضاً. وذلك لأن الانفجار يؤدي إلى نقص في الأكسجين، وفي الكهرباء والماء أيضاً. وعلى‏’’أپولو13‘‘‏ يتم إنتاج الماء والكهرباء بخلط الأكسجين مع الهيدروجين في خلايا الوقود. ودون الأكسجين يستحيل تصنيع الهواء، أو الماء، أو الطاقة. وبما أنهم في فرراغ الفضاء. ليس هناك مصدر خارجي للأكسجين.

إن المشكلة تفوق الخيال حتى إن’’چاك سويجرت‘‘ قال فيما بعد’’لو أن أحداً فعل ذلك معنا في المحاكي‘‘، يقصد افتعل إخفاقاً رباعياً في خليتي الوقود رقم 1 ورقم3. وأنبوبتي الأكسجين رقم 1 ورقم2، ’’لقلنا له:”هذا ليس واقعياً”.‘‘

ولكن للأسف هذا ليس المحاكي، بل حالة طوارئ حقيقة في مركبة فضاء قطعت ثلثي الطريق إلى القمر. فماذا يفعلون؟ من حسن الحظ معهم قارب نجاة اسمه المركبة القمرية Lunar Module(LM)، وتعرف أيضاً باسم’’اللم‘‘the lem. وهي مزودة بإمدادات يمكن استخدمها في حالات الطوارئ. والمركبة القمرية تكون متصلة بسطح مركبة القيادة Command Module(CM) ليهبط بها اثنان من رواد الفضاء على سطح القمر بينما يدور الثالث في فلكه عالياً. وبالطبع الهبوط على القمر سيلغى، لأن إنقاذ حياة رواد الفضاء أصبح الآن مهمة‏’’أپولو13‘‘‏ الجديدة.

وفي محاولة لتوفير الطاقة للعودة إلى الغلاف الجوي للأرض، يفصل رواد الفضاء الكهرباء بسرعة عن مركبة القيادة ويصعدون إلى المركبة القمرية. ولكنهم حتى داخل مركبة الفضاء ليسوا في مأمن من الخطر على الإطلاق، لأنهم يجب أن يستمروا في الدوران حول القمر حتى يعودوا إلى الأرض. وهو ما سيستغرق وقتاً، وقتاً ليس متوفراً لديهم. والمركبة القمرية مجهزة بطريقة تمكنها من الحفاظ على حياة رجلين لمدة حوالي أربعين ساعة، ولكنهم ينبغي أن يحافظوا على حياة ثلاثة رجال لمدة أربعة أيام!.

لذلك، فهم يبذلون كل جهدهم للحفاظ على الماء، والأكسجين، والكهرباء، كل الأجهزة غير الضرورية أغلقت بما فيها جهاز التدفئة، ورواد الفضاء يخفضون استهلاكهم للمياه إلى كوب واحد صغير في اليوم. ولكن ’’هيز‘‘ يشعر بالإعياء ويصاب بالحمى، ورواد الفضاء الثلاثة يصابون تدريجياً بالجفاف، فيصعب عليهم التركيز.

ولسوء الحظ، مع إيقاف معظم الأجهزة الأتوماتيكية يكون كل الأعتماد على تركيز أفراد الطاقم. فيجب عليهم، بالإضافة إلى الدوران حول القمر، أن يجروا يدوياً عدة تعديلات في المسار ليضموا أنهم يدخلون الغلاف الجوي للأرض من الزاوية الصحيحة، وليسرعوا من رحلة العودة.

وحتى يتمكنوا من ذلك، عليهم أن يوجهوا السفينة يدوياً بين النجوم. ولكن بما أن الحطام الناتج من الأنفجار ما زال يغلف السفينة في فراغ الفضاء، فهم لا يستطيعون تمييز النجوم من ضوء الشمس المنعكس من الحطام. ومن ثم، ليس أمامهم إلا أن يستخدموا الأرض والشمس نقاطاً مرجعية لتوجيه السفينة بمحاذاتهما معاً في إحدى نوافذ مركبة الفضاء.

وباستخدام هذه الوسيلة البدائية، يراجعون حساباتهم مرة ومرات ليتأكدوا أنهم على صواب، لأن مساحة الخطإ المسموحة ضئيلة جداً، لأنهم لا بد أن يبحروا بالسفينة للعودة إلى الأرض عند نقطة لا تقل عن 5,5 درجة ولا تزيد عن 3‎,‎7 درجة تحت أفق الأرض(من منظور مركبة الفضاء). وأي انحراف عن ذلك المدى سيؤدي بالسفينة إلى الخروج عن الغلاف الجوي للأرض أو السقوط بعمق كبير جداً يتسبب في احتراقها.

الثابت الإنساني 2(شفافية الغلاف الجوي): النافذة الصغيرة التي يجب على رواد الفضاء التوصل إليها تعكس المعايير بالغة الدقة التي صمم الكون على أساسها. فبينما يمثل الغلاف الجوي مشكلة لرواد الفضاء في عودتهم إلى الأرض، خواصه الحالية تمثل ضرورة مطلقة للحياة هنا على الأرض. إن درجة شفافية الغلاف الجوي هي أحد الثوابت الإنسانية. فلو كان الغلاف الجوي أقل شفافية، لما وصل سطح الأرض قدر كافٍ من الأشعاع الشمسي. ولو كان أكثر شفافية، لهبط علينا قدر هائل من الأشعاع الشمسي.(بالإضافة إلى شفافية الغلاف الجوي، فإن المستويات الدقيقة للعناصر المكونة للغلاف الجوي من النيتروجين، والأكسجين، وثاني أكسيد الكربون، والأوزون تعتبر في حد ذاتها ثوابت إنسانية).

