--الردود على الشبهات

التحيات الختامية في الرسائل ومفاهيم مغلوطة – هل هي وحي الهي؟-عماد حنا


التحيات الختامية في الرسائل
ومفاهيم مغلوطة 

بهذه الكلمات انهى الرسول بولس رسالته الى كولوسي “… جَمِيعُ أَحْوَالِي سَيُعَرِّفُكُمْ بِهَا تِيخِيكُسُ الأَخُ الْحَبِيبُ، وَالْخَادِمُ الأَمِينُ، وَالْعَبْدُ مَعَنَا فِي الرَّبِّ، الَّذِي أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ لِهذَا عَيْنِهِ، لِيَعْرِفَ أَحْوَالَكُمْ وَيُعَزِّيَ قُلُوبَكُمْ، مَعَْ أُنِسِيمُسَ الأَخِ الأَمِينِ الْحَبِيبِ الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ. هُمَا سَيُعَرِّفَانِكُمْ بِكُلِّ مَا ههُنَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا، الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا. إِنْ أَتَى إِلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهُ. وَيَسُوعُ الْمَدْعُوُّ يُسْطُسَ، الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. هؤُلاَءِ هُمْ وَحْدَهُمُ الْعَامِلُونَ مَعِي لِمَلَكُوتِ اللهِ، الَّذِينَ صَارُوا لِي تَسْلِيَةً. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَبَفْرَاسُ، الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ، عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ، مُجَاهِدٌ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ بِالصَّلَوَاتِ، لِكَيْ تَثْبُتُوا كَامِلِينَ وَمُمْتَلِئِينَ فِي كُلِّ مَشِيئَةِ اللهِ. فَإِنِّي أَشْهَدُ فِيهِ أَنَّ لَهُ غَيْرَةً كَثِيرَةً لأَجْلِكُمْ، وَلأَجْلِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَالَّذِينَ فِي هِيَرَابُولِيسَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ، وَدِيمَاسُ. سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَعَلَى نِمْفَاسَ وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِ. وَمَتَى قُرِئَتْ عِنْدَكُمْ هذِهِ الرِّسَالَةُ فَاجْعَلُوهَا تُقْرَأُ أَيْضًا فِي كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ، وَالَّتِي مِنْ لاَوُدِكِيَّةَ تَقْرَأُونَهَا أَنْتُمْ أَيْضًا. وَقُولُوا لأَرْخِبُّسَ:«انْظُرْ إِلَى الْخِدْمَةِ الَّتِي قَبِلْتَهَا فِي الرَّبِّ لِكَيْ تُتَمِّمَهَا». اَلسَّلاَمُ بِيَدِي أَنَا بُولُسَ. اُذْكُرُوا وُثُقِي. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ …” (كولوسي 4: 7 – 17).
تتكرر تلك النهاية في كل رسائل بولس تقريباً، وأيضاً نجد مثلها في رسائل يوحنا … ودائماً ما يأتي إلينا ناقد الكتاب المقدس بأحد هذه النصوص ويسأل مستنكراً …
– هل هذا وحي إلهي؟ 
والسؤال الثاني والذي يأتي دائما بصورة تهكمية هو … 
– ما الذي يمكن أن نستفيد منه عند قراءتنا هذه النصوص!! …
وفي السطور القادمة سأجيب عن هاذين السؤالين مشيراً إلي بعض المفاهيم الخاطئة التي نعتنقها ونحن نفكر في مثل هذه النصوص
أولا: هل هذا وحي إلهي؟
بالتأكيد هو وحي إلهي … وليس كل وحي إلهي يُكتب بصيغة الأمر بمعنى افعل أو لا تفعل … ولكن كل هذه الأشياء كتبت لأجل تعليمنا … 
وفي الواقع بعد ولادة الكنيسة الأولى في يوم الخمسين … وأنا أقصد تلك الكنيسة التي يقودها الروح القدس بدءاً من يوم الخمسين العظيم، والكتاب المقدس يصف لنا جسد الرب يسوع من خلال أعمال الرسل والرسائل … ذلك الجسد الحي الذي يرينا كيف يفكر وكيف يخدم وكيف يتعامل مع مشاعر الآخرين … كيف يتعامل مع الخطأ والصواب … 
أنه كائن حي بكل تفاصيله … لذلك سجل لنا الوحي الإلهي أشياء في منتهي الخصوصية … 
فنرى في سفر أعمال الرسل خلافاً حدث بين الرسول بولس والرسول برنابا على مرقس … فهؤلاء الناس بشر … يمكن أن يتفقوا ويمكن أن يختلفوا … وأيضا يمكن أن يخطئوا وأن يصيبوا …
وفي كورنثوس تعرض الرسول بولس لمشكلة ذلك العضو الذي أخطأ خطية جنسية وأرانا كيف نتعامل معها من خلال تعامله مع المشكلة …. وفي رسالة فليمون أرانا كيف نتعامل مع الخادم المخطئ الهارب، وأيضا أرانا كيف تغير النعمة السارق وتجعله خادما أمينا ومفيدا … لذلك، كل هذه العناصر التي خلقها الوحي من سفر أعمال الرسل والرسائل من بعده جسد حي لكنيسة المسيح النامية …
وفي رسالة غلاطية تواجه مع المشككين في رسوليته، وفي مفهوم الحرية الصحيح، وفي رسالة فيلبي ناقش قضية الخصومة بين الخدام، وأيضا الفرح وسط الضيق …..
لقد عشنا مع الكنائس حياتهم ومن خلال هذه الحياة تعلمنا الكثير من الحلول التي نضعها لتلك المشاكل التي قد نواجهها والتي هي متكررة مع مشاكل كنائس القرن الاول. لذلك من الطبيعي أن يكون هذا الكلام هو وحي الهي، لأنه حل المعادلة الصعبة بين أن يحل مشاكل القرن الاول، وأن نستخدم نفس الفقرات لنحل مشاكل كل القرون التالية على القرن الأول.
وهذا هو غاية الوحي الرئيسية … ونأتي الآن لسؤال آخر … ماذا استفدت من هذه التحيات الختامية … ولهذا مقال آخر 
———————-

