سؤال وجواب

نظرة الكنيسة اليهودية والكنيسة المسيحية لسفر نشيد الأناشيد

نظرة الكنيسة اليهودية والكنيسة المسيحية لسفر نشيد الأناشيد

نظرة الكنيسة اليهودية والكنيسة المسيحية لسفر نشيد الأناشيد

نظرة الكنيسة اليهودية والكنيسة المسيحية لسفر نشيد الأناشيد
نظرة الكنيسة اليهودية والكنيسة المسيحية لسفر نشيد الأناشيد

54- كيف نظرت الكنيسة اليهودية والكنيسة المسيحية لسفر نشيد الأناشيد؟

أولًا: هذا السفر:

كتب هذا السفر سليمان الملك الحكيم (970- 930 ق. م) في النصف الثاني من القرن العاشر قبل الميلاد في أواخر حياته، ويرى القديس بفنوتيوس من آباء برية مصر أن السفر لأول الذي كتبه سليمان وهو سفر الأمثال يعلمنا كيف نقمع الشهوات الجسدية والخطايا، والسفر الثاني وهو الجامعة يعلمنا أن كل شيء تحت الشمس باطل الأباطيل، أما السفر الثالث وهو نشيد الأناشيد فمن خلاله نتأمل في الأمور السمائية (كما كتب سليمان سفر الحكمة من الأسفار القانونية الثانية التي حذفها البروتستانت) فعندما أدرك سليمان الحكيم أن كل شيء على الأرض باطل الأباطيل دون لنا سفر الجامعة، وعندما تلامس مع الحياة السماوية دون لنا سفر النشيد، وبينما نرى في سفر الجامعة النفس التي لا تشبع من المعرفة “في كثرة الحكمة كثرة الغم والذي يزيد علما يزيد حزنا” (جا 1: 18) فإننا نرى في سفر النشيد النفس التي تشبع وتستريح بالحب الإلهي، ولم يحو هذا السفر وصايا ولا تعاليم إنما يحوى سر الحب الأبدي بين العريس السمائي وعروسه، فيقول نيافة المتنيح الأنبا يؤانس أسقف الغربية “أنه نشيد النفس الذي ترنم به إلى الأبد حين تدخل إلى حضرة عريسها في السماء وتبقى في حِجاله السماوي لتحيا حياة التسبيح الدائم”(1).

وبينما تكلم سليمان بأمثال وأناشيد عديدة “تكلم بثلاثة آلاف مثل وكانت نشائده ألفًا وخمسًا” (1مل 4: 32) فإن هذا السفر هو أجمل الأناشيد، وسمى في العبرية “شير هشيريم ” أي ترنيمة الترانيم، وفي الإنجليزية The song of songs أي أغنية الأغنيات، ويروى البعض أنه “قدس أقداس ” أقوال الوحي، ففي سنة 135م قال “أكيبا ” عن هذا السفر “الكتاب المقدَّس كله مقدس، أما سفر نشيد الأناشيد فهو أقدس الأسفار، العالم كله لم يأت بأهم من ذلك اليوم الذي فيه أعطى هذا السفر”(2) وجاء في الترجوم اليهودي “الأناشيد والمدائح التي نطق بها سليمان الملك، ملك إسرائيل، بالروح القدس أمام يهوه الرب العالم كله، في ذلك رنمت عشرة أناشيد، أما هذا النشيد فهو أفضل الكل”(3) وجاء في المدراش Midrash (وهي دراسات يهودية في الكتاب المقدَّس) أن “نشيد الأناشيد هو أسمى جميع الأناشيد، قدمت لله الذي سيحل بالروح القدس علينا، أنه النشيد الذي فيه يمتدحنا الله ونحن نمتدحه”(4).

