Site icon فريق اللاهوت الدفاعي

تفسير كورنثوس الأولى 6 – الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي

تفسير كورنثوس الأولى 6 – الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي

تفسير كورنثوس الأولى 6 – الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي

تفسير كورنثوس الأولى 6 – الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي

الإصحاح السادس

لوم علي محاكمات الاخوة

في الاصحاح السابق أوضح القديس بولس أنه ليس من حق الكنيسة أن تدين الذين في الخارج بل من هم في الداخل. الآن يُعالج الرسول موضوع “المحاكم اازمنية“. هل يمكن للأخ أن يشتكي أخاه في المحكمة؟

في هذا الاصحاح يوبخهم الرسول بولس لأنهم يقودون بعضهم البعض إلي المحاكم من أجل أمورٍ تافهةٍ، كان يمكن للكنيسة أن تحكم فيها. إذ لا يليق كسر المحبة الأخوية بالدخول في قضايا ومحاكم من أجل أمور زمنية. وكما يقول سليمان الحكيم أن كسب الأخ أفضل من كسب مدينة بأكملها: “الأخ أمنع من مدينة حصينة، والمخاصمات كعارضة قلعة” (أم 18 : 19). من يتحصن بالحب الأخوي أفضل ممن يتحصن في مدينة حصينة، ومن يدخل في مخاصمات يكون كمن دخل وراء قضبان قلعة لا يقدر أن يخرج منها.

  1. التجاء المسيحيين إلي المحاكم الوثنية 1-6.
  2. لنحتمل الظلم ولا نمارسه 7-8.
  3. لن يرث الأشرار ملكوت اللَّه 9-10.
  4. ربنا يبررنا من خطايانا 11.
  5. ليس كل ما يحل لنا يوافقنا 12.
  6. قدسية الجسد          13.
  7. قيامة المسيح مصدر قيامتنا 14.
  8. عضويتنا في جسد المسيح 15-17.
  9. خطورة الزنا 18.
  10. الجسد هيكل للروح القدس 19-20.

1. التجاء المسيحيين إلي المحاكم الوثنية

“أيتجاسر منكم أحد له دعوى على آخر أن يحاكم عند الظالمين

وليس عند القديسين؟” [1].

 بينما يدعو القضاة الوثنيين “ظالمين” يدعو رجال الكنيسة قديسين، فإنه يليق بالمسيحيين أن يحملوا روح القدوس فيسلكوا في القداسة.

التجاء الاخوة للمحاكم الزمنية فيه مضيعة للوقت والمال، وفيه تحطيم للحب الأخوي، يدفع الطرفين إلي الثورة والغضب، وربما إلي الألفاظ القاسية غير اللائقة، تفقدهما سلامهما الداخلي وفرحهما، وتدفعهما إلى تجاهل رسالتهما كسفيرين للسيد المسيح، كما تهين الكنيسة بيت القديسين.

ثيؤدور أسقف المصيصة

لماذا دعي القضاة الوثنين ظالمين مع أن بعضهم اتسم بنوع من العدالة؟

اللَّه هو مصدر العدل الحقيقي، في عدله حب، وفي حبه عدالة، يشتاق أن الكل يخلصون وإلي معرفة الحق يقبلون. لذا فإن الوثنيين وقد عزلوا أنفسهم عن الحق صاروا لا يبالون بخلاصهم ولا بخلاص من يحكمون بينهم. فإنهم وإن مارسوا العدالة الزمنية لكنهم يتجاهلون خلاص الناس فيُحسبون ظالمين.

ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم؟

فإن كان العالم يُدان بكم

أفأنتم غير مستأهلين للمحاكم الصغرى؟” [2].

سفيريان أسقف جبالة

أمبروسياستر

ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة؟

فبالأولى أمور هذه الحياة” [3].

