سؤال وجواب

هل يمكن قبول نظرية المصادر؟

22- هل يمكن قبول نظرية المصادر؟

ج: لا يمكن قبول نظرية المصادر لأسباب عديدة نذكر منها:

1- يتجاهل أصحاب نظرية المصادر النصوص الواضحة والصريحة التي وردت في الأسفار المقدسة والتي تنسب السفر إلى كاتبه، ويدعون أننا عرفنا كتبة الأسفار من التقاليد المتوارثة، وراحوا يشككون في هذا التقليد، ويخلطون بين التقليد وبين النصوص الكتابية، وبين الأسانيد التاريخية، وقات عليهم أن التقليد هو ما تسلمته الكنيسة شفاهة من الآباء الرسل أو الآباء الرسوليين أي الجيل الثاني بعد الآباء الرسل، وهل يعقل أن نهمل نصوصًا كتابية واضحة تنسب الأسفار إلى كتابها ونأخذ بآراء أصحاب مدرسة النقد الأعلى؟! وعلى كل فلنا عودة لهذا الموضوع في الفصل التاسع.

2- اعتمد أصحاب نظرية المصادر على الافتراضات والاجتماعات والتخمينات حتى صار أسلوب الدراسة في هذا المجال هو أسلوب التخمين، فيقول ريتشارد فريدمان ” تحول بحث العهد القديم إلى مجال عملي مقبول، عندما نجح الخلط فيه بين الدراسة التاريخية للنص وبين الدراسة الأدبية له، وأصبح هذا النموذج الذي يدرس التوفيق بين مصادر النصوص المختلفة (تخمين المصادر) الأسلوب السائد في حقل البحث منذ ذلك الحين وحتى الآن(1) واقتنع ” وليام روبرتسون سميث ” أستاذ دراسات العهد القديم في كلية الكنيسة الحرة بابردين اسكتلندا في القرن التاسع عشر، بنظرية تخمين المصادر، وكتب عدة مقالات في عشرين عامًا، ودعى بالأسقف الشرير.، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فقد كان كل واحد من النقاد يسجل أفكاره الخاطئة وتصوراته دون محاولة إثباتها بالأدلة الواقعية، وبدون دراسة موضوعية جادة، ولهذا نلاحظ التخبط الشديد والاختلاف البين بين هؤلاء الأشخاص، فعلى سبيل المثال نجد الآتي:

أ – توماس هوبز Thomas Hobbes سنة 1651م وسبينوزا Spinoza Benedich سنة 1770 م. أنكرا نسبة التوراة لموسى النبي، وقالا أن الأسفار من التكوين وحتى الملوك هي من وضع عزرا الكاتب.

ب – ريتشارد سيمون Richarad Simon سنة 1678م ادعى أن التوراة كتبها إنسان آخر غير موسى، ولكنه استعان بالمذكرات التي دونها موسى.

ج – الطبيب الفرنسي جان أستروك Haen Istruc سنة 1753م قال أن موسى كتب التوراة مستعينًا بمصدرين سابقين ولذلك استخدم أسمين للفظ الجلالة هما “إيلوهيم” و”يهوه”.

د – إيخهون Eichorn سنة 1780م قال أن هناك نوعان من الأفكار والأساليب في كتابة سفري التكوين والخروج مما يغلب بأن موسى أخذ من مصدرين، ثم جاء شخص آخر فأعاد صياغة النص الذي كتبه موسى.

ه – جيدس Geddes سنة 1792م قال أن الكتاب المقدَّس وصل إلينا كأجزاء متفرقة، وأن التوراة كتبت في أرض كنعان وأورشليم في زمن الملك سليمان، دون أن يحدد كتاب هذه الأسفار ولا كيفية جمعها ولا زمن كتابتها، ولا زمن جمعها.

و – فاتير Vater سنة 1805م وهارتيمان Hartman سنة 1831م توسعَا في نظرية المصادر حتى وصلا إلى ثلاثين مصدر اعتمد عليها كاتب التوراة.

ز – إيولد Ewold H.G.وضع نظرية التكميل سنة 1838م حيث أفترض أن موسى لم يكتب التوراة إنما كتبها شخص معتمدًا على عدة وثائق لاحقة لموسى النبي، وعاد في سنة 1855م هدم نظريته هذه، وأقر أن موسى هو الذي كتب التوراة معتمدًا على المصدر الإيلوهيمي والمصدر اليهوي.

ح – ريم E. Riehm سنة 1854م أضاف المصدر التثنوي وأرجع تاريخه إلى ما قبل سنة 621 ق.م بقليل.

ط-ريوس E. Reuss سنة 1854 م أضاف المصدر الكهنوتي للمصادر التي اعتمد عليها موسى في كتابة التوراة.

ى-فلهاوزن J. Wellhausen سنة 1878 م حدد تواريخ المصادر الأربعة، فحدد تاريخ المصدر اليهوي بسنة 950- 850 ق. م. وقال أنه كتبه شخص من مملكة يهوذا، وحدد المصدر الإيلوهي بسنة 850- 750 ق. م. وقال أنه كتبه شخص من السامرة، وحدد تاريخ المصدر التثنوي بسنة 623 ق. م. في عصر يوشيا الملك، وقال أن هذا المصدر أُضيف إليه يشوع والقضاة وصموئيل، وحدد المصدر الكهنوتي بسنة 500- 450 ق. م. وقال أنه كُتب بواسطة حزقيال النبي، ثم ادعى أن كل هذه المصادر أُدمجت سنة 400 ق. م. لتأخذ شكل التوراة الحالية.

