أبحاث

هل حقاً قام يسوع من الأموات؟ عندما تتكلم الأدلة

هل حقاً قام يسوع من الأموات؟ عندما تتكلم الأدلة

هل حقاً قام يسوع من الأموات؟ عندما تتكلم الأدلة
هل حقاً قام يسوع من الأموات؟ عندما تتكلم الأدلة

هل حقاً قام يسوع من الأموات؟ عندما تتكلم الأدلة

“لا يكفي أن يطرح الشكوكيون نظريات بديلة للقيامة.

بل عليهم أن يقدموا أدلة على تلك النظريات من القرن الأول”.

جاري هابرماس Gary Habermas

القيامة: ماذا يقول الباحثون؟

أجرى جاري هابرماس البحث الأشمل حتى الآن فيما يؤمن به الباحثون الأكاديميون عن القيامة. فقد جمع هابرماس أكثر من 1400 من أهم الأعمال الأكاديمية التي كتبت عن القيامة من سنة 1975 إلى 2003. ويقول هابرماس في كتابه “يسوع المقام ورجاء المستقبل” The Risen Jesus and Future Hope إن كل الباحثين الأكاديميين تقريباً من مختلف الأطياف الأيديولوجية، بدءًا من الليبراليين المتطرفين وانتهاء بالمحافظين المتشددين، يتفقون أن النقاط التالية بخصوص يسوع والمسيحية حقائق تاريخية فعلية:

  1. يسوع مات بعقوبة الصلب الرومانية.
  2. دفن، غالباً في قبر خاص.
  3. بعد ذلك بوقت قصير شعر التلاميذ بالإحباط وفقدان الحبيب واليأس لأن أملهم تحطم.
  4. قبر يسوع وجد فارغاً بعد دفنه بفترة وجيزة جداً[1].
  5. التلاميذ مروا بخبرات آمنوا أنها ظهورات حقيقية ليسوع القائم من الأموات.
  6. نتيجة لهذه الخبرات، حدث تحول جذري في حياة التلاميذ. بل إنهم كانوا مستعدين أن يموتوا في سبيل عقيدتهم.
  7. إعلان القيامة تم في مرحلة مبكرة جداً، منذ بدء تاريخ الكنيسة.
  8. شهادة التلاميذ الجهرية ووعظهم عن القيامة حدثا في مدينة أورشليم حيث صلب يسوع ودفن قبل ذلك بفترة قصيرة.
  9. رسالة الإنجيل تمحورت حول الكرازة بموت يسوع وقيامته.
  10. كان يوم الأحد يوم الاجتماع والعبادة الأساسي.
  11. يعقوب أخو يسوع الذي كان يشك فيه قبل هذه الأحداث تحول إلى الإيمان عندما صدق أنه هو أيضاً رأى يسوع المقام.
  12. بعد بضع سنوات، أصبح شاول الطرسوسي (بولس) مؤمناً مسيحياً نتيجة لاختبار جازه آمن هو أيضاً أنه ظهور ليسوع المقام.

إن قبول هذه الحقائق منطقي في ضوء ما رأيناه حتى الآن. فالأدلة تبين أن:

قصة العهد الجديد ليست أسطورة:

إن وثائق العهد الجديد كتبت في غضون جيلين من الأحداث بيد شهود عيان أو معاصريهم. والأحداث الرئيسية لقصة العهد الجديد مدعومة من كتاب غير مسيحيين. علاوة على ذلك، العهد الجديد يذكر 30 شخصية تاريخية على الأقل تؤكدها مصادر أخرى خارج العهد الجديد. إذن يستحيل أن تكون قصة العهد الجديد أسطورة.

قصة العهد الجديد ليس كذبة:

كتاب العهد الجديد سجلوا تفاصيل مختلفة ومحرجة، وأقوالاً صعبة وعسرة التنفيذ، وقد ميزوا بدقة بين كلام يسوع وكلامهم. وأشاروا إلى حقائق وشهود عيان معروفين عند قرائهم أو يمكن للقراء التحقق منهم. والحقيقة أن كتاب العهد الجديد استفزوا قراءهم وأعداءهم البارزين في القرن الأول ليفحصوا ما قالوا. وإن لم يكن ذلك كافياً لتوكيد صدقهم، إذن الاستشهاد يجب أن يزيل أي شك. إن شهود العيان هؤلاء احتملوا الاضطهاد والموت في سبيل زعمهم القائم على خبرتهم الشخصية حيث أنهم رأوا يسوع المقام وسمعوه ولمسوه، رغم أنهم كانوا يستطيعون أن ينقذوا أنفسهم ببساطة إن أنكروا شهادتهم.

قصة العهد الجديد ليست تضخيماً:

كان كتاب العهد الجديد في منتهى الدقة، كما يتضح من أكثر من 140 معلومة ثابتة تاريخياً. وقد سجلوا معجزات في هذه الروايات المؤكدة تاريخياً، دون تضخيم ظاهر أو تعليقات لاهوتية عميقة.

فهل العهد الجديد صحيح؟

إن كان معظم الباحثين يتفقون في الاثنتي عشرة حقيقة المذكورة آنفاً لأن الأدلة تثبت أن قصة العهد الجديد ليست أسطورة، ولا كذبة، ولا تضخيماً، إذن فنحن نعلم بما لا يدع مجالاً للشك المنطقي أن كتاب العهد الجديد سجلوا ما رأوه بدقة. فهل هذا يعني أن كل أحداث العهد الجديد صحيحة؟ ليس بالضرورة، فما زال عند الشكوكيين محاولة أخيرة.

آخر محاولة عند الشكوكيين هي أن كتاب العهد الجديد كانوا مخدوعين.

أي أنه من المحتمل أن كتاب العهد الجديد كانوا ببساطة مخطئين فيما ظنوا أنهم رأوه.

بناء على ما عرضناه من سمات العهد الجديد، لا يبدو معقولاً أن كتاب العهد الجديد كانوا مخدوعين في الأحداث اليومية غير المعجزية. فقد ثبتت صحة كلامهم في العديد من التفاصيل التاريخية. فلماذا نشك في ملاحظاتهم عن أحداث الحياة اليومية؟

ولكن هل كانوا مخدوعين بخصوص الأحداث المعجزية مثل القيامة؟ ربما أنهم صدقوا فعلاً أن يسوع قام من الأموات، فدفعوا حياتهم ثمناً لذلك، ولكنهم كانوا مخطئين أو مضللين. من المحتمل وجود تفسيرات طبيعية لكل المعجزات التي ظنوا أنهم رأوها.

إن الباحثين الناقدين يحصنون أنفسهم. فكر في الحقيقة رقم 5 من الحقائق الاثنتي عشرة التي يؤمن بها كل الباحثين تقريباً: «التلاميذ مروا بخبرات آمنوا أنها ظهورات حقيقية ليسوع القائم من الأموات». وهو ما يعني أن الباحثين لا يقولون بالضرورة إن يسوع قام فعلياً من الأموات (وإن كان البعض يعتقدون أنه قام). فإن الحد الأدنى لإجماع كل الباحثين تقريباً أن التلاميذ آمنوا أن يسوع قام من الأموات.

ولكن حتى يكون شهود العيان على الأحداث ومعاصروهم مخطئين. لا بد من وجود تفسير آخر للقيامة وغيرها من المعجزات المسجلة في العهد الجديد. ولكن بما أن القيامة هي الحدث المركزي في المسيحية، فلنبدأ منها. كيف ينفي الشكوكيون القيامة؟

النظريات الشكوكية المشكوك فيها

إليك تفسيرات القيامة التي غالباً ما يطرحها الشكوكيون:

نظرية الهلوسة:

هل انخدع التلاميذ بفعل هلاوس؟ ربما أنهم ظنوا بصدق أنهم رأوا المسيح المقام ولكنها كانت في الواقع هلاوس. إن هذه النظرية تشتمل على عدد من الأخطاء القاتلة وسنتناول اثنين منها.

أولاً، الهلاوس لا تحدث لمجموعات بل فقط لأفراد. وهي في هذا الصدد شديدة الشبه بالأحلام. ولذلك، إن قال لك أحد أصدقائك ذات صباح: «يا له من حلم رائع الذي حلمنا به ليلة أمس، أليس كذلك؟» لن تقول: «نعم كان بديعاً. ما رأيك في استكماله هذه الليلة؟». لا، ستظن أن صديقك أصيبت بالجنون أو أنه يمزح. لن تأخذ كلامه على محمل الجد لأن الأحلام ليست خبرات جماعية. فالحلم خبرة فردية لا جماعية، والهلاوس كذلك، فإن توافرت ظروف نفسية نادرة، قد يتعرض الفرد للهلاوس، ولكن صديقه لن يتعرض للهلاوس. وحتى إن حدث، لن يتعرضا للهلاوس نفسها.

ثانياً، ونظرية الهلاوس لا تصلح لأن يسوع لم يظهر مرة واحدة لشخص واحد، ولكنه ظهر في اثنتي عشرة مناسبة منفصلة، في ظروف متنوعة لأشخاص مختلفين على مدى أربعين يوماً. وقد رآه رجال ونساء. وشوهد يمشي ويتحدث ويأكل. وقد شوهد في الداخل وفي الخارج. ورآه كثيرون وقليلون. وإجمالي من رأوا يسوع المقام يزيد عن 500 شخص. ولم يروا هلوسة ولا شبحاً لأنه في ستة ظهورات من الاثني عشر كان يلمس جسدياً أو يأكل طعاماً حقيقياً (انظر الجدول التالي).