الثابت الإنساني 3(تفاعل الجاذبية بين القمر والأرض): عندما يبدأ رواد الفضاء في الدوران حول القمر، يلتقون بثابت إنساني آخر*. وهذا الثابت يختص بتفاعل الجاذبية بين الأرض والقمر. فلو كان التفاعل أكبر من مقداره الحالي، لكان تأثير المد على المحيطات والغلاف الجوي وفترة الدوران حاداً للغاية. ولو كان أقل، لتسببت تغيرات المدارات الفلكية في اضطرابات مناخية. وفي أي من الحالتين تصبح الحياة على الأرض مستحيلة.

وبعد أن يواجه رواد الفضاء القمر عن قرب يتجهون أخيراً إلى موطنهم. ولكنهم يواجهون مشكلة أخرى، لأن ظروف الحياة الحساسة داخل مركبة الفضاء بدأت تتلوث. فمع استهلاك الأكسجين بدأ رواد الفضاء في خلق مشكلة أخرى بالزفير. أي أن ثاني اكسيد الكربون بدأ يصل إلى مستويات خطيرة داخل السفينة. وإن لم يتمكنوا من إيجاد وسيلة لتغيير مرشحات ثاني أكسيد الكربون في المركبة القمرية، سيتسمم رواد الفضاء الثلاثة من أنفاسهم!

وطاقم التحكم في المهمة يخبر رواد الفضاء أن يفتحوا المرشحات المصممة لمركبة القيادة (جزء السفينة الذي أخلاه رواد الفضاء وفصلوا عنه الكهرباء) ليجربوا استخدامها في المركبة القمرية. ولكن بدلاً من أن يتلقى رواد الفضاء أخبار سارة هم في أمس الحاجة إليها سرعان ما يكتشفون أن مرشحات مركبة القيادة لا تتناسب في حجمها ولا شكلها مع المركبة القمرية! يبدو أن المورد(أ) لم ينسق مع المورد(ب)! ومدير الرحلة المحبط’’چين كرانس‘‘Gene Krantz الذي اشتهر بمقولته ’’الفشل ليس خياراً‘‘ التي ألتهمت فريق التحكم في المهمة، يصيح غاضباً:’’قولوا لي إنه ليس مشروعاً حكومياً!‘‘

وفي محاولة للعثور على حل، يبدأ مهندسو ناسا على الأرض في ’’التحايل على المشكلة‘‘، فهم يعصرون أذهانهم للعثور على طريقة لتعديل مرشحات مركبة القيادة المربعة لتتناسب مع فتحة المركبة القمرية المستديرة باستخدام مواد يمكن العثور عليها على مركبة الفضاء، فيصممون حلاً يعتقدون أنه سيفي الغرض، ثم يشرحون للطاقم كيفية عمل التعديل خطوة خطوة. ويتضمن الحل العبقري الذي توصلوا إليه هو استخدام الورق المقوى، وخراطيم بدل الفضاء، وحقائب التخزين، والشريط اللاصق(نعم، يستخدم لإصلاح أي شيء حتى في الفضاء، لاتخرج من بيتك بدونه!).

الثابت الإنساني 4(مستوى ثاني أكسيد الكربون): طبعاً هذا التعديل ليس مطلوباً هنا على الأرض؛ لأن ثاني أكسيد الكربون محفوظ في مستواه الصحيح طبيعياً في الغلاف الجوي للأرض. وهو ثابت آخر من الثوابت الإنسانية. فلو كان مستوى ثاني أكسيد الكربون أعلى من مستواه الحالي، لحدث أحتباس حراري شديد(واحترقنا جميعاً). ولو كان المستوى أقل مما هو عليه الآن، لما تمكنت النباتات من الاستمرار في عملية البناء الضوئي بكفاءة(ولاختنقنا جميعاً، وهو المصير الذي يحاول رواد الفضاء الهروب منه).

ولحسن الحظ تنجح عملية تعديل المرشحات وتكسب الطاقم وقتاً ثميناً(وهواءً صالحاً للتنفس). وسريعاً يحين الوقت للتخلص من وحدة الخدمة المعطلة. وعندما تنفصل وحدة الخدمة، يرى الطاقم لأول مرة حجم الدمار: انفجار أنبوبة الأكسجين أطاح بلوحة حجمها حوالي 5,3×2متر من جانب وحدة الخدمة، وأمال خلايا الوقود، وأفسد الهوائي. ولو حدث انفجار حجمه أقل من نصف ذلك الحجم بالقرب من الدرع الحراري لمركبة القيادة، لأدى إلى خلل كارثي في مركبة الفضاء وفقدان الطاقم.

وعندما يقترب أفراد الطاقم من الغلاف الجوي للأرض يصعدون مرة أخرى إلى مركبة القيادة ليحاولوا توصيلها بالكهرباء. فهذا هو أملهم الوحيد للعودة إلى موطنهم(لأن المركبة القمرية ليس فيها درع حراري). ولكن مع فراغ خلايا الوقود الثلاث ولم تبق إلا كهرباء البطارية،لا يمكن توصيل الكهرباء لمركبة القيادة بالإجراءات الطبيعية. فلا يمكن تشغيل كل الأجهزة لعدم توافر طاقة كافية في البطاريات. وبالتالي عليهم أن يعتمدوا على إجراء جديد للحصول على الكهرباء انتهى من تصميمه حالاً رواد فضاء ناسا ومهندسوها الموجودون على الأرض.

إلا أن ما زاد الأمر تعقيداً أن المياه المكثفة بدأت تقطر من لوحات تحكم مركبة القيادة حيث درجة الحرارة أقل من 5,3 درجة مئوية. فهل سيحدث ماس كهربائي في لوحات التحكم؟ هل ستعمل الأجهزة الضرورية؟ من الخطورة استخدام الكهرباء في هذه البيئة، ولكن ليس أمامهم خيار آخر.

ورغم الخطورة، ينجح إجراء توصيل الكهرباء الجديد، ويربط رواد الفضاء أحزمتهم للعودة إلى الأرض. وأثناء رحلة عودة الرجال الثلاثة إلى الأرض تتطلع أنظار العالم كله إلى مصيرهم. فنشرات الأخبار والمؤتمرات الصحفية تنقل الأخبار أولاً بأول. والكونجرس يصدر قراراً للشعب الأمريكي أن يصلي، والبابا يحث العالم على الصلاة بينما يتجه الأبطال الأمريكيون الثلاثة نحو الغلاف الجوي للأرض بسرعة هائلة في كبسولة فضاء معطوبة. وبعد وقت قصير ستسحبهم الجاذبية الأرضية بأقصى سرعة تصل إلى ما يقرب من 40 ألف كيلومتر في الساعة، أي ما يعدل 11 كيلومتر في الثانية!

الثابت الإنساني 5 (الجاذبية): الجاذبية التي تسحب رواد الفضاء إلى موطنهم الأرض هي أيضاً من الثوابت الإنسانية. وهي ذات قوة مريعة، ولكنها لا يمكن أن تكون غير ذلك لكي توجد حياة على الأرض. فإن تغيرت قوة الجاذبية بمقدار 0000000000000000000000000000000000000000000000000001, 0% لما وجدت شمسنا، وبالتالي لما وجدنا نحن2. تخيل مدى الدقة!

وعندما يهوي رواد الفضاء إلى الأرض بمركبتهم الفضائية المضارة، لا أحد يعرف يقيناً إن كانوا سينجون من هذه العودة العنيفة شديدة الحرارة. وتبقى أسئلة عديدة بلا إجابات: هل الدرع الحراري سليم تماماً؟ هل السفينة فعلاً على الزاوية الصحيحة لدخول الغلاف الجوي؟ هل بطاريات العودة على مركبة القيادة ستعمل؟ هل المظلات ستبسط على النحو الصحيح؟ ومما يزيد الطين بلة صدور تحذير من حدوث إعصار استوائي في منطقة دخول مركبة الفضاء إلى الغلاف الجوي recovery area.

وفي ضوء كل هذا المجهول يتواصل رواد الفضاء مع الطاقم الأرضي قبل انقطاع الاتصال الذي استمر ثلاث دقائق عند العودة إلى الغلاف الجوي للأرض:

’’سويجرت‘‘: مرحى! أريد أن أقول لكم إنكم تبلون بلاءً حسناً يا رجال.

هيوستن: وأنتم أيضاً يا’’چاك‘‘.

’’سويجرت‘‘: أعرف أن كلنا نريد أن نشكركم جميعاً على العمل الرائع الذي قمتم به.

’’لڨل‘‘: أكيد يا’’چو‘‘.

هيوستن: أؤكد لكم أننا استمتعنا بالعمل.

’’لڨل‘‘: أنتم كالطبيب الماهر الذي يعتني بالمريض.

هيوستن: هذا أجمل ما سمعت.

هيوستن: سنفقد الإشارة بعد دقيقة…أهلاً بكم في وطنكم.

’’سويجرت‘‘: شكراً.

وأثناء العودة إلى الأرض، تحلق طائرة C-135 في منطقة عودة مركبة الفضاء إلى الغلاف الجوي لإعادة الاتصال اللازم إلى وحدة التحكم في المهمة. ولكن بعد ثلاث دقائق ينقطع الاتصال مع رواد الفضاء. ويزداد التوتر.

هيوستن: يجب عودة الاتصال إلى’’أپولو13‘‘‏ هذه المرة. ونحن مستعدون لأي أخبار عن التقاط طائرة معدات مدى ‏أپولو13ARIA(Apollo Range Instrumentation Aircraft) لأى إشارة.

الرحلة: شبكة، ليس هناك اتصال مع ARIA بعد؟

الشبكة: الآن ليس عندنا اتصال يا رحلة.(فترة صمت طويلة)

انقضت أربع دقائق على عودة المركبة إلى الغلاف الجوي، وما زال الاتصال منقطعاً. لم يحدث ابداً أن العودة إلى الأرض استغرقت كل هذا الوقت.

هيوستن: مستعدون لأى أخبار عن التقاط إشارة.(صمت)

أخيراً، تتلقى الطائرة إشارة من الكبسولة:

هيوستن: وصلنا إخطار أن طائرة ARIA 4 التقطت إشارة.

ولكن لم يصلنا تأكيد بأن أياً منهم حي.

هيوستن: مركبة القيادة’’أوديسي‘‘، هنا هيوستن. مستعدون. حول. وأخيراً يلتقط الجميع أنفاسهم عند سماع صوت ’’سويجرت‘‘.

’’سويجرت‘‘: حسناً يا’’چو‘‘.

هيوستن: نسمعكم يا’’چاك‘‘!

رواد الفضاء أحياء، ولكن يبقى آخر عائق: مرحلتان من المظلات لا بد أن تعملا وإلا ضاع كل شيء، أولاً المظلة الابتدائية ثم المظلة الأساسية. فإن لم تبسط المظلات جيداً، يتلاشى رواد الفضاء عند ارتطام كبسولتهم بالمحيط بسرعة 480 كيلومتراً في الساعة.

هيوستن: باقي أقل من دقيقتين على بسط المظلات الابتدائية.

انتظار…

هيوستن: إخطار عن مظلتين ابتدائيتين نشرتا بنجاح. والآن يقترب وقت المظلات الرئيسية. (صمت) مستعدون لتأكيد خبر بسط المظلات الرئيسية.

تنبسط المظلات الرئيسية حسب الخطة، وتتمكن هيوستن من رؤيتهم.

