عام

سقوط الإنسان والجرح عديم الشفاء – فريق اللاهوت الدفاعي

أن النتيجة الأولى لسقوط الإنسان، هي العزلة والابتعاد عن مصدر الحياة والفرح العميق في الحق، وبدء الشعور العميق بعدم الأمان الذي أدى إلى القلق والاضطراب النفسي، وبالتالي الشعور بالدينونة، التي أدت بالتالي إلى الرعب من الموت، وفقدان الثقة والرجاء الحي في الله، إذ قد تصور الله بالنسبة للإنسان انه سيد قاسي يقسو عليه ووهبه الموت كعقوبة، لأنه خلقه رغم أنه يعلم بسقوطه، وبذلك يلوم الإنسان دائماً الله على هذا الموت الموجع الذي صار يعمل فيه من يوم ميلاده في هذا العالم إلى يوم خروجه من هذا الجسد المملوء من الغرائز التي تجعل الإنسان يسقط تحت إلحاح تسديد احتياجها، لأنه صار عبداً لها، وهذا هو الجسد الذي صار – من وجهة نظر الإنسان – انه مصدر الشر والأوجاع !!! (مع أن المشكلة ليست في الجسد ولا غرائزه – المشكلة في قلب الإنسان المالك عليه الموت لأنه صار بعيداً عن الله منطرحاً بكراهة نفسه)

ورغم السقوط وهذا الخوف وفقدان الرجاء وحياة الشركة الحلوة مع الله وكل ملامة الإنسان لله الحلو، فالإنسان لم يفقد مشابهته لله المغروسة فيه طبيعياً، والتي هي “جوهره العقليالروحي، لكن الجسد قد تثقل جداً بسبب هبوطه من العالم الروحي للعالم المادي في سقوط مروع، بفقدان الشركة مع الله أساس الحياة وأصل كل رجاء ونبع كل الخيرات وحياة حق لكل واحد، وبسبب أن حركات النفس وبالتالي الجسد خرجت عن طَوْع ذهنه أو عقله الطاهر أيجوهره العقلي“…
فالإنسان بعد السقوط أصبح يعاني من “
الجرح عديم الشفاء“، وطبيعة جوهره الروحي قد سقط من المجد والشركة مع الثالوث القدوس إلى الفضيحة والذل العظيم، ولكن جوهر الإنسان غير مائت لا ينحل مع الجسد، بل ويولد في النفس شوق عظيم من نحو خالقها، لذلك يظل هناك أنين خفي دائم في أعماق داخل الإنسان يحن إلى الله الحي.

ولذلك فأن أب الخليقة تبارك اسمه العظيم، تحرك متعطفاً على جرحنا الملوث والذي سبب غرغرينا فبتر حياتنا عن الحياة الذي هو بشخصه، إذ سرى سم الموت القاتل فينا بلا شفاء بسبب عضة الحية عديم الشفاء، هذا الموت الذي سرى بسلطان قوة الخطية أصبح لا يمكن شفاؤه بواسطة أي من الخلائق – سواء ملائكة أو رؤساء ملائكة أو حتى أنبياء – سوى بصلاح الله وحده فقط. فأرسل إلينا ابنه الوحيد غير المفترق عنه، والذي بسبب عبوديتنا أخذ شكل العبد وسلَّم ذاته بإرادته وحده للموت لأجل خطايانا، وهو حاملنا في ذاته مقدمنا معه لنموت عن الموت لتسري فينا حياته.

فإذ قد صرنا فقراء – بسبب سقوطنا – وفي فقرنا عُدمنا من كل فضيلة وبرّ، أخذ شكل الفقر، لكي يغنينا بكل حكمة وفهم (2 كورنثوس 8: 9). وليس هذا فحسب، بل وأخذ شكل ضعفنا لكي بضعفه يجعلنا أقوياء، وصارمطيعاً للآب من جهة الجسد (أي بجسم البشرية) في كل شيء حتى إلى الموت، موت الصليب، لكي بموته تكون لنا فيه وبه قيامة، ولكي يبيد ذاك الذي له سلطان الموت أي الشيطان (كما قال القديس الأنبا أنطونيوس الكبير في الرسالة 7)، وقد جمعنا من كل مكان بالحب في سر التوبة، لكي يهبنا روح القيامة، ويُعلمنا أننا جميعاً قد صرنا من جوهر واحد وأعضاء بعضنا لبعض في جسده الحي والمحيي، أي الكنيسة، وينبغي أن نعيش في نصرة أكيده به في سر التقوى، ونسلك كأولاد نور، في طريق النور بالقداسة، وبلا ظلمة أو شرور، ليكون لنا شركة بعضنا مع بعض ودمه يطهرنا من أي خطية…

والغاية النهائية من عمله المبارك أن يوحَّدنا بروح الشركة (الروح القدس) معه ويجمعنا جسد واحد رأسه المسيح له المجد والكرامة كل حين مع أبيه الصالح والروح القدس الثالوث القدوس الإله الواحد آمين