 

ترتيب ظهورات المسيح الاثني عشر

 

الأشخاص

رأوا

سمعوا

لمسوا

أدلة أخرى

1

مريم المجدلية (يو 20: 10-18)

x

x

x

القبر الفارغ

2

مريم المجدلية ومريم الأخرى (متى 28: 1-10)

x

x

x

القبر الفارغ وأيضاً الأكفان (لوقا 24: 1-12)

3

بطرس (1كورونثوس 15: 5) يوحنا (يو 20: 1-10)

x

x

 

القبر الفارغ والأكفان

4

تلميذان (لوقا 24: 13-35)

x

x

 

أكلا معه

5

عشرة رسل (لوقا 24: 36-49؛ يوحنا 20: 19-23)

x

x

X**

رأوا الجراح، وأكل طعاماً

6

أحد عشر رسولاً (يوحنا 20: 24-31

x

x

X**

رأوا الجراح

7

سبعة رسل (يوحنا 21)

x

x

 

أكل طعاماً

8

كل الرسل (متى 28: 16-20؛ مرقص 16: 14-18)

x

x

   

9

500 أخ (1كورنثوس 15: 6)

x

X*

   

10

يعقوب (1كورنثوس 15: 7)

x

X*

   

11

كل الرسل (أعمال 1: 4-8)

x

X

 

أكلوا معه

12

بولس (أعمال 9: 1-9؛ 1كورنثوس 15: 8)

x

x

   

 

ووجود القبر الفارغ هو ثاني الأخطاء القاتلة في نظرية الهلوسة. فلو كان شهود العيان الذين يتجاوز عددهم خمسمائة شخص مروا بهذه الخبرة غير المسبوقة من رؤية الهلاوس نفسها في اثنتي عشرة مناسبة مختلفة. فلماذا لم تطف السلطات اليهودية أو الرومانية بجسد يسوع في المدينة؟ وهو ما كان سينهي المسيحية للأبد. كم كانوا يتمنون أن يفعلوا ذلك، ولكن يبدو أنهم لم يقدروا لأن القبر كان فارغاً بالفعل.

الشهود ذهبوا لقبر خطأ:

محتمل أن التلاميذ ذهبوا إلى قبر خطأ ثم افترضوا أن يسوع قام. هذه النظرية أيضاً تشتمل على خطأين قاتلين.

أولاً، لو ذهب التلاميذ لقبر خطأ، لذهبت السلطات اليهودية أو الرومانية للقبر الصحيح وطافوا المدينة بجسد يسوع. إن القبر كان معروفاً لليهود لأنه كان قبرهم (كان ملكاً ليوسف الرامي عضو السنهدريم). وكان القبر معروفاً للرومان لأنهم ضبطوه بحراس. وكما يشير وليم لين كريج، إن نظرية القبر الخطأ تفترض أن كل اليهود (والرومان) كانوا يعانون من حالة “فقدان ذاكرة جماعية” مستديمة بشأن ما فعلون بجسد يسوع.

ثانياً، حتى وأن ذهب التلاميذ فعلاً إلى القبر الخطأ، فالنظرية لا تفسر كيف ظهر يسوع المقام اثنتي عشرة مرة مختلفة. وهو ما يعني أنه لابد من تفسير الظهورات، لا القبر الفارغ فقط.

لاحظ أن القبر الفارغ لم يقنع معظم التلاميذ (ربما باستثناء يوحنا) أن يسوع قام من الأموات. ولكن ظهورات يسوع هي التي حولتهم من جبناء شكاكين مشتتين خائفين إلى أعظم قوة مرسلية سليمة في التاريخ. وهو ما ينطبق بوجه خاص على عدو المسيحية الأصيل شاول (بولس). فهو لم يكن مقتنعاً بالقبر الفارغ، بل كان يضطهد المسيحيين عقب القيامة بفترة وجيزة جداً. وكان الأمر يتطلب ظهور يسوع نفسه ليغير بولس تغييراً كلياً. ويبدو أن يعقوب أخا يسوع المتشكك تحول أيضاً للإيمان بعد أحد ظهورات يسوع. وكما رأينا، تحول يعقوب كان جذرياً بكل معنى الكلمة لدرجة أنه أصبح قائد كنيسة أورشليم ثم استشهد بعد ذلك على يد رئيس الكهنة.

والفكرة المحورية هي: حتى إن أمكننا إيجاد تفسير طبيعي للقبر الفارغ، فهذا لا يكفي لنفي القيامة. فأي نظرية بديلة للقيامة عليها أن تنفي أيضاً ظهورات يسوع. ولكن نظرية القبر الخطأ لا تفسر هذا ولا ذاك.

نظرية الإغماء أو الموت الظاهري:

هل من الممكن أن يسوع لم يمت حقاً على الصليب؟ من المحتمل أنه أصيب بحالة إغماء فقط. أي أنه عندما وضع في القبر لم يكن قد فارق الحياة، ولكنه هرب بطريقة ما وأقنع تلاميذه أنه قام من الأموات. هذه النظرية أيضاً مشوبة بالعديد من الأخطاء القاتلة.

أولاً، الأعداء والأصدقاء على حد سواء اعتقدوا أن يسوع مات. فالرومان الذين كانوا محترفين في الإعدام جلدوا يسوع وضربوه بوحشية إلى أن انهار. ثم دقوا مسامير ثقيلة من الحديد المطاوع في رسغيه وقدميه، وطعنوه بحربة في جنبه. ولم يكسروا ساقيه ليعجلوا بموته لأنهم علموا أنه مات. (ضحايا الصلب غالباً ما كانوا يموتون بالاختناق لأنهم لم يتمكنوا من دفع أنفسهم لأعلى حتى يتنفسوا. ومن ثم كان كسر السيقان يعجل بالموت). بالإضافة إلى ذلك، بيلاطس تحقق من موت يسوع، وموت يسوع كان السبب في فقدان التلاميذ لكل ما عندهم من أمل.

وأساليب الصلب الروماني الوحشية ثابتة في علم الآثار وفي المصادر المكتوبة غير المسيحية (انظر الفصل الخامس عشر للاطلاع على وصف حي لخبرة صلب يسوع). وسنة 1968 عثر على بقايا أحد ضحايا الصلب من القرن الأول في كهف بمدينة أورشليم، وقد وجد في عظمة الكعب مسمار طوله 18 سنتيمتراً تقريباً، وظهرت آثار مسامير على أسفل الذراعين أيضاً[2]. وقد تبين من أعمال الكاتب الروماني كونتيليان Quintillian (35-95م) أن طعن القلب بحربة كان أيضاً أحد أساليب الصلب الرومانية. وبناء على هذه المعاملة التي تعرض لها يسوع، لا عجب أن يعتقد شهود العيان أنه مات.

ليسوا أناس القرن الأول فقط هم من اعتقدوا أن يسوع مات، بل أطباء العصر الحديث أيضاً يعتقدون أن يسوع مات بالفعل. وفيما يلي الاستنتاج الذي توصل إليه ثلاثة أطباء منهم عالم في الأمراض من مايو كلينيك Mayo Clinic في عدد 21 آذار/مارس 1986 من “مجلة الجمعية الطبية الأمريكية” Journal of the American Medical Association:

واضح أن ثقل الأدلة التاريخية والطبية يبين أن يسوع مات قل أن يجرح في جنبه. وتؤيد الأدلة النظرة التقليدية التي مفادها أن الحربة التي نفذت بين ضلوعه اليمنى غالباً اخترقت الرئة اليمنى وكيس التامور المحيط بالقلب والقلب. مما أكد موت. وعليه، التفاسير التي تقوم على الافتراض بأن يسوع لم يمت على الصليب تبدو متناقضة مع المعرفة الطبية الحديثة.

كما أوضحنا في الفصل السابق، يبدو أن الدم والماء اللذين نتجا عن طعنة الحربة من عناصر شهادة العيان الأصلية فيما سجله يوحنا. فهذه الحقيقة وحدها يجب أن تزيل كل الشكوك في موت يسوع.

ثانياً، وثاني أكبر العيوب في نظرية الإغماء هو أن يسوع حفظ في أكفان وأطياب تزن حولي 34 كيلوجرام. ومن المستبعد تماماً أن يكون يوسف الرامي ونيقوديموس (يوحنا 19: 40) قد كفنا يسوع وهو حي بطريق الخطأ.

ثالثاً، حتى إن ظن الجميع خطأ أن يسوع كان ميتاً عند دخوله إلى القبر، كيف يمكن لرجل ينزف وقد أصيب بإصابات بالغة أن يظل حياً لمدة ست وثلاثين ساعة أخرى؟ كان سينزف حتى الموت في هذا القبر المظلم البارد الرطب.

رابعاً، حتى لو نجا فعلاً رغم ظلمة القبر ورطوبته وبرودته، كيف يحل نفسه، ويرفع الحجر الذي يزن طنين ويزيحه خارج القبر، ويمر أمام الحرس الروماني الكفء (الذي سيقتل للسماح باختراق الحاجز الأمني)، ثم يقنع الجبناء المتشككين المشتتين الخائفين أنه انتصر على الموت؟ وحتى لو تمكن أن يخرج من القبر ويمر أمام الحرس الروماني، كان سيخرج عبارة عن كتلة مشوهة نازفة، فيثير شفقة التلاميذ عليه لا عبادتهم له. كانوا سيقولون: «قد تكون حيا، لكن مؤكد أنك لم تقم. فتعال نأخذك للطبيب».

خامساً، نظرية الإغماء لا تستطيع أن تفسر ظهور يسوع لبولس بنور براق على طريق دمشق. فما الذي غير هذا العدو الصريح للمسيحية بعد الصلب بفترة قصيرة؟ مؤكد أن يسوع لم يكن إنساناً عادياً شفي من حادثة صلب.

إن وصف بولس لخبرة تحوله مسجل مرتين في سفر الأعمال الذي ثبتت صحته تاريخياً. وفي أصحاح 22 يخبر بولس بظهور المسيح له أمام جمهور من اليهود المعادين:

وحدث لي وأن ذاهب ومقترب إلى دمشق أنه نحو نصف النهار، بغتة أبرق حولي من السماء نور عظيم. فسقطت على الأرض، وسمعت صوتاً قائلاً لي: شاول، شاول! لماذا تضطهدني؟ فأجبت: من أنت يا سيد؟ فقال لي: أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده (ع 6-8).

