سؤال وجواب

عندما انصرف الملاكان نحو سدوم، لماذا تكلم عنهما الكتاب بصيغة الجمع “وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم” (تك 18: 22)؟ وهل الثلاثة يمثلون الثالوث؟

464

464: عندما انصرف الملاكان نحو سدوم، لماذا تكلم عنهما الكتاب بصيغة الجمع ” وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم” (تك 18: 22)؟ وهل الثلاثة يمثلون الثالوث؟(1).

ويقول الدكتور ” سيد القمني ” تعليقًا على ظهور الله لإبراهيم ” والرب هنا يظهر بوضوح لا يقبل لبسًا في هيئة ثلاثة رجال يناديهم إبراهيم (الثلاثة) في صيغة المنادى الواحد: يا سيد، عينيك، لا تتجاور عبدك. ثم يعود لمناداة ربه بصيغة الجمع فيقول.. أغسلوا أرجلكم.. فتسندون قلوبكم ثم تجتازون لأنكم قد مررتم على عبدكم.. واضح إذًا أن الرب قد ظهر لإبراهيم في هيئة ثلاثة شخوص، والأكثر وضوحًا حيرة الكاتب مع ما بين يديه من متناثرات قديمة، وبين اعتقاده في إله واحد، فتضارب النص بين يديه ما بين الإفراد والجمع.. يمكننا أن نقول بدون تردد أن النصوص الأصلية سواء كانت شفاهية أم على هيئة كتابات متناثرة، كانت تتحدث عن ثالوث إلهي، وأن الضلع الأكبر في هذا الثالوث كان (إيل) الذي عرفناه قبلًا إلهًا للقمر”(2).

ج

يقول قداسة البابا شنودة الثالث ” لا يمكن أن نقول أن هؤلاء الثلاثة كانوا الثالوث القدوس.. لأن الثالوث ليس فيه هذا الانفصال الواضح، فالابن يقول ” أنا والآب واحد” (يو 10: 30) ويقول ” أنا في الآب والآب فيَّ. من رآني فقد رأى الآب” (يو 14: 9، 10) كذلك قيل عن الآب ” الله لم يره أحد قط” (يو 1: 18).. ولو كان إبراهيم يعرف أنه أمام الله، ما كان يقدم لهم زبدًا ولبنًا وخبزًا ولحمًا ويقول: “اتكئوا تحت الشجرة فأخذ كسرة خبز. فتسندون قلوبكم ثم تجتازون” (تك 18: 5، 8).

وأما الثلاثة فكانوا الرب ومعه ملاكان.. الملاكان بعد المقابلة ذهبا إلى سدوم (تك 18: 16، 22 – تك 19: 1) وبقى إبراهيم واقفًا أمام الرب (تك 18: 22) وتشفع في سدوم (تك 18: 23) ولما رأى أبونا إبراهيم من باب خيمته هؤلاء الثلاثة، لم يكونوا طبعًا في بهاء واحد، ولا في جلال واحد. وكان الرب بلا شك مميَّزًا عن الملاكين في جلاله وهيبته ولعل الملاكين كانا يسيران خلفه.

ولهذا كان أبونا إبراهيم يكلم الرب بالمفرد، باعتباره ممثلًا لهذه المجموعة.. وهكذا يقول له “يا سيد. إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك. فلا تتجاوز عبد. ليُؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة “ أي: اسمح يا سيد للاثنين اللذين معك، فيؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم. من أجل هذا السبب، كان أبونا إبراهيم يتكلم أحيانًا بالمفرد، ويخاطبهم أحيانًا بالجمع. مثلما يقابلك ضابط ومعه جنديان.. فتكلم الضابط عن نفسه وعن الجنديين في نفس الوقت. قلنا أن الثلاثة كانوا الرب ومعه ملاكان. وقد ذهب الملاكان إلى سدوم (تك 19: 1) وبقى الثالث مع إبراهيم.

وواضح أن هذا الثالث كان هو الرب، والأدلة هي: إنه الذي قال لإبراهيم ” إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن” (تك 18: 10) بل أن الكتاب يقول صراحة في نفس الإصحاح إنه هو الرب، في عبارات كثيرة منها: فقال الرب لإبراهيم ” لماذا ضحكت سارة” (تك 18: 13) فقال الرب ” هل أخفي على إبراهيم ما أنا فاعله” (تك 18: 17) وقال الرب: “إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر..” (تك 18: 20) ” وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم. وأما إبراهيم فكان لم يزل قائمًا أمام الرب” (تك 8: 22).

وقول إبراهيم ” أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا ” يدل بلا شك على أنه كان يكلم الله. وكذلك باقي كلام تشفعه في سدوم.

وأسلوبه ” عزمت أن أكلم المولى وأنا تراب ورماد “ وكذلك أسلوب الرب ” إن وجدت في سدوم خمسين بارًا.. فإني أصفح عن المكان كله من أجلهم”.” لا أفعل إن وجدت هناك ثلاثين”.. ” ولا أهلك من أجل العشرة”.. واضح إنه كلام الله الذي له السلطان أن يهلك وأن يصفح..

أما الاثنان الآخران، فهما الملاكان اللذان ذهبا إلى سدوم.. كما هو واضح من النصوص (تك 18: 16، 22)، (تك 19: 1) وقصتهما مع أبينا لوط معروفة (تك 19) وكون الثلاثة ينفصلون، دليل على أنهم ليسوا الثالوث القدوس.. الاثنان يذهبان إلى سدوم، ويظل الثالث مع إبراهيم يكلمه في موضوع إعطاء سارة نسلًا، ويسمع تشفعه في سدوم. هذا الانفصال يليق بالحديث عن الرب وملاكين، وليس عن الثالوث”(3).

_____

(1) البهريز جـ 1 س 169، س 277.

(2) الأسطورة والتراث ص 173 – 175.

(3) سنوات مع أسئلة الناس – أسئلة خاصة بالكتاب المقدَّس ص 18 – 20.

464- عندما انصرف الملاكان نحو سدوم، لماذا تكلم عنهما الكتاب بصيغة الجمع “وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم” (تك 18: 22)؟ وهل الثلاثة يمثلون الثالوث؟

تقييم المستخدمون: كن أول المصوتون !