أبحاثمُترجَم

موثوقية العهد الجديد – هل يمكن الوثوق بالعهد الجديد؟ التغييرات النصية ونقل المخطوطات

مقال مُترجَم من The JDN Blog بتَصرُّف

موثوقية العهد الجديد – هل يمكن الوثوق بالعهد الجديد؟ التغييرات النصية ونقل المخطوطات

موثوقية العهد الجديد - هل يمكن الوثوق بالعهد الجديد؟ التغييرات النصية ونقل المخطوطات
موثوقية العهد الجديد – هل يمكن الوثوق بالعهد الجديد؟ التغييرات النصية ونقل المخطوطات

مقال مُترجَم من The JDN Blog بتَصرُّف

في هذا المقال أود أن أناقش مدى موثوقية العهد الجديد. العديد من المتشككين المعاصرين الراديكاليين [/المتطرفين] غالبًا ما يتحدَّون المؤمنين، قائلين إننا لا يمكن أن نثق بالكتاب المقدس، لإننا لا نمتلك النصوص الأصلية، بل [نتملك] فقط نُسَخ من النُسَخ. وأيضًا، يقولون إن النصوص التي نمتلكها اليوم تم إفسادها عبر الزمن، فلا يمكن الثقة بها.

 

كشخص مؤمن، أؤمن بالطبع أن كل النصوص (الكتاب المقدس) هي كلمة الله المُوحَى بها، لكن الإيمان بوحيها أو الادِّعاء هو مسألة إيمان شخصي. لذا سيكون التركيز في هذا المقال على إظهار مصداقية نصوص العهد الجديد باستخدام نفس المعايير التي لجميع الوثائق التاريخية، سواء كانت دينية أو مَدنِّية. لاحظ/ي أن بكلمة “موثوقية نصوص العهد الجديد” أعني أن نصوص العهد الجديد التي لدينا اليوم تعكس بدقة ما كتبه الكُتّاب الأصليون.

 

أولاً، صحيح أننا لم نعد نملك المخطوطات الأصلية، بل بدلاً من ذلك نمتلك نُسَخ من النُسَخ. أسباب ذلك، كما هو الحال في العصور القديمة مع كل الوثائق القديمة، فغالبًا ما يتم التخلص من النسخة الأقدم عندما يتم عمل نسخة جديدة. على الرغم من ذلك، فإن اختبار موثوقية الوثائق القديمة لا يعتمد على امتلاك مخطوطة أصلية، بل [يعتمد] على عدد المخطوطات المتاحة وقربها التاريخي من [النص] الأصلي.

 

إذن، كم عدد النسخ القديمة من العهد الجديد التي لدينا اليوم؟

يوجد أكثر من 30000 نسخة: ما يقرب من 6000 نسخة باليونانية وأكثر من 10000 باللاتينية و15000 أخرى بلغات مختلفة (مثل القبطية والسريانية). وبالمقارنة، فإن “الإلياذة” كلاسيكية هوميروس (Homer’s Classic “The Iliad”) هي الوثيقة القديمة الوحيدة التي تقترب [من العهد الجديد]، فلها 643 مخطوطة – و1757 إذا احتسبنا أجزاء البردي. الآن ما مدى قُربها من النصوص الأصلية؟ انظر/ي أدناه على لمحة عامة للأعمال المختلفة من العصور القديمة للاضطلاع على المنظور والسياق.

المؤلف

الكتاب

تاريخ الكتابة

النُسَخ الأولى

الفجوة الزمنية

عدد النُسَخ

هوميروس

الإلياذة

800 ق م

400 ق م

400 عام

1757

أفلاطون

كتاباته

400 ق م

900 م

1300 عام

210

قيصر

الحروب الغالية

58-50 ق م

900 م

950 عام

251

كُتَّاب العهد الجديد

العهد الجديد

50-100 م

114 م (جزء)

200 م (أسفار)

250 م (معظم العهد الجديد)

325 م (العهد الجديد كاملًا)

50 عام تقريبًا

100 عام

150 عام

225 عام

+30000

 

كما يمكن لأي شخص أن يرى إنه لا يوجد أي [مجال] للمقارنة، فلا يوجد مجموعة من النصوص أو الأدب في العالم القديم بأسره مُوثَّقة أكثر من العهد الجديد. المؤلف العادي في العصور القديمة لديه أقل من عشرين نسخة من أعماله التي لا تزال موجودة، وعادةً ما تأتي هذه النُسَخ بعد [مرور] حوالي خمسة إلى عشرة قرون على كتابتها.