ثم فقد بولس البصر لمدة ثلاثة أيام وتغير اتجاهه 180 درجة. لقد انتقل من ألد أعداء المسيحية إلى أشد الداعين لها.

إن خبرة تحول بولس لا يمكن تفسيرها بيسوع مغمى عليه يمسك مشعلاً ويصدر “صوته الإلهي” من بين أشجار الغابة. إن ما حدث كان استعلاناً مباغتاً مبهراً للقوة الإلهية في وضح النهار أحدث تغييراً جذرياً في هذا الرجل وفي العالم للأبد[3].

سادساً، عدة كتاب غير مسيحيين أكدوا موت يسوع صلباً، ومنهم يوسيفوس، وتاسيتس، وثالوث، والتلمود اليهودي. فالتلمود اليهودي مثلاً يقول إن يشوع (يسوع) علق على خشبة عشية الفصح. وهو ليس من المصادر المحبة للمسيحية، فليس هناك مبرر للشك في صدقه.

لكل ما تقدم من أسباب، وغيرها، لم يعد هناك إلا قلة قليلة من الباحثين الأكاديميين تصدق نظرية الإغماء. فالأدلة المضادة لها كثيرة جداً.

التلاميذ سرقوا الجسد:

 إن النظرية التي تقول بسرقة التلاميذ لجسد يسوع لا تقوى على تأييد آخر خيارات الشكوكيين، ألا وهو أن كُتاب العهد الجديد كانوا جميعاً مخدوعين. لماذا؟ لأن النظرية تجعل كتاب العهد الجديد مخادعين، لا مخدوعين! وهو طبعاً ما يضرب بعرض الحائط كل ما رأيناه من أدلة حتى الآن. إن النظرية تتبنى الموقف الهش القائل بأن كتاب العهد الجديد جميعاً كانوا كاذبين. فلسبب غير مفهوم، سرقوا الجسد ليعرضوا أنفسهم للضرب والتعذيب والاستشهاد! إن أنصار هذه النظرية لا يستطيعون أن يفسروا ما يجعل أي إنسان يفعل ذلك. لماذا يحيل التلاميذ هذه المؤامرة التي تنقلب ضدهم؟ ولماذا استمر كل منهم يقول إن يسوع قام من الأموات رغم أنه كان بإمكانهم إنقاذ أنفسهم بالتراجع عن تلك الشهادة؟

يعتبر التضارب الشديد بين مصالح التلاميذ من عوامل تفنيد هذه النظرية، إلا أنها تتطلب أيضاً توافر عدة عناصر عبثية يعجز أنصارها عن تفسيرها. فمثلاً، كيف اجتاز التلاميذ أمام الحرس الروماني الكفء المدرب على حراسة القبر بحياته؟ ولو لم يقم يسوع من الأموات مطلقاً، فمن الذي ظهر لبولس، ويعقوب، وغيرهما من شهود العيان؟ وهل كذب كتاب العهد الجديد بشأن ما حدث لهم من تحول أيضاً؟ هل بولس اختلق الأدلة الواردة في 1كورنثوس؟

وماذا عن الكتاب غير المسيحيين؟ هل كذب يوسيفوس بخصوص استشهاد يعقوب على يد السنهدريم؟ هل الكاتب الروماني فليجون (المولود حوالي 80م) كذب أيضاً عندما كتب في “السجلات الزمنية” Chronicles «يسوع لم يدافع عن نفسه في حياته، ولكنه قام بعد الموت، وأظهر علامات العقوبة التي تعرض لها، وأظهر آثار المسامير في يديه»؟[4] إن كل هذا يتطلب “معجزة” أكبر من معجزة قيامة يسوع من الأموات. ولكننا لا نملك الإيمان الكافي لتصديق كل هذا!

كما رأينا، فكرة سرقة التلاميذ للجسد هي بالضبط التفسير الذي طرحه اليهود للقبر الفارغ. وبصرف النظر عن أن التلاميذ لم يكن عندهم الدافع لسرقة الجسد ولا القدرة على ذلك، فهذا التفسير اليهودي القديم كذبة فاشلة لسببين آخرين: 1) كيف عرف الحراس وهم نيام أن التلاميذ سرقوا الجسد؟ 2) ما من حارس روماني سيعترف أنه نام أثناء عمله، وهي جريمة عقوبتها الإعدام. (ربما هذا هو ما دفع قادة اليهود أن يدفعوا رشوة للحراس ويعدوهم بأنهم سيحمونهم من أي مشكلات مع الوالي، كما يسجل متى).

وسنة 1878 تم التوصل إلى كشف أثري مدهش قد يؤيد زعم الكتاب المقدس بأن اليهود كانوا يشيعون تفسير السرقة. فقد اكتشفت لوح من الرخام حوالي 38 x 61 سنتيمتر في الناصرة يحمل هذا النقش:

أمر قيصر: يسرني أن تبقى القبور والمقابر دائماً آمنة من أي إزعاج لأجل من بنوها كطقس ديني تكريماً لأسلافهم أو أبنائهم أو أفراد عائلتهم. إلا أنه إذا اتهم أي شخص أحداً بهدمها، أو إخراج المدفونين بأي شكل، أو نقلهم بخبث لأماكن أخرى لإهانتهم، أو وضع الأختام على أحجار أخرى، فإني آمر بمحاكمة مثل هذا الشخص، لإهانة البشر الفانين كما هو الحال في إهانة الآلهة. وذلك لأن تكريم الموتى أم أكثر وجوبية. فليحظر مطلقاً على أي إنسان أن يزعجهم. وفي حالة الانتهاك أود أن يحكم على الجاني بالإعدام بتهمة انتهاك القبر.

يعتقد الباحثون أن هذا المرسوم صدر من الإمبراطور طيباريوس الذي حكم من 14-37م (أثناء معظم حياة المسيح)، أو الإمبراطور كلوديوس الذي حكم من 41-54. وما يلفت النظر في هذا المرسوم أنه يغلظ عقوبة سرقة القبور من الغرامة إلى الإعدام!

لماذا يكلف الإمبراطور الروماني نفسه إصدار هذا المرسوم القاسي في هذا الوقت في منطقة نائية من إمبراطوريته؟ رغم أنه لا أحد يعلم سبب المرسوم على وجه اليقين، هناك احتمالان يشير كلاهما إلى يسوع.

إن كانت هذه الكتابة لطيباريوس، فمن المحتمل أن طيباريوس عرف عن يسوع من أحد تقارير بيلاطس التي يرفعها إليه سنوياً. وهذا هو زعم يوستينوس الشهيد. وربما اشتمل هذا التقرير على التفسير اليهودي للقبر الفارغ (التلاميذ سرقوا الجسد)، مما دفع طيباريوس لمنع أي حالات “قيامة” في المستقبل بإصدار هذا المرسوم.

وإن كانت الكتابة لكلوديوس، فمن المحتمل أن المرسوم كان جزءًا من رد فعله لأحداث الشغب التي وقعت في روما سنة 49م. ففي أعمال 18: 2 يذكر لوقا أن كلوديوس طرد اليهود من روما. وهو ما يؤكده المؤرخ الروماني سويتونيوس Seutonius الذي يخبرنا بأنه «لأن اليهود في روما تسببوا في شغب مستمر بسبب القلاقل التي أثارها المسيح Chrestus، طردهم [كلوديوس] من المدينة». (Chrestus شكل مختلف لهجاء كلمة Christ [المسيح]).

ما علاقة المسيح بأحداث الشغب التي أثارها اليهود في روما؟ ربما مرت روما بالأحداث نفسها التي وقعت في تسالونيكي نحو ذلك الوقت نفسه. ففي أعمال 17 يسجل لوقا أن حالة من “الفوضى”[5] وقعت في تسالونيكي عندما “غار” اليهود من بولس لأنه كان يكرز بقيامة يسوع من الأموات. وهؤلاء اليهود رفعوا دعواهم لحكام المدينة قائلين «إن هؤلاء [بولس ولوقا] الذي فتنوا المسكونة حضروا إلى ههنا أيضاً…. وهؤلاء كلهم يعملون ضد أحكام قيصر قائلين: إنه يوجد ملك آخر: يسوع!» (ع 6، 7).

إن كان هذا هو ما حدث بالضبط في روما، إذن كلوديوس ما كان ليقبل أن جماعة تتحدى أوامره وتتبع ملكاً آخر. فمن المحتمل أنه ما إن علم أن هذه الطائفة الجديدة المتمردة نشأت مع اليهود الذين آمنوا أن قائدهم قام من الأموات، حتى طرد كل اليهود من روما وجعل سرقة القبور جريمة عقوبتها الإعدام.

إن أحد هذين الاحتمالين يمكن أن يفسر توقيت المرسوم ومكانه وشدته. ولكن حتى إن لم يكن المرسوم مرتبطاً بقبر المسيح الفارغ. فلدينا من الأدلة الدامغة ما يكفي لإثبات أن اليهود هم من طرحوا فرضية السرقة (انظر الفصل السابق). والنقطة الرئيسية هي أن فرضية السرقة كان اعترافاً ضمنياً أن القبر كان فارغاً بالفعل. فمهما كان من أمر، ما الذي يجعل اليهود يختلقون تفسيراً للقبر الفارغ لو كان جسد يسوع لم يزل فيه؟

بديل اتخذ مكان يسوع على الصليب:

هذا هو التفسير الذي يطرحه البعض اليوم ومفاده أن يسوع لم يصلب، ولكن شخصاً، ربما يهوذا، قتل بدلاً منه[6].

ووفقاً لهذه الفرضية، يقولون إن كل ما حدث أنه شبه لهم أنهم صلبوا يسوع، ولكن الله رفعه مباشرة إلى السماء.

