قرأنا لك

ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين - تلخيص: بيشوي طلعت

ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين - تلخيص: بيشوي طلعت
ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

 

الفصل الأول – العرب السراسنة

لم يظهر العرب فجأة على مسرح التاريخ كانت تربطهم علاقات وثيقة بالمراكز الحضارية المحيطة بالجزيرة العربية من الشام ومصر وفارس وبيزنطية في مجالات التجارة وما يرافقها من تبادل في العادات والمعارف والثقافة عموماً. وعلى الرغم من الطابع المفاجئ للفتوحات العربية – الإسلامية على المستوى التاريخي، إلا أن عدداً كبيراً من الأحلاف والحروب ومستويات متنوعة من العلاقات نشأت بين العرب وبين الشعوب والدول القريبة منهم، سبق الفتوحات بقرون من الزمن والعرب، تجاراً وقبائل وغزاة، كانوا حاضرين بقوة في المنطقة الممتدة من جنوب العراق إلى سواحل شبه جزيرة سيناء، أي خارج الحدود الطبيعية والتقليدية لشبه (ص 21)

 

معنى كلمة سراسنة: فقد وردت كلمة سراسنة)) (Saracens) للمرة الأولى في الأدب اليوناني القديم ويبدو أنها كانت تشير إلى قبيلة معيَّنة في صحراء سيناء. ويُستنتج من الكتابات الإغريقية أنها دمج لكلمتي سرك) (Sarak) و «إينوس (Enos) للنسبة من دون وجود اتفاق بين المتخصصين بخصوص مصدر الكلمة الأولى التي يعتقد البعض أنها تحوير لكلمة (شرق) او فعل سرق أو اسم قبيلة السواركة» أو «وادي السواريك وهو اسم قديم لمكان شمال يثرب (المدينة المنورة) (ص 23)

 

وكتب رحالة يوناني من القرن السادس الميلادي، بعد سياحة في الجزيرة العربية، أن ثمة فرقاً كبيراً بين سكان اليمن والسراسنة. والكتاب المسيحيون في أوروبا العصور الوسطى كانوا يفرقون في التسمية ما بين العرب، فيطلقون على من كان يعيش منهم وراء البحر الأبيض المتوسط اسم «الإسماعيليون»، بينما يطلقون اسم «السراسنة» على من جاء وهم فاتحين في الأندلس وفي جنوب فرنسا وفي صقلية. فكأنهم، وهم ورثة الحضارة الرومانية، أرادوا أن يعطوا الاسم الذي يحمل معنى السلب والتدمير لهؤلاء الغزاة الذين كانوا في الواقع خليطاً من العرب والبربر كما كان فيهم جماعات من الروم ومن الإسبان ومن اليهود يعاونون الفاتحين (ص 24)

 

بحسب الدراسات فالعرب لم يكونوا مجهولين عن الشعوب الاخرى. العرب، وإن لم يكونوا مجهولين عند جيرانهم الذين شملتهم موجة الفتوحات الأولى، كما لم تكن هجماتهم وغزواتهم استثناءً في حياة المناطق المتاخمة للصحراء، إلا أن اتساع نطاق الفتوحات من الأمور التي لم تلحظها الشعوب الأخرى على الفور بسبب الصور النمطية القديمة السلبية عن العرب. كذلك لم يكن أمر المضمون الديني للحركة العربية الواسعة مفهوماً في أعوام الفتوحات الأولى (ص 37) 

 

الفصل الثاني – عملاقان بأقدام فخارية 

كان هناك مملكتين وهما الإمبراطورية البيزنطية (الروم) الإمبراطورية الساسانية (الفرس) 

 

وبعد أن وضعت السلسلة الثالثة من الحروب البيزنطية – الساسانية أوزارها عام ٦٢٨ من دون نتائج حاسمة، ظهر أن الدولتين في حاجة ماسة إلى فترة زمنية لاستعادة التوازن. وإذا كانت بيزنطية قد تمكنت من تحقيق انتصارات ملموسة بإزالة آثار الاجتياح الفارسي الذي وصل إلى مصر، الولاية البيزنطية الأغنى، عام ٦١٨ بعدما أطاح هيراكليوس (Heraclius) فوكاس (Phocas) وقيادته في هجوم مضاد كبير انتهى باستسلام الفرس وانسحابهم من المناطق الشاسعة التي احتلوها، وفرض قدراً من الاستقرار السياسي في القسطنطينية، فإن الحرب بالنسبة إلى الساسانيين أسفرت عن كارثة استراتيجية وسياسية استهلت بعد مقتل خسرو الثاني برويز على يد ابنه قاباذ الثاني الذي حكم بضعة شهور، مرحلة من الصراعات داخل البيت الساساني استمرت إلى حين تولي يزدجرد الثالث الحكم في ٦٣٢ مباشرة قبل الفتح العربي (ص 42)

