أبحاثإلحاد

هل يأتي شيء من لا شيء؟ – هناك إله – كيف غير أشهر ملحد رأيه؟ – أنتوني فلو

هل يأتي شيء من لا شيء؟ – هناك إله – كيف غير أشهر ملحد رأيه؟ – أنتوني فلو

هل يأتي شيء من لا شيء؟ - هناك إله - كيف غير أشهر ملحد رأيه؟ – أنتوني فلو
هل يأتي شيء من لا شيء؟ – هناك إله – كيف غير أشهر ملحد رأيه؟ – أنتوني فلو

هل يأتي شيء من لا شيء؟ – هناك إله – كيف غير أشهر ملحد رأيه؟ – أنتوني فلو

Did Something Come From Nothing?

في أحد المشاهد الأخيرة من فيلم «صوت الموسيقى» The Sound of Music، تعترف ماريا التي لعبت دورها جولي أندرو وكابتن فون تراب الذي لعب دوره کریستوفر بلمر، يعترف كل منهما بحبه للأخر. كل منهما كان متفاجئا بحب الأخر له، وتسألا كيف حدث ذلك الحب، ولكنهما على ثقة أنه جاء من مكان ما، وأخذا يغنيان «ليس هناك شيء جاء من لا شيء، لا شيء يمكنه ذلك»[1].

ولكن هل هذا صحيح؟ أم يمكن أن يأتي شيء من لا شيء؟ وكيف يمكن أن يؤثر هذا السؤال على فهمنا للكيفية التي جاء بها الكون للوجود؟ هذا هو موضوع البحث العلمي الملتزم في مجال الكونيات، وكذلك فيما يخص الحجة الكونية في الفلسفة. في كتاب «فرضية الإلحاد»، عرفت الحجة الكونية على أنها الحجة التي تبدأ من فرضية وجود الكون، وأقصد بالكون القائم الذي جاء إلى الوجود بسبب كائن آخر (أو ذاك الذي يمكن أن يكون سببا لوجود بقية الكائنات).

 

الكون النهائي The Ultimate Universe

في كتاب «فرضية الإلحاد» والكتابات الإلحادية الأخرى، جادلت بأن علينا أن نأخذ الكون نفسه وأكثر قوانينه الأساسية باعتبارها أمورة نهائية. كل نظام تفسير يجب أن يبدأ من نقطة ما، ونقطة البداية هذه لا يمكن تفسيرها من داخل النظام. لذا لا محالة، أن كل الأنظمة من هذا القبيل تشتمل على الأقل على بعض الأساسيات التي لا تفسر ذاتها. وهذه النتيجة تأتي من الطبيعة الأساسية التفسير المتعلقة بالسؤال: لماذا يوجد شيء ما على الحالة التي هو عليها.

لنفترض على سبيل المثال، أننا لاحظنا أن الطلاء الأبيض الجديد الموجود فوق الموقد أصبح لونه بنياً متسخاً، وبعد أن بحثنا عن السبب، اكتشفنا أن هذا ما يحدث عادة عند تفاعل مثل هذا النوع من الطلاء مع هذا النوع من المواقد. وتقدمنا خطوة ثانية في معرفة السبب، فعلمنا أن هذه الظاهرة يمكن تفسيرها على أساس إطرادات أوسع وأعمق لتركيب كيميائي: فحين يتفاعل الكبريت المتصاعد من لهب الموقد مع شيء ما في الطلاء فإنه يعمل على تكوين مركب كيميائي، وأن هذا هو السبب في تغير لون الطلاء. وبعد البحث أكثر اكتشفنا وجود قذارة في مطبخنا، وهي إحدى النتائج التي لا تعد ولا تحصى المترتبة على نظرية الذرية – الجزيئية atomic -molecular theory لتكون المادة. هكذا هو الحال في عملية التفسير، ففي كل مرحلة نفترض بعض الأمور كحقيقة مسلمة، وهذا هو حال الأشياء.

في مناظراتي مع المعتقدين بوجود إله، شاهدت كيف أنهم يصلون إلى هذه المرحلة التي لا مفر منها. مهما فكر الموحدون، لتفسير شيء ما، من خلال إرجاعه إلى وجود وطبيعة الإله، فلا يمكنهم تفادي أخذ تلك الحقيقة بوصفها نهائية وجوهرية وتتجاوز التفسير. ولا يمكنني رؤية كيف يمكن أن يعرف شيء ما ضمن كوننا، أو يُحدس عقلانياً، بوصفه يشير إلى واقعية ما متعالية تقبع خلف، فوق، أو تتجاوز. إذا لماذا لا نأخذ الكون ومعظم معالمه الأساسية بوصفها هي الحقيقة النهائية.