هيوستن:’’أوديسي‘‘، هنا هيوستن. نحن نعرضكم وأنتم على المظلات الرئيسية. المنظر رائع!

أخيراً، بعد أربعة أيام من الترقب القلق، رواد الفضاء، وطاقم وحدة التحكم في المهمة، والعالم كله يتنفسون الصعداء:

هيوستن: تصفيق حاد جداً هنا في وحدة التحكم في المهمة!… تصفيق حاد بينما تظهر ‏’’أپولو13‘‘‏ في المظلات الرئيسية بكل وضوح على شاشات التليفزيون هنا.

تهبط مركبة الفضاء على المحيط الساعة 1:07 مساءً بالتوقيت الشرقي القياسي لأمريكا الشمالية ESt يوم 17 نيسان/أبريل 1970.

المبدأ الإنساني: التصميم في التفاصيل

عندما بدأ بعض أفراد وحدة التحكم في المهمة يعبرون عن شكوكهم في أن رواد الفضاء سيعودون أحياء، واجه مدير الرحلة’’چين كرانس‘‘ تشاؤمهم بقوله: يا سادة. أظن أن هذه ستكون أسعد لحظاتنا‘‘. وقد كانت هكذا بالحقيقة. وعرفت ‏’’أپولو13‘‘‏ باسم ’’الإخفاق الناجح‘‘. لقد فشل رواد الفضاء في السير على القمر، ولكنهم نجحوا في العودة إلى الأرض رغم الظروف التي كان يمكن أن تودي بحياتهم.

وكما نجا الطاقم رغم كل المصاعب من تلك الظروف المميتة، نحن أيضاً نبقى على قيد الحياة، رغم كل الظروف المعاكسة، على هذا الكوكب الصغير الذي يطلق عليه الأرض. فمركبات ’’أپولو‘‘ الفضائية صممت، مثل أرضنا، بحيث تحافظ على الحياة البشرية في بيئة الفضاء المعادية. وبما أن البشر لا يمكنهم أن يظلوا على قيد الحياة إلا في غلاف ضيق جداً من الظروف البيئية، لا بد من تصميم هذه السفن بدقة فائقة وبآلاف المكونات. وإن حدث خطأ واحد صغير، تعرضت الحياة البشرية للخطر.

والشيء الصغير الذي عرض حياة طاقم‏’’أپولو13‘‘‏ للخطر يبدو أمراً تافهاً: أنبوبة الأكسجين رقم 2 سقطت بالصدفة من ارتفاع 2 بوصة (5 سم) قبل تركبيها. وذلك السقوط من على ارتفاع بوصتين فقط فقد أفسد جدار الأنبوبة الرفيع وأطلق سلسلة من الأحداث التي أدت في النهاية إلى انفجارها.

ونظراً للعلاقة التكافلية بين المكونات، أدى الخلل في جهاز الأكسجين إلى خلل في سائر الأجهزة وكاد يقضي على مركبة الفضاء وطاقمها. تخيل! ذلك السقوط البسيط من على ارتفاع بوصتين فقط تسبب في كل المشكلات التي كان لا بد لرواد الفضاء أن يتغلبوا عليها حتى ينجوا. فقد أدى إلى تقليص كمية الأكسجين، والماء، والطاقة بشكل مفرط، وزيادة ثاني أكسيد الكربون زيادة مفرطة، وخلل في توجيه السفينة في الفضاء.

وكما هو الحال في حالة حدوث تغيير بسيط في سفينة الفضاء، هكذا أى تغيير بسيط في الكون يتسبب لنا أيضاً في مشاكل هائلة. وكما رأينا، اكتشف العلماء أن الكون، مثل مركبة الفضاء، مصمم بدقة بحيث ينشئ غلافاً ضيقاً جداً من الظروف الداعمة للحياة هنا على الأرض. وأي انحراف ضئيل في أي من العوامل البيئية والفيزيائية (التي أطلقنا عليها’’الثوابت‘‘) من شأنه أن يمنع وجودنا أصلاً. وهذه الثوابت تكافلية مثل المكونات الموجودة على’ ’أپولو13‘‘, أى أن تغييراً صغيراً في أحدها‏ يمكن أن يؤثر على الثوابت الأخرى ويمنع الظروف الازمة للحياة أو يدمرها.

إن مدى الضبط الدقيق في الكون قد يجعل المبدأ الإنساني أقوى حجة لوجود الله. فليس هناك مجرد بضعة ثوابت محددة بشكل عام قد تكون نشأت بالصدفة. لا، بل هناك أكثر من 100 ثابت محددة بمنتهى الدقة تشير بقوة إلى مصمم ذكي. وقد تعرفنا بالفعل على خمسة منها. وإليك عشرة أخر:

  • لو لم تكن قوة الطرد المركزي في حركة الكواكب متوازنة بدقة مع قوى الجذب لما بقي شيء في مداره حول الشمس.
  • لو انخفضت سرعة تمدد الكون بمقدار واحد على مليون من السرعة التي تمدد بها، لتوقف التمدد وانهار الكون على نفسه قبل تكون أي نجم من النجوم.
  • أي من قوانين الفيزياء يمكن تعريفه بأنه دالة في سرعة الضوء(تحدد حالياً بمقدار 299792458 متر في الثانية). وأقل تغير في سرعة الضوء من شأنه أن يغير سائر الثوابت ويمنع إمكانية الحياة على الأرض.
  • لو أرتفعت مستويات بخار الماء في الغلاف الجوي عن معادلاتها الحالية، لحدث احتباس حراري شديد يؤدي إلى ارتفاع كبير في درجة الحرارة لا تتحمله الحياة البشرية. ولو انخفضت مستويات بخار الماء، لانخفض الاحتباس الحراري على نحو يتسبب في برودة الأرض بشكل مفرط لا يلائم الحياة البشرية.
  • لو لم يكن المشترى في مداره الحالي، لانهالت المواد الفضائية على الأرض، وذلك لأن مجال جاذبية المشترى يعمل مثل مكنسة كهربائية كونية تجذب الكويكبات والنيازك فلا تضرب الأرض.
  • لو زاد سمك القشرة الأرضية، لانتقلت كمية ضخمة جداً من الأكسجين إلى القشرة لدعم الحياة. ولو كانت أقل سمكاً، لتسبب النشاط البركاني والتكتوني في استحالة الحياة على الأرض.
  • لو طالت دورة الأرض عن أربع وعشرين ساعة ،لاتسعت الفروق بين درجتي حرارة الليل والنهار اتساعاً مفرطاُ. ولو قصرت، لازدادت سرعة رياح الغلاف الجوي زيادة مفرطة.
  • الميل المحوري للأرض بمقدار 23 درجة هو الميل الصحيح الدقيق. فلو تغير تغيراُ طفيفاً، لارتفعت درجات حرارة سطح الأرض ارتفاعاً هائلاً.
  • لو ارتفع معدل تفريغ الغلاف الجوي(البرق)، لاندلعت الحرائق المدمرة بمعدلات عالية جداً. ولو انخفض، انخفضت معدلات تثبيت النتيروجين في التربة انخفاضاً حاداً.
  • لو ازداد النشاط الزلزالي، لارتفعت معدلات الوفيات الناتجة عن الزلازل. ولو انخفض، لما عادت العناصر الغذائية من قيعان البحار والمياه الجارية من الأنهار إلى القارات عن طريق الزيادة التكتونية.(نعم، حتـى الزلازل ضرورية للحفاظ على هذه الحياة في صورتها الحالية!)

وجدير بالذكر أن ’’هيو روس‘‘ Hugh Ross عالم الفيزياء الفلكية حسب احتمال وجود هذه الثوابت وغيرها (تبلغ جميعا 122 ثابت) اليوم على أي كوكب في الكون بالصدفة (أي بلا تصميم إلهي). فقد افترض أن هناك 2210 كوكب في الكون(رقم ضخم جداً 1 وأمامه 22 صفراً)، وبناء على هذا الافتراض جاءت النتيجة صادمة: الاحتمال هو واحد إلى 13810 ،أي احتمال واحد لواحد أمامه 138 صفر!!5 وليس في الكون كله سوى 7010 ذرة. وهو ما يعني أن احتمال أن يحوي أي كوكب في الكون الظروف الداعمة للحياة المتوافرة على كوكب الأرض هو احتمال مقدره صفر، إلا إذا وجد وراء كل هذا مصمم ذكي.

وهو ما عبر عنه’’آرنو پنزياس‘‘ الحائز على جائز نوبل لمشاركته في اكتشاف الإشعاع التابع للانفجار قائلاً:’’علم الفلك يقودنا إلى حدث فريد، ألا وهو كون خلق من عدم ووضع في حالة من التوازن الدقيق ليوفر الظروف اللازمة بالضبط لدعم الحياة. وفي غياب فكرة الصدفة الساذجة غير المحتملة، يبدو أن ملاحظات العلم الحديث ترجح وجود خطة فوق طبيعية، إن جاز التعبير، تكمن وراء كل شيء‘‘.6

ويستخدم عالم الكون’’إد هاريسون‘‘Ed Harrison كلمة’’برهان‘‘ عندما يتناول تداعيات المبدأ الإنساني على مسألة الله. فهو يكتب قائلاً:’’إليك البرهان الكوني على وجود الله، أي حجة التصميم التي وضعها’’پيلي‘‘ بعد التحديث والتجديد. إن الضبط الدقيق للكون يزودنا بأدلة صريحة على التصميم الإلهي‘‘.7

البرهان على وجود الله!ما هو رد الملحدين؟

كيف يرد الملحدون على هذا’’البرهان على وجود الله‘‘؟ يعترف بعض الملحدين بوجود مصمم ما في مكان ما. فقد اهتز إلحاد عالم الفلك ’’فرد هويل‘‘ بفعل المبدأ الإنساني وبما رآه في الحياة من تعقيد (وهو ما سنتناوله في الفصلين القادمين). وخلص ’’هويل‘‘ إلى أن’’تفسير الحقائق القائم على الحكم السليم يرجح أن’’عقلاً أعلى قد تدخل في الفيزياء، وفي الكيمياء، وفي الأحياء وأنه ليس هناك قوى عمياء في الطبيعية تستحق أن نتحدث عنها‘‘. 8ورغم أن’’هويل‘‘ لم يوضح من هو هذا’’العقل الأعلى‘‘، فقد اعترف أن الضبط الدقيق للكون يتطلب ذكاءً.

ولكن غيره من الملحدين يعترفون بالتصميم ولكنهم ينكرون وجود مصمم، ويرجعون كل هذا إلى الصدفة. ولكن كيف يمكنهم أن يقترحوا فكرة الصدفة فعلياً رغم أن احتمال بقاء الثوابت التي تزيد عن 100كما هي، هو احتمال مقداره صفر تقربياً لو لم يكن هناك ذكاء؟ الأمر ليس بهذه السهولة. لذا اضطر الملحدون للجوء إلى استنتاج غريب ليتيحوا للصدفة فرصة أكبر. ويطلق على استنتاجهم هذا نظرية الأكوان المتعددة.

وتقول نظرية الأكوان المتعددة بوجود عدد لا نهائي من الأكوان، وكل ما في الأمر أن حسن حظنا هو ما وضعنا في كون يحوي الظروف المناسبة. وبناءً على وجود عدد لانهائي من الأكوان يقول هؤلاء الملحدون إن كل مجموعة من الظروف سوف تحدث، بما فيها الظروف الداعمة للحياة الموجودة على كوكبنا.

