فريق اللاهوت الدفاعي

التصنيف: مطوية دفاعيات

مطوية دفاعيات

  • انا في الب والاب في – للقديس أثناسيوس الرسولي

    انا في الب والاب في – للقديس أثناسيوس الرسولي

    انا في الب والاب في – للقديس أثناسيوس الرسولي

    انا في الب والاب في - للقديس أثناسيوس الرسولي
    انا في الب والاب في – للقديس أثناسيوس الرسولي

     انا في الب والاب في – للقديس أثناسيوس الرسولي

              1ـ يبدو أن الآريوسيين[1] المهووسين إذ قد قرروا أن

    يقبلوا آراء آريوس ويحتضنوها وأن يصيروا مقاومين للحق ومخالفين

    له فإنهم يسعون بإصرار لكي يجعلوا كلمات الكتاب: ” عندما يصل

    الشرير إلى عمق الشر يسلك باحتقار ” (أم3:18س) تنطبق

    عليهم. فهم لا يتوقفون عندما ندحض ضلالهم، ولا يخجلون من

    جراء شكوكهم، فإنهم في كفرهم، لا يخجلون أمام جميع الناس (انظر إر3:3).

              لأنهم في كل مرة يستشهدون بالنصوص الآتية  ” الرب

    خلقني” (أم22:8)[2]، “ صائرًا أعظم من الملائكة ” (عب4:1)[3]

    ، “والبكر” (رو29:8، كو15:1)[4] و ” كونه أمينًا للذي أقامه

    ” (عب2:3)[5] على أنها تبرر تعاليمهم مع أن لها تفسيرًا

    مستقيمًا وتثبت تقوانا من جهة المسيح، فأنا لا أفهم كيف لا

    يزال هؤلاء الناس ـ بتأثير سم الحيّة ـ لا يبصرون ما ينبغي أن

    يبصروه ولا يفهمون ما يقرأونه وكأنهم إذ يتقيأون من عمق قلبهم

    عديم التقوى، فإنهم بدأوا يحرّفون معنى كلمات الرب: ” أنا في

    الآب والآب فيّ ” (يو10:14)، قائلين ” كيف يمكن أن يَحتَوى

    الواحد الآخر والآخر يُحتَوى في الأول “؟ أو كيف يمكن أن يُحتَوى

    الآب الذي هو أعظم، في الابن الذي هو أصغر منه”؟ أو أى غرابة

    أن يكون الابن في الآب، طالما أنه مكتوب عنا نحن أيضًا ” به نحيا

    ونتحرك ونوجد ” (أع17، 28).

              هذه الضلالة في التفكير ناتجة عن إنحراف ذهنهم، فهم

    يظنون أن الله مادي، ولا يعرفون من هو ” الآب الحقيقي ” ولا من

    هو الابن الحقيقي “، ولا ما هو ” النور غير المنظور والأزلي “،

    وشعاعه غير المنظور، ولا يفهمون ما هو الكيان غير المنظور و

    والرسم غير المادي، و الصورة غير المادية “[6].

              لأنهم لو عرفوا، لما جدّفوا على رب المجد ولا سخروا

    منه، ولما فسروا الأمور غير المادية بطريقة مادية، ولما حرّفوا

    الكلمات المستقيمة.

              فقد كان يكفي عند سماعهم كلمات الرب أن يؤمنوا بها

    حيث إن الإيمان البسيط هو أفضل من الإحتمالات[7] التي

    يفترضونها هم بفضولهم.

              ولكن حيث إنهم قد حاولوا تشويه هذه الآيات لخدمة

    هرطقتهم فقد أصبح من الضروري أن نفند ضلالهم، من ناحية،

    وأن نوضّح المعنى الحقيقي للآيات من ناحية أخرى، وذلك لأجل

    سلام المؤمنين وحفظهم. لأنه عندما يقول ” أنا في الآب والآب

    فيّ ” فهذا لا يعني كما يظن هؤلاء أن الواحد يفرّغ ذاته في الآخر

    ليملأ الواحد منهما الآخر، كما يحدث في الأواني الفارغة، حتى

    أن الابن يملأ فراغ الآب، والآب فراغ الابن، وكأن كلا منهما ليس

    تامًا ولا كاملاً في ذاته، فهذه هى خاصية الأجساد. لأن مجرد ذكر

    مثل هذا القول، هو أكثر من الكفر لأن الآب هو تام وكامل، والابن

    كذلك هو ملء اللاهوت. وما يحدث مع القديسين عندما يحلّ الله

    فيهم، ويقويهم، هذا لا يحدث في حالة الابن، إذ هو قوة الآب

    وحكمته. فالمخلوقات باشتراكها في الابن، تتقدّس في الروح، أما

    الابن نفسه فهو ليس ابنًا بالمشاركة، بل هو المولود الذاتي

    للآب.