الآن، معظم النقاشات التي عرضت لها فيما سبق لا تستند إلى التطورات الحادثة في مجال الكونيات. في الحقيقة، أن إثنين من كتبي الرئيسية ضد اللاهوتية كتبتهما قبل وقت طويل من ظهور نظرية الانفجار الكبير أو قبل عرض حجة التوافق Fine -tuning argument المنبثقة من فكرة الثوابت الفيزيائية Physical constants. ولكن مع بداية الثمانينات من القرن الماضي، بدأت بإعادة النظرة في كلا الفكرتين. وقد اعترفت آنذاك بأن على الملحدين أن يشعروا بالإحباط من الإحصاءات الكونية الحديثة، حيث بدا أن علماء الكونيات يقدمون الدليل العلمي على ما قاله القديس توما الأكويني من أنه يصعب على الفلسفة إثباته، يعني أن للكون بداية.

 

في البداية In The Beginning

عندما تعرفت كملحد على نظرية الانفجار الكبير، بدا لي أنها سوف تحدث فارقاً كبيراً لأنها تقول بأن للكون بداية، وأول جملة في سفر التكوين تذكر أنه «في البداية خلق الإله السموات والأرض»، وكانت مرتبطة بما حدث في الكون.

طالما أن الكون يمكن أن لا يكون بلا نهاية فحسب، بل أيضا بلا بداية، فيبقى من السهل أن ترى وجوده (ومعظم معالمه الرئيسية) كحقائق مسلمة. وإذا لم يكن هناك أي سبب يدعو للاعتقاد بأن الكون بداية، فإنه لا حاجة لافتراض وجود شيء ما خلق كل شيء كمصادرة. ولكن نظرية الانفجار الكبير غيرت كل شيء. فإذا كان للكون بداية، فإنه يصبح من المشروع تماما، بل لا مفر من، إثارة السؤال عن الذي أنتج هذه البداية. وهذا ما يغير الوضع بشكل كامل.

وفي نفس الوقت، توقعت أن الملحدين سوف يرون أن فكرة الانفجار الكبير تتطلب تفسيراُ فيزيائياُ، وهو ما قد لا يكون متاحاً للبشر. ولكن أعترف أيضا بأن المعتقدين بالإله يمكن أن يرحبوا بشكل منطقي بفكرة الانفجار الكبير باعتبارها تميل لتأكيد اعتقادهم المسبق بأنه «في البدء» الكون كان قد خلق بواسطة الإله.

يبدو أن علماء الكونيات المعاصرين مرتبكين، كما هو حال الملحدين، في إمكانية أن تتضمن اكتشافاتهم نتائج لاهوتية. وكنتيجة لذلك، ابتكروا طرقا للهروب تحافظ على الوضع الإلحادي القائم. ومن ضمن هذه الطرق فكرة الأكوان المتعددة، أي العدد الهائل من الأكوان الذي نشأ من أحداث متقلبة من الفراغ اللانهائي، أو ما يسمى بالكون المكتفي بذاته حسب تعبير ستيفن هوكينز.

 

إلى أن تحين البداية Until A Beginning Comes Along

كما ذكرت سابقا، لم أجد أن فكرة الأكوان المتعددة مفيدة. وقلت أيضا بأن التعاطي مع فرضية الأكوان المتعددة كمصادرة هو بديل يائس. إذا كان وجود کون واحد يحتاج إلى تفسير، فإن وجود أكوان يحتاج إلى تفسير أكبر بكثير، وعندها يتضاعف حجم المشكلة بمقدار عدد الأكوان الكلي. هذا الوضع يبدو مثل طفل صغير لا يصدق معلمه ادعاءه بأن الكلب أكل كراسة واجبه المدرسي، فيستبدل ذلك بالادعاء بأن مجموعة من الكلاب أكلت کراسة واجبه.

