مُترجَم

كفارة المسيح – ترجمة: توفيق فهمي أبو مريم

كفارة المسيح – ترجمة: توفيق فهمي أبو مريم

كفارة المسيح - ترجمة: توفيق فهمي أبو مريم
كفارة المسيح – ترجمة: توفيق فهمي أبو مريم

كفارة المسيح – ترجمة: توفيق فهمي أبو مريم

 

تقبع في صميم أعماق المسيحية عقيدة في غاية الأهمية هي عقيدة الكفّارة.

يلخص بولس الرسول، محامي العقيدة السليمة، الايمان المسيحي بعبارات موجزة فيقول:

فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ 3 خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ،

وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ 4

كورنثوس الثانية 15: 3 – 4

 

على الرغم من أن بولس الرسول يعتبر أن جزء من البشارة هو المسيح القائم من الأموات، لكنه يعطي في المقام الأول الأهمية لحقيقة موت المسيح عن خطايانا.

بغض النظر عن حقيقة أن قلة من القادة الدينيين يرفضون بشدة عقيدة الكفّارة، وأن موت يسوع المسيح كان تضحية ضرورية لفداء البشر، فإننا نستند على أرضية صلبة من النص الكتابي لبحث هذا الموضوع العظيم.

كلمة كفّارة في الصيغة الرسمية للكتاب المقدس هي مصطلح خاص بالعهد القديم. تظهر فقط مره واحدة في العهد الجديد في رومية 5: 1 وتترجم ” مصالحة “.

ان اقتراح فكرة الكفّارة لا يأتي من وحي الخيال، لأن كلمة كفّارة تعني أن موت المسيح الكفّاري يصالح الخاطئ مع الله ويعيده له.

يكفِّر هنا تأتي بمعنى يقدم تعويضاً. في الكتاب المقدس الكفّارة مرتبطة بخطية الإنسان. أمر الله إسرائيل بتخصيص يوم في السنة، العاشر من الشهر السابع، وأسماه يوم الكفّارة.

لاويين 16: 29 – 30، 23: 27 – 28

كان الشعب يحضر ذبيحة خطية، حيوان بريء كأضحية يسفك دمه لتحقيق الكفّارة. لاويين 16: 27

يقول الرب: لأَنَّ نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ، فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ، لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ.

لاويين 17: 11

بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَة. عبرانيين 9: 22……

سنلقي الضوء في هذه الدراسة على التعليم الكتابي الذي يوضّح أن موت المسيح وسفك دمه هو عمل يكفّر عن خطايا البشرية.

يجدر بنا تذكير أنفسنا عند الخوض في هذا الموضوع المهيب، أن موت يسوع المسيح على الصليب في الجلجثة هو حقيقة تاريخية.

وصلت الى يدي بعض الكتب الخيالية (يقول الكاتب) عن موت المسيح. تميل غالبا تلك الكتب الى جر القارئ الى حالة شعرية خيالية خطرة من الحلم واللاواقعية.

لكن العقيدة السليمة تتعامل مع حقائق وليس خيال. يذكر العهد الجديد وحده ما يقارب مائتا مرة موت المسيح. ومع أن اللاهوتيين يختلفون في معنى الصليب، لكن موت الرب اعتبر حقيقة تاريخية عبر تاريخ الكنيسة.

يقبل بعض اللاهوتيون حقيقة موت المسيح، وفي نفس الوقت يقولون صراحة أن الكفارة ليست عقيدة ولا هي نظرية أو عقلانية.

نؤمن أن الانسان تجدّد وتم فداءه وصولِح مع الله، وتمت مسامحته وتبريره وتبنيه، ليس بعقيدة الكفّارة بل بالكفّارة نفسها بتضحية وموت ربنا يسوع المسيح كبديل عنّا.

لا نستطيع أن نطمح بأن نغطي كل جوانب هذا الموضوع العظيم من خلال هذه الدراسة المختصرة، لكننا سنوضح بعض أساسيات الكفّارة ليكون للمؤمنين قاعدة صلبة تدعم إيمانهم.

 

نظرية إيرونيّوس للكفّارة:

عبر التاريخ تم تحدي كل عقائد الكتاب المقدس العظيمة، كتب بروفيسور معروف في جامعة مشهورة كتابا بعنوان “الحياة البشرية ليسوع “

The human life of jesus

ينكر فيه صراحة ً تعاليم الكتاب المقدس بالكفّارة، ويقول:

” أجرؤ على الاقتراح، بعدم موافقتي على الفهم المتبع بشكل كبير بأن يسوع قصد أن الخطية والقبر يتم العفو عنهم عبر الإيمان به”

ويكمل بأن يقول إن يسوع نظر الى صَلبه كمجرد ” تضحية رمزية درامية ” وأن فكرة ” التوبة بالإنابة لم تظهر في تعاليمه “.

ويعترف بأن ” ملكوت السماوات يجب أن يُشترى بثمن، لكن على كل واحد منا أن يدفع هذا الثمن بنفسه “

هذه الأفكار هي مجرد أفكار بشرية وليس هناك ما يدعمها في النص الكتابي على كل حال.

كتب قائد ديني اخر، اشتُهِر لرفضه العلني للنظرة التاريخية المسيحية للكفّارة، ” الأب الذي يجب مصالحته على أبناءه، والذي يجب تهدئة غضبه، والذي يُشترى عفوه، هو ليس أب يسوع المسيح….لا تزال تستخدم ترانيم على نطاق واسع تخلد نظرية أن الله يعفو عن الخطاة لأن يسوع اشترى هذا العفو بطاعته والامه. لكن العفو المدفوع الثمن ليس عفواً “

للإنسان العادي قد تبدو هذه النظرة منطقية، لكنها محاولة للتعتيم على فهمه كي لا يفهم وجهة نظر الله عن الكفّارة.

ويمكن اعتبار نظريات ايرونيوس هذه انها ببساطة عبارة عن محاولة إحياء أفكار أقدم.

والأكثر تصديقا من نظريات إيرونيوس هذه عن الكفّارة هي ” نظرية التأثير الأخلاقي ” والتي تم تعميمها عبر هنري فان دايك واخرون. وتنظر الى موت المسيح على أنه عرض درامي صمم ليثير في الانسان حب الله، وليترك أثر أخلاقي لدى الإنسان.

وتستثني الفكر الكتابي الذي ينادي بالالام بالإنابة والفداء، وينظر الى أن دور الكفّارة أنه مجرد الهام واقناع البشر لفعل الصواب.

ويفسر عمل المسيح على الصليب على أنه عمل استشهاد لسبب محق، وهو يقتصر على كونه المثال الأنقى للتضحية بالنفس.

وأن المسيح هو مجرد مثال وليس مخلّص حيث أن موته لم يكن تكفير. وأن لا حاجة لأي تضحية عن الخطية حيث أن الله الساكن في السموات لن يكون قاسيا على خليقته على الأرض.

 تنص نظرية التأثير الأخلاقي على أن الله هو أب لجميع البشر، وأنه لا يحاسب الإنسان على الخطيئة.

لنكن حذرين من مثل هذه النظرة المشوّهة والتي تناقض عقائد التجديد والفداء وعقائد أساسية أخرى في الايمان المسيحي.

لن تكفي مشاعر التأثر بألم المسيح وحده ليكفر لأحد الخطأة عن خطيته ويعيده لله. يجب أن يتم سداد دين الخطية، والمسيح قد دفع على صليب الجلجثة.

 يقول: Dr Loraine Boettner د. لورين باوتنر

 ” لا يتعب أبدا المحامون عن نظرية التأثير الأخلاقي عن السخرية من فكرة أن الله يجب استرضاءه. يتجاهلون العقيدة الكتابية التي تقول أن الاثار الذاتية للخطية على قلب الانسان تنفره من الله وتجعله غير قادر على الانجذاب لأي دوافع محقة مهما كانت قوية.

إنهم لا يرون شرخاً لا يمكن عبوره بين الله القدوس والإنسان الخاطئ، وبالنتيجة لا يوجد سبب لإرضاء العدالة الإلهية.”

نظرية شائعة أخرى عن الكفّارة تعرف باسم ” النظرية الحكومية ” تم ابتكارها على يد القانوني الشهير هيغو غروتيوس في بدايات القرن السابع عشر.

Hugo Grotius

اشتقت النظرية الحكومية بشكل كامل من وجهة نظر قانونية ولذلك يعجب بها الكثيرون. جوهر هذه النظريه أن القانون الإلهي والقانون الحكومي واجبيّ النفاذ. وهي تعترف بأن الإنسان خاطئ، لكن الله المحب الساكن في العلا لا يرغب بمعاقبة الخطأة، وبنفس الوقت لا يستطيع أن يسمح أن تنتهك كرامة ورفعة قوانينه.

وهنا يوجد عناصر من الحقيقة في هذه النظرية، وهي أن القانون مقدس، وأن الخطية لا يجب أن تمر بلا عقاب، وأن ” النظام الذي يحكم الكون يستمر فقط إذا احترم الإنسان القانون. ولكن وتبعاً ل

غروتيوس فإن السبب الوحيد لموت المسيح هو لإظهار معاداة شريعة الله للخطيئة، وأن العقاب الذي تكبده المسيح كان لمجرد ترك تأثير في الاخرين يشدد على أهمية الحفاظ على القانون.

وبالنتيجة النهائية، عوقب المسيح للحفاظ على الشكليّات، وليبقي على هيبة النظام والقانون فقط.

ويكمن ضعف النظرية الحكومية في حقيقة أنها لا تجعل الخطأة يشعرون بمدى سوء الخطية بنظر الله، وأن المسيح، في موته وضع خطايا الخاطئين على نفسه. ويظهر الله وكأنه يعاقب شخصاً بريئاً ومحقاً لمجرد أن يترك انطباعا عند الاخرين.

هذه النظرية تحاول أن تجعلنا نؤمن بأن ” الصليب مجرد رمز صُمِم ليعلمنا مدى كراهية الله للخطية ” وهذا يجعل علاقة الخطأة بعذابات ربنا علاقة عامة وليست شخصية، وأن المسيح اشترى مجرد عفو عام عن كل البشر. لكن النظرية الحكومية تبطل وتفقد صدقيتها أمام التعاليم الصريحة للعهد القديم والجديد.

 

 تفسير الكفّارة

من المهم أن نعرف عند محاولتنا تفسير الكفّارة الدافع وراء موت المسيح. لم يعلم الكتاب المقدس مطلقا أن المسيح مات كشهيد عاجز.

هؤلاء الذين لم يفهموا ويقدّروا عمل يسوع المسيح لأجلنا، لم يفهموا أيضاً موضوع طبيعة وتأثير الخطيّة على الإنسان.

تُعلم الكثير من نصوص الكتاب المقدس أن كفّارة المسيح هي تكفير عن خطية البشر، وبالتالي فالخطية هي التي جعلت الكفّارة ضرورية.

تجسد المسيح لكي يموت عن خطية البشر، هل كان ابن الله سيتجسد في حال لم يخطئ الإنسان؟ هذا ما لا نعلمه ولا ننوي أن نخمّن.

يكفينا أن نعلم أن الخطية أوجبت الصليب في تجربة ابن الله.

على الرغم من التعليم الخاطئ في العلم المسيحي (في بعض الأحيان)، فوجود الخطية حقيقة لا يمكن انكارها. ويظهر الكتاب المقدس حقيقة طبيعة الخطية ويكرس العقوبة. منذ سقوط ادم، رزحت الانسانية جمعاء تحت ثقل ومرارة عقوبة الخطية. وتشهد تجارب الحياة اليومية أن هناك خطب ما في حياة الانسان. ولا يُلام الله الآن على الشر الرهيب الموجود في العالم. هو ببساطة خلق الانسان بإرادة حرّة، وأفسد الانسان الامتيازات التي مُنِحت له.

عندما كان جريفيث روبرتس كبيراً لأساقفة بانجور قال:

 Griffith Roberts was Dean of Bangor

” كان من الأفضل لآدم أن تكون يداه حُرّتان لأخذ الثمرة المحرمة، من أن تبقى يداه كل الأيام مقيدتان خلف ظهره “

الحريّة هي من أعظم بركات الله للإنسان، ودخلت الخطية للعالم عندما أساء الانسان استخدام امتياز الحريّة.

حازت مشكلة الشر على اهتمام المفكرين لعصور طويلة. مع كل حرب، مجاعة، وباء، خسارة كبيرة في الأرواح، ظهر السؤال: ” إن كان إله الرحمة والحب موجودا، لماذا سمح بألم ومعاناة البشر ؟ ” دعونا لا نظن السوء بعلاقة الله بالحزن والمعاناة المرتبطة بمشكلة الشر.

يظهر النص الكتابي أن الشيطان هو سبب استمرار الشرّ على الأرض:

 “فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ.” أف 6: 12

تظهر الأخلاق والأحكام الأخلاقية لنا نحن البشر أن الإنسان تحت سيطرة قوة شريرة.

كل الخطية هي خطة الشيطان الشريرة بغرض جعل الانسان يتصرف بشكل مستقل عن الله.

أَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. يوحنا الأولى 3: 8

وهو سيطر على نظام العالم بما أنه: الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ

كورنثوس الثانية 4: 3-4

كل الذين لا يطيعون الله قيل عنهم أنهم: أبناء المعصية. أفسس 2:2 2: 17 -18 ويحد من تأثير كلمة الله. مرقس 4:15

تم تحذير المؤمنين ليقاوموا الشيطان. يعقوب 4: 7

وممارسة أعلى درجات الحيطة والحذر لئلا يعثروا ويقعوا في فخاخ ابليس. 1 تيموثاوس 3: 6

 سيطر الشيطان على قايين عندما قتل أخاه هابيل. 1 يوحنا 3: 12

هو أغوى داود ليحصي أبناء اسرائيل. أخبار الأيام الأول 21: 1

هو ألهب حماس يهوذا الإسخريوطي ليخون يسوع مقابل ثلاثين من الفضة. يوحنا 13: 2، 27

أعمى عقل بطرس عن ضرورة موت المسيح الكفّاري. متى 16: 22 – 23

سعى إلى زعزعة إيمان بولس بإلحاق معاناة جسدية بالرسول العظيم

2 كورنثوس 12: 27

هذه فقط أمثلة بسيطة تظهر عبئ الخطيئة والمعاناة الهائلة الناتجة عن الشيطان.

 إن مسألة الخطيئة وآثارها الفظيعة تجبرنا على التفكير وذلك إذا أردنا أن نمتلك فهماً كافياً للكفّارة. كان قضاء الله منذ البدء أن نتيجة الخطية موت. ليس موت جسدي فحسب والذي هو انفصال النفس عن الجسد لكن أيضا الموت الروحي أي الانفصال الأبدي للإنسان ككل عن الله. تكوين 2: 16 – 17، رومية 6: 23.

ولأن الجميع أخطأوا. رومية 3: 23، 5: 12. نتيجة لذلك يجب أن يموت الكل لأن عدل الله يستوجب أن تدفع العقوبة. فالخطية تسيء لقداسة الله، وبالضرورة تستوجب غضبه المقدس. فحيث هناك خطيئة لا يمكن تجنب غضب الله. الكثير من الآيات تتحدث عن غضب الله

الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ. يوحنا 3: 36

لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. رومية 1: 18

لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذِهِ الأُمُورِ يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ. أفسس 5:6

غضب الله مختلف تماما عن مشاعر غضب الانسان الخارجة عن السيطرة، لكنها مشاعر مقدسة وسخط عادل ضد الخطيئة

وبسبب الحقيقتان العظيمتان، قداسة الله وخطية الانسان. تبرز الكفّارة كضرورة مطلقة اذا أراد الخطأة أن يُعفى عنهم ويُحضروا الى الله.

عندما يكون عندنا إدراك حقيقي لقداسة الله، سندرك تماما حقيقة الخطية، وعندما نرى الخطيّة على حقيقتها، سندرك بشكل كافي معنى الكفّارة.

السبب الوحيد لاستياء الناس عند الوعظ عن الصليب هو لأنهم ليس لديهم الشعور الكافي بالفرق بين الخطية وقداسة الرب.

عندما يرفض الانسان مواجهة الخطية، سيجد أن من السهل الاستغناء عن ما يعلمه الكتاب المقدس عن موت المسيح الكفّاري.

تعريف الخطية بحسب اعتراف ويستمنستر ” أي رغبة بعدم تطبيق أو التعدي على قانون الله ” وهذا ربما من أفضل تعريفات الانسان المعروفة للخطية. يقول الكتاب المقدس:

وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ. رومية 14: 23

وهذا يعني أن كل فكر وفعل يصدر من الانسان وهو ليس عملا ناتجا عن فكر وفعل ايمان بالله وبإرشاد الله فهو خطية.

الخطية قد تُرتكب عن جهل، لكنها تبقى خطية. قد لا ينتج عقوبة قاسية عن خطية الجهل كما هو الحال عند ارتكاب الخطية طوّعا وبكامل الارادة. ورغم ذلك فإن كل الخطايا قابلة للعقاب وتستوجب العقاب.

نعلم من الكتاب المقدس أن الانسان قد يخطئ بطرق شتى، ولنلقي نظرة على بعضها:

قد يخطئ الانسان بالفكر: فِكْرُ الْحَمَاقَةِ خَطِيَّةٌ. أمثال 24: 9

طُمُوحُ الْعَيْنَيْنِ وَانْتِفَاخُ الْقَلْبِ، نُورُ الأَشْرَارِ خَطِيَّةٌ. أمثال 21: 4

رغبات الانسان المعروفة فقط لله قد تكون خطية، قال يسوع:

وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. مت 5: 28

عندما يتعلم الانسان فعل الخير ويرفض أن يطيع، يرتكب خطية.

فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ. يعقوب 4: 17

ولكن الخطية الأكبر هي رفض الرب يسوع المسيح. يقول يسوع عندما يأتي الروح القدس:

 وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ

أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. يوحنا 16: 8-9

 رحمة ومحبة الله غير محدودة ولا مثيل لها. لكن تبقى عقوبة الخطية واجبة السداد. لذلك، فمن الماضي السحيق، قبل تأسيس العالم، قرر وخطط الله عمل الكفّارة ليقدمها لخلائقه المخدوعين من ابليس. لو لم يكن هناك خطة موجودة وخالدة في الفكر الإلهي، لكانت البشرية بلا رجاء. وكذلك قُضي الأمر في الفكر الإلهي أن أحد الأقانيم الآب والابن والروح القدس سيقدم نفسه كبديل إلهي مكان الخاطئ. كان ابن الله الأزلي هو هذا البديل. وهذا تطلب أن يأخذ البديل لنفسه جسدا بشرياً. ولذلك:

الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا. يوحنا 1: 14

اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَد. 1 تيموثاوس 3: 16

أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ 2 كورنثوس 5: 19

 

و حيث أن عمل الكفّارة والذي يحمل الخطية، هو عمل الثالوث الآب والابن والروح القدس، ( يوحنا الأولى 3: 16، 4: 10، عبرانيين 9: 14 )، ورغم ذلك كان الابن هو من غادر مجد السماء و:

 فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا

6 الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ 7 لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ.

8 وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. فيليبي 2: 5 – 8

لا يوجد تفسير آخر للكفّارة غير حقيقة أن الإبن الأزلي لله، بلا لوم، الذي لم يعرف خطية ولم يرتكب خطية.

لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ. 2 كورونثوس 5: 21

فعندما سُفِك دمه على الصليب، استطاع الله الرحيم المُحِب، أن يطهّر ويعفو عن الخطأة. لأن البديل الإلهي حمل عنهم عقوبة الخطيّة. يكره الله الخطيّة ويعاقب عليها، لكنه يحب الخطأة، ولكي يفدي هؤلاء الذين أحبهم:

الرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. اشعياء 53: 6

لا يوجد تفسير شافي للكفّارة بمعزل عن أن المسيح أتى الى العالم لكي يموت مكان الخاطئ، كما قال:

كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ. متّى 20: 28

سبق فأخبر عن موته وفسّر الغرض منه بشكل كامل. كان جزء أساسياً من الخطة الإلهية ليبرّر الخطأة المدانين.

مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِق أعمال 2:23

في الواقع هذا هو قلب العهد الجديد

 

 

تأثير عمل الكفّارة

قُدِمت الكفّارة عن الخطية لكل الناس في كل مكان. عقيدة الاختيار أسيئ فهمها من الكثيرين لتعني لهم أن المسيح مات من أجل قلّة من المختارين الذين أعطوا له من الآب والذين تم اختيارهم منذ الأزل ليكونوا شعبه.

صحيح أن الكفّارة، التي صنعها الله نفسه، وهي ملكه وحده، وهو يملك السيّادة المطلقة لاختيار ما يصنع بها. وأكثر من ذلك ندرك أن من خلال الكفّارة أصبح الطريق مفتوح لله ليسامح ويفدي كل من يختار أن يدعوه. ويملك الحق والامتياز ليخلص القليلين أو الكثيرين أو حتى كل الجنس البشري أو من يعتبره مناسباً.

الله وحده هو مخلص البشر، ونعلم من معرفتنا ومن الكتاب المقدس، ومن ما نشاهده في العالم، أنه لا يخلص الكل.

ولكن فيما يتعلق بمدى تأثير الكفّارة فإن من غير الصحيح القول أن المسيح مات فقط من أجل الذين رآهم الله مناسبين ليخلصهم.

أكدّتُ مرارا ً وتكراراً على ايماني بسيادة الله المطلقة، أن لا شيء يحدث أو ممكن أن يحدث دون ارادته. لكنّ الايمان بسيادة الله لا يعني أن الله يتصرف اعتباطياً بلا أسباب صالحة، أسباب صالحة وموزونة، بحيث لا يمكن بأي حال أن يفعل غير ذلك. أي نظرة للسيادة الإلهية تتضمن تصرفاً اعتباطيا ً في ارادة الله ليست فقط مناقضة للكتاب لكنها منافية للمنطق.

يملك الله القدرة في سيادته ليبيد مخلوقاته متى أراد، لكن من غير الوارد أو الكتابي أن نقول على الأقل، أن السيادة الإلهية تدين بعض الناس بشكل تعسفي وفي استبداد شديد قد ترسلهم إلى بحيرة النار.

أنا أؤمن أيضاً بسابق علم الله، أي أن الله يعلم مسبقاً الأحداث المستقبلية قبل وقوعها وأن التاريخ سيتبع علم الله بأحداث المستقبل. ولأن علم الله المسبق كامل فهو يعرف مصير كل انسان منذ الأزل.

لكن هذا لا ينفي بأي حال من الأحوال الارادة الحرة للإنسان.

معرفة الله المسبقة لا تعني ابدا أن الله يقول اعتباطياً ” أنا أعلم ما أفعل ” هو بالتأكيد يعلم ما يفعل لكن في مسألة قبول الانسان أو رفضه ليسوع المسيح كمخلّص، من العادل فقط أن نضيف أن الله يعلم ماذا سيفعل الشخص بخصوص هذا.

 

كالفن Calvin

حقيقة معرفة الله المسبقة الكاملة لوضع الفكرة المغلوطة استخدم

عن محدودية الكفّارة. قال أن: ” الله متناقض بإرسال المسيح للموت لهؤلاء الذين لن يؤمنوا وهو يعلم مسبقاً بخسارتهم “

بعد موت كالفن كتب آخرون بنفس فِكره.

يقول أحدهم في محاولة توضيح مقولة كالفن ” مع أن الإنسان لا يتوقع ما يعرف أنه غير ممكن الحدوث، فمثلا إن عرف أنه لو دعا ثلاثين شخصاً الى مأدبة، أن عشرين سيقبلون الدعوة وعشرة لا، ورغم ذلك يبقي المأدبة كافية للثلاثين، هو يتوقع فقط عشرين وسيحضّر فقط لهؤلاء. ألا يخدع الذين يعترفون بمعرفة الله المسبقة أنفسهم بأن يقولوا أن المسيح مات من أجل الناس جميعاً، ألا ينسب هذا حماقة لمن تُعتبر طرقه كاملة ؟ ألا يظهر الله وكأنه يسعى يائساً أن يفعل ما لن يحدث وكأنه يتصرف بحماقة “.

لكن هل الكاتب هنا استعمل مثالاً توضيحيا مقنعاً ؟ لا أعتقد ذلك!

عندما دعا الله كل الناس للخلاص، كانت التحضيرات واحدة لو قبل قليلون أو كثيرون أو الكل الخلاص.

كانت الكفّارة ضرورية لخاطئ واحد أو مليون. لو قبل فقط عشرة بالمئة من الجنس البشري يسوع المسيح كمخلص فهو لم يمت عبثاً، ليس هناك خسارة، عدد الذين سيقبلون أو سيرفضون المسيح ليس له علاقة بتحضيرات ذبيحة الحمل منذ تأسيس العالم.

الإيمان بمعرفة الله المسبقة لا يتطلب الإيمان بإدانته التعسفية لبعض مخلوقاته، هذه وجهة نظر متطرفة حول محدودية الكفّارة.

وجهة نظر أخرى لخلاص المسيح هي فكرة الكونيّة.

و تقدم الكونيّة فكرة متطرفة عن ذبيحة كفّارة غير محدودة التأثير، بمعنى أن المسيح مات عن جميع البشر وأنه حتماً كل البشر سيخلصون، ان لم يكن في هذه الحياة ففي تجربة مستقبلية لاحقة.

كان تأثير وجهة النظر هذه قويا وناجحا لشعور الكثيرين، وهو ايمان قديم ربما من عمر المسيحية.

تقول الكونية ” نؤمن بإله واحد، طبيعته المحبة، ظهر كرب واحد يسوع المسيح، وكرامة روح قدس واحد، والذي بالنتيجة النهائية سيعيد كل عائلة الجنس البشري الى القداسة والسعادة “

بكلمات أخرى، تُعلِّم الكونية الأبوة الكونية لله، وتجانس كل الأرواح في النهاية مع الله.

يدّعي مجموعة من الكونيّين أن هذا يمكن تحقيقه عبر موت المسيح ويستشهد أتباعهم ب كورنثوس 15: 22

 أَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ

لكنهم يسيئون استخدام النص. يتحدث الاصحاح الخامس عشر كاملا في كورنثوس الأولى عن قيامة الجسد، وهي بقوة المسيح الحي أن أجساد البشر جميعاً ستقوم، البعض للحياة الأبدية والآخرين للدينونة.

وإن أصر الكونيّون على استخدام جملة ” في المسيح يحيا الجميع ” لتعني حياة روحية، فليس لهم أن يصرّوا أن الجميع سيحيون حياة روحية بمعزل عن كونهم ” في المسيح “. فالإنسان الذي ليس ” في المسيح ” سيكون في ” آدم ” وفقط هؤلاء الذين بالمسيح هم في مكان الحياة. وهذا يترك الاخرين خارجا الذين هم ضد المسيح، بسبب الكبرياء، الأنانية، الشهوة أو اللامبالاة رفضوا المسيح.

أو دعونا ننظر للآية من وجهة نظر أخرى. أن النص كله كُتب للمؤمنين، وأن كل المؤمنون الذين يرقدون بالمسيح هم من الناحية الجسدية في آدم، وإلا لماذا ماتوا. لا ينجو الإنسان من الموت الجسدي الذي حكم الله به على آدم عندما يصبح مسيحياً.

بالجسد نحن بالإنسان آدم وبه يأتي الموت، لكن ونحن بنعمة المسيح نثق بالقيامة من الأموات. في الحالة الأولى هي ضرورة الطبيعة وهي موروثة، لكن في الحالة الثانية هي خيارنا الحرّ – وهي شخصية.

هناك وجهة نظر كتابية مقنعة وواضحة عن تأثير الكفّارة بين هاتين الحالتين. تعليم النص الكتابي عن أن موت ابن الله كافي ووافي لجميع الذين مات من أجلهم. وأن الكفّارة متاحة للجميع.

 وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا

يوحنا الأولى 2:2

رسالة البشارة هي أن المسيح مات من أجل الجميع.

أَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ: الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ،

الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ…

تيموثاوس الأولى 2: 5 – 6

ذبيحة المسيح غير محدودة في تأثيرها، ومتاحة للجميع. محبة الله تجلت في المسيح على الصليب في الجلجثة ووصلت للعالم أجمع:

لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ

يوحنا 3: 16

رغبة الله هي خلاص كل البشر.

أَنَّ هذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ،

الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ. تيموثاوس الأولى 2: 3- 4

بما أن إرادة الله وأمنيته هي أن يخلص جميع الناس، فقد قام بتوفير الكثير لخلاص الجميع

لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ

بطرس الثانية 3: 9

تقول الآية المشهورة في حزقيال 18: 32

لأَنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ مَنْ يَمُوتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَارْجِعُوا وَاحْيَوْا

هنا يناشد الله الإنسان للعودة له للحياة، نعلم أن الكثيرين لم يعودوا، ذهبت مناشداته أدراج الرياح. أي سخرية ستكون لغة الله هذه لو لم يكن باستطاعتهم العودة.

الكفّارة عالمية في عرضها وتأثيرها وهذا واضح من الآية التالية: أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ. تيطس 2: 11

مرة أخرى يجب أن نقبل هذه العبارة بقيمتها الفعلية ونقبل أن نعمة الله قدمت الخلاص ليكون في متناول البشر جميعا ً. يقول يوحنا الرسول بنفس هذا المعنى:

وَنَحْنُ قَدْ نَظَرْنَا وَنَشْهَدُ أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَ الابْنَ مُخَلِّصًا لِلْعَالَم. يوحنا الأولى 4: 14

كاتب العبرانيين يقول:

وَلكِنَّ الَّذِي وُضِعَ قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلًا بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ، مِنْ أَجْلِ أَلَمِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ. عبرانيين 2: 9

يمكن أن نضاعف عدد الشواهد من الأسفار المقدسة التي تُظهر أن الكفّارة شاملة عالمية، لكن يكفينا الآية التالية:

وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ. كورنثوس الثانية 5: 15

فرصة الولادة الجديدة، فرصة البداية الجديدة في هذه الحياة، أعطيت لكل البشر دو استثناء، ولأن المسيح مات كبديل عنّا، قُدمت الكفّارة عن العالم أجمع.

قال المسيح لتلاميذه وهو يصعد الى السماء:

اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. مرقس 16: 15

نداء البشارة المخلص للعالم كله. كان عند الرّب نظرة أشمل من اليهودية. صحيح أنه أرسِل خصوصاً لخراف بيت إسرائيل الضالة، لكنه بالتأكيد علّم تلاميذه أن يكونوا شهوداً له:

فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. أعمال 1: 8

و لم يكن إرسالهم بالتأكيد مأمورية حمقاء.

ذبيحة الكفّارة كافية لكل البشر، لكنها تصلح فقط للذين يؤمنون!

فاعلية الكفّارة في حياة أي كان مشروطة بالإيمان. عندما يرفض الإنسان الإيمان لا يؤدي عدم ايمانه الى ابطال وجود الخلاص.

قدم الله الخلاص لكل البشر بشكل مستقل ومنفصل عن الإيمان.

مات المسيح من أجل الجميع إن آمن الجميع أو لم يؤمنوا. هو عرض عالمي شامل مقدم للجميع، ويقع الخطأ على الانسان اذا لم يقبل شموله بتأثير هذا العرض.

 

أثر الكفّارة:

علينا أن ننظر الآن إلى بعض آثار موت ربنا يسوع المسيح فيما يتعلق بالله، ثم فيما يتعلق بالإنسان.

 

الرضا:

فيما يتعلق بالله، أرضى موت ربنا يسوع لمسيح الله، كان يجب أن يحوز الخطأة قبل الدخول الى حضرة الله المقدسة على رضا الله ليس تعسفاً. لكن لأن قداسته وعدالته تتطلب ذلك.

عقيدة موت يسوع المسيح كبديل عن الخطأة المدانين لإرضاء العدل الإلهي لا يمكن تجاوزها.

عندما نقارن قيمة آلام موت ابن الله فيما يتعلق بالله وفيما يتعلق بالذين خلصوا بها نشعر بأنها أقرب الى الخسارة.

لكن أن تعني الكفّارة للخطأة كما تعني لله هذا ما لا يخطر على البال إن الرضا الذي يحصل عليه الخاطئ من موت المسيح هو ضئيل اذا ما قورن بالرضا الذي يحصل عليه الآب.

إن قانون الله الأخلاقي منذ البدء يعبر بشكل كامل عن طبيعة الله. فالقانون مقدس وعادل وصالح. الآية في رومية 7: 12 تُظهر للإنسان كيف هي طبيعة الله.

عندما انتهك الإنسان القانون الإلهي المقدس ووقع في الخطيّة ناقض الطبيعة. الله القدوس يكرّه الخطية وإن لم يكن كذلك فلن يكون قدوس. وكإله عادل ليس فقط يكافئ الأبرار بل يعاقب الشر.

موت المسيح أعطى العقاب المناسب للخطيّة الذي كان ضرورياً لاستيفاء العدل الإلهي

ولأن كل الخطيه هي أساساً ضد الله، هو فقط من يجب إرضاءه بعمل الصليب. وكان كذلك.

” كيف أمكن لموت المسيح كبديل أن يستوفي الرضا الكامل للعدل الإلهي ؟ ” واجهنا هذا السؤال من شاب مفكِّر يافع.

في حالة الدين المالي أو التجاري، من يقوم بالسداّد ليس بذي أهمية بقدر السدّاد نفسه. وإن كان الدّين عبارة عن دولارات وسنتات، فالأمر لا يهم كثيرا أو قد لا يهم مطلقاً.

لكن المسيح في آلامه لم يكن يدفع ديّناً تجاريا. كان يدفع دَيّناً جزائياً.

لا يوجد مخلوق ساقط، محدود، مذنب أمام الله واحد يمكنه مطلقاً أن يدفع ما هو مدين به إن كان في هذا الزمان الحاضر أو في الأبدية.

الحقيقة الملزمة هي ” النفس التي تخطئ، موتاً تموت ” وبما أن الجميع أخطأوا، ولا يوجد إنسان مثقل بالخطية يستطيع الدفع عن إنسان آخر مثله لاستيفاء رضا الله. فالخاطئ عندما يحمل عقوبة خطيته يهلك الى الأبد. بينما عندما يقبل الخاطئ يسوع المسيح كحامل لخطيته يخلص الى الأبد. الفرق هو في أن الله كان وراء الكفّارة.

إن كان يجب استيفاء العدل الإلهي فعقوبة الخطية يجب أن تُدفع من شخص مقدّس. في أي دراسة لعمل الكفّارة، تبرز حقيقة شخصية المسيح الكاملة البارّة بالدرجة الأولى.

سرّ رضا الله يكمن بشخصية من دفع دين الخطأة. تم إرضاء الله بعمل الصليب لأن الذي مات على الجلجثة كان ابنه المحبوب كما تشرح الآية أن الذي:

الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ. رسالة بطرس الرسول الأولى 2: 22

موروثة أو شخصية ( عبرانيين 4: 15 ) الذي كان ” بلا خطية “

و الذي كان:

قُدُّوسٌ بِلاَ شَرّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ ( عبرانيين 7: 26 )

وشهد بولس في رسالة كورنثوس الثانية 5: 21 أنه: لم يعرف خطية

و يوحنا أعلن أنه ” ليس فيه خطيّة ” 1 يوحنا 3: 5

تعرّض يسوع للتجارب، لكن هو الرب بالطبيعة أساساً، ولايستطيع الرّب أن يخطئ.

لذلك، كإله وإنسان مثالي، الدم الذي سُفِك كافي وفعّال لاستيفاء العدل والحق وإرضاء قداسة الله. بالفعل قد تم إرضاء الله!

 

الكفّارة

تظهر قيمة موت المسيح كتبرير للحقّ الإلهي واضحة في ذكر كلمة الكفّارة. هنا ندخل في جانب دقيق من عقيدة التبرير والكفّارة.

تظهر كلمة الكفّارة ( يتحدث الكاتب عن الترجمة الإنجليزية ) ثلاث مرات.

يستخدمها يوحنا الرسول مرتين في رسالته الأولى يقول عن يسوع المسيح في 1يوحنا 2: 2

وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا

و مرة أخرى في 1 يوحنا 4: 10

فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا

الكلمة اليونانية هنا هي ” هيلاسموس ” وتعني الذي يكفّر وتشير الى الكفّارة. في سفر العدد 5: 8 كبش الكفّارة

و في مزامير 130: 4 لأَنَّ عِنْدَكَ الْمَغْفِرَةَ

و هي الطريقة الوحيدة التي يظهر فيها الله رحمته للخطأة المذنبين، المسيح وحده، من خلال سفك دمه في تضحيته بموته كبديل هو الكفّارة التي تكفر عن الذنوب.

هو يفرز ذنب الخاطئ عندما يتألم عن الخطية. شخص الرب هو من يعطي مفعول الذبيحة الكفّارية.

يقول بولس الرسول عن المسيح في رومية 3: 25:

الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ

هنا الكلمة اليونانية المستخدمة ليست ” هيلاسموس ” التي تعني ” الذي يكفر” بل هي ” هيلاستيريون ” أي مكان الكفّارة وتستخدم ” هيلاستيريون ” مرة أخرى في عبرانيين 9: 5

” وَفَوْقَهُ كَرُوبَا الْمَجْدِ مُظَلِّلَيْنِ الْغِطَاءَ. أَشْيَاءُ لَيْسَ لَنَا الآنَ أَنْ نَتَكَلَّمَ عَنْهَا بِالتَّفْصِيلِ “

هيلاستيريون أي مكان الكفّارة… الغطاء أو كرسي الرحمة أو هيلاستيريون وهنا يجب أن نعود للعهد القديم لنفهم ما هو كرسي الرحمة أو الغطاء الذهبي أو تابوت العهد في قدس الأقداس.

كان كبير الكهنة يرش دم الأضحية البريئة مرة واحدة في السنة في يوم الكفّارة ليكفّر عن كسر الشريعة. حيث يوضع لوحي الشريعة في تابوت العهد. كان الدم المرشوش يغطي كسر الشريعة ليسمح بالتقاء الله بالإنسان الخاطئ ( خروج 25: 21-22، لاويين 16: 2 13 – 14 )

كان الغطاء أو كرسي الرحمة مصنوعاً من ذهب نقي.( خروج 25: 17 ) ويغطي تابوت العهد كاملاً.

يسوع المسيح ابن الله النقي هو كرسي رحمة الخاطئ، ودمه يغطي كل خطية. وكرسي الرحمة تبعا للكتاب المقدس في خيمة الاجتماع كان رمزاً ليسوع المسيح. تمم الرب النبوة والرمز بشكل مثالي.

بعد موته ودفنه قام وصعد الى السماء، ومهد دمه المسفوك الطريق للخاطئ ليأتي الى الله.

وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا. عبرانيين 9: 12

المسيح هو غطاء تابوت العهد ( كرسي الرحمة ) مرشوشا بدمه الكريم.

عمل الرب الكفّاري هو ليس مجرد استرضاء الله لنفسه مهدئاً غضبه بنفسه

لم يتغير شعور الله تجاه البشرية ولم يكن هناك وقت في التاريخ أبدا لم يحب فيه الله الإنسان. رغب الله دوماً بمباركة الإنسان بالخلاص وما يرافقه من سلام وفرح، لكن خطية الإنسان كانت عائقاً في طريق الله، وفصلت بينه وبين الخاطئ. صحيح أن الله يكره الخطية وسيبقى دوماً يكره الخطية. موت يسوع المسيح لم يغير ذلك بأي حال من الأحوال.

كان موت المسيح عملية قانونية بحتة. تَحَمّل القاضي العقوبة بنفسه وأصبح كرسي القضاء هو كرسي الرحمة. صلاة العشّار ” يارب ارحمني أنا الخاطئ ” لوقا 18: 13 هي حرفياً ” يا رب كفِّر عن ذنوبي ” هذه العبارة يساء فهمها ويساء استخدامها أحياناً. وقف العشار بخلفيته من العهد القديم قبل موت المسيح، وكان يسأل الله فعلياً أن تنحي ذبيحة الخطية عنه الخطايا وتقدم له أساساً للخلاص من الله العادل القدوس. لنتذكر لم يطلب كرم الله وتساهله عليه، لكنه كان يطلب مجرد عمل يفضي للصفح عنه وبهذا فقط تبرر.

اليوم نعلم أن صلاة كهذه ليس من الضروري قولها. لقد صفح الله بالمسيح. أصبح الابن الأزلي كرسي الرحمة، وبهذا لا داعي أن نطلب من الله أن يفعل ما فعله أصلاً، وطلب كهذا يعني رفضنا موت المسيح. لا يمكن لله أن يتساهل مع الخطية، ولا يحتاج الخاطئ أن يتسول رحمة الله. كان الله رحيماً عندما وفّر للإنسان، والإنسان يخلص عندما يؤمن ويقبل الرب يسوع المسيح. دفع الله ثمن الإثم، وبناءً عليه قُدِمت رحمته لنا اليوم.

 أَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ صَالِحٌ وَغَفُورٌ، وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِكُلِّ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ

مزامير 86: 5

 أَنَّ عِنْدَ الرَّبِّ الرَّحْمَةَ وَعِنْدَهُ فِدًى كَثِيرٌ. مزامير 130: 7

 

البديل:

يُنظر الى موت المسيح في تأثيره على البشر أنه مات كبديل، ومع أننا لا نجد كلمة بديل أو بدل في الكتاب المقدس، إلا أن فكرة البديل تظهر جلية في عمل المسيح على الصليب.

كلمة تعويض أو بديل لا تمثل كل ما فعله الرّب بموته، لكنها تشير الى يسوع المسيح كبديل للخطأة، الذي حمل الحكم المروّع لله على الخطية.

 كثيراً ما نسمع أن عمل الصليب هو آلام وموت المخلص بالإنابة أي تألم ومات عنّا. كلمة إنابة تعني أن وكيل أو جهة أوكلت للعمل عن آخرين. يقف الإنسان الساقط أمام الله مديوناً وغير قادر على السدّاد لا في الزمان الحاضر ولا بالأبدية. لذلك يحتاج الى بديل مخوّل أن يقف مكانه ويمثله. الرب يسوع المسيح هو هذا البديل لذلك نستفيد من موته بطريقة فريدة. موت غير الخاطئ بديلاً عن الخطأة. مات استفانوس كشهيد عن الحق، لكن نحن لم نستفد من موته بأي شكل من الأشكال.

يظهر موضوع البديل بشكل واضح في العهد القديم، عندما اختار الله الحمل الخالي من أي عيب كالحيوان الأساسي للذبيحة، كان يُعلم شعبه أنهم يُغفر لهم فقط ويتم حصولهم على بديل لأن اخر بريء أخذ مكانهم ومات بدلاً عنهم. وبالأحرى، فإن كل ذبيحة في العهد القديم كانت تنفيذاً لحكم القانون كبديل عن أحد المذنبين، وكل تقدمة كانت تشير الى موت المسيح كبديل.

نرى ذلك في حالة ابراهيم واسحق ( تكوين 22: 1 – 13 ).

كانت امتحاناً لإيمان ابراهيم. قال له الرب أن يأخذ اسحق ويقدمه ذبيحة على جبل المريّا. فعل ابراهيم كما طلب منه، ربط اسحق على المذبح وجهزه للذبح. كلّمه الله وأوقفه. وعندها وجد ابراهيم الكبش بين الأشجار، الذي كان الله قد جهزه بنفسه. ويخبرنا الكتاب أن:

 فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ

تكوين 22: 13

لنلاحظ كلمة ” عوضاً عن ” أي التضحية البديلة التي أنقذت اسحق من الموت وهي نبوّة رائعة عن أن المسيح سيقدم كبديل عن الخاطئ. وهي توضح عنصر البديل في عمل فداء المسيح

يقول اشعياء النبي:

4 لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا

5 وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا

6 كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا

اشعياء 53: 4 – 6

تزخر آيات العهد الجديد بمقاطع كثيرة تُظهر الرب يسوع المسيح وهو يأخذ مكان الخطأة بموته.

الآيات التالية تذكر ذلك:

كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ. متّى 20: 28

كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ

يوحنا 10: 15

أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ. يوحنا 6: 51

وَأَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلًا: «هذَا هُوَ جَسَدِي الَّذِي يُبْذَلُ عَنْكُمْ. اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي

وَكَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَ الْعَشَاءِ قَائِلًا: «هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي الَّذِي يُسْفَكُ عَنْكُمْ. لوقا 22: 19 – 20

يذكر بولس الرسول في جميع كتاباته تقريبا ويُعلم أن موت المسيح كان كبديل:

 لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ. كورونثوس الثانية 5: 21

نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ، وَمِنْ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،

الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ حَسَبَ إِرَادَةِ اللهِ وَأَبِينَا. غلاطية 1: 3- 4

مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي. غلاطية 2: 20

اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ. غلاطية 3: 13

وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً. أفسس 5: 2

أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا. أفسس 5: 25

بطرس الرسول يقول عن يسوع:

الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ. بطرس الأولى 2: 24

و أيضاً:

فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ

بطرس الأولى 3: 18

توضح كل الآيات السابقة وكثيرة أخرى فكرة البديل الفعلي.

 

المصالحة:

موت ربنا يسوع المسيح أفضى الى المصالحة. كلمة ” مُصالحة ” يمكن تعريفها على أنها: ذلك الأثر لموت المسيح في تغيير الحال بين الله والخاطئ من العداوة والنفور الى الحب والثقة.

لم يكن هناك حاجة للمصالحة قبل سقوط الإنسان، لكن عندما حلّت الكارثة في جنة عدن، تسلل الخلاف حيث كان يجب أن يسود الانسجام. فقد الإنسان مواطنته في الجنة وأصبح غريباً. خطية آدم فصلت بينه وبين الله. اشعياء 59: 2

وما كان صحيحًا بالنسبة لآدم، فقد أصبح في جوهره حقيقةً لكل ذريته، لذا كان على الإنسان أن يتصالح مع الله. ضع في اعتبارك حقيقة أن الحاجة إلى المصالحة تقع على عاتق الخاطئ

أصبح الإنسان عدوًا لله؛ لم يصبح الله عدو الإنسان أبداً. توقف الإنسان عن محبة الله؛ لم يتوقف الله أبداً عن حب الإنسان. الآن لا يمكن للمصالحة أن تحدث أبدًا حتى يتم إزالة العداوة الموجودة، وبما أنه لا يوجد عداوة في قلب الله، يجب إزالتها من قلب الإنسان. كيف يتم مثل هذا الفعل؟

نحن هنا لنرى عمل محبة الله. بينما يكره الله خطيئة الإنسان، يتوق قلبه العظيم لحبه للخاطئ ويتحرك نحوه في محاولة لتحقيق المصالحة. هنا يمكننا أن نرى اختلافًا ملحوظًا بين الإنسان والحب الإلهي.

حب الإنسان تعبر عنه الآية في رومية 5: 7.

فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ

نادراً ما يتخذ الحب البشري فعلاً إلا إذا وجد شيئًا في موضوعه لإرغامه على القيام بذلك. لكن محبة الله متميزة ومختلفة عن أي نوع آخر من المحبة، لأن:

اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. رومية 5: 8

لذلك:

أَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ. 5: 10

أثبت الإنسان أنه عدو الله بإظهار كراهيته بالعرض الوحشي الذي قُدم على الصليب ضد ابن الله البار.

ولكن بنفس المشهد كان الله يتقدم ليحقق أهدافه، لذلك:

إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. 2 كورونثوس 5: 19

عندما مات المسيح، تمت المصالحة وتحقق رضا الله بالصفح عن الخطية. عندما نحى المسيح الخطية بتقديم نفسه ذبيحة، أنهى الإنفصال بين الله والإنسان. تقول: ” أنه لا يزال هناك أعداء كُثر لله ” نعم صحيح. لكن الله قام بدوره. والآن يجب أن يتوب الإنسان ويعود الى الله. ورفض ذلك هو رفض للمصالحة التي تمت بالمسيح. أتى الله للإنسان بالمسيح. يتوسل إليه أن يعود، ويعرض عليه أن يغفر له ويزيل كل ذنوبه إذا أراد أن يثق به. وعندما يستقبل الخاطئ يسوع المسيح كمخلصه، سيقول أيضًا مع بولس،

بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا بِاللهِ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ. رومية 5: 11

هل قُبِل عمل مصالحة الله بموت المسيح؟

في كولوسي 1: 20 – 21 نقرأ:

 وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلًا الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ: مَا عَلَى الأَرْضِ، أَمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ

وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلًا أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ

في هذه الآيات نرى وجهين للمصالحة، آية 20 تقول سيصالح الله كل الأشياء لنفسه، إن كانت هذه الأشياء في الأرض أو في السماء، يتم تذكيرنا مجدداً أن ألخليقة كلها تأثرت بالخطية. يقول الرب ” ملعونة الأرض “. تكوين 3: 17 و

فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ. رومية 8: 22 ومصالحة ” الكل ” في كولوسي 1: 20 هي إزالة اللعنة عن الأرض والسماء، لعنة الأرض تسبب الألم والحزن والمعاناة والكوارث والموت الذي يحلّ يوميا على الإنسان على الأرض.

وبالتالي الأرض بحاجة ماسّة للتطهير. ونعم السماء كذلك! فالخطية بدأت في السماء عندما ثار لوسيفر، ابن الصبح وسعى لوضع نفسه فوق عرش الله. اشعياء 14: 12- 15

المصالحة مع الله تمت بسفك دم يسوع المسيح وتطهير كل الأشياء على الأرض وفي السماء. عبرانيين 9: 22

 لكن الآية الحادية والعشرين من كولوسي، الإصحاح الأول تتحدث عن مصالحة جميع المؤمنين بالله، وأنت، الذي كنت أحيانًا تنفر والعداء في عقلك من خلال الأعمال الشريرة، ولكن الآن قد تصالحت. المصالحة بين “كل الأشياء” في الآية الحادية والعشرين هو المستقبل. هنا نرى عمل المسيح المجيد نيابة عن الخطأة الذي يصبح فاعلاً في اللحظة التي يؤمن بها المرء. يفرح المؤمن بإعادته إلى الله واستعادته بالكامل. نحن المسيحيين تم عزلنا عن الله وعدائنا في أذهاننا. لقد اخترنا طريقتنا الخاصة التي كانت معارضة لطريقة الله، ولكن الآن من خلال دفع عقوبة المسيح من قبل الله، تصالحنا مع الله، “فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ” (كولوسي 1: 22). ولأننا متصالحون مع الله، فقد تمت تسوية العلاقات الشخصية.

 في درس سابق في هذه السلسلة حول التبرير، رأينا كيف يتم تسوية العلاقات القضائية بين الله والإنسان. هنا نعلم أن المصالحة تحول قلب المجرم نحو القاضي في الحب

جانب آخر من خدمة المصالحة يتم تدريسه في رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس. دعونا نقرأ الآيات التالية بعناية،

لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ

أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلًا بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَانًا وَاحِدًا جَدِيدًا، صَانِعًا سَلاَمًا،

وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلًا الْعَدَاوَةَ بِهِ أفسس 2: 14- 16

يبدو من الواضح تمامًا أن “العداوة” التي يتم التحدث عنها هنا ليست بين إله مقدس ورجل شرير، بل بين يهود وأمميين. بموجب القانون، كان من غير القانوني تمامًا أن يأكل يهودي مع أممي. العداوة بين الاثنين معروفة للجميع، ويمكن تتبعها بسهولة في التاريخ. في الواقع كان “السياج المتوسط” هو القانون الذي كان اليهودي ملزمًا به

عندما جاء بطرس إلى بيت كورنيليوس، عبر عن وجهة نظر اليهود في هذا الأمر (أعمال الرسل 10:28)، وبعد ذلك أخذه الإخوة لتناول الطعام مع الأمم (أعمال الرسل 11: 2-3). في الهيكل القديم كان هناك جدار يفصل بين الأمم عن بلاط بني إسرائيل، والذي كتب عليه: “لا يجوز للأمم، لا رجل من الأمم، أن يتجاوز هذا الجدار تحت طائل ألم الموت. ” في هيكل هيرودس كان الخط الفاصل عبارة عن جدار حجري بارتفاع خمسة أقدام، وأصبح هذا الجدار “العداء”، وهو سبب الشعور بالمرارة بين اليهودي والوثني. لكن في وقت مبكر من خدمة ربنا العامة تحدث إلى المرأة السامرية، وهذا بدوره أدى إلى تبشير مدينة أممية (يوحنا 4: 1-39).