 

كان وضع البيزنطيين على الرغم من الصراعات الدينية والمذهبية، أفضل لمواجهة الفتوحات من وضع الفرس الذين عانوا آثار المغامرة التي بدأها خسرو الثاني وانتهت بالهزيمة وبتصدع البيت الساساني وهيمنة القادة العسكريين الذين واصلوا ترسيخ نفوذهم وتوسيعه، في سياسة بدأت قبل الفتوحات بوقت طويل (ص 44) 

 

بالنسبة إلى الإمبراطورية البيزنطية أيضاً، يتعيَّن القول إن الانقسامات في الكنائس المسيحية، ومحمولاتها وخلفياتها القومية المضمرة، لم تشكل عنصراً حاسماً في إضعاف الجبهة التي واجهت المسلمين؛ فقد ساد بين المسيحيين الذين ربطت الثقافة الهلينية والإيمان المسيحي بينهم رباطاً أوثق من ذاك الذي شدَّ وشائج الفرس الإيرانيين. فهنا موقف إيجابي حيال السلطة يقرُّ بضرورة الدولة الرومانية التي أملت وجودها الإرادة الإلهية، وهي إرادة تفترض من المسيحيين الخضوع للدولة في كل ما لا يُشكل خطيئة بحسب تفسير آية أعطِ ما لقيصر لقيصر وما الله الله» (ص 45) 

 

والأرجح أن البيزنطيين، بعد استعادة الصليب الحقيقي من الفرس الذين نقلوه إلى بلادهم عند اجتياحهم سوريا وفلسطين، والخطوات التي قام بها هيراكليوس للتقرب من رؤساء الكنائس المشرقية في أعقاب الاحتفالات الغنية بالدلالات لعودة الصليب إلى القدس، كانوا في وضع أفضل بأشواط من أعدائهم الفرس الإيرانيين للتصدي للفتوحات العربية واستيعاب ضرباتها القاسية. هذا ما يظهر على كل حال في نجاة الإمبراطورية البيزنطية من الاندفاعات الإسلامية في عهدي الخلفاء الراشدين والأمويين واستمرارها بأشكال مختلفة ومستويات متباينة من الازدهار والانحطاط والتوسع والانكماش، حتى سقوط القسطنطينية أمام الزحف التركي العثماني عام 1453 م (ص 47) 

 

وكان الوضع في البلدان الخاضعة للاحتلال البيزنطي والتي تعرضت إلى الموجة الأولى من الفتوحات العربية، وخصوص صوصاً سوريا ومصر، أكثر تعقيداً من زاوية الاجتماع السياسي. فحقيقة نشوء حضارات شديدة القدم في البلدين جعل من الصعب على أهاليهما تقبل واقعهم كشعوب مُحتلة بانت من الدرجة الثانية، خاضعة للحكم الأجنبي وأدت المذاهب المسيحية المتعددة دوراً مهماً في التعبير عن اختلاف السوريين والمصريين عن حكامهم البيزنطيين. وبقدر ما يمكن القول إن المسيحية ذاتها جاءت في سياق الرد المشرقي على الاحتلال الروماني، يصح الاعتقاد بأن الكنائس المسيحية الشرقية، وخصوصاً تلك التي أعلنت انتماءها إلى مذهب الطبيعة الواحدة، كانت الإجابة المصرية والسورية على الاحتلال البيزنطي (ص 48)

 

وباء طاعون عمواس الذي ضرب الاراضي بعد الاحتلال العربي

 

أدى الوباء إلى تراجع كبير في: عدد سكان بيزنطية التي خسرت الآلاف من الجنود والفلاحين والمنتجين الفعليين أو المحتملين. وفي اقتصاد يقوم أ م أساساً على النشاط الزراعي وعلى سلامة دورة الحياة الريفية مقابل دور محدود للمدن في تصريف الإنتاج وتوسيعه، ينعكس خراب الريف انعكاساً مباشراً على الانتظام السياسي والاقتصادي في الإمبراطورية وشهد عهد يوستنيانوس، بالتالي، توسعاً كبيراً لدوره كمحسن وفاعل خير، وهو دور كانت الكنيسة تقوم به في العادة، وذلك بسبب تدفق الفقراء من الريف إلى المدن وخصوصاً العاصمة على أمل الحصول على عمل أو على ما يسد الرمق (ص 57)

 

نظرة أخرى قبل قدوم العرب: وتتيح مراقبة النشاط التجاري الاعتقاد أن الانهيار سابق على مجيء العرب الذي لم يكن له تأثير مباشر على اقتصاد البحر المتوسط، وهذا ما يدعو عدد من المؤرخين إلى الرفض الجزئي للأطروحة الشهيرة لهنري بيرين (Henri Pirenne) التي ربطت القطيعة التي حصلت في التجارة عبر المتوسط بالفتح العربي، فقد كانت الجيوش الفارسية قد دمرت تدميراً خطيراً آسيا الصغرى منذ عهد هيرا يراكليوس (ص 57)

 

الفصل الثالث – سيوف من شهب 

النظرة المعروف ان الشعوب المغلوبة أعتبرت الفتوحات العربية انها الفارس المنقذ ولكن الموضوع مختلف 

 

بشبه إجماع، اعتبرت الشعوب المغلوبة الفتوحات العربية عقاباً من الله على ذنوب، سابقة، يعود بعضها إلى الخلافات الداخلية المتعلقة بالإيمان والصراعات بين الكنائس المختلفة ما أغضب إلهاً لم يعتد الشقاق بين أبنائه وسلم من سوء اخلاقهم ومن أثامهم الممتدة من الخروج على سلطة الكنيسة إلى موبقات يرتكبونها في حياتهم اليومية، ويشكل بعضها الآخر تحقيقاً لنبوءات قديمة (ص 61)

 

أما النص غير الإسلامي الأقدم الذي يتحدث من موقع الحدث»، إذا جاز القول، فهو خطبة بطريرك القدس سوفرونيوس أو صفر ونيوس Sophronius)، والتي سبقت حديث المصادر العربية عن أحداث تلك الأعوام بقرن ونصف القرن على الأقل. ففي رسالة غير مؤرخة يبدو أنها كُتبت أواخر عام ٦٣٣ أو مطلع ٦٣٤ وجهها بطريرك القدس المعين حديثاً، إلى مجمع ديني عقد في روما، ويؤكد فيها التزامه بالإيمان الخلقيدوني مقابل انتشار عقيدة المشيئة الواحدة، يعدد سوفرونيوس البدع التي تنبغي محاربتها وإلقاء الحرم على أتباعها، إلى أن يُبدي أمله في أن يتيح الله الأباطرتنا المحبين للمسيح عزماً قوياً وحازماً لتحطيم كبرياء كل البرابرة، وخصوصاً السراسنة الذين ظهروا فجأة بسبب خطايانا ودمروا كل شيء بتصميم وحشي لا يطوع، وبجرأة لا تعرف التقوى ولا الإيمان بالله. لذا نرجو قداستكم، أكثر من أي وقت مضى، التوجه بتضرعات عاجلة إلى المسيح حتى يتلقاها منكم برضى ويهدئ بسرعة من علوهم (السراسنة) الغاضب ويعيد هذه المخلوقات الشريرة إلى ما كانت عليه موطئاً لأقدام أباطرتنا الذين جاد علينا الرب بهم (ص 64 , 65)

 

