عام

أليس هذا تفسيرك أنت؟ حوار تخيلي مع ملحد

أليس هذا تفسيرك أنت؟ حوار تخيلي مع ملحد

أليس هذا تفسيرك أنت؟ حوار تخيلي مع ملحد
أليس هذا تفسيرك أنت؟ حوار تخيلي مع ملحد

أليس هذا تفسيرك أنت؟ حوار تخيلي مع ملحد

الملحد: حسناً، لقد عدت وقرأت هذا الكتاب كله كما طلبت، ولكني لا أظن أنك نجحت في بناء قضية قوية لصالح المسيحية.

المسيحي: لماذا؟

الملحد: لأنه تفسيرك أنت.

المسيحي: طبعاً هو تفسيري أنا، ولكن ذلك لا يعني أن تفسيري خطأ.

الملحد: أنا أقول إنه خطأ.

المسيحي: هل هذا تفسيرك أنت؟

الملحد: إذن أنت تقلب عليّ الطاولة؟

المسيحي: نعم، كل الاستنتاجات تشتمل على تفسير، بما فيه تفسيرك. ولكن تعرف ما إذا كان تفسيري (المسيحية) خطأ موضوعياً، يجب أن تعرف ما هو صحيح موضوعياً. فما هو إذن ذلك التفسير الصحيح؟

الملحد: ليس هناك تفسيرات موضوعية.

المسيحي: سامحني لأني سأفعل ذلك ثانية. ولكن هذا ذلك تفسير موضوعي؟

الملحد: كف عن ذلك!

المسيحي: أكف عن ماذا؟ عن أن أكون منطقياً؟ أنا فقط استخدم خطية “رود رنر” من الفصل الأول. عندما تقول شيئاً متناقضاً يفند نفسه، أشعر أني مجبر على إبرازه. فكيف يمكنك أن تقدم تفسيراً موضوعياً يقول بعدم وجود تفسيرات موضوعية؟

الملحد: موافق، إذن محتمل أن هناك تفسيرات موضوعية.

المسيحي: نعم هناك تفسيرات موضوعية. رغم أنك قد تفسر الأدلة ثم تستنتج أن المسيحية خاطئة، يمكنني أن أفعل نفس الشيء وأستنتج أنها صحيحة. ولكن بما أن الشيء وضده لا يمكن أن يكونا صحيحين، مؤكد أن واحداً منا فقط على صواب، والآخر مخطئ. فمن على صواب؟

الملحد: أنا.

المسيحي: لماذا؟

الملحد: أنا أعتقد أني على صواب.

المسيحي: ولكن هذا مجرد تأكيد. ينبغي أن تقدم أدلة ولا تكتفي بإطلاق التأكيدات. ونحن في هذا الكتاب لم نطلق تأكيدات تقول بأن المسيحية صحيحة، ولكننا قدمنا أدلة في كل خطوة على الطريق، بدءًا بمسألة الحق وانتهاء بوحي الكتاب المقدس. فما أدلتك على صحة الإلحاد؟

الملحد: الشر والعلم.

المسيحي: تلك ليس أدلة إيجابية على الإلحاد ولكنها مجرد أشياء يعتبرها البعض عقبات تحول دون الاعتقاد في المسيحية. وكما رأينا. وجود الشر لا يدحض وجود الله (الملحق الأول) والاكتشافات العملية تؤيد فعلياً المنظور المسيحي (الفصول 3-6).

الملحد: ولكن إن كانت المسيحية صحيحة، فهي تستبعد العديد من الناس. فمها كان، ملايين الناس ليسوا مسيحيين.

المسيحي: ولكن ذلك لا يحدد ما إذا كانت المسيحية صحيحة أم لا. فمهما كان الحق لا يحدد بعدد من يصدقونه. ولكن الحق يكتشف بالنظر إلى الأدلة، هل تفسيرك (أن المسيحية خاطئة) خطأ بالضرورة لأنه يستبعد ملايين المسيحيين؟

الملحد: لا.

المسيحي: ولا تفسيري أيضاً. بالإضافة إلى أنه كما رأينا عندما تكلمنا عن الشر، المسيحية لا تستبعد الناس، ولكن الناس يستبعدون أنفسهم من المسيحية. الجميع يعرفون أن الله موجود. ولكن لأننا جميعاً نملك إرادة حرة. البعض يختارون أن يخمدوا تلك المعرفة لكي يتمكنوا من اتباع رغباتهم. وبولس يتحدث عن ذلك في رومية أصحاح1.