في الوقت نفسه، يتمتع العهد الجديد بثروة من المخطوطات لا مثيل لها، ولديه أقصر فجوة زمنية تعود إلى النسخ الأصلية، مقارنةً مع أي نص قديم. في الواقع، حتى لو تم إتلاف جميع مخطوطات العهد الجديد ولم يكن لدينا نسخة واحدة، فلا يزال بإمكاننا إعادة بناء نصوص العهد الجديد بالكامل تقريبًا. كيف؟

آباء الكنيسة القدماء، على سبيل المثال يوستينوس الشهيد، إيرنيئوس، إكليمنضس الإسكندري، أوريجانوس وترتليان (على سبيل المثال لا الحصر)، اقتبسوا كثيرًا من العهد الجديد بحيث يمكن للعلماء المُدرَّبين على النقد النصي إعادة بنائه من اقتباساتهم وحدها. يشهد الراحل بروس ميتزجر (Bruce Metzger)، وهو عالم مشهور ومُرشِد للعديد من علماء العصر الحديث، على هذه الحقيقة:

“إلى جانب الأدلة النصية المستمدة من المخطوطات اليونانية للعهد الجديد ومن النسخ القديمة، فإن الناقد النصي لديه العديد من الاقتباسات الكتابية … التي كتبها آباء الكنيسة الأوائل. في الواقع، هذه الاستشهادات واسعة النطاق لدرجة أنه إذا تم تدمير جميع المصادر الأخرى التي نعرفها لنص العهد الجديد، فستكون كافية وحدها لإعادة بناء العهد الجديد بأكمله عمليًا.” (ميتزجر، نص العهد الجديد). [1]

 

لذلك فإن العهد الجهد الجديد أجتاز أول اختبار للموثوقية بكثير. وليس هناك أي شيء آخر يقترب منه. التحدي التالي للموثوقية، هو الادِّعاء بأن النصوص التي لدينا اليوم قد تم إفسادها. بمعنى أن النص قد تم تغييره بشدة لدرجة أنه لا يمكن للمرء أن يثق بما يقوله [النص]. لكن هذا في الحقيقة هو وصف خاطئ جسيم للحقائق.

ما يشيرون إليه في الواقع كـ “اختلافات” بين المخطوطات القديمة، المصطلح الصحيح له في النقد النصي الأكاديمي هو “مُتغيِّرات” (variants). هذا في الواقع ليس شيئًا جديدًا، وإنه طبيعي جدًا (متوقع) لأي مستندات قديمة مكتوبة بخط اليد. علاوة على ذلك، أي مُتغيِّرات في التدوين كلها موثقة في النصوص التي لدينا اليوم.

ومع ذلك، فإن المشككين المعاصرين الذين تغذيهم الكتب الرائجة بالعناصر الأكثر راديكالية للمدرسة الجديدة New School (طالع مقالي السابق: لماذا لا يتفق العلماء بشأن يسوع؟)[2] قد تمسكوا بهذا الأمر وسموا هذه المُتغيِّرات بـ”فساد” من أجل التشكيك في مصداقية وموثوقية العهد الجديد. لكن هذا الوصف الخاطئ للمُتغيِّرات مُبالَغ فيه بشكل صارخ ويشوه القضية.

 

إذَن، ما هي التغييرات النصية؟

 إذا كان لديكَ/كِ أي مخطوطة بها اختلاف في كلمة واحدة، فإن ذلك يُعتبَر مُتغيِّر نصي. إذَن، كم عدد المُتغيِّرات الموجودة في العهد الجديد؟

حسنًا، العدد الدقيق غير معروف، لكن جميع العلماء يتفقون على أن هناك ما بين 200000 و400000 مُتغيِّر نصي. قد يزعج هذا الرقمُ الكثيرَ من الناس، لكن لا يجب أن يكون كذلك. ضع/ي في اعتباركَ/كِ كما ناقشنا سابقًا، أن عدد نسخ العهد الجديد باللغة اليونانية الأصلية يتضمن حاليًا ما يقرب من 6000 مخطوطة قديمة. باختصار، كلما زاد عدد النسخ لديكَ/كِ، زاد عدد المُتغيِّرات التي ستحصل/ين عليها.

في الواقع، إذا أخذنا الحد الأقصى من المُتغيِّرات وهو (400000) والعدد الإجمالي للمخطوطات اليونانية وحدها (5800)، فإن هذا من شأنه أن يصل في المتوسط ​​إلى حوالي 68 مُتغيِّر مُتفرِّد لكل نسخة. الآن، هذا لا يعني، ولا أنا أقول، أن الـ 68 مُتغيِّرًا تم نسخهم 5800 مرة لـيصلوا إلى 400000 مُتغيِّر.

في الواقع، المخطوطة الواحدة يمكن أن تحتوي على 1000 مُتغيِّر ومخطوطة ثانية [تحتوي على] 1000 آخر، ولكن إذا كان 500 مُتغيِّر من [المخطوطة] الثانية مماثلين لما في [المخطوطة] الأولى، فسيكون الإجمالي [لدينا] هو 1500 مُتغيِّر. إلا إن كل [مخطوطة واحدة] منهما بها 1000 [مُتغيِّر].

ثم تتقدم/ين إلى المخطوطة الثالثة والرابعة والخامسة وما إلى ذلك – فستحصل/ين على مُتغيِّرات متفرِّدة من 200000 إلى 400000، بعد الاطلاع على جميع المخطوطات اليونانية.

 

إذَن، كيف تبدو هذه المُتغيِّرات [النصية التي] للعهد الجديد؟

  • حسنًا، ما بين 70 إلى 80 بالمائة [من المُتغيِّرات النصية]، ليست أكثر من اختلافات إملائية. لذا، إذا كانت مخطوطة من القرن التاسع تحتوي على كلمة واحدة بها خطأ إملائي، فإن ذلك يُعَد مُتغيِّرًا واحدًا. أيضًا، يمكن تهجئة يوحنا [ Ἰωάννης يُنطَق: يؤنِّس] بشكل صحيح باستخدام حرف “ن” [ν]واحد أو اثنين -مع هذا، في أي مرة يستخدم الناسخ التهجئة الأخرى- يكون هذا مُتغيِّر [نصي]. الآن قم/قومي ببعض العمليات الحسابية الذهنية السريعة، هذا يعني أن 280000 إلى 320000 من هذه المُتغيِّرات غير مهمة (inconsequential).
  • إذن ماذا عن البقية؟ في أي مرة يقوم الناسخ بتكرار سطر أو تخطِّي سطر، يكون هذا مُتغيِّر [نصي].
  • في العديد من المقاطع، المُتغيِّرات ليست أكثر من مُرادِفات، على سبيل المثال قد يكتب أحدهم “فلان ناح” وآخر يكتب “فلان بكى”، فلا يوجد تغيير في المعنى، ومع ذلك لا يزال يُعتبَر مُتغيِّر [نصي].
  • على سبيل المثال، هناك أكثر من اثنتي عشرة طريقة مختلفة في اللغة اليونانية لقول إن “يسوع يحب فلان” وكلها ستتُرجَم إلى الإنجليزية بنفس الطريقة، ولكن بالنسبة لكل سَرد يوناني مختلف مُستخدَم، يُعتبَر هذا مُتغيِّر [نصي].
  • يتضمن عدد من المُتغيِّرات أيضًا الممارسة القديمة لاستخدام التعريف “الـ ” [قبل الاسم العَلَم]، مثل “الـمريم تقول” أو “الـيوسف يقول” وبمجرد أن أصبحت هذه الممارسة غير معاصرة، حذف النُسَّاخ [أداة التعريف] “الـ”، لتكون مَكتوبة في المخطوطات “مريم تقول” أو “يوسف يقول”، وكل مرة سيتم احتسابها كمُتغيِّر نصي مُنفصِل.

