روحيات

جئت لأُلقي ناراً – الهدف من مجيء المُخلَّص.

لم يأتي المُخلص وراعي النفس الصالح إلينا لهدف آخر سوى أن يلقي ناره الخاصة في داخلنا، أي في صميم طبعنا الإنساني، فنشتعل بها ونتقد بقوتها، وما هذه النار سوى نار الروح القدس الذي اضطرمت في الكنيسة كلها منذ يوم الخمسين، يوم حلول الروح القدس على الكنيسة كلها، فلبسنا قوة من الأعالي، فصرنا متحدين بالله في المسيح بالروح القدس الذي يسكن أوانينا الضعيفة ليُحقق فينا صورة الرب المسيح ويؤهلنا بالقداسة للاتحاد بالله والالتصاق به لنصير معهُ روحاً واحداً !!!

نحن حينما نؤمن بالمسيح الرب ونأخذ موقف شخصي من عمله الذي عمله فينا بإيمان واضح وصريح ونعود إليه بتوبة صادقة وقلب يطلبه بكل قوته، فأن الروح القدس في التو واللحظة يتبنانا لله في المسيح بتحولاتدائمة بل ويومية وجذرية في صميم طبيعتنا البشرية بكل ما فيها من غرائز وصفات على المستوى الروحي والنفسي والجسدي، ويقدسنا بناره الخاصة لنكون أواني مكرسة لله الحي وحلوله الخاص، فيأكل بناره المتأججة فينا طبقات من رواسب الماضي وأخطاء الأعمار المختلفة التي تعيش في صفاتنا المكتسبة منذ ولادتنا، ومن تربيتنا التي أحياناً كثيرة تكون غير سوية وبعيدة عن الله الحي القدوس، وأيضاً يخلصنا من خبرة الشر والفساد – على مستوى الواقع العملي في حياتنا اليومية – حتى لا نعود إليها مرة أخرى ونصير أطهاراً بقوة جمر القداسة الذي يطهر الأعماق، أي جسد الرب ودمه، الذي يُعطى لنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه !!!

ونرى أن الكنيسة على مر العصور تحمل ذات نفس النار الإلهية التي أخذها الرسل والجميع نالوها من جيل لجيل، ولا ترتاح الكنيسة أبداً حتى تستودع هذه النار المقدسة جداً، وهي هدف المسيح الرب التي تحققه، في كل كيان أولادها، ليصير كل واحد فيها مسكناً للروح وهيكلاً مقدساً في جسد المسيح الرب …

فلقد وُلدنا يا إخوتي من فوق، من الماء والروح، وصرنا أبناء الله فعلاً في المسيح بالروح القدس وهو الذي يصرخ فينا يا أبا الآب بدالة رائعة يشعرها كل من يحب الرب ويشتعل قلبه بمحبته الذي يضخها ويقويها الروح القدس بناره العظيمة جداً، النار الإلهية، النار الآكلة التي تسري في كياننا الإنساني وتتغلغل في أعماق أعماق نفوسنا في الداخل، تُصفينا وتُنقينا وتُطهرنا حتى لا يبقى فينا إلا ما يتوافق مع صورة الله الأصلية والأصيلة بشكل المسيح الرب الذي [ وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي ] (عبرانيين 1: 3)، [ فمن ثم يقدر أن يُخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم ] (عبرانيين 7: 25)، [ وكذلك الروح أيضاً يعين ضعفاتنا لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا يُنطق بها ] (رومية 8: 26)
فيا أخوتي فلنجتهد بشدة ونسعى لتلك النار المقدسة الإلهية، نار الروح القدس الذي أتى الرب ليضرمها فينا، ويشعلنا بها، فلا تسكتوا ولا تدعوه يسكت إلى أن يشعل كل كيانكم بروحه القدوس المُحيي، ولا تسكتوا أن اشتعلتم بها واتقدت فيكم، بل اطلبوها أكثر لتزداد فيكم، فينبغي أن لا نفلت الله من أيدينا حتى ننال منه، لأن هذه مسرة مشيئته أن نضطرم بناره الخاصة، فنحن الآن لنا طبع جديد نلناه في معموديتنا، وهذه الطبيعة الجديدة لا تأكلها الخطية إطلاقاً، فلنبتعد عنها (أي الخطية) وعن سمُها المُميت لأنها تخدعنا وتطرحنا بعيداً عن الله بهدف أن نفقد بكوريتنا وترخص في أعيُننا لنبيعها في النهاية بثمن شهوة الخطية الرخيص كما باع عيسو بكوريته بطبق عدس…
وأن وجد أحد أن النار الإلهية بدأت تخبو فيه أو تنطفأ بسبب تكاسله أو تراخية، أو عودته لعادة سيئة أو خطية، فليتب الآن بلا تأخير، ويعود ليطلب تلك النار المقدسة مرة أخرى ولا يكف عن الطلب ليلاً ونهاراً حتى تعود إليه من جديد وتشتعل فيه، وعليه ان يقويها دئماً بالصلاة المشتعلة بالإيمان والمحبة، وأن يدعمها بكلمة الله واستعداده القلبي لطاعة الوصية، وان يشترك مع المؤمنين القديسين في شركة الصلاة وشركة الحياة عموماً، لأن من عمل الله وسط المؤمنين شركتهم مع بعضهم البعض التي تشعلهم أكثر وتثبتهم في كنيسة الله الحي ليكونوا (على المستوى العملي) حقاً من لحم وعظم شخص ربنا يسوع، لأن أعضاء الجسد الواحد لا يحدث بينهما انقسام ولا يحيا كل عضو منفصل عن الآخر وحيداً …
ولا تنسوا ما قاله الرب : [ وأنا أقول لكم أسألوا تُعطوا أطلبوا تجدوا اقرعوا يُفتح لكم. لأن كل من يسأل يأخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يُفتح له. فمن منكم وهو أب يسأله ابنه خُبزاً أفيُعطيه حجراً أو سمكة أفيُعطيه حية بدل السمكة. أو إذا سأله بيضة أفيُعطيه عقرباً. فأن كُنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدةفكم بالحري الآب الذي من السماء يُعطي الروح القدس للذين يسألونه ] (لوقا 11: 9 – 13)…
  • فاسألوا الله أن يفيض فيكم هذا الروح الناري، اطلبوه ليلاً ونهاراً لكي يشتعل فيكم، فهو فيكم وليس غريب عنكم، لأنه يسكننا كلنا كهياكل مقدسة لله، فلا ينبغي أن نجعله مُنطفئ فينا بسبب ميلنا الباطل نحو الخير الغير موجود، لأن من يطلب ويسعى نحو العالم بكل نشاط وقوة ينسى الله وينطفئ فيه الروح الناري الذي يشعل قلوب القديسين بالمحبة ويقويها بالإيمان…
  • فتقووا يا إخوتي واصبروا في الصلاة بدوام بدون توقف لتمتلئوا بالروح وتشتعلوا بناره الخاصة، فاجعلوا قلوبكم مذابح تقدمون عليها صلاه مقدسة بهية لتحل عليها النار الإلهية وتشعلها وترفعها لله الحي.
  • فامتلئوا كل يوم وكل ساعة بروح الحياة والمحبة، لأنه ينبغي أن يكون المذبح مشتعل بتلك النار الإلهية المقدسة ليلاً ونهاراً، فاجعلوا مذبح قلبكم يا هياكل الله الحلوة مشتعلاً بهذه النار الدائمة آمين