فريق اللاهوت الدفاعي

التصنيف: قرأنا لك

قرأنا لك

  • ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

    ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

    ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

    ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين - تلخيص: بيشوي طلعت
    ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

     

    الفصل الأول – العرب السراسنة

    لم يظهر العرب فجأة على مسرح التاريخ كانت تربطهم علاقات وثيقة بالمراكز الحضارية المحيطة بالجزيرة العربية من الشام ومصر وفارس وبيزنطية في مجالات التجارة وما يرافقها من تبادل في العادات والمعارف والثقافة عموماً. وعلى الرغم من الطابع المفاجئ للفتوحات العربية – الإسلامية على المستوى التاريخي، إلا أن عدداً كبيراً من الأحلاف والحروب ومستويات متنوعة من العلاقات نشأت بين العرب وبين الشعوب والدول القريبة منهم، سبق الفتوحات بقرون من الزمن والعرب، تجاراً وقبائل وغزاة، كانوا حاضرين بقوة في المنطقة الممتدة من جنوب العراق إلى سواحل شبه جزيرة سيناء، أي خارج الحدود الطبيعية والتقليدية لشبه (ص 21)

     

    معنى كلمة سراسنة: فقد وردت كلمة سراسنة)) (Saracens) للمرة الأولى في الأدب اليوناني القديم ويبدو أنها كانت تشير إلى قبيلة معيَّنة في صحراء سيناء. ويُستنتج من الكتابات الإغريقية أنها دمج لكلمتي سرك) (Sarak) و «إينوس (Enos) للنسبة من دون وجود اتفاق بين المتخصصين بخصوص مصدر الكلمة الأولى التي يعتقد البعض أنها تحوير لكلمة (شرق) او فعل سرق أو اسم قبيلة السواركة» أو «وادي السواريك وهو اسم قديم لمكان شمال يثرب (المدينة المنورة) (ص 23)

     

    وكتب رحالة يوناني من القرن السادس الميلادي، بعد سياحة في الجزيرة العربية، أن ثمة فرقاً كبيراً بين سكان اليمن والسراسنة. والكتاب المسيحيون في أوروبا العصور الوسطى كانوا يفرقون في التسمية ما بين العرب، فيطلقون على من كان يعيش منهم وراء البحر الأبيض المتوسط اسم «الإسماعيليون»، بينما يطلقون اسم «السراسنة» على من جاء وهم فاتحين في الأندلس وفي جنوب فرنسا وفي صقلية. فكأنهم، وهم ورثة الحضارة الرومانية، أرادوا أن يعطوا الاسم الذي يحمل معنى السلب والتدمير لهؤلاء الغزاة الذين كانوا في الواقع خليطاً من العرب والبربر كما كان فيهم جماعات من الروم ومن الإسبان ومن اليهود يعاونون الفاتحين (ص 24)

     

    بحسب الدراسات فالعرب لم يكونوا مجهولين عن الشعوب الاخرى. العرب، وإن لم يكونوا مجهولين عند جيرانهم الذين شملتهم موجة الفتوحات الأولى، كما لم تكن هجماتهم وغزواتهم استثناءً في حياة المناطق المتاخمة للصحراء، إلا أن اتساع نطاق الفتوحات من الأمور التي لم تلحظها الشعوب الأخرى على الفور بسبب الصور النمطية القديمة السلبية عن العرب. كذلك لم يكن أمر المضمون الديني للحركة العربية الواسعة مفهوماً في أعوام الفتوحات الأولى (ص 37) 

     

    الفصل الثاني – عملاقان بأقدام فخارية 

    كان هناك مملكتين وهما الإمبراطورية البيزنطية (الروم) الإمبراطورية الساسانية (الفرس) 

     

    وبعد أن وضعت السلسلة الثالثة من الحروب البيزنطية – الساسانية أوزارها عام ٦٢٨ من دون نتائج حاسمة، ظهر أن الدولتين في حاجة ماسة إلى فترة زمنية لاستعادة التوازن. وإذا كانت بيزنطية قد تمكنت من تحقيق انتصارات ملموسة بإزالة آثار الاجتياح الفارسي الذي وصل إلى مصر، الولاية البيزنطية الأغنى، عام ٦١٨ بعدما أطاح هيراكليوس (Heraclius) فوكاس (Phocas) وقيادته في هجوم مضاد كبير انتهى باستسلام الفرس وانسحابهم من المناطق الشاسعة التي احتلوها، وفرض قدراً من الاستقرار السياسي في القسطنطينية، فإن الحرب بالنسبة إلى الساسانيين أسفرت عن كارثة استراتيجية وسياسية استهلت بعد مقتل خسرو الثاني برويز على يد ابنه قاباذ الثاني الذي حكم بضعة شهور، مرحلة من الصراعات داخل البيت الساساني استمرت إلى حين تولي يزدجرد الثالث الحكم في ٦٣٢ مباشرة قبل الفتح العربي (ص 42)

     

    كان وضع البيزنطيين على الرغم من الصراعات الدينية والمذهبية، أفضل لمواجهة الفتوحات من وضع الفرس الذين عانوا آثار المغامرة التي بدأها خسرو الثاني وانتهت بالهزيمة وبتصدع البيت الساساني وهيمنة القادة العسكريين الذين واصلوا ترسيخ نفوذهم وتوسيعه، في سياسة بدأت قبل الفتوحات بوقت طويل (ص 44) 

     

    بالنسبة إلى الإمبراطورية البيزنطية أيضاً، يتعيَّن القول إن الانقسامات في الكنائس المسيحية، ومحمولاتها وخلفياتها القومية المضمرة، لم تشكل عنصراً حاسماً في إضعاف الجبهة التي واجهت المسلمين؛ فقد ساد بين المسيحيين الذين ربطت الثقافة الهلينية والإيمان المسيحي بينهم رباطاً أوثق من ذاك الذي شدَّ وشائج الفرس الإيرانيين. فهنا موقف إيجابي حيال السلطة يقرُّ بضرورة الدولة الرومانية التي أملت وجودها الإرادة الإلهية، وهي إرادة تفترض من المسيحيين الخضوع للدولة في كل ما لا يُشكل خطيئة بحسب تفسير آية أعطِ ما لقيصر لقيصر وما الله الله» (ص 45) 

     

    والأرجح أن البيزنطيين، بعد استعادة الصليب الحقيقي من الفرس الذين نقلوه إلى بلادهم عند اجتياحهم سوريا وفلسطين، والخطوات التي قام بها هيراكليوس للتقرب من رؤساء الكنائس المشرقية في أعقاب الاحتفالات الغنية بالدلالات لعودة الصليب إلى القدس، كانوا في وضع أفضل بأشواط من أعدائهم الفرس الإيرانيين للتصدي للفتوحات العربية واستيعاب ضرباتها القاسية. هذا ما يظهر على كل حال في نجاة الإمبراطورية البيزنطية من الاندفاعات الإسلامية في عهدي الخلفاء الراشدين والأمويين واستمرارها بأشكال مختلفة ومستويات متباينة من الازدهار والانحطاط والتوسع والانكماش، حتى سقوط القسطنطينية أمام الزحف التركي العثماني عام 1453 م (ص 47) 

     

    وكان الوضع في البلدان الخاضعة للاحتلال البيزنطي والتي تعرضت إلى الموجة الأولى من الفتوحات العربية، وخصوص صوصاً سوريا ومصر، أكثر تعقيداً من زاوية الاجتماع السياسي. فحقيقة نشوء حضارات شديدة القدم في البلدين جعل من الصعب على أهاليهما تقبل واقعهم كشعوب مُحتلة بانت من الدرجة الثانية، خاضعة للحكم الأجنبي وأدت المذاهب المسيحية المتعددة دوراً مهماً في التعبير عن اختلاف السوريين والمصريين عن حكامهم البيزنطيين. وبقدر ما يمكن القول إن المسيحية ذاتها جاءت في سياق الرد المشرقي على الاحتلال الروماني، يصح الاعتقاد بأن الكنائس المسيحية الشرقية، وخصوصاً تلك التي أعلنت انتماءها إلى مذهب الطبيعة الواحدة، كانت الإجابة المصرية والسورية على الاحتلال البيزنطي (ص 48)

     

    وباء طاعون عمواس الذي ضرب الاراضي بعد الاحتلال العربي

     

    أدى الوباء إلى تراجع كبير في: عدد سكان بيزنطية التي خسرت الآلاف من الجنود والفلاحين والمنتجين الفعليين أو المحتملين. وفي اقتصاد يقوم أ م أساساً على النشاط الزراعي وعلى سلامة دورة الحياة الريفية مقابل دور محدود للمدن في تصريف الإنتاج وتوسيعه، ينعكس خراب الريف انعكاساً مباشراً على الانتظام السياسي والاقتصادي في الإمبراطورية وشهد عهد يوستنيانوس، بالتالي، توسعاً كبيراً لدوره كمحسن وفاعل خير، وهو دور كانت الكنيسة تقوم به في العادة، وذلك بسبب تدفق الفقراء من الريف إلى المدن وخصوصاً العاصمة على أمل الحصول على عمل أو على ما يسد الرمق (ص 57)

     

    نظرة أخرى قبل قدوم العرب: وتتيح مراقبة النشاط التجاري الاعتقاد أن الانهيار سابق على مجيء العرب الذي لم يكن له تأثير مباشر على اقتصاد البحر المتوسط، وهذا ما يدعو عدد من المؤرخين إلى الرفض الجزئي للأطروحة الشهيرة لهنري بيرين (Henri Pirenne) التي ربطت القطيعة التي حصلت في التجارة عبر المتوسط بالفتح العربي، فقد كانت الجيوش الفارسية قد دمرت تدميراً خطيراً آسيا الصغرى منذ عهد هيرا يراكليوس (ص 57)

     

    الفصل الثالث – سيوف من شهب 

    النظرة المعروف ان الشعوب المغلوبة أعتبرت الفتوحات العربية انها الفارس المنقذ ولكن الموضوع مختلف 

     

    بشبه إجماع، اعتبرت الشعوب المغلوبة الفتوحات العربية عقاباً من الله على ذنوب، سابقة، يعود بعضها إلى الخلافات الداخلية المتعلقة بالإيمان والصراعات بين الكنائس المختلفة ما أغضب إلهاً لم يعتد الشقاق بين أبنائه وسلم من سوء اخلاقهم ومن أثامهم الممتدة من الخروج على سلطة الكنيسة إلى موبقات يرتكبونها في حياتهم اليومية، ويشكل بعضها الآخر تحقيقاً لنبوءات قديمة (ص 61)

     

    أما النص غير الإسلامي الأقدم الذي يتحدث من موقع الحدث»، إذا جاز القول، فهو خطبة بطريرك القدس سوفرونيوس أو صفر ونيوس Sophronius)، والتي سبقت حديث المصادر العربية عن أحداث تلك الأعوام بقرن ونصف القرن على الأقل. ففي رسالة غير مؤرخة يبدو أنها كُتبت أواخر عام ٦٣٣ أو مطلع ٦٣٤ وجهها بطريرك القدس المعين حديثاً، إلى مجمع ديني عقد في روما، ويؤكد فيها التزامه بالإيمان الخلقيدوني مقابل انتشار عقيدة المشيئة الواحدة، يعدد سوفرونيوس البدع التي تنبغي محاربتها وإلقاء الحرم على أتباعها، إلى أن يُبدي أمله في أن يتيح الله الأباطرتنا المحبين للمسيح عزماً قوياً وحازماً لتحطيم كبرياء كل البرابرة، وخصوصاً السراسنة الذين ظهروا فجأة بسبب خطايانا ودمروا كل شيء بتصميم وحشي لا يطوع، وبجرأة لا تعرف التقوى ولا الإيمان بالله. لذا نرجو قداستكم، أكثر من أي وقت مضى، التوجه بتضرعات عاجلة إلى المسيح حتى يتلقاها منكم برضى ويهدئ بسرعة من علوهم (السراسنة) الغاضب ويعيد هذه المخلوقات الشريرة إلى ما كانت عليه موطئاً لأقدام أباطرتنا الذين جاد علينا الرب بهم (ص 64 , 65)

     

    ويقول ايضا الكاتب في نفس الصفحة: وفي كانون الأول / ديسمبر ٦٣٤، حالت الغارات العربية دون حج المسيحيين إلى بيت لحم واضطر سوفرونيوس إلى إلقاء عظة الميلاد التي تلقى عادة في كنيسة المهد في القدس. وبعدما عبر عن فرحته المزدوجة لمصادفة الميلاد يوم أحد (ما يؤكد أن السنة كانت ٦٣٤ بحسب التقويم المعتمد حينها)، قال: علينا الكفاح لنستحق مكافأة الله لنا بجلب هبات الإيمان والأعمال الصالحة كما جلب الرعاة والمجوس هباتهم إلى يسوع في بيت لحم. وقادت هذه المقدمة سوفرونيوس إلى التطرق إلى الأحداث، فاستخدمها لتوجيه رسالة إلى أهله بقوله: «لكننا، وبسبب خطايانا التي لا تُحصى وسلوكنا شديد الإثم، كنا عاجزين عن رؤية هذه الأمور وعن الدخول إلى بيت لحم. وفي معزل عن إرادتنا، بالفعل، وعلى خلاف تمنياتنا طُلب منا البقاء في بيوتنا، ولم تعقنا أربطة جسدية، بل أعاقنا الخوف من السراسنة». ويتابع أن المسيحيين في القدس مثل آدم الذي حظر عليه دخول الجنة على الرغم من أننا لا نرى السيف المتقلب الملتهب (۹)، بل نرى [سيف] السراسنة البربري الجامح المليء بكل التوحش الشيطاني (ص 65)

     

    فلم تكن الشعوب المحتلة تنظر للفتح العربي بأنه المنقذ أكثر من انه غضب من الرب

     

    عظتا سوفرونيوس تو قران نموذجاً مهماً للطريقة التي سينظر المسيحيون بها ومن ثم العالم المسيحي عموماً، إلى العرب والمسلمين، فمن جهة، لا تزيد الفتوحات العربية والمعاناة التي ترافقها – على غرار الحروب جميعاً – عن كونها عقاباً إلهياً ينزله رب غاضب بالمؤمنين المقصرين في واجباتهم الدينية (ص 67)

     

    وكان الهدف الاساسي من الفتوحات ليس هدفًا دينيًا بل هدف سياسي

     

    ويجزم صاحب تاريخ الإمبراطورية البيزنطية ألكسندر فاسيلييف (A. A. Vasilien) أن البدو الذين شكلوا الأكثرية الساحقة من جنود الفتوحات لم يكن من هم لهم سوى الأسلاب والنهب، فيما كانت معرفتهم بالإسلام معرفة سماعية فقط، مشدداً على غياب العامل الديني في الفتوحات، ما يذكر بالنتائج التي توصل كايتاني إليها عن ضآلة موارد الجزيرة العربية وعدم قدرتها على تلبية احتياجات السكان من دون التبني الكامل لها (ص 80)

     

    الفصل الرابع – وادعا سوريا 

    على الرغم من تعامل الرومان ثم البيزنطيين مئات الأعوام مع العرب، بدت الإمبراطور ية من فوجى بالفتو العربية التي جاءتها من حيث لم تتوقع فقد شغل العرب مواقع مهمة في منظومة الدفاع عن بيزنطية منذ القرن الميلادي الثالث، وانتشرت الديانة المسيحية التشاراً ملحوظاً بينهم وقدموا من قديسي الكنيسة في القرن الرابع منهم موسى الذي يحتفل بعيده في السابع من شباط / فبراير، و گوزماس / گزما و دامیان / دميالوس. وفي القرن الخامس كان من بين العرب مشاركون بارزون في مجمع أفسس، هذا إلى جانب تأثيرات الثقافة والفنون الرومانية (ص 87) 

     

    ويروي كاتب الحوليات الجورجية المراحل الأولى للفتوحات على النحو الآتي: عندما توفي (أبو بكر)، انتقلت السلطة إلى عمر. وأبلغوا هيراكليوس أن السراسنة يريدون دخول أراضي بين النهرين وسوريا والجزيرة وتوجه الإمبراطور إلى بلاد بخشتاتسيك (Pghshtstsik) [؟] ورأى هناك راهباً قال له: «اهرب من أولئك الذين أرغموا سارة على الهرب لأن السراسنة كانوا يسمون خدم سارة»)، لقد أعطى الله شعبهم الجنوب والشرق والشمال. إنهم نجوم جوالة يغلبون من لا يتجول». وقد وجدت نبوءات بشأنهم في كتابات فلاسفة هيرميترون (Hermitron) وإيخينتوس (Ijintos) تقول إنه في عام ٥٨٤٠ من الحقبة العظيمة، سيظهر ابن للخادمة وسيدوم حكمه ٢٤٠ عاماً وذلك هو ٦١٥ ٥ ٧٥) + ٥.. أشاح الملك هيراكليوس وجهه وجاء إلى كارتلي (K’art’li) [منطقة في جورجيا] ليقول: «أيها الإيرانيون الذين هجروا بلادهم هرباً من الإسماعليين إلى المناطق الشمالية، تمالكوا أنفسكم، لقد انتهت مملكتكم. لقد بات السراسنة أقوياء، فانهضوا وتعالوا إلينا وكانوا قد تركوا كنوزهم مصطحبين معهم مخطوطات مكتوبة بالأماكن التي خبأوا الكنوز فيها وذهبوا إلى هيراكليوس وجاء البيزنطيون مع هذه الوثائق وعثروا عليها (ص 91)

     

    ويروي ثيو فانس وقائع معركة مؤتة) من ضمن أحداث عام ٦٣٠ – ٦٣١ (٦١٢٣ ويروي ثيو فانس وقائع. للخليقة) الذي يعينه العام الأول في حكم أبي بكر Aboubacharos) على النحو الآتي: عين محمد قبل وفاته أربعة أمراء ليقاتلوا أولئك العرب الذين تنصروا وتقدم الأمراء إلى قرية (موشيا) (Mouchen) [الأرجح أن تكون قرية مآب أو خربة المهنا] التي كان يتمركز فيها ضابط بيزنطي برتبة فيكاريوس (Vicarius) [وهي رتبة صغيرة في الهيكلية العسكرية البيزنطية] يدعى ثيودور. وعزم على مهاجمة العرب عندما يقدمون الأضاحي إلى أوثانهم وقد علم ثيو دور بذلك من قرشي كان يتلقى منه المال، فجمع الجنود في الصحراء وعندما أكد له العربي اليوم والساعة التي يريد [المسلمون] أن يشنوا هجومهم فيهما، هاجمهم في قرية تدعى موثوس» (Mothous) [مؤتة] وقتل ثلاثة أمراء والقسم الأكبر من الجيش أمير واحد يدعى شالد [خالد بن الوليد] ويلقبونه سيف الله)، فر (ص 92) 

     

    في هذه الفترة التي سادتها الريبة، والتوتر وقع الصدام المسلح الأول بين العرب المسلمين والبيزنطيين خارج شبه الجزيرة العربية في قرية دائن قرب غزة في فلسطين. ففي سنة ٩٤٥، الدورة السبعة يوم الجمعة الرابع من شباط / فبراير عام ٦٣٤ عند الساعة التاسعة، وقعت معركة بين الرومان وبين عرب محمد (طائيي محمد / Tayyaye Mhmt-d). فرَّ الرومان تاركين وراءهم البطريق بريردن (Bryrdn) الذي قتله العرب. وقتل أيضا حوالي أربعة آلاف قروي فقير من المسيحيين واليهود والسامريين. لقد دمر العرب الناحية برمتها) (ص 94) 

     

    غني عن البيان أن رواية المؤرخ البيزنطي تختلف كثيراً عن الروايات العربية للمعركة. لكن من المفيد التذكير لوضع المسائل في أحجامها، أن اليرموك وغيرها من المواجهات في تلك الحقبة، لم تكتس أهميتها الكبرى كمحطات تحول في تاريخ المنطقة سوى في وقت متأخر نسبياً، خصوصاً عندما ظهرت آثارها البعيدة المدى على تثبيت الحكم العربي في سوريا، وإنهائها صفحة السيطرة البيزنطية. ولم تمثل الهزيمة في سوريا نهاية لحكم القسطنطينية فحسب، بل كذلك بداية النهاية لهيمنة الثقافة الهلينية وانحسار دور المسيحيين الشرقيين السياسي مقابل تأسيس مرحلة حضارية وثقافية وسياسية مختلفة عن سابقتها وإن كانت تمتُ إليها بالعديد من الصلات والأسباب (ص 96)

     

    ويقول س. د. غواتان مع الأخذ في الاعتبار هنا مسألة استخدام ثيو فانس لمراجع سريانية أثناء كتابته تاريخه، وسط اعتقاد يقول إن المؤرخين السريان تأثروا بالروايات العربية، خصوصاً الشفهية منها، أو ما يسمى الرواية الشاميَّة للتاريخ العربي) التي تعرَّضت إلى حملة منظمة لاجتثاثها من الأذهان قبل التدوين الكبير للتاريخ العربي في العصر العباسي (ص 97)

     

    الفصل الخامس – الشيطان يستعبد مصر

    قبل إكمال الفتوحات العربية في الشام، كانت مسألة التوسع صوب مصر قد طرحت أمام القادة العرب. وبدا أن سقوط مصر، الولاية البيزنطية الأغنى، قد بات حتمياً بعد انقطاع التواصل البري بينها وبين القسطنطينية على الرغم من بقاء الاتصالات البحرية سليمة (ص 113) 

     

    ويروي ميخائيل السرياني الذي عاش في القرن الحادي عشر، سقوط مصر على النحو الآتي: سلم المصريون الإسكندرية ومسرين إلى الطائيين بعدما ضاقوا (المصريون) ذرعاً من اضطهاد الخلقدونيين لهم. وطرد سيروس البطريرك بنيامين. وسيروس هو البطريرك الخلقيدوني الذي كان ينتعل خف الأباطرة الأحمر في قدم وصندل الرهبان في الأخرى دلالة على إمساكه بالسلطتين الدينية والزمنية معاً (ص 114) 

     

    نقد الرواية: تبدو الرواية هذه متأثرة بالسرد العربي لأحداث الفتح لناحية وجود شخصية قبطية رئيسة أدت دوراً مهماً في تسليم مصر إلى العرب. لكنها تتعارض بشدة مع التاريخ شبه الرسمي للكنيسة القبطية الذي وضعه ساويروس ابن المقفع (أو ساويروس الأشمونين) بعنوان تاريخ البطاركة وجمعه من وثائق الكنيسة القبطية وأديرتها والذي يصور الفتح العربي كحدث مستقل عن إرادة المصريين (ص 115)

     

    ويقول ساويرس: فلما تمت عشر سنين من مملكة هرقل والمقوقس وهو يطلب بنيامين البطرك وهو هارب منه من مكان إلى مكان مختفياً في البيع الحصينة، أنفذ ملك المسلمين (عمر بن الخطاب) سرية مع أمير من أصحابه يسمى عمرو بن العاص في سنة تلتماية وسبع وخمسين لدقليانوس قاتل الشهدا، فنزل عسكر الإسلام إلى مصر بقوة عظيمة في اليوم الثاني عشر من بوونه وهو السادس من يونيو من شهور الروم. وكان الأمير عمرو قد هدم الحصن وأحرق المراكب بالنار وأذل الروم وملك بعض البلاد (ص 117) 

     

    ويضيف: وفي سنة تلتماية وستين لدقليانوس في شهر دكتيريوس (ديسمبر) من بعد أن ملك عمرو مصر بتلت (ثلاث سنين ملك المسلمون مدينة إسكندرية وهدمو سورها وأحرقو بيعاً كثيراً بالنار وبيعة ماري مرقس التي هي مبنية على البحر حيث كان جسده موضوعاً هناك وهو الموضوع الذي مضى إليه الأب البطرك بطرس الشهيد قبل استشهاده وبارك فيه وسلم إليه القطيع الناطق (الرعية) كما تسلمه (ص 117 , 118)

     

    لكن أسقفاً قبطياً، هو يوحنا من نيقوس، الذي يُعتقد أنه ولد في أيام الفتوحات دون بعض تفاصيل حوادث تلك الفترة التي تبقى دقتها موضع جدال. يتعين القول إن تاريخ البطاركة، مثله مثل حوليات يوحنا من نيقوس، تبدأ بسرد الأحداث منذ فترات مبكرة من تاريخ الكنيسة تاريخ البطاركة يبدأ من أيام القديس مرقس الذي تنسب الكنيسة القبطية نفسها إليه، فيما يعود يوحنا بالزمن في حوليته إلى بدء الخليقة. ويقول ه زوتنبرغ (Zonenberg) في مقدمة ترجمته للنص الأثيوبي للمخطوطة ” إن يوحنا كان شخصية رئيسة في الكنيسة اليعقوبية المصرية في النصف الثاني من القرن السابع وإنه كان مشرفاً على الرهبان في مصر العليا وشارك، بحسب ما يفيد تاريخ البطاركة في انتخاب خليفة البطريرك يوحنا من سيموند (البطريرك إسحق) (ص 119)

     

    والحق أن حوليات يوحنا من نيقوس (حالياً قرية أبشاي، مركز تلا في المنوفية) قد تكون الأكثر صراحة في تنديدها بكل ما جلبه الفتح العربي لمصر وفي سردها للمصائب التي أنزلها العرب بالأقباط، والاضطهاد الذي بدأ منذ الأيام الأولى لدخول القوات العربية إلى الأرض المصرية. غني عن البيان أن الحروب والاجتياحات العسكرية تتشارك في إلحاقها الأضرار الجسيمة بالمدنيين منذ فجر التاريخ. ولا تنقص أخبار يوحنا أو غيره الإشارات إلى العنف الذي كان السكان يتعرضون له مع كل تغيير في السلطة السياسية (ص 120) 

     

    وتبدأ رواية يوحنا عن دخول الإسماعيليين (المسلمين) إلى مصر مع ذبح هؤلاء بلا رحمة» القائد البيزنطي ثيودوسيوس وجنوده ثم احتلال البهنسا وذبح كل الأهالي وملاحقة القائد يوحنا إلى أبويت ومع التوغل العربي في مصر، تتصاعد المجازر خصوصاً في الفيوم التي فرّ منها القائد البيزنطي دومنتانوس”. وعند هذه المرحلة تبدأ الإشارات إلى بدايات تعاون المصريين مع الجنود العرب) وتبدأ أعمال عمرو بن العاص بالظهور حيث يجرد القادة الرومان من ممتلكاتهم بعد اعتقالهم ويضاعف الضرائب على الفلاحين ويأمرهم بتزويد خيوله بالعلف. ويقول يوحنا إن عمراً ارتكب ما لا يحصى من أعمال العنف، فدب الذعر بين سكان مصر الذين هربوا صوب الإسكندرية تاركين أموالهم وقطعانهم. وقام المسلمون بمساعدة من المصريين الذين تركوا إيمانهم وتبعوا إيمان هذا المخلوق الكريه (عمرو) بالاستيلاء على كل ممتلكات المسيحيين الهاربين وأعلنوا أن خدم المسيح هم أعداء الله (ص 120)

     

    وبعد دخول عمرو إلى الإسكندرية، لم يرتكب جنوده أعمال سلب ضد الكنائس. لكنه زاد الضرائب زيادة هائلة حتى باع المصريون أولادهم لدفع الضريبة. ولم يكن من معين وحط الله آمالهم وسلَّم المسيحيين إلى أعدائهم. وراحت أعداد من المصريين تنضم إلى المسلمين بعد إعلان تحولهم إلى الدين الجديد ومن بين هؤلاء رئيس دير سيناء الخلقيدوني الذي قام باضطهاد المسيحيين بعد إسلامه (ص 122)

     

    انتهت إذاً فترة السماح العربية ويات على مصر أن تكون ما هي عليه فعلاً، مستعمرة تزود المحتلين بالضرائب والجنود وأرضاً لنشر الدعوة الإسلامية. فالحادثة بين عبد العزيز والأنبا يوحنا كانت مقدمة لسلسة طويلة من الحوادث التي تشكل سلوكاً ونهجاً أكثر مما هي في الواقع انتهاكات أو تجاوزات لسياسات العهود الإسلامية (ص 131)

     

    ويتوالى الحكام الأمويون على مصر. ومن النادر أن يجد واحد منهم كلمة طيبة من الإخباريين الأقباط عنه. وكان لعبد العزيز ولد يدعى الأصبغ الأخ الأكبر للخليفة عمر بن عبد العزيز) حاز على كراهية خاصة بين الأقباط لفرضه الجزية على الرهبان في جميع أنحاء مصر (ص 132)

     

    الفصل السادس – إيران: عصر ((الغصن الحديد)) 

    تواجه كل من يريد الكتابة في التاريخ الفارسي – الإيراني الوسيط مشكلة المصادر والمراجع وعلى ندرة ما يمكن الاستناد إليه في مجال التأريخ للإمبراطوريات الفارسية الإيرانية في العصور السابقة للفتح العربي، إلا أنه يمكن الاعتماد على مجموعة من النصوص والنقوش الموضوعة باللغة البهلوية (أو الفهلوية) والتي تسمح قراطها بفهم الخطوط العريضة لمجريات وأحداث وأجواء الدول والمجتمعات التي سادت وعاشت في إيران (ص 137)

     

    ولم تكن الرحلات إلى إيران والعراق الواقع تحت سيطرة الأولى للتجارة والإقامة في كنف الملوك اللخميين والاستفادة من عطاياهم مجهولة عند العرب في الحجاز وخارجه حتى لو غطّت عليها أخبار رحلة الشتاء والصيف» الشهيرة إلى اليمن والشام. ويلاحظ المستشرق الألماني ثيودور نولدكه أن قريشاً كانت تفضّل، كمصدر للمتعة، أقاصيص نضر بن الحارث الذي تعلم الأساطير الفارسية أثناء رحلاته إلى بلاد ما بين النهرين على آيات محمد التي تروي قصص ومواعظ الأنبياء) (ص 140)

     

    وحصل التقدم العربي بعد هزيمة أولى أمام القوات الإيرانية في معركة الجسر التي أعقبتها ثلاثة انتصارات عربية كبيرة في القادسية ونهاوند وجلولاء، أدت إلى قصم ظهر الإمبراطورية الساسانية التي كانت تكابد نتائج سلسلة هزائم أمام البيزنطيين وتبعات صراعات داخل البيت الحاكم (ص 141 ) 

     

    وعن دخول العرب إيران يروي ميخائيل السرياني أن الطائيين اجتاحوا بلاد الفرس وصعد واجبل مردي من جهة راش عينا وقتلوا الكثير من الرهبان في ديري قيدار والبيض لاعتقادهم أن الرهبان جواسيس للفرس (ص 142)

     

    ويقول ميخائيل السرياني إن ابن،شهر بار از القائد الساساني الذي انشق عن جيش خسر و الثاني والتحق بهيراكليوس نجا من معركة اليرموك وانضم إلى المسلمين وقصد حمص حيث أقام، ومن بعث برسالة إلى الخليفة عمر: يطلب فيها وضعه على رأس جيش ليذهب ويفتح فارس (ص 146)

     

    وتتابع القصة أن عمراً صدق الرسالة، بيد أن بنات خسرو الثاني الأسيرات في المدينة الححن على عدم تصدیق ما قاله ابن شهر بار از وروين للخليفة ما فعل شهربار از وابنه بخسرو وأبنائه وقلن إن القائد الفارسي لا يريد سوى التمرد والاستيلاء على السلطة. فأرسل عمر إلى حمص أمراً بقتل ابن شهرباراز (الصفحة السابقة)

     

    وفي الفصول الستة الأخيرة من البونداهيشن (Bundahishn) أو كتاب الخلق، والتي يُعتقد أنها أضيفت إلى المتن مراجعة لتاريخ السلالة الكيانية، يحمل الفصل الثالث والثلاثين عنواناً هو عن الأهوال التي أصابت إيران ألفية بعد ألفية ويحتوي على المقطع الآتي: «عندما انتقلت السيادة إلى يزدجرد، حكم عشرين عاماً؛ ثم دخل العرب إيران بأعداد عظيمة. لم يتحداهم يزدجرد في معركة. بل رحل إلى خراسان وتركستان وطلب المساعدة بالخيل والرجال. وقتلوه هناك. ومضى ابن يزدجرد إلى الهند وجلب جيشاً وجنداً. ولقي مصرعه قبل الوصول إلى خراسان. ودمر الجيش والجند وبقيت إيران مع العرب. ونشروا ناموسهم ودينهم وحلوا الروابط التي أنشأها القدماء وأضعفوا الدين المزدي (٢٥). وأدخلوا استخدام غسيل المادة الملوثة ودفنها. وأكلها. ومنذ بداية الخليقة حتى اليوم هذا ما حل شرّ أسوأ من ذاك [الذي جاءوا به] وبسبب أفعالهم الشريرة اتخذ الحزن والكرب والنواح منازل [في إيران]. وبسبب ناموسهم الأشوه وإيمانهم الأثم حل الوباء والفاقة وغيرهما من الشرور (148)

     

     

    وفي الحقيقة أردت التوقف إلى هنا مازلت هناك 5 فصول في الكتاب اردت تركها للقارئ او ربما يكون لنا فيها جزء ثاني لا اريد ان اطيل عليكم اكثر من ذلك يكفي ما وصلنا اليه الان وعرفنا نظرة الشعوب المغلوبة للفتح العربي وانها لم تراه سوى شر وعقاب ومصدر للحزن وكيف تم تحريف الروايات القديمة في فترة العصر العباسي لتخدم تاريخ المنتصر ولكننا نقول ايضا ان الضوء مهما اخفيت يظهر منه شعاع ينير لنا الطريق للحقيقة وليس للزيف الذي وقع علينا او تعلمناه وسيكون لنا المزيد من الكتب في التاريخ القديم وسنعطي فيها النظرة الحقيقية للتاريخ وليست النظرة التي يكتبها المنتصر.

    ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين - تلخيص: بيشوي طلعت
    ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

    ملخص كتاب الفتوحات العربية في روايات المغلوبين – تلخيص: بيشوي طلعت

  • ملخص كتاب مجمع خلقيدونية إعادة فحص – الأب ف سي صموئيل (بيشوي طلعت)

    ملخص كتاب مجمع خلقيدونية إعادة فحص – الأب ف سي صموئيل (بيشوي طلعت)

    ملخص كتاب مجمع خلقيدونية إعادة فحص – الأب ف سي صموئيل (بيشوي طلعت)

    ملخص كتاب مجمع خلقيدونية إعادة فحص – الأب ف سي صموئيل (بيشوي طلعت)
    ملخص كتاب مجمع خلقيدونية إعادة فحص – الأب ف سي صموئيل (بيشوي طلعت)

    يمثل مجمع خلقيدونية نقطة فارقة في حياة الكنيسة فكان هذا المجمع هو اول من سطر الكلمات الاولى لانشقاق الكنيسة في العالم وقد دافع اللاهوتيين في الغرب لفترة لصالح مجمع خلقيدونية وهرطقة كل من يرفض هذا المجمع ولكن قدم الأب ف. سي. صموئيل من الكنيسة الهندية الارثوذكسية غير الخلقيدونية نظرة أكثر شمولًا من المتعارف عليه حول قبول ورفض هذا المجمع.

    بدأت الشرارة الاولى من مجمع افسس الذي عقد في سنة 431 م وادين فيه نسطور

    يقول الأب (ص 29):

    في مجال الخلاف بين التقليد اللاهوتي السكندري والأنطاكي، كان مجمع أفسس يعتبر انتصاراً حاسماً للسكندريين. ولم يقدم هذا المجمع أي تعريف عقائدي (نص إقرار إيمان، ولكنه أدان نسطوريوس أسقف القسطنطينية على أساس أن تعليمه يتعارض مع إيمان نيقية الذي أكد على أن يسوع المسيح هو الله الأبن الأزلي، الذي له ذات الجوهر الواحد مع الأب، الذي تجسد وتأنس من مريم العذراء بالروح القدس

    وكان اساس المشكلة هو ما ذكره في (ص 30) بعد اتباع كنيسة الاسكندرية لمصطلحات ابوليناريوس الذي نفى المبدأ العاقل الانساني في جد المسيح ولكنه أدين من جميع الأطراف بالهرطقة.

    يقول الأب: استمر الإسكندريون في تمسكهم. بالمصطلحات التي استخدمها ابوليناريوس، حيث احتفظوا بتعبير طبيعة واحدة” وتعبير هيبوستاسيس واحد، كما احتفظوا كذلك بتأكيدهم على أن اقوال وافعال المسيح كانت تغبيرات لأقنومه الواحد.

    وفي نفس الصفحة يقول الأب: أما الأنطاكيون على الجانب الآخر، فلم يقبلوا الأسلوب السكندري في استخدام الكلمات والتعبيرات (phraseology) والذي كان قد استخدمه مذهب أبوليناريوس

    والمشكلة التي حدثت هو عدم تكوين فكرة واضح لدى الطرفين عن الآخر.

    يقول الأب (ص 31):

    لم يكن لأي منهما فكرة حقيقية عن الآخر. فالأنطاكيون على سبيل المثال، قد يخلطون بسهولة بين التقليد السكندري والأبولينارية، والسكندريون كذلك قد لا يرون إلا عقيدة وجود ابنين في التقليد الأنطاكي

    ويعرض الأب موقف الكنيستين في ايمانهم بالشخص الرب يسوع.

    يقول (ص 39):

    كان الإسكندريون يؤمنون أن الله الأبن تجسد من العذراء مريم بالروح القدس، وفي التجسد وحد الأبن بنفسه ناسوتاً حقيقياً وكاملاً له روح عاقل خاص به. وبهذه الطريقة، قبل الله الأبن تدبير التجسد الذي فيه اتحد اللاهوت والناسوت في شخص واحد هو ربنا يسوع المسيح والطبيعتان الإلهية والإنسانية متحدتان فيه بدون أن تتغير أي منهما إلى الآخر.

    يقول عن إيمان الجانب الأنطاكي (ص 41):

    أما الأنطاكيون على الجانب الآخر، فقد كانت الفكرة المحورية في تعليمهم الخريستولوجي هي أن المسيح طبيعتين بعد الاتحاد”، ” ولكنهم في نفس الوقت لم يؤمنوا بأن المسيح كان فقط مثل أي قديس أو نبي. وقد أكد الأنطاكيون أيضًا أنه كان هناك اتحاد بين الطبيعتين، ولكنهم لم يقبلوا التفسير السكندري الاتحاد، فبينما رأى السكندريون أنه اتحاد في الهيبوستاسيس، كان الأنطاكيون يرون أنه اتحاد في البروسوبون.

    نستطيع ان نقول في هذه الجزئية ان شرارة المشكلة بدأت مع نسطور واشتعلت أكثر بسبب تعاليم ابوليناريوس.

    فيقول الأب (ص 41):

    فالحقيقة إذن أنه بعد النزاع مع الأبولينارية، سعى كل جانب من الجانبين السكندري والأنطاكي لبناء موقف خريستولوجي خاص به، ولكن لم يتفق الجانبان معاً في تفسيراتهما الخاصة

    ننتقل لجزئية اخرى من الكتاب وهو سؤال تحت عنوان لماذا عزل الباب ديسقورس. كان الحكم الأولى وربما هو الحكم الرئيسي الاكثر وضحواً على اي حال هو رفض البابا ديسقورس للمجمع اصلا.

    يقول الأب (ص 137):

    الخطأ الأول هو ” ازدراء القوانين المقدسة واحتقار المجمع، ومن الواضح أن الأساس وراء هذه التهم هو رفض البابا ديسقوروس لإطاعة الإستدعاءات الثلاثة التي أُرسلت إليه

    ويقول الأب (ص 138):

    أما الخطأ الثاني الذي جاء في حُكم العزل فكان التعديات الأخرى الذي أدنت بسببها ولكن بدون ذكر لأي من هذه التعديات. والغريب حقاً أن اجتماعاً من الأساقفة لا يذكر بوضوح واحداً على الأقل من هذه التعديات الا يعني هذا. وبالرغم من أن الجانب الخلقيدوني حاول بعد انفضاض المجمع أن يؤكد أن هناك تهمةً قد أثبتت ضد ديسقوروس – أن الاجتماع الذي اتخذ القرار لم يكن بالفعل على يقين تام من كلامه؟

    ويقول أيضًا الأب في نص قوي (ص 138):

    والحقيقة بالتالي أن كلا الخطأين اللذين ذكرهما الاجتماع في حكمه ضد البابا ديسقوروس لا يمكن التعويل أو الاستناد عليهما، لأنهما كانا في الواقع مجرد إتهامين مبهمين.

    فنجد هنا انه لا يوجد اي دليل مؤكد لاتهام البابا ديسقورس والاتهامات التي ذكرت ضده ماهي الا مجرد اقوال لا يتعول عليها وكما قال الأب (مجرد اتهامين مبهمين)

    __________________________________

    ونلقي نظرة على الايمان الخلقيدوني

    يذكر الأب (ص 338):

    بدأ تعريف الإيمان الخلقيدوني بمقدمة توضح السياق الذي كتب فيه، وبعد ذلك أورد التعريف نص قانون نيقية متبوعاً برمز (قانون) الإيمان المنسوب إلى مجمع عام،۳۸۱م، ثم أشارت الوثيقة إلى رسائل المطوب كيرلس المجمعية إلى نسطوريوس وإلى الشرقيين”، ولم تعلق على رسالة البابا كيرلس إلى نسطوريوس التي تحوي الحروم الإثني عشر، كما أشارت كذلك إلى “رسالة رئيس الأساقفة الأقدس ليو”، باعتبارها كلها وثائق إيمانية متفق عليها.

    ويقول أيضًا في (ص 338 – 339):

    وبعد ذلك ذكرت الوثيقة أن المجمع يرفض أولئك الذين. يمزقون سر التجسد إلى ثنائية في البنوة ينادون بابنين”: “أولئك الذين يجترئون أن يقولوا إن لاهوت المولود الوحيد قابل للتألم”؛ أولئك الذين يتخيلون (وجود) امتزاج أو اختلاط لطبيعتي المسيح؛ وأولئك الذين يتوهمون أن شكل العبد الذي أخذه منا هو من طبيعة مختلفة أو طبيعة سماوية”: كما أن المجمع يحرم أولئك الذين يتصورون طبيعتين للرب قبل الاتحاد وطبيعة واحدة جديدة الشكل بعد الاتحاد.