هذه النظرية تطرح أسئلة أكثر مما تقدم إجابات. هل مطلوب منا أن نصدق أن الآلاف ممن شهدوا جانباً من موت يسوع – التلاميذ، والحرس الروماني، وبيلاطس، واليهود، وعائلة يسوع وأصدقائه – أخطأوا جميعاً في هوية الشخص المقتول؟! كيف يمكن أن تخطئ هذه الأعداد الغفيرة في تحديد هوية شخص؟ إنه يشبه من يقول إن ابراهام لينكولن لم يكن هو من قُتل بجوار زوجته في تلك الليلة من شهر نيسان/أبريل 1865 في مسرح فورد… هل أخطأت ماري لينكون في الرجل الجالس بجوارها؟ هل أخطأ حارس لينكون الخاص في الشخص الذي كان يحرسه؟ هل كل الناس أخطأوا في هوية الرئيس أيضاً؟ أمر مستحيل تصديقه.

وتطرح هذه النظرية الكثير من الأسئلة الأخرى. فلو لم يقتل يسوع، فلماذا وجد قبر المقتول الحقيقي فارغاً؟ هل مفترض أن نصدق أن البديل قام من الأموات؟ وإن كان كذلك، فكيف فعلها؟ هل يفترض أن نصدق أن كل المؤرخين غير المسيحيين مخطئون في موت يسوع؟ وماذا نفعل في اعتراف اليهود بموت يسوع؟ هل أخطأ التلمود عندما قال إن يسوع قد أعدم على خشبة عشية عيد الفصح؟ باختصار، هل يجب أن نصدق أن كل هؤلاء الذين عاشوا في القرن الأول أخطأوا في كل شيء؟

فلا بد أن نشك في نظرية تظهر بعد وقوع الأحداث بمئات السنين وتطالبنا أن نصدق أن كل أدلة القرن الأول خاطئة. فالحقيقة أن هذه النظرية تتناقض مع معظم الحقائق الاثنتي عشرة التي يتفق عليها كل الدارسين الأكاديميين تقريباً (انظر بداية هذا الفصل). وهذه النظرية كغيرها من النظريات البديلة تقوم على تخمينات خالصة دون أي دليل يذكر. إذن لسنا نملك الإيمان الكافي لتصديقها.

إيمان التلاميذ هو ما أدى لاعتقادهم في القيامة:

جون دومينيك كروسان John Dominic Crossan هو أحد مؤسسين مجموعة الأكاديميين والناقدين اليسارية المتطرفة التي تطلق على نفسها “الحلقة النقاشية عن يسوع” The Jesus Seminar قد قرروا أن 18٪ فقط من الأقوال المنسوبة ليسوع في الأناجيل حقيقية (للمزيد عن هذا الموضوع انظر الملحق 3). ولكنهم لا يقدمون أي أدلة حقيقية على هذا الموقف المتشكك، بل كلها نظريات تخمينية عن أن إيمان التلاميذ أدى إلى اعتقادهم في القيامة، وتنسحب هذه التخمينات على كل شيء تقريباً في العهد الجديد.

وقد طرحت هذه النظرية بوضوح أثناء مناظرة كروسان مع وليم لين كريج عن القيامة. فقد طرح كروسان النظرية القائلة بأن التلاميذ اخترعوا قصة القيامة لأنهم “فتشوا الكتب” بعد موته ووجدوا أن “الاضطهاد، إن لم يكن الإعدام، كان مثل توصيف وظيفي لمختاري الله”.

ودارت المناظرة كلها التي استمرت ساعتين حول إجابة كريج. فقد قال: «صحيح، وهذا حدث بعد أن رأوا ظهورات القيامة…. إن إيمان التلاميذ لم يؤد إلى ظهورات [القيامة]، ولكن الظهورات هي التي أدت إلى إيمانهم، وبعدئذ فتشوا الكتب».

حقيقة التلاميذ الخائفون المشتتون المتشككون لم يكونوا في حالة تسمح لهم أن يخترعوا قصة قيامة ثم يخرجوا بها للعالم ويموتوا من أجلها. ولكن حالتهم كانت تسمح لهم بالاختباء بسبب الخوف من اليهود! إن ظهورات القيامة هي ما زودتهم بإيمان جسور، لا العكس، كروسان فهم الأمر بالعكس.

بالإضافة إلى عدم وجود أدلة على نظرية كروسان، فهو لا يستطيع أن يفسر ظهورات القيامة لأكثر من 500 شخص. ولا يمكنه أن يفسر القبر الفارغ ولا محاولة اليهود لتفسيره. لقد عرف اليهود أن التلاميذ كانوا يزعمون أن القيامة حدث تاريخي حقيقي، لا مجرد نتاج لإيمانهم. فلو لم تحدث القيامة حقاً، كما يقول كروسان، فلماذا استمرت السلطات اليهودية طيلة القرن الثاني في الإصرار على أن التلاميذ سرقوا الجسد؟ كروسان ليس لديه إجابة لأن نظريته خاطئة تحتاج لقدر ضخم من الإيمان، مع تجاهل الكثير من الأدلة، حتى تصدقها.

كتاب العهد الجديد نقلوا أساطير القيامة الوثنية:

تؤكد هذه النظرية أن العهد الجديد ليس تاريخياً لأن كتاب العهد الجديد لم يفعلوا شيئاً إلا أنهم نقلوا أساطير القيامة الوثنية. إن الشكوكيين بارعون في التقاط أحداث القيامة المزعومة لبعض الشخصيات الأسطورية مثل مردوخ، وأدونيس، وأوزيوريس، هل العهد الجديد مجرد أسطورة أخرى؟ هل يمكن أن تكون هذه النظرية صحيحة؟ إنه احتمال مستبعد لعدد من الأسباب.

أولاً، كما رأينا العهد الجديد أبعد ما يكون عن العمل الأسطوري. فالعهد الجديد، يختلف عن الأساطير الوثنية في أنه مشحون بأدلة شهود عيان وشخصيات تاريخية حقيقية، وهو مؤيد بعدة مصادر خارجية. وقد قال سي. إس. لويس، وهو نفسه كاتب أساطير، إن قصص العهد الجديد لا ترى فيها أي إمارات أسطورية. فقد قال لويس «إن ناقد أدبي ومؤرخ حتى النخاع، هذه وظيفتي.

وعلى هذا الأساس فأنا مؤهل أن أقول إنه إذا كان أي شخص يظن أن الأناجيل أساطير أو روايات خيالية، فهذا الشخص يكشف ببساطة عدم أهليته للعمل في النقد الأدبي. لقد قرأت العديد من الروايات الخيالية ولدي معرفة كافية بالأساطير التي نشأت بين الشعوب القديمة، وأعلم علم اليقين أن الأناجيل لا تنتمي لهذه الفئة».

ثانياً، نظرية الأسطورة الوثنية لا تستطيع أن تفسر القبر الفارغ، ولا استشهاد شهود العيان، ولا شهادة الكتابات غير المسيحية. ولا تستطيع أن تفسر الأدلة التي تقود كل الدارسين الأكاديميين تقريباً إلى قبول الحقائق التاريخية الأخرى التي سردناها في بداية هذا الفصل.

ثالثاً، الكتاب القدماء غير المسيحيين عرفوا أن كتاب العهد الجديد لم يقدموا روايات أسطورية. وكما يشير كريج بلومبرج «لقد فهم نقاد القيامة الأوائل من اليهود والوثنيين أن كتاب الأناجيل كانوا يزعمون مزاعم تاريخية، لا يكتبون أسطورة أو قصة خيالية. وكل ما فعلوه أنهم جادلوا في معقولية تلك المزاعم».

رابعاً، ما من أسطورة يونانية أو رومانية تحدثت عن تجسد حرفي لإله واحد لا شريك له في صورة بشرية (قارن يوحنا 1: 1-3، 14)، بميلاد عذراوي حرفي (متى 1: 18-25)، أعقبه موته وقيامته الجسدية. فقد آمن اليونانيون بتعدد الآلهة، ولم يكونوا موحدين مثل مسيحي العهد الجديد. علاوة على ذلك، آمن اليونانيون بتناسخ الأرواح في أجساد أخرى فانية، ولكن كتاب العهد الجديد آمنوا بالقيامة بالجسد المادي نفسه الذي يتحول إلى جسد خالد (قارن لوقا 24: 37؛ يوحنا 9: 2؛ عبرانيين 9: 27).

خامساً، أول شيء يشبه موت إله وقيامته لا يظهر إلى سنة 150م أي بعد نشأة المسيحية بأكثر من 100 سنة. لذا إن كان شيء أثر على الآخر، فإنه حدث العهد الجديد التاريخي هو الذي أثر على الأسطورة، لا العكس.

والرواية الوحيدة المعروفة قبل المسيحية عن إله ينجو من الموت هي قصة الإله المصري أوزوريس. وتقول الأسطورة إن أوزوريس يقطع إلى أربع عشرة قطعة، تنشر في أنحاء مصر، ثم تجمعها الإلهة إيزيس مرة أخرى وتعيدها إلى الحياة. إلا أن أوزوريس لا يعود فعلياً إلى الحياة المادية ولكنه يصبح شبحاً في عالم الموتى. وكما يشير هابرماس Habermas وليكونا Licona «إنها مختلفة تماماً عن قصة قيامة يسوع حيث كان رئيس الحياة الذي أقيم بمجد ورآه آخرون على الأرض قبل صعوده إلى السماء».

أخيراً، حتى وإن وجدت أساطير قبل المسيحية عن آلهة تموت وتقوم، فهذا لا يعني أن كتاب العهد الجديد نقلوا منها. فالمسلسل التليفزيوني الخيالي ستار ترك Star Trek سبق برنامج المكوك الفضائي الأمريكي U. S. Space Shuttle، إلا أن هذا لا يعني أن التقارير الصحفية عن رحلات المكوك الفضائي متأثرة بحلقات ستار ترك.

