الردود على الشبهات

عمل الكلمة الخلاصى فى تجسده من اجل الانسان.

اسمع الكثير يتكلم عن هدف تجسد الكلمة انه كان لاستيفاء العدل الالهى حقه على خطايا الناس ونسوا او تناسوا ان تجسد الكلمة كان بالاولى هو من اجل الانسان فكل ما فعله الكلمة فعله لاجل ذاك الانسان كما نقول فى قانون الايمان ” الذى من اجلنا ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس “
فما الذى فعله الكلمة للانسان حينما تجسد؟
وما الضرورة الحتمية ان يكون المخلص هو من جنس الله نفسه ولا غيره؟
استعراض بسيط لعمل الكلمة الخلاصى لاجل الانسان من اقوال الاباء
فقد الانسان الاول كل اتصال وكل شركة قائمة بينه وبين الله , هذا الفقدان اتى بيه الى كل انواع الشقاء الجسدانى والنفسى والروحى لانه انفصل عن مصدر سعادته
صار الانسان ضعيفا وظهر ضعفه فى عجزه امام ابسط امور حياته لانه اصبح وحيدا بلا معينا يقول القديس كيرلس الكبير عن ضعف الانسان وعلاقة تجسد الكلمة بهذا الضعف ” هذا ما قد فعله بارادته من اجلك , فقد بكى بشريا لكى يمسح دموعك , وانزعج تدبيريا تاركا جسده بنفعل بما يناسبه لكى يملأنا شجاعة , ووصف بالضعف فى ناسوته لكى ينهى على ضعفك وقدم بكثرة طلبات وتضرعات للاب لكى يجعل اذن الاب صاغية لصلواتك ” [1]
فكل ما فعله الكلمة تدبيريا كان لاجلك وكل ما اتصف بيه الكلمة من ضعف فى جسده كان لاجل ان يمنح لك قوته حينما يأخذ ضعفك
يقول القديس غريغوريوس النيزينزى فى هذا الصدد ” انه يبكى لكنه يكفكف دموع الاخرين انه بيه وبابخس الاثمان بثلاثين من الفضة ولكنه اشترى العالم كله وباغلى ثمن دم نفسه انه مسحوق ومجروح ولكنه يشفى كل مرض وكل ضعف لقد رفع على خشبة وسمر عليها ولكنه يقومنا بشجرة الحياة انه لقد مات ولكنه احيا الاخرين وابطل الموت بالموت ” [2]
وياتى اعظم ما فعله يسوع الكلمة حينما صار انسانا هو استعلان حب الله العظيم على الخشبة
يقول القديس غريغوريوس النيزنيزى ” لقد اخذ شكل العبد لكى نستعيد نحن الحرية , نزل كلى نرتفع نحن , اهين لكى يمجدنا , مات لكى يخلصنا صعد لكى يجذبنا اليه نحن المنطرحين فى سقطة الخطية “[3]
ويقول القديس كيرلس الاورشليمى ” الرب اخذ منا شبهنا حتى نخلص بمن اتحد بالناسوت , لقد اخذ منا شبهنا حتى يعطى نعمة اكبر لمن تعوزه النعمة لكى الطبيعة البشرية الخاطئة تصير شريكة لله ” [4]
ويقول فى موضع اخر ” الذى مات عن العالم لم يكن مجرد انسان بل هو ابن الله الوحيد لقد استطاعت خطية انسان واحد هو ادم ان تدخل الموت الى العالم فان كان بسقطة انسان واحد قد ملك الموت على العالم فكيف لا تملك الحياة بالاحرى بانسان واحد وان كان الانسان الاول المجبول من التراب اتى بالموت الشامل فالذى خلقه من تراب ألا ياتى بالحياة الابدية اذ هو نفسه الحياة ” [5]
ويقول القديس اثناسيوس الرسولى ” كان الكلمة الكائن فى هذا الجسد ينسبه لنفسه حتى نستطيع نحن ان نشارك لاهوتية الكلمة والعجيب انه هو نفسه كان يتألم ولا يتألم فقد كان يتألم بسبب ان جسده الخاص كان يتألم وكان هو فى هذا الجسد المتألم وكان لا يتألم لان الكلمة كونه الها فهو بطبعه غير متالم فبينما هو غير الجسدى فى الجسد المتألم كان الجسد حاملا فى ذاته الكلمة غير المتألم الذى كان يبطل ضعفات الجسد وقد فعل ذلك وهكذا صارت الامور لكى ياخذ الذى لنا ويرفعه عنا ذبيحة فيبطله عناثم ليعطينا الذى له ” [6]
ويقول القديس ايريناؤس ” ولاجل ذلك غير المحوى وغير المدرك وغير المرئى جعل نفسه مرئيا ومدركا وقابلا للاحتواء من الذين يؤمنون به لكى يحيى الذين يحتونه وينظرونه بالايمان ” [7]
ويقول ايضا ” وبسبب هذا الصلاح الفائق جعل نفسه منظورا لكى يبث الحياة فى الذين يرونه ذلك لانه يستحيل احد ان يحيا بدون الحياة وجوهر الحياة كائن فى الشركة مع الله والشركة مع الله هى فى رؤية الله وتذوق صلاحه اذا فالناس من بعد التجسد يرون الله لكى يحيوا ويصرون بهذة الرؤيا غير مائتين ومتصلين بالله ” [8]
ويقول ايضا ” فانه لهذة الغاية قد صار الكلمة انسانا وصار ابن الله ابنا للانسان لكى يتحد الانسان بالكلمة فينال التبنى ويصير ابن لله فاننا لم نكن نسطتيه بوسيلة اخرى ان نحصل على عدم الفساد والخلود الا باتحادنا بالذى هو عدم الفساد والخلود وكيف يمكنا ان نتحد بالذى هو عدم الفساد والخلود ولو لم يكن هو نفسه اولا قد صار على حالنا فيبتلع الفاسد من عد الفساد ويبتلع المائت من عدم الموت فننال التبنى ” [9]
ويقول القديس غريغوريوس النيزينزى ” هذة هى غاية السر الاعظم من نحونا هذا هو ما يريده الاله الذى تأنس وافتقر من اجلنا لكى يقيم الجسد ويفتدى الصورة ويجدد خلقة الانسان لكى نصير نحن جميعا واحدا فى المسيح ” [10]
ويقول ايضا ” فقد افتقر باخذ جسدى لكى اغتنى انا بلاهوته الذى هو الملء قد افرغ نفسه , افرغ نفسه من مجده الى حين لكى يجعلنى انا شريكا فى ملئه كنت شريكا فى صورته ولم احافظ على الصورة والان قد اشترك فى جسدى ليجدد فىّ هذة الصورة بل ويجعل جسدى ايضا خالدا ” [11]
واختم بالعظيم بين الاباء الارثوذكيين البابا اثناسيوس الرسولى ” لقد اخذ لنفسه جسدا بشريا مخلوقا لكى يجدده بصفته هو خالقه فيؤلهه فى نفسه وبذلك يقودنا نحن جميعا الى ملكوت السماوت بمشابهه ذلك الجسد فما كان الانسان ان يتاله لو كان اتحد بمخلوق اى لو لم يكن الابن الها حقا وما كان الانسان ان يدخل الى حضرة الاب لو لم يكن الذى لبس جسدا هو كلمة الاب الحقيقى بالطبيعة هكذا ما كان الانسان يتاله لو لم يكن الكلمة الصائر جسدا هو كلمة الاب الخصوصى الحقيقى بحسب الطبيعة لاجل ذلك صار مثل هذا الاتحاد لكى يوحد الذى له طبيعة اللاهوت ذلك الذى بطبيعته مجرد انسان فيصير خلاصه وتاليهه مضمونين “[12]
عزيزى لم يصر الكلمة انسانا لكى يسدد فقط ديون خطيتك امام العدالة الالهية ويفتح لك المراحم الالهية فقد صار الكلمة انسانا لكى يحمل ضعفاتك ياخذ ما لك ويعطيك ما له يجدد طبيعتك الفاسدة يبتعلك من الفساد ويؤله طبيعتك فيه ويدخل بيك الى حضرة ابيه كمتقدم عنك فى كل شئ صعد على صليب الجلجلثة ليميت الخطية فى ذبيحة نفسه
الكلمة غير مائت صار مائتا لكى يميت من الذى مات بالخطية ويعيد له الحياة لانه هو ينبوع الحياة
كل هذا ما فعله الكلمة ليس من اجله ولا من اجل حل مشكلة وقفت امامه لكنه من اجلك انت لكى يستعلن لك حقيقة واحدة هى محبة الله اللامتناهية للبشرية التى قادت ابن الله ان يخلى ذاته من مجد الالوهة ويشترك معنا فى بشريتنا لنشاركه طبيعته الالهية …………..
((هو تأنس لكى نتأله نحن وهو صار ظاهرا بواسطة الجسد لكى نقبل نحن فكر الاب غير المنظور )) اثناسيوس الرسولى [13]

————————————————————————-
[1] الدفاع عن الحروم الاثنى عشر ضد ثيؤودوريت

[2] عظة 20:29

[3] العظة الاولى عن القيامة

[4] عظات للموعظين15:12

[5] عظات للموعظين 2:13

[6] الرسالة الى ابيكتيتوس :6

[7] ضد الهرطقات 5:4

[8] ضد الهرطقات 6,5:4

[9] ضد الهرطقات 1:19:3

[10] عظة 23:7

[11] عظة 9:45

[12] ضد الاريوسيين 70:2

[13] تجسد الكلمة 4,3:54