عام

أخنوخ חֲנוֹך – Enoch وهو الجيل السابع من آدم (يهوذا 14) وهل سيظهر قبل المجيء الأخير للمسيح !

أخنوخ חֲנוֹך– Enoch وهو الجيل السابع من آدم (يهوذا 14) ، هو ابن يارد وابو متوشالح من نسل شيث (تكوين5: 18) ومعنى اسمه : تعليم – مُكرس – مؤدب – مُسْتَهلّ – مُحنك ، وقد عاش 365 سنة [ ولم يوجد لأن الله أخذه ] (تكوين 5: 24) ، إذ قد شهد له الوحي بأنه سار مع الله فنُقل لكي لا يرى الموت [ وقبل نقله شُهد له بأنه قد أرضى الله ] (عبرانيين 11: 5)

وتعبير [ سار مع الله ] يُستخدم خصيصاً – في الكتاب المقدس – كعلامة على التقوى العظيمة، فالسير مع الله يعني أكثر من مجرد الدعاء باسمه وتقديم العبادة له، ولم يشهد الكتاب المقدس في العهد القديم لأحد أنه سار مع الله من بعده سوى نوح (تكوين 6: 9)، فسار مع الله هي عبارة تؤكد على علاقة وثيقة حميمة مستمرة بلا افتراق أو انقطاع، فيها مشاركة وفاعلية واستعداد للطاعة الدائمة، وفيها يصبح الإنسان صديقاً لله يسأله في كل شيء والرب يُجيب، ويطلب منه والرب يُعطي، ويقرع بابه في أي وقت والرب يفتح للتو… لأن هذه العلاقة توطدت بالمحبة واتفقت مشيئة الإنسان مع مشيئة الله، والعين أبصرت والأُذن انفتحت على سر ملكها وإلهها القدوس الحي…

وعموماً أننا نرى أن إيمان أخنوخ وصل لقمة فاعليته بإرضاء الله وأن له ثقة في استجابة الله له ومجازاته بالشركة معه: [ بالإيمان نُقل أخنوخ لكي لا يرى الموت ولم يُوجد لأن الله نقله. إذ قبل نقله شُهد له بأنه قد أرضى الله. ولكن بدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه، لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله ( هنا على الأرض بالصلاة والوجود في حضرته، وهناك في السماء بالتالي للحياة معه إلى الأبد ) يؤمن أنه موجود وأنه يُجازي الذين يطلبونه (أي الذين لهم شهوة الرجوع لله الحي كجزاء: لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً – فيلبي1: 23) ] (عبرانيين 11: 5و 6) ، وهذا يُذكرنا بقول النبي عزاريا بن عوديد لآسا الملك ولكل الشعب: [ اسمعوا لي يا آسا وجميع يهوذا وبنيامين (أسباط اليهودية)، الرب معكم ما كنتم معه، وإن طلبتموه يوجد لكم، وإن تركتموه يترككم ] (2أيام15: 1و 2)

ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم : [ الإيمان يتطلب نفساً كريمة وقوية تستطيع أن تعلو فوق أمور الحواس وتتجاوز ضعفات وتقديرات الإنسان، لأنه من الصعب أن يصير الإنسان مؤمناً دون أن يرتفع فوق عادات الناس ] (القديس يوحنا ذهبي الفم في تفسير عبرانيين 11 : 3و 4) 

يقول سفر الحكمة عن أخنوخ البار: [ كان يوجد إنسان أسرَّ الله بعمله، والله أحبه وبينما هو وسط الخطاة يحيا، أسرع الله ونقله، أختطفه الله لئلا يلوَّث الشر فطنته أو يُزيف الغش نفسه، لأن سحر الخُبث يطمُس الصلاح، والشهوة المتنمَّرة تقلب براءة الفكر، وإذ تُكَمَّل (أخنوخ) في وقتٍ قصير صار كأنه أكمل زماناً مديداً لأن نفسه كانت تُسِرُّ الرب. لذلك أسرع وأخذه من وسط الشرّ. ولكن الناس رأوا ذلك وما فهموه ولا دخل هذا قلوبهم: إن رحمة الله ونعمته هما دائماً لمُختاريه وهو دائماً يُلاحظ قديسيه ] (سفر الحكمة من السبعينية 4: 10 – 15)


عموماً نجد أن أخنوخ البار المحب لله ظهر اسمه في أكثر من موضع وعلى الأخص في العهد الجديد ن في لوقا 3: 37 ؛ عبرانيين 11: 5 – 6 ؛ يهوذا 14 – 15 ، وذُكر خطأ عند بعض الشُراح والمُفسرين أنه ذُكر في سفر الرؤيا وأنه سيأتي قبل مجيء السيد الرب، مع أنه يُمثل عامة كنموذج حي أمام الكل، كل من يسير مع الله وينتظر بتوقع مجيئه حسب وعده للحياة الأبدية التي وعدنا بها …

