أبحاث

تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

تأسيس البصخة المقدسة - رؤية عامة
تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

أولاً: الاسم ومعناه

يسمى هذا الزمن بأسماء كثيرة:

1- أسبوع الآلام، لأنه يسوع مخلصنا تحمل من أجلنا الآلام [1].

2- جمعة البصخة باللغة اليونانية وتعني ” عبور ” [2]

3- أسبوع الفصح المقدس [3]

تأسيس البصخة المقدسة - رؤية عامة
تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

ثانياً: التطورات التاريخية لأسبوع الآلام:

لقد مر أسبوع الآلام، بتطورات مختلفة، منذ عهد الرسل الأطهار إلى يومنا هذا، سواء بالنسبة لميعاد الاحتفال به، أو نظام القراءات. وبخصوص هذه التطورات سوف نحاول عرضها إستناداً إلى بعض الأراء.

1- في القرن الأول:

 كان المسيحيون يعيدون عيد الفصح مع اليهود، كما احتفل به السيد المسيح مع تلاميذه. تحتفل الكنيسة منذ العصر الرسولي ابتداء من ليلة الاثنين إلى السبت نهاية الأسبوع، وقد كانت تحتفل به منفصلاً عن الصوم، حيث جاء في أوامرهم ما نصه، فليكن عندكم صور الأربعين جليلاً وبعد هذا اهتموا أن تكملوا أسبوع الفصح الثاني [4].

2- القرن الثاني:

أرادت الكنيسة القبطية التمييز بين أحد الفصح المسيحي، والفصح اليهودي، وبشأن ذلك يقول الأنبا أثناسيوس، في أواخر القرن الثاني المسيحي جلس على كرسي القديس مرقس الأنبا اغريبينوس العاشر، سنة 166، فقرر أن يكون الأحد التالي للفصح هو عيد القيامة… ولما أرتقى كرسي البطريركية الأنبا ديمتريوس الكرام الثاني عشر، مارس 188م، حدد بأن، يكون أسبوع الآلام تالياً لصوم الأربعين، والفصح المسيحي في يوم الأحد التالي لفصح اليهود.

وكتب بذلك إلى أغابيوس أسقف اورشليم، ومكسيموس بطريرك أنطاكية، وفيكتور أسقف رومه، وهذه الأخير قد أهتم كثيراً بالأمر وعقد مجمعاً في بلاده لتقرير وتعميم السير على هذه القاعدة، أما الشرقيون فإنهم تمسكوا بما كانوا عليه، وقالوا، إن بوليكربوس تلميذ يوحنا الرسول سلمهم أن يفصحوا مع اليهود فدعاهم بالأربعة عشريين، إذ أنهم كانوا يحتفلون بالفصح الجديد يوم 14 نيسان “

3- القرن الثالث:

يُحتفل بالعيد مرة واحدة في السنة، نقرأ يجب عليكم يا أخوتنا الذين أُشتريتم بالدم الكريم الذي للمسيح أن تعلموا يوم الفصح بكل استقصاء واهتمام عظيم من بعد طعام الفطير الذي يكون في زمان الاعتدال الربيعي، الذي هو خمسة وعشرون برمهات. وأن لا يُعمل هذا العيد الذي هو تذكار الواحد دفعتين في السنة بل دفعة واحدة للذي مات عنا دفعة واحدة [5].

4 – من القرن الرابع إلى القرن الثاني عشر:

ظل آباء الكنيسة طوال القرون الثلاثة الأولى، يجاهدون لتوحيد عيد الفصح حتى جاء مجمع نيقية (325 م)، الذي فيه تقرر:

أولاً: أن يعيد الفصح دائماً في يوم الأحد.

ثانياً: أن يكون في الأحد الذي يلي الرابع عشر من نيسان، أي بعد الاعتدال الربيعي [6].

تأسيس البصخة المقدسة - رؤية عامة
تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

ثالثاً: البناء المنظم لأسبوع الآلام:

تبعاً لقوانين الرسل التي أمرت بقراءة العهدين في أسبوع الآلام نقرأ في الدسقولية.. ” وصوموا في أيام الفصح، وابتدئوا من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة والسبت وهي ستة أيام.. ويكون صومكم في ثاني الأسبوع وتفطرون وقت صياح الديك، بكرة أول السبوت الذي هو يوم الأحد ساهرين.. وأنتم مجتمعون في الكنيسة تصلون وتتضرعون بسهر وتقرأون من المزامير والأنبياء والناموس إلى وقت صياح الديك [7]

أستمر هذا الحال إلى أن تولى الأنبا غبريال الثاني بن تريك (70 في عدد البطاركة) من سنة 1131 – 1145 م. لما إرتقى هذا الأب الكرسي المرقسي (5 أبريل 1131) رأي صعوبة القيام بالقانون الرسولي على المسيحيين، نظراً لإنشغالهم في أعمالهم ومصالحهم، ولاسيما المباشرين وكتاب الديوان وغيرهم، فجمع عددا كبيراً من آباء وعلماء الكنيسة وبعض رهبان دير الأنبا مقار، وعمل كتاباً وسماه البصخة ورتب فيه صلوات باكر وآخر النهار، بنوءات الأناجيل، وبقية الصلوات الليلية والنهارية أناجيل من غير نبوءات، وصاروا يستعملون ذلك بطول جمعة الآلام.