يوضح لهم الرسول استفحال خطأهم، فإن كان المؤمنون يدينون العالم بحياتهم المقدسة والملائكة الأشرار في يوم الرب العظيم أليس بالأولى يحكموا في الأمور الزمنية التافهة؟ كأن الالتجاء إلي المحاكم بالنسبة للاخوة فيه إهانة للقديسين.

أخبرنا السيد عن تلاميذه الاثني عشر أنهم يجلسون علي كراسيهم ليدينوا أسباط إسرائيل الاثني عشر (مت 19:28). وفي موضع آخر نسمع عن ربوات القديسين الذين يدينون في يوم الرب العظيم (يه 14-15)، فإنه سيأتي مع قديسيه للدينونة (1 تس 3:13). لا يعني هذا أنهم يشاركون السيد المسيح في إدانة الناس، إنما يجلسون علي كراسي الكرامة لينظروا دينونة العالم الشرير.

إذ يتمجد المؤمنون في يوم الرب العظيم ويجلسوا عن يمين الديان كملكة تجلس عن يمين الملك، يدين الملك الملائكة الأشرار في حضور الملكة كمن تشاركه عمله. يرى البعض أن المؤمنين ينالون كرامة أفضل من الملائكة، إذ يتمتعون بعمل اللَّه الخلاصي ويشاركونه مجده، فيكرمهم الملائكة القديسون.

قيل عن القديسين أنهم سيظهرون أمام الديان ويدينهم، عندئذ يملكون معه، لكنهم لا يشاركونه الدينونة. فالدينونة هنا تشير إلي تمتعهم بالمجد كشهادة قوية ودينونة ضد غير المؤمنين والملائكة الأشرار.

ولعل إدانة الملائكة الأشرار قد بدأت بالصليب حيث جرد الرئاسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه (كو 2 :15). أعطي للكنيسة سلطانًا أن تحطم مملكة إبليس وتطرده من كثيرين. هكذا يحطم المؤمنون الحقيقيون سلطان إبليس وجنوده ويدينونه.

في الإصحاح السابق يتحدث الرسول عن نفسه ومعه الرسل أنهم صاروا منظرًا للملائكة، حيث يجد الشياطين بهجتهم في اضطهاد المؤمنين ومضايقتهم، ولم يدركوا أن هؤلاء المؤمنين سيكونون شهادة عليهم في يوم دينونتهم.

سيفريان أسقف جبالة

القديس يوحنا ذهبي الفم

ثيؤدورت أسقف قورش

القديس أغسطينوس

فإن كان لكم محاكم في أمور هذه الحياة

فاجلسوا المحتقرين في الكنيسة قضاة” [4].

ربما يقصد بالمحتقرين المؤمنين غير المسئولين بعملٍ قيادي. فقد كان المجتمع اليهودي يضم خمس درجات من مجالس القضاء:

  1. مجلس السنهدرين الأعظم Sanhedrin يضم 72 شيخًا، يجتمعون في أورشليم، لهم أعلى سلطة قضائية دينية.
  2. مجلس السنهدرين الأصغر يضم 25 شخصًا في المدن الكبرى خارج أورشليم.
  3. كرسي القضاء الثلاثي Bench of three في كل مجلس.
  4. الكرسي المعتمد Authorized or Authentic bench.
  5. الكرسي غير المعتمد، يُدعي هكذا لأنه لا يستمد سلطانه من السنهدرين، إنما يُختار أعضاؤه من الأطراف المتنازعة للفصل في منازعاتهم دون الدخول إلى مجالس رسمية.

“المحتقرون” والترجمة الحرفية هي “الذين بلا كرامة“. لعله يقصد بالمحتقرين الذين لا يُوثق فيهم، هؤلاء سيكونون أفضل من الوثنيين المقاومين للحق الانجيلي. وكأن الرسول يقول لهم إن لم تجدوا إنسانًا يصلح من بين القيادات الكنسية فاختاروا أنتم ممن يظنهم البعض محتقرين لكي يحكموا في قضاياكم الداخلية.

القديس أغسطينوس

القديس يوحنا ذهبي الفم

لتخجيلكم أقول:

أهكذا ليس بينكم حكيم ولا واحد يقدر أن يقضي بين اخوته؟” [5]

 كان الكورنثوسيون يفتخرون بأنهم أصحاب فلسفات وحكمة ويظنون انهم أفضل من بعضهم البعض بينما لا يجدون إنسانا حكيمًا واحدًا يقدر أن يفصل في قضايا الاخوة دون أن تبلغ المحاكم الوثنية. ولعله بسبب الانشقاقات التي عانت منها الكنيسة في كورنثوس لم يستطع المسيحيون أن يستقروا علي حكيمٍ واحد قادر أن يفصل في الخصومات بين الاخوة، مما جعل الأفراد يلجأون إلى قضاة وثنيين. لهذا يوبخهم قائلاً: “أهكذا ليس بينكم حكيم ولا واحد يقدر أن يقضي بين اخوته؟”

العلامة أوريجينوس

لكن الأخ يحاكم الأخ،

وذلك عند غير المؤمنين” [6].

العلامة أوريجينوس

إنه لا يطلب منا مقاومة السلطات العلمانية إنما بالأحرى ألا نلجأ إليهم[12].

ثيؤدورت أسقف قورش

القديس يوحنا الذهبي الفم

2. لنحتمل الظلم ولا نمارسه

فالآن فيكم عيب مطلقًا،

لأن عندكم محاكمات بعضكم مع بعض،

لماذا لا تُظلمون بالحري؟

لماذا لا تُسلبون بالحري؟” [7].

كأنه يقول لهم إن لم يوجد بينهم حكيم واحد يفصل بين الاخوة فإن ما سيحل بأحدهم من ظلم خلال التدخل الكنسي أهون من استخدام حق القضاء ضد الاخوة في محاكم وثنية. فسلام القلب مع احتمال شيء من الظلم أفضل من الدخول في مخاصمات ومنازعات أمام القضاء، خاصة إن كان القاضي وثنيًا يكره الإيمان ويقاومه، فيسئ استخدام الموقف.

 أي عيب مطلق فيهم؟ التجاؤهم إلي المحاكم الوثنية فيه فقدان للسلام والحب الأخوي والثقة المتبادلة بين المؤمنين ومخافة الرب. لهذا يقول: لكن أنتم تظلمون وتسلبون وذلك للاخوة” [8]. ربما يشير هنا إلى الإنسان الذي يزني مع زوجة أبيه.

أمبروسياستر

القديس باسيليوس الكبير

أولاً: أنك لا تعرف كيف تحتمل، فهذا خطأ.

ثانيًا: أنك تمارس الخطأ.

ثالثًا: أنك تعرض الأمر حتى على الظالمين.

رابعًا: أنك تفعل هذا ضد الأخ. فإن أخطاء الناس لا يُحكم عليها بقانون واحد بعينه، فما يرتكب ضد شخص عفوًا غير ما يرتكب ضد عضو (في نفس العائلة أو الكنيسة)[17].

القديس يوحنا ذهبي الفم

3. لن يرث الأشرار ملكوت اللَّه

أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت اللَّه؟

لا تضلوا،

لا زناة ولا عبدة أوثان ولا فاسقون ولا مأبونون ولا مضاجعو ذكور

ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت اللَّه” [9-10].

لا تضلوا” أو “لا تنخدعوا”، فالرسول بولس يخشى أن يصيروا في خطر “الانخداع”. والأخطر أن الذي يخدعهم ليس بإنسان من الخارج بل تخدعهم قلوبهم وأفكارهم الخاطئة، أو لعل الذين يخدعهم القادة الذين كان يجب أن يقودوهم في الطريق الملوكي الحق.

يقدم الرسول هنا عشرة طبقات تحرم نفسها من التمتع بحقوق أبناء اللَّه فلا يرثوا اللَّه، ولا يرثوا مع المسيح (رو 8 : 17). قدم الحق واضحًا وصريحًا، وهو أن مثل هؤلاء الخطاة المصممين علي عدم التوبة لن يرثوا ملكوت اللَّه. فالذين يمارسون عمل إبليس لن يتمتعوا بالمكافأة الإلهية، بل أجرة الخطية هو موت ( رو 6 :23). يليق بهم ألا يخدعوا أنفسهم فإنه يستحيل أن يزرع إنسان ما للجسد ويحصد ما هو للروح.

يحذرهم الرسول من ثلاثة مخاطر:

أ. أن يفقدوا ملكوت اللَّه.

ب. أن تسقط نفوسهم في شباك الخداع.

ج. أن يذهبوا إلي جهنم.

القديس يوحنا ذهبي الفم

القديس أغسطينوس

القديس أغناطيوس النوراني

العلامة أوريجينوس

قيصريوس أسقف آرل

الأب فاليريان

4. ربنا يبررنا من خطايانا

وهكذا كان أناس منكم.

لكن اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم،

باسم الرب يسوع، وبروح إلهنا” [11].

 هم بالطبيعة بائسون وخطاة، لكنهم يغتسلون بمياه المعمودية ويتمجدون علي الدوام بالروح القدس، ويتبررون بدم المسيح وحده. بهذا يتأهلون للتمتع باللَّه القدوس في مجده والسكني الأبدية في السماء.

اغتسل بعضهم بمياه المعمودية (تي 3 :5، عب 10: 22)، فتعهدوا أن يسلكوا كما يليق بأبناء القدوس. وتقدسوا، أي عزلوا أنفسهم عن الأوثان ليكرسوا القلب للَّه القدوس. وتبرروا، أي صاروا موضع سرور اللَّه في المسيح البار. هذا ما تمتعوا به باسم الرب يسوع ونالوه بقوة روحه القدوس.

يبدأ بالغسل في مياه المعمودية حيث ننال الميلاد الجديد، ثم التقديس حيث يعمل روح اللَّه علي تقديسنا اليومي، وأخيرًا إذ نحمل برّ المسيح نتبرر أمام الآب.

أمبروسياستر

 القديس كيرلس الأورشليمي

ليس نهر آخر ينزع البرص من الإنسان إلا ذاك النهر الواحد (الأردن ) أن دخله الإنسان بإيمان وغسل نفسه في يسوع ‍‍‍‍‍!…

السبب في ذلك أن الذين يغسلون فيه يخلصون من عار مصر (محبة العالم) [إذ عبر فيه يشوع بعد ترك مصر والبرية]،ويصيرون قادرين على الصعود إلى السماء [عبر في إيليا قبل ارتفاعه] ويتطهرون من البرص المرعب للغاية [نعمان السرياني]، بهذا يصيرون متأهلين لقبول الروح القدس(1) .

    انظر، إن الذين يغتسلون بواسطة إليشع الروحي الذي هو ربنا ومخلصنا يتطهرون في سرّ المعمودية ويغتسلون من وصمة الحرف (الذي للناموس).

لقد قيل لك: “قم، اذهب إلى الأردن واغتسل فيتجدد جسدك”.

لقد قام نعمان وذهب واغتسل رمزا للمعمودية، فصار جسمه كجسم صبي صغير. من هو هذا الصبي؟ إنه ذاك الذي يولد في جرن التجديد.

 العلامة أوريجينوس[27]

“تأملوا من أية شرور خلّصكم اللَّه منها، وأية خبرات وبراهين على رأفاته العظيمة قدمها لكم!

لم يحدّ خلاصه بإنقاذكم، بل امتد بدرجة عظيمة لنوال منافع، إذ غسلكم. هل هذا هو كل ما قدمه؟ لا، بل أيضًا قدّسكم. ولا هذا هو كل ما قدّمه، فإنه أيضًا برّركم. فإن كان الخلاص من خطايانا هو عطية عظيمة إلا أنه قد ملأكم ببركات لا تُحصى. هذا ما فعله باسم ربنا يسوع المسيح، وليس بهذا الاسم أو ذاك، نعم وبروح إلهنا[28].