ودعى العلامة أوريجانوس هذا السفر بـ”سفر البالغين” فالذي يقرأه لا يقف عند حد الحروف والكلمات إنما يجب أن ينطلق إلى ما هو وراء هذه الحروف والكلمات، ويقول القديس غريغوريوس أسقف نصيص “أنني أتحدث عن سر نشيد الأناشيد معكم أنتم جميعا يا مَنْ تحولتم إلى ما هو إلهي… تعالوا أدخلوا حجرته الزيجية غير الفاسدة يا مَنْ لبستم ثوب أفكار النقاوة والطهارة الأبيض! فإن البعض لا يرتدى ثوب الضمير النقي اللائق بعروس إلهية، فيرتبكون بأفكارهم الذاتية، ويحدرون كلمات العريس النقية إلى مستوى الذات البهيمية، وهكذا يبتلعون في خيالات مشينة”(5)(6) ويرى العلامة أوريجانوس أن هناك سبعة أنشيد تترنم بهم النفس وهي في طريقها للملكوت، ويمثل سفر النشيد قمة هذه الأناشيد فهي:

1- النشيد الأول أنشده بنو إسرائيل بعد عبورهم البحر الأحمر “أرنم للرب لأنه قد تعظم “الفرس” وراكبه طرحهما في البحر، الرب قوتي ونشيدي وقد صار خلاصي” (خر 15: 1، 2) وتنشده النفس عند خروجها من جرن المعمودية.

2- أنشده بنو إسرائيل عند “بئر “… وهي البئر حيث قال الرب لموسى اجمع الشعب فأعطيهم ماء، حينئذ ترنم إسرائيل بهذا النشيد. “اصعدي أيتها البئر أجيبوا لها. بئر حفرها الرؤساء. بئر حفرها شرفاء الشعب بصولجان بعصيهم” (عد 21: 17، 18) وتنشده النفس عندما ترتوي من الينابيع الإلهية التي تفيض عبر الكنيسة.

3- أنشده موسى على صفحات الأردن “انصتي أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض أقوال فمي، يهطل كالمطر تعليمي ويقطر كالندى كلامي.. كما يحرك النسر عشه وعلى فراخه يرف ويبسط جناحيه ويأخذها على مناكبه، هكذا الرب وحده أقتاده وليس معه إله أجنبي. أركبه على مرتفعات الأرض فأكل ثمار الصحراء، وأرضعه عسلا من حجر وزيتا من صوان الصخر. وزبدة بقر ولبن غنم مع شحم خراف وكباش أولاد باشان وتيوس مع دسم لب الحنطة ودم العنب شربته خمرا” (تث 32: 1- 4) وتنشده النفس وهي تتمتع برعاية الله في برية هذا العالم.

4- أنشدته دبورة (نحلة) القاضية أثناء جهادها الروحي “أنا أنا للرب أرنم، أزمر للرب… تزلزلت الجبال من وجه الرب وسيناء هذا من وجه الرب إله إسرائيل” (قض 5: 3- 5) وتنشده النفس أثناء جهادها الروحي.

5- أنشده داود النبي عندما هرب من أيدي أعدائه “أحبك يا رب يا قوتي، الرب صخرتي وحصني ومنقذي. إلهي صخرتي به احتمي. ترسى وقرن خلاصي وملجأي” (مز 18: 1، 2) وتنشده النفس كلما حققت انتصارًا على أعدائها.

6- أنشده إشعياء النبي “لأنشدن عن حبيبي نشيد محبي لكرمه. كان لحبيبي كرم على أكمة خصبة. فنقبه ونقى حجارته وغرسه كرم سورق وبنى برجًا في وسطه ونقر فيه أيضًا معصرة فانتظر أن يصنع عنبا فصنع عنبا رديا. والآن يا سكان أورشليم ورجال يهوذا احكموا بيني وبين كرمي. ماذا يصنع أيضًا لكرمي وأنا لم أصنعه له…” (أش 5: 1- 7) وتنشده النفس عندما تتحسس أسرار الأبدية والسماويات.

7- نشيد الأناشيد الذي تنشده النفس إلى الأبد.

_____

(1) تأملات في سفر الأناشيد ص 10.

(2) القمص تادرس يعقوب – تفسير نشيد الأناشيد ص 5.

(3) القمص تادرس يعقوب – تفسير نشيد الأناشيد ص 5، 6.

(4) القمص تادرس يعقوب – تفسير نشيد الأناشيد ص 16.

(5) Comm. On Cont, Semon I.

(6) القمص تادرس يعقوب – تفسير نشيد الأناشيد ص 13.

نظرة الكنيسة اليهودية والكنيسة المسيحية لسفر نشيد الأناشيد

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !