آبائيات

الغنوسية ووراثة الخطية – د. أنطون جرجس

الغنوسية ووراثة الخطية - د. أنطون جرجس

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)

الغنوسية ووراثة الخطية – د. أنطون جرجس

الغنوسية ووراثة الخطية - د. أنطون جرجس
الغنوسية ووراثة الخطية – د. أنطون جرجس

 

الغنوسية ووراثة الخطية

سنبحر في هذا المقال معًا في عالم الغنوسية، ونرصد بدقة تعاليم الغنوسية عن وراثة الخطية الأصلية، وكيف أن التعليم بوراثة الخطية الأصلية هو تعليم غير أرثوذكسي وتعليم غنوصي.

يتحدث “د. يوسف كرم بطرس” عن رفض المسيحيين للعقائد الغنوسية كالثنائية في الألوهة، والوجود السابق للنفس، ووراثة 

الأصلية المرتكبة في العالم العقلي السابق للنفس، ولقد تأثر بهذه الفكرة كل من العلامة السكندري أوريجينوس والعلامة السكندري ديديموس الضرير والأوريجانيون، حيث يقول د. يوسف التالي:

“وكان المسيحيون ينكرون كل ذلك أشد الإنكار، كما كانوا ينكرون القضايا الأساسية في الغنوسية، وهي أن للعالم صانعًا مغايرًا لله، وأن للنفس حياة سابقة على الحياة الأرضية، وأن الخطيئة الأصلية* ارتُكبت في العالم المعقول، وأن المادة رديئة بالذات، وأن الأجسام لا تُبعث (أي لا تقوم من الموت)”.

يوسف كرم (دكتور)، تاريخ الفلسفة اليونانية، (القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، ٢٠١٨)، ص ٢٨٣.

 

ثم يؤكد كل من الأب ميشال أبرص وأنطوان عرب عقيدة وراثة الخطية الأصلية عن طريق الجسد عند الغنوسيين في سياق حديثهم عن عقيدة الخلاص عندهم، حيث يقولان التالي:

“جاء يسوع إذن لخلاص البشر وليزيل الحاجز الوحيد الذي يعيقه وهو خطيئة آدم المتوارثة* والملازمة للجسد*، فلما حل روح الله النازل من السماء عليه، يوم عماده في نهر الأردن، أهّله ليصعد على الصليب، بريئًا من كل خطيئة ليفتدي البشرية”.

ميشال أبرص وأنطوان عرب، المجمع المسكوني الأول بنيقيا ٣٢٥، (لبنان: منشورات المكتبة البولسية، ١٩٩٧)، الفصل الأول، ص ٨٣.

 

ثم يتحدث هانس يوفاس عن عقيدة وراثة الخطية الأصلية بالتناسل والتزاوج الشهواني في الديانة الغنوسية كالتالي:

“ولكن الثعبان (الحية) علمه (أي آدم) شهوة الإنجاب* التي تخدم مصلحة الأركون. وعندما أدرك يلداباؤوث أن آدم وحواء حين حصلا على المعرفة، قد أعرضا عنه، لعنهما وطردهما من الجنة إلى الظلمة الحالكة. ثم اشتعلت فيه الشهوة نحو العذراء حواء* فأغتصبها وانجب منها ولدين: يافي Javé أي وجه الرب، وإلويم Eloim أي وجه القط المعروفين بقايين وهابيل إلى يومنا هذا […] علاوة على ذلك زرع في آدم شهوة الانجاب (الديمورج هو الحية) فأنجب آدم من حواء شبث (تك٤: ٢٥) وهكذا بدأت سلسلة الانجاب […] فرد الأراكنة (الشياطين) على هذا الفعل بروحهم المزيفة Antimimon pneuma التي تدخل النفوس (أي نفوس البشر)، فتنمو وتتصلب وتغلبها وتثقل عليها، وتقودها للضلال لكي تفعل الشر، وتجعلها عاجزة عن المعرفة، ويتواصل من خلالها الإنجاب الشهواني*”.