هذه الأمثلة هي من ضمن المُتغيِّرات الأكثر شيوعًا، وتمثل ما يقرب من 99٪ من جميع المُتغيِّرات [3]، وكما يمكن للمرء أن يرى، فهي غير مهمة تمامًا ولا تؤثر على محتوى النص أو معناه على الإطلاق.

على وجه الإجمال، أقل من 1٪ من المُتغيِّرات تؤثر على معنى النصوص بطريقة ما، و[هي] حول قضايا ثانوية إلى حد كبير.

  • على سبيل المثال، (1يوحنا1: 4)، تقول: ” ونكتب إليكم هذا لكي يكون فرحـنا [ἡμῶν] [4] كاملًا”، بينما تقول المخطوطات الأخرى: “… لكي يكون فرحـكم [4] [ὑμῶν] كاملًا”. إن المُتغيِّر يؤثر على المعنى، لكن بطريقة بسيطة وثانوية.
  • أيضًا من ضمن فئة الـ1 % هناك استيفاءات محتملة (إضافات) للنصوص. لكنها نادرة جدًا، وكلها ليست ذات أهمية تقريبًا، ولا تزيد عن بضع كلمات أو آية أو اثنتين في الطول، مع استثناءين. في هذا الصدد، لا يوجد سوى مُتغيِّرين رئيسيين في نصوص العهد الجديد بأكملها يتخطَّيان التهجئة المعتادة والصياغة واختيار الكلمات، ولهما طول ملحوظ.
    • [المُتغيِّر] الأول يقع في نهاية [إنجيل] مرقس؛ حيث يعلن يسوع للتلاميذ أنهم يستطيعون الآن التحدث بألسنة وحَمل الأفاعي وإخراج الشياطين باسمه. هذا ليس في أقدم مخطوطات [إنجيل] مرقس… ويستند على سفر أعمال الرسل. [5]
    • [المُتغيِّر] الثاني هو المرأة التي تم القبض عليها في الزنا من [إنجيل] يوحنا. على الرغم من أن الأسباب معقدة للغاية للتطرُّق في هذا هنا، إلا أن العديد من العلماء (بعضهم من كلتا المدرستين) لديهم أسباب ليجادلوا في صالح تاريخية الحدث المُسجَّل في هذا المقطع. على الأرجح، لم يكن هذا جزءًا من إنجيل يوحنا فحسب، ربما أكتُب عن ذلك لاحقًا. [6]

ومع ذلك، إذا نظر أي شخص إلى حواشي كتابه المقدس [الكاتب يتحدث هنا عن بعض النُسَخ باللغة الإنجليزية] فسوف يرى أن القراءات المهمة المختلفة مُسجَّلة بالفعل، هذا ليس بجديد.  [أما] وصف هذه المُتغيِّرات من قِبَل المُشكِكين المعاصرين بأنها “فساد” لنصوصنا الحديثة، وبالتالي اعتبار العهد الجديد “غير جدير بالثقة” و “مَنقوص [/كُشِفَت مَساوِئه]” يعد تشويهًا جسيمًا للحقائق.

إن نزاهة [/سلامة] نصوص العهد الجديد راسخة، ونصوصنا الحديثة تتضمن القراءات المُتغيِّرة التي تستحق الاهتمام [لكي نلاحظها] على أي حال. [أما المُتغيِّرات غير المهمة التي أشار الكاتب إليها سابقًا، وهي مثل تكرار نَسخ سطر أو حذف أداة التعريف “الـ” أو غيرها، لا تتضمَّنها نصوصنا الحديثة.]