    لأنه هو الحياة التي تأتي من الآب كما من نبع، وكل الأشياء تحيا وتقوم على هذه الحياة. لأن الحياة لا تحيا من حياة أخرى وإلاّ فهى لا تكون عندئذٍ حياة، لكن الابن بالحرى هو الذي يعطي حياة لكل الأشياء.

    2ـ دعونا نفحص إذًا ما يقوله السفسطائي أستيريوس[8]

    ، المدافع عن الهرطقة فهو إذ يتمّثل باليهود يكتب ما يلي: [ إنه

    واضح جدًا أنه قد قال: أنا في الآب والآب أيضًا فيّ، لهذا السبب فلا الكلمة التي كان يقولها هى كلمته بل كلمة الآب، ولا الأعمال هى خاصة به بل خاصة بالآب، الذي أعطاه القوة ]. فلو كان (استيريوس) الذي قال هذا القول هو طفل صغير لالتمسنا له العذر بسبب صِغر سنه، ولكن لأن مَنْ كتب هذا يسمى حكيمًا ويزعم أن له معرفة كبيرة فكم يكون مقدار اللوم الذي يستحقه؟ ألا يثبت استيريوس نفسه أنه غريبٌ تمامًا عن الرسول طالما هو ينتفخ بكلام الحكمة الإنسانية المقنع (1كو4:2)، ويظن بهذا أنه يستطيع أن ينجح في خداعه، بينما هو لا يفهم ما يقوله. ولا ما يقرّره؟ (انظر 1تيمو7:1). لأن ما قد قاله الابن هو خاص فقط بمن هو ابن ولائق به، فهو كلمة جوهر الآب وحكمته وصورته. وهذا الذي قاله الابن، يجعله استيريوس خاصًا أيضًا بكل المخلوقات ومشتركًا بين الابن والمخلوقات. ويقول هذا المخالف إن الذي هو قوّة الآب، ينال قوّة، ويواصل كُفرَه فيقول إن الابن صار ابنًا[9]. فيقول إن الابن صار ابنًا في الابن وأن الكلمة أخذ سلطان الكلمة. وأيضًا إن الابن لم يكن يريد أن يتكلّم بما تكلّم به عن نفسه على أنه ابن، بل يكون هو الآخر قد تعلّمه، ويكون استريوس بهذا قد وضع الابن مع بقية المخلوقات من جهة التعلّم. لأنه لو أن الابن قد قال هذه الكلمات: “ أنا في الآب والآب فيّ ” كي يبيّن أن الكلمات التي يقولها والأعمال التي يعملها لم تكن له بل للآب، سيكون كداود الذي قال ” إني سأسمع ما يتكلّم به الرب الإله ” (مز8:84س) وكسليمان الذي قال ” كلماتي قد قيلت من الله ” (انظر 1مل24:10س) وأيضًا كموسى الذي كان خادمًا لأقوال الله. لأن كل واحد من هؤلاء الأنبياء لم يتكلّم مما له بل مما أخذه من الله قائلين: ” هكذا يقول الرب “. وحيث إن الأعمال التي عملها القديسون كما اعترفوا هم أنفسهم لم تكن أعمالهم الخاصة بل أعمال الله الذي أعطاهم القوة، فإيليا وإليشع مثلاً يطلبان إلى الله أن يقيم هو الأموات. وعندما طهّر إليشع نعمان من البرص قال له      ” لكي تعرف أنه يوجد إله في إسرائيل ” (انظر 2مل15:5)، وصموئيل أيضًا صلّى في أيام الحصاد لكي يُرسِل الله المطر. والرسل قالوا إنهم يصنعون العجائب لا بقوتهم الخاصة بل بنعمة الرب.

              فمن الواضح إذًا أنه بحسب استيريوس أن هذه الآية عامةً للكّل حيث يستطيع أي واحد من الكّل أن يقول ” أنا في الآب والآب فيّ “، وتبعًا لذلك فلا يكون بعد ابن واحد لله وهو الكلمة وهو الحكمة بل يكون مثل الآخرين واحدًا بين كثيرين.

              3ـ لكن لو كان الرب كذلك لما كانت كلماته هى ” أنا في الآب والآب فيّ، بل بالأحرى كان قد قال ” أنا أيضًا في الآب والآب فيّ “، لكي لا يكون له أى شئ خاص به أو مميز به كابن عن الآب، بل يكون له نفس النعمة المشتركة مع جميع المخلوقات. ولكن الأمر ليس كذلك، كما يظن هؤلاء. وإذ هم لا يفهمون أنه ابن حقيقي من الآب فإنهم يفترون عليه، الذي هو الابن الحقيقي والذي يليق به وحده أن يقول ” أنا في الآب والآب فيّ “. لأن الابن هو في الآب ـ بحسب ما يُسمَح لنا أن نعرف ـ لأن كل كيان الابن هو من جوهر الآب ذاته. كمثل الشعاع من النور، والنهر من الينبوع. حتى أن مَن يرى الابن يرى ما هو خاص بالآب، ويعرف أنه بسبب أن كيان الابن هو من الآب لذلك فهو في الآب. لأن الآب هو في الابن حيث إن الابن هو من الآب وخاص به مثلما أن الشعاع هو من الشمس، والكلمة هى من العقل والنهر من الينبوع. ولذلك فإن مَن يرى الابن، ويرى ما هو خاص بجوهر الآب، يدرك أن الآب هو في الابن. وحيث إن ذات الآب وألوهيته هى كيان الابن، لذلك فإن الابن هو في الآب والآب في الابن. لهذا السبب كان من الصواب أن يقول أولاً: ” أنا والآب واحد ” (يو30:10)، وبعد ذلك يضيف ” أنا في الآب والآب فيّ” (يو30:14) لكي يوضّح وحدانية الألوهية من ناحية ووحدة الجوهر من الناحية الأخرى.

              4ـ إذًا فهما واحد، ولكن ليس مثل الشئ الواحد الذي يمكن أن ينقسم إلى جزئين، كما أنهما ليسا مثل الواحد الذي يسمى بإسمين، فمرّة يسمى الآب ومرة أخرى يسمى هو نفسه ابنه الذاتي، فهذا ما قال به سابيليوس[10] وبسببه حُكِمَ عليه كهرطوقي.

              لكن هما اثنان لأن الآب هو الآب ولا يكون هو نفسه ابنًا أيضًا، والابن هو ابن ولا يكون هو نفسه آبًا أيضًا. لكن الطبيعة هى واحدة، لأن المولود لا يكون غير مشابه لوالده لأنه هو صورته[11]، وكل ما هو للآب هو للابن (انظر يو15:16). ولهذا فالابن ليس إلهًا آخرًا، لأنه لم ينشأ من خارج (الآب) وإلاّ فسيكون هناك آلهة كثيرون لو أن إلهًا نشأ غريبًا عن ألوهية الآب. لأنه رغم أن الابن كمولود هو متمايز عن الآب إلاّ أنه بكونه إلهًا هو كالآب تمامًا. فهو والآب كلاهما واحد من جهة الذات الواحدة والطبيعة الواحدة والألوهية الواحدة. وكما سبق أن قلنا حيث إن الشعاع هو النور وليس في المرتبة الثانية بعد الشمس، ولا هو نور آخر، ولا هو ناتج من المشاركة مع النور، بل هو مولود كلّي وذاتي من النور ومثل هذا المولود هو بالضرورة نور واحد ولا يستطيع أحد أن يقول إنه يوجد نوران، فرغم أن الشمس والشعاع هما اثنان إلاّ أن نور الشمس الذي ينير بشعاعه كل الأشياء، هو واحد.

              هكذا أيضًا ألوهية الابن هى ألوهية الآب، ولهذا أيضًا فهى غير قابلة للتجزئة، ولذا فإنه يوجد إله واحد وليس آخر سواه. وهكذا حيث إنهما واحد، والألوهية نفسها واحدة، فكل ما يقال عن الآب يقال أيضًا عن الابن ما عدا أن يُلقّب بالآب. فمثلاً يقال عن الابن ـ كما يقال عن الآب ـ إنه هو الله، وكما جاء في (يو1:1) ” وكان الكلمة الله “، وإنه ضابط الكل. وهذا ما توضّحه الآيات فهو ” الذي كان والكائن والذي يأتي الضابط الكل ” (رؤ8:1). وهو “الرب”، كما أن هناك ” رب واحد، يسوع واحد ” (1كو6:8). وأنه هو النور كما قال عن نفسه ” أنا هو النور ” (يو12:8). وأنه يمحو الخطايا كما خاطب اليهود ” لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا ” (لو24:5)، ويمكنك أن تجد أقوال أخرى كثيرة. لأن الابن نفسه يقول ” كل ما للآب هو لي ” (يو15:16). وأيضًا يقول ” وكل مالي فهو لك ” (يو10:17).

              5ـ إن مَنْ يسمع تلك الأقوال التي تقال عن الآب سيرى أنها تقال أيضًا عن الابن. كما أنه سيدرك أن الابن في الآب عندما يكون ما يقال عن الابن، يقال هو نفسه عن الآب. ولماذا يكون ما يقال عن الآب هو نفسه ما يقال عن الابن إلاّ لأن الابن هو مولود من جوهر الآب؟ ولأن الابن مولود من جوهر الآب، لهذا يحق له أن يقول إن خصائص الآب هى خصائصه أيضًا، لذلك فبطريقة مناسبة ومتوافقة مع قوله ” أنا والآب واحد ” (يو35:10)، يضيف قائلاً: ” لكي تعلموا أني أنا في الآب والآب فيّ ” (يو38:10).

              وأكثر من ذلك فقد أضاف مرّة أخرى ” مَن رآني فقد رأى الآب ” (يو9:14). وفي هذه الأقوال الثلاثة يوجد نفس هذا المعنى الواحد. فالذي يدرك هذا المعنى أى أن الابن والآب هما واحد يعرف جيدًا أن الابن هو في الآب والآب في الابن، لأن ألوهية الابن هى ألوهية الآب، وهذه الألوهية هى في الابن، ومن يدرك هذا، فإنه يقتنع أن   ” من رأى الابن فقد رأى الآب “، لأن ألوهية الآب تُرى في الابن.

              وهذا ما يمكن أن نفهمه من مثال صورة الملك[12]، حيث يوجد شكل الملك وهيئته في الصورة، والهيئة التي في الصورة هى التي للملك، لأن ملامح الملك في الصورة، هى مثله تمامًا حتى أن من ينظر إلى الصورة يرى الملك فيها، وأيضًا مَن يرى الملك، يدرك أنه هو نفسه الذي في الصورة. وبسبب عدم اختلاف الملامح، فإن مَن يريد أن يرى الملك بعد أن يكون قد رأى الصورة،فكأن الصورة يمكن أن تقول له: ” أنا والملك واحد “، لأني أنا في المُلك والمٌلك فيّ، وما تراه أنت فيَّ هذا تراه فيه، وما قد رأيته فيه تراه فيَّ. وتبعًا لذلك فمن يسجد للصورة فهو يسجد للمك أيضًا من خلالها، لأن الصورة لها شكله وهيئته. إذًا بما أن الابن أيضًا هو صورة الآب فينبغي أن يكون مفهومًا بالضرورة أن ألوهية الآب هى كينونة الابن وهذا هو ما قيل عنه ” الذي إذ كان في صورة الله ” (في6:2)، و     ” الآب فيَّ ” (يو10:14).

              6ـ وصورة الألوهية ليست جزءً من كلٍ، بل إن ملء ألوهية الآب هو كيان الابن، فالابن هو إله كامل. لذلك أيضًا إذ هو مساوٍ لله، فإنه ” لم يحسب المساواة بالله إختطافًا ” (انظر في6:2). وأيضًا حيث إن ألوهية الابن وصورته ليست شيئًا آخر غير ألوهية الآب لذا يقول “أنا في الآب”. لذلك ” كان الله في المسيح مصالحًا العالم لنفسه ” (2كو19:5). لأن الابن هو من ذات جوهر الآب، وبواسطة الابن تصالحت الخليقة مع الله. وهكذا فالأعمال التي عملها الابن هى أعمال الآب لأن الابن هو صورة ألوهية الآب الذي به عُملت الأعمال. ولذا فمن ينظر إلى الابن يرى الآب لأن الابن يوجد ويرى داخل ألوهية الآب. وصورة الآب التي في الابن تُظهر الآب الكائن فيه. ولذلك فالآب هو في الابن. وهكذا فإن ألوهية الآب والخاصية الذاتية لأبوّة الآب للابن، تُرينا أن الابن هو في الآب، وتوضح أنه أزليًا غير منفصل عنه. وأيضًا فمن يسمع ويرى أن ما يقال عن الآب يقال أيضًا عن الابن ويدرك أن هذه الخصائص لم تتراكم لاحقًا مضافة إلى جوهر الابن بالنعمة أو بالمشاركة، بل لأن كيان الابن هو مولود من ذات جوهر الآب، عندئذٍ سوف يفهم حسنًا الآيات ” أنا في الآب والآب فيّ ” وأيضًا ” أنا والآب واحد “.

              إذًا فالابن هو كالآب تمامًا لأن له كل ما هو للآب. لذلك فعندما يُذكر الآب يشار ضمنًا أيضًا إلى الابن معه. لأنه إن لم يكن هناك ابن فلا يستطيع أحد أن يقول إن هناك آب. بينما حينما ندعو الله صانعًا فهذا ليس بالضرورة إعلانًا منا أن مصنوعاته قد أتت إلى الوجود، لأن الصانع موجود قبل وجود مصنوعاته ولكن حينما ندعو الله أبًا فنحن نعني في الحال وجود الابن. لذلك فمَن يؤمن بالابن يؤمن بالآب أيضًا. لأنه يؤمن بمَن هو من جوهر الآب ذاته. وهكذا يكون إيمان واحد بإله واحد. ومن يسجد للابن ويكّرمه، فهو ـ في الابن ـ يسجد للآب ويكّرمه. إذ أن الألوهية هى واحدة، ولذلك فالإكرام والسجود اللذان يقدمان إلى الآب في الابن وبه، هما واحد. ولهذا فالذي يسجد إنما يسجد لإله واحد، لأنه يوجد إله واحد وليس آخر سواه. ولذلك فحينما يسمّى الآب بأنه الإله الوحيد، كما هو مكتوب ” ويوجد إله واحد ” (مر29:12)، ” وأنا هو ـ أنا أكون ” (خر14:3)، وأيضًا ” ليس إله معي ” (تث39:32)، ” أنا الأول وأنا الآخر” (إش6:44)، يكون كل هذا بالصواب قد كُتب. لأن الله واحد وهو الوحيد وهو الأول، ولكن هذا لا يقال بقصد إنكار وجود الابن، حاشا، لأن الابن هو في ذلك الواحد والوحيد والأول، لكونه الكلمة الوحيد والحكمة والشعاع الذي من ذاك الواحد والوحيد والأول.

              فالابن أيضًا هو الأول إذ هو ملء لاهوت الأول والوحيد. إذ هو إله كامل وتام. فهذه الأقوال التي أشرنا إليها عن ” الإله الواحد والوحيد والأول ” لم تُقَل لاستبعاد الابن، بل لكي تستبعد أنه يوجد إله آخر غير الآب وكلمته. هذا هو إذًا معنى كلام النبي وهو واضح وظاهر للكل.

     

    1 الآريوسيين: هم أتباع آريوس الذين كانوا يؤمنون وينادون بتعاليمه. وكثيرًا ما استخدم آباء الكنيسة هذا اللقب لوصف هؤلاء الأتباع فبخلاف القديس أثناسيوس نجد أن القديس ابيفانيوس أسقف قبرص على سبيل المثال قد أطلق عليهم هذه الصفة (المهووسين) (انظر ضد الهرطقات 2:2، ضد الآريوسيين المهووسين 13، 3 PG

    42.201,220,401

    2 انظر المقالة الثانية فصل 19. الترجمة العربية ص72

    3 انظر المقالة الأولى فصل 13 الترجمة العربية ص98.

    4 انظر المقالة الثانية فصل 21 الترجمة العربية ص99.

    5 انظر المقالة الثانية فصل 4 الترجمة العربية ص9.

    6 انظر عب3:1 الذي يصف الابن قائلاً: ” الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره … “.

    7 أى استخدام أدلة محتملة الحدوث بدلاً من الإثباتات.

    8 أحد أتباع آريوس وتلاميذه.

    9 خلاصة فكر استيريوس أن الابن ليس من جوهر الآب ولذلك فهو يقول عن الابن إنه ينال القوة من الله مثل باقي المخلوقات وليس هو قوة الله ذاتها كذلك أن الابن ليس ابنًا لله بالطبيعة بل هو يصير ابنًا بالتبني مثل باقي المخلوقات ـ وهذا هو معنى كلمة “في ابن” أى لم يكن هو ابنًا لله أصلاً وكذلك لا يكون الابن هو كلمة الله بالطبيعة بل يأخذ سلطان الكلمة مثل الأنبياء الذين أتت إليهم كلمة الله وهم مخلوقين.

    10 سابيليوس: ظهر في روما في أوائل القرن الثالث وعلّم بأن الآب والابن والروح القدس هم أقنوم واحد وليسوا ثلاثة متحدين جوهريًا. وقال إن الآب أعطى الناموس في العهد القديم ثم تجسد هذا الأقنوم وظهر باسم المسيح ثم ظهر هو نفسه باسم الروح القدس، أى أن الثالوث هو ثلاث ظهورات متوالية في التاريخ لشخص واحد، وليس ثلاثة أقانيم متمايزة لهم جوهر واحد.

    11 الابن فقط هو صورة الله الآب بسبب وحدة الجوهر الإلهي.

    12 يستخدم ق. أثناسيوس هذا المثال نظرًا لما اعتاد عليه الوثنيون من السجود لصورة الإمبراطور باعتباره شخصية إلهية يجب أن يقدّم لها التكريم والذبائح.

  • العدد الأول : ونزل إلى الجحيم من قبل الصليب

    العدد الأول : ونزل إلى الجحيم من قبل الصليب

    يقول البعض أن معجزة نزول السيد المسيح إلي الجحيم ليخلص أرواح الأبرار ويضع حداً للموت لم تورد في الكتاب المقدس، ونحن نذكر لهم علي سبيل المثال لا الحصر: 

     +الذي فيه أيضا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن” ( 1بط 19:3 ) 
     +وأما أنه «صعد»، فما هو إلا إنه نزل أيضا أولا إلى أقسام الأرض السفلى“. ( أفسس 9:4 )” من يد الهاوية أفديهم. من الموت أخلصهم” ( هوشع 14:13 )

    ولم يخلو الكتاب المقدس من نبوءات عن هذا الموضوع:

    + “لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة“. ( اشعياء 7:42 )
    + ”الحق الحق أقول لكم: إنه تأتي ساعة وهي الآن، حين يسمع الأموات صوت ابن الله، والسامعون يحيون“. ( يوحنا 25:5 ) 

     وهذا ما تحقق بعد قيامة السيد المسيح له كل المجد عندما “قام كثير من أجساد القديسين الراقدين” (متي 27)

    + وفي القداس الإلهي نقول: “ونزل إلي الجحيم من قِبل الصليب“.

    + ويقول القديس كيرلس الأورشليمي : “قد صُدم الموت برعدة، إذ رأى زائرًا جديدًا ينزل الجحيم دون أن يرتبط بسلاسله. ما لكم يا حراس الجحيم ارتعبتم عند رؤيته؟! الموت هرب وبهروبه انكشف جبنه. لقد جرى إليه الأنبياء القديسون وموسى مستلم الشريعة، وإبراهيم، وإسحق، ويعقوب، وأيضًا داود وصموئيل وإشعياء ويوحنا المعمدان، لقد أفتدى كل الصالحين الذين ابتلعهم الموت. إنه يليق بالملك أن يخلص مرسليه النبلاء.”

    + ويقول يوحنا الذهبيّ الفمّ : “اليوم جال المخلص في كل أرجاء الجحيم، اليوم خلع الأبواب النحاسية وحطم أقفاله الحديديّة (أش2:45). كم من الدقة في الوصف! لم يقل “قد فتح الأبواب”، بل خلعها، ليؤكّد أنه جعل أبوابها عديمة الاستعمال ثانية، ولم يقلْ “سحب الأقفال” بل حطّمها، ليؤكّد أن حراسة المكان باتت غير ممكنة. فهل من الممكن اعتقال أحدهم في سجن دون أبواب، أو خلف أبواب بغير أقفال؟ وإذا كان المسيح هو مَن خرّبها، فمَن يستطيع أن يصلحها؟ فالمقصود هنا أنه وضع حدّاً للموت. فالأبواب النحاسيّة صورة عن صلابة الموت وقساوته. وأما الآن وقد أشرق النور في الجحيم، غدت الجحيم سماءً“.

    فيا ليتنا نقول مع المرتل : أعظمك يا رب لأنك احتضنتني … وأصعدتَ من الجحيم نفسي، وخلصتني من الهابطين في الجب. (مز29)

  • العدد الأول : ما هو اللاهوت الدفاعي

    العدد الأول : ما هو اللاهوت الدفاعي

    يُمكن تعريف اللاهوت الدّفاعي بكل بساطة بأنهُ الدفاع عن الإيمان , أو بطريقة أكثر تقنيّة هو قوْل الحق وإظهارهِ وإجلائهِ من الشّبهات ليظهرَ على طبيعتهِ مُشعاً واضحاً منيراً الطّريق أمام الجميع!
    في جميعِ الأحوال ,دائماً ما تُترجم كلمة اللاهوت الدفاعي للإنجليزية بكلمة Apologetics , وهي كلمة بالطبع ذاتُ أصولٍ يونانية تأتي من كلمة  ἀπολογία,وتُنطق أبولوجيا apologia,وهذه الكلمة تُستعمل في الأصل كنوع من “الخطاب الدفاعي “,وأشهرُ مثال قديم على هذا الموضوع هو “دفاع أفلاطونPlato Apology “(القرن الرابع قبل الميلاد),وكما تذكر موسوعة بريتانيكا على موقعها بخصوص “دفاع أفلاطون” أنّهُ عبارة عن عملٍ “فلسفي” يُصوّر سقراط أثناءَ مُحاكمتهِ وهو يردُّ على التُهم الموجهة ضدهُ من خلالِ إعطاء نبذة موجزة عن حياتهِ والتزامهِ الأخلاقيّ.
    أمّا بالنسبة للعهد الجديد تظهرُ كلمة أبولوجيّا apologia سواء كاسم أو فعل حوالي 17 مرة , أمّا الفكرة نفسها أيّ في إعطاء قضية منطقيّة معقولة للإيمان تظهر في رسالة ق.بولس إلى أهل فيلبي 1 : 7
    +”…لأني حافظكم في قلبي، في وثقي، وفي (المحاماة ἀπολογίᾳ)عن الإنجيل وتثبيته، أنتم الذين…”
    وأيضاً في نفس الرّسالة في عدد 17
    +” وأولئك عن محبة، عالمين أني موضوع لحماية (ἀπολογίαν) الإنجيل”
    وأيضاً في العدد الشّهير في رسالة ق.بطرس الأولى مُطالباً المؤمنين أن يُجيبوا عن سبب الرّجاء الذي فيهم , حيث يقول “بل قدسوا الرب الإله في قلوبكم، مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف،” (1بط 3 :15)
    وكما يُطلق أيضاً على آباء الكنيسة الأوائل الذين دافعوا عن الإيمان المسيحي ضد الانتقادات سواء من الوثنيين أو المُهرطقين “الآباء المدافعون” . وأشهرهُم ترتليان ,ويوستين الشّهيد والفيلسوف أثيناغورس ,وأريجانوس ,وأثناسيوس ,وغيرهم الكثير …
    وهذه لمحة بسيطة عن المفهوم والمعنى والهدف !

  • العدد الأول : هل المسيح يَسعى للملك الأرضي ؟

    العدد الأول : هل المسيح يَسعى للملك الأرضي ؟

    العدد الأول : هل المسيح يَسعى للملك الأرضي ؟

    العدد الأول : هل المسيح يَسعى للملك الأرضي ؟
    العدد الأول : هل المسيح يَسعى للملك الأرضي ؟

    العدد الأول : هل المسيح يَسعى للملك الأرضي ؟

    يقول البعض أن المسيح كان يسعى للمُلك مستشهدين بقول للمسيح بإنجيل معلمنا لوقا البشير حيث قال ” أما أعدائي، أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي. ” (لوقا 19: 27)  وبالطبع هذا الكلام خاطئ جداً، لأن المسيح قال هذا فى مثل، إذ نقرأ فى العدد 11 ” وإذ كانوا يسمعون هذا عاد فقال (مثلا)، لأنه كان قريبا من أورشليم، وكانوا يظنون أن ملكوت الله عتيد أن يظهر في الحال. فقال: «إنسان شريف الجنس ذهب إلى كورة بعيدة ليأخذ لنفسه ملكا ويرجع. …… أما أعدائي، أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم، فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامي.” (لوقا19: 11-27) إذاً، يتضح من النص أن هذه ليست وصية من يسوع لتلاميذة مثلاً ولا لبشر ، بل للملائكة، فهو مثل يتحدث عن يوم الدينونة ، إذا لا يُمكن تطبيقه على ارض الواقع ابداً ، والمُلك هُنا ليس مُلك أرضي ، بل على العكس تماماً قالمُلك هُنا هو مُلك على قلب الإنسان فيسوع يقول للملائكة ” أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم ” اي الذين لم يريدوا أن اكون إلهاً لهم ، ولم يريدوا ان يعيشوا معي ، وعاشوا في الخطية وملك على قلبهم إبليس ، وهؤلاء يقطعون ، ويكون مصيرهم النار وهذا ما قاله المسيح في يوحنا 15 إن كان أحد لا يثبت في يطرح خارجا كالغصن، فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار، فيحترق. اما عن سعى المسيح للمُلك. فنرى ذلك بوضوح فى حادثة محاكمة بيلاطس للسيد المسيح حينما سأله بيلاطس: “أنت ملك اليهود؟.. فأجاب يسوع: مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا” (يو18: 33-36). وايضاً نقرأ في (يوحنا 6: 15) “وأما يسوع فإذ علم أنهم مزمعون أن يأتوا ويختطفوه ليجعلوه ملكا، انصرف أيضا إلى الجبل وحده ”ومن هذا نستخلص بأن يسوع لم يسعى للملك الأرضي اثناء وجودة على الأرض ، بل أعلن أن مملكته ليست من هذا العالم آنذاك ، ورفض أن يكون ملكاً ارضياً حينما كان الشعب يُريده أن يكون ملكاً عليهم.

  • العدد الأول : هل أنت ملحد؟ "دعوة للتفكير"

    العدد الأول : هل أنت ملحد؟ "دعوة للتفكير"

     من القدم والإنسان يبحث عن أجوبة عن أسئلة مهمة مثل من أين أتينا؟ , إلى أين نذهب ؟ , من خلق الكون ؟ من خلق خالق الكون ؟ , لماذا يوجد الشر والألم ؟ , ماذا بعد الموت ؟ , والكثير جدا من الأسئلة التي كل يوم يسألها الإنسان لنفسه . فهل ببحثنا هذا نكون ملحدين ؟. الملحد: “هو شخص يؤمن أنه لا يوجد إله“. من هذا التعريف نفهم أن الملحد هو من يؤمن بعدم وجود إله , إذن ليس الملحد هو من يبحث أو يسأل عن هذا الإله . وأيضا لكي نؤمن بوجود الله لابد أن نعرفه أولا . فإذن من الصحي والطبيعي أن نبحث عن ما يخصنا وما يخص علاقتنا مع الله . فلا تخف أن تسأل أو تبحث . أول سؤالنا سيكون عن أدلة وجود الله ؟ من الأدلة التي تشير إلى وجود إله ومصمم زكي هو تصميمات هذا الإله المبدعة الموجودة في كل شئ حولنا ,ومن أجمل هذه التصميمات هو “النسبة الذهبية” : وهو عبارة عن ثابت رياضي معرف تبلغ قيمته 1.6180339887 تقريبا وأيضا تسمى “متتالية فيبوناتشي” وتكتب بمتتالية 1 1 2 3 5 8 13 21 34 55 وهكذا. هذه النسبة موجودة في كل شئ حولنا .. في الإنسان ,فالمسافة بين أعلى رأس الإنسان إلى أخمص قدميه مقسومة على المسافة من السرة إلى الأرض تعطي النسبة الذهبية وهذا مثال صغير جدا وجسم الإنسان يحتوي على مئات الأمثلة عن هذه النسبة , وفي الحيوان نجد خاصية تتعلق بمجتمعات النحل هي أن عدد الإناث في أي خلية يفوق عدد الذكور بنسبة ثابتة وهي 1,618 , وفي النبات نجد زهرة عباد الشمس والتي أكتشف أن الزهور الفردية لعباد الشمس تنمو في لولبيتين تمتدان من المركز. اللولبه الأولى مكونة من 21 ذراع والأخرى 34 ذراع .وفي الفن والرسم والنحت . أكتشف الإنسان منذ زمن بعيد هذه النسبة التي إن استخدمت تعطي الجمال والتنسيق للتصميم المراد عمله . ومن الأمثلة المعروفة أعمال دافنشي , هرم خوفو . “الرياضيات هي اللغة التي كتب بها الله الكون ” جاليليو جاليلي في هذا المقال ذكرت أمثلة صغيرة جدا عن هذه النسبة الإلهية والتي موجودة في كل شئ حولنا , وإن أدخلناها على تصميم أصبح جميل ومتناسق . لا أظن أن هذه النسبة أوجدت من الصدفة أو من نتاج الطبيعة ولهذا اكرر قول الكتاب المقدس في سفر المزامير “قال الجاهل في قلبه ليس هناك إله” دعوة للتفكير : حاول اليوم أن تقوم بالبحث عن تجليات النسبة الذهبية في الكون وسوف تجد ما تتأكد بأنه لابد من أن هناك إله .