أخذ ستيفن هوكنج اتجاهاً أخر في كتابه «ملخص لتاريخ الزمان». فقد كتب هوكنج قائلا «إنه إذا كان بإمكاننا أن نفترض وجود بداية لهذا الكون فإنه بإمكاننا كذلك أن نفترض وجود خالق لهذا الكون. ولكن إذا كان الكون في الواقع مكتفي بذاته، وليس له حدود، فإنه لن يكون له بداية ولا نهاية، فهو موجود وانتهى الأمر. إذا هل بقي مكان للخالق؟»[2]. في عرضي للكتاب بعدما تم نشره، أشرت إلى أن الاقتراح المتضمن في نهاية السؤال لن يساعد إلا في اللجوء إلى غير الإلهي. وتناسقاً مع هذه الخاتمة، قلت: الذين ليسوا من علماء الفيزياء النظرية، سيكونون مجبرين على أن يردوا، مثل بعض الشخصيات في مسلسل برودواي (مسلسل فكاهي): «إذا لم يكن الانفجار الكبير هو البداية، فإنه سيظل كذلك على الأقل حتى تظهر بداية أخرى». بدا على هوكينج على الأقل شيء من التعاطف مع هذا الرد، حيث قال «إن تمدد الكون لن يمنع من وجود الخالق، ولكنه سوف يزيد فقط من الوقت اللازم لإنجاز عمله»[3].

كتب هوكينز أيضاً قائلاً: «قد يقول قائل إن الزمان بدأ مع الانفجار الكبير، وهذا ببساطة يعني أن الزمان قبل الانفجار الكبير لا يمكن تحديده»[4].

استنتجت من هذا النقاش أنه حتى لو اتفقنا على أن الكون بدأ مع الانفجار الكبير فإن الفيزياء يجب أن تظل لاأدرية بشكل قاطع، فمن المستحيل من الناحية الفيزيائية اكتشاف من الذي سبب الانفجار الكبير من المؤكد أن الإيحاء بأن الكون المتغير باستمرار في مقابل التصرف في الكون الثابت الخامل إلى الأبد يحدث فارقا في المناقشة. لكن المغزى من القصة في نهاية المطاف هو أن القضايا المطروحة قضايا فلسفية وليست قضايا علمية، وهو ما يعيدنا إلى الحجة الكونية.

 

شيء ما أكبر من أن يفسره العلم Something Too Big For Science To Explain

ديفيد هيوم هو الناقد الفلسفي الأساسي للحجة الكونية لوجود الإله. وعلى الرغم من أنني اتفقت مع حجج هيوم في كتبي السابقة، إلا أنني بدأت في التعبير عن شكوكي حول منهجه. على سبيل المثال، كنت قد أشرت في مقال في كتاب تذكاري للفيلسوف تيرينس بينلهم Terence Penelhum أن بعض فرضيات تفكير هيوم أسفرت عن أخطاء قاتلة. وهذه الأخطاء تشمل أطروحته في أن ما نسميه «أسباباً» ليست سوى نوع من «تداعي المعاني» أو الافتقار لمثل هذا التداعي. قلت إن أصل -أو على الأقل التحقق من صحة -تصوراتنا السببية، والأسس التي يفترض أن تبنى عليها معارفنا السببية، تستند إلى وفرة وتكرار النشاط التجريبي لمخلوقات مكونة من لحم ودم، وفاعلة في عالم العقل -المستقل mind -independent world (تجربة محاولة سحب ودفع أشياء، والنجاح في سحب أو دفع بعضها وعدم النجاح مع البعض الأخر، وتجربة التساؤل ماذا سيحدث لو»، وماذا عن التجريب وبالتالي الاكتشاف من خلال التجربة «ماذا يحدث عندما»). يبدو لي الأمر، أن الخبرة التجريبية تتمثل في أننا كفاعلين نتعرف، ونطبق، ونصحح فكرة السبب والمسبب، ونحدد ماذا نعني بمصطلح ضروري ومصطلح مستحيل. توصلت في النهاية إلى أن محاولة هيوم الخيالية لن توفر لنا بوصلة لتحديد معاني للسبب والمسبب وقوانين الطبيعة»[5].

ولكن في كتاب ديفيد كونواي «إعادة اكتشاف الحكمة»، وطبعة عام 2004 من كتاب ريتشارد سوينبيرن «وجود الإله» وجدت ردودا متفاعلة من نقد هيوم و(كانت) للحجة الكونية. تناول كونواي بشكل منهجي كل اعتراضات هيوم على سبيل المثال، يعتقد هيوم أنه لا يوجد سبب لوجود أي سلسلة من الكائنات المادية وراء مجموع كل عضو من أعضاء هذه السلسلة. إذا كانت هناك سلسلة لا بداية لها لكائنات غير ضرورية الوجود، فإن ذلك يعد سببا كافيا للكون ككل. رفض كونواي هذا الاعتراض على أساس أن «التفسيرات السببية لأجزاء من -من هذا القبيل-بلغة الأجزاء الأخرى، لا يمكن أن تضيف شيئا إلى التفسير السببي للكل، إذا كانت المفردات المذكورة كأسباب هي مفردات يحتاج وجودها في ذاته إلى تفسير سببي». لنفترض أن هناك فيروس كمبيوتر قادر على تكرار نفسه في أجهزة كمبيوتر متصلة بشبكة. حقيقة أن ملايين الكمبيوترات المرتبطة بالشبكة قد أصيبت بالفيروس، لا يفسر بذاته وجود فيروس يكرر نفسه.