ولكن يجب على المرء أن ينظر في أدلة كل تقرير ليتحقق مما إذا كان تاريخياً أم أسطورياً. فليس هناك شهود عيان ولا أدلة تؤيد تاريخية قيامة أوزوريس ولا أي إله وثني آخر. ولا أحد يعتقد أنها شخصيات تاريخية حقيقية. ولكن كما رأينا هناك شهود عيان وأدلة دامغة تؤيد تاريخية موت يسوع المسيح وقيامته.

هل عندك أي دليل على ذلك؟

لقد اعتاد المسيحيون على “رد لكمات” النظريات البديلة للقيامة. والحقيقة أن هذا هو ما فعلناه تواً بإبراز العديد من النقائص التي تشوب النظريات البديلة. إلا أن هذا لا يكفي. فبالرغم من أن الشكوكيين محقون في مطالبة المسيحيين بإظهار بيئة القيامة (وكما رأينا المسيحيون قادرون على تحقيق هذا المطلب بالأدلة الدامغة)، يجب على المسيحيين مطالبة الشكوكيين بإظهار البيئة على النظريات البديلة.

إن اختراع نظرية بديلة للقيامة شيء، والعثور على أدلة تؤيدها من القرن الأول شيء آخر. فالنظرية ليس دليلاً. والعقلاء يطالبون بأدلة، لا بمجرد نظريات. فأي شخص يمكنه أن يخترع نظرية لتفسير أي حدث تاريخي. مثلاً إن أراد أحد أن يزعم أن كل تسجيلات الفيديو لمعسكرات الاعتقال في الهولوكوست من تمثيل وإنتاج اليهود ليكسبوا تعاطفاً ودعماً لقيام دولة يهودية، هل ستصدق تلك النظرية؟ بالطبع لا، لأنها تضرب بعرض الحائط كل الأدلة المعروفة.

وإن أردنا أن نأخذ الأمر بجدية، فمن يطرحون هذه النظرية عليهم أن يقدموا تقارير شهود عيان مستقلين لها مصداقية وأدلة مؤيدة أخرى لمجابهة العديد من التقارير التي تقول إن الهولوكوست حقيقة قام بها النازيون. إلا أن هذه الأدلة المضادة لا وجود لها.

وينطبق هذا الوضع على القيامة. فرغم أن الشكوكيين صاغوا العديد من النظريات البديلة لنفي القيامة، ليس هناك أدلة من أي مصدر من القرن الأول تؤيد أياً منها. والنظرية البديلة الوحيدة المذكورة في مصدر من القرن الأول (سرقة التلاميذ للجسد) مأخوذة من متى الذي يصفها صراحة بأنها كذبة. فما من أحد في العالم القديم، ولا حتى أعداء المسيحية، طرح تفسيراً بديلاً معقولاً للقيامة.

والكثير من النظريات البديلة التي صيغت على مدى القرنين الماضيين تقوم على رفض ما هو فائق للطبيعة. وبما أن الأكاديميين المحدثين لديهم رفض فلسفي مسبق للمعجزات، فهم يحيكون تفاسير مخصوصة لنفي القيامة. وكما رأينا تفاسيرهم المخصوصة تنطوي على كم كبير من العبث أو الاستحالة.

فيجب أن نسأل من يقدمون نظريات بديلة للقيامة: «ما الأدلة التي تقدمها على نظريتك؟ هل يمكن من فضلك أن تسمي ثلاثة أو أربعة مصادر من القرن الأول تؤيد نظريتك؟» وعندما يواجه الشكوكيون الأمناء بهذا السؤال، عادة ما يجيبون بالصمت أو باعتراف متلعثم أنهم لا يملكون مثل هذه الأدلة لأنها غير موجودة.

والقيامة ليس الشيء الوحيد الذي يجب على الشكوكيين تفسيره. ولكن عليهم أن يفسروا أيضاً الخمس والثلاثين معجزة الأخرى التي نسبها شهود عيان ليسوع. هل ينبغي علينا أن نصدق أن كتاب الأناجيل الأربعة كانوا جميعهم مخدوعين بشأن كل تلك المعجزات كما كانوا مخدوعين في القيامة؟

إن نظرية الخداع الجماعي هذه تتطلب أدلة. هل لدينا أي مصادر أخرى من القرن الأول تقدم تفسيراً مختلفاً لأعمال يسوع؟ المصدر الوحيد الذي اكتُشف (والأرجح أنه من القرن الثاني) هو التلمود اليهودي الذي يعترف أن يسوع قام بأفعال غير عادية إذ يقول إنه “مارس السحر”. ولكن هذا التفسير ضعيف ضعف التفسير اليهودي للقيامة (التلاميذ سرقوا الجسد). قد يكون السحر تفسيراً لبعض “معجزات” يسوع، ولكن هل الخمس والثلاثين معجزة؟ إن السحرة لا يستطيعون أن يفعلوا نوعية الأفعال التي يقال عن يسوع أنه فعلها مثل إقامة الموتى، وتفتيح عيون العمي، والمشي على الماء، وغيرها.

إذن، إن لم يكن هناك أدلة قديمة على الخداع، هل ينبغي أن نقبل معجزات العهد الجديد كما هي مدونة هكذا في الأناجيل؟ لم لا؟ إننا نعيش في كون خلقه الله حيث المعجزات ممكنة. وبالرغم من أننا لا نملك أدلة مستقلة على كل معجزات العهد الجديد (لأن بعضها لم يذكره إلا كاتب واحد)، فمن المؤكد أن عندنا أدلة عديدة على الكثير منها (بما فيها القيامة). فالمعجزات التي صنعها يسوع المذكورة في مصادر مستقلة كثيرة جداً بحيث يستحيل تفسيرها بأنها خدعة كبيرة. فمن الممكن أن ينخدع شخص واحد مرة واحدة، ولكن لا يمكن أن ينخدع العديد من المشاهدين عدة مرات.

ويكتب الباحث الأكاديمي الألماني ولفجانج تريلينج Wolfgang Trilling «إننا مقتنعون أن يسوع صنع معجزات بالفعل ونعتبر ذلك حقيقة تاريخية مؤكدة… إن روايات المعجزات تشغل مساحة كبيرة جداً في الأناجيل حتى إنه يستحيل أن تكون جميعها قد اخترعت أو نسبت لاحقاً ليسوع». ويخلص وليم لين كريج إلى أنه «لم يعد أحد ينفي صحة انتساب المعجزات ليسوع التاريخي». وهو ما يعني أنه لا أحد ينفي صحة المعجزات من الناحية التاريخية ولكن من ينفونها يؤسسون موقفهم على منظور فلسفي بحت (المزيد عن ذلك بعد لحظات).

والفكرة المحورية هي أنه يوجد عدد ضخم جداً من المعجزات وعدد ضخم جداً من الشهادات، بحيث لا يمكننا أن نصدق أن كل شهود العيان أخطأوا كل مرة. وبخصوص القيامة، كل النظريات البديلة مشوبة بأخطاء قاتلة، ولدينا أدلة ظرفية[7] قوية وشهود عاين على أن يسوع قام حقاً من الأموات. وهو ما يعنى أننا لا نملك تفسيراً طبيعياً للقبر الفارغ، بل يعني كذلك أن عندنا أدلة إيجابية تؤيد القيامة. والتفسير الذي يتطلب أقل قدر من الإيمان هو أن يسوع صنع معجزات حقاً وقام من الأموات حقاً كما تنباً. لذلك لسنا نملك الإيمان الكافي لتصديق أن كتاب العهد الجديد كانوا جميعهم مخدوعين.

لماذا لا يؤمن كل الباحثين الأكاديميين؟

إن كان عندنا نسخة دقيقة من شهادة مبكرة، وإن كانت تلك الشهادة مبكرة ومن شهود عيان أيضاً، وإن كان شهود العيان أولئك قد سجلوا ما رأوا بدقة، وإن لم يكن شهود العيان أولئك مخدوعين فيما سجلوا، إذن لماذا لا يقبل كل الأكاديميين العهد الجديد كما هو؟ لنفس السبب الذي لأجله يرفض الداروينيون الاعتراف بالأدلة التي تفند موقفهم: إن متحيزون فلسفياً ضد المعجزات.

قد تم الاعتراف بهذا التحيز أثناء مناظرة بين كريج وكروسان. كريج يؤمن مثلنا أن الأدلة على تاريخية القيامة الحرفية أدلة قوية. ولكن كروسان لا يؤمن أن يسوع قام حرفياً من الأموات. وإلا حوار كاشف جداً بين الرجلين:

كريج: دكتور كروسان هل من شيء يمكن أن يقنعك أن قيامة يسوع من الأموات حقيقة تاريخية؟

كروسان: أود أن أتحقق مما نتحدث عنه. فلنفترض أننا خارج القبر الفارغ صباح أحد القيامة. فلو كان مع أحدنا كاميرا فيديو. هل كان سيمكننا تصوير شيء يخرج من القبر؟ هل هذا هو السؤال؟

كريج: أظن أن سؤالي، وما أظن أن مستر بكلي Buckley [مدير الحوار] يصر عليه، هو: ما الدليل الذي يمكن أن يقنعك؟ أم هل أفكارك المسبقة عن استحالة المعجزات، وما إلى ذلك، في منتهى القوة لدرجة أنها تؤثر على حكمك التاريخي بحيث أن حدثاً كهذا يستحيل حتى أن يقبل في محكمتك؟

كروسان: لا… إن طبيباً في لورد[8] Lourdes قد يعترف قائلاً: «ليس عندي أي تفسير طبي على الإطلاق لما حدث». هذه عبارة صحيحة. ومن ثم للمرء أن يقول: «إذن أنا أصدق بالإيمان أن الله تدخل في هذه الحالة». ولكني شخصياً مقتنع بافتراض لاهوتي مسبق مفاده أن الله لا يعمل بتلك الطريقة…. ما المطلوب لتثبت لي ما تسأل عنه؟ لا أعرف، إلا إذا غير الله الكون. يمكنني أن أتخيل أني صباح الغد اكتشفت أن كل شجرة خارج بيتي تحركت مترين. إنه أمر يتطلب تفسيراً. أنا لا أعرف التفسير، ولكني لن أفترض فوراً أنه معجزة.