    يذكر الأب (ص 340) عناصر التقليد السكندري التي اقرها مجمع خلقيدونية وكانت تتمثل في (أن الرسائل المجمعية للقديس كيرلس هي وثائق إيمانية مقبولة، أن مجمع عام ٤٣١ م هو مجمع رسمي له سلطته (الكنسية)، أن اتحاد الطبيعتين هو اتحاد أقنومي، أن المسيح هو هيبوستاسيس واحد، وأنه واحد في ذات الجوهر مع الله الأب وواحد في ذات الجوهر معنا في آن واحد)

    ولكن للاسف لم يكن اتجاه المجمع واضحًا في هذه الاقرارات التي اقرها المجمع

    يقول الأب (ص 342):

    الحقيقة أن تعريف الإيمان لم يكن واضحاً، ويمكننا مقارنة ذلك مع كلمات مندوبي الإمبراطور في مجمع A خلقيدونية عن الرسالتان” القانونيتان لكيرلس والمعروف أنه في خلقيدونية. وكذلك في مجمع عام ٤٤٨م. تم تجاهل حروم البابا كيرلس، والإشارة الوحيدة التي وردت عليها في هذين المجمعين جاءت في مطلب أتيكوس أسقف نيكوبوليس Nicopolis) في عام ٤٥١م عندما طالب بوقت ليقارن طومس ليو مع هذه الحروم ولكن مجمع عام ٥٥٣م سار على الافتراض أن مجمع خلقيدونية قد أعلن أن تلك الحروم هي وثيقة مقبولة من المجمع، ولذلك حكم بإدانة كتابات ثيؤدوريت وإيباس. التي حاولت تفنيد تلك الحروم. واعتبرها كتابات هرطوقية

    ويقول الأب (ص 344):

    أنه لا يوجد هناك تفسير واحد متفق عليه بالنسبة لأي من العناصر السكندرية الأربعة التي تضمنها تعريف الإيمان الخلقيدوني. ومن المحتمل أن يكون بعض الأساقفة الذين ينتمون للفكر اللاهوتي السكندري. داخل اللجنة المجمعية التي صاغت التعريف. هم الذين نجحوا في وضع تلك العناصر، آملين أن يكونوا بهذا قد حافظوا على موقفهم التقليدي. ولكن يبدو أن مندوبو روما والوفود المنتمية للتقليد اللاهوتي الأنطاكي قد أخذوا معاني تلك العبارات في ضوء التفسير الأنطاكي المجمع عام ٤٣١م وصيغة إعادة الوحدة عام ٤٣٣م

    __________________________________

    نقد القديس ساويرس الانطاكي للجانب الخلقيدوني

    في ضوء التقليد (ص 374):

    لقد أقر البطريرك ساويروس أنه من الممكن أن نجد دليلا على استخدام تعبير طبيعتين في أعمال الآباء الأولين، ولكنه دفع بأن استخدام أولئك الآباء لم ينطوي على أي فكرة للتقسيم؛ ولكنهم كانوا يقصدون فقط من ذلك أن المسيح هو إله وإنسان في آن واحد. ومع ذلك فمنذ ظهور النسطورية تغيرت الأمور تماماً، فتم استبعاد التعبيرات غير المحددة والبريئة التي كانت تُستخدم في الماضي (قبل ظهور النسطورية)، وتم ترسيخ تقليد لاهوتي مؤسس على قانون الإيمان النيقاوي حسبما أكده وفسره مجمع عام،۳۸۱م، ومجمع عام ٤٣١.

    ويقول الأب (ص 376 , 377):

    أوضح البطريرك ساويروس في كتابه محب الحق أمرين رئيسين، أولاً أكد على أن مؤلف الكتاب الخلقيدوني بذل جهده مبدأ وجود في وضع الكتاب وهو متوهم أن الجانب غير الخلقيدوني لا يقبل اختلاف بين اللاهوت والناسوت في المسيح الواحد، وهذا ليس بالأمر الصحيح على الإطلاق ” لأننا بالفعل لا نقول أن الله الكلمة قد تغير إلى إنسان مكون من جسد وروح، ولكننا على العكس من ذلك تعترف أنه بينما يظل كما هو، وحد بنفسه هيبوستاسياً (أقنومياً) جسداً له روح عاقل، ” وبالتالي فإن اتحاد الطبيعتين لم يؤثر على حقيقة وكمال وسلامة أي من الطبيعتين اللتين استمرتا بصورة ديناميكية ” في المسيح الواحد. وقد اتفق الأباء على هذه النقطة بدون الإقرار ب طبيعتين بعد الإتحاد وبالتالي لا يكون ضرورياً بأي حال من الأحوال استخدام عبارة “في طبيعتين من أجل التأكيد على تلك الفكرة، ويكون إدعاء الخلقيدونيين أن البابا كيرلس قد سبق المجمع (في قوله هذا ليس له أساس من الصحة.

    وبعد عرض دفاع القديس ساويرس الذي يحتاج لمقال خاص به يقول الأب (386): ولم تكن حجج البطريرك ساويروس التي ساقها ضد مجمع خلقيدونية. كما ذكرنا قبلا. هي نتيجة تمسكه بهرطقة المنوفيزايت أو هرطقة الطبيعة الوحيدة، ولكن أي واحد في القرنين الخامس والسادس من الذين تربوا على التقليد السكندري. وغير منساق في الدفاع عن مجمع خلقيدونية – كان يستطيع أن يتبنى بسهولة نفس وجهة النظر التي تمسك بها البطريرك ساويروس

    _______________________________

    وحتى لا نطيل أكثر لنأتي للخلاف حول معنى لفظ طبيعة واحدة وطبيعتين

    معنى طبيعة واحدة (ص 459):

    أن كل قادة الجانب غير الخلقيدوني قاموا بالدفاع عن عبارة “طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة”، ومن الواضح أيضًا أنهم وبينما هم يفعلون ذلك لم يتجاهلوا (أو ينكروا) ناسوت المسيح. وعلى سبيل المثال، نجد أن البابا ديسقوروس يؤكد أن المسيح طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة، ولكنه يصر في نفس الوقت على أنه يتركب من اللاهوت والناسوت، وأنه في المسيح الواحد استمرت الطبيعتان بدون اختلاط أو امتزاج من ناحية وبدون تقسيم أو انفصال من الناحية الأخرى.

    وبكلمات أخرى، كانت الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة هي نفسها نتيجة لاتحاد الطبيعتين اللتين كانتا حقيقيتين بلا أي تقسيم أو اختزال في المسيح الواحد. ولهذا فبالنسبة للبابا ديسقوروس، لم يكن هناك محل للتساؤل الخاص بمن من الطبيعتين قد أُبعد أو أُهمل.

    رأي القديس ساويرس الأنطاكي (ص 463): المعنى الحقيقي المقصود في عبارة “طبيعة واحدة متجسدة”. فالطبيعة المتجسدة هي واحدة” ليس بسبب أن الطبيعتين قد تقلصتا إلى طبيعة واحدة بسيطة، ولكن بسبب أن “التقاء الطبيعتين. بدون اختلاط – في وحدة، أي للشخص الواحد، هو دلالة على الوجود المتزامن لكليهما معاً”. ولا تتضمن صيغة “طبيعة واحدة” أي اختزال (لأي من الطبيعتين)، ولكن هي فقط للتأكيد على الوحدة التي أحدثها التقاء الطبيعتين معاً.

    ومعنى طبيعتين

    يقول الأب (ص 471):

    كانت الفكرة من وراء عبارة “من طبيعتين” هي التأكيد على أن “الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة” تتركب (composed) من طبيعتين

    ويقول أيضًا (ص 474):

    ويتضمن تعبير “من طبيعتين” فكرتين أساسيتين: أولا، هو يؤكد أن “من طبيعتي اللاهوت والناسوت، اللتين كل منهما كاملة بحسب أصل مبدأها (جوهرها)، ظهر عمانوئيل بكونه واحداً، بكونه طبيعة واحدة أو هيبوستاسيس واحد لله الكلمة”. وهكذا صار اللاهوت والناسوت بالفعل معا في واحد، وبالضبط كما أن اللاهوت دخل في الإتحاد من خلال الله الأبن، فإن الناسوت صار في الإتحاد في حالة مخصخصة متفردة

    والاجماع بين الاثنين مع الخلاف على اسلوب التعريف لطبيعة المسيح

    يقول الأب (ص 483):

    يعترف كل من اللاهوتيين الخلقيدونيين وغير الخلقيدونيين بأن يسوع المسيح هو “هيبوستاسيس واحد”، رغم أنهما لا يتفقان في تفسير ماهية الهيبوستاسيس الواحد. والهيبوستاسيس الواحد (للمسيح) عند اللاهوتيين غير الخلقيدونيين هو هيبوستاسيس مركب وهم يعتبرون أن عبارة “هيبوستاسيس واحد مركب” هي مرادف لعبارة “طبيعة واحدة مركبة”. أما الجانب الخلقيدوني على الأقل في الشرق فيفصل بين العبارتين. ونجد أن يوحنا الدمشقي. على سبيل المثال يفضل عبارة “هيبوستاسيس واحد مركب وليس عبارة “طبيعة واحدة مركبة.

    الخلاصة

    في الحقيقة يعتبر الكتاب مرجع هام جدا في مسئلة الخلاف الخلقيدوني فالكتاب يقع في 649 وكل ما ذكر منه هنا هو فقط مقتطفات من اجل ان يكون للقارئ وجهة نظر عن هذا الخلاف ربما يكون لنا جزء ثاني مع هذا الكتاب ولكن الاهم من هذا ان نكون على صورة واضحة ان هذا الخلاف الذي حدث ما هو الا مشكلة في استخدام الالفاظ على كيفية التعبير عن طبيعة المسيح وليس الخلاف على طبيعة المسيح في حد ذاتها.

     

    قرارات مجمع خلقيدونية المتصلة بالإيمان ج1

     

    وللرب المجد الدائم امين

    ملخص كتاب مجمع خلقيدونية إعادة فحص – الأب ف سي صموئيل (بيشوي طلعت)

  • قرأنا لك كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيهه – موسى بن ميمون – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيهه – موسى بن ميمون – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيهه – موسى بن ميمون – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيهه - موسى بن ميمون - بيشوي طلعت
    قرأنا لك كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيهه – موسى بن ميمون – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيهه – موسى بن ميمون

    كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيهه من أن يكون جسما أو قوة في جسم من دلالة الحائرين – للفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون

    لقراءة الكتاب كاملًا: كتاب المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزهه

    المقدمة

    علم الفلسفة لا يقتصر فقط على مجرد قول بعض الجمل المنطقية أو العميقة بل هو علم له فروع وكان الهدف الرئيسي منه هو السؤال عن كيف نشاء العالم وطبيعة الخلق وأيضًا الخالق وكان يصل الأمر إلى نقد النصوص الدينية مثل نقد أفلاطون للملاحم الهوميرية ورفض وضع بعض تعاليم الشاعر هوميروس مؤلف الإلياذة والاوديسة ورفض أن تكون في مدينته الفاضلة وكذلك أرسطو الذي كان رائد في التحليل والمنطق وانتقد فكرة الخلق وقال بأزلية العالم.

    وليس فقط في اليونان القديمة بل كان أيضًا في مصر القديمة كان هناك فلاسفة وأيضًا في المسيحية فكان أباء الإسكندرية فلاسفة من الطراز الرفيع وكان العلامة أوريجانوس زميل أفلوطين (رائد المدرسة الأفلاطونية الحديثة) في الدراسة وأيضًا هناك من التاريخ الكنسي من ليسوا مشهورين أمثال جون فيلوبونوس الفيلسوف السكندري في القرن الخامس الذي كان يرد على نقد أرسطو وهناك الكثير في التاريخ المسيحي وتاريخ العالم القديم من المصريين أو بلاد فارس أو الشام والإغريق الذين حملوا راية الفلسفة

    وكان أيضًا لليهود حظ في الفلسفة ولدينا كتاب من أحد هؤلاء الفلسفة اليهود المعروف باسم موسى بن ميمون وكان من فلاسفة القرن الثاني عشر وكتب كتاب عنوانه المقدمات الخمس والعشرون في إثبات وجود الله ووحدانيته وتنزيه من أن يكون جسما أو قوة في جسم من دلالة الحائرين

     

    ملحوظة مهمة: شرح تلك المقدمات الفيلسوف بن محمد التبريزي في القرن الثالث عشر الميلادي

    وليس شمس الدين التبريزي الذي كان المعلم لجلال الدين الرومي هذا شاعر والآخر فيلسوف.

     

    ما معنى أن الله واحد؟

    في البداية ينظر للواحد على انه رقم عدد أي حين نقول واحد يخطر في أذهاننا أن يكون الواحد محصور في رقم فقط يزاد عليه وينقص منه مثال على ذلك قولنا ١ + ١ = ١ أو ١ – ١ = صفر ولكن في المفهوم الفلسفي الواحد لا يقتصر فقط على أن يكون رقم بل له معنى كثيرة.

     

    يذكر الفيلسوف موسى بن ميمون في الصفحة رقم 29 تعريف الواحد كالآتي:

    بيان أنه تعالى واحد. واعلم أن لفظة الواحد لها معان كثيرة، إلا أنا تريد منها في هذا الموضع ثلاثة فالأول: أنه تعالى واحد بمعنى أن ذاته غير قابلة للقسمة إذ ليس له أجزاء تجتمع فتتقوم بها ذاته ؛ لا أجزاء كمية، ولا أجزاء معنوية، سواء كانت كالمادة والصورة، أو كالجنس والفصل، وبالجملة على وجه يكون أجزاء القول الشارح لمعنى اسمه، يدل كل واحد منها على شيء هو في الوجود غير الآخر، والثاني: أنه تعالى واحد في نوعه أي ليست حقيقته حاصلة لغيره، والثالث: أنه تعالى واحد في وجوب الوجود أي ليس في الوجود موجود آخر غيره، يكون واجبا لذاته، بل ليس ولا يمكن أن يكون موجود آخر في رتبة وجوده، وهي رتبة الواجبية، فالواجب لذاته هو لا غير.

     

    إذا تعريف أن الله واحد عند الفيلسوف موسى بن ميمون يختصر في (أن الله لا ينقسم أي ليس مكون من أجزاء كمية أو معنوية، الله متفرد بطبيعته لا يوجد شبيه له، الله هو الوحيد الواجب الوجود)

     

    ومن هنا نستفيد أن الرد على مسألة كيف يكون الله واحد في ثالوث أو كيف ١ + ١ + ١ = ١ هو أن المتكلم بمثل هذه المسألة يحصر المعنى الواحد فقط في رقم ولكن في الفلسفة الواحد له أكثر من معنى غير عملية الجمع البدائية التي يطرحها الحائرين.

     

    لماذا الله ليس له جسد؟

    في التاريخ القديم نجد أن وصف الآلهة مشابه جدا لوصف الكائن البشري أن لها جسدًا وتحارب وتموت وتأكل وتتناسل الخ… ولكن كان للفلاسفة أيضًا نقد لمثل هكذا صورة أمثال الفيلسوف بارمينيدس فيلسوف يونان من قبل الميلاد (بارمينيدس 515 – 440 ق. م) الذي تتلخص أفكاره في أن الوجود واحد وهو أرفع الموجودات السماوية والأرضية، إنه ليس مركباً على هيئتنا أو مفكراً مثل تفكيرنا، لا متحركاً بل ثابتاً يحرك الكل بعقله (راجع كتاب تطور الفكر الفلسفي – عبدلله شمت – ص 59)

     

    وأيضًا الفلاسفة المسيحيين أمثال القديس أثناسيوس الذي قال: لا يمكنهم أن ينسبوا للآلهة آراء البشر، كما لا يستطع أحد أن ينسب للماء خاصيات النار، لان النار تحرق بينها طبيعة الماء بالعكس باردة (رسالة إلى الوثنين – الفصل السادس عشر – الفقرة الثالثة).

