فريق اللاهوت الدفاعي

التصنيف: مُترجَم

  • عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري – ترجمة: آرثر دانيال

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري – ترجمة: آرثر دانيال

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري [1] ترجمة: آرثر دانيال

    لتحميل البحث بصيغة PDF

     

    الملخص: منذ أن نشر العالِم (جون ميل) نُسخته من العهد الجديد اليوناني عام ١٧٠٧، أبدى الباحثون اهتمامًا متكررًا بعدد الاختلافات النصية (variants) في الشواهد النصية المتوفرة لدينا. إلا أن التقديرات السابقة لم تُوضّح مَن الذي قدّم هذه التقديرات، أو كيف تم التوصّلُ إليها، أو حتى ما الذي تم تقديره تحديدًا. تهدف هذه الدراسة إلى معالجة هذه الإشكالات الثلاثة، وتقديم تقدير حديث يستند إلى أوسع قاعدة بيانات مقارنة نصية متاحة. وتظهر النتائج عددًا من المتغيرات أعلى من أغلب التقديرات السابقة. ومع ذلك، تُظهر المقارنة الدقيقة أن هذا العدد يعكس تكرار النسخ أكثر مما يعكس أخطاء النُسّاخ أو عدم أمانتهم.

    الكلمات المفتاحية: النقد النصي، نقل نص العهد الجديد، عدد المتغيرات النصية.

    Keywords: textual criticism, transmission of the New Testament, number of variants

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح - بيتر جوري - ترجمة: آرثر دانيال
    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري – ترجمة: آرثر دانيال
    1. مقدمة

    في شهر يونيو عام ١٧٠٧، نشر (جون ميل)، زميل كلية كوين بجامعة أكسفورد، العهد الجديد اليوناني. كانت هذه النسخة ثمرة عملٍ استمر ثلاثين عامًا من حياته، وقد نُشرت قبل وفاته بأسبوعين فقط. لم تكن أهمية هذه الطبعة في نصها ذاته، إذ لم تكن سوى إعادة طباعة لنص (ستيفانوس) الصادر عام ١٥٥٠. اللافت في عمل (ميل) كان ما أرفقه تحت النص [أي الهامش]. إذ جمع، خلال عمله الطويل، ما يُقدّر بنحو ٣٠,٠٠٠ قراءة مختلفة بين المخطوطات. وكانت هذه المتغيرات النصية هي التي أثارت الجدل لاحقًا، إذ رأى بعضهم أن وجود هذا الكمّ من الاختلافات قد يُضعف ثبات النص، ومن ثم يطال سلطة العهد الجديد ذاته.[2] لكن (ريتشارد بنتلي)، عميد كلية ترينيتي بجامعة كامبريدج، قدّم الرد الأكثر أهمية على هذه المخاوف في عمله ملاحظات على خطاب حديث عن حرية التفكير، الذي نُشر لأول مرة عام ١٧١٣ واستمر في ثماني طبعات. وقد أشار (بنتلي) إلى العلاقة المباشرة بين عدد المخطوطات وعدد المتغيرات النصية، موضحًا أن “كلما قارنتَ نُسخًا أكثر، ازداد عدد القراءات المختلفة”، وأنه “كلما زاد عدد النسخ التي تستعين بها، زادت المتغيرات التي تظهر لك”.[3]

    بعد مرور ثلاثمئة عام على كتابة (بينتلي) لتلك الكلمات، ازداد عدد مخطوطات العهد الجديد المعروفة بشكل كبير. فبينما كانت طبعة (ميل) تعتمد على أقل من مئة مخطوطة يونانية، يقوم معهد أبحاث نص العهد الجديد (Institut für Neutestamentliche Textforschung – INTF) في مدينة مونستر بألمانيا اليوم بفهرسة أكثر من ٥٦٠٠ مخطوطة.[4] ورغم هذا الازدياد الذي يبلغ ستة وخمسين ضعفًا، فإن العدد الفعلي للاختلافات النصية التي أشار إليها بنتلي لم يرتفع بنفس النسبة، وذلك لسبب بسيط (وغالبًا ما يُنسى): “لا أحد حتى الآن تمكن من عدّها جميعًا”.[5] لكن ما ازداد بشكل مستمر منذ زمن (بنتلي) و(ميل) هو التقديرات المتعلقة بعدد الاختلافات النصية في العهد الجديد.

    تنتشر هذه التقديرات في الكتب الأكاديمية، ومقدمات العهد الجديد، والكتب التفسيرية، وخصوصًا في كتب النقد النصي. وغايتها غالبًا إبراز الحاجة إلى النقد النصي.  أحيانًا يُطرح الأمر بنبرة تشاؤمية، كما يفعل غونتر تسونتس(Günther Zuntz) حين يصف العدد بأنه “كتلة لا يمكن تخيّلها أو التعامل معها”.[6] وفي حالات أخرى، تلعب هذه التقديرات الدور ذاته الذي لعبته في زمن (ميل)، إذ تُثير القلق لدى البعض وتستدعي ردًا من آخرين.[7] وفي بعض الأحيان، تؤدي محاولات وضع هذه التقديرات في سياقها الصحيح إلى استنتاجات غير متوقعة حول نقل نص العهد الجديد، كما في حالة ستانلي بورتر(Stanley Porter) الذي يقترح أن إنتاج المخطوطات القديمة “يكاد يُضاهي أحيانًا ما نراه اليوم في الطباعة الحديثة”، أو كما يقول كريغ بلومبرغ(Craig Blomberg) إن متوسط عدد القراءات المختلفة قد لا يتجاوز ثمانية قراءات لكل مخطوطة.[8]

    رغم الجاذبية المستمرة لمثل هذه التقديرات، فإن (إلدون إيب) محق في قوله: “لا يوجد حتى الآن تقدير موثوق لعدد الفروق النصية الموجودة في الشواهد المتوفرة لدينا”.[9] تهدف هذه الدراسة إلى تقديم مثل هذا التقدير، مع بعض التعليقات الموجزة حول كيفية الاستفادة منه. وقبل الانتقال إلى التقدير المقترح، سيكون من المفيد تتبُّع التقديرات السابقة بإيجاز، وبيان أوجه قصورها.

     

    1. التقديرات السابقة ومشكلاتها

    1.2. عرض للتقديرات

    تُظهر مراجعة للكتب والمقالات المنشورة خلال الـ ١٥٠ سنة الماضية مدى التكرار الذي يُستند فيه إلى هذه التقديرات (انظر المرجع 7). نقطة البداية، أو على الأقل نقطة المقارنة في العديد من هذه التقديرات، هي تقدير (جون ميل) لعدد٣٠,٠٠٠ اختلاف نصي في نسخته[10]. واحدة من أولى المحاولات لتحديث هذا الرقم ظهرت في كتاب (Plain Introduction) لـ (F. H. A. Scrivener)، الذي نُشر أول مرة عام ١٨٦١. بعد أن كرر نفس ملاحظة (بنتلي) عن أن ازدياد عدد المخطوطات يؤدي إلى ازدياد عدد المتغيرات، يقترح (سكرينر) أنه إذا كان (ميل) قد أحصى ٣٠,٠٠٠ اختلاف في زمانه، فإن العدد “لا بد أن يبلغ على الأقل أربعة أضعاف هذا الرقم” في زمنه، أي نحو ١٢٠,٠٠٠.[11] ورغم أنه لم يقدّم أي تفسير لسبب هذه الزيادة، فقد تبنّى آخرون تقديره، بل وسرعان ما وسّعه فيليب شاف (Philip Schaff)، الذي كتب عام ١٨٨٣ أن العدد “الآن لا يمكن أن يقل عن ١٥٠,٠٠٠، إذا ما شملنا الاختلافات في ترتيب الكلمات، وطريقة التهجئة، وغيرها من الأمور الطفيفة التي تتجاهلها حتى أوسع النسخ النقدية انتشارًا”.[12] ويُبرز التحفظ الذي أضافه (شاف) على تقديره أهمية مسألة التعريفات، وهي نقطة سنعود إليها لاحقًا.

    الزيادة التالية في التقديرات جاءت من (B. B. Warfield) من جامعة برينستون، حيث أضاف أكثر من ٣٠,٠٠٠ قراءة متنوّعة إضافية.[13] فبعد ست سنوات فقط من تقدير )شاف(، كتب )وارفيلد( أنَّه “وبصورة تقريبية، تم عدّ ما يقرب من ١٨٠ إلى ٢٠٠ ألف ‘قراءة متنوّعة’ في العهد الجديد، أي اختلافات فعلية في القراءة بين المخطوطات الموجودة”.[14] ما يميّز تقدير (وارفيلد)، إلى جانب كونه أول من يدّعي تقديم “عدّ” وليس مجرد “تقدير”، هو أنه أول من شرح الطريقة التي أُجري بها هذا العد، رغم أن شرحه بدا غريبًا، فبدلًا من عدّ عدد الاختلافات الفعلية بين المخطوطات، قدّم وارفيلد عدًّا لعدد المخطوطات التي تختلف عن معيار معيّن غير مذكور. ويُوضح أن العد يتم بحيث “يتم احتساب كل موضع تظهر فيه قراءة متنوّعة بعدد مرّات تكرارها، ليس فقط حسب عدد الاختلافات المميزة فيه، بل أيضًا حسب عدد المرات التي تظهر فيها نفس القراءة المختلفة في مخطوطات مختلفة“.[15] وهذا يعني أنه إذا اتفقت ١٠٠ مخطوطة على قراءة ضد النص المعياري [الغير مذكور]، فسيُحسب ذلك على أنه ١٠٠ قراءة متنوّعة.[16]

    على مدار الـ ٤٥ عامًا التالية، تراوحت التقديرات بين رقم (سكرڤنر) ورقم (وارفيلد)، مع ميل، وأضح نحو الأرقام الأعلى التي طرحها (وارفيلد) رغم طريقته الغريبة في “العدّ”. اقترح (عزرا أبوت) في عام ١٨٩١ رقم ١٥٠,٠٠٠. وأعطى (إيبرهارد نيستله) في عام ١٨٩٧ تقديراً يتراوح بين ١٢٠,٠٠٠ و١٥٠,٠٠٠. أما (مارڤن ڤنسنت) فقد قدّر العدد بين ١٥٠,٠٠٠ و٢٠٠,٠٠٠ بعد عامين فقط.[17] وحده (أدولف يوليشَر) قدّم رقماً أقل، مقترحاً إما ٣٠,٠٠٠ أو ١٠٠,٠٠٠، لكنه رأى أن هذا الاختلاف لا يغيّر لاهوتياً شيئاً لأن الكنيسة لم تمتلك يوماً نسخة خالية من الأخطاء تعتمد عليها.[18] بحلول عام ١٩١٥،  قدَّم (تشارلز سيتيرلي) التقدير الأعلى الذي طرحه (وارفيلد) أي ٢٠٠,٠٠٠، مع توضيحه أنه لا يشير إلى المخطوطات اليونانية فقط.[19]

    في عام ١٩٣٤، قفز التقدير قفزته الكبيرة التالية على يد لويس بيرو (Louis  Pirot) ليون ڤاجاني (Léon Vaganay) حيث قدّرا العدد بما يصل إلى ٢٥٠,٠٠٠ متغيّر.[20] يُعتبر بيرو أول من أشار إلى أن عدد المتغيرات النصية قد يفوق عدد كلمات العهد الجديد نفسه. وبعد ١٥ سنة، أضاف Vaganay إرفين نيستله (Erwin Nestle)٥٠,٠٠٠ متغيّر إضافي، مقدّراً في عام ١٩٥١ أن عدد المتغيرات يتراوح بين ٢٥٠,٠٠٠ و٣٠٠,٠٠٠، هذا الرقم يتعلق بالمخطوطات اليونانية وحدها حسب كلامه.[21]

    بعد ما يقرب من مئة عام على تقدير (سكرينفر)، نجد ثاني تقدير  —بعد تقدير فون ميستريخت (von Maestricht) القائم على عمل (ميل)— يستند إلى بيانات مُحددة. فمع عمل مشروع العهد الجديد اليوناني الدولي (International Greek New Testament Project – IGNTP) على إنجيل لوقا، كتب كينيث كلارك (Kenneth Clark) عام ١٩٦٦ أن الباحثين باتوا قادرين الآن على “تقدير مدى وطبيعة الحالة النصية للعهد الجديد اليوناني بدقة أكبر.”[22] استنادًا إلى هذه البيانات، خَلُص ميريل بارفيس (Merrill Parvis) إلى أن العدد الفعلي للمتغيرات ربما يفوق بكثير التقديرات السابقة التي تراوحت بين ١٥٠,٠٠٠ و٢٥٠,٠٠٠. وقد أوضح (كينيث كلارك) هذا الفارق الكبير حين قَدّر بنفسه العدد بـ٣٠٠,٠٠٠ متغير.[23]

    بعد ذلك، استمر تكرار التقديرات الأقدم في الأدبيات، لكن تقدير (كلارك) البالغ ٣٠٠,٠٠٠ بدأ تدريجيًا في الهيمنة. استُشهد بهذا الرقم في أعمال كتبها كل من (J. K. Elliott) و (Ian Moir)و (Eldon Epp)وBart) (Ehrman و(Eckhard (Schnabel .[24] ومع ذلك، شأنه شأن جميع هذه التقديرات، لم يُكتب له الاستمرار طويلًا.

    في عام ٢٠٠٧، عدّل (إلدون إب) تقديره السابق البالغ ٣٠٠,٠٠٠ اختلاف نصي إلى “ثلث مليون”. لكن (بارت إرمان) هو أول من ذكر في كتابه الأكثر مبيعًا سوء اقتباس يسوع أن “بعض العلماء” يقدّرون العدد بأنه يصل إلى ٤٠٠,٠٠٠.[25] لا شك أن شهرة الكتاب لعبت دورًا في ذلك، وبما يتماشى تمامًا مع الاتجاه التاريخي، فقد تبنّى عدد من الكتّاب الرقم الأعلى الذي عرضه (إرمان)، ومن بينهم (J. Harold Greenlee)، و(Daniel B. Wallace)، و(Lee Martin McDonald). [26] ومع ذلك، يبدو أن هذا الرقم بات مرشحًا للتجاوز، وفقًا لما أشار إليه (إلدون إيپ) في تقديره الأخير، والذي وصفه بأنه “تخمين غير مبني على أدلة wild guess“، حيث اقترح أن عدد الفروق النصية قد يتراوح بين ٤٠٠,٠٠٠ و٧٥٠,٠٠٠ متغير. يُمثّل هذا التقدير أعلى رقم مقترح حتى الآن، كما يُعدّ أكبر قفزة عددية مفردة مقارنة بجميع التقديرات السابقة. [27]

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح - بيتر جوري - ترجمة: آرثر دانيال
    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري – ترجمة: آرثر دانيال

    2.2. المشاكل

    في دليله التحليلي والنقدي لكشف الإحصاءات المشكوك فيها، يلخّص جويل بست (Joel Best) نصيحته الأساسية في الملاحظة التالية: “علينا أن نكون حذرين للغاية عندما لا نعرف من الذي قدّم الأرقام، أو لماذا قُدِّمت، أو كيف تمّ التوصل إليها، وعندما لا يمكننا التأكد من تطبيق منهجيات متّسقة في القياس عبر أزمنة وأماكن مختلفة”.[28] ولسوء الحظ، فإن جميع تقديرات عدد المتغيرات النصية في مجال نقد نص العهد الجديد التي قُدِّمت خلال المئة وخمسين عامًا الماضية تعاني من هذه العيوب المنهجية نفسها.

    في المقام الأولى، غالبًا لا نعرف من الذي قدّم التقدير أصلًا. يُستخدم الأسلوب المبني للمجهول بشكل واسع في عرض هذه الأرقام. عبارات مثل: “يقول البعض…”[29] أو “يُقال إن…”[30] أو “تقدّر بعض المصادر أن…”[31] أو “تم إحصاء…”[32] مثل هذه العبارات تُمثّل سلسلة طويلة من التقديرات غير المُحققة. من خلال استخدام هذه الصيغة، يستطيع الناقلون لهذه الأرقام الاستفادة منها دون تحمّل أي مسؤولية حقيقية تجاه دقتها. تتفاقم المشكلة عندما يُعرض الرقم باعتباره “أحد أفضل التقديرات”[33] أو “تقديرًا موثوقًا” (بالألمانية [34]kundiger Schätzung) أو ما شابه. ينطبع في ذهن القارئ أن هناك جهة ما قد بذلت جهدًا حقيقيًا لصياغة منهج موثوق للتقدير، ولكن لا يظهر أي مصدر فعلي يدعم ذلك.

    ليس من الغريب أن تكون المشكلة الثانية هي أن من يورد هذه الإحصاءات لا يشرح أبدًا كيف توصل إلى تقديره، رغم تكرار هذه الأرقام مرارًا في المراجع. وإذا حكمنا على هذه التقديرات وفقًا لدليل جامعة شيكاغو لكتابة الأرقام (The Chicago Guide to Writing about Numbers)، والذي يؤكد أن “جزءًا أساسيًا من كتابة الأرقام هو وصف البيانات والأساليب المستخدمة في إنتاجها”،[35] فإن جميع التقديرات السابقة تعتبر غير كافية.

    معظم التقديرات لا تُقدَّم معها أي مبررات على الإطلاق. وحتى القليل الذي يتضمن شرحًا ما يظل إشكاليًا. بعض التقديرات تُبنى ببساطة على مضاعفات رقم (ميل) البالغ ٣٠٠,٠٠٠ اختلاف نصي، لكن دون مبرر لمعدل هذه المضاعفة. والأسوأ من ذلك أن تلك التقديرات تتجاهل أن الرقم الأصلي نفسه (٣٠٠,٠٠٠) هو مجرد تقدير. وحده (وورفيلد) قدّم شرحًا لكيفية “عدّه” لهذه الأرقام، لكن توجد أسباب كثيرة تدعو إلى رفض طريقته في العد.

    أما أكثر التقديرات الواعدة فهي تلك التي قدمها (بارفيس) و(كلارك)، إذ استندت إلى مراجعات حديثة لعدد كبير من مخطوطات إنجيل لوقا. ومع ذلك، يتضح أن أيًا من هذين التقديرين لم يُبن على عدّ فعلي للاختلافات النصية، بل على تقدير لها، وهنا يظهر التباين بينهما. فـ(بارفيس) يقترح وجود ٣٠٠,٠٠٠ اختلاف في ١٥٠ مخطوطة من أصل ٣٠٠ تمت مراجعتها، بينما يقدّر (كلارك) وجود ٢٥٠,٠٠٠ اختلاف في جميع المخطوطات الـ٣٠٠ مخطوطة.[36] واللافت أن (كلارك) استخرج عددًا أقل من الاختلافات رغم استخدامه لعدد أكبر من المخطوطات، ما يشير إلى وجود خلل. وهذه المسألة تعكس المشكلة الأوسع المتمثلة في بناء تقدير على تقدير آخر.

    المشكلة الثالثة هي أن ما يتم تقديره ليس واضحًا دائمًا. هل المقصود بعض الفروقات بين بعض الشواهد؟ أم بعض الفروقات بين جميع الشواهد؟ أم جميع الفروقات بين جميع شواهد العهد الجديد؟ على سبيل المثال، ميّز (إلدون إِب) بدقة في مواضع أخرى بين “القراءات النصية” و”الاختلافات النصية”، حيث تستبعد الأخيرة [أي الاختلافات النصية] كل “القراءات غير المعقولة”، و”أخطاء النسّاخ الواضحة”، و”الاختلافات الإملائية”، و”القراءات الشاذة”.[37] لكن عندما قدّم تقديره التقريبي بـ ٤٠٠,٠٠٠ إلى ٧٥٠,٠٠٠ اختلاف، ما الذي كان يقصده تحديدًا؟ كما هو الحال مع العديد من التقديرات السابقة، لا نجد إجابة واضحة.

     

    1. اقتراح تقدير جديد

    1.3. منهج ونطاق البحث

    مثل كثير من الدراسات التي تستعرض إحصائيات غير دقيقة، قد تعطي هذه الدراسة انطباعًا سلبيًا بأن الأرقام كلها غير موثوقة، لكن هذا ليس صحيحًا. الواقع أن أهم ميزة في الإحصاءات الجيدة بسيطة جدًا: أن تكون معلنة وواضحة، أي أن نعرف من أين جاءت هذه الأرقام، وكيف تم الوصول إليها. وأن تكون طريقة الحساب قابلة للنقاش، بحيث يستطيع باحثون آخرون تقديم ملاحظات تساعد في تحسين التعريفات وطريقة القياس،[38] وهذا بالضبط ما نحاول تقديمه في التقدير الجديد الذي سنعرضه لاحقًا.

    1.1.3. من الذي قام بالتقدير؟

    إذا أردنا لأي تقدير أن يكون ذا فائدة حقيقية، فلا بد أن يُوَضِح بشكل دقيق ثلاث نقاط أساسية تميز أي إحصاء جيد: “من” الذي قام بالتقدير، و”ما” الذي يتم تقديره، و”كيف” تم التوصل إلى الرقم. النقطة الأولى هي الأسهل. التقدير المعروض أدناه هو من عملي الشخصي، وبالتالي فإن الفضل أو الخطأ في دقته يقع على عاتقي وحدي.

    2,1,3. ما الذي يتم تقديره؟

    فيما يخص النقطة الثانية، أقتصر في تقديري على عدد الاختلافات النصية (variants) الموجودة في المخطوطات اليونانية فقط، أي البرديات، ومخطوطات الأحرف الكبيرة (majuscules)، ومخطوطات الأحرف الصغيرة (minuscules)، وكتب القراءات .(lectionaries) لا يعني هذا التقليل من أهمية الشواهد الأخرى مثل الترجمات القديمة، والاقتباسات الآبائية، والنقوش، وغيرها، بل يعود السبب ببساطة إلى صعوبة تقنيات الترجمة، وتعقيد أساليب الاقتباس، وفي كثير من الأحيان، إلى ندرة البيانات الدقيقة والموثوقة.

    السؤال المتعلّق بما نقوم بعدّه هو في آنٍ واحدٍ مسألة معقّدة وبسيطة. هي معقّدة لأنّ كل قرار يتعلّق بتحديد ما يُعدّ فرقًا بين نَصَّين يستلزم حكمًا بشريًّا فيه قدر من الذاتيّة. وهي بسيطة في هذا السياق تحديدًا، لأنّي سأعتمد اعتمادًا كاملًا على جداول نصية (collations) أعدّها باحثون آخرون. ولأجل اختيار جداول موثوقة أُقيم عليها الدراسة، اخترت تلك التي تتضمّن أكبر كمّ من البيانات، من أكبر عدد من الشواهد النصية، وبطريقة أسهل منالًا للاطّلاع والاستخدام.[39]

    المصادر الثلاثة الأساسية التي اعتمدتُ عليها في هذا التقدير هي: أطروحة (Bruce Morrill) حول يوحنا 18، وأطروحةMatthew)   (Solomonحول رسالة فيليمون، وعمل (Tommy Wasserman) حول رسالة يهوذا.[40] كل واحد من هذه الأعمال يوفّر أكثر بيانات التقابل (collation data) شمولًا المتوفرة حاليًا للنص اليوناني للعهد الجديد. أما المصدر الرابع الذي تم أخذه بعين الاعتبار فهو سلسلة Text und Textwert، التي نُشرت في الفترة بين 1987 و2005 على يد (كورت ألاند) وزملائه في معهد أبحاث نص العهد الجديد لاحقًا. Institut für neutestamentliche Textforschung)).[41] ومع ذلك، ونظرًا لأن مجلدات Text und Textwert) ) تقدّم بيانات التقابل في مقاطع محددة فقط (تُعرف بـ Teststellen)، فيجب استخدامها بحذر، كما سيتم توضيحه للمقارنة، تم عرض الخصائص المشتركة لكل واحد من هذه المصادر الأربعة في الجدول رقم 1أدناه.[42]

    مصدر مقارنة النصوص

    المخطوطات المشمولة

    الاختلافات المشمولة

    النص

    مدى التغطية

    بروس موريل

    جميع مخطوطات النص المستمر[43]

    جميع الاختلافات ما عدا أكثر الاختلافات الإملائية شيوعًا

    يوحنا 18

    اصحاح كامل

    ماثيو سولومون

    جميع مخطوطات النص المستمر

    جميع الاختلافات

    فيليمون

    سفر كامل

    تومي واسرمان

    جميع مخطوطات النص المستمر + نصف كتب القراءات

    جميع الاختلافات ما عدا أكثر الاختلافات الإملائية شيوعًا

    يهوذا

    سفر كامل

    Text und Textwert

    جميع مخطوطات النص المستمر

    جميع الاختلافات ما عدا القراءات الغير منطقية والاختلافات الإملائية

    العهد الجديد كامل باستثناء الرؤيا

    أجزاء مختارة فقط (مثلاً 11 جزء في يهوذا)

    جدول 1. مقارنة شاملة لكل مجموعة

     

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح - بيتر جوري - ترجمة: آرثر دانيال
    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري – ترجمة: آرثر دانيال

    أهم جانب في تقديرنا هو بالطبع تعريف مصطلح «المتغير النصي». حتى الآن، استخدمنا مصطلحات «متغير»، «قراءة»، و«اختلاف» بشكل متبادل وبصورة غير دقيقة إلى حد ما. ولكن لكي يكون تقديرنا ذا فائدة، يجب أن نكون واضحين تماماً بشأن ما نقوم بتقديره. في مجال النقد النصي للعهد الجديد، جرت عدة محاولات للتمييز بين مصطلحي «متغير» و«قراءة»، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق واضح بعد.[44] لهذا الغرض، سأقتصر على استخدام مصطلح «المتغير النصي» والذي أعرفه بأنه: “كلمة أو مجموعة كلمات في أي مخطوطة تختلف عن أي مخطوطة أخرى ضمن مقطع نصي مماثل، مع استثناء ما يلي فقط: فروق التهجئة والطرق المختلفة لاختصار الأسماء المقدسة(nomina sacra) “.[45]

    قبل المتابعة، يجب التوقف عند ملاحظتين مهمتين بخصوص هذا التعريف. أولًا، هذا التعريف قائم على المقارنة بين المخطوطات نفسها، وليس على  أي نص نقدي معياري.[46] هذا يعني أن أي موضع في النص يحتوي على قراءتين على الأقل، تُعَدّ كل واحدة منهما «اختلافًا نصيًا«، بما في ذلك تلك القراءة التي يعتقد الجامع أو المحرر أنها الأصل الذي انحدرت منه القراءات الأخرى. في هذا السياق، لا يُعتبَر مصطلح «أصلي» و«اختلاف» وصفين متعارضين، بل يمكن أن يُطلَق كلاهما على نفس القراءة. التباين

    ثانيًا، يجب الانتباه إلى القيد المهم في تعريفنا، وهو عبارة “مقطع نصي قابل للمقارنة” (comparable segment of text). هذه العبارة تشير ببساطة إلى ما يُعرف في النقد النصي بوحدة الاختلاف/ (variant unit) .[47] تحديد الموضع الدقيق لحدود هذه المقاطع يخضع لتقدير بشري، وهو أمر قد يؤثر بشكل ملحوظ، في سياق دراستنا، على عدد المتغيرات الناتجة.[48] مدى تأثير هذا العامل على النتائج الكلية يصعب تحديده بدقة، لكن من خلال عملي في مجموعات بيانات متعددة، ألاحظ أن كلما كانت عملية التجميع النصي أكثر شمولًا، قلّ تأثير هذه القرارات على العدد الإجمالي للمتغيرات. على أي حال، يجب التنويه إلى أن التقدير المقدم في هذه الدراسة يعتمد بالكامل على تقديرات باحثين آخرين في تحديد حدود تلك المقاطع النصية.

     

    3.1.3. كيف وصلنا إلى هذا التقدير؟

    بناءً على مصادر التجميع النصي (collation) التي أشرنا إليها، وتعريفنا لما يجب عَدُّه ضمن المتغيرات النصية، يبقى أن نوضّح كيف سنصل إلى تقديرنا العام لعدد المتغيرات في العهد الجديد كاملًا. أول ما يجب ملاحظته هو أن تقديرنا لا يعتمد على تقدير سابق، بل على عَدٍّ فعليّ للمتغيرات النصية. وهذا يميز هذا التقدير عن كل التقديرات السابقة. ومع ذلك، يبقى مجرد تقدير، وجوهر كل تقدير هو عملية استقراء (extrapolation) من مجموعة بيانات إلى أخرى. أبسط نقطة يمكن الانطلاق منها في هذه الاستقراء هي عدد الكلمات في كل سفر من أسفار العهد الجديد. من الواضح أن هذا العدد يتوقف على الطبعة المستخدمة، ولكن ما دام نفس الإصدار يُستخدم في طرفَي المعادلة، فإن النتائج ستكون متسقة. ونظرًا للعلاقة الوثيقة بين هذه الطبعة وسلسلة(Text und Textwert) ، فقد اخترت الإصدار السابع والعشرين من (Nestle-Åland Novum Testamentum Graece)، والذي يحتوي على 138,020 كلمة، بما في ذلك الكلمات الموضوعة بين أقواس مزدوجة ومفردة.[49]

    إذا كنا نعرف عدد المتغيرات النصية لكل كلمة في جزء معيّن من النص، أو ما يمكن أن نطلق عليه “معدل الاختلاف “(rate of variation)، يمكننا الاستقراء بناءً عليه لتقدير عدد المتغيرات في كامل العهد الجديد. الصيغة الحسابية كالتالي:[50]

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح - بيتر جوري ترجمة: آرثر دانيال
    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري ترجمة: آرثر دانيال

    بما أننا مهتمون بعدد المتغيرات في العهد الجديد (س)، يمكننا ترتيب المعادلة على الشكل التالي:

     

     

    2.3. البيانات المستخدمة في التقدير

    للوصول إلى معدل الاختلاف في كل مجموعة نصية (corpus)، قمت بفحص دقيق للمواضع التي تم جمع قراءاتها في المصادر المُختارة، وعددتُ المتغيرات النصية في كلٍ منها، مع تسجيل القراءات التي بلا معني (nonsense) أو القراءات الشاذة (singular) حيثما أمكن. في بعض الحالات، استخدمت قواعد بيانات إلكترونية ساعدت في العد، وفي حالات أخرى أجريت العد يدويًا. تُعرض

    السفر/الاصحاح

    عدد المخطوطات التي أُجريَت عليها المقارنة النصية

    وحدة الاختلاف

     

     

    المُتَغَيِّرات

    القراءات التي لا معني لها/غير مفهومة

    القراءات الشاذة

    يوحنا 18 (م)

    1659

    524

    3,058

    1360

    1768

    فليمون (س)

    572

    293

    1,185

    218

    409

    يهوذا (و)

    560

    324

    1,694

    502

    859

    البيانات الأولية من المصادر الثلاثة الأساسية في الجدول 2.

    جدول 2. البيانات المستخرجة من المقارنات النصية التي أجراها موريل (و)، وسولومون (س)، وواسّرمان (و).

     

    يمكننا أن نضيف إلى هذه البيانات عددًا من نقاط المقارنة المفيدة، مثل عدد الكلمات وعدد وحدات الاختلاف.  كما يمكننا عرض النسبة المئوية للقراءات الغير مفهومة والقراءات الشاذة من إجمالي القراءات. تُعرض هذه المقارنات في الجدول 3 (وقد تم تقريب المعدلات لأقرب جزء من المئة، والنسب المئوية لأقرب جزء من العشرة).

    السفر/الاصحاح

    عدد الكلمات (NA27)

    متوسط المتغيرات لكل وحدة اختلاف

    متوسط المتغيرات لكل كلمة

    النسبة المئوية للقراءات الغير مفهومة

    النسبة المئوية للقراءات الشاذة

    يوحنا 18 (م)

    791

    5.84

    3.87

    44,5%

    57.8%

    فليمون (س)

    335

    4.04

    3.54

    18.4%

    42.3%

    يهوذا (و)

    461

    5.23

    3.67

    29.6%

    50.7%

    المتوسط

    5.04

    3.69

    30.8%

    50.3%

    جدول 3. مقارنة بين عدد المتغيرات وعدد وحدات الاختلاف وعدد الكلمات. العمود الأخير يوضّح النسبة المئوية للمتغيرات التي تُعدّ بلا معنى أو التي تظهر في مخطوطة واحدة فقط من بين المخطوطات التي تم تجميعها.

     

    قبل الانتقال إلى التقدير، هناك بعض الملاحظات الهامة: أولًا، نسبة المتغيرات الشاذة مرتفعة بشكل كبير، إذ تُشكّل في المتوسط أكثر من نصف المتغيرات في الجداول الثلاثة، وتقترب من60٪ في يوحنا 18. أما المتغيرات التي لا معني لها أقل، لكنها لا تزال ملحوظة، إذ تتجاوز في المتوسط 30٪، وتصل إلى حوالي 45٪ في يوحنا 18. ومن غير المفاجئ أن هاتين الفئتين تتقاطعان بدرجة كبيرة؛ فـ 86.3٪ من المتغيرات الغير مفهومة في يوحنا 18 هي متغيرات شاذة، بينما تصل هذه النسبة إلى 64.2٪ في فيلمون، و84.7٪ في يهوذا. تؤكد هذه المعطيات أن الأخطاء الواضحة كانت النوع الأسهل الذي تمكن النساخ من ملاحظته وتصحيحه.

    ثانيًا، يجب أن ننظر في العلاقة بين عدد المتغيرات وعدد المخطوطات. من الصحيح، كما أدرك (بنتلي)، أن زيادة عدد المخطوطات المُقارنة يؤدي إلى زيادة عدد المتغيرات. لكن يمكننا أيضًا القول إن هذه الزيادة ليست خطية (linear) ولا أُسّية (exponential)، بل لوغاريتمية (logarithmic). والسبب في ذلك أن الغالبية العظمى من المخطوطات بيزنطية، لأنها متشابهة إلى حد كبير، وبالتالي، كلما زاد عدد المخطوطات البيزنطية المُقارنة، قلّ عدد المتغيرات التي تضيفها كل مخطوطة تتضاف للمقارنة.

    يتضح هذا أولًا إذا لاحظنا أن معدل الاختلاف (أو نسبة الكلمات إلى المتغيرات) متقارب جدًا بين المُقارنات الثلاث، رغم أن يوحنا 18 يضم تقريبًا ثلاثة أضعاف عدد المخطوطات. السبب في ذلك هو أن الكثير من هذه المخطوطات الإضافية هي بيزنطية. يمكن ملاحظة التأثير نفسه عند مقارنة تجميع (واسرمان) لرسالة يهوذا مع تجميع [51] .Editio Critica Maior (ECM) فعلى الرغم من أن (واسرمان) قارن أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الشواهد، إلا أن النتيجة كانت أقل من ضعف عدد المتغيرات.[52] والسبب واحد: عند التعامل مع المخطوطات البيزنطية وعدد المتغيرات النصية، يبدأ قانون تناقص العائد بالظهور.[53]

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح - بيتر جوري - ترجمة: آرثر دانيال
    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري – ترجمة: آرثر دانيال

    3.3. التقدير المُقترح

    استنادًا إلى هذه الأرقام، أصبح بإمكاننا الآن تقدير العدد الكلّي للاختلافات النصية في العهد الجديد اليوناني. وصيغة الحساب التي نعتمدها هي: “(عدد المتغيرات في العيّنة ÷ عدد الكلمات في العيّنة) × عدد كلمات نص العهد الجديد (NA27) = العدد التقديري للاختلافات في العهد الجديد بأكمله.”

    موريل

    (791 ÷ 3058) × 138.020 = 533,584

    سولومون

    (335 ÷ 1185) × 138.020 = 488,220

    واسرمان

    (461 ÷ 1694) × 138.020= 507,171

    نظرًا لأن هذه التقديرات تستند إلى بيانات من مجموعة متنوعة من أسفار العهد الجديد (الأناجيل، رسائل بولس، والرسائل الجامعة)، فإنها متقاربة بشكل ملحوظ. ومع ذلك، فإن ما يمكن اعتباره قصورًا فيها هو افتراضها لثبات معدل الاختلاف النصي عبر كامل العهد الجديد. ولكي نمنح خصوصية تداول كل سفر حقها، يمكننا استخدام البيانات المتوفرة في سلسلةText und Textwert ، مع العلم بأنها تغطي فقط 920 مقطعًا اختبريًا(Teststellen) ، ولا تشمل أي قراءات غير منطقية.[54] تُعرض هذه البيانات في الجدولين 4 و5.

     

    السفر

    المخطوطات

    المُجمعة

    مقاطع الاختبار

    المتغيرات

    المتغيرات الشاذة

    متى

    1657

    64

    720

    346

    مرقس

    1660

    196

    2431

    1144

    لوقا

    1672

    54

    862

    413

    يوحنا 1-10

    1683

    153

    1306

    439

    أعمال

    486

    104

    1260

    616

    رومية

    601

    47

    475

    223

    1 كورنثوس

    605

    59

    660

    260

    2 كورنثوس

    612

    26

    392

    201

    غلاطية

    609

    17

    235

    99

    أفسس

    607

    18

    181

    80

    فيلبي

    609

    11

    146

    71

    كولوسي

    612

    10

    127

    59

    1 تسالونيكي

    598

    5

    53

    26

    2 تسالونيكي

    598

    4

    58

    24

    1 تيموثاوس

    597

    9

    90

    40

    2 تيموثاوس

    586

    5

    43

    19

    تيطس

    574

    3

    67

    35

    فليمون

    563

    4

    65

    35

    العبرانيين

    595

    33

    307

    127

    يعقوب

    517

    25

    174

    60

    1 بطرس

    519

    13

    121

    46

    2 بطرس

    511

    14

    141

    55

    1 يوحنا

    504

    23

    205

    84

    2 يوحنا

    490

    8

    52

    24

    3 يوحنا

    500

    4

    22

    8

    يهوذا

    499

    11

    170

    84

    الرؤيا

    جدول 4. يُؤخذ عدد المخطوطات من مقطع الاختبار في كل سفر، وهو المقطع الذي يحتوي على أكبر عدد من الشواهد المخطوطية المُدرجة. تُحتسب الحذوفات الناتجة عن التماثل في نهايات الأسطر (homoeoteleuton) أو بداياتها (homoeoarchton)، والتي يُشار إليها بالحرفين “U” أو “V” في الجهاز النقدي، فقط إذا نتج عنها قراءة مميزة داخل وحدة الاختلاف. وعندما تحدث حذوفات متعددة من هذا النوع ضمن وحدة التغاير نفسها، لا تُعد قراءات شاذة.  أما المخطوطات التي تُسقط بالكامل مرقس 16: 9–20 أو يوحنا 7: 53–8: 11، فلا يُعاد احتسابها في وحدات التغاير اللاحقة داخل هذه المقاطع. يُستخدم الخط (-) للدلالة على البيانات غير المتوفرة.