ويقول ايضا الكاتب في نفس الصفحة: وفي كانون الأول / ديسمبر ٦٣٤، حالت الغارات العربية دون حج المسيحيين إلى بيت لحم واضطر سوفرونيوس إلى إلقاء عظة الميلاد التي تلقى عادة في كنيسة المهد في القدس. وبعدما عبر عن فرحته المزدوجة لمصادفة الميلاد يوم أحد (ما يؤكد أن السنة كانت ٦٣٤ بحسب التقويم المعتمد حينها)، قال: علينا الكفاح لنستحق مكافأة الله لنا بجلب هبات الإيمان والأعمال الصالحة كما جلب الرعاة والمجوس هباتهم إلى يسوع في بيت لحم. وقادت هذه المقدمة سوفرونيوس إلى التطرق إلى الأحداث، فاستخدمها لتوجيه رسالة إلى أهله بقوله: «لكننا، وبسبب خطايانا التي لا تُحصى وسلوكنا شديد الإثم، كنا عاجزين عن رؤية هذه الأمور وعن الدخول إلى بيت لحم. وفي معزل عن إرادتنا، بالفعل، وعلى خلاف تمنياتنا طُلب منا البقاء في بيوتنا، ولم تعقنا أربطة جسدية، بل أعاقنا الخوف من السراسنة». ويتابع أن المسيحيين في القدس مثل آدم الذي حظر عليه دخول الجنة على الرغم من أننا لا نرى السيف المتقلب الملتهب (۹)، بل نرى [سيف] السراسنة البربري الجامح المليء بكل التوحش الشيطاني (ص 65)

 

فلم تكن الشعوب المحتلة تنظر للفتح العربي بأنه المنقذ أكثر من انه غضب من الرب

 

عظتا سوفرونيوس تو قران نموذجاً مهماً للطريقة التي سينظر المسيحيون بها ومن ثم العالم المسيحي عموماً، إلى العرب والمسلمين، فمن جهة، لا تزيد الفتوحات العربية والمعاناة التي ترافقها – على غرار الحروب جميعاً – عن كونها عقاباً إلهياً ينزله رب غاضب بالمؤمنين المقصرين في واجباتهم الدينية (ص 67)

 

وكان الهدف الاساسي من الفتوحات ليس هدفًا دينيًا بل هدف سياسي

 

ويجزم صاحب تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ألكسندر فاسيلييف (A. A. Vasilien) أن البدو الذين شكلوا الأكثرية الساحقة من جنود الفتوحات لم يكن من هم لهم سوى الأسلاب والنهب، فيما كانت معرفتهم بالإسلام معرفة سماعية فقط، مشدداً على غياب العامل الديني في الفتوحات، ما يذكر بالنتائج التي توصل كايتاني إليها عن ضآلة موارد الجزيرة العربية وعدم قدرتها على تلبية احتياجات السكان من دون التبني الكامل لها (ص 80)

 

الفصل الرابع – وادعا سوريا 

على الرغم من تعامل الرومان ثم البيزنطيين مئات الأعوام مع العرب، بدت الإمبراطور ية من فوجى بالفتو العربية التي جاءتها من حيث لم تتوقع فقد شغل العرب مواقع مهمة في منظومة الدفاع عن بيزنطية منذ القرن الميلادي الثالث، وانتشرت الديانة المسيحية التشاراً ملحوظاً بينهم وقدموا من قديسي الكنيسة في القرن الرابع منهم موسى الذي يحتفل بعيده في السابع من شباط / فبراير، و گوزماس / گزما و دامیان / دميالوس. وفي القرن الخامس كان من بين العرب مشاركون بارزون في مجمع أفسس، هذا إلى جانب تأثيرات الثقافة والفنون الرومانية (ص 87) 

 

ويروي كاتب الحوليات الجورجية المراحل الأولى للفتوحات على النحو الآتي: عندما توفي (أبو بكر)، انتقلت السلطة إلى عمر. وأبلغوا هيراكليوس أن السراسنة يريدون دخول أراضي بين النهرين وسوريا والجزيرة وتوجه الإمبراطور إلى بلاد بخشتاتسيك (Pghshtstsik) [؟] ورأى هناك راهباً قال له: «اهرب من أولئك الذين أرغموا سارة على الهرب لأن السراسنة كانوا يسمون خدم سارة»)، لقد أعطى الله شعبهم الجنوب والشرق والشمال. إنهم نجوم جوالة يغلبون من لا يتجول». وقد وجدت نبوءات بشأنهم في كتابات فلاسفة هيرميترون (Hermitron) وإيخينتوس (Ijintos) تقول إنه في عام ٥٨٤٠ من الحقبة العظيمة، سيظهر ابن للخادمة وسيدوم حكمه ٢٤٠ عاماً وذلك هو ٦١٥ ٥ ٧٥) + ٥.. أشاح الملك هيراكليوس وجهه وجاء إلى كارتلي (K’art’li) [منطقة في جورجيا] ليقول: «أيها الإيرانيون الذين هجروا بلادهم هرباً من الإسماعليين إلى المناطق الشمالية، تمالكوا أنفسكم، لقد انتهت مملكتكم. لقد بات السراسنة أقوياء، فانهضوا وتعالوا إلينا وكانوا قد تركوا كنوزهم مصطحبين معهم مخطوطات مكتوبة بالأماكن التي خبأوا الكنوز فيها وذهبوا إلى هيراكليوس وجاء البيزنطيون مع هذه الوثائق وعثروا عليها (ص 91)