هانس يوفاس، الديانة الغنوصية، ترجمة: د. صباح خليل الدهيس، (سوريا: تموز للطباعة والنشر، ٢٠١٧)، ص ٢٤٢.

 

ثم يتحدث أيضًا هانس يوفاس عن عقيدة السقوط في الغنوسية وكيف أن الدوافع المختلفة كالفضول، والغرور، والشهوة الجنسية هي المرادف الغنوصي للخطيئة الأصلية، حيث يقول التالي:

“أما كيف نشأ هذا السقوط وما هي المراحل التي بدأ منها، فهو موضوع أطروحات متباينة إلى حد كبير. وباستثناء الأنماط المانوية والإيرانية ذات الصلة، حيث بدأت العملية برمتها من قبل قوى الظلام، فهناك عنصر اختياري في انتقال الألوهة نحو الأسفل: رغبة آثمة للنفس* (ككينونة أسطورية) نحو العوالم السفلى، تصاحبها دوافع مختلفة مثل: الفضول، والغرور، والشهوة الجنسية، هي المرادف الغنوصي للخطيئة الأصلية*، وهذا هو السقوط قبل الكوني، ومن تبعاته العالم نفسه، والنتيجة الأخرى هي حالة ومصير الأنفس المفردة في العالم”.

المرجع السابق، ص ٨٦.

 

ثم يتحدث هانس يوفاس في موضع آخر عن عقيدة الخطية الأولى ونشأة المادة الشريرة منها كالتالي:

“لدينا هنا نموذج أولي لنشوء المادة من الخطيئة الأولى* في هيئتها الكاملة، نطالعها في العقيدة الفالنتينية حول أصل الجوهر المادي* والروحي الصادر عن عواطف صوفيا العقلية نفسها وليس مجرد نتيجة في إنجيل الحقيقة”.

المرجع السابق، ص ٣٥٥.

ثم يتحدث الأب يوسف توما مرقس عن عقيدة وراثة الخطية الأصلية في الغنوسية وانتقال الخطية عن طريق الجنس كالتالي:

“تتكون منذ هذه اللحظة خديعة هائلة، لا يفلت منها أي جزء من الحياة على الأرض. غايتها أن تغري الإنسان بسلاحها وهو الجنس*. فالجنس عند الغنوسيين يُعد نجاسة، وسوف يتحكم الجنس لا في الإنسان فحسب، بل في نظام الكون كله*. فالطبيعة* عبارة عن رحم يُخصبه الشياطين، ويشكل مسرحًا تدور فيه ماسأة الإنسانية – (هذا التعبير من كتاب أحاديث سام ٧: ١). فيقوي ظهور الجنس السلاسل الثقيلة التي تكبل آدم*.

كما أن حواء، رفيقة آدم، ستقع في إغواء الأركون الأول (الشيطان) أي الحية، التي علمت آدم وحواء أن يأكلا من ثمرة الإنجاب*، من ثمرة الشهوة المنحطة* (في كتاب الأسرار ليوحنا ٢: ١؛ ١: ٢٢، ١٢- ١٥). هكذا يبدأ نظام التكاثر البشري الذي يستعمل آدم*، فتخضع البشرية كلها لهذا المسلسل التاريخي*. ونقرأ في النص السابق عينه: حتى الآن كان الجنس مستمر انطلاقًا من الأركون الأول (الشيطان)*، لأنه زرع الإنجاب ورغبة الإنجاب في تلك التي كانت ملك آدم (حواء) بواسطة الجنس الذي خلقه، والنسل الذي يتشكل في الجسد*، ثم سلحه بالروح المشوهة*”.

يوسف توما مرقس (أب)، الغنوصية أو التيارات العرفانية في القرون المسيحية الأولى، (العراق: منشورات مجلة الفكر المسيحي، ٢٠٠٩)، ص ٦٧.

ونستنتج من هنا وجود عقيدة وراثة الخطية الأصلية بالتناسل والتزاوج عن طريق الشهوة الآثمة، وانتقال الخطية بالإنجاب الشهواني في الغنوصية.

الغنوسية ووراثة الخطية – د. أنطون جرجس