وفيما يتعلق بحجة هيوم ذاتها، كتب سوينبيرن:

«السلسلة اللانهائية ككل لن تقدم لنا تفسيرا على الإطلاق، لأنه لن يكون هناك أسباب من أعضاء السلسلة تقع خارج هذه السلسلة. في هذه الحالة، سيكون وجود الكون على مر الزمن اللانهائي حقيقة قاهرة متعذرة التفسير. سيكون هناك تفسيراً (بلغة القوانين) للسؤال: لماذا يستمر موجود ما بالوجود؟ ولكن ما سيتعذر تفسيره هو استمرار الكون في الوجود في الزمان اللامتناهي. وجود الكون المادي المعقد عبر زمن متناهي أولا متناهي «أكبر بكثير» من قدرة العلم على التفسير»[6].

 

الحاجة إلى عنصر إبداعي The Need For A Creative Factor

إذا كان ردنا على نقد هيوم كافيا، يصبح من الممكن تطبيق الحجة الكونية في سياق علم الكونيات الحديث. يجادل سوينبيرن بأننا يمكن أن نفسر الأوضاع state of affairs فقط بلغة أوضاع أخرى. القوانين بحد ذاتها غير قادرة بشكل كافي على تفسير هذه الأوضاع، وكتب سيونبرن يقول «إذا لم يكن لدينا قوانين في بداية الكون لأنه لم يكن هناك أوضاع قبل ذلك فإنه لا يمكننا تفسير الكون»[7]. إذا كان هناك قانون معقول لتفسير بداية الكون، فلا بد أن يقول لنا شيئا ما مثل الفراغ المكاني يقود بالضرورة لظهور الطاقة -المادة». وهنا «الفراغ المكاني» هو ليس عدماً بقدر ما هو «مفردة معرفة»، شيء ما موجود هناك. هذا الاعتماد على القوانين للحصول على الكون الذي بدأ من «الفراغ المكاني» يطرح أيضاً سؤالاً: كيف أن الطاقة -المادة matter -energy نتجت في الزمن الصفري t0 وليس في زمن أخر.

أظهر فيلسوف فلسفة العلم جون ليزلي John Leslie أن أياً من التكهنات الكونية المألوفة اليوم لا يمنع من احتمال وجود الخالق. وقد تكهن عدد من علماء الكون بأن الكون نشأ من «العدم». في عام ۱۹۷۳، وضع إدوارد تریون Edward Tryon نظرية مفادها أن الكون كان يتذبذب في فراغ في فضاء أكبر. وجادل ليزلي بأن الطاقة الكلية للكون كانت صفرا، لأن الجاذبية التي تمسك طاقة الكون هي كمية سلبية في معادلات الفيزياء.

باستخدام نهج آخر، تكهن كل من جيم هارتل Jim Hartle، وستيفن هوكينغ Stephen Hawking، وأليكس فيلكن Alex Vilenkin بأن الكون الكمي-المتذبذب quantum -fluctuated جاء من العدم. «العدم» عبارة عن حالة خاصة من الرغوة الزمكانية الفوضوية مع ارتفاع خيالي في كثافة الطاقة. تكهن أخر (من هوكينغ) يقول «إن الوقت يصبح أكثر فأكثر مشابه للمكان في الأوقات الأولى من الانفجار الكبير». |

يعتقد ليسلي أن هذه التكهنات لا علاقة لها بالموضوع، ويقول «بغض النظر عن كيفية وصفك للكون باعتباره موجودا منذ الأزل، أو باعتباره قد انتظم من خارج الزمان والمكان، أو وجد في الفضاء من دون زمان، أو أنه بدأ بشكل كمي ضبابي حيث لم تكن هناك نقطة بداية، أو أنه نشأ عندما كانت الطاقة الكلية صفراً -فإن الناس الذين يرون أن المشكلة في حدوث وجود هائل نتج من شيء ما بدلا من حدوثه من لا شيء، سوف يكونون أقل ميلا إلى أن المشكلة قد حلت».

