أبحاث

إنجيل يهوذا الابوكريفي؟ ماذا تعرف عنه؟ أين تم إكتشافه؟ وما هي سماته الاساسية – جيمس بيشوب

إنجيل يهوذا الابوكريفي؟ ماذا تعرف عنه؟ أين تم إكتشافه؟ وما هي سماته الاساسية – جيمس بيشوب

إنجيل يهوذا الابوكريفي؟ ماذا تعرف عنه؟ أين تم إكتشافه؟ وما هي سماته الاساسية - جيمس بيشوب
إنجيل يهوذا الابوكريفي؟ ماذا تعرف عنه؟ أين تم إكتشافه؟ وما هي سماته الاساسية – جيمس بيشوب

إنجيل يهوذا الابوكريفي؟ ماذا تعرف عنه؟ أين تم إكتشافه؟ وما هي سماته الاساسية – جيمس بيشوب

أين تم اكتشافه؟ وما هي سماته الأساسية؟

تم العثور على إنجيل يهوذا في مصر. في أواخر عام 1970 ميلادياً. كان اكتشاف هذا الإنجيل مذهل للعلماء وللناس لأنه تحدث عن شخصية يهوذا الإسخريوطي بشكل مختلف عن الشكل المذكور في الاناجيل القانونية الاربعة المعروفة. فقد تحدثت الاناجيل القانونية عن خيانة يهوذا للرب يسوع لكن الشكل الجديد الذي أتى به إنجيل يهوذا هو تصوير يهوذا التلميذ المستنير والأقرب والمفضل للمسيح. (1)

متى كتب الانجيل والي أي زمن يعود؟

نحن نعرف أن يهوذا الإسخريوطي هو التلميذ الخائن الذي خان معلمه خلال نهاية خدمته . ولم يكتب يهوذا الإسخريوطي نص هذا الإنجيل. وقد حدد معظم العلماء تاريخ هذا الإنجيل الأبوكريفي بانه يعود لمنتصف القرن الثاني الميلادي (2)فنجد فجوة بعيده بين وجود يهوذا الارضي أي في حياته وبين كتابه هذا الإنجيل المنسوب إليه. فمن الصعب الزعم أن يهوذا هو من كتب هذا الإنجيل. (إلا اذا كان عمره قد بلغ 150 سنة او نحو ذلك عندما ابتدئ يكتب إنجيله.

تم تحديد تاريخ هذا الإنجيل بالاعتماد على ما جاء في سرد احد أباء الكنيسة وهو إيريناؤس اسقف ليون الذي كتب خمس كتب بعنوان ضد الهراطقة. حوالي سنة( 180 ميلاديا).فيشير إليه إيريناؤس في ذكره لاحد الفرق الدينية الكثيرة التي يعارض تعاليمها قائلاً

“falsify the oracles of God, and prove themselves evil interpreters of the good word of revelation. They also overthrow the faith of many, by drawing them away, under a pretence of [superior] knowledge, from Him who founded and adorned the universe; as if… they had something more excellent and sublime to reveal” (3)

مكذبين اقوال الله، ليثبتوا على انفسهم انهم مفسرين أشرار للإعلان السار، كما انهم يدمرون إيمان كثيرين جاذبين اياهم بعيدًا عن الذي أنشأ وزين العالم بادعائهم بمعرفة فائقة، كما لو أن لديهم شيء اسمى وأرفع ليعلنوه.

كمصدر تاريخي لا يمكن الاعتماد على كلام إيريناؤس لتحديد تاريخ الإنجيل. لأنه يستخدم احيانا تعبيرات تختص بالحرب الكلامية. مما يصعب فهم كلامه عن ماذا يتكلم هل يتكلم بالحقيقة أم يلمح على مجموعة معينه؟

 بعيداً عن إنجيل يهوذا. نجد أن الأناجيل القانونية مرقس ومتى ولوقا ويوحنا مؤرخة من قبل العلماء في أواخر القرن الأول. فكما نعرف أن إنجيل مرقس هو الأقدم وإنجيل يوحنا هو الأحدث فيرجع إلى سنة 90 م وبالتالي كانت هذه الأناجيل على مقربة من زمن المسيح وخدمته. لكن فيما يتعلق بالموثوقية التاريخية لنص إنجيل يهوذا هل يمكن الاعتماد عليه كمصدر موثوق عن يسوع يقول المؤرخ David Frankfurter “

“It is unlikely that the Gospel of Judas contains a separate or more authentic picture of Judas than the canonical story”

من الصعب جدا أن يحتوي إنجيل يهوذا على صورة مختلفة أو اكثر موثوقية عن يهوذا المذكور في الاناجيل القانونية (4) لماذا يعتقد دافيد فرانكفيرتر بهذا؟ يجب أن نرى الأسباب.