الملحد: ممكن، ولكني أرى استنتاجك عبارة عن حكم إدانة شديد التطرف. ويجب ألا تحكم.

المسيحي: سامحني مرة أخرى، ولكن إن كان يجب ألا نحكم، فلماذا تحكم عليّ لأني أحكم؟

الملحد: ما هذا يا عم القديس؟ هل تفضل أن تلعب ألعاباً منطقية على أن تصدق ما قاله يسوع؟

المسيحي: ليست لعبة ولكنها ملاحظة عن واقع الأمور. فأنت تناقض نفسك عندما تقول لي: «يجب ألا تحكم» لأن هذه الجملة نفسها حكم. وأنت أيضاً تحكم عندما تقول إن المسيحية ليست صحيحة!

الملحد: موافق. ولكن ماذا عن نقطتي الثانية؟ ألا تصدق ما قاله يسوع؟

المسيحي: لماذا تستشهد بالكتاب المقدس؟ هل تؤمن الآن أنه صحيح؟

الملحد: لا، ولكنك أنت تؤمن به. فلماذا لا تصدق ما قاله يسوع؟

المسيحي: أنا أصدقه. ولكن المشكلة أنك لا تعرف ما قاله. فيسوع لم يوصنا ألا نحكم. ولكنه ببساطة أوصانا ألا نحكم حكماً مرائياً. فقد قال: «لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم» (متى 7: 1، 2). ثم استطرد وقال: «اخرج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك» أي أنك عندما تحكم، لا تحكم برياء. والكتاب المقدس يوصينا أيضاً أن نحكم عندما يقول لنا أن «نمتحن كل شيء» (1تسالونيكي 5: 21)، وألا «نصدق كل روح» (1يوحنا 4: 1) لكن نؤمن بيسوع المسيح لنوال الحياة الأبدية (يوحنا 3: 16).

الملحد: انتهيت؟

المسيحي: لا. عندي نقطة أخرى: مستحيل أن تعيش طويلاً إن لم تحكم بين الخير والشر. فأنت تتخذ مئات القرارات البالغة الأهمية كل يوم التي يمكن أن تضرك أو تنفعك. وعندما تتخذ تلك القرارات تصدر أحكاماً.

الملحد: حسناً. فهمت أن الجميع يحكمون. وأنت تحكم عندما تفسر الكتاب المقدس بهذه الطريقة. فمن الذي يحدد ما إذا كان تفسيرك صحيحاً؟

المسيحي: يجب أن تنظر إلى سياق النص لكي تكتشف معناه الموضوعي.

الملحد: إن كانت التفسيرات الموضوعية ممكنة، فما السر في تعدد التفسيرات المختلفة للكتاب المقدس؟

المسيحي: لماذا يخطئ الكثيرون في مسائل الرياضيات؟ أليس هناك حلول صحيحة للمسائل الحسابية؟

الملحد: اللغة مختلفة. أظن أن هناك الكثير من التفسيرات الصحيحة لنفس الجملة أو الآية الكتابية. وهذا ما يفسر تعدد الطوائف.

المسيحي: إذن أنت تقول إن الجمل يمكن تفسيرها بطريقة واحدة فقط.

الملحد: لا!…. ألم تسمع ما قلته تواً؟ قلت إن العكس تماماً هو الصحيح. هناك الكثير من التفسيرات المقبولة.

المسيحي: إن كان هناك الكثير من التفسيرات المقبولة، فلماذا صححت كلامي لأني أسأت تفسير ما قلته؟

الملحد: هل فعلت ذلك؟

المسيحي: نعم، لقد أخبرتني تواً أني أسأت فهمك. وهذا يعني أنك قلت إن تفسيري خطأ! لماذا فعلت ذلك إن كان هناك الكثير من التفسيرات المقبولة؟

الملحد: لأني أعرف ما أعنيه، وكان يجب أن يكون واضحاً لك.

