سؤال وجواب

هل كان الله يجهل مكان اختفاء آدم “فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت” (تك 3: 9)؟

 374- هل كان الله يجهل مكان اختفاء آدم “فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت” (تك 3: 9)؟ وهل كان يجهل إنه أكل من الشجرة “هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها” (تك 3: 10)؟ وكيف يتفق هذا مع قول الكتاب المقدَّس “في كل مكان عينا الرب مراقبتين الطالحين والصالحين” (أم 15: 3)؟

ج: 1- إن الله عالم بكل شيء ويستحيل أن يُخفى عنه شيء، فهو لا يجهل شيئًا على الإطلاق، إنما كان سؤال الله عن مكان آدم له مغزى، فالله يبحث عن خليقته التي ضلت وتاهت، والقصد من السؤال هو فتح باب للحديث مع آدم لكيما يقر بخطيته.. إنه نداء أبوي، يدعو فيه الإنسان للاعتراف والتوبة، وهكذا السؤال عن الأكل من الشجرة كان له مغزاه، وهو إتاحة الفرصة لآدم لتقديم الاعتذار.

2- يقول القديس أغسطينوس ” إن الشرير يخرج بشره من دائرة نور الله، فيصبح كمن هو خارج معرفة الله، لا بمعنى أن الله لا يعرفه، وإنما لا يعرفه معرفة الصداقة والشركة معه، لهذا يقول للجاهلات ” الحق أقول لكن إني ما أعرفكن” (مت 15: 12)”(1).

3- يقول القديس جيروم ” سمعنا أن الله لا يعرف الخطاة، لنتأمل كيف يعرف الأبرار”(2).

4- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس ” أين أنت؟ ليس معناه أن الله لا يعرف مكانه، ولكنه سؤال يحمل معاني العتاب والتوبيخ والرثاء، وكأنه يسأله لا عن مكانه بل عن حاله الذي وصل إليه. وكان جواب آدم يعني الخوف (فخشيت) أي خفت وفزعت، خاف من عقاب الله عن معصيته، كما كان يحمل معنى الخجل والندم (لأني عريان فاختبأت) وهل كان اختباء آدم يؤمنه من عقاب الله، أو يخفف من خجله، أو يُصلح من حاله”(3).

5- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مار مينا العامر ” كان الله يعرف مكان آدم لأن الله يعلم كل شيء، وهو لا يحتاج أن يبحث عن آدم أو يناديه، ونادى الله آدم كما ينادي القاضي المتهم للمثول أمامه، وكأن الله يقول لآدم: أين أنت مما خلقتك فيه من البرارة؟ لماذا أنت حاسس بالعري والخوف؟”(4).

6- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا ” في اللغة البشرية عمومًا ليس كل سؤال يعني عدم معرفة السائل بالإجابة، يحدث أحيانًا أن يخطئ الطفل فيسرع إلى حجرته ويختبئ، وتكون أمه على علم بما حدث، وبالمكان الذي اختبأ فيه، ومع هذا تناديه: أين أنت؟، وقد يوجه المدرس سؤالًا إلى تلميذه، وهو لا يعني أن المدرس يجهل إجابة هذا السؤال، وفي هذه الآية ليس سؤال الله لآدم يعني أن الله يجهل مكانه، بل هو سؤال للعتاب، وكأنه يريد أن يقول له: لماذا انفصلت عني بالخطية والعصيان، برغم كل محبتي وعطاياي لك؟! لماذا شكَّكت في كلامي لك؟ بل بالعكس يحمل معنى معرفة الله بحالة آدم ومشاعره وأفكاره”(5).

7- يقول الأستاذ توفيق فرج نخلة ” عندما يسأل الله، فهو يعلم، إنما يسأل لحكمة، يقدم نفسه كأب ينتظر اعتراف ابنه بالخطأ الذي أرتكبه، تمامًا كما يسأل المعلم تلاميذه في الفصل وهو يعلم، ولكن الهدف هو أن يقودهم إلى المعرفة”(6).

8- تقول الأخت الإكليريكية مارلين جورج ميشيل – إكليريكية طنطا ” سؤال الرب لآدم ” أين أنت؟ لا يعني أنه لا يعرف مكانه، ولكن السؤال يحمل معاني العتاب والتوبيخ والرثاء، فهو لا يقصد أن يسأل عن مكانه، إنما يقصد أن يسأل عن ما آل إليه حاله، وأيضًا عندما سأله ” من أعلمك أنك عريان ” فهو سؤال استنكاري، فأنت يا آدم كنت عريانًا قبل السقوط وعشت في حالة البرارة، أما الآن فإنك تشعر بالعري”(7).

_____

(1) أورده القمص تادرس يعقوب – تفسير سفر التكوين ص 73.

(2) المرجع السابق ص 73.

(3) شرح سفر التكوين ص 76.

(4) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(5) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(6) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

(7) من إجابات أسئلة سفر التكوين.

 374- هل كان الله يجهل مكان اختفاء آدم “فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت” (تك 3: 9)؟ وهل كان يجهل إنه أكل من الشجرة “هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها” (تك 3: 10)؟ وكيف يتفق هذا مع قول الكتاب المقدَّس “في كل مكان عينا الرب مراقبتين الطالحين والصالحين” (أم 15: 3)؟

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)