 

ويروي ثيو فانس وقائع معركة مؤتة) من ضمن أحداث عام ٦٣٠ – ٦٣١ (٦١٢٣ ويروي ثيو فانس وقائع. للخليقة) الذي يعينه العام الأول في حكم أبي بكر Aboubacharos) على النحو الآتي: عين محمد قبل وفاته أربعة أمراء ليقاتلوا أولئك العرب الذين تنصروا وتقدم الأمراء إلى قرية (موشيا) (Mouchen) [الأرجح أن تكون قرية مآب أو خربة المهنا] التي كان يتمركز فيها ضابط بيزنطي برتبة فيكاريوس (Vicarius) [وهي رتبة صغيرة في الهيكلية العسكرية البيزنطية] يدعى ثيودور. وعزم على مهاجمة العرب عندما يقدمون الأضاحي إلى أوثانهم وقد علم ثيو دور بذلك من قرشي كان يتلقى منه المال، فجمع الجنود في الصحراء وعندما أكد له العربي اليوم والساعة التي يريد [المسلمون] أن يشنوا هجومهم فيهما، هاجمهم في قرية تدعى موثوس» (Mothous) [مؤتة] وقتل ثلاثة أمراء والقسم الأكبر من الجيش أمير واحد يدعى شالد [خالد بن الوليد] ويلقبونه سيف الله)، فر (ص 92) 

 

في هذه الفترة التي سادتها الريبة، والتوتر وقع الصدام المسلح الأول بين العرب المسلمين والبيزنطيين خارج شبه الجزيرة العربية في قرية دائن قرب غزة في فلسطين. ففي سنة ٩٤٥، الدورة السبعة يوم الجمعة الرابع من شباط / فبراير عام ٦٣٤ عند الساعة التاسعة، وقعت معركة بين الرومان وبين عرب محمد (طائيي محمد / Tayyaye Mhmt-d). فرَّ الرومان تاركين وراءهم البطريق بريردن (Bryrdn) الذي قتله العرب. وقتل أيضا حوالي أربعة آلاف قروي فقير من المسيحيين واليهود والسامريين. لقد دمر العرب الناحية برمتها) (ص 94) 

 

غني عن البيان أن رواية المؤرخ البيزنطي تختلف كثيراً عن الروايات العربية للمعركة. لكن من المفيد التذكير لوضع المسائل في أحجامها، أن اليرموك وغيرها من المواجهات في تلك الحقبة، لم تكتس أهميتها الكبرى كمحطات تحول في تاريخ المنطقة سوى في وقت متأخر نسبياً، خصوصاً عندما ظهرت آثارها البعيدة المدى على تثبيت الحكم العربي في سوريا، وإنهائها صفحة السيطرة البيزنطية. ولم تمثل الهزيمة في سوريا نهاية لحكم القسطنطينية فحسب، بل كذلك بداية النهاية لهيمنة الثقافة الهلينية وانحسار دور المسيحيين الشرقيين السياسي مقابل تأسيس مرحلة حضارية وثقافية وسياسية مختلفة عن سابقتها وإن كانت تمتُ إليها بالعديد من الصلات والأسباب (ص 96)

 

ويقول س. د. غواتان مع الأخذ في الاعتبار هنا مسألة استخدام ثيو فانس لمراجع سريانية أثناء كتابته تاريخه، وسط اعتقاد يقول إن المؤرخين السريان تأثروا بالروايات العربية، خصوصاً الشفهية منها، أو ما يسمى الرواية الشاميَّة للتاريخ العربي) التي تعرَّضت إلى حملة منظمة لاجتثاثها من الأذهان قبل التدوين الكبير للتاريخ العربي في العصر العباسي (ص 97)

 

الفصل الخامس – الشيطان يستعبد مصر

قبل إكمال الفتوحات العربية في الشام، كانت مسألة التوسع صوب مصر قد طرحت أمام القادة العرب. وبدا أن سقوط مصر، الولاية البيزنطية الأغنى، قد بات حتمياً بعد انقطاع التواصل البري بينها وبين القسطنطينية على الرغم من بقاء الاتصالات البحرية سليمة (ص 113) 