     

    عدد كلمات العهد الجديد  في مقاطع الاختبار

    متوسط المتغيرات لكل مقطع اختبار

    متوسط المتغيرات لكل كلمة

    النسبة المئوية للقراءات الشاذة

    السفر

    156

    11.25

    4.62

    48.1%

    متى

    506

    12.40

    4.80

    47.1%

    مرقس

    167

    15.96

    5.16

    47.9%

    لوقا

    377

    8.54

    3.46

    33.6%

    يوحنا 1–10

    310

    12.12

    4.06

    48.9%

    أعمال الرسل

    126

    10.11

    3.77

    46.9%

    رومية

    201

    11.19

    3.28

    39.4%

    1 كورنثوس

    108

    15.08

    3.63

    51.3%

    2 كورنثوس

    48

    13.82

    4.90

    42.1%

    غلاطية

    46

    10.06

    3.93

    44.2%

    أفسس

    40

    13.27

    3.65

    48.6%

    فيلبي

    24

    12.70

    5.29

    46.5%

    كولوسي

    10

    10.60

    5.30

    49.1%

    1 تسالونيكي

    15

    14.50

    3.87

    41.4%

    2 تسالونيكي

    17

    10.00

    5.29

    44.4%

    1 تيموثاوس

    9

    8.60

    4.78

    44.2%

    2 تيموثاوس

    9

    22.33

    7.44

    52.2%

    تيطس

    14

    16.25

    4.64

    53.8%

    فليمون

    74

    9.30

    4.15

    41.4%

    العبرانيين

    61

    6.96

    2.85

    34.5%

    يعقوب

    21

    9.31

    5.76

    38.0%

    1 بطرس

    44

    10.07

    3.20

    39.0%

    2 بطرس

    81

    8.91

    2.53

    41.0%

    1 يوحنا

    9

    6.50

    5.78

    46.2%

    2 يوحنا

    7

    5.50

    3.14

    36.4%

    3 يوحنا

    51

    15.45

    3.33

    49.4%

    يهوذا

    رؤيا يوحنا

    11.57

    4.33

    44.4%

    المتوسط

    جدول 5. مقارنة بين عدد المتغيرات وعدد الكلمات ووحدات الاختلاف (variation units) في سلسلة Text und Textwert. تم أخذ عدد الكلمات من النص الأساسي في كل مقطع اختبار، وهو ما يتم تمييزه بخط سفلي في سلسلة TuT.

     

     

    لضمان التعامل مع عملية نقل كل سفر من أسفار العهد الجديد بشكل مستقل، قمنا بتطبيق المعادلة الحسابية على كل سفر على حدة، ثم جمعنا الناتج النهائي،[55] وكانت النتيجة أعلى تقدير حتى الآن: 591,044 قراءة مختلفة في كامل العهد الجديد. وعند مقارنة هذا الرقم مع التقديرات الثلاثة الأخرى، يبرز بوضوح أن التجميعات النصية الأوسع نطاقًا تؤدي إلى تقديرات أقل.

     كيف يمكن تفسير ذلك؟ أحد الاحتمالات هو أن يوحنا 18، وفليمون، ويهوذا قد تم نسخها بدقة أكبر من غيرها من أسفار العهد الجديد، ولذلك تظهر معدلات أقل من التغيير النصي مقارنة ببقية العهد الجديد. إلا أن التفسير الأرجح يكمن في الطبيعة الانتقائية لمقاطع الاختبار (Teststellen) المستخدمة في سلسلة Text und Textwert، والتي قد لا تمثل حجم التغيّرات النصية تمثيلًا دقيقًا كما كنا نأمل. فهذه المقاطع لم تُختَر عشوائيًا، بل تم “اختيارها بعناية” لغرض محدد، وهو تقييم القيمة النصية للمخطوطات [56].(Textwert) وفي الواقع، لسنا بحاجة إلى افتراض هذا التفسير، بل يمكننا إثباته من خلال مقارنة البيانات المتداخلة المعروضة في الجدول 6.

    التجمعية

    المخطوطات

    عدد كلمات NA 27

    وحدات الاختلاف

    المتغيرات

    متوسط المتغيرات للوحدة

    متوسط الاختلافات للكلمة

    يوحنا 1-10 (TuT)

    1683

    377

    153

    1570

    10.26

    4.16

    يوحنا 18 (م)

    1659

    791

    524

    3058

    5.84

    3.87

    فليمون (TuT)

    563

    14

    4

    65

    16.25

    4.64

    فليمون (س)

    572

    335

    293

    967

    3,30

    2.89

    يهوذا (TuT)

    499

    51

    11

    170

    15,45

    3.33

    يهوذا (و)

    560

    461

    324

    1192

    3.68

    2,59

    جدول 6. مقارنة بين بيانات “Text und Textwert” (TuT) وبيانات موريل(م)، وسولومون (س)، وواسرمان (و) تستثني هذه المقارنة القراءات التي لا معنى لها  (nonsense readings) من بيانات سولومون وواسرمان، بينما تشمل هذه القراءات ضمن بيانات TuT الخاصة بيوحنا 1–10 فقط.

     

    في جميع الحالات الثلاث، تُظهر مقاطع الاختبار في سلسلة Text und Textwert معدلات اختلاف أعلى من المتوسط. في حالة إنجيل يوحنا، يوجد 0.29 متغيرًا أكثر لكل كلمة في مقاطع يوحنا 1–10 مقارنةً بتجميع موريل ليوحنا 18. في رسالة يهوذا، المعدل يزيد بمقدار 0.74 متغيرًا لكل كلمة. أما في فليمون، فالمعدل يزيد بشكل لافت بمقدار 1.75 متغيرًا لكل كلمة. هذا يعني أنه إذا استخدمنا مقاطع Text und Textwert لتقدير عدد المتغيرات في فليمون ويهوذا بالكامل، فسوف نبالغ في التقدير بأكثر من 580 متغيرًا في فليمون و350 متغيرًا في يهوذا. قد يبدو هذا الفارق بسيطًا، لكن إذا تكرر نفس هذا المعدل على مستوى العهد الجديد كله، فسنحصل على تقدير زائد بمقدار يتراوح بين 100,000 و240,000 متغير. ومع ذلك، حتى في هذه الحالة، لن يكون تقديرنا بعيدًا تمامًا عن الواقع. وفائدة توفر بيانات من كل سفر على حدة تجعلنا لا نرفض تقدير Text und Textwert كليًا.

