أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري – ترجمة: جرجس مخلص حنا
أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري [1]
ترجمة: جرجس مخلص حنا
مراجعة وتعليق: آرثر دانيال
![أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري - ترجمة: جرجس مخلص حنا 1 أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]](https://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2025/08/difa3iat.com-2025-08-16_23-28-15_577048-e1755379722256.avif)
لقد وصلنا نص العهد الجديد عبر آلاف النسخ، مصحوبةً بآلاف الفروقات النصية. وهذه حقيقة أساسية لا يختلف عليها أحد. إلا أن هذه الفروقات تثير إشكالية واضحة لدى من يؤمنون بأن العهد الجديد يشكّل أساس الإيمان بيسوع المسيح؛ إذ إن معرفتنا بيسوع تستند في المقام الأول إلى كتابات العهد الجديد.[2] وإذا لم نكن نعرف على وجه الدقة ما تقوله تلك الكتابات، فلا جدوى من الجدل بشأن مدى صحة ما تقرره.[3]
لهذا، شكّلت الاختلافات النصية بين مخطوطات العهد الجديد محورًا دائمًا في النقاشات حول مصداقية الإيمان المسيحي. ومع ذلك، فإن قراءة الأدبيات الحديثة تكشف عن وجود رأيين مختلفين تمامًا حول عدد هذه الفروقات ومدى أهميتها. خذ على سبيل المثال بارت إيرمان (Bart Ehrman)، الذي بدأ يشك في فترة دراسته اللاهوتية في إمكانية الوثوق بنص العهد الجديد… كان (إيرمان) يقول أنه، حتى لو أوحي الله بالكلمات الاصلية للعهد الجديد فنحن بأي حال من الأحوال لا نستطيع أن نحصل على تلك الكلمات الاصلية. ومن هنا استنتج أن “مبدأ الوحي كان، إلى حد ما، غير ذي صلة بالكتاب المقدس كما هو بين أيدينا، لأن الكلمات التي يُقال إن الله أوحى بها قد غُيِّرت، وفي بعض الحالات فُقدت.”[4] باختصار، خَلُصَ (إيرمان) إلى أنّ عدد المتغيرات النصية كبير جدًا بحيث لا يمكن تصديق مزاعم الكتاب المقدّس حول وَحْيِهِ الذاتي.
من ناحية أخرى، من الشائع أن نجد كُتّابًا مسيحيين يرون أن الاختلافات النصية لا تُشكّل تهديدًا حقيقيًا للإيمان المسيحي بوحي الكتاب المقدس، وذلك لأن “أكثر من 99٪ من كلمات الكتاب المقدس نعلم على وجه اليقين ما قالته المخطوطات الأصلية”، وأن “لأغلب الأغراض العملية، فإنّ النصوص الاكاديمية المنشورة حاليًا للعهد القديم العبري والعهد الجديد اليوناني تُطابق المخطوطات الأصلية.”[5]
أحيانًا يُستخدَم هذا الرقم القريب من الكمال بطريقة معكوسة، بحيث يُقال إنّ 99% من جميع المتغيرات غير مهمّة، بدلًا من القول إنّ 99% من الكلمات الأصلية معروفة بدقة، وهو معيار مختلف قليلًا.[6]
في كلتا الحالتين، تنطبع الفكرة بأنّ المتغيرات النصية —رغم شكوك (إيرمان)— لا تُشكّل أي تهديد حقيقي لثقة المسيحيين بالكتاب المقدّس، وبحسب تعبير (ماثيو باريت)، فإنّ أي غموض نصي تطرحه اختلافات المخطوطات لدينا هو “دائمًا في أمور غير مهمّة، ولا يتعلّق أبدًا بالعقيدة المسيحية أو مصداقية النصّ الكتابي.”[7]
لكن أي من هذين الرأيين المتعارضين هو الصحيح؟ هل قضية وحي الكتاب المقدس باتت بلا جدوى لأن النص الأصلي ضاع وسط غياهب الزمن؟ أم أنه لا داعي للقلق لأن طَبَعاتِنا الحديثة تتطابق مع النص الأصلي في 99٪ من الحالات؟
في هذا الفصل، سنبيّن لماذا يُعدّ كلا الادعاءين مبالغًا فيه، ففي الحالة الأولي: من الصحيح أن الغالبية العظمى من عدد المتغيرات الكبير الذي نملكه تُعدّ في الواقع تافهة بالنسبة لقراء الكتاب المقدس في العصر الحديث؛ لكننا نأمل أيضًا أن نُوضّح لماذا يُعطي القول بأن “لا متغير يؤثر في العقيدة المسيحية” انطباعًا خاطئًا بالمثل، فبعض المتغيرات، رغم كونها مدفونة في هوامش الكتاب المقدس أو التعليقات عليه، تَمسّ في الواقع عقائد مهمة، ولذلك لا يمكن تجاهلها من قِبَل المسيحيين الذين يَعتبرون الكتاب المقدس كلمة الله.
إن أول ما يثير الاهتمام إذن هو النظر فيما يبدو أنه ادعاءات جامحة حول عدد المتغيرات في مخطوطاتنا وبعض الطرق المفيدة (وغير المفيدة أيضًا) لوضع هذا العدد المقدر في سياقه. بعد ذلك، ننظر فيما إذا كانت هذه المتغيرات تؤثر على العقيدة والممارسة المسيحية قبل أن نختتم ببعض التأملات حول أهمية هذه المتغيرات.
عدد المتغيرات في العهد الجديد
أول ما ينبغي التفكير فيه عند التساؤل عمّا إذا كانت الاختلافات النصية تؤثر على الإيمان المسيحي هو عدد هذه الاختلافات.
على مرّ القرون، قدّم علماء العهد الجديد تقديرات مختلفة حول عدد المتغيرات النصية الموجودة في المخطوطات. ففي البدايات، كانت بعض الطبعات من العهد اليوناني تُدرج المتغيرات في الهامش بشكل محدود للغاية. لكن هذا تغيّر جذريًا مع صدور الطبعة الثورية التي أعدّها (جون ميل) عام 1707، والتي استغرقت منه ثلاثين عامًا، وسجّلت ما يقارب 30 ألف متغير نصي.[8] بعد مرور قرن من الزمان، أشار الباحث (فريدريك نولان) إلى أن الدراسات اللاحقة أضافت حوالي 100 ألف متغير جديد إلى ما رصده ميل.[9] ثم جاء قرن آخر ليُضيف تقديرًا آخر ب100 ألف متغير إضافي. أما في عصرنا الحالي، أصبح الرقم الأكثر تداولًا هو 400 ألف متغير. بل إن أحد النقاد النصيين البارزين قد اقترح رقمًا يصل إلى 750 ألف متغير.[10] ولتوضيح الصورة، تجدر الإشارة إلى أن عدد كلمات العهد الجديد لا يتجاوز 138,020 كلمة في العهد الجديد اليوناني القياسي، أي أن لدينا متغيرات تفوق عدد كلمات العهد الجديد نفسه.[11]
تقدير أفضل.
تكمن المشكلة في جميع هذه التقديرات في أننا لا نُخبَر عن مصدرها. على سبيل المثال، يُعد (إيرمان) أول باحث بارز يرفع العدد إلى 400 ألف، لكنه، مثل غيره، لا يوضح كيف وصل إلى هذا الرقم، بل يعزو إلى “علماء” مجهولين دون تقديم أي تفاصيل إضافية.[12] ومع ذلك، إذا اعتمدنا على أكثر المجموعات شمولًا most comprehensive collections للمتغيرات المتاحة، فمن الممكن التوصل إلى تقدير أكثر انضباطًا.
لدينا الآن تجميعات شبه كاملة ومتاحة لمخطوطاتنا اليونانية لثلاثة أقسام على الأقل من العهد الجديد: يوحنا ١٨، وفليمون، ويهوذا.[13] إذا قمنا بحساب عدد الاختلافات في هذه الأجزاء وقسمناها على عدد الكلمات في العهد الجديد القياسي باللغة اليونانية، فإننا نحصل على معدل الاختلاف. النتائج هي: 3.86 اختلافًا فرديًا لكل كلمة في يوحنا ١٨، 3.53 في فليمون، و٣٫٦٧ في يهوذا.[14]
إذا ضربنا هذه المعدلات في عدد كلمات العهد الجديد القياسي اليوناني (١٣٨,٠٢٠ كلمة)، نحصل على عدد يتراوح بين ٤٨٨,٢٢٠ و٥٣٣,٥٨٤ متغيرًا، وبما أننا نتعامل هنا مع تقدير، فمن الأفضل على الأرجح أن نُبقي الرقم تقريبيًا: نصف مليون اختلاف غير إملائي في مخطوطاتنا اليونانية.
كل تفصيل يُحدث فرقًا، هذا التقدير لا يشمل الاختلافات الإملائية، ولا المتغيرات الموجودة فقط في مصادر أخرى، مثل اقتباسات آباء الكنيسة للعهد الجديد أو الترجمات المبكرة إلى السريانية واللاتينية ونحوها. يعود ذلك إلى محدودية البيانات المتوفرة، وكذلك إلى طبيعة هذه الشواهد الأخرى. فالترجمات، على سبيل المثال، من الصعب جدًا إرجاعها إلى اليونانية الأصلية، كما أن الطرق المتنوعة التي اقتبس بها الآباء العهد الجديد تجعل من تصنيف اختلافاتهم النصية وحسابها أمرًا صعبًا. ويجدر بنا أيضًا أن نُشير إلى أن تقديرنا يشمل “متغيرات” قد تكون في الواقع هي القراءة الأصلية، وذلك لأنه تُحصي المتغيرات بين مخطوطاتنا، لا المتغيرات مقارنةً بالنص الأصلي، إذ إن هذا النص الذي نعيد بناءه هو النص الأصلي في المقام الأول.[15]
![أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري - ترجمة: جرجس مخلص حنا 2 أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]](https://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2025/08/difa3iat.com-2025-08-16_23-37-17_308185-e1755380265161.avif)
تفسير التقدير.
الآن بعد أن أصبح لدينا تقدير موثوق، يبقى السؤال: ماذا يعني هذا التقدير؟ مثل أي إحصائية جيدة، فإن عدد الاختلافات المقدَّر يحتاج إلى سياق يفسره، وقد تم تقديم عدة مقاربات لهذا الغرض. لكن كثيرًا منها يعاني من مشاكل. فمثلًا، كما رأينا في المقدمة، يقارن بعض الباحثين العدد الإجمالي المُقدَّر للمتغيرات في جميع مخطوطاتنا بعدد الكلمات في طبعة معينة من العهد الجديد اليوناني. ورغم أن هذه المقارنة تُحدث أثرًا بصريًا قويًا، فإنها في الواقع لا تفيد كثيرًا؛ لأنها تقارن بين عدد ثابت من جهة (كلمات طبعة واحدة من العهد الجديد) وعدد مُتغير [أي غير ثابت] من الجهة الأخرى (المتغيرات في جميع مخطوطاتنا).