وسارت الكنيسة على هذا الترتيب إلى زمن الأنبا بطرس أسقف البهنسا الذي لاحظ أن هناك ساعات بها نبوءات وأناجيل كثيرة، وساعات لم يكن فيها غير إنجيل واحد ولم يكن فيها نبوءات، فرتب ما يليق من تلاوته في الساعات مع مساواتها ببعض، ورتب كل يوم عظتين من أقول الآباء كما هو مدون في كتاب البصخة الآن.

تأسيس البصخة المقدسة - رؤية عامة
تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

رابعًا: طقوس أسبوع الآلام

إن لأسبوع الآلام طقوساً خاصة به ومميزة له، ولها معانيها ودلالتها، وقد يبدو من المفيد تجميعها معاً للإلمام بها ومعرفتها بوعي حتى يمكن متابعتها في الكنيسة، لذلك من الأهمية إبراز روعة هذه الطقوس.

1- أحد الشعانين

أ- طقس العشية

ب- رفع بخور باكر

جـ القداس

د- التجنيز العام

هـ- رش الماء

ز- ترتيب ساعات البصخة:

 

2- ليلة الاثنين:

تبدأ صلوات البصخة من ليلة الاثنين، وقبل أن تباشر الكنيسة الصلاة يتم عمل ترتيب معين خاص بزمن البصخة المقدسة:

 

أ- الصلاة خارج الاسكيني:

تُغلق أبواب المحل القبلي وهو الخورس الأول) وتوضع أمام بابه في وسط الخورس الثاني، المنجلية وعليها ستر أسود، والمنارة بجوارها عليها ثلاث شموع.

 

تقام الصلاة خارج الاسكيني للأسباب الآتية:

أولاً: إشارة إلى أن الرب يسوع صلب على جبل الاقرانيون خارج أورشليم، كما نشير على ذلك في الرسالة إلى العبرانيين. (الرسالة إلى العبرانيين 13: 11)

ثانيا: لأن ذبائح العهد القديم التي كان يدخل بدمها عن الخطيئة، وكانت رمزاً لذبيحة الصليب كانت تحرق خارج المحلة.

ثالثاً: لأن حرق تلك الذبائح خارج المحلة كان إيذاناً بأن قصاص الخطيئة قد طُرح عن الشعب، كذلك الكنيسة تعلمنا بأن الخطيئة رُفعت عنا بيسوع المسيح، الذي أبطلها بذبيحة نفسه خارج أورشليم.

 

ب – توشيح الكنيسة باللون الأسود:

نظراً لأن الكنيسة تعمل تذكار آلام وموت الرب، وإشارة إلى حزن التلاميذ حين أنبأهم يسوع بموته “ابتدءوا يحزنون ” (مرقس 14: 19)، وأيضا إلى حزن الكنيسة يوضع الستر الأسود على المنحليا ويتم توشيح الكنيسة بالأغطية السوداء والزرقاء.

 

ج- الشموع الثلاث:

أما إيقاد الشموع الثلاث، فقال بعضهم، أن الأولى تشير إلى النبوءات والثانية إلى الإنجيل، والثالثة إلى رسم تذكار الآلام [8].

 

3- يوم الاثنين:

نهت الكنيسة عن إقامة القداس الإلهي أيام الاثنين والثلاثاء، والأربعاء من أسبوع البصخة للأسباب التالية:

  • أن خروف الفصح كان يبقى تحت الحفظ بغير ذبح في هذه الأيام الثلاثة، ويذبح مساء اليوم الرابع عشر، وكان رمزاً للمسيح، (سفر الخروج 12: 3 – 6)
  • الرب يسوع لم يكن قد رسم سر الشكر، ولم يكن قد قدم نفسه بعد، ولا يخفي أن ذبيحة القداس هي بعينها ذبيحة الصليب والرب لم يقدم ذاته إلى يوم الجمعة.

 

4- يوم الثلاثاء:

– ابتدأ من الساعة الحادية عشرة من سواعي يوم الثلاثاء تضاف عبارة (مخلصي الصالح) على تسبحه ” لك القوة لك المجد…، لأن مخلصنا في إنجيل هذه الساعة عين ميعاد صلبه بقوله لتلاميذه ” تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح وابن البشر يُسلم للصلب ” (متى 26: 2).

– نهت الكنيسة المؤمنين عن تقبيل بعضهم بعضاً ابتداء من ليلة الأربعاء إلى أخر يوم السبت من هذا الأسبوع، حتى لا تكون قبلاتهم غاشه كقبلة يهوذا، لذلك الإنجيل لا يقبل في قداس خميس العهد لنفس السبب [9].