 دخل الجليل لينير للأمم الذين كانوا في الظلمة (متى 4: 12-16)، وبذلك حقق النبوة حسب إشعياء (إشعياء 9: 2). عندما طهر الهيكل (مرقس 11: 15-17)، استشهد الرب يسوع بإشعياء 56: 7 عندما قال الله يدعى بيتي بيت صلاة لجميع الناس.

ثم ذهب إلى الصليب، ومرة واحدة حطم الجدار بموته عندما مات لليهود والوثنيين. لم يحاول أن يصلح أي منهما، لكنه أتاح لأي عدد منهم أن يصبح “انساناً جديدًا”، يصالحهم مع بعضهم البعض، ثم يصالح كلاهما مع الله “في جسد واحد”. كم هو رائع هذا! يخلص اليهود والأمم متحدين من خلال الإيمان بدم ربنا الآن صاروا إنساناً جديدًا. إلى هذا المدى كانت آثار كفّارته!

 

الفداء:

في نظرنا في آثار موت ربنا على الصليب، لا يوجد مصطلح واحد في حد ذاته كما ذُكر أعلاه يمكن أن يمثل عمله الخلاصي بأكمله. هذا العمل كبير للغاية بحيث لا يمكن استيعاب أي مرحلة منه. الموضوع واسع جدًا لدرجة أن بعض الأفكار لا يمكن أن تشير أبدًا إلى اكتمال فهمه. ومع ذلك، ربما لم يتم استخدام أي كلمة لتمثيل عمل خلاص المسيح أكثر من كلمة الفداء. ولكن يجب علينا أن نحذر أن يقتصر استخدامنا على هذا المصطلح أو أي مصطلح آخر فقط حتى لا نقيد عمل الصليب.

الفداء يعني الاسترداد أي إعادة شراء شيء تم فقده مؤقتًا.

 يقول: Dr. L. S. Chafer

الفداء هو فعل من الله يدفع به بنفسه الفدية ثمن الخطيئة البشرية التي تتطلبها قداسة الله الغاضبة وحكمه. إن الفداء يأخذ حل مشكلة الخطيئة، حيث أن المصالحة تتولى حل مشكلة الخاطيء، والكفّارة تحل مشكلة إله انتُهِك حقه. كلها مهمة بشكل لا نهائي وكلها ضرورية لتحليل عقيدة عمل المسيح الكامل، عمل انتهى إلى حد الكمال الإلهي. على الرغم من أن هذا أجزاء من وحدة متكاملة، إلا أنه لا يجب التعامل مع هذه الموضوعات الرائعة على أنها مرادفات

تعني الفكرة الكتابية عن الخلاص أن يسترد المرء شيئًا يمتلكه هو نفسه، ولكن لفترة ما وجد في حوزة شخص آخر ويجب أن يُدفع سعره بشكل قانوني. مثل كل مرحلة من مذهب الخلاص العظيم، فإن الخلاص هو عمل الله نفسه. عندما يخلص أي إنسان، يفعله الله بنفسه

لا تقتصر فكرة الفداء في الكتاب المقدس على تعليم العهد الجديد بل توجد في كل كلمة الله. قال أحدهم ذات مرة أن الكتاب المقدس كله يتمحور حول الخلاص. لن نواجه صعوبة كبيرة في تتبع عقيدة الفداء في الكتاب المقدس إذا وضعنا في الاعتبار أن المصطلحين فدية وفداء هما نفس المعنى عمليًا. أينما ذُكِر الفداء هذا يحتم أنه تم دفع ثمن الفدية.

تعبرعقيدة الخلاص في العهد القديم عن فكرة التحرير بدفع ثمن فدية. قد يكون الشيء المسترد شخصًا أو ميراثًا. إذا أصبح الرجل مثقلاً بالديون، وبعد رهن ممتلكاته بالكامل، قد يبقى غير قادر على تلبية مطالبات الدائنين، فقد يرهن نفسه، قوته وقدرته الخاصة، في الواقع سيصبح عبدا لدائنه. ولكن، يقول الله،

فَبَعْدَ بَيْعِهِ يَكُونُ لَهُ فِكَاكٌ. يَفُكُّهُ وَاحِدٌ مِنْ إِخْوَتِهِ. لاويين 25: 48

لاحظ أن الفداء يجب أن يتم من قبل قريب، أقرب الأقرباء، والتي أدت الفكرة إلى معنى عنوان (فداء أو فكاك الوليّ)

كما أصبح بوعز في قصة راعوث وليّ الفكاك. راعوث 4: 4 -6

رمز جميل لربنا يسوع المسيح الذي جاء من السماء إلى الأرض حتى يكون وليّ الفكاك وفادي الدَّين لنا جميعاً.

وجب أن يكون الوليّ من أقرب المقربين كما وجب أن يمتلك القدرة على دفع ثمن الفداء. مهما بلغ الثمن وجب على الفادي الدفع. لاويين 25: 27.

فقط المسيح هو القادر على دفع ثمن فداء الخطأة، وهذا ما فعله

اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا. غلاطية 3: 13

بدمه الكريم. بطرس الأولى 1: 18 – 19

في العهد الجديد، يتم استخدام ثلاث كلمات يونانية مختلفة لترجمة الفداء، وبدون فهم هذه الكلمات، تُفقد الفروق التي تعلمها لقارئ النص الإنجليزي (أو أي لغة أخرى)

 

أغورازو، وهو ما يعني الشراء في السوق

إكساغورازو وهو ما يعني الشراء من السوق

لوتارو وهو ما يعني فكها وتحريرها

وهذا المشهد عن سوق العبيد، حيث يصور الخاطئ تحت العبودية، كمربوط بالخطية أو كما يقول بولس الرسول: مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ

رومية 7: 14

حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ. أفسس 2: 2

مدانون. يوحنا 3: 18

محكومون بالموت لأن أجرة الخطية موت. رومية 6: 23

أصبح ابن الله الوكيل الوليّ الفادي. عندما اتخذ جسداً من لحم ودم مثلنا. عبرانيين 2: 14

أخذ مكان العبد الخاطئ وصار لعنة وسفك دمه كثمن فدية لخلاصنا. متى 20: 28

عندما اشترى من السوق، دفع ثمن كل عبد – خاطئ مربوط بالخطية، لذلك تحقق الفداء للجميع ( انظر 1 كورونثوس 6: 20، 7: 23، و2 بطرس 2: 1 ) وهذا ” أغورازو ” الشراء من السوق.

لكن الخلاص هو أكثر من مجرد دفع الثمن. بعد أن دفع الوليّ الوكيل الفادي الديّن في السوق، أخرجنا من السوق. أخرجنا حتى لا نعود مرة أخرى للبيع أو نتعرض للعبودية مجدداً. بالطبع لا يخرج من السوق إلا أولئك الذين سيذهبون معه، وعندما يكون الخاطئ على استعداد للثقة في مخلصه الذي دفع ثمن الفدية، فهو مطمئن من الخلاص من حالة الاستعباد اليائس ومن العبودية إلى الخطيئة.

هذا يتجاوز ” أغورازو ” أو مجرد دفع الثمن المطلوب في سوق العبيد الى ” إكساغورازو ” أي الشراء للإخراج من السوق.

تم استخدامه أربع مرات على الأقل في العهد الجديد، مرتين مع الإشارة إلى خلاص المؤمنين اليهود من لعنة الشريعة المكسورة غلاطية 3:13؛ 4: 4-5

 

الكلمة اليونانية الثالثة المستخدمة عن الفداء هي ” لوتارو” وهي تفيد بأن الشخص المفدي ّ قد حُلّ أو أطلق سراحه. هذه الكلمة توجه تفكيرنا الى التحرير الفعلي. التلميذان، في الطريق الى عمواس قالا: نَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ ” لوتارو ” إِسْرَائِيلَ. لوقا 24: 21

في إشارة بالطبع إلى خلاص اليهود من الطغيان الروماني. يظهر اللفظ المقابل في المقطعين التاليين حيث يتم عرض نفس الموضوع قال زكريا: مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ

لوقا 1: 68

أما حنّة:

فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيم

هذا فداء بمعناه الكامل، لأن يسوع المسيح لم يدفع الفدية حتى يتم نقل عبودية الخاطئ فقط من سيد إلى آخر. كما قال الدكتور ل. شافر، “لقد اشترى مع الأخذ بالاعتبار أنه رغم أن الفدية مجانية لكن المسيح لن يحمل عبداً غير راغب في ترك العبودية “.