من جهة أخرى، حاول بعض الباحثين مقارنة عدد المتغيرات بعدد المخطوطات لتوفير منظور مختلف. ولكن هذه أيضًا مقارنة ضعيفة، لأن المخطوطات تختلف كثيرًا في الحجم والمحتوى. فبعض مخطوطات العهد الجديد، مثل المخطوطة السينائية، تتكون من مئات الصفحات وتحتوي على العهد الجديد بالكامل، بينما توجد مخطوطات أخرى عبارة عن شذرات صغيرة تحتوي على آية واحدة فقط، مثل P12.[16] وبالتالي، فإن مقارنة توحي بأن كلا المخطوطتين تحتويان على نفس عدد المتغيرات ستكون غير مفيدة إلى حدٍ بعيد.
ما تغفله كلتا المقارنتين هو أن الكتبة لا يخلقون تباينات في النص إلا عندما يقومون بعمل نُسَخ إضافية. بشكل عام إذا كُثِفت عملية النسخ، زادت الاختلافات. لكن هذه اللعنة تحمل في طياتها نعمة، لأن المزيد من المخطوطات، على غير المتوقع، يعني إمكانية الحصول على المزيد من البيانات التي يمكن من خلالها حل الخلافات. وقد عبّر (ريتشارد بنتلي) عن هذا المعنى في رده على القلق الذي سببه تقدير (جون ميل) لعدد المتغيرات، والذي وصل إلى 30 ألفًا ونُشر سنة ١٧٠٧م. أشار (بنتلي) إلى أن كثرة المخطوطات أفضل، لأنَّه كما قال: “كلما زاد عدد المخطوطات، كان ذلك أفضل، لأنه من خلال المساعدة المتبادلة يمكن تصحيح كل الأخطاء: فبعض المخطوطات تحافظ على القراءة الصحيحة في موضعٍ ما، ومخطوطات أخرى تفعل ذلك في مواضع أخرى.”[17] بمعنى آخر، فإن السبب نفسه الذي يخلق المشكلة (عملية النسخ) يمكن أن يقدم الحل (الكثير من المخطوطات).
ولحسن الحظ، يمكننا اليوم أن نتجاوز هذا المبدأ العام الذي وضعه )بنتلي(، لأن لدينا الآن بيانات أكثر – وأكثر دقة – بكثير مما كان في عصره. فعلى سبيل المثال، إذا قمنا بمقارنة عدد المتغيرات في مخطوطات النص المتصل (continuous-text manuscripts)[18] لإنجيل يوحنا الإصحاح ١٨، بعدد الكلمات المقدَّر في تلك المخطوطات نفسها، فإننا نحصل على صورة واضحة لعدد المتغيرات الفريدة التي خلقها النُساخ لكل كلمة نسخوها يدويًا.
لدينا 3058 متغيرًا في 1659 مخطوطة لإنجيل يوحنا 18. ونظرًا لأن النسخة المتوسّطة من الإصحاح تحتوي على نحو 800 كلمة، فإن عدد الكلمات المنسوخة يبلغ تقريبًا 1,300,000 كلمة. النتيجة: متغير واحد فقط لكل 434 كلمة منسوخة، أو 3058 متغيرًا فريدًا من أصل 1,300,000 كلمة.[19]
ولو قمنا بحذف ١٣٦٠ متغيرًا غير منطقي [عبارات غير مفهومة أو أخطاء نسخ صريحة]، فسيبقى لدينا ١٦٩٨ متغيرًا نصيًا ذا معنى.[20]
بالطبع، هذا ما يزال رقمًا كبيرًا يحتاج أن يتعامل معه علماء النقد النصي المتخصصون عندما يقررون أي من هذه المتغيرات تعكس النص الأصلي، في مئات المواضع التي تتطلب اتخاذ قرار (معظم هذه المتغيرات سيكون سهل الحسم، إما لأن عدد المخطوطات التي تشهد بها قليل جدًا، أو لأنها تحريفات واضحة). لكن من وجهة نظر النُساخ، فإن خلق متغير واحد جديد فقط لكل ٤٣٤ كلمة منسوخة يُعتبر معدلًا جيدًا، خصوصًا عندما ندرك أن كل واحدة من هذه الكلمات كانت تمثّل فرصة محتملة لابتكار قراءة جديدة لم تُسجّل من قبل. حتى مع وجود هذه المتغيرات النصية، ما يزال علينا أن نسأل: كم من هذه التباينات في يوحنا ١٨ تؤثر فعلًا على المعنى؟
للحصول على فكرة أوضح حول ذلك، يمكن النظر إلى ما ورد في الطبعات النقدية الحديثة. فالطبعة الثامنة والعشرون من العهد الجديد حسب نستل-ألاند (NA28)، والمُعدّة خصيصًا للدراسة الأكاديمية، تتضمن 154 قراءة مختلفة في هذا الاصحاح وحده من إنجيل يوحنا. أما الطبعة الرابعة من طبعة اتحاد جمعيات الكتاب المقدس (UBS4)، التي صُممت خصيصًا لمساعدة مترجمي الكتاب المقدس، فتتضمن فقط 10 قراءات. بينما تسجل نسخة احدث وهي العهد الجديد اليوناني الصادر عن دار تيندال(Tyndale House)، 12 قراءة مختلفة.
إذا نظرنا في بعض من أهم مفسري إنجيل يوحنا، نلاحظ أن (كارسون) تناول فقط ثلاث قراءات مختلفة، بينما ناقش (باريت) ثماني قراءات فقط.[21] كم عدد هذه القراءات التي تستحق أن يطّلع عليها القارئ العادي للكتاب المقدس بالإنجليزية؟ استنادًا إلى الترجمات الحديثة الكبرى، الجواب هو صفر. ففي الإصحاح الثامن عشر من إنجيل يوحنا، لا توجد أي إشارة إلى أي قراءة مختلفة في ترجمات مثل ESV, NIV, NRSV أو حتى NET المعروفة بكثرة حواشيها. مترجمو هذه الإصدارات محقّون في ذلك، لأن جميع القراءات الرئيسية في يوحنا 18 يمكن حسمها بسهولة، أو لا تؤثر تأثيرًا كبيرًا في المعنى، أو كلا الأمرين معًا.
من الطبيعي أن تختلف اصحاحات أخرى من انجيل يوحنا أو حتى اسفار أخرى، لكن هذا المثال يوضح الفكرة الأساسية، وهي أن نسبة ضئيلة جدًا من مجموع القراءات المتنوعة تستحق فعلاً اهتمام المترجم، فضلًا عن القارئ العادي للكتاب المقدس.[22] ووفقًا لحساباتي، فإن حوالي ٠٫٣٪ إلى ٢٫٨٪ فقط من جميع الاختلافات النصية المُقدّرة [حوالي نصف مليون] تظهر في طبعة UBS4 المصممة خصيصًا للمترجمين.[23] وبالرغم من أن بعض هذه القراءات قد تم إغفالها بسبب الرقابة التحريرية أو بدافع الضرورة البحتة، فإن عدد القراءات التي قد تؤثر بشكل ملموس على الترجمة لا يبتعد كثيرًا عن هذه النسبة.[24]
التخمين.
قبل أن نناقش بعض الاختلافات النصية المحددة، يجدر بنا أن نُشير إلى مدى ندرة لجوء محرري العهد الجديد اليوناني إلى “التخمين” بخصوص النص الأصلي — أي، مدى ندرة توصلهم إلى أن جميع المخطوطات المتوفرة لدينا خاطئة، وأن النص الأصلي غير موجود في أي منها.[25] هذا النوع من التخمين يُعد ممارسة شائعة نسبيًا بين محرري النصوص الكلاسيكية، وقد مارسه محررو العهد الجديد أيضًا لفترة طويلة.[26] ومع ذلك، عندما ننظر إلى الطبعة الأكاديمية الأساسية من العهد الجديد اليوناني، أي طبعة NA، نلاحظ أن استخدام التخمين فيها آخذ في التناقص بمرور الوقت. فعلى سبيل المثال، في الطبعة الثالثة عشر التي نُشرت عام ١٩٢٧م، أدخل المحرر إرفين نيستلِه (Erwin Nestle)، وهو ابن إيبرهارد نيستلِه (Eberhard Nestle)، ١٨ تخمينًا في الجهاز النقدي، اعتبرها “يجب أن تُعد أصلية”.[27]
قارن ذلك مع إصدار نستله ألاند، الصادر عام ٢٠١٢، حيث نجد أن المحررين اعتبروا اقتراحين فقط من التخمينات النصية أصلية (واحد في أعمال الرسل 12:16، وآخر في ٢ بطرس 10:3)[28] [29] أما محررو إصدارات أخرى، مثل طبعة Tyndale House، فيرفضون التخمينات من حيث المبدأ، رغم استمرار الجدل حول مبررات هذا الرفض.[30] ومع ذلك، فإن حتى وجود ثمانية عشر تخمينًا في إصدار نستله الثالث عشر، يثبت مدى موثوقية نص العهد الجديد.
فالقراءة الأصلية غالبًا—إن لم يكن دائمًا—موجودة في مكان ما ضمن الشهود.
التحدي، عندما توجد، هو تحديد مكان القراءة الأصلية بدقة وبشكل مقنع.[31]
بعض المتغيرات الصعبة والمهمة
بالرغم مما قيل، لا يزال كثيرون يعترضون على فكرة أن مجرد عدّ القراءات المتنوعة يمكن أن يقدّم صورة كاملة. فعلى سبيل المثال، يكتب (كينيث كلارك): “عدّ الكلمات هو مقياس لا معنى له للتنوع النصي، وجميع هذه التقديرات تفشل في التعبير عن الأهمية اللاهوتية للقراءات المختلفة”.[32] وبالمثل، يقول (إيرمان) عما يسميه “التحريفات الأرثوذكسية” إن: “أهميتها [[أي المتغيرات]] لا يمكن ببساطة قياسها بالأرقام؛ فلا معنى، على سبيل المثال، في حساب عدد كلمات العهد الجديد المتأثرة بمثل هذه القراءات، أو في تحديد نسبة التحريفات المعروفة المرتبطة باللاهوت”.[33]
ومن المؤكد أننا لا نحتاج إلى الذهاب بعيدًا لنقول إن العدّ بلا معنى، خاصة عندما توضع هذه الإحصاءات في سياقها الصحيح. ولكن من الصحيح أيضًا أن الاختلافات النصية، مثل المخطوطات، ينبغي أن توزن لا تعد، وبناءً على ذلك، دعونا نستعرض بعضًا من أصعب وأهمّ القراءات في العهد الجديد. هذا من شأنه أن يمنحنا فهمًا أكثر واقعية لما إذا كانت القراءات النصية تمثّل تهديدًا حقيقيًا للإيمان المسيحي عمومًا أو لوحي الكتاب المقدس بشكل خاص.