تحيات بولس الختامية – ماذا نستفيد منها؟ 
هناك الكثير من العناصر التي يمكن أن نستفيد بها من السلامات أذكر منها بعض الأشياء.
1- خدمة المسيح ليست قاصرة على الرجال فقط
فنرى من ضمن من سلم عليهم الرسول بولس
· خادمة الرب فيبي ” أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا،” (رومية 16: 1)
· مريم “سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا. (رومية 16: 6)
· ونجد عائلات أيضا مثل اكيلا وبريسكلا … فنجد في كنيسة المسيح الرجل والمرأة خادمان معا وعاملان معا … لا فرق ولا تمييز … وهذا واضح جدا عندما نقرأ فقرة السلام في كل من رومية وكولوسي وفليمون … الخ
2- نعمة المسيح مغيرة
فنجد مثلا في فقرة السلام الخاصة برومية حديثاً عن شخص هو روفس “سلموا على 3- ما نحكم عليه أنه غير نافع للخدمة يمكن أن يكون نافعا.
فنجد مرقس الذي كان مصدر قلق لبولس وسبب لانفصاله التاريخي عن برنابا في الخدمة، تأتي الأيام ويطلب بولس من تلميذه تيموثاوس أن يحضر له مرقس لأنه نافع فيقول: “خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ.” (2تي 4: 11) أليس هذا يعلمنا ألانفقد ثقتنا وصبرنا مع شخص نراه غير نافع؟! … في الواقع إنه لولا تلك التحيات المدونة ما كنا سمعنا أبدا نهاية تلك الصورة التي أصبح عليها مرقس الرسول … أليس هذا رائعا؟
4- من كان في حالة ضعف يرجع ويثبت في نعمة المسيح
شخصية شهيرة في وسطنا الكنسي بأنها تركت بولس لأنها أحبت العالم الحاضر … هذه الشخصية هي شخصية ديماس … ولكني في الواقع وجدت بعد قراءة تحيات بولس الختامية أن هذا الأمر كان مؤقتاً لأنه في كل من رسالتي كولوسي وفليمون كان ديماس موجودا من جديد مع بولس … بعض المفسرين فسروا ذلك بأن ديماس كان موجودا في البداية مع بولس ولكنه تركه … ولكني أري أن العكس هو الذي حدث … لأنه عندما تكلم بولس إلى تيموثاوس كان مرقس مع تيموثاوس في مكان بعيد … أما في كولوسي وفليمون فكان تيموثاوس ومرقس مع بولس الرسول وتيموثاوس يشارك بولس في إرسال الرسالة … إذاً فرسالة بولس الثانية إلى تيموثاوس والتي فيها وصف ديماس بأنه أحب العالم الحاضر تسبق رسالتي كولوسي وفليمون في الزمن … ومن هنا نرى أن ديماس قد رجع تائبا … أليس هذا يمجد الله؟
5- عثرنا على رسالة لاودكية