عموماً أخنوخ البار يعتبر مُعلماً للحكمة بالدرجة الأولى وإنساناً رؤيوياً لأنه رأى الله ونُقل إليه ليعلن رجاء القيامة الحي، وهو يُمثل كل من يعيش مع الله وسط كل جيل معوج يزداد الشر فيه بعنف وقوة، فهو النموذج الحي للإيمان بالله الذي يرتفع في قوته فوق قوة الموت لأنه تساوى في قوته مع رضا الله وحبه، فرُفع عنه حكم الموت الذي ساد على كل إنسان منذ السقوط، فنقله الله من الفساد لعدم الفساد بقوته ن فذاق القيامة ولم يذُق الموت، وتم فيه قول الرب: [ أن آمنتِ ترين مجد الله ]. فأخنوخ آمن ورأى مجد الرب ولم يرى الموت بل عبر فوقه عبوراً بقوة صلاح الله وعمل محبته كفعل نعمه مُنح منه لأخنوخ الذي أرضاه بالإيمان فقط، فصار علامة رجاء حي أمام الأجيال كلها لإعلان مجد الرب وخلاصه العظيم الآتي برجاء حي بالقيامة وحياة الدهر الآتي في نعيم مجد المسيح الرب الذي أتانا لينقلنا لملكوته الخاص في داخل الله …

ونحن أيضاً الذي تمت لنا كل النبوات وأمام أعيننا ونلنا قوة عمل الله بالتجديد، ننظر بالإيمان مجد الرب فنتغير ونتغير من مجد إلى مجد كما من الرب الروح حتى نبلغ تلك الصورة عينها (2كورنثوس 3: 18)، ونجد أن القديس بولس الرسول قدم أخنوخ للعبرانيين ليشهد لهم وسط السحابة عن إمكانية إرضاء الله ونحن وسط العالم الشرير، وذلك حينما يبلغ الإيمان حد الموت ويفوقه، فإيمان أخنوخ كان أقوى من الموت لأنه أحب الله وأرضاه، والمحبة كالإيمان أقوى من الموت، لأن الإيمان هو الثقة بما نرجوه من جهة العودة لله، ويقين انتظار مواعيد الله الصادقة أي أن كل الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود (أي الكائن بذاته وحاضر بقوة نعمته ومجده) وأنه يُجازي (بالحياة الأبدية معه) الذين يطلبونه .

ولكل من يتحجج بشر هذا الزمان وأنه وسط جيل لا يقدر أحد فيه أن يحيا لله ولا يستطيع احد أن يصنع البرّ أو يحيا بالوصية ويُرضي الله في المسيح ويتشبع بقوة عمل نعمته، فليُصغي لكلام القديس يهوذا الرسول حينما تحدث عن شر آخر الأيام وأظهر أخنوخ كمثال قائلاً: [ وتنبأ عن هؤلاء أيضاً أخنوخ السابع من آدم قائلا هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه. ليصنع دينونة على الجميع ويُعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار. هؤلاء هم مدمدمون متشكون سالكون بحسب شهواتهم وفمهم يتكلم بعظائم ، يُحابون بالوجوه من أجل المنفعة.
وأما أنتم أيها الأحباء فاذكروا الأقوال التي قالها سابقاً رسل ربنا يسوع المسيح. فإنهم قالوا لكم أنه في الزمان الأخير سيكون قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات فجورهم. هؤلاء هم المعتزلون بأنفسهم نفسانيون لا روح لهم. وأما انتم أيها الأحباء فابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس مصلين في الروح القدس. و احفظوا أنفسكم في محبة الله منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية. وارحموا البعض مميزين. وخلصوا البعض بالخوف مختطفين من النار مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد.
و القادر أن يحفظكم غير عاثرين و يوقفكم أمام مجده بلا عيب في الابتهاج. الإله الحكيم الوحيد مخلصنا له المجد والعظمة والقدرة والسلطان الآن وإلى كل الدهور آمين ] (يهوذا 14 – 25)