إن جملة كروسان الصريحة عن افتراضه اللاهوتي المسبق المضاد للمعجزات اعتراف صادق من جهته. ولكن كروسان لا يتحدث طبعاً نيابة عن كل الأكاديميين الشكوكيين. ولكن من المؤكد أن معظمهم ينكرون القراءة المباشرة للعهد الجديد لأنهم يشتركون معه في تحيزه الفلسفي ضد المعجزات. فالمشكلة ليست أن الأدلة التاريخية على العهد الجديد ضعيفة (بل هي في منتهى القوة). ولكن المشكلة أنهم استبعدوا المعجزات مسبقاً. وهم يتوصلون إلى استنتاج خاطئ بسبب تحيزهم الذي يستحيل معه التوصل إلى الاستنتاج الصحيح.

الإطار الإطار الإطار

لنلق نظرة على آخر تعليق قاله كروسان عن أشجار حديقته التي تحركت مترين ذات ليلة. فهو يقول إنه لن يفترض “فوراً أنها معجزة”. ولا نحن، لأن معظم الأحداث لها بالفعل تفسير طبيعي (وهو ما يساعد بالمناسبة على إبراز المعجزات عندما تحدث حقيقة). لذا، يعد البحث عن تفسير طبيعي أولاً أمراً منطقياً جداً.

ولكن هل يعني ذلك أنه يجب ألا نستنتج أبداً أن أي حدث (كتحرك الأشجار معجزة)؟ كروسان لن يستنتج ذلك بسبب افتراضه اللاهوتي المسبق الذي يقول إن الله لا “يعمل بتلك الطريقة”. ولكن بما أنه لا مبرر لذلك الافتراض المسبق، لأن الله موجود. فما هو الاستنتاج الصحيح؟ إن هذا يتوقف على إطار الحدث. تذكر ما قلناه في الفصل الخامس عن ضرورة تفسير الدليل في ضوء الإطار الذي يقع فيه[9].

فلنفترض أن حدث تحرك الأشجار عند كروسان وقع في الإطار التالي: منذ مائتي عام يزعم شخص ما أنه نبي من الله ويكتب نبوة تقول إن كل الأشجار في منطقة ما في أورشليم ستتحرك مترين في إحدى الليالي في سنة معينة. وبعد مائتي عام، يأتي رجل ليخبر أهل المدينة أن معجزة تحرك الأشجار وشيكة الحدوث. ويزعم هذا الرجل أنه الله، وهو يعلم حقائق عميقة ويقوم بالكثير من الأفعال الأخرى غير العادية يبدو أنها معجزات.

وفي صباح أحد الأيام يزعم العديد من شهود العيان أن الأشجار في حديقة أورشليم التي يملكها كروسان، ومنها عدة أشجار سنديان عميقة الجذور يصل ارتفاعها إلى أكثر من 30 متراً، تحركت مترين بالفعل أثناء الليل، تماماً كما تنبأ الله المتأنس. ويقول شهود العيان هؤلاء أيضاً أن هذه واحدة من أكثر من ثلاثين معجزة صنعها هذا الإله المتأنس. وبعدئذ يتعرضون للاضطهاد والاستشهاد لأنهم أعلنوا هذه المعجزات ورفضوا إنكار شهادتهم.

وخصوم الله المتأنس لا ينكرون الأدلة على معجزة الأشجار أو غيرها من المعجزات، ولكنهم يطرحون تفسيرات طبيعية تعج بأخطاء قاتلة. وبعد سنوات طويلة، بعد موت كل شهود العيان، يطرح الشكوكيون تفسيرات طبيعية أخرى يثبت أيضاً أنها مليئة بأخطاء قاتلة. والحقيقة أنه على مدى الألف والتسعمائة سنة التالية يحاول الشكوكيون أن يفسروا الحدث طبيعياً، دون أن ينجح أحد.

سؤال: بناء على ذلك، أليس من المنطقي أن نفترض أن حركة الأشجار ليست طبيعية بل منشؤها فوق طبيعي؟ طبعاً. الإطار يحدث كل الفرق.

وهذا هو الحال مع القيامة. فالأمر لا يقتصر على انعدام التفسير الطبيعي للقبر الفارغ. ولكن عندنا شهود عيان وأدلة ظرفية تؤيد معجزة القيامة. وإليك الإطار الذي يجب أن نقيم فيه الأدلة:

أ – حقيقة خلق الكون تجعل المعجزات ممكنة: إننا نعيش في كون من خلق الله حيث المعجزات ممكنة. (وبالحقيقة أعظم معجزة، وهي خلق الكون من عدم، حدثت بالفعل). لذا يمكن أن يستخدم الله الأنبياء لإعلان رسائله والمعجزات لتثبيتها. أي أن المعجزة يمكن أن تستخدم لتثبيت كلمة الله لشعب الله من خلال رجال الله.

ب – الوثائق القديمة تقول إن المعجزات متوقعه: وثائق العهد القديم التي كتبت قبل أحداث العهد الجديد بمئات السنين تتنبأ أن المسيا، وهو رجل سيكون هو الله فعلاً، سوف يأتي، ويقتل في وقت محدد كذبيحة عن البشر الخطاة، ويقوم من الأموات (المزيد عن ذلك في الفصل القادم).

ج – وثائق شهود العيان الثابتة تاريخياً تقول إن المعجزات حقيقية: هناك 27 وثيقة كتبها تسعة شهود عيان، أو معاصروهم، تصف العديد من الأحداث المعجزية. والكثير من هذه الوثائق تحوي شهادات عيان ثابتة تاريخياً يرجع تاريخها إلى زمن الأحداث، والأدلة تبين أن القصة ليست من اختراع الكتاب، وليس فيها تجميل، ول هي نتاج خدعة. ونحن نعرف ذلك لأن وثائق العهد الجديد تجتاز كل اختبارات التاريخية السبعة المذكورة في الفصل التاسع. فوثائق العهد الجديد:

  • مبكرة (معظمها مكتوب في غضون 15-40 سنة من زمن الأحداث، أي في خلال جيلين من وقوع الأحداث).
  • تشتمل على شهادات شهود عيان.
  • تحوي شهادات شهود عيان مستقلين من مصادر متعددة.
  • كتبها أناس أهل ثقة ابتعوا أرقى المقاييس الأخلاقية في حياتهم، وماتوا من أجل شهادتهم.
  • تصف أحداثاً ومواقع وأفراداً ثابتين في علم الآثار وفي كتابات أخرى.
  • تصف بعض الأحداث التي يعترف الأعداء ضمناً بأنها صحيحة (شهادة الأعداء).
  • تصف أحداثاً وتفاصيل محرجة للكتاب وحتى ليسوع نفسه.

ووثائق شهود العيان هذه الثابتة تاريخياً تروي القصة التالية:

  • يسوع يأتي إلى أورشليم ويزعم أنه المسيا، في الوقت والمكان وبالطريقة التي تنبأ عنها العهد القديم. وهو يعلم حقائق عميقة، ويصنع خمساً وثلاثين معجزة (بعضها معجزات جماعية) ويقوم من الأموات بشهادة العديد من شهود العيان المستقلين.
  • وشهود العيان الذين كانوا يوماً جبناء ومتشككين، يبدؤون بغتة في المجاهرة بإعلان قيامة يسوع أما الاضطهاد والموت. (المضللون قد يموتون من أجل كذبة يظنونها حقيقة، ولكنهم لن يموتوا من أجل كذبة يعرفون أنها كذبة. إلا أن كتاب العهد الجديد كانوا في وضع يسمح لهم أن يعرفوا الحقيقة من جهلة القيامة).
  • في المدينة عينها التي شهدت موت يسوع وحَوَت قبره، تولد حركة جديدة (الكنيسة) وسرعان ما تنتشر بطرق سليمة على أساس الاعتقاد بقيامة يسوع من الأموات. (وهو أمر يصعب تفسيره لو لم تكن القيامة حقيقة. فكيف تنشأ المسيحية في مدينة معادية مثل أورشليم لو كان جسد يسوع قابعاً في القبر؟ كان السلطات الدينية والحكومية المعادية ستظهر الجسد وتكشف زيف المسيحية).
  • آلاف اليهود في أورشليم، ومنهم كهنة فريسيون، يجرون خمساً من أعز معتقداتهم وممارساتهم ويتبعون معتقدات وممارسات جديدة غريبة بعد تحولهم إلى المسيحية.
  • شاول، أشرس أعداء الكنيسة الناشئة، يتحول فجأة إلى الإيمان المسيحي ويصبح من أنشط مناصري الكنيسة. فهو يجوب أصقاع العالم القديم ليعلن القيامة، ويضطهد ثم يستشهد. (لو لم تكن القيامة حقيقة، فلماذا تحول ألد أعداء المسيحية بغتة إلى أعظم قادتها؟ لماذا قبل طوعاً الاضطهاد والموت؟)
  • يعقوب أخو يسوع المتشكك يقتنع فجأة أن أخاه – حسب الجسد – ابن الله، ثم يصير قائد كنيسة أورشليم. ثم يستشهد على يد رئيس الكهنة. (جميعنا يعرف أن أفراد الأسرة قد يكونون أصعب من يمكن إقناعهم بموقفنا الديني. في البداية كان يعقوب هو أخو يسوع غير المقتنع به [يوحنا 7: 5]. فلو لم تكن القيامة حقيقة، إذن لماذا آمن يعقوب فجأة أن أخاه هو فعلاً المسيا، وقد أطلق عليه مؤرخا القرن الثاني أكليمندس وهيجيسيبوس Hegesippus لقب يعقوب “البار”؟ لو لم يكن يعقوب قد رأى المسيح المقام، فلماذا يصبح قائد كنيسة أورشليم ويموت شهيداً؟)
  • أعداء المسيحية من اليهود لا ينكرون الأدلة، ولكنهم يطرحون لها تفسيرات طبيعية معيبة.