القديس يوحنا ذهبي الفم

القديس أغسطينوس

5. ليس كل ما يحل لنا يوافقنا

كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق،

“كل الأشياء تحل لي، لكن لا يتسلط علي شيء” [12].

قد يعترض أحد قائلاً: “أليس من حقي الدفاع عن حقوقي ضد أخي إن كان ظالمًا حتى وإن كان الأمر يستلزم الوقوف أمام محاكم وثنية؟” الإجابة هي إن كل الأشياء تحل لي، ولكن ليس كل الأشياء توافق.

ينطبق نفس المبدأ على الأكل من اللحوم التي قدمت ذبائح للأوثان وتُباع في الملحمة. كل الأطعمة محللة، لكن لا يليق بالمؤمن أن يكون نهمًا أو سكيرًا، فيفقد سلطانه علي بطنه أو فكره أو إرادته أو اتزانه.

يحدثنا هنا عن ناموس الإنسان المسيحي وهو:

القديس إكليمنضس السكندري

أمبروسياستر

ثيؤدورت أسقف قورش

القديس يوحنا ذهبي الفم

 6. قدسية الجسد

الأطعمة للجوف والجوف للأطعمة،

واللَّه سيبيد هذا وتلك،

ولكن الجسد ليس للزنا، بل للرب،

والرب للجسد” [13].

الجسم ليس للزنا، فإن اللَّه لم يخلقه لهذا الهدف، وإنما لخدمة اللَّه ومجده، كأداة للبرّ في القداسة (رو 6: 19)، فلا يليق استخدامه في النجاسة. الجسم للرب حيث يمجد الرب بخدمته، والرب للجسد، إذ بذل ذاته من أجل تقديس الجسد، لأجل قيامته وتمجيده مع النفس.

حتمًا يأتي وقت فيه لا يحتاج الجسم إلى طعام حين يحمل طبيعة جديدة، ويصير له حق التمتع بالسماويات.

يقدم لنا الرسول نظرة مسيحية للجسد بكونه:

القديس إكليمنضس السكندري

 أمبروسياستر

لا يقول هذا عن الطعام والجسم بل عن هوى النهم والمبالغة في الأكل، الأمر الذي يوبّخه، هذا ما يظهره حديثه بعد ذلك. “واللَّه سيبيد هذا وتلك”. إنه لا يتحدث عن المعدة، وإنما عن الشهوة المبالغ فيها، ليس عن الطعام بل عن الأكل المستمر. فإنه لا يغضب على الطعام، إنما يضع له قواعد للالتزام بها، قائلاً: “فإن كان لنا قوت وكسوة فنكتفِ بهما” (1 تي 8:6). على أي الأحوال فإنه يجد أن هذا الأمر ككلٍ معيب، أما إصلاحه (بعد تقديم النصح لهم) فيُترك للصلاة[36].

القديس يوحنا ذهبي الفم

القديس أغسطينوس

7. قيامة المسيح مصدر قيامتنا

واللَّه قد أقام الرب،

وسيقيمنا نحن أيضًا بقوته” [14].

 أوضح كيف أن الرب للجسد، بقيامته وهب الجسد قوة القيامة. وهبه عدم الفساد عوض الفساد، والخلود عوض الموت، والطبيعة الروحية عوض الطبيعة الترابية، فكما لبسنا صورة آدم الأول الترابي سنلبس صورة آدم الثاني السماوي.

الرجاء في القيامة التي صارت حقًا لنا في المسيح القائم من الأموات يحفظنا من تسليم الجسد لعبودية الفساد والشهوات.

إذ صار السيد المسيح ممثلاً لنا أقامه الأب كعربون لقيامتنا التي تتحقق خلال قوة قيامة المسيح، فنشاركه مجده.