أولا المسيح المذكور في إنجيل يهوذا

ينظر إنجيل يهوذا للمسيح من واقع غنوصي وهي نظرة تختلف عن محتوي الأناجيل القانونية. فنجد فيه العديد من المواضيع الغنوصية مثل. المعرفة الحدسية الباطنية واحتقار الجسد والافضلية لشخص واحد أو تلميذ واحد. وهذه سمات الكتب الغنوصية.

من هم الغنوصيون اذاً؟

نحن نعرف انه خلال القرن الثاني الميلادي نشأت العديد من المجموعات المسيحية. كان بينهم نوعاً من المنافسة فكل مجموعة ارادة ان تضع لنفسها تفسيراً خاص للمسيحية والمسيح. في هذا السياق نجد ان الغنوصية قد ازدهرت من القرن الثاني إلى سنة 381 م. وضعفت في عهد الإمبراطورية الرومانية تحت حكم ثيودوسيوس الأول. فلذلك العلماء يصنفون إنجيل يهوذا انه من ضمن النصوص التي أنتجتها الجماعة الغنوصية. فنري في هذه الكتابات ارتباط بعضهم ببعض مع ببعض الأفكار مِثل مَثل كتاب يعقوب الأبوكريفي 1.1.8-14 وكتاب يوحنا الأبوكريفي 2. 1. 1 – 5 وإنجيل توما الأبوكريفي)

فنجد ان لديهم مفهوم خاص عن الخلاص. ان الخلاص لا يأتي من خلال المسيح وقيامته لكن من خلال المعرفة الباطنية السرية التي قالها المسيح لتلاميذه المختارين. المفاجأة أن عنوان إنجيل يهوذا يسمي بالإنجيل السري الذي تكلم به يسوع إلى تلميذه يهوذا الإسخريوطي.

وتم اختيار اسم لهذا الإنجيل الأبوكريفي مميز وهو اسم يهوذا ويصور هذا الانجيل يهوذا كالبطل لأنه يخون المسيح ويجعل بقية التلاميذ الاخرين بشكل ادني. على سبيل المثال نجد ان المسيح يضحك على تلاميذه عندما اجتمعوا في العشاء الاخير لانهم شاركوه الطقس دون ان يعلموه بالحقيقة. وضحك المسيح عليهم جعلهم غاضبين. Codex Tchacos 34

وبحسب الإنجيل الأبوكريفي من الواضح لم يكن أيًا من التلاميذ قوياً بما يكفي للوقوف امام المسيح باستثناء يهوذا. يهوذا لا يقف أمام المسيح فحسب بل يتكلم بإعلان مثل قوله ” اعرف من تكون ومن اين اتيت. انت Barbēlō (باربيلو) أتيت من العالم خالد (Codex Tchacos 35).

ذكر يهوذا ان يسوع قادم من باربيلو. يتطلب منا فهم لقصة الخلق الشيثية  الغنوصية الموروثة والمعروفة في الفكر الغنوصي ويعتقد العلماء أنها خلفية لنص يهوذا . وان إنجيل يهوذا الابوكريفي هو نص شيثي. وهو يقوم على الأساطير الشيثية. فعلي الرغم أن سفر التكوين يعلم أن هناك اله واحد عظيم قد خلق الكون إلا أن الغنوصيين كانوا يعتقدون أن هذا الخالق شرير يدعي Ialdabaoth or Saklas

ومن خلال قول يهوذا أن المسيح أتى من عالم باربيلو يعني انه جاء من الله الاسمي في حين ان التلاميذ كانوا يعبدون الاله الشرير سكلاس ايلدابوث.

ونجد في هذا الانجيل الأبوكريفي انه يتم تقديم يهوذا بوضوح على انه يمتلك معرفة وفهم اعلي من التلاميذ الآخرين. فالمسيح يرشد يهوذا إلى الابتعاد عن الاخرين حتي يتمكن من إخباره اسرار الملكوت. ولم يقتصر الأمر على تعليم يهوذا أسرار الملكوت ولكن احتوي النص الابوكرفي ان للتلاميذ الأحد عشر الاخرين بداخلهم نويا الاله الشرير في هذا العالم.