 

5- يوم الأربعاء:

يعرف هذا اليوم في الكنيسة باسم أربعاء أيوب، لأن فيه تتلى سيرة هذا البار الذي كان رمزاً للرب في تجاربه وآلامه الشديد والنهاية السعيدة التي ختمت بها حياته. وقد رتبت الكنيسة قراءة سيرة أيوب في هذه اليوم بالذات الذي تبدأ فيه آلام السيد المسيح بالمؤامرة التي تدبيرها ضده [10]

 

تأسيس البصخة المقدسة - رؤية عامة
تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

 

خامسًا: سواعي البصخة:

تم تقسيم اليوم إلى خمس سواعي نهارية وخمس ليلية

الخمس النهارية تحتوي على (باكر – ثالثة – سادسة- تاسعة – حادية عشر)

الخمس الليلية تحتوي على (أولى – ثالثة – سادسة – تاسعة – حادية عشر)

(أما في يوم الجمعة العظيمة فتصلى الكنيسة صلاة سادسة وهي صلاة الساعة الثانية عشر)

 

وترتيب كل ساعة من سواعي البصخة هو كالاتي:

  • النبوات

وتقرا قبطياً وتفسر عربياً وتقرأ النبوات قبل الإنجيل إشارة إلى إن العهد القديم كان توطئة للجديد وإظهار لنبوات الأنبياء عن السيد المسيح.

 

  • العظة

وهي تكون في السواعي النهارية فقط وتكون لقديسين عظماء في الكنيسة مثل (البابا أثناسيوس الرسولي والأنبا شنودة رئيس المتوحدين……) ويكون لها لحن رائع يسمى لحن مقدمة وختام العظة وهو لحن (اوكاتى كاسيس)

 

  • تسبحة (لك القوة والمجد…. ثوك تا تي جوم…..)

وهي تسبحة تقال 12 مرة في كل ساعة من سواعي البصخة وهي تقال بدل مزامير الساعة وذلك لأن المزامير مملؤة بالنبوات عن حياة يسوع من بدء تجسده إلى صعوده وبما إننا نصنع تذكار آلامه فحسب، فقد اختير منها ما يلائم ذلك، وهذه الصلاة وردت عدة مرات في الكتاب المقدس.. منها ما ورد في سفر الرؤيا عن الأربعة والعشرين شيخا أنهم يضعون أكاليلهم أمام العرش قائلين “أنت مستحق أيها الرب أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة” (رؤ 4: 11).

وقد جاء في التقليد أن الرب يسوع عندما كان يصلى ببكاء وعرق في بستان جثيمانى “وظهر له ملاك يقويه” (لو 22: 43). وتختم هذه التسبحة كل مرة بالصلاة الربانية.

 

  • المزمور:

يرتل المزمور باللحن الأدريبى وهي طريقة حزينة مناسبة لحالة الحزن التي تعيشها الكنيسة.

 

  • الإنجيل:

قبطياً ثم يفسر عربياً ويلحن بلحن الحزن.

 

  • الطرح:

وبعد الإنجيل يقرأ الطرح وهو يتضمن معنى الإنجيل الذي قرئ، مع الحث على العمل بما جاء فيه وله لحن مقدمة الطرح وختام الطرح وطريقته تتغير حسب المناسبة وفى أسبوع الآلام يقال بلحن الحزن.

 

  • الطلبة:

ثم تقال الطلبة وفيها تلتمس الكنيسة رحمة الله لشعبه وبركته لجميع مخلوقاته وقبوله لصلواتنا وتكون بغير مطانيات في أثناء السواعي الليلية لأنه وقت فطر.

 

  • لحن ابؤورو وكيرياليسون:

ونهاية الطلبة يرتل الشعب لحن ابؤورو بطريقة الحزن وتستخدم طريقة الأنتيفونا في المرابعة وقبل كل ربع تقال كيرياليسون.

 

  • البركة:

وأخيراً يتلو الكاهن البركة المستعملة في جمعة الآلام ثم يختمها بالصلاة الربانية ويصرف الشعب بسلام.

 

[1] الرسالة للعبرانيين 2: 10

[2] راجع، الصفي بن العسال، كتاب القوانين، القاهرة (1927) الباب التاسع عشر، صـ 169.

[3] راجع، حافظ داود، الدسقولية أو تعاليم الرسل، الطبعة الثانية، القاهرة (1940) الباب الثامن عشر، صـ 130.

[4] يوحنا سلامه (قمص)، اللألئ النفسية في شرح طقوس ومعتقدات الكنيسة، الجز الثاني، القاهرة (1922)، صـ 324

[5] الدسقولية طبعة حافظ داود، الباب الحاي والثلاثون، صـ 164.

[6] راجع، عبد المسيح صليب (أب) بحث في الأسبوع المقدس في الطقس القبطي، روما (1991)، صـ 13

[7] الدسقولية طبعة حافظ داود، الباب الحاي والثلاثون، صـ 165 – 166.

[8] يوحنا سلامة، اللآلي النفسية، الجزء الثاني، صـ 337.

[9] بانوب عبده، كنوز النعمة، الجزء الخامس، صـ 5

[10] مرجع سابق صـ 26 – 27

 

تأسيس البصخة المقدسة – رؤية عامة

تقييم المستخدمون: 5 ( 1 أصوات)