ولكن تفسير الأكوان المتعددة هذا مليء بمشكلات متعددة. أولها وأهمها أنه لا دليل عليه! فالأدلة تبين أن كل الواقع المحدود النهائي أتى إلى الوجود في الانفجار الكبير. وهذا الواقع النهائي هو تحديداً ما نطلق عليه’’الكون‘‘. فإن وجود أي واقع نهائي آخر، فهو خارج نطاق ملاحظتنا. فلم يلحظ أحد أي أدلة على وجود هذه الأكوان. لذلك فكرة الأكوان المتعددة هذه ليست أكثر من فبركة ميتافيزيقية، قصة خيالية من قصص الجينات تقوم على إيمان أعمى، وهي منفصلة عن الواقع مثل’’الزمن التخيلي‘‘ عند’’ستيڤن هوكينج‘‘.

ثانياً، كما ذكرنا في الفصل السابق، عدد لانهائي من الأشياء”المحدودة” سواء أكانت أياماً، أم كتباً، أم انفجارات، أم أكواناً؛ يمثل استحالة فعلية. يستحيل أن يكون هناك عدد غير محدود من أكوان محدودة.

ثالثاً، حتى لو أمكن وجود أكوان أخرى، ستطلب ضبطاً دقيقاً لكي تبدأ مثلما بدأ كوننا(تذكر الدقة المتناهية للانفجار الكبير التي استعرضناها في الفصل السابق). لذلك افتراض وجود أكوان متعددة لا يلغي ضرورة وجود مصمم، بل يزيد من ضرورة وجود مصمم!

رابعاً، نظرية الأكوان المتعددة واسعة جداً حتى إنه يمكن استخدامها للتهوين من أي حدث. فمثلاً، إن سألنا:’’لماذا صدمت الطائرات النتاجون ومركز التجارة العالمي؟‘‘ يجب ألا نلوم الإرهابيين، لأن النظرية تسمح لنا أن نقول إننا موجودون بالصدفة في هذا الكون حيث تلك الطائرات واقعياً تصدم المباني بالصدفة، ولكن يبدو ظاهرياً هو أن الطائرات صدمت المباني عمداً. ومع نظرية الأكوان المتعددة يمكننا أن نبرئ حتى هتلر.

فربما أننا موجودون بالصدفة في هذا الكون الذي فيه يبدو ظاهرياً أن الهولوكوست قتل، ولكن واقعياً اليهود تآمروا سراً مع الألمان وأرسلوا أنفسهم إلى الأفران. في الحقيقة نظرية الأكوان المتعددة واسعة جداً لدرجة أنها يمكن حتى أنها يمكن حتى أن تستخدم لالتماس العذر للملحدين الذين اخترعوها. لعلنا وجدنا بالصدفة في هذا الكون الذي فيه الناس يفتقرون للعقلانية لدرجة أنهم يرون أن هذا الكلام الفارغ هو الحق!

وفي النهاية نظرية الأكوان المتعددة هي مجرد محاولة يائسة لتجنب تداعيات التصميم. وهي لا تزيد الصدف، بل تزيد العبث. إنها تشبه رواد فضاء’’أپولو13‘‘ إذا أنكروا أن ناسا صممت مركبتها الفضائية وصنعتها، لصالح النظرية التي لا دليل عليها والتي تقول بوجود عدد لانهائي من مركبات الفضاء التي تحدث طبيعياً، ورواد الفضاء محظوظون أن يكونوا على المركبة التي تدعم الحياة بالصدفة. وهذه النظرية طبعاً كلام فارغ وعبثيتها الواضحة تكشف قوة الأدلة على التصميم. ولكن الأدلة غير العادية تتطلب نظريات غير عادية لتقلل من شأنها.

الله؟’’ارفعوا إلى العلاء عيونكم‘‘

في الأول من شباط/فبراير2003 نظر الرئيس چورچ و.بوش بعينين حزينتين في عدسة الكاميرا وخاطب الشعب الأمريكي عبر شاشات التليفزيون قائلاً:’’إخوتى الأمريكيين، هذا اليوم حمل لبلادنا خبراً مزعجاً وحزناً عميقاً. في التاسعة من صباح اليوم فقدت وحدة التحكم في هيوستن الاتصال مع مكوكنا الفضائي’’كولومبيا‘‘. وبعد وقت قصير شوهد الحطام ساقطاً من سماء مدينة تكساس. لقد فقد’’كولومبيا‘‘، ولم ينج أحد‘‘.9

لما كان ’’كولومبيا‘‘ يسير بسرعة 20 ألف كيلومتر في الساعة، تفكك عند محاولته للدخول إلى الغلاف الجوي للأرض. وهذه المأساة المكوكية الثانية الكبرى هزت الأمة ولكنها لم تثنها. فقد تعهد الرئيس قائلاً:’’القضية التي ماتوا فيها ستستمر. فالجنس البشري يخترق الظلام القابع خلف عالمنا بإلهام الاكتشاف والتوق إلى الفهم. ورحلتنا إلى الفضاء ستستمر‘‘.

ولكن أي رحلة بشرية إلى الفضاء لن تخترق إلا جزءاً يسيراً منه. فمجرتنا تحوي 100 مليار نجم، ومتوسط المسافة بين تلك النجوم يبلغ 30 تريليون ميل (48تريليون كم).( بالمناسبة، هذه المسافة هي ثابت إنساني آخر. فلو قصرت المسافة بين النجوم أو طالت، لتأثرت مدارات الكواكب).