 

ويروي ميخائيل السرياني الذي عاش في القرن الحادي عشر، سقوط مصر على النحو الآتي: سلم المصريون الإسكندرية ومسرين إلى الطائيين بعدما ضاقوا (المصريون) ذرعاً من اضطهاد الخلقدونيين لهم. وطرد سيروس البطريرك بنيامين. وسيروس هو البطريرك الخلقيدوني الذي كان ينتعل خف الأباطرة الأحمر في قدم وصندل الرهبان في الأخرى دلالة على إمساكه بالسلطتين الدينية والزمنية معاً (ص 114) 

 

نقد الرواية: تبدو الرواية هذه متأثرة بالسرد العربي لأحداث الفتح لناحية وجود شخصية قبطية رئيسة أدت دوراً مهماً في تسليم مصر إلى العرب. لكنها تتعارض بشدة مع التاريخ شبه الرسمي للكنيسة القبطية الذي وضعه ساويروس ابن المقفع (أو ساويروس الأشمونين) بعنوان تاريخ البطاركة وجمعه من وثائق الكنيسة القبطية وأديرتها والذي يصور الفتح العربي كحدث مستقل عن إرادة المصريين (ص 115)

 

ويقول ساويرس: فلما تمت عشر سنين من مملكة هرقل والمقوقس وهو يطلب بنيامين البطرك وهو هارب منه من مكان إلى مكان مختفياً في البيع الحصينة، أنفذ ملك المسلمين (عمر بن الخطاب) سرية مع أمير من أصحابه يسمى عمرو بن العاص في سنة تلتماية وسبع وخمسين لدقليانوس قاتل الشهدا، فنزل عسكر الإسلام إلى مصر بقوة عظيمة في اليوم الثاني عشر من بوونه وهو السادس من يونيو من شهور الروم. وكان الأمير عمرو قد هدم الحصن وأحرق المراكب بالنار وأذل الروم وملك بعض البلاد (ص 117) 

 

ويضيف: وفي سنة تلتماية وستين لدقليانوس في شهر دكتيريوس (ديسمبر) من بعد أن ملك عمرو مصر بتلت (ثلاث سنين ملك المسلمون مدينة إسكندرية وهدمو سورها وأحرقو بيعاً كثيراً بالنار وبيعة ماري مرقس التي هي مبنية على البحر حيث كان جسده موضوعاً هناك وهو الموضوع الذي مضى إليه الأب البطرك بطرس الشهيد قبل استشهاده وبارك فيه وسلم إليه القطيع الناطق (الرعية) كما تسلمه (ص 117 , 118)

 

لكن أسقفاً قبطياً، هو يوحنا من نيقوس، الذي يُعتقد أنه ولد في أيام الفتوحات دون بعض تفاصيل حوادث تلك الفترة التي تبقى دقتها موضع جدال. يتعين القول إن تاريخ البطاركة، مثله مثل حوليات يوحنا من نيقوس، تبدأ بسرد الأحداث منذ فترات مبكرة من تاريخ الكنيسة تاريخ البطاركة يبدأ من أيام القديس مرقس الذي تنسب الكنيسة القبطية نفسها إليه، فيما يعود يوحنا بالزمن في حوليته إلى بدء الخليقة. ويقول ه زوتنبرغ (Zonenberg) في مقدمة ترجمته للنص الأثيوبي للمخطوطة ” إن يوحنا كان شخصية رئيسة في الكنيسة اليعقوبية المصرية في النصف الثاني من القرن السابع وإنه كان مشرفاً على الرهبان في مصر العليا وشارك، بحسب ما يفيد تاريخ البطاركة في انتخاب خليفة البطريرك يوحنا من سيموند (البطريرك إسحق) (ص 119)

 

والحق أن حوليات يوحنا من نيقوس (حالياً قرية أبشاي، مركز تلا في المنوفية) قد تكون الأكثر صراحة في تنديدها بكل ما جلبه الفتح العربي لمصر وفي سردها للمصائب التي أنزلها العرب بالأقباط، والاضطهاد الذي بدأ منذ الأيام الأولى لدخول القوات العربية إلى الأرض المصرية. غني عن البيان أن الحروب والاجتياحات العسكرية تتشارك في إلحاقها الأضرار الجسيمة بالمدنيين منذ فجر التاريخ. ولا تنقص أخبار يوحنا أو غيره الإشارات إلى العنف الذي كان السكان يتعرضون له مع كل تغيير في السلطة السياسية (ص 120) 