إذا كانت لديك معادلة تحسب بدقة احتمال وجود شيء من الفراغ فإنه سوف يظل عليك أن تسأل لماذا تنطبق هذه المعادلة في هذه الحالة بالذات. في الحقيقة، لاحظ هوكنج أنه يجب علينا أن ندخل على المعادلات عنصر إبداعي.

في مقابلة بعد وقت قصير من نشر كتابه «موجز في تاريخ الزمان»، أقرهوكينج بأن نموذجه ليس له أي تأثير على وجود الإله. عندما نقول بأن قوانين الفيزياء هي التي حددت كيف بدأ الكون، فكأننا نقول إن الإله لم يختر «أن يسلك الكون بصورة اعتباطية لا نفهمها. ولكنها لا تقول شيئا عن أن الإله موجود أو غير موجود-فقط تقول إنه ليس اعتباطياً»[8].

 

حجة استقرائية جيدة A Good C-Iinductive Argument

تم إعادة صياغة الحجة بلغة كونية حديثة. ولكن ليسلي وجد أن ذلك غير مرضي. لاحظ ليسلي أن بعض الناس يدعون بأن وجود الكون في أي لحظة معينة يمكن تفسيره على أساس حقيقة أنه وجد قبل ذلك الوقت وهلم جراً إلى ما لا نهاية. وهناك علماء فيزياء يعتقدون بأن الكون وجد خلال زمن لا نهائي، إما من خلال سلسلة من الانفجارات أو كجزء من حقيقة التمدد الأبدي الذي أوجد أكوان الانفجار الكبير. في حين أن أخرين يقولون إن الكون وجد من زمن محدود بطريقة حساب معينة، ولكنه وجد من زمن لا متناهي بطريقة حساب أخرى.

وردا على هذه الآراء، أكد ليسلي على «أن وجود سلسلة لا متناهية من الأحداث الماضية لا يمكن أن يعد تفسيراً ذاتياً حين يتم تفسير كل مرحلة من خلال المرحلة التي تسبقها». «إذا كانت هناك سلسلة من كتب الهندسة التي نعتقد بأن كل منها نسخ مما سبقه، فنحن بذلك نظل نحتاج إلى إجابة مقنعة عن سبب وجود هذه الكتب من الأساس، فالسلسلة بأكملها تحتاج إلى تفسير». وأضاف ليسلي قائلا: فكر في آلة زمن تسافر إلى الماضي حيث لا يوجد أحد صممها أو صنعها. وجود مثل هذه الأداة يمثل دوران للتفسير الذاتي، وحتى لو كان السفر خلال الزمان معقولا، فإن التفسير الذاتي لن يكون معقولا[9].

يلخص ريتشارد سوينبيرن Richard Swinburne عرضه للحجة الكونية بالقول: هناك فرصة بأن، الإله إذا كان موجودا، فإنه سيخلق تعقيد ومحدودية الكون. إنه من غير المرجح أن يكون الكون قد وجد بلا سبب، ولكن من المرجح جدا أن الإله وجد بلا سبب. ولذلك فإن حجة وجود الكون سوف تحيل إلى وجود الإله بنوع جديد من أنواع الاستقراء». في نقاش جرى حديثا مع سوينبيرن، لاحظت أن توصيفه للحجة الكونية صحيح من ناحية أساسية. وبعض معالم الحجة تحتاج إلى تعديل، إلا أن هذا التفسير يقود إلى وجود الكون. حجة ريتشارد سوينبيرن الكونية توفر تفسيراً واعداً، ولعله في النهاية أصح التفسيرات.

 

[1]  “Something Good, music and lyrics by Richard Rodgers, 1965.

[2] Stephen Hawking, A Brief History of Time (New York: Bantam, 1988), 174.

[3] Antony Flew, Stephen Hawking and the Mind of God” (1996), http://www. infi dels.org/

library/modern/antony_fl ew/hawking. html.

[4] Hawking, A Brief History of Time, 9.

[5] Antony Flew, “The Legitimation of Factual Necessity,” in Faith, Scepticism and Personal Identity, ed. J. J. Macintosh and H. A. Neynell (Alberta: University of Calgary Press, 1994), 111-17

[6]Richard Swinburne, The Existence of God (Oxford: Clarendon, 2004), 142

[7] Richard Swinburne, “The Limits of Explanation,” in Explanation and Its Limits, ed. Dudley Knowles (Cambridge: Cambridge University Press, 1990), 178-79

[8] John Leslie, Infinite linds (Oxford: Clarendon, 2001), 194-95

[9] Leslie, Infi nite Minds, 193-94.