ما مقدار الثلاثين تريليون ميل؟ لنشرحها بهذه الطريقة: عندما يكون المكوك الفضائي في المدار، يتحرك بسرعة حوالي17000 ميل في الساعة، أي ما يقرب من 5 أميال في الثانية. فلو تمكنت من الدخول إلى مكوك الفضاء وأبحرت في الفضاء بسرعة خمسة أميال في الساعة تقريباً، ستأخذ 201450 سنة لكي تقطع 30 تريليون ميل! أي أنك لو ركبت المكوك الفضائي في زمن المسيح وبدأت تتحرك من شمسنا تجاه نجم آخر يبعد عنها مسافة متوسطة، ستكون الآن قد قطعت واحد على مائة من الطريق. شيء مذهل.

لاحظ أن هذه المسافة تقع بين اثنين فقط من المائة مليار نجم الموجودة في مجرتنا. فكم عدد النجوم في الكون كله؟ عدد النجوم في الكون يعادل حوالي عدد حبات الرمال التي تغطي كل شواطئ الأرض بأسرها. فلو سافرت بسرعة 5 أميال في الساعة ستستغرق أكثر من 200 ألف سنة لتنتقل من حبة رمل إلى الأخرى! ما أبهى العلاء.

يوصينا الكتاب المقدس أننا إن أردنا أن نعرف شيئاً من صفات الله علينا أن نرفع إلى العلاء عيوننا. وفي مزمور 19 يعبر داود عن الحجة الغائية قبل ’’نيوتن‘‘وقبل’’پيلي‘‘ بآلاف السنين قائلاُ:”السموات تحدث بمجد الله. والفلك يخبر بعمل يديه”. وبعد بضعة قرون يطرح النبي إشعياء سؤالاً من الله:”فبمن تشبهونني فأساويه؟ يقول القدوس”(25:40). وتأتي الإجابة في العدد التالي:”ارفعوا إلى العلاء عيونكم وانظروا”(ع26). ويستطرد إشعياء قائلاً إن الله يعرف كل نجوم السماء بأسمائها!

لماذا يخبرنا الله أن نشبهه بالسماوات؟ لأن الله لا حدود له، وهكذا السماوات من منظورنا. الله هو اللامحدود الذي يضع حدوداً لكل شيء، هو اللامخلوق الذي يخلق كل شيء. إنه الكائن اللانهائي، ذاتي الوجود، الذي خلق هذا الكون الفسيح الجميل من عدم، والذي يحفظه معاً اليوم. وليس هناك إلا كيان واحد في خبرتنا يمكن أن يزودنا بمشابهة للامحدودية الله، فرسم صورة تعبر عن الله لن يجدي*، بل إنها تحد جلاله. ولكن السماوات فقط هي التي تصيح وتنادي بلا محدوديته.

إن اللامحدودية هي السمة المميزة لكل صفة من صفات الله بما فيها قوته، ومعرفته، وعدله، ومحبته. ولذلك يستخدم الكتاب المقدس السماوات ليساعدنا على إدراك ارتفاع محبة الله اللامحدود. فمزمور11:103 يقول:”لأنه مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض قويت رحمته† على خائفيه”. فما ارتفاع السماوات فوق الأرض؟ عندما تفكر أن المسافة بين النجوم تصل إلى 30 تريليون ميل وأن هذه النجوم تساوي في كثرتها عدد حبات الرمال التي تغطي الشطئان، وأيضاً تقول:’’السماوات مرتفعة بلا حدود‘‘. صحيح، وهذا هو ارتفاع محبة الله.

ولعل محبة الله غير المحدودة هي ما دفعت الرئيس بوش ليقتبس من إشعياء في تكريمه لطاقم ’’كولومبيا‘‘:’’لقد رأينا في السماوات اليوم دماراً مأساوياً. ولكن خلف هذا المنظور الذي تراه عيوننا يوجد عزاء ورجاء، كما قال إشعياء النبي”ارفعوا إلى العلا عيونكم وانظروا من خلق هذه. من الذي يخرج بعدد جندها يدعو كلها بأسماء. لكثرة القوة وكونه شديد القدرة لا يفقد أحد”. إن الخالق نفسه الذي يدعو النجوم بأسماء يعرف أيضاً أسماء النفوس السبع التي ننوح عليها اليوم. إن طاقم المكوك’’كولومبيا‘‘ لم يعد إلى الأرض بسلام، ولكننا نستطيع أن نصلي أن يكونوا جميعاً قد وصلوا إلى الوطن الأبدي بسلام‘‘.10

الخلاصة

منذ ما يقرب من 2000 سنة كتب بولس في بداية رسالته إلى المؤمنين في رومية “لأن أموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى إنهم بلا عذر”. ومؤكد أن الدليل على وجود مصمم واضح في الخليقة، ولكننا دائماً ما نعتبره شيئاً عادياً.

ويقدم’’سي.إس.لويس‘‘ في كتابه الكلاسيكي’’رسائل خربر‘‘The screwtape letters فهماً ثاقباً لميلنا أن نرى العالم المبهر المحيط بنا وكأنه شيء عادي. فالشيطان الكبير’’خربر‘‘ يكتب نصيحة للشيطان الأصغر’’علقم‘‘Wormwood عن كيفية منع الناس من أن يصبحوا مسيحيين. فيكتب’’خربر‘‘ قائلاً:’’اطبع في داخله باستمرار أن الأشياء عادية. وأهم شيء ألا تحاول أن تستخدم العلم(أقصد العلوم الحقيقة) للهجوم على المسيحية.

لأنه سيشجعه على التفكير في الحقائق التي لا يمكنه أن يلمسها ويراها. وقد رأينا حالات مؤسفة بين علماء الفيزياء المحدثين‘‘11.’’الحالات المؤسفة‘‘ هي طبعاً علماء فيزياء كانوا أمناء للأدلة التي رأوها فأصبحوا مسيحيين.