ومع ذلك، يشمل الفداء نوعًا من العبودية الجديدة، لأن المؤمن يخلص، ليس فقط “خارج” سوق الخطيئة، ولكن “إلى” الله. أغنية الفداء لدينا هي:

وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِقٌ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، رؤية 5: 9

لاحظ أننا خلصنا “إلى الله”. الآن نعلم أن هذا يمكن أن يعني الفداء المستقبلي للجسد وصعوده إلى حضرة الله. ولكن ألا يمكن أن تشير أيضًا إلى انفصال المؤمن الحالي عن الرب؟ ألا نكون، بالمعنى الطوعي، عبيدا للسيد المسيح؟ أشار الرسول بولس إلى نفسه على أنه “خادم (عبد) ليسوع المسيح… مفرز لإنجيل الله “(رومية 1: 1). تم تخليص بولس، ليس فقط من أسلوب حياته السابق، عبدًا للخطيئة، ولكن تم خلاصه لله، ليصبح طوعًا عبدا ليسوع المسيح.

هذه الحقيقة موضحة عادة في العهد القديم. كانت السنة السابعة في إسرائيل سنة إطلاق للفقراء والخدم العبرانيين. اقرأ خروج ٢١: ١- ٦ وتثنية ١٥: ١٦- ١٧. إذا خدم العبد سيده لمدة ست سنوات، قال الله: “في السابع يخرج بلا مقابل” (خروج 21: 2). لكنه لم يضطر للذهاب. إذا أحب العبد سيده الجديد، يمكنه البقاء طوعًا كعبد. يتم ختم العلاقة الطوعية من خلال الثقب لأذن العبد. الآن تم تحرير المسيحي من قبل المخلص، ولكن لديه خيار أن يسلم نفسه للمخلص. ربنا يسوع هو المثال الأفضل للعبد المتطوع، الذي يرد وصفه في مزمور 40:

بِذَبِيحَةٍ وَتَقْدِمَةٍ لَمْ تُسَرَّ. أُذُنَيَّ فَتَحْتَ. مُحْرَقَةً وَذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لَمْ تَطْلُبْ

حِينَئِذٍ قُلْتُ: «هأَنَذَا جِئْتُ. بِدَرْجِ الْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّى

أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي».

 

هذا الجزء من العهد القديم مقتبس في الرسالة إلى العبرانيين 10: 7، وهو يتحدث عن ربنا كخادم منتصر، وهو من كل النواحي تحقيق كامل للنوع. بصفته الخادم المستسلم، “أصبح مطيعاً حتى الموت، حتى موت الصليب” (فيلبي 2: 8)، ليخلصنا من عبودية الخطية والموت. الآن رغبته هي أن نسلم أنفسنا له طواعية.

في فداء المؤمن، هناك تجربة من ثلاثة جوانب، واحدة منها في الماضي، والثانية في الحاضر، والثالثة في المستقبل

 

(1) أعطانا ربنا يسوع المسيح نفسه ليخلصنا من عقوبة الخطيئة

… لدينا الفداء من خلال دمه، وغفران الخطايا، حسب غنى نعمته (أفسس 1: 7). انظر أيضًا كولوسي 1:14

 

لاحظ الكلمات “لدينا الفداء”. هذا ليس شيئًا نسعى إليه، ولا ما نأمل في الحصول عليه، ولكنه ملكنا الحالي – “لدينا الفداء”. لأن جميع الذين كانوا تحت القانون فشلوا في الحفاظ على قانون الله، كانوا تحت لعنة

 

10 لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ. غلاطية 3: 10

إذا كان أي إنسان يأمل أن يخلصه القانون، فيجب أن يكون فاعلا لكل ما ينطوي عليه القانون، لأنه “مدين للقانون كله” غلاطية 5: 3

 

كل من يحفظ القانون كله، ومع ذلك يسيء إلى نقطة واحدة، فهو مذنب للجميع. يعقوب 2:10

 

الآن نحن لم نحافظ على القانون كله، ونحن نعرفه. لكن الفادي المبارك حقق كل مطالبه الصالحة، ثم تألم ومات على الصليب حاملاً لعنتنا، لأنه مكتوب، “ملعون كل من عُلِق على خشبة” (تثنية 21:33، غلاطية 3:13). كل الذين يبحثون عن مأوى تحت دمه المسفوك يخلصون من الذنب وعقاب الخطيئة. كل مؤمن “مبرر (معلَن بار) بحرية بنعمته من خلال الفداء الذي في المسيح يسوع” (رومية 3: 24). قد لا نشعر دائمًا بأننا مخلصون، ولكن “لدينا الفداء”. قد يخبرنا البعض أننا سقطنا من النعمة، لكن “لدينا الفداء”. قد يقودنا الشيطان إلى تصديق الكذبة، لكن “لدينا الفداء”. لقد نجح الفداء الموجود في المسيح يسوع في تسوية مسألة الخطيئة، بحيث تم خلاصنا من غضب الله المقدس وحكمه الصالح. الفداء من عقوبة الخطيئة هو حيازة المؤمن

(2)

انظر الآن إلى الجانب الثاني من الخلاص. يتكون عمل الصليب من أمور أكثر بكثير من الخلاص من عقوبة الخطيئة، لأنه منصوص عليه بوضوح في الكتاب المقدس أن موت ربنا يجعل من الممكن أيضًا الخلاص من قوة الخطيئة أيضًا. كتب الرسول بولس،

 

لأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ نِعْمَةُ اللهِ الْمُخَلِّصَةُ، لِجَمِيعِ النَّاسِ،

12 مُعَلِّمَةً إِيَّانَا أَنْ نُنْكِرَ الْفُجُورَ وَالشَّهَوَاتِ الْعَالَمِيَّةَ، وَنَعِيشَ بِالتَّعَقُّلِ وَالْبِرِّ وَالتَّقْوَى فِي الْعَالَمِ الْحَاضِرِ،

13 مُنْتَظِرِينَ الرَّجَاءَ الْمُبَارَكَ وَظُهُورَ مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ،

14 الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَال حَسَنَةٍ. (تيطس 2: 11-14).

نؤكد مرارًا وتكرارًا على حقيقة أن الخلاص ليس من الأعمال، لأنه لا يمكن لأعمالنا أن تستفيد من الفداء. بعبارة أخرى، نحن لا نُفتدى لكوننا صالحين أو نحاول فعل الخير، ولكن الفداء بدم يسوع المسيح يوفر خلاص المسيحي من قوة الخطيئة. لا يمكننا أن نكتفي بمعرفة أننا قد تم تنجيتنا من الجحيم. مات المسيح ليخلصنا من أشياء غير مقدسة. نحن مخلصون للأعمال الصالحة (أفسس 2:10). هذا هو الجانب العملي لفداءنا، الخلاص من قوة الشر في هذه الحياة.

 

تتبادر إلى الذهن آيتان من الكتاب المقدس، كلاهما بقلم الرسول بولس، وكلاهما ابتدأهما بالكلمات “هذا قول أمين”. يقول الأول أنه قول أمين، أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا (تيموثاوس الأولى 1:15). الثاني يقول لنا إنه قول أمين، “الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالًا حَسَنَةً ” (تيطس 3: 8). لقد تم تخليصنا من عقوبة الخطيئة؛ نحن نتخلص يوميا من قوة الخطيئة. نرجو أن نسير بالقرب من “الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ” (رؤيا 1: 5).

الَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ،

14 الَّذِي هُوَ عُرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ. أفسس 1: 13 -14

تخبرنا هذه الآية أن الله اشترى صك ملكيتنا ونحن في انتظار أن نخلص ونُفتدى: مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا. رومية 8: 23

لذلك اليوم ننتظر، نراقب مجيء مخلصنا، الرب يسوع المسيح،

فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ،

21 الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ. فيلبي 3: 20 – 21

في ضعفنا الجسدي وضعفنا الحالي، نتطلع إلى الخلاص لأجسادنا، عندما “نتغير” (كورنثوس الأولى 15:52)، و”أن تكونوا مثله” (1 يوحنا 3: 2). الخلاص المجيد! والمخلص الرائع!

كفارة المسيح – ترجمة: توفيق فهمي أبو مريم

انجيل توما الأبوكريفي لماذا لا نثق به؟ – ترجمة مريم سليمان

رائحة المسيحيين الكريهة – هل للمسيحيين رائحة كريهة؟ الرد على احمد سبيع

تقييم المستخدمون: 4.81 ( 4 أصوات)