التعريفات.
عند التفكير في أهمية الاختلافات النصية، من المفيد أن نُبقي في أذهاننا فئتين رئيسيتين. الأولى تتعلق بما إذا كان الاختلاف مؤثّرًا في التفسير. وبالاتفاق العام، فإن معظم الاختلافات لا تؤثّر على معنى النص. وهذا ينطبق بوضوح على اختلافات التهجئة (هل يتغيّر المعنى إذا كتبنا اسم “يوحنا” بحرف “نون” واحد أو اثنين في اليونانية؟)، كما ينطبق أيضًا على العديد من الاختلافات البسيطة الأخرى، التي لا تفعل سوى تحويل الضمني إلى صريح أو توضيح ما هو غامض. هذه الأنواع من الاختلافات تظهر في جميع مخطوطاتنا، وأي طبعة رئيسية من العهد الجديد اليوناني ستُظهر ذلك بوضوح صفحة بعد صفحة.[34] ولا تشكّل هذه الأنواع من الاختلافات أي تهديد للإيمان المسيحي أو لوحي الكتاب المقدس. إنها تُظهر ببساطة أن النُسّاخ أو القرّاء كانوا – أحيانًا – ميّالين إلى جعل النص أكثر وضوحًا.
قد يُساعدنا مثال على ذلك. في أعمال الرسل 33:13، نجد مشكلة معقّدة في خطاب بولس في أنطاكية بيسيدية. هناك، يشير بولس إلى تحقيق وعود الله في يسوع بقوله إن “ما وعد الله به الآباء” قد تحقق الآن في القيامة. لكن الأشخاص الذين تحققت لهم تلك الوعود ليسوا واضحين تمامًا. فالنص يقول إما: “لنا، نحن أولادهم”، أو “لأولادنا”، أو ربما “لنا، الأولاد”[35] — الاحتمالان الأول والأخير هما الأكثر منطقية في السياق. أما الثاني فهو غريب تمامًا، إذ لا نتوقع أن تكون الوعود قد تحققت بين أولاد جمهور بولس. المشكلة أن القراءة الأولى هي الأحدث من حيث التوثيق، والثانية هي الأقدم، والثالثة لا وجود لها في أي مخطوطة، بل هي افتراض (conjecture).[36] وبغض النظر عن كيفية حل هذه المسألة بعينها، فإن هذا الاختلاف النصي يؤثّر فعلًا على المعنى الدقيق لكلام بولس، ولكنه لا يؤثّر بأي حال على أهمية القيامة، فضلاً عن واقع حدوث القيامة. فلا أحد سيكون أحمق إلى درجة القول إن مجرد وجود اختلاف في هذا العدد يُعرّض حقيقة القيامة للخطر.
ما يهمنا، إذًا، هو تلك الاختلافات النصية التي يصعب بالفعل حسمها، والتي تحمل أثرًا فعليًا على النص بطريقة قد تؤثّر على الادعاءات المسيحية. فلننتقل الآن إلى بعض الأمثلة التوضيحية.
![أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري - ترجمة: جرجس مخلص حنا 3 أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]](https://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2025/08/difa3iat.com-2025-08-16_23-28-19_300545.avif)
مرقس 1:1.
في الآية الأولى من الإنجيل الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه أقدم الأناجيل، نجد اختلافًا نصيًا مهمًا وصعبًا. يبدأ الإنجيل بجملة تبدو وكأنها عنوان للإنجيل كله: “بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ“. الاختلاف النصي هنا يتعلق بعبارة “ابن الله”، إذ إن بعض الشواهد النصية المهمة تحذف هذه الكلمات.[37] في إنجيل مرقس، تُعد بنوّة يسوع لله موضوعًا محوريًا، يتكرر ذكره في عماده (مرقس 11:1)، ثم عندما يواجه الأرواح النجسة (مرقس 11:3)، وفي حادثة التجلي (مرقس 7:9)، ثم في محاكمته أمام السنهدرين (مرقس 61:14)، ويبلغ ذروته في اعتراف قائد المئة الوثني (مرقس 39:15). المسألة، إذًا، ليست ما إذا كان مرقس يقدّم يسوع كابن الله، بل: هل أراد مرقس أن نقرأ روايته عن بشارة يسوع بهذا المعنى منذ السطر الأول؟
في النسخ النقدية القياسية للنص اليوناني (UBS – جمعية الكتاب المقدس المتحدة، وNA – نستله ألاند)، توضع العبارة “ابن الله” بين قوسين، ما يشير إلى أن “النقاد النصيين اليوم ليسوا مقتنعين تمامًا بأصالة هذه الكلمات”.[38] ويؤكد هذا التردد العلمي ما نراه في أحدث نسختين نقديتين. ف الكتاب المقدس اليوناني الصادر عن جمعية الكتاب المقدس الأمريكية (SBL Greek New Testament) يحذف العبارة كليًا، في حين أن الكتاب المقدس اليوناني الصادر عن دار تيندال (Tyndale House Greek New Testament) يثبتها بدون أقواس. أما داخل إصدار UBS، فقد أُعطي لهذا الاختلاف تصنيف C، مما يعني أن المحرّرين واجهوا صعوبة في اتخاذ قرار قاطع.
وهذا ما يتّضح بسهولة عندما ننظر إلى أول مخطوطة واردة في الجهاز النقدي، وهي المخطوطة السينائية (01). هذه المخطوطة المهمة تحوي القراءتين معًا: القراءة الأقصر (بدون “ابن الله”) كُتبت أولًا (01*)، بينما أُضيفت القراءة الأطول لاحقًا كتصحيح من أحد النُساخ الأصليين.[39] وتوجد كلتا القراءتين أيضًا في كتابات الآباء المسيحيين الأوائل؛ فعلى سبيل المثال، أوريجانوس يشهد للقراءة الأقصر، بينما إيريناوس يقتبس القراءة الأطول في مناسبات عديدة. أقدم شاهد معروف لدينا على هذا الجزء من إنجيل مرقس وهي في الحقيقة تعويذة (amulet) من أواخر القرن الثالث أو الرابع (P.Oxy. 76.5073)، ولا تتضمن القراءة الأطول.[40] مع ذلك، يجب القول إن أغلب الأدلة المخطوطية والترجمية تميل لصالح القراءة الأطول.
ما يجعل هذا الاختلاف النصي صعبًا بشكل خاص هو تناقض الأدلة حول كيفية نشوء كل قراءة في الأصل. فمن جهة، ليس من الصعب تخيُّل أن النسّاخ الذين كانوا ينسخون القراءة الأقصر قد أضافوا عبارة “ابن الله” بدافع التبجيل للمسيح أو نتيجة معرفتهم بمحتوى إنجيل مرقس.[41] ومن جهة أخرى، فإن تسلسل الكلمات في الآية الأولى من مرقس يجعل حدوث السقوط العفوي أمرًا سهل الحدوث، لأن ست كلمات منها تنتهي بالحرف نفسه. وعندما تُكتب أسماء يسوع بصيغ مختصرة أو ما يُعرف بالأسماء المقدسة (nomina sacra) ودون فواصل ((ΥΧΥΥΥΟΥ يصبح من السهل تخيّل سقوط اثنتين من هذه الكلمات سهوًا. يسمّي العلماء هذا النوع من السقوط ب “homoioteleuton” (هومويوتيليوتون)، ومعناه الحرفي: “تشابه النهايات”، لأن النهايات المتشابهة تُعد السبب الرئيسي في ذلك الخطأ.
لكن بعض الباحثين اعترضوا على هذا التفسير، مشيرين إلى أن الأسماء المقدسة صُمّمت خصيصًا لتُبرز الكلمات ومنحها أهمية خاصة، لا لتسهيل إهمالها. علاوة على ذلك، وبما أن هذه الآية تقع في بداية الإنجيل، فمن المتوقع أن يكون الناسخ في قمة تركيزه في هذا الموضع تحديدًا، بل من المرجّح أنه أخذ استراحة قبل أن يبدأ في هذا الجزء.
ورغم أن هذا قد يكون صحيحًا في بعض الحالات، فإن لدينا أمثلة واضحة تثبت وقوع هذا النوع من السقوط في بداية إنجيل مرقس في مخطوطات متأخرة.[42] أحد هذه الأمثلة هو مخطوطة محفوظة في مدينة فيرارا بإيطاليا، تُعرف باسم GA 582 (أو: مخطوطة مكتبة البلدية، القسم الثاني، رقم ١٨٧، الجزء الثالث – Bibliotheca Communal Cl. II, 187, III)، وهي نسخة كاملة من العهد الجديد تعود إلى القرن الرابع عشر، نُسخت على يد ناسخ كان سيئ السمعة لكثرة السهوات أثناء النسخ.
عندما زرتُ هذه المخطوطة في يوليو ٢٠١٦، أحصيتُ أكثر من ١٣٠ حالة سهو تمّت إضافتها لاحقًا في الهوامش. وهذه كانت مواضع ترك فيها الناسخ نصوصًا دون أن يدرك ذلك إلا لاحقًا، فقام بإضافتها بعد التصحيح. ومن بين هذه ال 130 سهوًا، حوالي ٦٠٪ كانت بوضوح نتيجة لما يُعرف ب “هومويوتيليوتون”. وليس من المستغرب أننا نجد حالتين من هذا النوع على الصفحة الأولى من إنجيل مرقس نفسه، إحداهما في السطر الأول تمامًا، حيث تُحذف عبارة “ابن الله”υἱοῦ τοῦ θεοῦ من النص الرئيسي بوضوح، ولكنها أُعيدت أيضًا بوضوح في الهامش. بعبارة أخرى، لم يكن استخدام الأسماء المقدسة المختصرة (nomina sacra) ولا بداية السفر كافيَين لمنع هذا الناسخ من الحذف العفوي. وما حدث في هذا المخطوط يمكن بالتأكيد أن يفسّر السقوط (الحذف) الموجود في المخطوطة (01*) وغيرها من المخطوطات.[43]
ومهما يكن النص الأصلي هنا (وأنا أعتقد أن الأدلة تميل نحو القراءة الأطول)، فإن هذا الاختلاف يُعد، بحسب إجماع الباحثين، قراءة صعبة ومهمة. ومن المؤكد أنها من النوع الذي يجب على الترجمات الإنجليزية أن تستمر في التنبيه إليه لقرّائها. وعلاوة على ذلك، فهي قراءة لا يستطيع المسيحيون تجاهلها عند قراءتهم المتأنّية لإنجيل مرقس، حتى لو لم تكن بنوة يسوع هي المسألة المطروحة محل نقاش في التحليل الشامل للإنجيل.