    وكان على نفس المنوال موسى بن ميمون فنقرأ من الصفحة 45:

    لو كانت الأجسام غير متناهية في العدد لكانت غير متناهية في المقدار برهانه أن فساد التالي يدل على فساد المقدم. بيان الشرطية أن كل جسم له مقدار ما فاذا زدنا عليه جسما آخر كان مجموع مقدارهما أعظم مما كان قبل الزيادة.

     

    هنا يرفض موسى بن ميمون فكرة أن يكون لله جسد لأنه بكل بساطة لو كان الله جسد كان سيكون له حد ومقدار والله في طبيعته ليس له حد أو مقدار يزاد عليه أو ينقص منه وهذا ما أكده الكتاب المقدس في قوله إن الله روح (يو 4: 24) وأيضًا إن الله غير محدود (مز 139: 7) وهكذا الله ليس له جسد لان الله ليس له حد أو مقدار

     

    في أن الله غير متغير

    يذكر بن ميمون في صفحة رقم 48 أربع مقولات للتغير:

    في مقولة الجوهر، وهذا التغير الكائن في الجوهر هو الكون والفساد. ويوجد في مقولة الكم، وهو النمو والاضمحلال. ويوجد في مقولة الكيف، وهو الاستحالة. ويوجد في مقولة الأين، وهو حركة النقلة، وهذا التغير في الأين يقال له الحركة على الخصوص.

     

    ولكن بالنظر لطبيعة الله لا نجدها تتغير حتى نقول إن جوهر الله متغير أو متأثر وهذا ما أكده الرب نفسه بقوله (لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ (ملا 3: 6) إِنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ.” (مز 121: 4) الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ.” (يع 1: 17) ولكن لو كان لله جسد ومحدود يصبح متغير من شيء لشيء أخر.

     

    طبيعة الله مختلفة عن طبيعة المخلوقات

    كان القديس أثناسيوس قد رد مسبقا في رسالته إلى الوثنين على فكرة أن الكون هو الخالق أو طبيعة الله مثل طبيعة المخلوقات واتبع في خطاه أيضًا الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون

    ويقول العلامة أثيناغوراس الأثيني 190م: لأننا نستخدم لغة تميز بين الله والمادة وطبيعتي الاثنين. لأننا إذ نعترف بإله وابنه كلمة الله والروح القدس متحدان في الجوهر – الآب والابن والروح لأن الابن هو عقل الآب وعقله وحكمته والروح تدفق، كنور من نار (ANF, Vol 2. P , 315)

     

    نجد في الصفحة رقم 85 من الكتاب يقول:

    اعلم أن كل ماله سبب فانه باعتبار ذاته ممكن الوجود والعدم لأنه إن لم يكن ممكن الوجود أو العدم نظر إلى ذاته فأما أن يكون واجب الوجود لذاته أو ممتنع الوجود لذاته لأنه لا واسطة بين الوجود والعدم فاذا لم يكن قابلا لما كان أحدهما متعينا إما الوجود أو العدم، فان كان الأول فهو واجب الوجود لذاته، وإن كان الثاني فهو ممتنع الوجود لذاته

     

    تعريف ممكن الوجود أي انه لم يكن موجودا ثم وجود وفي النهاية يتجه للعدم مثل الكون، الكون لم يكن موجودا ثم وجود وفي النهاية الكون سينتهي ولكن طبيعة الله مختلفة.

     

    فالله واجب الوجود: أي أن من طبيعته أن يكون موجود غير مخلوق سرمدي مثلما قال الرب يسوع عن ذاته (أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ (رؤ 1: 17)

     

    او عدم: بمعنى انه غير موجود أصلا وهذا لا ينطبق على الله فهو موجود وسيكون لنا ملخص لاحد الكتب في هذا الموضوع.

    طبيعة الله غير مركبة

    في الحديث عن الثالوث نجد أن الآباء اجمعوا على أن ولادة الابن من الآب ليست إضافة إلى جوهر الله أو قطع من جوهر الله

     

    يقول كيرلس الكبير:

    نحن حقاً نكون آباء لأولادنا بالتدفق والتجزئة. المخلوق الذي يولد، يقطع ويكتسب وجوداً مستقلاً يحفظه على الدوام. لكننا لا نقول عن الابن إنه ولد بهذه الطريقة من الله الآب (ضد الذين يتصورون أن الله هيئة بشرية – المقال 18 – ص 92)

     

    وهذا أيضًا أكده الفيلسوف موسى بن ميمون في الصفحة رقم 87 من الكتاب:

    اعلم أن كل ماهية تكون مركبة من جزأين أو أكثر من ذلك فانه يجب أن تكون ممكنة الوجود والعدم لذاتها، فلا يكون واجب الوجود لذاته مركبا أصلا، بل يجب أن يكون واحداً بسيطا منزهاً عن أنحاء التركيب.

    ونعرف معنى المركب هو من يتكون من طبيعيتين مثال السيد المسيح شخص الرب يسوع من طبيعة ناسوتية وطبيعة الهيه مركب من طبيعتين وليس طبيعة واحدة بسيطة مثلما قال يوطيخوس أن اللاهوت ابتلع الناسوت.

    ولكن في طبيعة جوهر الله لا يوجد تركيب بل طبيعة الثالوث واحد في الجوهر

    يقول العلامة أوريجانوس: ولما كانت هذه الحكمة مماثلة لذاك الذي هو وحده ابن بالطبيعة، فإنها دعيت ابناً وحيداً (المبادئ – ص 89)

    أي أن طبيعة الابن والآب وأيضًا الروح القدس من نفس الجوهر وليس أقنوم اكل من أقنوم وهكذا لا يوجد في الله تركيب وكما قال موسى بن ميمون الفيلسوف تظل الطبيعة الإلهية بسيطة

     

    الخلاصة

    نستطيع القول إن طبيعة الله متفردة وغير محدود غير قابلة للتغير وغير مركبة ولا تتجزأ وغير مخلوقة ولا تحصر في رقم مثل الرقم واحد يضاف إليه وينقص منه.

    وللرب المجد الدائم أمين

  • قرأنا لك كتاب الاحتكام للاباء للدكتور جورج فرج – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب الاحتكام للاباء للدكتور جورج فرج – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب الاحتكام للاباء للدكتور جورج فرج – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب الاحتكام للاباء للدكتور جورج فرج - بيشوي طلعت
    قرأنا لك كتاب الاحتكام للاباء للدكتور جورج فرج – بيشوي طلعت

    قرأنا لك كتاب الاحتكام للاباء للدكتور جورج فرج – بيشوي طلعت

    في الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية كتب الآباء لا تقل أهمية عن النصوص الكتابية لأنها تحوي هي أيضا تقليد رسولي ولكن هناك مشكلة صغيرة ولكنها تؤثر بشكل كبير وهي كيف نتعامل مع تلك الكتابات الآبائية وكيف لاب من أباء الكنيسة المشهورين أن يقول راي مخالف أو حتى يهرطق وفوق كل هذا لماذا نأخذ بأقوال الآباء أصلا!!

    قدم الدكتور جورج فرج كتاب في 7 فصول كان تحت عنوان الاحتكام للآباء واخترت هذا الكتاب لأنه بسيط في أسلوب سرده وقوي في طرحه وهذا ما يحتاجه أي شخص يدرس كتابات الآباء كبداية وهو بساطة السرد وقوة الطرح وبالطبع لن اخذ كل السبع فصول بل سآخذ مقتطفات للرد على الأسئلة التي تثار حين ندرس الآباء.

    السؤال الأول المطروح، أهمية كتابات الآباء؟

    يرد الدكتور في الصفحة رقم 11 من الكتاب ويقول: ترجع أهمية كتابات الآباء في أنها تقدم تراثًا أصيلاً وأمينا للإيمان المسلم مرة للقديسين، ولذلك فهي المرجعية التي نحتكم إليها، فمن انه عند حدوث اختصام بين شخصين أو جماعتين يكون الاحتكام لطرف ثالث هو الحكم فيما بينهم.

    إذا فكتب الآباء في حد ذاتها هي حكم للحل بين المتخاصمين في مسألة عقائدية مهمة وهذا يذكرني بقول القديس أثناسيوس الرسولي:

    إن جميع الذين اخترعوا الهرطقات الخبيثة، كانوا يستشهدون بالكتاب المقدس! لكنهم لم يتمسكوا بالآراء التي سلمها القديسون، بل اعتبروها مجرد تقاليد الناس” (رسالة فصحية 6:2)

    فحتى إذا اختلف شخصين في تفسير نص كتابي يكون الاحتكام للتسليم الآبائي هو الحل لفض هذا الخلاف.

    السؤال المهم هنا لمن نرجع؟ للآباء أم الإنجيل؟؟

    وربما هذا السؤال هو سبب الكثير من الخلافات هل نأخذ بقول الناس أم بقول الإنجيل؟ من هو الأصح؟

    يرد الدكتور في الصفحة رقم 12 من الكتاب ويقول:

    هذا يحدث الخطأ عند عقد مقارنة بين شيئين ليسا من نفس التوعية، فالآباء لم يقدموا إنجيلاً مغايرا لإنجيل المسيح حتى نضطر للمفاضلة بينهما فيمن تتبع، بل أن الآباء هم الذين أناروا لنا البشارة في ضوء تفسيرهم للإنجيل.

    ويقول في الصفحة رقم 13:

    والمفهوم الخاطئ للوحي الإلهي جعل البعض يتخيل أن الكنيسة هي صنيعة الكتاب المقدس وهذا خطأ، فالكتاب المقدس هو وليد الكنيسة الذي قامت بإنتاجه وليس العكس، فالكنيسة ممثلة في رجالاتها القديسين من أنبياء ورسل وإنجيليين هم الذين قدموا لنا الكتاب المقدس الذي تكون في حضن الكنيسة، فالآباء هم الذين حددوا أسفار الكتاب ووضعوا قانونه وبينوا لنا أسماء كُتّابه، وقاموا بشرحه.

    ويقتبس الدكتور في نفس الصفحة من القديس أثناسيوس اقتباس هام في هذه النقطة يقول:

    دعونا ننظر إلى تقليد الكنيسة الجامعة وتعليمها وإيمانها الذي هو من البداية والذي أعطاه الرب وكرز به الرسل وحفظه الأبناء وعلى هذا الأساس تأسست الكنيسة، ومن يسقط منه أي من تقليد الكنيسة فلن يكون مسيحيا ولا ينبغي أن يدعى كذلك فيما بعد (الروح القدس – القديس أثناسيوس – الرسالة الأولى – فقرة 28)

    إذا فالمنظور لدينا هو أننا نقرأ الكتاب المقدس بالشروحات الآبائية التي اعتمدت على التقليد المسلم من الأقدمين فالآباء لم يقدموا إنجيلًا مختلف بل شرحوا الإنجيل باستنارة الروح القدس.

    ويقول الدكتور في الصفحة رقم 14: كتبوا باستنارة من نفس الروح القدس حتى يوضحوا لنا كلمة الوحي المقدس، ومن ثم فإن إيمان الكنيسة بالفعل الدائم للروح القدس في الكنيسة يتحقق من خلال أباء الجوري فريد الكنيسة وما قدموه من كتابات باستنارة الروح القدس.

    هل كتابات الآباء معصومة؟

    هذا سؤال هام أيضا ولكن في الحقيقة الآراء الفردية ليست معصومة.

    يقول الدكتور في الصفحة رقم 14: فنحن غير ملتزمون بتعاليم خاصة لأب معين من الآباء مهما علا شأنه، فللآباء أخطاء بلا شك إنما تتبع إيمان الكنيسة الذي صاغه إجماع الآباء.

    وتعاليم الآباء تحتكم الي شرطين يقول الدكتور في الصفحة رقم 15:

    نحن ملتزمون بإجماع الآباء فيما يخص إيمان الكنيسة وعقيدتها ومن هذا نستنتج شرطين وهما:

    • الإجماع وليس الرأي الفردي لأي أب
    • أن يكون الأمر متعلق بعقيدة الكنيسة وإيمانها وليس أي أمر تحدث فيه الآباء

    فأباء الكنيسة قد تطرقوا الموضوعات تخص زمنهم وعصرهم، وأراءهم في تلك الأمور ليست معصومة ولا ملزمة لنا

    السؤال الرابع هل احتكم أباء الكنيسة الأولى للآباء الذين هم أقدم منهم؟

    نعم قد احتكم الآباء لمن هم أقدم منهم ويقول الدكتور في الصفحة رقم 20:

    فيقول عن القديس أثناسيوس في دفاعه عن قانون مجمع نيقية يلجا للآباء السابقين ويقدم اقتباسات من ٦ أسماء شهيرة لأباء ومعلمين سابقين هم ثيؤغنسطس ديونيسيوس السكندري، ديونيسيوس الروماني، أوريجانوس، ليؤكد أن صياغة مجمع نيقية لتعبير هموؤسیوس ليست من ابتكار المجمع.

    وليس هذا فقط بل في الصفحتين 20-21 يقتبس من القديس أثناسيوس والقديس كيرلس عمود الدين التأكيد على أهمية الرجوع للآباء.

    يقول أثناسيوس الرسولي:

    ها نحن نثبت أن هذا الفكر قد سلم من أب إلى آب أما أنتم فيها اليهود الجديد وتلاميذ قيافا كم عدد الآباء الذين يمكن أن تنسبوهم لتعبيراتكم؟ ليس حتى واحد ذو فهم وحكمة، لأن الجميع بمفتونكم إلا الشيطان وحده

    ويقول كيرلس الكبير:

    ونحن لا نسمح بأي صورة من الصور لأي شخص أن يهز الإيمان المحدد، أي قانون الإيمان المحدد بواسطة الآباء القديسين الذين اجتمعوا في نيقية في الأزمنة الحرجة. وبكل تأكيد أيضا أننا لا نسمح سواء لأنفسنا أو لآخرين أن تتغير كلمة فيه أو أن يحذف منه مقطع واحد، متذكرين الذي قال: “لا تنقل التخم القديم الذي وضعه آباؤك.

    فنجد أن الأساس في الكنيسة الأولى كان الاحتكام للإجماع والتسليم الآبائي.