 

وتبدأ رواية يوحنا عن دخول الإسماعيليين (المسلمين) إلى مصر مع ذبح هؤلاء بلا رحمة» القائد البيزنطي ثيودوسيوس وجنوده ثم احتلال البهنسا وذبح كل الأهالي وملاحقة القائد يوحنا إلى أبويت ومع التوغل العربي في مصر، تتصاعد المجازر خصوصاً في الفيوم التي فرّ منها القائد البيزنطي دومنتانوس”. وعند هذه المرحلة تبدأ الإشارات إلى بدايات تعاون المصريين مع الجنود العرب) وتبدأ أعمال عمرو بن العاص بالظهور حيث يجرد القادة الرومان من ممتلكاتهم بعد اعتقالهم ويضاعف الضرائب على الفلاحين ويأمرهم بتزويد خيوله بالعلف. ويقول يوحنا إن عمراً ارتكب ما لا يحصى من أعمال العنف، فدب الذعر بين سكان مصر الذين هربوا صوب الإسكندرية تاركين أموالهم وقطعانهم. وقام المسلمون بمساعدة من المصريين الذين تركوا إيمانهم وتبعوا إيمان هذا المخلوق الكريه (عمرو) بالاستيلاء على كل ممتلكات المسيحيين الهاربين وأعلنوا أن خدم المسيح هم أعداء الله (ص 120)

 

وبعد دخول عمرو إلى الإسكندرية، لم يرتكب جنوده أعمال سلب ضد الكنائس. لكنه زاد الضرائب زيادة هائلة حتى باع المصريون أولادهم لدفع الضريبة. ولم يكن من معين وحط الله آمالهم وسلَّم المسيحيين إلى أعدائهم. وراحت أعداد من المصريين تنضم إلى المسلمين بعد إعلان تحولهم إلى الدين الجديد ومن بين هؤلاء رئيس دير سيناء الخلقيدوني الذي قام باضطهاد المسيحيين بعد إسلامه (ص 122)

 

انتهت إذاً فترة السماح العربية ويات على مصر أن تكون ما هي عليه فعلاً، مستعمرة تزود المحتلين بالضرائب والجنود وأرضاً لنشر الدعوة الإسلامية. فالحادثة بين عبد العزيز والأنبا يوحنا كانت مقدمة لسلسة طويلة من الحوادث التي تشكل سلوكاً ونهجاً أكثر مما هي في الواقع انتهاكات أو تجاوزات لسياسات العهود الإسلامية (ص 131)

 

ويتوالى الحكام الأمويون على مصر. ومن النادر أن يجد واحد منهم كلمة طيبة من الإخباريين الأقباط عنه. وكان لعبد العزيز ولد يدعى الأصبغ الأخ الأكبر للخليفة عمر بن عبد العزيز) حاز على كراهية خاصة بين الأقباط لفرضه الجزية على الرهبان في جميع أنحاء مصر (ص 132)

 

الفصل السادس – إيران: عصر ((الغصن الحديد)) 

تواجه كل من يريد الكتابة في التاريخ الفارسي – الإيراني الوسيط مشكلة المصادر والمراجع وعلى ندرة ما يمكن الاستناد إليه في مجال التأريخ للإمبراطوريات الفارسية الإيرانية في العصور السابقة للفتح العربي، إلا أنه يمكن الاعتماد على مجموعة من النصوص والنقوش الموضوعة باللغة البهلوية (أو الفهلوية) والتي تسمح قراطها بفهم الخطوط العريضة لمجريات وأحداث وأجواء الدول والمجتمعات التي سادت وعاشت في إيران (ص 137)

 

ولم تكن الرحلات إلى إيران والعراق الواقع تحت سيطرة الأولى للتجارة والإقامة في كنف الملوك اللخميين والاستفادة من عطاياهم مجهولة عند العرب في الحجاز وخارجه حتى لو غطّت عليها أخبار رحلة الشتاء والصيف» الشهيرة إلى اليمن والشام. ويلاحظ المستشرق الألماني ثيودور نولدكه أن قريشاً كانت تفضّل، كمصدر للمتعة، أقاصيص نضر بن الحارث الذي تعلم الأساطير الفارسية أثناء رحلاته إلى بلاد ما بين النهرين على آيات محمد التي تروي قصص ومواعظ الأنبياء) (ص 140)