 

في الواقع عندما تضع/ي في الحسبان العدد الإجمالي لنُسَخ مخطوطات العهد الجديد، فإن العدد المُحتَمَل للمُتغيِّرات يجب أن يكون حوالي عشرات الملايين. إنه لأمر صادم في الحقيقة -حتى لكثير من العلماء- أن لدينا القليل جدًا [من المُتغيِّرات]. العالِم دانيال ب.

والاس (Daniel B. Wallace)، أستاذ دراسات العهد الجديد في معهد دالاس اللاهوتي والمدير التنفيذي لمركز دراسة مخطوطات العهد الجديد، يُعتَبَر أحد أبرز العلماء في العالَم فيما يتعلق بالنقد النصي، ويتم النشر له على نطاق واسع في الوَسَط الأكاديمي. لقد قال ما يلي في مقابلات أجراها معه لي ستروبل (Lee Strobel)، وتم اقتباس ذلك في كتاب قضية يسوع الحقيقي (The Case for the Real Jesus):

“لا تتأثر العقائد الأساسية بأي من المُتغيِّرات المُمكِنة”[7]

 “الحقيقة هي أن العلماء عبر الأطياف اللاهوتية يقولون إنه في كل المبادئ الأساسية، تعود المخطوطات التي نملكها للعهد الجديد إلى النُسَخ الأصلية” (والعلماء الذين يقولون عكس ذلك هم) “جزء من أقلية صغيرة جدًا من ُنقَّاد النص،” [8]

“كمية و جودة مخطوطات العهد الجديد لا مثيل لها في العالم اليوناني الروماني القديم. _ لا توجد أي مقارنة تمامًا بالآخرين”[9]

“بالنسبة لي، الشيء الأكثر لفتًا للنظر هو الضَجَر [/المَلَل] من النظر إلى مخطوطةٍ بعد مخطوطةٍ بعد مخطوطةٍ لا تتغير. نعم، هناك اختلافات، لكنها ضئيلة جدًا. كل عام، عندما أقوم بتدريس النقد النصي، يقضي طلابي حوالي ثُلث حجم [/عبء] عملهم في نَسْخ المخطوطات_ وهم دائمًا يندهشون من مدى ضآلة اختلاف المخطوطات.” [10]

نورمان جيزلر (Norman Geisler) عالِم وخبير في الكتاب المقدس نُقِل عنه قوله،

“عند مقارنة القراءات المُتغيِّرة للعهد الجديد، مع تلك [المُتغيِّرات] الخاصة بالكتب الأخرى التي نَجَت من العصور القديمة، فإن النتائج تكاد تكون مُذهِلة_ إن أدلة نزاهة [/سلامة]  العهد الجديد لا تقبل الشك.” [11]

 

ملاحظة أخيرة، يبدو أن العديد من المشككين المعاصرين يخضعون للافتراض الخاطئ أن مخطوطات العهد الجديد تَتبع خط انتقال طولي واحد، أي أن شخص يمرر رسالة إلى الثاني الذي يعطيها إلى الثالث وهكذا. ومع ذلك، هذا [الادِّعاء] يفترض طريقة مشابهة للانتقال الشفوي، حيث سيكون من الصعب بالفعل إعادة بناء رسالة أصلية من خلال خط انتقال واحد يبعد عن الأصل بعدة أجيال. لكن الواقع هو أن أيًا من الافتراضين لا ينطبق على العهد الجديد، لماذا؟

لأنه مُخلَّد [/يُنسَخ أو يتم الاقتباس منه طوال الوقت] في الكتابات، والمخطوطات المكتوبة يمكن التحقق منها بوضوح، وذلك لا ينطبق على التواصل الشفوي. مرة أخرى، مخطوطات العهد الجديد لا تُمثِّل خط انتقال طولي واحد يبعد عن الأصل بعدة أجيال، ولكن بدلاً من ذلك تُظهِر خطوط انتقال متعددة، مع أقصر فجوة تعود إلى النسخ الأصلية مقارنةً بأي عمل قديم.