    حين نتعامل مع كتابات الآباء يجب أن نأخذ في الاعتبار النقاط التالية:

    في الصفحة 25 يضع الدكتور ثلاث مشكلات يجب أن نقف عندها حين نتعامل مع كتابات الآباء:

    • مشكلة اللغة: فالآباء الشرقيون قد كتبوا باللغة اليونانية وبها قد كتب معظم تراثهم بخلاف بعض اللغات الشرقية الأخرى مثل السريانية والقبطية والأرمينية وغيرها من اللغات أما في الغرب فكتب الآباء باللغة اللاتينية
    • مشكلة الحضارة والثقافة: فعند قرأت كتابات الآباء يصطدم القارئ بثقافة مغايرة تمامًا فتجد الآباء مثلا يتحدثون عن نظم العبودية المختلفة ويستوحي بعض أمثلتهم وتشبيهاتها من واقع الألعاب الأولمبية وحلبات المصارعة الخ.
    • مشكلة نوعية الأدب التي قدموا فيها كتابتهم شعر حوار، سؤال وجواب سيرة قديس أقوال نسكية مأثورة الخ. ولكن في كل حال تلك النقاط يكون لها حل.

    كيف نعتبر أن هذا الشخص هو أب نأخذ منه تعاليم؟

    قدم الدكتور من الصفحة 27 الي الصفحة 31 أكثر من شرط تتبعه الكنائس وتتمثل الشروط في (أرثوذكسية العقيدة، قداسة السيرة، القبول الكنسي، الأقدمية)

    ويتم تقسيم الآباء حسب الموقع الجغرافي ويذكر الدكتور في الصفحة رقم 32 من الكتاب

    نلاحظ أن قائمة الآباء المذكورة في تحليل الخدام هي كلها لآباء شرقيين وهم من كتبوا باللغة اليونانية ولا يوجد أي واحد منهم من الآباء الغربيين الذين كتبوا باللاتينية، وبالطبع فهذا أمر طبيعي حيث تهتم كل كنيسة بآبائها، ويأتي في المرتبة التالية الآباء في الكنائس الأخرى الذين كتبوا بنفس اللغة المتداولة عندهم.

    أسلوب التفسير لدى الآباء

    ينقسم أسلوب التفسير الي ثلاث (مدرسة الإسكندرية، مدرسة انطاكية، المدرسة اللاتينية)

    أسلوب تفسير مدرسة الإسكندرية في الصفحة رقم 48 يقول الدكتور:

    المنبع الفكري الأساسي لهذه المدرسة هو الثقافة والفلسفة اليونانية لأفلاطون، التي تأدب بها رواد هذه المدرسة، ومن ثم حاول شراحها التقريب بين الفلسفة اليونانية والإيمان المسيحي، وقد تبنوا التفسير الرمزي للكتاب المقدس كمحاولة لتوفيق بين الاثنين

    يذكر الدكتور في الصفحة رقم 51 أسلوب تفسير مدرسة انطاكية:

    وقد تأثر رواد هذه المدرسة بالتفسير الرابوني وذلك لأنهم تناقلوه من الجماعة اليهودية التي كانت في انطاكية، وذلك على عكس مدرسة الإسكندرية التي أخذت من يهود الشتات المتأثرين بالحضارة الهللينية وفلسفة أفلاطون بينما مدرسة انطاكية تأثرت بالأكثر بفلسفة أرسطو وقد هاجم مفسري انطاكية مثل تيودور الموبسوستي التفسير الرمزي لمدرسة الإسكندرية، واستمسك مفسري انطاكية بالتفسير الحرفي التاريخي.

    وفي نفس الصفحة يقول عن التفسير الغربي:

    وهم الآباء الذين كاتبوا باللغة اللاتينية في كنيسة روما، وهذه المدرسة قد أخذت من كلا من مدرستي الشرق الإسكندرية وأنطاكية ونوعت ما بين التفسير الرمزي الإسكندري والتفسير الحرفي العلماء أن هذه المدرسة لم تستنبط نمط التاريخي لأنطاكية.

    ويري تفسير جديد بالمزج بين مدرستي انطاكية والإسكندرية بل أنها تأرجحت ما بين المدرستين فأحيانًا يقدم المفسر التفسير الرمزي وأحيانًا أخري يعرض التفسير الأخر الحرفي. غير أن هذه المدرسة أعطت اهتمام خاص لمسألة السلطان الكنسي في التفسير ومن أبرز رجال هذه المدرسة: القديس جيروم والقديس أغسطينوس.

    وهذه كانت مقتطفات مهمة من الكتاب. بالطبع الكتاب يقع في 129 صفحة ولكننا لم نأخذ كل فصوله بل أخذنا فقط ما يساعد الشخص الجديد في علم الآباء على فهم طبيعة الآباء وهناك أكثر قادم.

    وللرب المجد الدائم أمين

  • قرأنا لك: عندما لا تمطر السماء (2) – فيليب يانسي – أ/ أسعد حنس

    قرأنا لك: عندما لا تمطر السماء (2) – فيليب يانسي – أ/ أسعد حنس

    قرأنا لك: عندما لا تمطر السماء (2) – فيليب يانسي – أ/ أسعد حنس

    عندما لا تمطر السماء
    عندما لا تمطر السماء

    الجزء الأول

    تكوين12 يوضح تغيير هائل. فلأول مرة منذ أيام آدم، تقدم الله لا ليعاقب، بل ليُطلق حركة خطة جديدة للتاريخ البشري. إذ قال الله لإبراهيم صراحة “فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَة وَأُبَاركُكَ وَأُعَظِّمْ اسْمَكَ، وَتَكُونُ بَرَكَةٌ… وَتَتَبَارَكْ فِيكَ جَمِيع قَبَائِل الأَرْضِ”. يبدأ الله بجنس جديد مفروز عن الآخرين جميعًا، قَبِلَ إبراهيم وعود الله وغادر دياره مهاجرًا إلى بلاد كنعان. ولكنه أحس بخيبة أمل مرة بالله، فرغم أنه شهد معجزات وأضاف ملائكة في بيته وشاهد رؤى غامضة، ولكن خيَّمَ الصمت المحير سنوات طويلة، فرغم أن الله أمره بأن يمتلك الأرض إلاَّ أنه وجد كنعان جافة وأهلها يهلكون جوعًا، فهرب إلى مصر. ورغم أن الله قال له أن نسله مثل نجوم السماء لا يُحصى إلاَّ أنه في سن الخامسة والسبعين ظل يأمل في خيمة ملئى بأصوات أولاد يلعبون، ولمَّا لم يحدث فعند بلوغه سن الخامسة والثمانين؛ نفذ خطة دعم مع أمَّة عنده، ولما بلغ التاسعة والتسعين بدا الوعد يظهر ولما برر الله له ذلك، ضحك إبراهيم في حضرته وصار أيضًا التي كان لها من العمر تسعون. لقد كانت ضحكة سخرية وألم أيضًا، وأخذ الله يراقبهما وهما يطعنان في السن حتى الشيخوخة، ماذا أراد الله من ذلك؟ لقد أراد الله إيمانًا وكان ذلك هو الدرس الذي تعلمه إبراهيم أخيرًا. إذ تعلم أن يؤمن لمَّا لم يبقَ سبب يدعو إلى الإيمان، إنه الإيمان المنافي للمنطق.

    تكرر نفس النموذج مع اسحق؛ إذ تزوج بامرأة عاقر، وحذا حُذوه ابنه يعقوب فهما أيضًا اختبرا وهج الإعلان الإلهي الذي مالبث أن أعقبه زمان انتظار قاتم وموحش ماكان ليملأه شيء سوى الإيمان، هذا الإيمان هو ما ثمَّنَه الله، وسرعان مابات جليًّا أن الإيمان هو أفضل طريقة يعبر بها البشر عن حبهم لله.

    هناك تغييرًا ملحوظًا في كيفية تواصل الله مع خاصته. فأول الأمر ظلَّ على مقربة منه، ماشيًّا في الجنة معه، معاقبًا خطاياهم الفردية، متكلمًا إليهم مباشرة، متدخلاً في أمورهم دائمًا، ولكن في زمن يعقوب كانت الرسائل أكثر غموضًا بكثير، حُلم ملغز ظهر فيه سلم، ومباراة مصارعة حتى الفجر، وفي آخر سفر التكوين، تلقى رجل اسمه يوسف الإرشاد بأكثر الطرق فجائية وغرابة فتكلم الله إلى يوسف بوسيلة تمثلت بأحلام فرعون مصري مستبد. فقد فسر حلمًا لإخوته، فرموه في بئر وصدَّ مراودة جنسية، فزُجَّ في سجن مصري وهناك فسَّر حلمًا آخر لإنقاذ حياة سجين زميل إلاَّ أنه نسيه. فهل خطرت في بال يوسف أسئلة مثل:

    هل الله ظالم؟

    أهو صامت؟

    أهو مختبئ؟

    أُفتتح سفر الخروج بجمهور من بني إسرائيل يكدُّون ويكدحون عبيدًا تحت إمرة فرعون معادٍ لهم، ولكن خلال 400 سنة لم نسمع قط عظة مما يؤكد مشاعر الخيبة عند الشعب خلال تلك الفترة فلا شكَّ أن العبيد العبرانيون في مصر شعروا بخيبة أمل شديدة من جهة الله حتَّى أصبح وعد الله وقسمه لإبراهيم ثم اسحق ثم يعقوب كحكاية خيالية. 400 سنة من الصمت. وجاء موسى فأولاً، ظهر الله في علِّيقة ملتهبة، معرفًا موسى بنفسه بالاسم. وتكلم الله بصوت عالٍ، ومن ثَمَّ أطلق الله أوسع عرض للقدرة الإلهية شهده العالم على الإطلاق عشر مرات تدخل الله على نطاق هائل بحيث لا يمكن لأي شخص فرد في مصر أن يشك في وجود إله العبرانيين. وعلى مدي الأربعين سنة التالية، سنيِّ الارتحال التائه في البرية، حمل الله شعبه كما يحمل الأب ابنه. أطعمهم، وكساهم، ورسم خط ارتحالهم اليومي، وخاض حروبهم.

    إن استجابة بني إسرائيل لهذا التدخل المباشر توفر تبصرًا هامًا في الحدود الطبيعية لكل قدرة. ففي وسع القدرة أن تفعل كل شيء، ولكن أهم شيء أنها لا تستطيع التحكم في المحبة. فالضربات العشر في الخروج تبيِّن قدرة الله على فرعون مصري ولكن التمردات الكبيرة العشرة المذكورة في سفر العدد تبيِّن عجز القدرة عن إحداث ما رغب الله فيه أكثر الكل، ألا وهو المحبة والأمانة من قِبَل شعبه. فكل مشاهد القدرة الإلهية لم تحمل الشعب على الوثوق بالله واتباعه.

    فالمحبة لا تعمل بموجب قواعد القدرة وهذا يساعدنا على تعليل إحجام الله أحيانًا عن استخدام قدرته، فهو خلقنا كي نحبه، ولكن معجزاته لا تفعل شيئًا يؤول إلى تعزيز تلك المحبة، فكما يقول دوجلاس جان هول “ليست إشكالية الله أنه لا يقدر أن يفعل أمورًا معينة، بل إشكالية الله أنه يحب. فالمحبة تعقد حياة الله كما تعقد كل حياة”.

    حتى إنَّ إله الكون، عندما تُزدَرى محبته، يشعر على نحو ما بالعجز، شأنه شأن أب خسر ما يثمنه أقصي تثمين. انظر حزقيال 16 وكذلك تثنية 31، نجد أن الله البصير علم مصير بني إسرائيل المأسوي واطلع موسى على ما فعله الشعب من عبادة العجل، فلقد اشتاق الله أن ينجح العهد “يَا لَيْتَ كَان َ قَلْبَهُمْ كَانَ هَكَذَا فِيهُم حَتَّى يتَّقُونِي وَيَحْفَظُوا جَمِيعَ وَصَايَاي كُلْ الأَيَّامِ، لِكَي يَكُونُ لَهُمْ وَلأَوْلادِهمْ خَيّْر إِلَى الأَبَدِ”. وعصيانهم أنبأ به الله مقدمًا باستجابته الخاصة “وَأَنَا أَحْجُبُ وَجْهِي فِي ذَلِكَ اليَوْم”. وكأن الله أبو مدمن مخدرات لا يقوى على إيقاف ولده عن تدمير ذاته.

    ثم كلف الله موسى بمهمة غريبة جدًا في تثنية 31 “اكْتُبُوا لأَنْفُسِكُمْ هَذَا النَشِيد، وَعَلِّمْ بَنِي إِسْرَئِيل إِياه لَكَيْ يَكُونُ شَاهِدًا عَلَيْهُم” فلقد كان النشيد كمرثاة ينظمها محبٌ أٌحزن إلى حد الهجر، إنه أغرب نشيد أُنشد على الإطلاق إذ لم تكن فيه فعلاً أية كلمات أمل، بل ترددت فيه أصداء دينونة فحسب، وبذلك النشيد تقدموا إلى داخل أرض الآباء، إذ أن كونهم شعب اختاره الله كان له ثمنه، فمثلما وجد الله الإقامو وسط شعب خاطئ أمرًا شبه مستحيل، كذلك تمامًا وجد بنو إسرائيل العيش مع إله قدوس أمرًا شبه مستحيل، كما نشأت مشكلة أخطر بكثير، فكلما اقترب الله نحو شعبه أكثر، شعروا بأنهم أكثر ابتعادًا عنه. لقد أرسى موسى نظامًا محكمًا من الطقوس لابد منه للاقتراب إلى الله، فقد كان في وسع بني إسرائيل أن يروا بينة واضحة على حضور الله في قدس الأقداس، إنما لم يجرؤ أحد على الدخول، فتلك العلاقة الشخصية بالله تمتع بها بنو إسرائيل ولكنهم قالوا “إنَّنَا فَنَيْنَا وَهَلَكْنَا. قَدْ هَلَكْنَا جَمِيعًا! كُلْ مَنْ إِقْتَرَبَ إِلَى مَسْكَنْ الْرَبَّ يَمُوت. أَمَا فَنَيْنَا تَمَامًا؟” تث18.

    فقد حاول بني إسرائيل أن يعيشوا مع رب الكون الحاضر في وسطهم بصورة مرئية؛ ولكن في آخر الأمر نجا شخصان فقط بعد معاينة الحضرة الإلهية من بين الآلاف المؤلفة الفارة من مصر بابتهاج، إنهما يشوع وكالب.