 

وحصل التقدم العربي بعد هزيمة أولى أمام القوات الإيرانية في معركة الجسر التي أعقبتها ثلاثة انتصارات عربية كبيرة في القادسية ونهاوند وجلولاء، أدت إلى قصم ظهر الإمبراطورية الساسانية التي كانت تكابد نتائج سلسلة هزائم أمام البيزنطيين وتبعات صراعات داخل البيت الحاكم (ص 141 ) 

 

وعن دخول العرب إيران يروي ميخائيل السرياني أن الطائيين اجتاحوا بلاد الفرس وصعد واجبل مردي من جهة راش عينا وقتلوا الكثير من الرهبان في ديري قيدار والبيض لاعتقادهم أن الرهبان جواسيس للفرس (ص 142)

 

ويقول ميخائيل السرياني إن ابن،شهر بار از القائد الساساني الذي انشق عن جيش خسر و الثاني والتحق بهيراكليوس نجا من معركة اليرموك وانضم إلى المسلمين وقصد حمص حيث أقام، ومن بعث برسالة إلى الخليفة عمر: يطلب فيها وضعه على رأس جيش ليذهب ويفتح فارس (ص 146)

 

وتتابع القصة أن عمراً صدق الرسالة، بيد أن بنات خسرو الثاني الأسيرات في المدينة الححن على عدم تصدیق ما قاله ابن شهر بار از وروين للخليفة ما فعل شهربار از وابنه بخسرو وأبنائه وقلن إن القائد الفارسي لا يريد سوى التمرد والاستيلاء على السلطة. فأرسل عمر إلى حمص أمراً بقتل ابن شهرباراز (الصفحة السابقة)

 

وفي الفصول الستة الأخيرة من البونداهيشن (Bundahishn) أو كتاب الخلق، والتي يُعتقد أنها أضيفت إلى المتن مراجعة لتاريخ السلالة الكيانية، يحمل الفصل الثالث والثلاثين عنواناً هو عن الأهوال التي أصابت إيران ألفية بعد ألفية ويحتوي على المقطع الآتي: «عندما انتقلت السيادة إلى يزدجرد، حكم عشرين عاماً؛ ثم دخل العرب إيران بأعداد عظيمة. لم يتحداهم يزدجرد في معركة. بل رحل إلى خراسان وتركستان وطلب المساعدة بالخيل والرجال. وقتلوه هناك. ومضى ابن يزدجرد إلى الهند وجلب جيشاً وجنداً. ولقي مصرعه قبل الوصول إلى خراسان. ودمر الجيش والجند وبقيت إيران مع العرب. ونشروا ناموسهم ودينهم وحلوا الروابط التي أنشأها القدماء وأضعفوا الدين المزدي (٢٥). وأدخلوا استخدام غسيل المادة الملوثة ودفنها. وأكلها. ومنذ بداية الخليقة حتى اليوم هذا ما حل شرّ أسوأ من ذاك [الذي جاءوا به] وبسبب أفعالهم الشريرة اتخذ الحزن والكرب والنواح منازل [في إيران]. وبسبب ناموسهم الأشوه وإيمانهم الأثم حل الوباء والفاقة وغيرهما من الشرور (148)

 

 

وفي الحقيقة أردت التوقف إلى هنا مازلت هناك 5 فصول في الكتاب اردت تركها للقارئ او ربما يكون لنا فيها جزء ثاني لا اريد ان اطيل عليكم اكثر من ذلك يكفي ما وصلنا اليه الان وعرفنا نظرة الشعوب المغلوبة للفتح العربي وانها لم تراه سوى شر وعقاب ومصدر للحزن وكيف تم تحريف الروايات القديمة في فترة العصر العباسي لتخدم تاريخ المنتصر ولكننا نقول ايضا ان الضوء مهما اخفيت يظهر منه شعاع ينير لنا الطريق للحقيقة وليس للزيف الذي وقع علينا او تعلمناه وسيكون لنا المزيد من الكتب في التاريخ القديم وسنعطي فيها النظرة الحقيقية للتاريخ وليست النظرة التي يكتبها المنتصر.

ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين - تلخيص: بيشوي طلعت
ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)