نفهم من رسالة كولوسي أنها سوف تقرأ في لاودكية … ولكننا وقعنا في مشكلة أن هناك رسالة لاودكية والتي يجب أن تقرأ في كولوسي أيضا، “وَمَتَى قُرِئَتْ عِنْدَكُمْ هذِهِ الرِّسَالَةُ فَاجْعَلُوهَا تُقْرَأُ أَيْضًا فِي كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ، وَالَّتِي مِنْ لاَوُدِكِيَّةَ تَقْرَأُونَهَا أَنْتُمْ أَيْضًا” كولوسي 4: 16 … ونجد شخصية أرخبس ورسالة شخصية له … ذلك الشخص الذي هو خادم الله في كنيسة فليمون أيضا … ومن هنا نستنتج أن أرخبس هو من لاودكية والا ما كان هناك داعٍ لإرسال رسالة شخصية له إذ كان سيكون ضمن جمهور المستمعين في كولوسي … ونستنتج ايضا أن رسالة فليمون هي نفسها رسالة لاودكية وان فليمون من لاودكية والعبد أنسيموس هرب ايضا من لاودكية … كل هذه الاستنتاجات لا تأتي إلا من قراءة التحيات الختامية بدقة في كولوسي وفليمون
6- أولويات في حياتنا ينبغي أن تظل كذلك
في تيموثاوس الثانية يقول الرسول بولس أن وقت انحلاله قد حضر … ومع ذلك ماذا طلب من تيموثاوس ليحضر معه … “الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس ، أحضره متى جئت ، والكتب أيضا ولاسيما الرقوق” … الرداء ليحصل على الدفء ولكن نجد أن الكتب كانت لها اولوية خاصة في حياة بولس … فكما قال لتيموثاوس إنك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص … هو أيضا طلب الكتب والرقوق على الرغم أنه كان يتوقع أن وقت انتقاله للرب قريب … ولكن أولوياته كانت كلمة الله المكتوبة في الكتاب المقدس … ألا يعلمنا هذا كيف تكون أولوياتنا؟
7- جزء من تاريخ الرسول بولس مدون خلال تلك الفقرات
فهو يكتب عن الكثير من الأمور التي ستحدث معه في مستقبله القريب والتي لم يكتبها سفر الأعمال والرحلات التي نوى أن يقوم بها … دون أسماء من كان معه ومن تركه ومن سيأتي ليكون معه في المستقبل … ذلك التوثيق يساهم بكثير في كتابة تاريخ تلك الحقبة الزمنية.
8- أناس أكرموا الله فأكرمهم الله بذكر أسمائهم العطرة
فنجد تعبيرات رائعة عن ذلك العامل معه، وعن الذي أحب الله بالحق، وتلك التي تعبت كثيرا في خدمتهم … لقد دون بوحي إلهي سجلاً مشرفاً لكثير من أناس أحبوا الله وخدموه … أليس هذا جديراً بأن نعرفه؟
*** 
كل هذه الأشياء حصلنا عليها وغيرها الكثير من
الأمور من خلال فقرات يراها البعض غير هامة … علاوة على أن الوحي دون لنا أسماء كان يمكن ألا نعرفها مطلقا ولكننا عرفناها بسبب تسجيل الرسول سلامه لها … وبالحق ما كتب فقد كتب لأجل تعليمنا كما يقول معلمنا الرسول بولس في رسالة رومية: “لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا، حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ” (رو 15 : 4)

ألست معي في ذلك؟
عماد حنا

تعليق واحد