د – تأكيدات إضافية: إن مجموعة من مراجع المؤرخين والكتاب القدامى الآخرين تؤكد هذه القصة الرئيسية التي ترويها وثائق العهد الجديد، وعدد من الكشوف الأثرية يؤكد التفاصيل التي تصفها تلك الوثائق.

وعندما تضع الأدلة في الإطار الصحيح، يمكنك أن تفهم لماذا لسنا نملك الإيمان الكافي للشك فيها. ولكن الشك في الشكوكية هو الخيار الأكثر منطقية!

إن الشكوكيين الذين ينظرون إلى النقاط ب – د أعلاه (ونقاطها الفرعية) قد يخلصون إلى أن يسوع لم يقم من الأموات. ولكنهم إن فعلوا ذلك، ينبغي عليهم أن يقدموا أدلة النظرية البديلة التي يمكنها أن تفسر كل هذه النقاط. ولكنهم فشلوا كما رأينا، بل فشلوا فشلاً ذريعاً. فالقيامة هي أفضل تفسير لكل الأدلة.

وبما أنه يوجد إله قادر على الفعل، إذن يمكن أن تكون هناك أفعال يفعلها الله. وعندما يعلن قصد الله مسبقاً، ثم تجد شهادات شهود عيان محكمة وأدلة داعمة تؤكد حقيقة وقوع هذه الأحداث، فإن إنكار هذه الأحداث يتطلب مقداراً من الإيمان أكبر بكثير مما يتطلبه تصديقها.

مزاعم غير عادية وأدلة تنفي نفسها

هناك اعتراضان آخران غالباً ما يطرحهما الشكوكيون ضد القيامة والمعجزات. أولهما يتمثل في المطالبة بأدلة غير عادية.

الأدلة غير العادية: بعض الشكوكيين قد يعترفون أن القيامة ممكنة، ولكنهم يقولون إن تصديقها يتطلب أدلة غير عادية. أي أنه بما أن العهد الجديد يزعم مزاعم غير عادية، كالمعجزات، يجب أن نعطى أدلة غير عادية لنصدق تلك المزاعم. ويبدو هذا الاعتراض منطقياً إلى أن تسأل «ما المقصود بتعبير “غير عادية”؟»

إن كان يعنى أعلى من الطبيعي. إذن الشكوكي يطلب تأكيد القيامة بمعجزة أخرى. كيف يتم ذلك؟ حتى يؤمن الشكوكي بالمعجزة الأولى (القيامة)، يحتاج معجزة ثانية لتأييدها. وآنذاك سيطالب بمعجزة ثالثة لتأييد الثانية، وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية. وبناء على هذا المعيار، لن يؤمن الشكوكي أبداً بالقيامة حتى إن كانت حقيقة. إن مقياس البرهان الذي يجعل تصديق الحدث الحقيقي أمراً مستحيلاً هو مقياس خاطئ.

وإن كان تعبير “غير عادية” يعني قابلاً للتكرار في المعمل، إذن يستحيل تصديق أي حدث تاريخي لأن الأحداث التاريخية غير قابلة للتكرار. ولا يمكن التحقق من إمكانية تصديق الأحداث التاريخية إلا بفحص جودة أدلة شهود العيان وطبيعة الأدلة الجنائية في ضوء مبدأي النمطية والسببية (استعرضنا هذين المبدأين في الفصل الخامس). فضلاً عن ذلك، الملحدون الذين يطالبون بتكرار “المعجزات” الكتابية متناقضون لأنهم لا يطالبون بتكرار “المعجزات” التاريخية التي يؤمنون بها. كالانفجار العظيم، والتولد التلقائي لأول حياة، والماكرو تطور لأشكال الحياة اللاحقة.

وإن كان “غير عادية” يعنى أكثر من “معتادة”، فهذه هي بالضبط نوعية الأدلة المتوافرة عندنا على القيامة. فنحن عندنا وثائق شهود عيان على القيامة أكثر وأقرب لتاريخ القيامة من أي شيء آخر في العالم القديم. فضلاً عن ذلك، هذه الوثائق تشتمل على تفاصيل وشخصيات تاريخية أكثر من أي شيء في العالم القديم. وكما رأينا، لدينا كذلك ما هو أكثر من الأدلة الظرفية العادية التي تؤيد القيامة.

وأخيراً، يمكن تحدي الافتراض المسبق للشكوكي. فنحن لا نحتاج أدلة “غير عادية” لتصديق شيء ما. وهو ما يؤكده الملحدون من منظورهم الفلسفي. فهم يؤمنون بالانفجار الكبير لا لأنهم يملكون أدلة “غير عادية” عليه ولكن لأن هناك أدلة قوية على أن الكون انفجر إلى الوجود من العدم. فالأدلة القوية هي كل ما تحتاجه لتصديق شيء. إلا أن الملحدين ليس عندهم أدلة قوية حتى على بعض معتقداتهم الثمينة. فمثلاً الملحدون يعتقدون في التولد التلقائي والماكرو تطور بناء على الإيمان فقط. ونقول الإيمان فقط لأن التولد التلقائي والماكرو تطور ليس لهما إلا أدلة قليلة أو ربما ليس لهما أدلة على الإطلاق، كما رأينا في الفصلين الخامس والسادس، ومن ناحية أخرى هناك أدلة قوية ضد تلك الاحتمالات.

بالإضافة إلى ذلك، الشكوكيون لا يطالبون بأدلة “غير عادية” على سائر الأحداث التاريخية “غير العادية”. فمثلاً، إنجازات الإسكندر الأكبر (356-323ق.م) من أبرز أحداث التاريخ “غير العادية”. وذلك لأنه رغم أن الإسكندر لم يعش إلى 33 سنة، حقق نجاحاً منقطع النظير. فقد غزا الكثير من العالم المتحضر آنذاك. بدءًا من اليونان، وشرقاً حتى الهند، وجنوباً حتى مصر. ولكن كيف نعرف هذا عن الإسكندر؟ ليس عندنا مصادر من زمن حياته ولا بعد وفاته مباشرة.

وليس لدينا إلا أجزاء من مؤلفين بعد وفاته بنحو 100 سنة. والحقيقة هي أننا نؤسس كل معرفتنا تقريباً عن حياة الإسكندر الأكبر “غير العادية” على ما كتبه المؤرخون بعد موته بثلاثمائة إلى خمسمائة عام! وفي ضوء الأدلة الصلبة على حياة المسيح، أي شخص يشك في تاريخية المسيح عليه أيضاً أن يشك في تاريخية الإسكندر الأكبر. ففي الحقيقة، حتى يكون هذا الشكوكي متسقاً مع نفسه عليه أن يشك في التاريخ القديم كله[10].

 لماذا يطالب الشكوكيون بأدلة “غير عادية” على حياة المسيح ولكنهم لا يطالبون بأدلة كهذه على حياة الإسكندر الأكبر؟ لأنهم مرة أخرى منزعجون من المعجزات. فرغم أن المعجزات ممكنة لأن الله موجود، ورغم أن المعجزات تم التنبؤ بها ثم شوهدت عياناً. فالشكوكيون لا يحتملون أن يعترفوا أن المعجزات حدثت بالفعل. ومن ثم فهم يرفعون مقياس التصديق إلى ارتفاعات شاهقة. وكأن بعض الشكوكيين يقولون: «لن أؤمن بالمعجزات لأني لم أر معجزة. فإن ظهر لي يسوع المقام سأؤمن به». وهذا هو الدليل غير العادي.

مؤكد أنه غير عادي، ولكن هل هو ضروري حقاً؟ هل ينبغي على يسوع أن يظهر لكي شخص في العالم حتى يضفي مصداقية على مزاعمه؟ ولماذا يفعل ذلك؟ لسنا بحاجة لرؤية كل شيء رؤى العين حتى نصدق أن الحدث وقع بالفعل. وفي الحقيقة هذا شيء مستحيل الحدوث مادياً. ولكننا نصدق شهادة الآخرين إن كانوا أهل ثقة، وخاصة إن كانت شهادتهم مؤيدة ببيانات أخرى. وهو ما ينطبق تماماً على شهادة كُتاب العهد الجديد.

فضلاً عن ذلك، كما أشرنا في الفصل الثامن، إن كان الله شديد الانكشاف بسبب فرط تكرار تجلياته المعجزية، فقد يجور على حرية إرادتنا في بعض الحالات. وإن كان غرض هذه الحياة أن نختار اختيارات حرة تعدنا للأبدية، فالله سيزودنا بأدلة مقنعة على وجوده ومقاصده ولكنها ليست أدلة قهرية. إذن من يريدون أن يتبعوا الله يمكنهم أن يتبعوه بثقة، ومن لا يريدون يمكنهم أن يخمدوا الأدلة أو يتجاهلوها ويعيشوا حياتهم كما لو كانت هذه الأدلة غير موجودة.

معجزات تنفي نفسها: جادل الشكوكي الكبير ديفيد هيوم بأن المعجزات لا تستطيع أن تؤكد أي دين لأن المعجزات تقوم على شهادة ضعيفة وهي موجودة في كل الأديان. هو ما يعني أن المزاعم المؤيدة للمعجزات تنفي نفسها. ولكن من سوء حظ هيوم أن اعتراضه لا يصف الواقع الفعلي.

أولاً، هيوم يطلق تعميماً متسرعاً بقوله إن المعجزات المزعومة في كل الأديان متماثلة. فكما رأينا في الفصل التاسع، المعجزات المتصلة بالمسيحية لا تقوم على شهادة ضعيفة. ولكنها تقوم على شهادة شهود عيان مبكرة من مصادر متعددة لا منافس لها في أي ديانة أخرى من ديانات العالم. وهو ما يعني أنه ما من ديانة أخرى في العالم تحتوي على معجزات تم التحقق من صحتها مثل معجزات العهد الجديد.