القديس يوحنا الذهبي الفم

تشبه بأهل المكان،

أشرق نوره على السكان،

فانطلقت التسابيح تشكر الديَّان.

وعندما سمع آدم صوت الابن الحنان،

ابتهج وقدم آيات الولاء والشكران.

كما فعل يوحنا في بطن أمه،

عندما زارتها العذراء،

فعل آدم في أرض الفناء،

لقد انتهي العقاب وفتحت الأبواب،

وزالت سلطة زبانية (شوكة) الهاوية.

لأن الرب أراد أن يرفع يدهم عن مخلوقاته برأفته المتناهية.

نزل إلى مدينة الأموات،

ليفك قيود أسرى الخطيئة والخطاة.

حطم الأغلال وفك القيود.

وفتحت أبواب الحنان للمؤمنين الصالحين،

بفضل رب الجنة والتكوين.

وأخذ داود قيثارة ينشد مزاميره وأشعاره،

يقول: جاء الحي إلى الأموات ليعيد لهم الحياة،

سبحوا الرب يا سكان الأرض.

سبحوا الرب على المعجزة، فالحرّ يحل بين الأموات[40].

مار يعقوب السروجي

بالأمس (أول أمس)[41] ذبح الحمل، ورشت القوائم بدمه… وعبر الملاك المهلك بسيفه المهلك مرتعبًا وخائفًا… لأننا محفوظون بالدم الثمين…

بالأمس قد صلبت مع المسيح، واليوم أنا ممجد معه!

بالأمس مت معه، واليوم وهبت حياة معه!

بالأمس دفنت معه، واليوم أقوم معه!

القديس غريغوريوس النزينزي

8. عضويتنا في جسد المسيح

ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟

أفاخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا” [15].

 يتطلع المؤمن إلي كل أعضاء جسمه بكل وقارٍ بكونها أعضاء المسيح، وهيكلاً لروحه القدوس.

إذ يستخدم الجسم كأعضاء للمسيح يلزم ألا يكون أعضاء لزانية.

إذ تتحد النفس مع المسيح بالإيمان يصير كل كيان الإنسان عضوًا في جسد المسيح السري. يتحد الجسد كما النفس مع السيد المسيح. يا لكرامة المسيحي! فقد صار جسمه عضوًا في جسد المسيح.

الأب ثيؤدور أسقف المصيصة

القديس يوحنا ذهبي الفم

أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد؟

لأنه يقول يكون الاثنان جسدًا واحدًا” [16].

 يقول اللَّه لآدم “لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكونان جسدًا واحدًا” (تك 2: 24، مت 19:5).

أمبروسياستر

أوكيمينوس

وأما من التصق بالرب فهو روح واحد” [17].

ليست من خطية مرعبة مثل الزنا، فإنها تجعل الإنسان متغربًا عن السيد المسيح باتحاده مع زانية، فيصير معها جسدًا واحدًا. لن يمكن أن يتم اتحاد بين المسيح والزناة؛ خطية الزنا تسيء إلي رأس المؤمن وسيده السيد المسيح.

من يتحد بزانية يصير معها جسدًا واحدًا وليس روحًا واحدًا، إذ لا يتمتعا بعمل الروح القدس، أما من يلتصق بالرب، فيقبل روح الرب فيه فيصير معه واحدًا (يو 15 :1-7؛ 17 :21؛ يو 3: 6).

أمبروسياستر

القديس أغسطينوس

الأب بطرس خريسولوجوس

القديس يوحنا ذهبي الفم

9. خطورة الزنا

اهربوا من الزنى.

كل خطية يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد،

لكن الذي يزني يخطئ إلى جسده” [18].

ليست خطية في بشاعة الزنا إذ تربط جسم الإنسان بجسد زانية ويصيرا جسدًا واحدًا. لنهرب منها كما هرب يوسف الشاب من شهوات سيدته المصرية.

القديس أمبروسيوس

ثيؤدورت أسقف قورش

القديس يوحنا ذهبي الفم

الأب أوغريس الراهب

10. الجسد هيكل للروح القدس

أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس

الذي فيكم، الذي لكم من اللَّه، وأنكم لستم لأنفسكم؟” [19]

بالخضوع للسيد المسيح بروحه القدوس تصير أجسامنا هيكل الروح القدس، فمن يزني يهين هيكل الرب نفسه. هكذا يليق بالمؤمن أن يحفظ قدسية هذا الهيكل ولا يسيء إلى الساكن فيه.

بقوله “جسدكم” وليس “أجسادكم” واضح أنه يتحدث عن كل جماعة المؤمنين كجسدٍ واحدٍ، إنهم هيكل الروح القدس. وكأن الكنيسة صارت هي الشكينة التي كان اللَّه يتحدث من خلالها لموسى وللشعب (خر 25: 22).

القديس يوحنا ذهبي الفم

العلامة ترتليان

لأنكم قد اشتريتم بثمن،

فمجدوا اللَّه في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي للَّه” [20].

اللَّه الذي خلق الجسم كما الروح يتمجد في كيان المؤمن كله، فيستخدم الجسم كما الروح لحساب ملكوته. كما يُشتري العبد بثمنٍ فيصير في ملكية سيده، هكذا اُشترينا بدم السيد المسيح، فلم نعد ملك أنفسنا بل نحن ملك فادينا، نكرس الجسم مع الروح بكل الطاقات لحسابه.

القديس يوحنا ذهبي الفم

القديس أغسطينوس

أمبروسياستر

القديس يوحنا ذهبي الفم

الشهيد كبريانوس

من وحي 1كو 6

بروحك أسلك بما يليق

فأنا ابن لك!

    نزلت معك إلى نهر الأردن،

    ليحل روحك ويشكّلني أيقونة لك.

    نعم، هب لي روحك الناري أن يجدد على الدوام طبيعتي،

    فأسلك لما يليق كابنٍ وعضوٍ في جسدك.

     هب لي ألا أُحاكم أحدًا،

     ولا أدين أحدًا،

     بل بفرحٍ أحب وأربح حتى الذي يظلمني.

     حبي لأخي أعظم من نوال أي حق بشري!

     لأحتمل ظُلمه، فإني لا احتمل هلاكه الأبدي!

     شاركتني الحياة هنا،

    هب لي قداستك عاملة فيّ،

    فبدون القداسة لا أقدر أن أعاينك،

     ولا أستطيع العبور إلى ملكوتك.

    ليس من أثرٍ للخطية يقدر أن يعبر معي إلى سماءك!

    فإن سماءك هي مقدس إلهي!

   لأقتنيك، فبك وحدك  أتبرر.

   وبدونك أبقى أسيرًا للخطية والفساد!

     لك الحق أن تفعل ما تشاء.

     بحبك لي صرت عبدًا ولم تطلب حقًا لك.

     اسمح لي أن اقتفي آثارك.

     اسمح لي أن أحمل روحك.

     اسمح لي ألا أُمارس إلا ما يوافقك!

     يا لفرحي! يا لكرامتي! سيدي يحمل جسدًا مثلي!

     فكيف احتقر الجسد بعد؟

     كيف أستخف به؟

     متى أراه يُشارك جسدك مجد القيامة؟

     متى يعبر مع النفس ليتمتع بالأمجاد الأبدية؟

     جسدي عطية إلهية،

     سأعرف حقًا قيمتها عندما يصير جسدًا مجيدًا!

     لتدخل إلى قبري وتحملني إلى الحياة الجديدة.

     من يقدر أن ينزع موتي ويهبني الحياة غيرك؟

     من يحطم فسادي ويهبني عدم الفساد؟

     من ينزع ضعف الجسد وهوانه ويهبه القوة والكرامة؟

     لك المجد يا أيها الغني في عطائه.

     قدسني بروحك،

     فلن يقدر الزنا أن يلتصق بي،

     ولا تقدر النجاسة أن تقترب إلى حياتي.

     أقم مني هيكلاً لروحك القدوس.

     فيه تحل مع أبيك وروحك القدوس.

     فيه تقيم سماءً جديدة.

     فيه يحل الفرح الذي لا ينقطع!

[1] Pauline Commentary from the Greek Church.

[2] Pauline Commentary from the Greek Church.

[3] CSEL 81:59.

[4] Pauline Commentary from the Greek Church.

[5] In 1 Corinth., hom. 16:5.

[6] PG 81:60.

[7] City of God 20:5.

[8] The Work of Monks, 29.

[9] In 1 Corinth., hom. 16:6.

[10] Commentary on 1 Cor. 2. 27: 20-22.

[11] Commentary on 1 Cor. 2. 27: 27-28.

[12] PG 82:266.

[13] In 1 Corinth., hom. 16:6.

[14] CSEL 81:62.

[15] CSEL 81:62.

[16] The Long Rules, 9.

[17] In 1 Corinth., hom. 16:7.

[18] In Titus, hom. 5.

[19] In 1 Corinth., hom. 16:8.

[20] Sermon on the Amount 2:84.

[21] Ad Eph. 16.

[22] Commentary on 1 Cor. 2. 27:67-69.

[23] Sermons 47:5.

[24] Homilies, 2:6.

[25] CSEL 81:63-64.

[26] Cat. Lect. 3:6. Cat. Lect. 3:6.

(1) هنا يربط العلامة أوريجانوس بين ثلاث أحداث خاصة بالأردن: عبوره بيسوع، وعبوره بإيليا، و اغتسال نعمان السرياني .

[27] Origen: Comm. Jos 6:47 , 48; In Luc – hom 33. Origen: Comm. Jos 6:47 , 48; In Lue – hom 33.

[28] In 1 Corinth., hom. 16:9.

[29] Ep. 39:5.

[30] Stromata 3:40:5.

[31] CSEL 81:64.

[32] PG 82:267.

[33] In 1 Corinth., hom. 17:1.

[34] Paedagogus 2:5.

[35] CSEL 81:65.

[36] In 1 Corinth., hom. 17:1.

[37] Ep. 39:11.

[38] In 1 Corinth., hom. 17:2.

[39] In 1 Corinth., hom. 17:2.

[40]  مار ملاطيوس برنابا: مختارات من قصائد مار يعقوب أسقف سروج، 1993، ص226-228.                                

[41]  كان الحديث في ليلة عيد القيامة، أي يوم السبت ليلاً، فيقصد بالأمس أي الجمعة العظيمة..

[42] Pauline Commentary from the Greek Church.

[43] In 1 Corinth., hom. 18:1.

[44] In 1 Corinth., hom. 18:1.

[45] In 1 Corinth., hom. 18:1.

[46] In 1 Corinth., hom. 18:3.

[47] CSEL 81:67.

[48] Pauline Commentary from the Greek Church.

[49] CSEL 81:67.

[50] The Harmony of the Gospels, 2:4.

[51] Selected Sermons (Frs. of the Church), 145.

[52] In 1 Corinth., hom. 18:1.

[53] Cain and Abel 1:20.

[54] PG 82:270.

[55] In 1 Corinth., hom. 18:2.

[56] إلى أناتوليس Anatolius  عن “الأفكار الثمانية”، 3.

[57] In 1 Corinth., hom. 18:4.

[58] On the Soul 54:5.

[59] In 1 Corinth., hom. 18:3.

[60] Sermons on New Testament Lessons.

[61] CSEL 81:69-70

[62] In 1 Tim., hom. 4.

[63] In 1 Tim., hom. 4.

[64] The Dress of Virgins, 2.

تفسير كورنثوس الأولى 6 – الأصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي

Exit mobile version