  • قرأنا لك: عندما لا تمطر السماء (1) – فيليب يانسي – أ/ أسعد حنس

    قرأنا لك: عندما لا تمطر السماء (1) – فيليب يانسي – أ/ أسعد حنس

    قرأت لك: عندما لا تمطر السماء (1) – فيليب يانسي  – أ/ أسعد حنس

    عندما لا تمطر السماء
    عندما لا تمطر السماء

    الكتاب يطرح مجموعة من الأسئلة:

    1. أيهم الله أمرنا حقًا؟ فإن كان نعم فلماذا لا يتنازل ويصلح الأمور التي تسوء في حياتنا أو بعضًا منها على الأقل؟
    2. هل الله ظالم؟ فهناك أناس يتبعونه وانهارت حياتهم وآخرون ينكرونه ومع ذلك ينجحون؟
    3. هل الله صامت؟ نتوسل كثيرًا وما من إجابة.
    4. هل الله مختبئ؟ لماذا لا يتراءى لنا؟

    لقد انزعج الكاتب في أول الأمر من مفهوم الإيمان، ومشكلة الألم وعلاقته بالإيمان، وهل يحتاج الإنسان إلى لمسة شخصية من الله أم لا؟

    تناول الكاتب الإنجيل بعهديه حتى يجاوب على الأسئلة السابقة، فيرى أن سفر الخروج يبين تدخل الله في التاريخ البشري كل يوم تقريبًا، حيث تصرف الله بمنتهى العدل وتكلم بطريقة تتيح لكل إنسان أن يسمع وجعل الله ذاته مرئيًّا أيضًا، وظهر بصورة منظورة، إذًا لماذا نشعر بتباطؤ تدخل الله في حياتنا اليوم؟

    يرى الكاتب أن العهد القديم يسجل اختبار تقييد للسلوك حيث عهد الله مع بني إسرائيل، ففي صحراء سيناء، قرر الله أن يكافئ ويعاقب شعبه القديم بعدل صارم وإنصافٍ مشرع. وقد وقّع الله كضامن لذلك، وأوقف ضمانه على شرطٍ وحيد وهو طاعة الشعب للشرائع التي أعطاها لهم بواسطة موسى. وحينما قارن الكاتب بين نتائج الطاعة ونتائج العصيان تبين له أن الشعب إذا أطاع سيُرفَع شأنَهم فوق أمم الأرض كلها، ولن يكونوا أبدًا في الانحطاط. ووعد بني إسرائيل بالحماية ، ولكن من يتتبّع القراءة في سفريّ يشوع والقضاة ليرى نتائج هذا العهد فسوف يتعجب؛ إنه بعد مضي 50 سنة من خروج الشعب من أرض مصر، كان بنو إسرائيل قد انحلّوا وانحطّوا إلى حالة من الفوضى الشاملة، لقد أخفق بنو إسرائيل في إطاعة الله والوفاء بشروط العهد.

    وبعد مئات السنين، نظر كتَّاب العهد الجديد إلى تاريخ بني إسرائيل وأدركوا أن العهد القديم أدَّى دور الدرس النظريّ، إذ أثبتَ أنَّ البشر غير قادرين على إتمام معاهدة مع الله. وأصبح واضحًا لهم أن هناك إحتياج إلى عهدٍ جديد مع الله، عهدٌ مؤسس على الغفران والنعمة وليس الثواب والعقاب. ففي العهد القديم عين الله طرقًا كثيرة لإرشاد الشعب في بريَّة سيناء، سواء توقيت نصب خيامهم وتوقيت إرتحالهم، فما كان على العبراني إلاّ أن يُلقي نظرة على السحابة المخيمة على خيمة الاجتماع، فكان في وِسع الإنسان أن يعرف مشيئة الله على مدار الساعة، إذ كانت السحابة في الليل تتوهج كأنها عمود نار. وقد عيَّن الله أيضًا طُرقًا أخرى لتبليغ مشيئته مباشرة، مثل إلقاء القرعة والأوريم والتميم، فقد أفصح الله عن مشيئته لبني إسرايل في مجموعة من الأحكام مصنفة في حوالي 613 قانونًا تشمل كل نطاق السلوك، من القتل إلى طبخ جَدي بلبن أمه. ولكن هل كان من شأن الكلمة الصريحة من عند الله أن تُضاعِف احتمال طاعة الشعب لله؟ لا، فعلى ما يبدو أن وضوح مشيئة الله بحد ذاتِهِ كان له نتيجة مُعَوِقَة لإيمان بني إسرائيل. لماذا الإقدام بإيمان وقد ضمن الله النتائج سلفًا؟ لماذا مصارعة مأزق الخيارات المتضاربة وقد حل الله هذا المأزق مُسبقًا؟.

    لقد ركز الكاتب على لماذا ينبغي أن يتصرف بنو إسرائيل تصرف الراشدين وفي وُسعهم أن يتصرفوا تصرف القاصرين؟ ولقد تصرفوا فعلاً تصرف القاصرين، متزمرين على قادتهم، وغاشِّين في القوانين الصارمة لالتقاط المن في البرية، وأنِّين بشأن كل نقص في الطعام أو الماء.

    فإذا درس الإنسان قصة بني إسرائيل، سوف يُعيد النظر بشأن الإرشاد الواضح، فإنه يؤدِّي غرضًا ما ولكن لا يبدو أنه يُشجع على النمو الروحي، فالإرشاد الصريح استبعد الحريّة، جاعلاً كل خيار مسألة طاعة، لا إيمان. وفي أثناء 40 سنة من التيهان في البرية، رسب بنو إسرائيل في امتحان الطاعة رسوبًا شنيعًا حتى اضطر الله أن يبدأ مجددًّا بجيلٍ جديد.

    لقد أكد الكاتب أن قراءته لقصة بني إسرائيل أظهرت له أن بني إسرائيل تجاوبوا لا بالتعبد والمحبة، بل بالخوف والعصيان العلنيّ. فحضور الله المنظور لم ينفع في إكسابهم إيمانًا ثابتًا. فإن بني إسرائيل، رغم مشاهدتهم نور حضور الله الساطع، كانوا شعبًا من أكثر الشعوب التي عاشت تقلبًا إذ إنهم تمردوا على الله 10 مرات مختلفة على أراضي سيناء. حتَّى أنهم عند حدود أرض الآباء بالذات، وخيراتها منبسطة أمامهم، كانوا ما يزالون يتحسرون على أيام الخير القديمة في زمن العبودية في مصر. وأدرك الكاتب أن المتتبع لحلة بني إسرائيل ينبغي أن يتمهل قليلاً ويفكر، أمن شأن طفرة عجائب أن تعزز الإيمان؟! فقد قدَّم لنا بنو إسرائيل برهانًا مبيّنًا على أن الآيات قد تجعلنا مدمني آياتٍ فحسب، لا مؤمنين بالله متوكلين عليه.

    قام الكاتب بقراءة الكتاب المقدس كله ليُجاوب على الأسئلة السابقة، ودار في أفكاره ما يلي:

    1. أن انطباعاتنا العامة عن الله قد تكون مختلفة تمامًا عن حقيقة الإله الذي يصفه الكتاب المقدس فعلاً. فماهي طبيعة الله الحقيقية؟
    2. في الكنيسة، وفي كليَّات اللاهوت، نتعلم أن نفكر في الله على أنه روح غير منظور وغير متغير يتمتع بالقدرة على كل شيء، والعلم بكل شيء، والثبات وعدم التحيز. فتلك العقائد التي يُفترض أن تساعدنا على فهم وجهة النظر الصحيحة بشأن الله يمكن أن تجدها في الكتاب المقدس ولكنها دفينة في أعماقه.
    3. إذا قرأنا الكتاب المقدس ببساطة، نتقابل مع شخصًا حقيقيًا، شخص فريد ومميز ونابض بالحياة. فإن لدى الله عواطف عميقة، إذ يشعر بالسرور والحزن والغضب. والأنبياء قالوا أن الله ينتحب ويئن من الألم، مشَبِهًا نفسه أيضًا بامرأةٍ تلد، ومرة تلو الأخرى يصدمه سلوك الكائنات البشرية. فعندما يرتكب بنو إسرائيل تقديم الأطفال ذبائح، يبدو مذهولاً من جرّاء تلك الأفعال ويقل عنها، وهو الإله العارف بكل شيء، أنها أمر “لَمْ أُوصِي وَلاَ تَكَلمْتُ بِهِ، وَلاَ صَعَدَ عَلَى قَلْبِي” (ار9:19).
    4. أدهشَ الكاتب كم يسمح الله للبشر أن يؤثّروا فيه. فهناك علاقة حميميّة كانت تربط الله بابراهيم، موسى، داود، اشعياء، ارمياء. هؤلاء عاملوا الله بحميمية مذهلة. فقد حادثوه كما لوكان جالسًا على كرسي بقربهم، مثلما يتكلم المرء مع مُرشِد أو رب عمل أو أب أو حبيب. لقد عاملوه على أنه شخص.
    5. لقد تأمل الكاتب في وجهة نظر الله، لماذا يطلب الله الاتصال بالكائنات البشرية بالدرجة الأولى؟ ما الذي يلتمسه منّا؟
    6. تكوَّن لدى الكاتب إحساسٌ قويّ أن الله يريد، بصورة أساسية، أن يُحَبْ. فكل صفحة من صفحات الكتاب المقدس تُفصِح عن هذه الرسالة. ولذلك فإن الله له شغفٍ إلى المحبة من قِبَلْ شعبه، فإن جميع مشاعر الخيبة بالله تعود إلى خللٍ في تلك العلاقة.

    لذلك بدأ الكاتب في استعراض – في سبيل الإجابة على الأسئلة الأربعة – في استعراض النقاط الآتية:

    الآب السماوي

    يتكلم سفر التكوين: أنه في اليوم السادس، برز الرجل والمرأة إلى الوجود، مخلوقين مختلفين عن كل ما عداهما. إذ خلقهما الله على صورته هوَّ، راغبًا في أن يلمس فيهما شيئًا من ذاته. فقد كان أشبه بمرآةٍ تعكس شبهه. ولكن كان لدى آدم وحواء أيضًا فارق آخر: فوحدهما بين خلائق الله جميعًا وُهِبَ إمكانية خلقية بأن يتمردا على خالقهما. كأنما كان في وِسع أشخاص الرواية أن يعيدوا كتابة سطورها. فكانا حرَّين. فلقد كان الإنسان مجازفة الله. وعبَّرَ لاهوتيّ آخر وقال: لقد سجن الله نفسه في قراره، إذا جازَ التعبير. فيكاد كل ما يقوله اللاهوتيون عن حريّة الإنسان يبدو صحيحًا بطريقةٍ ما وخاطئًا بطريقةٍ ما. فكيف يقدر إله مُطلَق السيادة أم يُجازف أو يسجن نفسه؟ ومع ذلك، فإن خلق الله للرجل والمرأة أظهر ذلك النوع من تقييد الذات المذهل، وطرح أيضًا مجموعة من الأسئلة:

    1. لماذا كان من شأن آدم وحواء أن يتمردا؟
    2. لو كانت لديهما شكوى لاستطاعا أن يتباحثا فيها مع الله كما مع صديق.
    3. كانت تلك الشجرة الواحدة المحرمة ذات الاسم المغري والظاهر أن الله كان يخفي عنهما شيئًا. فأي ُّ سر يكمُن وراء شجرة معرفة الخير والشر؟
    4. لا يمكن لهما أن يعرفا سر الشجرة إلاَّ إذا جربا، ومن ثمَّ اختار آدم وحواء خيارهما الخاص، فأكلا من الشجرة، ولم تعد الأرض إطلاقًا كما كانت.

    وبين سفر التكوين في الإصحاح الثالث حقيقة شعور الله لمَّا عصى آدم وحواء: الحزن على العلاقة المنهارة؛ الغضب حيال إنكارهما، إحساس كجرس الإنذار على نحوٍ مدهش: “هُوَذَا الإِنْسَانْ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا، عَارِفًا الْخَيْرَ وَالْشَرَ. وَالآنَ لَعَلَهُ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مَنْ شَجَرَةَ الْحَيَاةِ وَيَأكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الْأَبَدِ”.

    فباختيارهما اقاما مسافة بينهما وبين الله. وقبل ذلك، كانا يتمشيانِ ويتحثانِ مع الله. أما بعد الأكل من الشجرة، فإن انفصالاً رهيبًا قد دخل إلى تلك العلاقة الوثيقة، وكل اهتزازٍ وخيبة في علاقتنا بالله اليوم، إنما هيَ هزة ارتدادية ناجمة عن فعل تمردهما الأول.

    ورغم تمرد آدم وحواء، لم يتخلَ الله عن خليقته. ولكنه استمر في لقاءاته الشخصية بالبشر. ورأى الكاتب أن الله يتعلم (يعلن) كيف يكون أبًا. فإن الانهيار في جنة عدن غير العالم إلى الأبد، مبددًا العلاقة الوثيقة التي اختبرها آدم وحواء بالله. وفيما يشبه الاستعداد للتاريخ، فقد سار البشر على نهج مخالفة كل قاعدة، ورد الله بمعاقبات تناسب كل وضع بمفرده. وطرح الكاتب تعبير ماذا كان الشعور الذي صَحَبَ كون الله إلهًا؟ وأي شعور يُخالج أبًا لولدٍ عمره سنتان؟

    لقد بدا الله أبًا قريبًا، فلمَّا أخطأ آدم، التقاه الله شخصيًّا، وبيَّن له أن الخليقة كلها ستضطر إلى التكيف بمقتضى الخيار الذي اختاره آدم.

    بعد جيلٍ واحدٍ فقط ظهر على الأرض نوع جديد من الرعب، ألا وهو القتل. فواجه الله قايين قائلاً: ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك. ومرة أخرى قابل الله المجرم وحدَّدَ له عقابًا عُرفيًّا. وبعد ذلك حالة الأرض، والجنس البشري كله، استمرت تتقهقر نحو نقطة أزمة كُبرَى يلخصها الكتاب المقدس بعبارة لازعة: “حَزِنَ الْرَّبَّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَاَسَفَ فِي قَلْبِهِ”. فوراء هذه العبارة الواحدة يكْمُن كل ما شعر به الله بصفته أبًا من اشمئزازٍ وحزن.

    أي أب بشري لم يختبر على الأقل نوبة كهذه من الندم والأسف؟ فذلك الرفض هو ما اختبره الله، ليس فقط من قِبَل ولدٌ واحدُ، بل من الجنس البشري كله. نتيجة لذلك، دمَّرَ الله ما كان قد خلقه. وإذا بفرحة تكوين 1 كلها تتلاشى تحت مياه الطوفان.