لوقا 34:23.
يوجد في هذا الموضع متغير آخر، أصعب وأكثر أهمية حتى من ذاك الموجود في مرقس ١:١، وهي تتعلّق بإحدى أشهر العبارات المعروفة في الكتاب المقدس. في لوقا ٢٣:٣٤، بينما يُصلب يسوع بين لصّين، ينطق بكلمات مدهشة بقدر ومشهورة: “فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».” بهذه الكلمات، يجسّد يسوع الاستجابة للاضطهاد الذي حذر نه أتباعه في موضع سابق (لوقا 28:6)، والتي سيقلّدها أتباعه لاحقًا (أعمال الرسل 60:7)، وسيشجّعون الآخرين على اتباعها (١ بطرس 21:2-23).[44]
لكن المشكلة من الناحية النصّية، هي أن بعض المخطوطات القديمة والمهمة جدًا لا تحتوي على هذه الصلاة الاستثنائية على الإطلاق؛ فالكلمات ببساطة غير موجودة. وهذا ينطبق على أقدم مخطوطة نملكها، وهي P75 (من القرن الثاني إلى الثالث)، وكذلك المخطوطة الفاتيكانية (من القرن الرابع). وعندما تتفق الفاتيكانية مع البردية P75، فإنها في الغالب تشهد لنصّ يعود إلى القرن الثاني أو ربما أقدم.[45]
لكن على خلاف مرقس ١:١، فإن هذا الحذف لا يمكن تفسيره بتشابه النهايات. ومرة أخرى، فإن المخطوطة السينائية تحتوي على كلا القراءتين. في هذه الحالة، كتب الناسخ الأصلي القراءة الأطول، ثم جاء ناسخٌ ثانٍ ووضع علامة لمسح الصلاة، ثم جاء ناسخ ثالث وحاول أن يمحو العلامة! أما مخطوطة بيزا (من القرن الخامس)، فهي تُظهر تصحيحًا أيضًا، حيث حذف الناسخ الأول الصلاة، بينما أضافها ناسخ لاحق من القرن السادس في هامش أسفل الصفحة.[46] إن القراءة المقصودة، أي الصلاة، غير موجودة في النص اللاتيني لمخطوطة بيزا، لا في أصلها ولا في أي تصحيحات لاحقة. ويؤيد هذا الحذف أيضًا عدد من مخطوطات الأحرف الكبيرة الأخرى (مثل ٠٣٢، ٠٣٨، ٠٧٠، و٠١٢٤(، بالإضافة إلى مخطوطتين من الأحرف الصغيرة (هما ٥٧٩ و١٢٤١)، وكذلك بعض من أقدم الترجمات السريانية واللاتينية والقبطية. وتشكل هذه المجموعة مجتمعة الأدلة المتوفرة التي تشير إلى غياب الصلاة من النص. أما على الجانب الآخر، فإن الصلاة محفوظة في معظم شهود النصوص المتوفرة لدينا، وتحديدًا في أهم وأقدم المخطوطات اليونانية، وهي: المخطوطة *٠١ المعروفة باسم السينائية، والمخطوطة ٠٢ المعروفة بالإسكندرية، والمخطوطة ٠٤ المعروفة بالإفرايمية.
تشهد الأدلة من القرن الثاني أن الآية كانت معروفة بصيغتها الأطول عند إيريناوس في كتابه ضد الهرطقات (3.18.5). أما عن نسخة ماركيون من إنجيل لوقا، فليس واضحًا ما إذا كانت تحتوي على هذه العبارة أم لا.[47] وهناك أيضًا إشارة مثرة للاهتمام إلى نفس الصلاة منسوبة إلى يعقوب أخو يسوع عند استشهاده، وذلك بحسب أحد آباء الكنيسة في القرن الثاني يُدعى هيجيسيپُس وقد نُقلت لنا هذه الرواية لاحقًا فقط في القرن الرابع على يد يوسابيوس القيصري في كتابه تاريخ الكنيسة (٢:٢٣:١٦). تكمن المشكلة في أننا لا نعلم هل كانت هذه الصلاة مصدرًا لما ورد في لوقا ٢٣:٣٤، أم أن لوقا ٢٣:٣٤ كان هو المصدر للصلاة التي نسبها هيجيسيپُس (حسب إيريناوس) إلى يعقوب.[48]
أما عن الأدلة المخطوطية، فهي منقسمة بعض الشيء؛ إلا أن اتفاق المخطوطات P75 و03 (المخطوطة الفاتيكانية) و05* (مخطوطة بيزا، نصها الأصلي قبل التصحيح) يحمل وزنًا كبيرًا في نظر معظم علماء النقد النصي، ولا شك أن هذا يُفسّر استخدام الأقواس المزدوجة [[…]] حول العبارة في NA28/UBS5، وكذلك الثقة التي أبدتها لجنة UBS في إعطاء قرارهم تقييم “A”، أي أعلى درجات الثقة النصية. أما أقوى حجة لصالح حذف الصلاة، فقد طُرحت منذ عام ١٨٨١ على يد )وستكوت( و)هورت( حين كتبا: “الحذف المتعمد بسبب المحبة والمغفرة اللتين أظهرهما الرب تجاه قاتليه هو أمر لا يُصدق على الإطلاق؛ لا يوجد أي اختلاف نصي في العهد الجديد يحمل دليلًا على نشأته من دافع كهذا.”[49] بالإضافة إلى ذلك، يُشار غالبًا إلى أن النص، دون هذه الصلاة، يتدفّق بسلاسة من مشهد صلب الجنود ليسوع (لوقا 33:23) إلى مشهد تقاسمهم ثيابه وإلقاء القرعة عليها (لوقا 35:23).
من جهة أخرى، فإن صلاة يسوع هذه تنسجم تمامًا مع الجزء الثاني من عمل لوقا، أي سفر الأعمال، حيث يصلي استفانوس صلاة مشابهة لكنها ليست مطابقة عند استشهاده (أعمال الرسل 60:7)، فلو كانت لوقا 34:23 قد أُضيفت بتأثير من صلاة استفانوس، لَكُنّا نتوقع أن تتطابق العبارتان بشكل أكبر من حيث الصياغة. علاوة على ذلك، فإن موضوع “الجهل” الذي نراه في صلاة يسوع: «لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون»، هو موضوع يعود إليه لوقا مرارًا في سفر الأعمال (أعمال 17:3-19؛ 27:13؛ 30:17).[50] لكن هذا الجهل لا يعني البراءة، بما أن الصلاة تطلب الغفران. بل يبدو أن المغزى هو أن الجنود – وربما اليهود أيضًا؟ – لا يدركون حقيقة الشخص الذي يقومون بصلبه، ولا الطريقة التي بها يعتزم الله أن يُحوِّل شرّهم إلى خير أعظم بكثير. (انظر: يوحنا ذهبي الفم في عظاته على الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس، العظة السابعة، الفقرة الخامسة).[51]
في النهاية، يجب أن يُتّخذ القرار استنادًا إلى أيّ القراءتين تفسّر أصل الأخرى بشكل أفضل. (وهذا هو المبدأ الأساسي في النقد النصي للعهد الجديد). فإن لم تكن الصلاة أصلية، فمن أين جاءت؟ وإن كانت أصلية، فلماذا قد يرغب أحدٌ في حذفها؟ بالنسبة للسؤال الأول، هناك من يجيب بأن الصلاة جاءت من صلاة استفانوس، لكننا قد أشرنا سابقًا إلى أن الصياغة بين الصلاتين ليست متطابقة كما هو متوقع لو أن إحدى الصلاتين قد استُمدت من الأخرى. من جهة أخرى، يمكن اقتراح أن الصلاة كانت بالفعل من أقوال يسوع، لكنها لم تكن أصلاً جزءًا من إنجيل لوقا، في هذا التصور، تكون العبارة بمثابة “تقليد عائم” – أي تقليد شفهي متداول – انتهى به المطاف أن يدخل إلى إنجيل لوقا لاحقًا.[52] لكن، إن كان هذا هو الحال، يبقى علينا تفسير لماذا أُضيفت هذه الصلاة إلى إنجيل لوقا فقط، دون أن ترد في أي من الأناجيل الأخرى.
أما بالنسبة للسؤال الثاني – لماذا قد تُحذَف هذه الصلاة؟ – فقد قُدّمت العديد من الإجابات، وكلها تدور حول المشكلات اللاهوتية الظاهرة في هذه الصلاة. لكن يجدر بنا أن نتذكّر أن تلك “المشكلات اللاهوتية” لم تكن مشكلاتنا نحن، بل مشكلات الكنيسة الأولى. تتنوع هذه الإشكالات، مثل أن الصلاة تبدو بلا استجابة لأن الله أدان اليهود من خلال تدمير أورشليم في سنة 70 م، أو أن يسوع يقدّم الغفران لأشخاص غير تائبين، أو أن الآية تلمّح إلى ظلمٍ تجاه من تصرّفوا عن جهل، أو أن بعض المسيحيين الأوائل، بدافع عداء لليهود، لم يقبلوا أن تُظهر الآية رحمة تجاههم. لقد ناقش الكتّاب المسيحيون هذه القضايا العامة فعليًا، وفي بعض الحالات ألمحوا إلى هذه المخاوف أثناء تناولهم هذه الصلاة بالذات.[53]
مع ذلك، من الضروري أن نُدرك أن هذه المناقشات نفسها تُظهر بوضوح أن الكتّاب المسيحيين كانوا قادرين على التعامل مع تحفظاتهم بشأن هذه الصلاة من خلال الشرح والتفسير، لا من خلال حذفها من إنجيل لوقا. بمعنى آخر، ما تغفله هذه التفسيرات التي تبرر حذف الصلاة هو أن التعليق التفسيري، لا التحرير النصي، كان الأسلوب المفضل لدى المسيحيين في التعامل مع المقاطع الإشكالية، آنذاك كما هو الحال اليوم.[54]
في نهاية المطاف، من الصعب للغاية اتخاذ قرار حاسم بشأن هذا الاختلاف النصي. من جهة، يصعب التغاضي عن الدعم المبكر والثقيل الذي يحظى به النص من قبل المخطوطة P75 والمخطوطتين 03 و05، ومن جهة أخرى، من الصعب جدًا تفسير كيف ظهرت هذه الصلاة في هذا السياق، إن لم تكن نابعة من لوقا نفسه. ومهما كانت القراءة الأصلية، فإن هذا المثال يمثل حالة أخرى من الاختلافات النصية—مثل مرقس 1:1—لا يستطيع القراء المسيحيون تجاهله.
![أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري - ترجمة: جرجس مخلص حنا 4 أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]](https://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2025/08/difa3iat.com-2025-08-16_23-37-25_114450.avif)
يوحنا 18:1.
بعد مناقشة اثنين من الاختلافات النصية الصعبة والمهمة، قد يكون من المفيد تحقيق نوع من التوازن في الحديث من خلال الإشارة إلى المواضع التي لا تحتوي على اختلافات نصية معقدة في العهد الجديد، وهي مواضع تبدو أقل إثارة، لكنها – من هذه الزاوية بالذات – مهمة. خذ على سبيل المثال بداية إنجيل يوحنا المشهورة، حيث تُعرض ألوهية المسيح بوضوح وقوة فريدين. نجد متغيرًا شهيرًا يتعلق بما إذا كان المسيح يُدعى “الله الوحيد المولود” (μονογενὴς θεόs) أو “الابن الوحيد المولود” (μονογενὴς υἱός ) الفرق بينهما حرف واحد فقط عند اختصار الأسماء المقدسة بصيغة nomina sacra ΘC vs. ΥC)) .
عند النظر إلى هذا الاختلاف بمفرده، يبدو ذا أهمية لاهوتية واضحة، إذ يبدو وكأنه اختيار بين ألوهية يسوع وبنوّته الفريدة. لكن هذا الاختلاف لا يأتي في عزلة، بل يأتي بعد مقدمة إنجيل يوحنا التي تُعلن ألوهية الكلمة (اللوغوس) بوضوح (يوحنا ١:١) وتجسّده (يوحنا 14:1)، ومن اللافت أن أول ١٤ آية من الإنجيل لا تحتوي على أي اختلاف لاهوتي على الإطلاق، في الواقع، هذه الآيات مستقرة نصيًّا إلى حد أنها تتطابق كلمة بكلمة بين أول طبعة منشورة للعهد الجديد باليونانية (طبعة إيرازموس، 1516) وأحدث طبعة (طبعة بيت تينديل، 2017). لا يوجد بينهما حتى حرف واحد مختلف.[55] هاتان الطبعتان تفصل بينهما قرون من الزمن، وتعتمدان على مخطوطات مختلفة تمامًا، ومناهج تحريرية متباينة. لذلك، أيًّا كانت القراءة الأصلية، فإن ألوهية يسوع تظل واضحة في مقدمة إنجيل يوحنا. ويمكن الاستشهاد بالعديد من المقاطع الأخرى الثابتة نصيًّا، التي يمكن وصفها بأنها ذات ثقل لاهوتي واضح، دون أي اختلافات نصيّة تُذكر.[56]
هذه الأمثلة الثلاثة تمثّل حالات نموذجية للقراءات المتنوعة الهامة في العهد الجديد، لكن الجدير بالذكر أن مثل هذه القراءات نادرة نسبيًا، فمعظم أسفار العهد الجديد لا تحتوي إلا على عدد قليل جدًا من المواضع التي تجمع بين الأهمية والصعوبة. ويمكننا أن نذكر بعض هذه المواضع في الأناجيل مثل (متى ١٢:٤٧) و(متى ١٩:٩) و(متى ٢١:٢٩–٣١) و(متى ٢٤:٣٦) و(متى ٢٦:٢٨) و(مرقس ١:٢) و(مرقس ١٦:٩–٢٠) و(لوقا ٢:١٤) و(لوقا ١٠:١، ١٧) و(لوقا ١١:١–٤) و(لوقا ٢٢:٤٣–٤٤) و(يوحنا ٥:٣–٤) و(يوحنا ٧:٥٣–٨:١١)، كما نجد أمثلة أخرى خارج الأناجيل مثل (أعمال الرسل ٢٠:٢٨) و(رومية ٥:١) و(رومية ١٤:٢٣) أو (رومية ١٦:٢٥–٢٧) و(أفسس ١:١) و(٢ تسالونيكي ٢:٧) و(١ تيموثاوس ٣:١٦) و(العبرانيين ٢:٩) و(٢ بطرس ٣:١٠) و(يهوذا ٥)، ومع ذلك فإن كل هذه القراءات لا تُخفى على أحد،[57] بل تُذكر بوضوح في الهوامش الخاصة بمعظم الترجمات الإنجليزية الحديثة، وتُناقش في مراجع متخصصة مثل تعليق بروس متزجر النصي (Bruce Metzger) والتعليقات نصية “TC” في ترجمة NET Bible، وكذلك في شروح الكتاب المقدس المختلفة، مما يدل على أن هذه التباينات ليست سرًا ولا تُدار حولها مؤامرة صمت، فهي معروفة ومتاحة للباحثين والقراء الجادين.
المتغيرات والعقيدة
توضح هذه الأمثلة، بالإضافة إلى البيانات المتعلقة بالعدد التقديري للمتغيرات في مخطوطاتنا، المشكلة التي نواجهها في مناقشتها بإنصاف. فمن جهة، من الواضح أن معظم المتغيرات يسهل حلها أو تجاهلها. ومن جهة أخرى، رأينا أمثلة في مرقس ١:١ ولوقا 34:23 حيث لا يمكن تجاهل المتغيرات. فكيف إذن نعرض الأدلة على أفضل وجه؟ أحيانًا تعطي المؤلفات الدفاعية (Apologetic literature) انطباعًا بأن الاختلافات النصية لا أهمية لها على الإطلاق. بينما يتعامل آخرون بحذر أكبر، فيزعمون فقط أن “لا يوجد أي تعليم أرثوذكسي أو ممارسة أخلاقية مسيحية تعتمد بشكل حصري على أي صياغة محل خلاف”.[58]
(دانيال والاس) أكثر دقة، إذ يعترف بأن بعض “المعتقدات أو الممارسات غير المركزية” تبدو متأثرة باختلافات نصية يمكن الدفاع عنها (viable variants)، لكنه يضيف أنه “لا يوجد اختلاف نصي يمكن الدفاع عنه يؤثر على أي حقيقة جوهرية في العهد الجديد”.[59] هاتان النقطتان (“يمكن الدفاع عنه” و”جوهرية”) مهمتان للغاية، وهما تتوافقان مع ما أشرنا إليه هنا بالاختلافات “الصعبة والمهمة”. وبهذا المعنى، فإن (والاس) محق بلا شك في قوله إن أي عقيدة مسيحية أساسية (مثل القيامة، ألوهية المسيح، الخلاص، الثالوث) لا تعتمد حصريًا على موضع نصي فيه صعوبة أو نزاع كبير.
حتى (بارت إيرمان) يقرّ بأن وجهة نظره لا تتعارض مع هذه النتيجة. فقد صرّح علنًا أن رأيه لا يختلف مع رأي أستاذه (بروس متزجر)، والذي كان يرى أن “المعتقدات المسيحية الجوهرية لا تتأثر بالاختلافات النصية في تقليد مخطوطات العهد الجديد”.[60]
ومع ذلك، فهذا لا يعني أنه لا توجد فقرات تتناول أو تتعلق بعقائد أساسية وهي مشكوك في أصالتها من الناحية النصية. بل هناك فقرات من هذا النوع، مثل: رسالة يوحنا الأولى ٥: ٧–٨، والتي تقول في ترجمة الملك جيمس (KJV): “فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ، وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ.” وهذه هي أوضح صياغة لعقيدة الثالوث يمكن أن تجدها في الكتاب المقدس. ومع ذلك، لا يوجد أي ناقد نصي متخصص اليوم يقبل بأن هذه القراءة أصيلة، ولا حتى اللاهوتيون الإنجيليون، الذين ما زالوا قادرين تمامًا على تقديم حجج كتابية قوية لدعم عقيدة الثالوث.[61] بمعنى آخر، لا تستند عقيدة التثليث الجوهرية على هذه القراءة المشكوك فيها، رغم أنها تتناول هذا المعتقد. أما بالنسبة للاختلافات التي تمس قضايا الممارسة المسيحية، فيمكننا أن نذكر النقاشات النقدية النصية حول رومية 7:16 وكورنثوس الأولى 34:14-35، وما تحمله هذه النصوص للبعض من تأثير على مسألة سيامة النساء.[62]
وفي ضوء مثل هذه الحالات، لا يمكننا أن نقول — دون تحفظ — إن القراءات المتغيرة لا تؤثّر أبدًا على نصوص تتعلّق بالعقيدة أو بالممارسة المسيحية. بل أحيانًا، من الواضح أنها تفعل. ومع ذلك، لا أحد يدّعي أن قضايا مثل الثالوث أو سيامة النساء تتوقّف مصيرها على مثل هذه النصوص المختلف عليها. لذا، سيكون من الأدق أن نقول: لا توجد أي عقيدة أو ممارسة مسيحية — سواء كانت جوهرية أو فرعية — تُحدد بناءً على مقطع نصّي يصعب تأكيد أصالته. السبب في ذلك سيكون واضحًا لأي شخص لديه حتى معرفة أساسية باللاهوت المسيحي. فالسبب هو أن المسيحيين لا يؤسّسون لاهوتهم على آية واحدة هنا أو هناك، دعك من أن تكون مجرد كلمة أو كلمتين داخلها. بل على العكس، فإن اللاهوت — في أفضل صوره — يُبنى على نسيج مترابط من الأدلة الكتابية، أي على “مجمل مشورة الله” (أعمال الرسل 27:20).
كما يوضح اللاهوتي (جون فريم) عند مناقشته لأثر القراءات المتغيرة على اللاهوت، إذ يقول: “الكتاب المقدس يتسم بدرجة عالية من التكرار، ولكن بطريقة مفيدة”، بحيث أن “عقائد الإيمان المسيحي لا تُشتق أبدًا من نص واحد”.[63] وهكذا، إن كان أحد المقاطع التي تتحدث عن الثالوث محل شك، فإن العديد من النصوص الأخرى تتدافع لتحل محله، فشبكة اللاهوت المحكمة لا تنهار بسبب فقدان خيط واحد يتضح فيما بعد أنه ليس أصليًا. وفيما يخص يوحنا الأولى 7:5، من المفيد أن ندرك أن أهم التصريحات العقائدية التي قدمتها الكنيسة حول الثالوث — مثل قانون الإيمان النيقاوي — قد وُضعت تمامًا بدون أي استناد إلى هذا النص، والسبب بسيط: لم يكن هذا النص موجودًا في المخطوطات اليونانية عند صياغة هذه التصريحات.[64] وقد أشار إلى هذه النقطة بوضوح (ريتشارد بنتلي) في سنة ١٧١٧م، حيث كتب: “إذا لم يكن يوحنا الأولى 7:5 أصليًا، فإن ذلك يعني أن الأريوسية في أوج قوتها قد دُحِرت دون الحاجة إلى هذا العدد؛ ودع الحقائق تُظهر ما تشاء، فإن العقيدة [عقيدة الثالوث] لا تتزعزع.”[65]
مع ذلك، قلّة فقط، إن وجدوا، من سيزعمون أن صلاة يسوع على الصليب في لوقا 34:23 ليس لها أي تأثير على لاهوتنا أو ممارساتنا. صحيح أنها لا تغيّر تعليمه بمحبة الأعداء (متى 43:5-48) أو الغفران لهم (متى 14:6-15؛ 21:18-35)، لكنها تؤثر بلا شك في الطريقة التي نفكر بها في هذه التعاليم، وفي كيفية تطبيقها وتعليمها. وبالمثل، قد نقبل أن قصة المرأة الزانية (يوحنا 53:7 – 11:8) ليست المكان الوحيد الذي نرى فيه رحمة يسوع، أو أن ما ورد في مرقس 9:16-20 يمكن العثور عليه في نصوص أخرى، لكن هل يمكن لأحد أن يدعي أن هذه النصوص لا تؤثر في التعليم أو الوعظ أو الحياة المسيحية؟ إن استمرار الجدل والاهتمام بهذه النصوص يدل على العكس. لذا، من الواضح أن لها بعض التأثير، حتى لو كان ضئيلاً مقارنة بالمجمل العام للإيمان والممارسة المسيحية.
![أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري - ترجمة: جرجس مخلص حنا 5 أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]](https://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2025/08/difa3iat.com-2025-08-16_23-37-27_007449.avif)
الخلاصة
في التحليل النهائي، من الأفضل الاعتراف بأنّه، في حالات نادرة نسبيًا، لبعض المتغيرات النصية تأثير فعلي على بعض العقائد والممارسات الأخلاقية في الإيمان المسيحي. لكن لا تستند أي من هذه العقائد أو الممارسات إلى هذه النصوص المختلف عليها، ولا تتعرض أيٌّ منها للخطر بسببها. على سبيل المثال، مرقس ١:١ يُعد مثالًا جيدًا على موضع تؤثر فيه القراءة المتغيرة على كيفية قراءتنا لإنجيل مرقس، لكن بنوة يسوع لله لا تعتمد على هذه القراءة، حتى في إنجيل مرقس نفسه.
يمكن قول الشيء ذاته عن تعليم يسوع الأخلاقي حول الغفران فيما يتعلق بلوقا 34:23، وعن ألوهيته في حالة يوحنا 18:1. فالمسيح يعلّم بوضوح في العهد الجديد أن نغفر لأعدائنا، كما أنه يُقدَّم بوضوح مماثل باعتباره إلهيًا، سواء كانت هذه القراءات الهامة موجودة أم لا. علاوة على ذلك، كما رأينا في يوحنا ١٨، فإن الغالبية العظمى من القراءات المتغيرة — نحو ٩٩٪ منها — مملة للغاية بالنسبة لمعظم قرّاء الكتاب المقدس، وسهلة الحل، أو كلا الأمرين معًا. أما الاستثناءات — وهي موجودة وينبغي عدم تجاهلها — فهي قليلة جدًا ومتفرقة.
لذلك يمكننا أن نعلن بأمان أن لا الإيمان المسيحي ولا وحي الكتاب المقدس مهددان بسبب القراءات المتغيرة. فكلمات (ستيفن نيل) التي قالها قبل نصف قرن ما زالت صادقة: “في الواقع، لا أظن أن من المبالغة أن نقول إن أسوأ مخطوطة يونانية موجودة حاليًا… تحتوي على ما يكفي من الإنجيل بشكله غير المحرّف ليقود القارئ إلى طريق الخلاص.”[66] فإن كانت أسوأ مخطوطة يمكنها أن تفعل ذلك، فكم يكون أماننا أعظم حين تكون أُسس عهدنا الجديد مبني على أفضل المخطوطات اليونانية المتاحة لدينا. صحيح أن ترجماتنا للكتاب المقدس قد تتغير قليلًا في المستقبل مع تقدم البحث أو تطور أساليب النقد النصي. وصحيح أيضًا أن بعض القرارات النصية المربكة والمهمة ما تزال قائمة ولا ينبغي تجاهلها. لكن، بسبب أمانة النُساخ العامة على مدار أكثر من ألف وخمسمئة عام، وبسبب الجهود الجبارة التي بذلها علماء النقد النصي على مدى مئات السنين بعد ذلك، يمكننا أن نرنم كلمات الترنيمة الشهيرة من القرن الثامن عشر بثقة:
ما أرسخ الأساس، يا قديسي الرب،
قد وُضع لإيمانكم في كلمته المجيدة!
فماذا يمكن أن يقول أكثر مما قاله لكم،
أانتم الذين التجأتم إلى يسوع؟[67]
النقاط الأساسية
- يُقدَّر عددُ الاختلافات النصية في المخطوطات اليونانية وحدها بنحو نصف مليون اختلاف، دون احتساب اختلافات الإملائية. ما يقرب من نصف هذه الاختلافات أخطاء غير ذات معنى.
- لا يُناقَش سوى جزء ضئيل جدًا من الاختلافات النصية المعروف من قبل المفسّرين والمُعلقين. ورغم أن العدد قليل [أي الاختلافات الهامة] إلا أنه يستحق الذكر في الحواشي في الترجمات الحديثة. في يوحنا 18، لا يظهر فيه أي اختلاف من ال 3000 في حواشي الترجمات: ESV, NIV, NRSV أو حتى NET.
- صحيح إذًا أن معظم الاختلافات النصية لا تؤثّر في معنى النص أو في العقيدة المسيحية بشكل عام. مع ذلك، هناك عدد قليل منها — لا يتجاوز بضع عشرات — له أثر فعلي، وبعضها يحمل أهمية لاهوتية، كما هو الحال في: مر 1:1، لو 34:23، ويو 18:1.
- يجب ألا نعطي انطباعًا بأن الاختلافات في العهد الجديد لا تهم إطلاقًا بالنسبة للاهوت المسيحي أو الممارسة الدينية، لكن يمكننا – بل يجب علينا – أن نُقرّ بأنه لا توجد أي عقيدة جوهرية من عقائد المسيحية في خطر بسبب وجود اختلاف خطير.
[1] Peter J. Gurry, “Myths About Variants: Why Most Variants Are Insignificant and Why Some Can’t Be Ignored,” in Myths and Mistakes in New Testament Textual Criticism, ed. Elijah Hixson and Peter J. Gurry (Downers Grove, IL: IVP Academic, 2019), chap. 10, 191-210.
مراجعة وتعليق آرثر دانيال.
[2] للاطّلاع على الأدلة المتوفّرة من خارج العهد الجديد، أنظر:
Robert E. van Voorst, Jesus Outside the New Testament: An Introduction to the Ancient Evidence (Grand Rapids: Eerdmans, 2000).
[3] يشير ديل مارتن (Dale B. Martin) مؤخرًا إلى أنّ هذه الإشكالية يمكن تجاوزها عندما يُقِرّ المسيحيون بأنّ “الكتاب المقدّس هو أي نص من نصوص الكتاب يُوصله الروح القدس إلى المسيحيين، ويُقرأ في إطار الإيمان وتحت ارشاد الروح القدس”، أنظر:
Biblical Truths: The Meaning of Scripture in the Twenty-First Century [New Haven, CT: Yale University Press, 2017], 75.
على الرغم من صحّة ملاحظته العامة بشأن وجود الكتاب المقدّس في أشكال متعددة، فإنّ هذا التصريح نفسه يفترض وجود طريقة ما لمعرفة متى يكون “أي نص” من ضمن “الكتاب المقدّس”. لمزيد من آراء مارتن، انظر:
The Necessity of a Theology of Scripture,” in The Reliability of the New Testament: Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace in Dialogue, ed. Robert B. Stewart (Minneapolis: Fortress, 2011), 81-93.
[4] Bart D. Ehrman, Misquoting Jesus: The Story Behind Who Changed the Bible and Why (New York: HarperCollins, 2005), 211; similar statements are found on 7, 69.
جدير بالذِّكر أنّ هذه المشكلة تتكرّر كثيرًا لدى المسلمين عند تفاعلهم مع المسيحية.
[5] Wayne Grudem, Systematic Theology: An Introduction to Biblical Doctrine (Grand Rapids: Zondervan, 1994), 96 (emphasis original). In personal communication, Grudem was clear that he believes some variants, such as the ones discussed below, do matter; they are just relatively rare. For an older but similar view, see the introductory volume in Louis Berkhof, Systematic Theology: New Combined Edition (Grand Rapids: Eerdmans, 1996), 159, originally published in 1932.
[6] For example, Timothy Paul Jones, Misquoting Truth: A Guide to the Fallacies of Bart Ehrman’s Misquoting Jesus (Downers Grove, IL: InterVarsity Press, 2007), 44.
في بعض الحالات، يُطبَّق معدل ال99% من حيث عدم الأهمية على كل من المتغيرات الشاذة ومواضع الاختلاف، وهو تمييز يحرص نقّاد النصوص على إبرازه بوضوح. أنظر:
Ron Rhodes, The Big Book of Bible Answers: A Guide to Understanding the Most Challenging Questions (Eugene, OR: Harvest House, 2001), 27-28.
[7] Matthew Barrett, God’s Word Alone: The Authority of Scripture: What the Reformers Taught . . . and Why It Still Matters, The 5 Solas (Grand Rapids: Zondervan, 2016), 267.
[8] وقد أثار هذا الأمر جدلًا، لكن ميل لم يعش ليراه؛ إذ توفي بعد أسبوعين من صدور طبعته، وبدلاً من ذلك، كان على رجل من كامبريدج، وهو المتخصص في الكلاسيكيات ريتشارد بنتلي، أن يتولى الدفاع عن عمل زميله في أكسفورد ضد الهجمات التي وُجهت إليه. أنطر:
Adam Fox, John Mill and Richard Bentley: A Study of the Textual Criticism of the New Testament, 1675–1729 (Oxford: Basil Blackwell, 1954), 105-15; Grantley McDonald, Biblical Criticism in Early Modern Europe: Erasmus, the Johannine Comma and Trinitarian Debate (Cambridge: Cambridge University Press, 2016), 181-85, 218-28.
[9] Frederick Nolan, An Inquiry into the Integrity of the Greek Vulgate or Received Text of the New Testament (London: F. C. & J. Rivington, 1815), 2.
[10] للاطلاع على قائمة بالتقديرات المقترحة مرتبة زمنيًا، أنظر:
(هذه المقالة مترجمة ومنشورة، أنظر: بيتر جوري، عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد: تقدير مقترح، ترجمة آرثر دانيال (2025)، ص28-30.)
بالنسبة للاقتراح الذي يُقدّر العدد ب 750 ألف، أنظر:
Eldon J. Epp, “Why Does New Testament Textual Criticism Matter? Refined Definitions and Fresh Directions,” ExpTim 125, no. 9 (2014): 419.
[11] Ehrman, Misquoting Jesus, 89; Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace, “The Textual Reliability of the New Testament: A Dialogue,” in The Reliability of the New Testament: Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace in Dialogue, ed. Robert B. Stewart (Minneapolis: Fortress, 2011), 21.
[12] Ehrman, Misquoting Jesus, 89; for others, see Gurry, “Proposed Estimate,” 102. The only earlier and higher estimate I have found is 500,000, given in Matthew S. DeMoss, Pocket Dictionary for the Study of New Testament Greek, IVP Pocket Reference (Downers Grove, IL: IVP Academic, 2001), 127. But I have not found anyone who references his number.
[13] Michael Bruce Morrill, “A Complete Collation and Analysis of All Greek Manuscripts of John 18” (PhD thesis, University of Birmingham, 2012); S. Matthew Solomon, “The Textual History of Philemon” (PhD diss., New Orleans Baptist Theological Seminary, 2014); Tommy Wasserman, T he Epistle of Jude: Its Text and Transmission, ConBNT 43 (Stockholm: Almqvist & Wiksell, 2006).
للمزيد من التفاصيل حول عمل سولومون، يُرجى مراجعة الفصل التاسع من هذا الكتاب.
[14] للاطلاع على الأرقام التي تقف وراء هذه التقديرات، انظر: Gurry, “Proposed Estimate,” 110 .
[15] في هذا السياق، انظر: Gurry, “Proposed Estimate,” 105-6.. وبناءً على بياناتي، إذا افترضنا أن القراءة الأصلية باقية في كل موضع من مواضع التغيّر، فإن نحو 17 إلى 25 بالمئة من هذه القراءات المتغيرة المُقدّرة تُعَدّ أيضًا قراءات أصلية.
[16] للمزيد حول هذا التنوّع، وحول المخطوطة P12 بشكل خاص، يُرجى مراجعة الفصل الثالث من هذا الكتاب.
[17] Richard Bentley, “Remarks upon a Late Discourse of Free-Thinking,” in The Works of Richard Bentley, ed. Alexander Dyce (London: Robson, Levey, and Franklyn, 1838), 3:349-50.
[18] أي البرديات ومخطوطات الأحرف الكبير ومخطوطات الأحرف الصغير دون كتب القراءات — المترجم.
[19] العدد 3,058 يُمثّل أكثرمن 0.2٪ من مجموع 3,1 مليون كلمة. مع ذلك، تبقى هذه النسبة غير دقيقة. السبب في ذلك أننا نحسب كل متغير مرة واحدة فقط، بينما نحسب الكلمات المنسوخة في كل مرة تظهر فيها داخل أي مخطوطة. ولذلك، فإن قياس دقة النسّاخ بدقة عبر كامل التقليد النصي يتطلب مقارنة كل مخطوطة بالمخطوطة التي نُسخت عنها (exemplar)، وهذا أمر غير ممكن. وبدلاً من ذلك، استخدمتُ في موضع آخر مفهوم “الترابط “(coherence) للمساعدة في تحديد عدد المرات التي قد تكون ظهرت فيها نفس القراءة بشكل مستقل، أنظر:
Peter J. Gurry, A Critical Examination of the Coherence Based Genealogical Method in New Testament Textual Criticism, NTTSD 55 (Leiden: Brill, 2017), 114-41.
أما فيما يخص العدد 800 لكلمات يوحنا 18، فمعظم المخطوطات التي نملكها تنتمي إلى التقليد البيزنطي،
والعدد 800 هو أقل بكلمة واحدة فقط من عدد الكلمات الواردة في نص Robinson-Pierpont البيزنطي.
[20] For these numbers, see Gurry, “Proposed Estimate,” 108.
[21] D. A. Carson, The Gospel According to John, PNTC (Grand Rapids: Eerdmans, 1991), 576, 579-80; C. K. Barrett, The Gospel According to St. John, 2nd ed. (London: SPCK, 1978), 517, 520, 522, 524, 531, 536, 539.
[22] للاطّلاع على وجهة نظر المُترجم، انظر الفصل الخامس عشر من هذا الكتاب.
[23] See Peter J. Gurry, “How Many Variants Make It into Your Greek New Testament?,” Evangelical Textual Criticism (blog), May 10, 2016, http://evangelicaltextualcriticism.blogspot.com/2016/05 /how-many-variants-make-it-into-your.html.
[24] “And while some of these are left out from editorial oversight or out of sheer necessity, the number of variants that might meaningfully affect translation cannot be far from this.”
[25] التخمين الحدسي ((Conjectural Emendation هو مصطلح نقدي يُستخدم عندما يرفض المحررون قراءات المخطوطات [باللغة الأصلية] ويفترضون أن القراءة الأصلية قد فُقدت ولم تبق في أي شاهد لدينا، وبالتالي نلجأ لتخمينها بناءًا على حدس النُقاد — المترجم.
[26] لمن أراد مقدّمة جيّدة عن التخمين الحدسي وتاريخه، أنظر:
Jan Krans, “Conjectural Emendation and the Text of the New Testament,” in The Text of the New Testament in Contemporary Research: Essays on the Status Quaestionis, 2nd ed., ed. Bart D. Ehrman and Michael W. Holmes, NTTSD 42 (Leiden: Brill, 2013), 613-35; Krans, Beyond What Is Written: Erasmus and Beza as Conjectural Critics of the New Testament, NTTS 35 (Leiden: Brill, 2006). A remarkable—and remarkably large—catalog is available in the Amsterdam Database of New Testament Conjectural Emenda tion at http://ntvmr.uni-muenster.de/nt-conjectures.
[27] Eberhard Nestle and Erwin Nestle, eds., Novum Testamentum Graece cum apparatu critico, 13th ed. (Württemberg: Württembergische Bibelanstalt, 1927), 12*.
المواضع المذكورة التي وُجدت فيها تصحيحات تخمينية في تقليد نسله-آلاند (Nestle-Aland) هي: متى 2:6؛ متى 6:16؛ متى 12:33؛ متى 15:5؛ مرقس 7:11؛ أعمال الرسل 7:38؛ أعمال الرسل 16:12؛ رومية 13:3؛ ١ كورنثوس 2:4؛ ١ كورنثوس 6:5؛ ١ كورنثوس 14:38؛ ١ كورنثوس 16:22؛ ٢ كورنثوس 3:3؛ ٢ كورنثوس 7:8؛ ٢ كورنثوس 8:12؛ ١ تيموثاوس 4:3؛ ١ تيموثاوس 5:13؛ رؤيا 2:13. وهي مميزة بعلامة دايموند (◆) في جهاز النقد النصي. بعض هذه القراءات قد عُثر عليها لاحقًا في مخطوطات، بينما يمكن تصنيف عدد قليل منها كبدائل تحريرية، مثل عبارة “مارانا ثا” (μαράνα θά) مقابل “ماران أثا” (μαρὰν ἀθά) في ١ كورنثوس 16:22. حول هذه التخمينات والتصحيحات في تقليد نسله (أو نسله-آلاند) بشكل عام، أنظر:
“Conjectural Emendation,” 620.
[28] جدير بالذكر أن عدد التخمينات الحدسية في طبعة نستله آلاند ال 27 وطبعة UBS 4 فيها تخمين حدسي واحد وهو المذكور أعلاه في اعمال الرسل، بينما طبعة ECM الشهيرة قد ألغت التخمين الموجود في أع 12:17 وأضافت تخمين آخر في أع 33:13 وأضافت تخمين في 2 بط 10:3، وبالتالي يكون عدد التخمينات الحدسية اثنين في كامل العهد الجديد — المترجم.
[29] أزالت طبعة ECM لسفر أعمال الرسل التخمين في أعمال 12:16، لكنها أضافت تخمينًا في أعمال 33:13.
[30] For the justification, see Dirk Jongkind et al., eds., The Greek New Testament Produced at Tyndale House, Cambridge (Wheaton, IL: Crossway, 2017), 505. For a contrary view, see Ryan D. Wet tlaufer, No Longer Written: The Use of Conjectural Emendation in the Restoration of the Text of the New Testament, the Epistle of James as a Case Study, NTTSD 44 (Leiden: Brill, 2013).
[31] For the underappreciated role of rhetorical argument in textual criticism, see R. J. Tarrant, Texts, Editors, and Readers: Methods and Problems in Latin Textual Criticism, Roman Literature and Its Contents (Cambridge: Cambridge University Press, 2016), 30-48; Gary Taylor, “The Rhetoric of Textual Criticism,” Text 4 (1988): 39-57.
[32] Kenneth W. Clark, “The Theological Relevance of Textual Variation in Current Criticism of the Greek New Testament,” JBL 85, no. 1 (1966): 5.
[33] Bart D. Ehrman, The Orthodox Corruption of Scripture: The Effect of Early Christological Con troversies on the Text of the New Testament, 2nd ed. (Oxford: Oxford University Press, 2011), 322.
للمزيد حول هذا النوع من المتغيرات، أنظر الفصل الحادي عشر من هذا الكتاب.