وفي فترة صغيرة يذكر “ريتشارد فريدمان” ثلاثة آراء متعارضة فيقول “وفي القرن الثامن عشر توصل ثلاثة باحثين إلى استنتاج مماثل (للفصل بين المصدر اليهوي والألوهيمي) يقوم على هذا الأسلوب وهم قس ألماني “ه. ب. فيتر ” وطبيب فرنسي “جان استروك ” وبروفيسور ألماني “ى. ج أيخهورن” في البداية ظهرت فكرة أن إحدى روايتّي قصص سفر التكوين هي صيغة قديمة استخدمها موسى مصدرًا له، والرواية الثانية هو لموسى نفسه والتي يصف فيها الأحداث على لسانه، وفي مرحلة متأخرة ساد رأي يقول بأن الروايتين كانتا نصين قديمين وقد وضعهما موسى، ثم وصل الباحثون إلى استنتاج أن المصدرين دونهما كتَّاب عاشوا بعد عصر موسى”(2).

3-يتصور أصحاب نظرية المصادر أن كاتب التوراة وضع هذه المصادر أمامه، وأخذ يوفق بينها ويضيف من عندياته حتى ظهرت بهذا الشكل الأخير، والحقيقة أن البساطة الواضحة في كتابة التوراة ينقض هذا الزعم الباطل.

4-لو أن الكاتب نقل من مصادر سابقة، فهو يعتبر ناقل، فأين دور العقل الإنساني الخلاق؟! وأين دور الوحي الذي يعصمه أثناء الكتابة؟!!

5-انتقد كثير من العلماء نظرية المصادر ومن هؤلاء العلماء:

أ- فيجوروكس F. Vigourowx الذي ألف كتابه سنة 1884 م:

-Les Livres Saints et la Critique Rationaliste

ورد فيه على مدارس النقد.

ب- كورنيلي R. Cornely الذي ألف كتابه سنة 1887 م:

-Introductio Specialis in Ristoricos Veteris Testamenti Libros, 1887

حيث ناقش نظرية المصادر ورد عليها، وأعلن تمسكه بصحة الكتاب المقدس المُوحى به من الروح القدس، والتقليد الذي أوصل لنا الكتاب بهذه الصورة.

ج- داهس Dahse الذي هاجم سنة 1914 م آراء فلهاوزن في كتابه:

-Dahse Die gegenwartige krisis in de alttestamentlichen, Kritik (1914)

د- لور Lohr سنة 1925 م انتقد نظرية المصادر الأربعة التي تعتمد على الفرض والتخمين.

ه- كيتيل G. Kittel أيد صحة التقليد في وصول الأسفار القانونية إلينا، وأكد على ضرورة دراسة العهد الجديد، وأصدر كتابه الشهير سنة 1926 م:

-Die Probleme des Palastinischen Spatjuden tums and das Tbrchristentum (1926)

وفي سنة 1932 م أصدر قاموسه الضخم مستخدمًا منهجه في التفسير، وقدم دراسة وافية لأحداث العهد الجديد بعد ربطها بالعهد القديم والأدب اليوناني والبيئة اليهودية التي ظهرت على مسرحها هذه الأحداث.

و- سترنبرج Sternberg سنة 1928 م هاجم نظرية المصادر وأكد نسبة التوراة لموسى النبي الذي كتبها بعد الخروج من أرض مصر ولم يستمدها من أية مصادر سابقة.

ز- اشترك العالمان ب. فولز P. Volz وردلف W. Rudolph سنة 1933 م في إصدار كتاب:

-Der Elohist als Erzaler. Ein Irrwey der pentaleuch Kritik (1933).

حيث انتقدا نظرية المصادر، وأظهرا وحدة الكتاب المقدَّس مؤكدين أن المصدر الإيلوهيمي (E) والمصدر الكهنوتي (P) هما في الحقيقة أجزاء منقولة ومكررة عن المصدر الرئيسي اليهوي (J).

ح- كاسيتو U. Cassuto وهو كاتب يهودي وكان يعمل أستاذًا بجامعة روما أصدر سنة 1934 م كتابه:

-La questione della Genesi

وأكد فيه بأدلة ثابتة وقاطعة وحدة التوراة، كما نقض نظرية المصادر أصلًا وموضوعًا(3).

ط- إينجيل Engell سنة 1945 م نادى بأنه لا يوجد أي أثر للوثائق التي افترض أصحاب نظرية المصادر أن كاتب التوراة اعتمد عليها.

_____

(1) من كتاب التوراة؟ ص 24.

(2) من كتب التوراة؟ ترجمة عمرو زكريا ص 21.

(3) راجع د. وهيب جورجي- الكتاب المقدس والعقيدة مع عرض ومناقشة مدارس النقد ص 50، 51.

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !