أبحاث

كرازة الرسل وقانونية الأسفار المقدسة – القمص عبد المسيح بسيط

كرازة الرسل وقانونية الأسفار المقدسة – القمص عبد المسيح بسيط

كرازة الرسل وقانونية الأسفار المقدسة - القمص عبد المسيح بسيط
كرازة الرسل وقانونية الأسفار المقدسة – القمص عبد المسيح بسيط

كرازة الرسل وقانونية الأسفار المقدسة – القمص عبد المسيح بسيط

بدأ التلاميذ الكرازة في الجماعات اليهودية بدءًا من المجمع اليهودي، ثم الإنطلاق إلى بقية المدينة أو المدن التي بها المجمع أو المجامع. وكانت المجامع اليهودية منتشرة في كل البلاد التي تشتت فيها اليهود في كل بلاد ودول وجزر حوض البحر المتوسط وما بين النهرين وفارس والعربية وجنوب الهند وكانت هي قبلة الرسل الأولى للكرازة بين اليهود، يقول الكتاب عن انتشار هذه المجامع: ” لأَنَّ مُوسَى مُنْذُ أَجْيَال قَدِيمَةٍ، لَهُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ مَنْ يَكْرِزُ بِهِ، إِذْ يُقْرَأُ فِي الْمَجَامِعِ كُلَّ سَبْتٍ ” (أع15 :21).

ويقول الكتاب عن كرازة الرسل يوم السبت: ” وَأَمَّا هُمْ (بولس والذين معه) فَجَازُوا مِنْ بَرْجَةَ وَأَتَوْا إِلَى أَنْطَاكِيَةِ بِيسِيدِيَّةَ، وَدَخَلُوا الْمَجْمَعَ يَوْمَ السَّبْتِ وَجَلَسُوا، وَبَعْدَ قِرَاءَةِ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رُؤَسَاءُ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، إِنْ كَانَتْ عِنْدَكُمْ كَلِمَةُ وَعْظٍ لِلشَّعْبِ فَقُولُوا ” (أع13 :13 – 15)، ” وَبَعْدَمَا خَرَجَ الْيَهُودُ مِنَ الْمَجْمَعِ جَعَلَ الأُمَمُ يَطْلُبُونَ إِلَيْهِمَا أَنْ يُكَلِّمَاهُمْ بِهذَا الْكَلاَمِ فِي السَّبْتِ الْقَادِمِ. وَلَمَّا انْفَضَّتِ الْجَمَاعَةُ، تَبعَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالدُّخَلاَءِ الْمُتَعَبِّدِينَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا، اللَّذَيْنِ كَانَا يُكَلِّمَانِهِمْ وَيُقْنِعَانِهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي نِعْمَةِ اللهِ. وَفِي السَّبْتِ التَّالِي اجْتَمَعَتْ كُلُّ الْمَدِينَةِ تَقْرِيبًا لِتَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ ” (أع13 :42-44).

” وَحَدَثَ فِي إِيقُونِيَةَ أَنَّهُمَا دَخَلاَ مَعًا إِلَى مَجْمَعِ الْيَهُودِ وَتَكَلَّمَا، حَتَّى آمَنَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ ” (أع14 :1)، ” فَاجْتَازَا فِي أَمْفِيبُولِيسَ وَأَبُولُونِيَّةَ، وَأَتَيَا إِلَى تَسَالُونِيكِي، حَيْثُ كَانَ مَجْمَعُ الْيَهُودِ. فَدَخَلَ بُولُسُ إِلَيْهِمْ حَسَبَ عَادَتِهِ، وَكَانَ يُحَاجُّهُمْ ثَلاَثَةَ سُبُوتٍ مِنَ الْكُتُبِ، مُوَضِّحًا وَمُبَيِّنًا أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَنَّ: هذَا هُوَ الْمَسِيحُ يَسُوعُ الَّذِي أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ. فَاقْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ وَانْحَازُوا إِلَى بُولُسَ وَسِيلاَ، وَمِنَ الْيُونَانِيِّينَ الْمُتَعَبِّدِينَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل ” (أع17 :1-4).

” وَأَمَّا الإِخْوَةُ فَلِلْوَقْتِ أَرْسَلُوا بُولُسَ وَسِيلاَ لَيْلاً إِلَى بِيرِيَّةَ. وَهُمَا لَمَّا وَصَلاَ مَضَيَا إِلَى مَجْمَعِ الْيَهُودِ ” (أع17 :10)، ” فَكَانَ يُكَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ الْيَهُودَ الْمُتَعَبِّدِينَ، وَالَّذِينَ يُصَادِفُونَهُ فِي السُّوقِ كُلَّ يَوْمٍ ” (أع17 :17)، ” وَكَانَ يُحَاجُّ فِي الْمَجْمَعِ كُلَّ سَبْتٍ وَيُقْنِعُ يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ ” (أع18 :4)، ” وَكِرِيسْبُسُ رَئِيسُ الْمَجْمَعِ آمَنَ بِالرَّبِّ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، وَكَثِيرُونَ مِنَ الْكُورِنْثِيِّينَ إِذْ سَمِعُوا آمَنُوا وَاعْتَمَدُوا ” (أع18 :8)، ” فَأَقْبَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَتَرَكَهُمَا هُنَاكَ. وَأَمَّا هُوَ فَدَخَلَ الْمَجْمَعَ وَحَاجَّ الْيَهُودَ ” (أع18 :19)، ” ثُمَّ دَخَلَ الْمَجْمَعَ، وَكَانَ يُجَاهِرُ مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مُحَاجًّا وَمُقْنِعًا فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ اللهِ ” (أع19 :8).

وكانت الكرازة تتم بقراءة نبوات العهد القديم والاستشهاد بها عن الرب يسوع المسيح وتطبيقها على ما عمله وعلمه، فعند اختيار بديلا ليهوذا يقول الكتاب: ” وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ قَامَ بُطْرُسُ فِي وَسْطِ التَّلاَمِيذِ، وَكَانَ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ مَعًا نَحْوَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ. فَقَالَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ فَقَالَهُ بِفَمِ دَاوُدَ، عَنْ يَهُوذَا الَّذِي صَارَ دَلِيلاً لِلَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ … لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ الْمَزَامِيرِ: لِتَصِرْ دَارُهُ خَرَابًا وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ. وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ آخَرُ[1]. فَيَنْبَغِي أَنَّ الرِّجَالَ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا مَعَنَا كُلَّ الزَّمَانِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ إِلَيْنَا الرَّبُّ يَسُوعُ وَخَرَجَ، مُنْذُ مَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي ارْتَفَعَ فِيهِ عَنَّا، يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ شَاهِدًا مَعَنَا بِقِيَامَتِهِ ” (أع1 :15 – 22).

وفي أول عظة للقديس بطرس والتلاميذ بعد حلول الروح القدس مباشرة، يقول الكتاب:

” فَوَقَفَ بُطْرُسُ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ لَهُمْ: … أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسْطِكُمْ، كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ. هذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ[2]، وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ. اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ. لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي، لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ.

لِذلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضًا سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَادًا. عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُورًا مَعَ وَجْهِكَ[3]. أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَارًا عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هذَا الْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيًّا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ[4]، سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَادًا[5]. فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ ” (أع2 :14-32).

وفي أول عظة قدام الهيكل قال القديس بطرس مخاطباً اليهود: ” وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ، أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ[6]، قَدْ تَمَّمَهُ هكَذَا … فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ[7] … وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضًا مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ، جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهذِهِ الأَيَّامِ. أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ، وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ آبَاءَنَا قَائِلاً لإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ[8]. إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ، أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ ” (أع3 :18-26).

وفي سفر الأعمال ص 7 وقف الشماس استيفانوس في المجمع وروى لهم قصة الآباء من ظهور الله لإبراهيم فيما بين النهرين إلى بناء سليمان الحكيم للهيكل إلى أن وصل إلى قوله: ” أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ؟ وَقَدْ قَتَلُوا الَّذِينَ سَبَقُوا فَأَنْبَأُوا بِمَجِيءِ الْبَارِّ، الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ صِرْتُمْ مُسَلِّمِيهِ وَقَاتِلِيهِ ” (أع7 :1- 53).

وبشر فيلبس الرجل الحبشي، وَزِيرٌ كَنْدَاكَةَ مَلِكَةِ الْحَبَشَةِ، بالرب يسوع المسيح من خلال ما تنبأ به عنه إشعياء النبي: ” فَهذَا كَانَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ. وَكَانَ رَاجِعًا وَجَالِسًا عَلَى مَرْكَبَتِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ. فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ: تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هذِهِ الْمَرْكَبَةَ. فَبَادَرَ إِلَيْهِ فِيلُبُّسُ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ النَّبِيَّ إِشَعْيَاءَ، فَقَالَ: أَلَعَلَّكَ تَفْهَمُ مَا أَنْتَ تَقْرَأُ؟ فَقَالَ: كَيْفَ يُمْكِنُنِي إِنْ لَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ؟ وَطَلَبَ إِلَى فِيلُبُّسَ أَنْ يَصْعَدَ وَيَجْلِسَ مَعَهُ. وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هذَا: مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ

مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ[9]، فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ: أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟ فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ ” (أع8 :26-35).

وكان أسلوب الرسل في توصيل الكلمة يعتمد على ثلاثة أُسس هي:

  1. الكرازةκήρυγμα – كيريجما – kērugma “؛ ” أكرزوا بالإنجيل “. ” اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا ” (مر16 :15).
  2. التعليم ” διδαχή – ديداكي – didachē”، ” فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ ” (مت28 :19و20).
  3. العبادة الليتورجية ” ليتورجي – Liturgy “[10]، ” اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي ” (لو22 :19). ” فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هذَا الْخُبْزَ وَشَرِبْتُمْ هذِهِ الْكَأْسَ، تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ ” (1كو11 :26).

كان التلاميذ والرسل يكرزون في المجمع أيام السبت، من خلال نبوات العهد القديم وتطبيقها على الرب يسوع المسيح كمرحلة أولى، ثم يقدمون تعاليم الرب يسوع المسيح وأعماله كمرحلة ثانية، وكانت الخطوة الأولى بعد الكرازة هي الإيمان بالمسيح ” آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ ” (أع16 :31)، ويلي الإيمان المعمودية ” مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ ” (مر16 :16).

وفي الخطوة التالية يقومون بتعليم المؤمنين وتحفيظهم نصوص الإنجيل الشفوي والاندماج في العبادة الجماعية وممارسة كسر الخبز أو الأفخارستيا يوم الأحد، اليوم الأول من الأسبوع؛ ” وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ ” (أع2 :42). ثم يكرزون في وسط الأسبوع من خلال المهن الحرفية التي كانوا يمارسونها ويتعاملون بها مع الجميع في الأسواق؛ ” فَكَانَ (بولس) يُكَلِّمُ فِي الْمَجْمَعِ الْيَهُودَ الْمُتَعَبِّدِينَ، وَالَّذِينَ يُصَادِفُونَهُ فِي السُّوقِ كُلَّ يَوْمٍ ” (أع17 :17).

وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزًا ” (أع20 :7)[11]، وكانت تقرأ أجزاء من العهد القديم وتلاوة أجزاء من تعاليم وأعمال الرب يسوع المسيح التي كانت محفوظة وتتلى شفوياً، في الكنائس، وبالتدريج بدأت تحل الأسفار المكتوبة محل التلاوة الشفوية.

حيث يقول القديس يوستينوس الشهيد: ” ولنا في اليوم الذي يدعى الأحد اجتماع لكل سكان المدن والضواحي وفي الاجتماع تقرأ مذكرات الرسل (Memoirs of the Apostles) أو كتابات الأنبياء حسبما يسمح الوقت، وبعد الانتهاء من القراءات يتقدم الرئيس ويعظ الحاضرين ويشجعهم على ممارسة الفضائل.

ثم نقف جميعا لنرفع الصلوات، وكما قلنا من قبل بعد أن ننتهي من الصلوات يتم تقديم الخبز والخمر والماء، ثم يصلي الرئيس ويرفع الصلوات والشكر على قدر استطاعته، أما الشعب فيرد قائلاً آمين. ثم توزع الأفخارستيا على الحاضرين “[12].

وهو هنا يصف الأناجيل بمذكرات الرسل، حيث يقول في موضع آخر: ” لأن الرسل سلموا لنا في المذكرات التي دونوها والتي تسمى أناجيل الوصية التي أمرهم بها يسوع “[13]. وهو هنا يؤكد لنا المساواة الكاملة بين أسفار أنبياء العهد القديم وبين الأناجيل الأربعة ككلمة الله الموحى بها.

[1] مز41 :9؛ مز 69 :25؛ مز 109 :8.

[2] مت26 :24؛ لو22 :22.

[3] مز16 :8-11.

[4] 2صم7 :12و13مز132 :11.

[5] مز16 :10.

[6] مز22؛ اش50 :6؛ 53 :1-12؛ دا9 :26؛1بط1 :10و11.

[7] تث18 :15-18.

[8] تك12 :3؛ 18 :18؛ 22 :18و26؛28 :14.

[9] اش53 :7و8.

[10] كلمة ليتورجى Liturgy مكونة من “لأوس – Laos” ومعناها الشعب و” إرجون – Ergon” ومعناها عمل، أى عمل الشعب وتعنى شعائر العبادة العامة، القداس.

[11] ” إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ: خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي. كَذلِكَ الْكَأْسَ أَيْضًا بَعْدَمَا تَعَشَّوْا، قَائِلاً: هذِهِ الْكَأْسُ هِيَ الْعَهْدُ الْجَدِيدُ بِدَمِي. اصْنَعُوا هذَا كُلَّمَا شَرِبْتُمْ لِذِكْرِي “. (1كو11 :23-25)، ” كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ ” (1كو10 :16).

[12] الدفاع الأول ف 67.

[13] الدفاع الأول ف 97؛ حوار مع تريفوا ف 103.

كرازة الرسل وقانونية الأسفار المقدسة – القمص عبد المسيح بسيط

تقييم المستخدمون: 5 ( 2 أصوات)