[34] One could consult Constantin von Tischendorf’s famed eighth edition (Novum Testamentum graece, editio octava critica maior, 2 vols. [Leipzig: Giesecke & Devrient, 1869–1872]) to see this in practice, or the volumes of the more recent ECM, published by the German Bible Society.
[35] القراءات اليونانية هي، على التوالي، (τοῖς τέκνοις αὐτῶν ἡμῖν)، و(οῖς τέκνοις ἡμῶν)، والتخمين (τοῖς τέκνοις ἡμῖν).
[36] لمناقشة هذا الاختلاف، أنظر:
- F. Westcott and F. J. A. Hort, The New Testament in the Original Greek: Introduction, Appendix, 2nd ed. (London: Macmillan, 1896), 65; Bruce M. Metzger, A Textual Commentary on the Greek New Testament, 2nd ed. (New York: United Bible Societies, 1994), 362; Klaus Wachtel, “Text-Critical Commentary,” in Novum Testamentum Grae cum: Editio Critica Maior III: The Acts of the Apostles, Part 3; Studies, ed. Holger Strutwolf et al. (Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft, 2017), 20.
[37] هناك عدد من القراءات الثانوية الأخرى في هذا الموضع أيضًا، لكن اثنتين فقط تستحقان دراسة جدّية. للدراسات المتعلقة بهذا المتغير، انظر على وجه الخصوص:
Peter M. Head, “A Text-Critical Study of Mark 1.1: ‘The Beginning of the Gospel of Jesus Christ,’” NTS 37, no. 4 (1991): 621-29; Tommy Wasserman, “The ‘Son of God’ Was in the Beginning (Mark 1:1),” JTS 62, no. 1 (2011): 20-50; Ehrman, Orthodox Corruption, 85-88.
[38] NA28, 54*.
[39] لتحليل دقيق ومفصّل لهذا التصحيح في مخطوطة السينائية، أنظر:
Peter Malik, “The Earliest Corrections in Codex Sinaiticus: A Test Case from the Gospel of Mark,” BASP 50 (2013): 214-19.
[40] G. S. Smith and A. E. Bernhard, “5073. Mark 1:1-2. Amulet,” in The Oxyrhynchus Papyri LXXVI, ed. D. Colomo and Juan Chapa (London: Egypt Exploration Society, 2011), 19-23.
[41] While the particular addition of this title for Jesus has yet to be identified elsewhere in a manuscript (see Wasserman, “‘Son of God’ Was in the Beginning,” 49), this does not remove it from the realm of possibility here.
[42] For additional examples, see Wasserman, “‘Son of God’ Was in the Beginning,” 46-47.
[43] الأدلة من المنهج النسبي القائم على الترابط CBGM تدعم القراءة الأطول كقراءة أصلية، أنظر:
Tommy Wasserman and Peter J. Gurry, A New Approach to Textual Criticism: An Introduc tion to the Coherence-Based Genealogical Method, SBLRBS 80 (Atlanta: SBL Press, 2017), 43-50. 39For the influence on later Christians, see Ignatius, To the Ephesians 10.2-3; Justin, First Apology 14; Eusebius, Hist. eccl. 5.2.5.
[44] للتأثير الذي تركته هذه العبارة في المسيحيين اللاحقين، انظر: إغناطيوس، إلى أهل أفسس 2.10-3؛ يوستينوس الشهيد، الدفاع الأول 14؛ يوسابيوس، تاريخ الكنيسة 5.2.5.
[45] للمزيد من التفصيل حول هذه المسألة أنظر: — المترجم
Gordon D. Fee, The Significance of Papyrus Bodmer II and Papyrus Bodmer XIV–XV for Methodology in New Testament Textual Criticism (Nashville: Broadman Press, 1968) & Gordon D. Fee, “P75, P66, and Origen: The Myth of Early Textual Recension in Alexandria,” in Studies in the Theory and Method of New Testament Textual Criticism, ed. Eldon Jay Epp and Gordon D. Fee (Grand Rapids: Eerdmans, 1993), 247–273.
[46] من اللافت أن NA27ص. *48 تنسب الإضافة في مخطوطة بيزا إلى مصحح من القرن التاسع، بينما تنسبها NA28، ص. 59* إلى مصحح من القرن الثاني عشر. هذا التغيير غير مُفسَّر، ولكن التاريخ الأقرب إلى الصواب هو القرن السادس، أنظر:
David C. Parker, Codex Bezae: An Early Christian Manuscript and Its Text (Cambridge: Cambridge University Press, 1992), 41-43; Parker, The Living Text of the Gospels (Cambridge: Cambridge University Press, 1997), 162.
[47] Dieter T. Roth, The Text of Marcion’s Gospel, NTTSD 49 (Leiden: Brill, 2015), 407-8. The verse is also referenced in Ephrem’s Commentary on the Diatessaron 21.3; for the English, see Carmel McCarthy, trans., Saint Ephrem’s Commentary on Tatian’s Diatessaron: An English Translation of Chester Beatty Syriac MS 709 with Introduction and Notes, JSSSup 2 (Oxford: Oxford University Press, 1994), 318.
[48] Compare the competing views of D. Daube, “‘For They Know Not What They Do’: Luke 23,34,” in Augustine, Post Nicene Latin Fathers, Orientalia, Nachleben of the Fathers, ed. F. L. Cross, StPatr 4 (Berlin: de Gruyter, 1961), 58; and Joël Delobel, “Luke 23.34a: A Perpetual Text-Critical Crux?,” in Sayings of Jesus: Canonical and Noncanonical: Essays in Honor of Tjitze Baarda, ed. William L. Petersen, Johan S. Vos, and Henk J. de Jonge (Leiden: Brill, 1997), 34n30.
[49] Westcott and Hort, Appendix, 68.
[50] See, for example, Eldon J. Epp, “The ‘Ignorance Motif’ in Acts and Anti-Judaic Tendencies in Codex Bezae,” HTR 55, no. 1 (1962): 51-62.
[51] فيما يخص مسألة مَن الذي يطلب يسوع من الآب أن يُغفر له، انظر:
Raymond E. Brown, The Death of the Messiah: From Gethsemane to the Grave; A Commentary on the Passion Narratives in the Four Gospels (New York: Doubleday, 1994), 2:973; Delobel, “Luke 23:34a,” 32-33.
[52] Whitlark and Parsons, “‘Seven’ Last Words,” 201-4.
[53] العديد من هذه التفسيرات عُرضت بشكل مفيد في: Eubank, “Luke 23:34a,” 528-35..
[54] Contra Eric W. Scherbenske (Canonizing Paul: Ancient Editorial Practice and the Corpus Pau linum [Oxford: Oxford University Press, 2013], 229, 231, 236), I am not convinced that there is a discernable shift by the fourth century from controlling interpretation by changing the text itself to controlling it by changing the paratextual material.
[55] See Peter J. Williams, Can We Trust the Gospels? (Wheaton, IL: Crossway, 2018), 119-20.
[56] للاطلاع على قراءات متنوّعة أخرى تتعلّق بألوهية المسيح، انظر:
see Brian J. Wright, “Jesus as ΘΕΟΣ: A Textual Examination,” in Revisiting the Corruption of the New Testament: Manuscript, Patristic, and Apocryphal Evidence, ed. Daniel B. Wallace, TCNT (Grand Rapids: Kregel, 2011), 229-66.
[57] يتبادر إلى الذهن العنوان الفرعي لكتاب بارت إيرمان:
Jesus, Interrupted: Revealing the Hidden Contradictions in the Bible (and Why We Don’t Know About Them) (New York: HarperOne, 2009).
[58] Craig L. Blomberg, Can We Still Believe the Bible? An Evangelical Engagement with Contempo rary Questions (Grand Rapids: Brazos, 2014), 127 (emphasis original). D. A. Carson likewise says that “no doctrine and no ethical command is affected by the ‘probability’ passages, but only the precise meaning of specific passages” (The King James Version Debate: A Plea for Realism [Grand Rapids: Baker, 1979], 73).
[59] J. Ed Komoszewski, M. James Sawyer, and Daniel B. Wallace, Reinventing Jesus: How Contem porary Skeptics Miss the Real Jesus and Mislead Popular Culture (Grand Rapids: Kregel, 2006), 114 (emphasis added).
[60] This is found in an interview in the paperback edition of Ehrman, Misquoting Jesus, 252-53. He goes on to say that “most textual variants . . . have no bearing at all on what a passage means. But there are other textual variants . . . that are crucial to the meaning of a passage. And the theology of entire books of the New Testament are [sic] sometimes affected by the meaning of individual passages.” He expands further on this in Jesus, Interrupted, 183-89.
[61] فريد ساندرز (Fred Sanders)، على سبيل المثال، يكتب أن هذا النص: “لا ينبغي استخدامه كدعم كتابي لاهوت التثليث، رغم أن له بعض القيمة باعتباره تعليقًا مسيحيًا مبكرًا على رسالة يوحنا.”
The Triune God, NSD [Grand Rapids: Zondervan, 2016], 164). For a richly detailed survey of the debate over 1 Jn 5:7, see McDonald, Biblical Criticism in Early Modern Europe.
[62] See, for example, Philip B. Payne, “Vaticanus Distigme-Obelos Symbols Marking Added Text, Including 1 Corinthians 14.34-35,” NTS 63, no. 4 (2017): 604-25; Eldon J. Epp, Junia: The First Woman Apostle (Minneapolis: Fortress, 2005); David Shaw, “Is Junia Also Among the Apostles? Romans 16:7 and Recent Debates,” Churchman 1 (2013): 105-18.
[63] John M. Frame, The Doctrine of the Word of God, A Theology of Lordship 4 (Phillipsburg, NJ: P&R, 2010), 248.
الفصل الكامل الذي كتبه جون فريم (John Frame) عن “نقل الكتاب المقدس” (Transmission of Scripture)—وهو الفصل الذي اقتُبس منه هذا القول—يُعدّ، في رأيي، أفضل معالجة للاهوت المرتبط بمسألة القراءات النصية. لمن يرد التوسع: انظر صفحة 251 و 252.
[64] On this point, see Komoszewski, Sawyer, and Wallace, Reinventing Jesus, 113-14.
[65] A letter to J. Craven on Jan. 1, 1717, quoted in McDonald, Biblical Criticism in Early Modern Europe, 223.
[66] Stephen Neill, The Interpretation of the New Testament: 1861–1961, The Firth Lectures, 1962 (London: Oxford University Press, 1964), 63-64.
[67] من غير الواضح من هو مؤلف هذه الترنيمة.