المسيحي: لك حق. إذن دعني أسألك: لماذا تتوقع من الآخرين أن يعرفوا ما تعنيه أنت عندما تقول جملة تقديرية، ولكن عندما يقول الله جملة تقريرية في الكتاب المقدس، تعطي نفسك الحق أن تصب فيها أي معنى تريد؟

الملحد: حسناً، من المحتمل أن هناك تفسيرات موضوعية. ولكن إن كان الأمر كذلك، فما السر في وجود العديد من الطوائف؟

المسيحي: لنفس السبب وجود الكثير من غير المسيحيين. لا لأنهم لا يدركون الحق، ولكن لأنهم لا يقبلون الحق. أي أننا نؤمن بتقاليدنا ورغباتنا أكثر مما نؤمن بكلمة الله. وهو ما تكلم يسوع ضده بكل قوة (متى 15: 23).

الملحد: حسناً. سأصارحك بكل شيء.

المسيحي: آن الأوان لذلك.

الملحد: مشكلتي الحقيقية مع المسيحية أنها تؤدي إلى رفض الاختلاف. فأنتم المسيحيين تعتقدون كلكم أن عندكم الحق!

المسيحي: ألم تلاحظ أن كل واحد يعتقد أن عنده الحق؟ من يقولون إن المسيحية خاطئة يعتقدون أن عندهم ذلك الحق. حتى من يقولون إن كل الأديان صحيحة يعتقدون أن ذلك هو الحق.

الملحد: موافق، موافق، أنت على صواب. أنا أعتقد أن الألحاد صحيح. ولكني لا أرفض الاختلاف مثل معظم المسيحيين.

المسيحي: حتى إن كان المسيحيون يرفضون الاختلاف، فهذا لا يعني أن المسيحية خاطئة.

الملحد: أنا أدرك ذلك، ولكنها لا تزال مشكلة عملية.

المسيحي: كيف؟

الملحد: لأن من يعتقدون أن عندهم الحق يريدون أن يفرضوا ذلك الحق على الآخرين؟

المسيحي: هل تقصد سياسياً؟

الملحد: نعم.

المسيحي: عندي خبر لك: كل من يعمل في السياسة، بما فيهم كل غير المسيحيين يحاول أن يفرض ما يعتقد أنه الحق. فما هي نقطتك؟

الملحد: نقطتي أن المسيحيين يريدون أن ينزعوا حقوق البشر.

المسيحي: الحقيقة أن المسيحية إحدى المنظورات الفلسفية الحياتية القليلة التي تقدر أن تقدم تبريراً لحقوق الإنسان المطلقة لأنها تؤكد أن تلك الحقوق ممنوحة لنا من الله. وكما أقر مؤسسو الولايات المتحدة، ليس الهدف من الحكومات أن تمنح الحقوق أو تنزعها، ولكن الهدف من الحكومات أن تكفل الحقوق التي يمتلكها الناس أصلاً. وهذا ما أكدناه في إعلان استقلالنا.

الملحد: ولكن ماذا عن قبول الاختلاف؟

المسيحي: المسيحية إحدى المنظورات الحياتية القليلة التي لا تبيح قبول الاختلاف على المستوى الديني فحسب، بل تناصره. فبما أن الله لا يجبر أحداً على الإيمان (الحقيقة أن غرض هذه الحياة هو الاختيار الحر)، معظم المسيحيين يقرون أن الحكومة أيضاً يجب ألا تحاول أن تفرض الإيمان.

الملحد: ولكن أثناء الحملات الصليبية، واضح أن بعض المسيحيين كان لهم رأي مختلف.

المسيحي: ربما سموا أنفسهم مسيحيين، ولكن مؤكد أنهم لم يتبعوا تعاليم المسيح. فيسوع لم يقبل مطلقاً هذا السلوك.

الملحد: أظن أن الحكومة العلمانية الصرف هي الأكثر قبولاً للاختلاف. فمهما كان، البلدان العلمانية في أوربا تتمتع بالحرية الدينية.

المسيحي: تلك البلدان موجودة بالفعل، ولكن معظمها تعيش على بقايا المنظور المسيحي للأجيال السابقة. فما مقدار الحرية الدينية المتاحة في البلدان التي تعلن إلحادها صراحة مثل الصين، أو مقدار الحرية التي كانت متاحة في الاتحاد السوفيتي السابق؟ ليس كثيراً. وإن ذهبت إلى بلاد بعينيها اليوم، ستجد أيضاً أن مقدار الحرية الدينية ضئيل جداً. وعلى حد علمي حتى الآن أن الكنائس ممنوعة في هذه البلاد وبعض البلدان الأخرى تعامل المسيحيين كمواطنين من الدرجة الثانية.