ويقدم إنجيل يهوذا اعتراض على الإفخارستيا. يزعم ان القربان المقدس يقدم للإله الشرير. وثانيا يتم تقديم هذا الامر من خلال تلاميذ غير صالحين والمسيح يضحك على التلاميذ المنشغلين في الإفخارستيا. (34:4-6)

ما مدى موثوقية إنجيل يهوذا في موضوع يسوع التاريخي؟

نجد ان الإجماع يقول أن نص إنجيل يهوذا لا يمكن الاعتماد عليه كمصدر موثوق عن يسوع التاريخي. وبالتأكيد ليس مصدر مستقل لأنه لا يوجد أي ارتباط بينه وبين الأناجيل القانونية. فعلي سبيل المثال يذكر إنجيل يهوذا الأموال التي اقتناها يهوذا مقابل الدم وهذا الامر موجود من قبل في إنجيل متى 27 : 3 – 10

وفقاً للباحث Thomas A. Wayment وهو باحث في العهد الجديد في جامعة بريغهام يونج. ان إنجيل يهوذا اخذ الحقائق المعروفة من الأناجيل القانونية التي تسبقه. فنحن نعرف انه تم كتابته في وقت متأخر عن هذه الأناجيل. فمن غير المرجح انه كنص يحتوي على موثوقية تخص يسوع التاريخي او تلاميذه (5)

كما انه ليس مصدر مبكر حيث يرجح انه بعد موت المسيح بحوالي 150 عام. لذلك فهو لا يصنف كمصدر مبكر مثل كتابات العهد الجديد. بالإضافة إلى الأدلة الرومانية واليهودية الأخرى التي تعود جميعها خلال المائة سنة من حياة المسيح.

من المهم ان نلاحظ اختلاف صورة المسيح في إنجيل يهوذا عن الأناجيل القانونية. فهناك اختلاف بين المسيح المذكور في إنجيل يهوذا وبين المسيح المذكور في الأناجيل القانونية. فيسوع في إنجيل يهوذا يضحك على تلاميذه. ونجد أن التلميذ الأقرب للمسيح هو يهوذا وهذا الأمر غير موجود في إنجيل مرقس ومتى ولوقا.

هناك ايضا اختلافات كثيرة عن الأناجيل القانونية. مثل تجاهل يهوذا الخبز والخمر الذين هم جسد ودم المسيح. بينما إنجيل يهوذا يتجاهل هذا عمداً لان الدم والخمر يشير إلى جسد المسيح المادي. فيتم الاستبعاد لان الجسد المادي مكروه ومحتقر في الغنوصية.

علاوة على هذا ان تركيز نص إنجيل يهوذا على حوار المسيح مع تلاميذه ويهوذا. وهذا الامر له قيمة تاريخية ضعيفة. فهو يذكر ملخصاً صغيراً عن خدمة يسوع العظيمة وهي الاهم من حوار المسيح مع تلاميذه. فلم يهتم بحفظ تاريخ المسيح وخدمته والتركيز عليها. وهو ما يمكن تفسير ان إنجيل يهوذا كان أطروحة غنوصية لم تكن تهتم بيسوع التاريخي (6)

يقول Wayment ان شخصيات إنجيل يهوذا هي مجرد تأليف للمؤلف والمعلومات التاريخية الوحيدة عن علاقة يسوع بتلاميذه مستمده من نصوص العهد الجديد القانونية (7).

ورغم ذلك على الرغم من الانتقادات المتعلقة بموثوقية هذا الإنجيل التاريخية. فان إنجيل يهوذا يقدم لنا معلومات مهمة عن المسيحية الغنوصية في القرن الثاني والثالث. لذلك له أهمية في فهم تطور الفكر الغنوصي وفهم المعتقدات التي تم صياغتها فيما بعد عن يسوع التاريخي. تكمن معظم قيمته في حث العلماء على طرح العديد من الأسئلة المهمة مثل. ما هو الدافع وراء قيام مجموعة مسيحية بتكوين صورة مغايرة عن يسوع التاريخي. ؟لماذا يريدون تغير أحداث حياة التلاميذ الثابتة في الأناجيل القانونية؟ نتعلم أيضا أن إنجيل يهوذا كشف لنا عن رؤية الغنوصيون للمسيح في سياق اوسع بالنسبة للكون. وأعطاني معلومات عن نظرة بعض المجموعات الغنوصية لموت المسيح.

المراجع References

  1. Frankfurter, David. 2007. “An Historian’s View of the Gospel of Judas.” Near Eastern Archaeology 70(3):174-177.
  2. Wayment, Thomas. 2006. “The “Unhistorical” Gospel of Judas.” Brigham Young University Studies 45(2): 21-25
  3. Irenaeus. 180. Against Heresies, l. preface. 1, 2.
  4. Frankfurter, David. 2007. Ibid. p. 174; also see Wayment, Thomas. 2006. Ibid. p. 26.
  5. Wayment, Thomas. 2006. Ibid. p. 23.
  6. Wayment, Thomas. 2006. Ibid. p. 24.
  7. For an overview of Gnostic thought see Rudolph, Kurt. 1987. Gnosis: The Nature and History of Gnosticism. San Francisco: Harper and Row; Jonas, Hans. 1963. The Gnostic Religion: The Message of the Alien God and the Beginnings of Christianity. Boston: Beacon.