 فماذا يعني وجود خطوط انتقال متعددة؟

على سبيل المثال، قد يوزع أحدُ المؤلفين عشرَ نسخٍ من عمله، ويتم نسخ كل نسخة منها خمسين مرة، ثم يتم نسخ كل واحدة من الخمسين أكثر بواسطة ناسخ لاحق، وهلم جرا. بمعنى آخر، لديكَ/كِ خطوط انتقال متعددة جميعها تشهد لنفس النص. لذلك، نظرًا لوجود الآلاف من المخطوطات المُتبَقّية للعهد الجديد والتي تمثل خطوط انتقال متعددة والغالبية العظمى من المُتغيِّرات فيها غير جوهرية  تمامًا، بالإضافة إلى العديد من الشهود القدامى على انتقال النص (أي آباء الكنيسة)، فالنتيجة النهائية هي أن نص العهد الجديد يتَّسِم بنزاهة [/سلامة] لا تشوبها شائبة.

في الواقع، معظم نُقَّاد النص يقولون إن نص العهد الجديد أصيل بنسبة 98-99%. هذا يعني أن نزاهة [/سلامة] نص العهد الجديد راسخة بحيث لا مجال للشك فيها، ولن يجادل بخلاف ذلك إلا فقط أكثر المتشككين تطرفًا.

 

في الختام، يتمتع العهد الجديد بدعم غير مسبوق لدقته النصية. لهذا، فإنه يجتاز بكثير الاختبار الثاني [اختبار إفساد النصوص] من قِبَل المتشككين الذين يتحدون موثوقيته. بعبارة أخرى، العهد الجديد الذي تقرأه/تقرأيه اليوم، هو ترجمة جديرة بالثقة  للكتابات الأصلية. باختصار، العهد الجديد يمكن الوثوق به. العهد القديم يحظى أيضًا بدعم مُمَاثل، لذلك يمكن أن يُقال نفس الشيء عن موثوقية الكتاب المقدس بأكمله. إنني تحدثت كثيرًا عن هذا الموضوع بما فيه الكفاية، سأختتم باقتباس قول يسوع في إنجيل مرقس:

“السماء والأرض تزولان، ولكن كلامي لا يزول.” (إنجيل مرقس13: 31)

شكرًا لقراءتُكَ/لقراءتُكِ. أرجو أن يكون البعض قد وجد هذه المقالة مُفيدة.

ليباركنا الله!

جاي. دي. إن. (JDN)

رابط المقال الأصلي:

https://thejdnblog.wordpress.com/2015/04/19/is-the-new-testament-reliable/

 

الحواشي:

[1] Metzger and Ehrman, TNT, p.126.

[2] https://thejdnblog.wordpress.com/2015/04/10/part-1-of-2-did-paul-invent-christianity/

[3] wallace, “Gospel According to Bart,” p. 330.

[4] https://www.bibletranslation.ws/trans/1john.pdf   p.3.

[5] “إخراج الشياطين”: (أعمال الرسل8: 6)، (أعمال الرسل16: 16- 18)  و”التكلم بألسنة”: (أعمال الرسل2: 3- 4)، (أعمال الرسل10: 45- 46)، (أعمال الرسل19: 6) و”حَمل الحيَّات”: (أعمال الرسل28: 3- 4) و”وضع الأيدي على المرضى”: (أعمال الرسل28: 8)

[6] https://thejdnblog.wordpress.com/2015/08/07/the-story-behind-john-753/

[7] Lee Strobel, The Case for The Real Jesus, p.90.

[8] Ibid., p.71-72.

[9] Ibid., p.83,85.

[10] Ibid., p.98.

[11] Norman Geisler and William Nix, From God to Us: How We Got Our Bible (Chicago: Moody, 1980), p.180.

موثوقية العهد الجديد – هل يمكن الوثوق بالعهد الجديد؟ التغييرات النصية ونقل المخطوطات