ثانياً، اعتراض هيوم يسبق اكتشافات العلم الحديث التي تؤكد أن هذا الكون مخلوق (الفصول 3-6). بما أن هذا العالم قد خلقه الله. فالديانات التي تؤمن بالله الخالق الحافظ هي التي يمكن أن تكون صحيحة. والمعجزات التي تؤكد العهد القديم اليهودي تؤكد المسيحية بالتبعية.

أخيراً، تفرد معجزات العهد الجديد، وعددها، وجودتها، لا يمكن تفسيرها بأي شيء إلا بمسبب فائق للطبيعة. لقد صنع يسوع أكثر من ثلاثين معجزة فورية، وفريدة، وناجحة دائماً. بل إن بعضها جاءت نبوات عنه. إن صناع المعجزات المزعومين الذين لا يحققون إلا نجاحاً جزئياً لا يمكنهم سوى إحداث شفاء نفسجسمي، أو استخدام الخداع، أو الإتيان بآيات شيطانية، أو الاعتماد على أحداث يمكن تفسيرها طبيعياً.
الحقيقة أنه ما من شاف معاصر يزعم حتى أنه قادر على شفاء كل الأمراض (بما فيها الأمراض “المستعصية”) فورياً بنسبة نجاح مائة في المائة. ولكن يسوع ورسله فعلوا ذلك. وهو ما يبين طبيعة معجزات العهد الجديد من حيث تفردها وعمل الله فيها مقابل كل ما عداها من مزاعم فائقة للطبيعة. وباختصار، لا شيء “يبطل” معجزات العهد الجديد.

الخلاصة: حياة وحيدة فريدة

في بداية الفصل التاسع قلنا إن هناك سؤالين يجب أن نجيب عنهما لنتحقق من تاريخية العهد الجديد:

1 – هل لدينا نسخ دقيقة من الوثائق الأصلية التي كتبت في القرن الأول؟

2 – هل تلك الوثائق تقول الحق؟

كما رأينا في الأربعة فصور الأخيرة، لدينا أدلة قوية على أن إجابة هذين السؤالين هي: نعم. وهو ما يعني أنه يمكننا أن نتيقن بما لا يدع مجالاً للشك المنطقي أن العهد الجديد موثوق تاريخياً.

ونحن في هذه النقطة لا نقول إن العهد الجديد خال من الأخطاء. فسوف نبحث هذا السؤال لاحقاً. ولكن كل ما نستطيع أن نستخلصه الآن هو أن الأحداث الرئيسية في العهد الجديد حدثت بالفعل منذ ما يقرب من 2000 سنة. فيسوع عاش على أرضنا فعلاً، وعلم، وصنع المعجزات، ومات مصلوباً، ثم قام من الأموات.

إن لم تكن مقتنعاً حتى الآن، فكر في دليل آخر يؤيد ما نقول: تأثير حياة المسيح المذهل الذي يعبر عنه هذا المقطع الصغير من عظة عادة ما تعرف بعنوان “حياة وحيدة فريدة” One Solitary Life:

ولد في قرية مجهولة، ابناً لامرأة ريفية. ونشأ في قرية أخرى حيث عمل في ورشة نجارة حتى بلغ الثلاثين. وبعدئذ صار واعظاً متجولاً لمدة ثلاث سنين.

لم يكتب كتاباً. لم يتقلد منصباً. لم يكون أسرة ولم يكن له بيت. لم يذهب إلى الجامعة. لم يعش في مدينة كبيرة. لم يسافر حتى 300 كيلومتر بعيداً عن محل ميلاده. لم يفعل شيئاً واحداً من تلك الأشياء التي عادة ما تصاحب العظمة. لم تكن عنده أي مؤهلات إلى نفسه.

كان عمره 22 سنة فقط عندما انقلب عليه تيار الرأي العام. ففر أصدقاؤه. وواحد منهم أنكره. وأسلم لأعدائه وتحمل مهانة المحاكمة. وقد سمر على صليب بين لصين. وفي ساعاته الأخيرة، اقترع قاتلوه على ثيابه التي كانت كل ما يملك على الأرض. وبعد موته، وضع في قبر مستعار، بفضل شفقة أحد الأحباء.

[عشرون] قرناً مضت وانطوت، وهو اليوم الشخصية المركزية في التاريخ البشري. ولست مخطئاً عندما أقول إن كل الجيوش التي حاربت على مر التاريخ ولك الأساطيل التي مخرت عباب البحار، وكل البرلمانات التي اجتمعت. وكل الملوك التي ملكت، كل هؤلاء مجتمعين، لم يؤثروا في حياة إنسان على هذه الأرض كما أثرت تلك الحياة الوحيدة، الفريدة.

لو لم تكن القيامة حقيقة، كيف تستطيع هذه الحياة أن تكون الأكثر تأثيراً على مر التاريخ كله؟ لسنا نملك الإيمان الكافي لتصديق أن هذه الحياة الوحيدة الفريدة النابعة من قرية نائية قديمة يمكن أن تكون الأكثر تأثيراً على مر التاريخ كله…. إلا إذا كانت القيامة حقيقة.

[1] رغم عدم إجماع الباحثين على القبر الفارغ. معظمهم (حوالي 75٪) يعتقدون أن القبر كان فارغاً، أما الإحدى عشرة حقيقة الأخرى المذكورة هنا تتمتع بتأييد كل الدارسين.

[2] سنة 1968 اكتشف موقع دفن قديم في أورشليم يحوي نحو خمساً وثلاثين جثة. وقد تبين أن معظمهم عانوا ميتات بشعة في ثورة اليهود على روما سنة 70م. ومنهم رجل يدعى يوحانان بن هجالجول Yohanan Ben Ha’galgol. وكان يبلغ من العمر حوالي أربعة وعشرين عاماً، وكان مشقوق الحنك، وكان مسمار طوله ثمانية عشر سنتيمتراً تقريباً لا يزال في كلتا قدميه. وقد أديرت القدمان للخارج بحيث يمكن دق المسمار المربع في الكعب داخل وتر أخيل. وهو ما يؤدي لتقوس الساقين للخارج أيضاً، بحيث لا يمكن أن يحملا المصلوب. وقد أدخل المسمار في إسفين من خشب السنط، ثم في الكعبين، ثم في عمود من خشب الزيتون.

ووجدت دلائل تبين وضع مسامير مشابهة بين عظمتي الجزء السفلي من الذارعين. وهو ما يؤدي إلى تهرؤ العظام العلوية بينما يرفع الضحية جسمه وينزله باستمرار للتنفس (رفع الذراعين لأعلى يمنع التنفس). فكان على ضحايا الصلب أن يرفعوا أنفسهم لأعلى لفك عضلات الصدر، وعندما تستنزف قواهم ولا يتمكنون من ذلك كانوا يموتون بالاختناق. انظر Norman Geisler, Baker Encyclopedia of Christian Apologetics (Grand Rapids, Mich.: Baker, 1999). 48.

[3] يزعم بعض الشكوكيين أن هذا لم يكن إلا ظهوراً ذاتياً في عقل بولس لأن رفقاءه لم يروا أحداً (أعمال 9) ولا فهموا ما قاله الصوت (أعمال 9: 22). إلا أن هذا الاستنتاج خاطئ لأن رفقاء بولس شهدوا ظاهرة موضوعية: 1) رأوا نوراً حقيقياً، ولكنهم لم يروا شخصاً. 2) سمعوا صوتاً حقيقياً، ولكنهم لم يفهموا ما قاله.

[4] اقتبسها أوريجانوس (185؟-254؟). انظر Habermas. Historical Jesus. كتابات فليجون ليست باقية حتى الآن ولكن أوريجانوس ويوليوس أفريكانوس Julius Africanus اقتبسا منه. وقد يعترض الشكوكيين على استخدام مقولات اقتبسها مسيحيون مثل أوريجانوس، إلا أنه اعتراض غير منطقي. فرغم أننا لا نستطيع أن نتأكد من دقة اقتباس أوريجانوس من فليجون، يمكننا أن نفترض أنه كان دقيقاً في اقتباسه لأن كتابات فليجون كانت غالباً متاحة لقراء أوريجانوس في عصره. ومن ثم لا يعقل أن يبتدع أوريجانوس مقولة فليجون أو يحرفها طالما أنه كان يسهل التحقق منها آنذاك.

[5] ترجمة كتاب الحياة (أعمال 17: 5). (المترجمة)

[6] إن بعضاً ممن يتبنون هذه الفرضية يستندون على “إنجيل برنابا” الذي ثبت أنه إنجيل مزيف. انظر Norman Geisler and Abdul Saleeh, Answering Islam. 2nd cd (Grand Rapids: Mich.: Baker. 2002). Appendix 3.

[7] أدلة تستنتج من الظروف ليست مبنية على معرفة شخصية أو على مشاهدة الوقائع.

[8] مدينة في جنوب غرب فرنسا تعتبر مزاراً كاثوليكياً مقدساً منذ 1858 لأنه يقال إن فتاة صغيرة رأت فيها مجموعة رؤى للعذراء مريم، ويقال أيضاً إن الكثير من معجزات الشفاء تتم فيها.

[9] تذكر مثال الفصل الخامس عن ضرورة توافر إطار للدليل: الرجل الذي يفتح بطن امرأة إما مجرم أو بطل بناء على إطار الحدث. فإن حدث في زقاق وكان الرجل ينوي إيزاءها، فهو مجرم. وإن حدث في غرفة الولادة بأحد المستشفيات، فهو بطل.

[10] طرحت حجة مشابهة بخصوص إنجازات نابليون بونابرت غير العادية في الكتاب الساخر “شكوك تاريخية حول نابليون بونابرت” Historical Doubts Relative to Napoleon Bonaparte بقلم ريتشادر واتليRichard Whately   انظر Morely. Ed, Famous Pamphlets (New York: Routledge, 1890).

هل حقاً قام يسوع من الأموات؟ عندما تتكلم الأدلة

تقييم المستخدمون: 4.83 ( 2 أصوات)