    ولكن كان هناك نوح، رجل الإيمان الواحد ذاك الذي سار مع الله. فبعد الندامة المُعبَّر عنها في تكوين 3-7، يعمد الله نوح، ويعود إلى التعبد لله الذي خلصه، فها هو أخيرًا شخص يُركَن إليه. ثمَّ ارتبط الله بعهدٍ أوميثاق لا تجاه نوح وحده بل تجاه كل مخلوقٍ حي. وقد اشتمل العهد على وعدٍ واحدٍ فقط: أن الله لن يُفني ثانيةً الخليقة كلها أبدً. حيث يقر طرف بأنه لن يزيل الآخر. ومع ذلك، ففي ذلك الوعد أيضًا قيد الله نفسه (أب يقيد نفسه لأجل أبناءه). لقد احتمل الله الشر على هذا الكوكب إلى حين، أو بالأحرى حتى يحله بوسيلة أخرى غير الإفناء. وكأنه أبو مراهق هارب اضطر نفسه إلى القيام بدور أب ينتظر (قصة الابن الضال).

    لم يمضي زمن طويل حتى جاء تمرد عام آخر في مكانٍ اسمه بابل، ولكن وفَّى الله بوعده من جهة عدم الإفناء.

    إذًا تصرف الله بصراحة ووضوح دون شكاية أحد من احتجاب الله أو صمته. إلاَّ أن تدخلات الله اظهرت ميزةً واحدةً مهمة: أن كلاَّ منها كان عقابًا، ردًّا على تمردٍ بشريّ. وإذا كان قصد الله أن تكون له علاقة غنية بكائنات بشرية حرة، فمؤكد أن الله واجه سلسة من العوائق الفظّة. فكيف يمكن أصلاً أن يتواصل مع خلائقه كراشدين وهم يمعنون في التصرف كما يتصرف القاصرون؟!

    تكوين12 يوضح تغيير هائل. فلأول مرة منذ أيام آدم، تقدم الله لا ليعاقب، بل ليُطلق حركة خطة جديدة للتاريخ البشري.

    يتبع في الجزء الثاني

  • كتاب الأسبوع : ماذا حدث لتشويش الحق ؟

    كتاب الأسبوع : ماذا حدث لتشويش الحق ؟

    سلام ملك السلام ، اليوم تبدأ خدمة ” كتاب الأسبوع ” التي أعلنا عنها أمس يُمكنك مشاهدة الإعلان عن طريق هذا الرابط
    https://goo.gl/qkUNfF

    نطرح عليكم هذا الأسبوع كتاب

    ماذا حدث لتشويش الحق ؟  لتحميل الكتاب 

    [هذا الكتاب يحتاج إتساع أُفق وطول بال لكي يُقرأ بحكمة وتركيز ، لكي تعرف نفسك هل أنت من الذين يشهوهون الحق بالفلسفة الفكرية والتقدم في علوم التكنولوجيا التي تُسبب الإلحاد الآن ، بعدم فهم وعدم إيمان ؟ ]
    نيافة الأنبا أثناسيوس

    مدة القراءة 3 أسابيع

    لتحميل الكتاب 

    قراءة ممتعة .

     
  • قراءة في كتاب "القضية الخالق" | لي ستروبل

    قراءة في كتاب "القضية الخالق" | لي ستروبل

    قراءة في كتاب “القضية الخالق”

    الجزء الأول ” صور التطور “

     

    لفترة طويلة تمنيت أن اقرأ كتاب “القضية الخالق” للمحقق الصحفي وأيضا الملحد السابق لي ستروبل, فانا قرأت أجزاء واقتباسات في النسخة الانجليزية وأعجبت بطريقته الحوارية وأسائلته التي يود الكثير منا الاستفسار والبحث عنها , وأيضا تكلم شخصيا عن الأسباب العلمية التي عززت إلحاده والتي وضعها تحت الاستجواب في كتابه “القضية الخالق”.

    يتكلم في بداية كتابه عن تغطيته لأحداث في غرب فيرجينيا بسبب استياء وتذمر من أولياء أمور الطلاب هناك بسبب بعض الكتب التي قالوا عنها أنها جعلوا الله نظرية تحتمل الصواب والخطأ وأنها تعلم أطفالهم عدم محبة الله . ويذكر في النهاية أنه عرف بالبديهة ما صرح به عالم الأحياء التطوري والمؤرخ الشهير ويليام بروفاين من جامعة كورنيل في إحدى المناظرات .قال ” إن كانت الداروينية حقيقة ,فهناك خمسة نتائج لا يمكن الهروب منها : 1- لا يوجد دليل على وجود الله . 2- لا توجد حياة بعد الموت . 3- لا يوجد معيار مطلق للصواب والخطأ . 4-لا يوجد معنى نهائي للحياة . 5- ليس للناس إرادة حرة حقا .

    بعد ذلك يتذكر فترة المدرسة الثانوية والموضوعات العلمية المتعلقة بفصول الأحياء والتي كانت له دور في التفكير في أن كل ماهو علمي هو جيد وعقلاني وماهو غير علمي هو شئ عتيق ولا يستحق إيمان من يفكرون.وفي مدارس الأحد كانت أسئلته الكثيرة “لماذا؟” لاتلقى قبول وترحيب بينما باقي التلاميذ الآخرين يقبلون الحقائق الكتابية بشكل أوتوماتيكي . وكانت أسئلته تقاوم بالصد وبدلا من الإجابة على أسئلته كانوا يطالبونه بقراءة وحفظ الآيات وأقوال اللاهوتيين . وأصبح اهتمامه بعيد عن الإيمان والروحيات واعتبرها أمور ساذجة ولكن أصبح اهتمامه منصب في العلم وحقائقه الأكيدة . ويتذكر مقولة ليوجين سكوت “لايمكنك أن تضع إله كلي القدرة في أنبوبة اختبار , فإن لم يكن هناك دليل علمي أو عقلي للإيمان بمثل هذا الوجود . فلايهمني الأمر ” .

    ويلخص الصور “العلمية”  التي انطبعت في ذاكرته والتي عززت فيه فكرة “عدم وجود الله أو عدم الحاجة لوجود الله”  وهي كالتالي :

    • تجربة ستانلي ميلر : يتذكر شكل القوارير والأنابيب والأقطاب الكهربائية التي شكلت جهاز ستانلي ليقوم بتجربة غير عادية وهي إنتاج القوالب البانية للحياة بطريقة صناعية وتمكن من إنتاج مادة لزجة حمراء تحتوي على أحماض امينية . وبهذا لاحاجة لنا إله إذ كانت الكائنات الحية بإمكانها أن تخرج من تلقاء نفسها من حساء بدائي .
    • شجرة داروين : في قرأتنا لكتاب أصل الأنواع لتشارلز داروين سوف نجد تفسيره لوجود الكائنات وعبر عنها من خلال شجرة أصلها نموذج أصلي مجهول عاش في الماضي البعيد “الشربة العضوية”. وكان صديقنا ستروبل مفتونا بتأكيد التطور الكبير وهو أن الاختيار الطبيعي الذي يعمل في تنوع عشوائي يمكنه أن يوضح كيف أن الخلايا البدائية قد تحولت خلال فترات زمنية كبيرة جدا إلى كل أنواع الكائنات , بما فيها البشر وبمعنى آخر , تحولت الأسماك إلى البرمائيات ,ثم تحولت البرمائيات إلى زواحف , والزواحف إلى طيور وثديات , والبشر لهم نفس السلف المشترك للقرود . وبينما أن ميلر نادى بأن الحياة ربما تكونت تلقائيا في المحيطات الكيميائية للأرض القديمة ,ونظرية داروين تفسر كيف أن ملايين الكائنات تطورت ببطء والتدريج على مدى ملايين السنين .
    • رسومات الأجنة لارنست هايكل : قدم عالم الأحياء الألماني أرنست هايكل _ الذي يمكن أن تجد رسوماته للأجنة في كل الكتب التي تتكلم عن التطور تقريبا _ دليلا قويا على أن كل أنواع الحياة لها نفس السلف , حيث وضع صور لأجنة لسمكة وسلمندر وسلحفاة وكتكوت وخنزير وعجل وأرنب وإنسان بجانب بعضها البعض وكان من الواضح أن جميع الأجنة في مرحلتها الأولية متشابهة بصورة كبيرة وحتى لايمكنك تمييز الأجنة عن بعضها . وقد عبر عن اندهاشه عن ذلك حيث أنها سوف تتمايز بشكل مختلف جدا في نموها ويقول بان الجنين الإنساني من الممكن أن يكون أي من هذه المخلوقات الأخرى . وداروين كان على صواب عندما قال “علينا أن نعترف بصراحة بالسلف الكوني المشترك .
    • الحلقة المفقودة “تطور الزواحف إلى طيور” : أنها أشهر حفرية في العالم وتسمى الطائر الأول “أركيوبتركس” وهو مخلوق يرجع تاريخه إلى 150 مليون سنة . هذا المخلوق له أجنحة وريش وعظم الترقوة التي للطيور ,ولكن لديه ذيل كذيل السحلية ومخالب في أجنحته واعتبروه الحلقة المفقودة بين الزواحف والطيور . وبهذه الحفرية تتأكد صورة داروين للتطور فها نحن نرى نصف طائر ونصف زاحف , وبهذا يكون علم الباليونتولوجي “علم الأحياء القديمة أو علم المتحجرات” قد دعم نظرية داروين .

     

    من خلال الصور السابقة أصبح ستروبل مقتنعا تماما بأن داروين قد أستبعد أية حاجة لله ويقول أنه لم يعد يذكر عدد المتشككين الروحيين الذين قالوا له أن شكوكهم قد زرعت في المرحلة الثانوية أو الجامعية عندما درسوا الداروينية ويذكر قول ريتشارد دوكنز “كلما أزداد فهمك لأهمية التطور , كلما ابتعدت عن اللاأدرية واتجهت نحو الإلحاد ” .

     ومع ذلك فانه يذكر بعض الأمثلة لعلماء مؤمنين ومقتنعين جدا بنظرية التطور الداروينية ” macroevolution”  ,ولكنه يقول أنه لم يستطع أن يفهم كيف أن الداروينية التي تعلمتها تركت أي دور ذو معنى لله .حيث أن عملية التطور غير موجهة وكان هذا يستبعد أوتوماتيكيا أي إله فوق الطبيعة يشد الخيوط خلف الستار .

    بعد ذلك يعرض لي ستروبل آراء العلماء والمفكرين عن التطور فمنهم من يوضح أن لا حاجة لوجود الله حيث أن التطور فسر وجود الكائنات  والبعض قال انه من الممكن أن الله استخدم التطور في عملية الخلق ومنهم من قال أن الله عمل من خلال قوانين الطبيعة لدرجة جعل عملها لايمكن اكتشافه ولكن المسيحيون يقولون أن الله ليس إله محتجبا وانه تدخل بقوة في العالم “لان منذ خلق العالم ترى أموره غير المنظورة وقدرته السرمدية ولاهوته مدركة بالمصنوعات حتى أنهم بلا عزر” ويذكر أراء ناقدي الداروينية ومنهم أستاذ القانون فيليب جونسون ,مؤلف الكتاب ذائع الصيت لنقد الداروينية “محاكمة داروين” فهو يقول ” الهدف كله من الداروينية هو إظهار أنه لاحاجة إلى خالق يسمو فوق الطبيعة لان الطبيعة يمكنها أن تقوم بعملية الخلق من تلقاء نفسها ” ويتفق معه العالم البيولوجي التطوري أرنست مير فيقول “الجوهر الحقيقي للداروينية هي الاختيار الطبيعي الذي يسمح بتفسير التكيف بالوسائل الطبيعية بدلا من التدخل الإلهي” وأيضا تطوري بارز آخر وهو فرانسيس آيالا ,رسم قسا دومينيكيا  قبل عمله بالعلوم ومع ذلك رفض في لقاء أخير له ما إذا كان لايزال يؤمن بالله وقال “كان أعظم انجاز لداروين وانه أوضح بان الكائنات الحية يمكن تفسيرها بصفتها نتيجة عملية طبيعية واختيار طبيعي ,دون أدنى حاجة للجوء إلى الخالق أو عامل خارجي آخر .

    عندما سأل أحد المحامين بروفاين ما إذا كان هناك “وضع تطوري مسيحي أمين من الناحية المعرفية أم علينا ببساطة أن نترك عقولنا على أبواب الكنائس ” فكانت الإجابة بصراحة “عليك حقا أن تترك عقلك” .

    وكان في رأي لي ستروبل بان داروين قضى على الله وبهذا كان اتجاهه للإلحاد على الرغم من انه يقول “لم أكن على أاستعداد لفحص بعض التضمينات المحبطة لفلسفتي الجديدة . تجاهلت بارتياح الصورة المؤلمة التي رسمها الفيلسوف الملحد برتراند راسل ,الذي كتب أن العلم قدم لنا عالما “بلا هدف” و “خالي من المعنى” .

    يقول لي ستروبل انه بسبب خلفيته القانونية والصحفية لم يتوقف على توجيه الأسئلة ,وأيضا بسبب إيمان زوجته وقرارها انها سوف تتبع يسوع المسيح فجعله يستمر في طرح الأسئلة فيقول هل من المقدر أن يظلا  العلم و الإيمان في حرب دائمة هل كنت على صواب في تفكيري بان الإنسان ذي تفكير العلمي يجب أن يتجنب المعتقدات الدينية أم أن هناك  أساس طريقة مختلفة لرؤية العلاقة بين ماهو روحي وماهو علمي؟ , هل الأدلة العلمية الجديدة تؤيد أم تعارض وجود الله؟,هل مازالت صور التطور التي دفعتني للإلحاد صالحة في ضوء الاكتشافات العلمية الحديثة؟ ,إلى أين يشير سهم العلم “إلى الله أو إلى داروين” ؟

     

    في الجزء الثاني من القراءة في الكتاب سوف نجد أن ستروبل اهتم بتوجيه أهم الأسئلة العلمية الخاصة بالصور السابقة لعلماء متخصصين وسوف نكتشف حقائق كانت غائبة أو مغطاة كشف عنها ستروبل النقاب .

  • عندما لا تمطر السماء (1) | هل الله ظالم؟ أهو صامت؟ أهو مختبيء؟

    عندما لا تمطر السماء (1) | هل الله ظالم؟ أهو صامت؟ أهو مختبيء؟

    عندما لا تمطر السماء (1) | هل الله ظالم؟ أهو صامت؟ أهو مختبيء؟

    [gview file=”http://www.difa3iat.com/wp-content/uploads/2014/07/عندما-لا-تمطر-السماء-فيليب-يانسي.pdf” save=”0″]

    هل تريد شراء هذا الكتاب؟ راسلنا

     

  • كتاب الإيمان في عصر التشكيك (6) أليست المعجزات ممكنة علمياً؟

    كتاب الإيمان في عصر التشكيك (6) أليست المعجزات ممكنة علمياً؟

     
    2015-05-29_00-01-15

    2015-05-29_00-01-27

    2015-05-29_00-01-38