ملحوظة هامة جداً ، شيع خطأ عن أن أخنوخ سيأتي في الألف سنة المذكور عنها في سفر الرؤيا وسيظهر هو وإيليا النبي في الأزمنة الأخيرة قبل المجيء الثاني، وهذا من تفسير وشرح بعض الكنائس الغير تقليدية نقلاً عن كتابات منسوبة للقديس يوحنا الدمشقي في القرن السابع، وهذه التفسيرات لا علاقة لها بسفر الرؤيا نهائياً لا من بعيد ولا من قريب، ولإثبات ذلك هذه هي الآيات كلها التي ذُكرت عن أخنوخ في الكتاب المقدس ولم يُذكر شيئاً عن مجيئه او ظهوره قبل مجيء الرب ثانية، بل ولم يوجد له ذكر في ولا آية واحدة في سفر الرؤيا :
وعاش يارد مئة واثنتين وستين سنة وولد أخنوخ (تك 5 : 18)
وعاش يارد بعدما ولد أخنوخ ثماني مئة سنة وولد بنين وبنات (تك 5 : 19)
وعاش أخنوخ خمساً وستين سنة وولد متوشالح (تك 5 : 21)
وسار أخنوخ مع الله بعدما ولد متوشالح ثلاث مئة سنة وولد بنين وبنات (تك 5 : 22)
فكانت كل أيام أخنوخ ثلاث مئة وخمساً وستين سنة (تك 5 : 23)
و سار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه (تك 5 : 24)
أخنوخ ، متوشالح ، لامك (1اخبار 1 : 3)
لم يُخلق على الأرض أحد مثل أخنوخ الذي نُقل عن الأرض (سيراخ 49 : 16)
أخنوخ أرضى الرب فنُقِلَ وسيُنادي الأجيال إلى التوبة (سيراخ 44 : 16)
بن متوشالح بن أخنوخ بن يارد بن مهللئيل بن قينان (لو 3 : 37)
بالإيمان نُقل أخنوخ لكي لا يرى الموت ولم يُوجد لأن الله نقله إذ قبل نقله شُهِدَ له بأنه قد أرضى الله (عب 11 : 5)
و تنبأ عن هؤلاء أيضاً أخنوخ السابع من آدم قائلاً هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه (يه 1 : 14)

__________________
مراجع الموضوع :
1 – القاموس الموسوعي للعهد القديم المجلد 3 والمجلد 7
2 – معجم اسماء الأعلام في الكتاب المقدس
3 – المجموعة الكتابية (2) في شرح الكتاب المقدس – اسفار الشريعة – (1) سفر التكوين – الخوري بولس الفغالي
4 – شرح سفر التكوين – سفر البدايات – إصدار دير القديس انبا مقار 
5 – لسان المتعملين – قاموس تحليلي عبري عربي
6 – قاموس عبري عربي – ي قوجمان
7 – فهرس الكتاب المقدس
8 – دائرة المعارف الكتابية
9 – تفسير عبرانيين للقديس يوحنا ذهبي الفم

——————————————————————————–
وبالنسبة لموضوع إيليا الرب نفسه وضحه في إنجيل متى الإصحاح 11 قائلاً :
7- و بينما ذهب هذان ابتدا يسوع يقول للجموع عن يوحنا ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا أقصبة تُحركها الريح.
8- لكن ماذا خرجتم لتنظروا أإنساناً لابساً ثياباً ناعمة هوذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيوت الملوك.
9- لكن ماذا خرجتم لتنظروا أنبياً نعم أقول لكم و أفضل من نبي.
10- فأن هذا هو الذي كتب عنه ها أنا أُرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك.
11- الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه.
12- ومن أيام يوحنا المعمدان إلى الآن ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه.
13- لأن جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا.
14- وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن ياتي.
15- من له أُذنان للسمع فليسمع.

______________
وسأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً (مت 17 : 10)
فأجاب يسوع وقال لهم أن إيليا يأتي أولاً ويرد كل شيء (مت 17 : 11)
و لكني أقول لكم أن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا ، كذلك ابن الانسان أيضاً سوف يتألم منهم (مت 17 : 12)
ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعُصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيئ للرب شعباً مستعداً (لو 1 : 17)

ولنُلاحظ جيداً هذا الكلام وننتبه إليه مع العلم أن لم يُذكر اسم إيليا النبي ولا أخنوخ على الإطلاق ولا حتى بالإشارة إليهما في سفر الرؤيا كما يدَّعي البعض ويفسرون حسب ما سمعوا من صغرهم من تعاليم بعيدة كل البعد عن الكتاب المقدس ، وكما رأينا أن القديس يوحنا تقدم بروح إيليا وقوته وليس هو إيليا بشخصه ، بل يحمل نفس ذات الروح وذات القوة ليُهيء الطريق للمسيح الرب كما شرح الرب بفمه الطاهر وكتبه الرسل الأطهار القديسين بإلهام الروح في الإنجيل …

تعليق واحد

  1. ولكن مواصفات القدرة المعطاة لأحد الشاهدين المذكورين في سفر الرؤبا ، تطابق المعطاة لإيليا ،والآخر تطابق المعطاة لموسي. فهل هذا تنويه من بعيد ،أو إشارة بنزول ايليا وموسي قبل نهاية الايام؟……شكراً..وربنا يبارككم