لقد رصد’’لويس‘‘ ميلاً عند الكثير منا. ففي حياتنا السريعة نادراً ما نتوقف ونلاحظ العالم المحيط بنا، ومن ثم نميل أن نعتبر كل وجه مبهر لهذا الكون الجميل شيئاً عادياً. ولكن كما رأينا، هذا الكون أبعد من أن يكون عادياً. واليوم يبين لنا العلم، أكثر من أي وقت مضى في التاريخ، أن الكون يمتاز بتصميم وتعقيد مذهلين. فهو يزودنا بمنظور جديد للعالم الذي غالباً ما نعتبره نحن أيضاً شيئاً عادياً.

ورواد الفضاء يرون العالم من منظور جديد من سفنهم الفضائية يساعدهم أن يدركوا أن هذا الكون يمكن أن يكون أي شيء إلا أن يكون عادياً. فعندما سار رواد الفضاء الأوائل على سطح القمر ورأوا الأرض تشرق*، وهو منظر لم يشهده إنسان من قبل، قرؤوا في خشوع من سفر التكوين”في البدء خلق الله السماوات والأرض”. وهل من شيء آخر يناسب تلك اللحظة؟ فتلاوة نظرية الأكوان المتعددة ما كانت-طبعاً- لتعبر عما اجتاح رواد الفضاء من مشاعر المهابة.

لقد شهدوا تصميماً من زاوية لم يشهدها أحد قبلهم وبهتوا بفكرة أن الخليقة المبهرة تستلزم خالقاً مبهراً. وقد ردد’’چون جلن‘‘John Glenn هذه القناعة عينها عندما نظر من مكوك الفضاء’’ديسكڨري‘‘Discovery وهو في السابعة والسبعين من عمره وقال:’’أن تنظر إلى خليقة كهذه ولا تؤمن بالله أمر مستحيل في نظري‘‘.

إن تأثير خبراتهم العميق يكشف أن الحجة الغائية أمر بديهي يدركه الإنسان بالحدس. فأنت لا تحتاج لمن يخبرك أن الشيء المصمم تصميماً جميلاً يتطلب مصمماً. فهو أمر واضح في ذاته. ومع ذلك، لنطرح الحجة في شكلها المنطقي ثانية مع التركيز على ما اكتشفناه في هذا الفصل:

  • لكل تصميم مصمم.
  • بناءً على المبدأ الإنساني، نعرف بما لايدع مجالاً للشك المنطقي أن يكون الكون مصمم.
  • إذن الكون له مصمم.

ليس هناك تفسير مقبول منطقياً للمبدإ الإنساني إلا وجود مصمم كوني. وعلى الملحدين أن يشطحوا بمزاعهم لكي يتمكنوا من إنكار الواضح. فعندما يخترعون نظريات افتراضية بلا أدلة تساندها، بل بالفعل نظريات مستحيلة، يكونون قد خرجوا من عالم المنطق والعقلانية ودخلوا إلى عالم الإيمان الأعمى. فقد كتب عالم الفيزياء’’پول ديڨيز‘‘ Paul Davies:’’ربما يجد المرء أن الاعتقاد في مجموعة لا نهائية من الأكوان أسهل من الأعتقاد في إله لانهائي، ولكن هذا العتقاد لا بد أن يقوم على الإيمان وليس على الملاحظة‘‘.12

والاعتقاد في شيء دون ملاحظته هو عين الاتهام الذي يوجهه الملحدون للأشخاص ’’المتدينين‘‘. ولكن المضحك أن الملحدين هم من يرجون لدين يقوم على الإيمان الأعمى. ولكن المسيحين يستندون على أسباب وجيهة تقوم على الملاحظة (مثل الأنفجار الكبير والمبدأ الإنساني) تبرر ما يعتقدون فيه. إلا أن الملحدين ليس عندهم أسباب. ولذلك لسنا نملك الإيمان الكافي للإلحاد.

وهذا الإيمان الأعمى الذي يتسم به الملحد يكشف أن رفض المصمم لا يمثل مشكلة عقلية، فهو لا يرجع إلى قلة الأدلة أو المبررات العقلية التي تؤيد وجود مصمم. بل العكس هو صحيح، فالأدلة مبهرة. ولكن المشكلة التي نحن بصددها مشكلة إرادية، فكل ما في الأمر أن البعض لا يريدون أن يعترفوا بوجود مصمم رغم الأدلة. وقد اعترف أحد نقاد المبدأ الإنساني لمجلة’’نيويورك تايمز‘‘New York Times أن رفضه الحقيقي ’’عاطفي محض‘‘ لأنه’’ يشم رائحة الدين والتصميم الذكي‘‘. 13إذن وداعاً للموضوعية العلمية.

وسوف نتناول في الفصل السادس مزيداً من هذه الدوافع وراء إنكار الأدلة القوية على وجود الله. ولكننا سنبحث أولاً في الفصل الخامس مزيداً من الأدلة المقنعة على المصمم، وهي أدلة موجود في الحياة نفسها.

* كما هو الحال مع معظم الثوابت، هذا الثابت يعتمد على ثوابت أخرى. فمثلاً تفاعل الجاذبية هو أيضاً دالة function من حجم القمر الذي هو أكبر بالنسبة لكوكبه من معظم الأقمار الأخرى.

* ربما هو سبب منع الوصية الثانية صنع الصور. فالصور تحد جلال الله. ولكن الأوثان أوثان سواء أكانت معدنية أم عقلية.

† ترد في ترجمةNIV (التي يستخدمها الكاتبان)”محبته” his love.(المترجمة)

* المقصود ارتفاع الأرض فوق الأفق كما ترى من القمر(https://www.ahdictionary.com/word/search.html?q=earthrise)، تم الاطلاع على الرابط بتاريخ 29/9/2016.(المترجمة)

التصميم الإلهي للكون بين العرض والنقد ونقض النقد

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)