الملحد: قد يكون هذا صحيحاً بخصوص قبول الاختلاف الديني، ولكن معظم المسيحيين لا يقبلون الاختلاف كثيراً بخصوص قضايا أخلاقية معينة.

المسيحي: هل تعتقد أن قبول الاختلاف واجب أخلاقي مطلق؟

الملحد: أنت تحاول ثانية أن تربط الواجبات الأخلاقية بالله. أليس كذلك؟

المسيحي: لأنه ليس هناك ارتباط آخر. كما رأينا في الفصل السابع، ليس هناك واجبات أخلاقية ولا صواب أخلاقي إلا إذا كان الله موجوداً. فلماذا يجب على أي شخص أن يقبل الاختلاف إن لم يكن هناك واجب أخلاقي يحتم قبول الاختلاف؟

الملحد: لأنه الصواب.

المسيحي: هذا تأكيد آخر. بصفتك ملحداً لا يمكنك أن تبرر لماذا يجب على أي شخص أن يقبل الاختلاف.

الملحد: ربما. ولكنك بصفتك مسيحياً تستطيع أن تبرر ذلك. فلماذا لا تؤمن أنه يجب علينا أن نقبل الاختلاف؟

المسيحي: الحقيقة أن أعلى واجب أخلاقي هو الحب، لا قبول الاختلاف. قبول الاختلاف يقول: «سد مناخيرك واحتمل الآخرين». والحب يقول: «اذهب وساعد الآخرين».

الملحد: ما المانع أن تقبل الاختلاف وتحب في نفس الوقت؟

المسيحي: لا مانع، ولكن أحياناً الحب يتطلب ألا تقبل الاختلاف. فمثلاً أليس قبول القتل أو الاغتصاب أو السرقة أو العنصرية ضد الحب؟

الملحد: أظن ذلك.

المسيحي: عظيم، ولكننا خرجنا عن الموضوع قليلاً. فالمسيحية تركز على الخلاص الروحي لا الخلاص الاجتماعي. ورغم أنه من المؤكد أن المسيحيين عليهم واجبات اجتماعية، المسيح جاء ليحررنا من خطايانا، لا ليحررنا من “الرومان”.

الملحد: إن هذا لا يظهر في سلوك بعض المسيحيين اليوم.

المسيحي: تقصد أنه لا تعجبك آراؤهم الكتابية بخصوص القضايا الأخلاقية مثل الإجهاض والجنس المثلي؟

الملحد: نعم.

المسيحي: وأين المشكلة؟

الملحد: ماذا تقصد بأين المشكلة؟ تلك القضايا مهمة بالنسبة لي!

المسيحي: هل تلك القضايا مهمة جداً بالنسبة لك لدرجة أنك مستعد أن تضحي بالحق نفسه في سبيل الاحتفاظ بها؟

الملحد: ما هذا الذي تتحدث عنه؟

المسيحي: القضية هي الحق، لا ما تراه جذاباً على المستوى السياسي أو الشخصي. هل تظن أنه يجب أن تصدق ما هو صحيح؟

الملحد: طبعاً. أي شخص عاقل سيقول نعم!

المسيحي: إذن إن كانت المسيحية صحيحة. يجب أن تؤمن بها بغض النظر عما تظن من تأثيرها على السياسة أو القضايا الأخلاقية أو أي جانب آخر من جوانب حياتك.

الملحد: هذا صعب.

المسيحي: ممكن. ولكن الأصعب كثيراً على المدى البعيد أن تؤمن بالخطأ. والمسيح قال: «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني. فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه؟» هل فعلاً تريد أن تستبدل نفسك الأبدية بمواقف سياسية أو استحسانات شخصية زمنية؟

الملحد: إن كانت المسيحية صحيحة، فهذه هي الخيارات المتاحة أمامي.

المسيحي: نعم. والله يريدك أن تختاره. ولكنه من محبته لك يحترم اختيارك أياً كان. ولكن تذكر أن أي اختيار سيكون له عواقب هنا وفي الأبدية. وهذا ليس مجرد تفسيري أنا.