    نقترح أن يكون التقدير المعقول لعدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني — باستثناء اختلافات الإملاء — حوالي نصف مليون متغير. هذا الرقم — ونؤكّد مجددًا أنه مجرد تقدير — يستند إلى عيّنة تمثّل تقريبًا 3% من كامل نص العهد الجديد اليوناني، وتشمل مخطوطات الأحرف الكبيرة، ومخطوطات الأحرف الصغيرة، وبعض كتب القراءات الكنسية. باستثناء سفر الرؤيا، يعتمد هذا التقدير على بيانات مأخوذة من أجزاء من كل سفر في العهد الجديد، وبالتالي لا يفترض أن جميع الأسفار نُسخت بنفس التكرار أو بنفس الدقة. كما لا يشمل التقدير المتغيرات المأخوذة من اقتباسات الآباء، الترجمات القديمة، التعاويذ، أو النقوش.

     

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح - بيتر جوري - ترجمة: آرثر دانيال
    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري – ترجمة: آرثر دانيال
    1. قيمة هذا التقدير

    إذا كان التقدير السابق معقولًا، فما قيمته؟ قد يرى البعض أنه لا فائدة منه على الإطلاق، على سبيل المثال، كان (كينيث كلارك) مقتنعًا بأن “عدّ الكلمات مقياس لا معنى له للتنوع النصي، وأن جميع هذه التقديرات تفشل في نقل الأهمية اللاهوتية للاختلافات النصية”.[57] يمكننا أن نتفق مع الادعاء الثاني دون أن نتفق مع الأول، لأنه لا يوجد سبب للتشاؤم لدرجة الاعتقاد بأن العدّ والتقدير لا يمكن أن يقدّما شيئًا عن انتقال نص العهد الجديد؛ علينا فقط أن نكون دقيقين في كيفية استخدامنا للبيانات.

    على ذكر الأمثلة السلبية، قد نميل إلى مقارنة تقديرنا بعدد المخطوطات اليونانية الموجودة، كما فعل (كريغ بلومبرغ) و(ستانلي بورتر).[58] في هذه الحالة، قد نستنتج أن كل واحدة من المخطوطات البالغ عددها 5,600 تُنتج في المتوسط 90 متغيرًا فقط. لكن قليلًا من التفكير يُظهر أن هذا الاستنتاج لا معنى له، لأن المخطوطات اليونانية تختلف اختلافًا كبيرًا في الطول؛ إذ لا يمكن مقارنة 90 متغيرًا في المخطوطة السينائية الضخمة بنفس العدد في قصاصة P52 الصغيرة.

    فماذا لو استخدمنا عدد الصفحات بدلًا من عدد المخطوطات كوحدة مقارنة؟ تُشير الصفحة الرئيسية لموقع غرفة المخطوطات الافتراضية للعهد الجديد (NTVMR) إلى أن عدد الصفحات المفهرسة لمخطوطات العهد الجديد اليونانية يبلغ حاليًا 2,111,770 صفحة.[59] وهذا يعني، في المتوسط، متغيرًا واحدًا لكل أربع صفحات، أو 0.25 متغيرًا لكل صفحة. لا تزال لدينا مشكلة أن “الصفحة” ليست وحدة مقارنة ثابتة، لأن الصفحات تختلف في الحجم وفي كمية النص التي تحتويها، من دون وجود علاقة ضرورية بين العاملين. فالاختلافات النصية لا تنشأ أثناء تقطيع الصفحات أو تجليدها، بل تنشأ أثناء عملية نسخ الكلمات نفسها.

    كمثال إضافي، كثيرًا ما يُقارن عدد الاختلافات النصية بعدد كلمات العهد الجديد (في إصدار معيّن على الأرجح).[60] وهذه المقارنة تؤدي إلى نتيجة تفيد بأن عدد الاختلافات يفوق عدد الكلمات، وهي نتيجة يراها بعضهم جذّابة لما تحمله من “أثر صادم”. لكن رغم شيوع هذه المقارنة، فإنها قد تكون الأكثر إثارة للشك، على الأقل إذا كان المقصود منها إخبارنا بشيء ذي معنى عن نقل نص العهد الجديد. السبب هو أنها تتجاهل تمامًا أن العملية التي تُدخل الاختلافات إلى التقليد النصي (أي النسخ) تزيد أيضًا من إجمالي عدد الكلمات التي تشهد على نفس التقليد النصي. وكما هو الحال مع المقارنات الأخرى التي تمت دراستها، تفشل هذه المقارنة في إدراك أن النساخ يُدخلون اختلافات فقط أثناء عملية الكتابة. وكما في السابق، النتيجة هي مقارنة خاطئة.[61]

    هل يمكننا إذًا أن نقول شيئًا ذا معنى بشأن نقل نص العهد الجديد بناءً على عدد المتغيرات المقدَّرة؟ نعم، إذا قارنا عدد المتغيرات الموجودة في مخطوطاتنا، لا بعدد المخطوطات، أو الصفحات، أو كلمات العهد الجديد، بل بعدد الكلمات الموجودة في المخطوطات التي أُخذت منها تلك المتغيرات. المشكلة أن لا أحد يعرف عدد الكلمات الموجودة في مخطوطاتنا الباقية، ويبدو أن لا أحد سيعرف لفترة. مع ذلك، يمكننا إجراء هذه المقارنة على نطاق صغير باستخدام بياناتنا المستخرجة من المصادر الثلاثة الرئيسة. فمثلًا، إذا افترضنا أن المخطوطات الـ 1659 التي جُمِّعَت في يوحنا 18 تحتوي كل منها على عدد كلمات يتراوح بين 791 كلمة كما في نسخة NA27 و801 كلمة كما في نص روبنسون-پيربونت، فإن هذا يعني أن الكتبة أضافوا، في المتوسط، متغيرًا جديدًا واحدًا كل 430 كلمة منسوخة.

    هذا المعدل قريب من الذي حسبه ديفيد باركر لعضوين متقاربين من العائلة 1 (Family 1) في متى، وهو متغير واحد كل 550 كلمة.[62] أما في رسالتي فليمون ويهوذا، فينخفض المعدل بشكل ملحوظ ليصل إلى متغير واحد كل 150 كلمة منسوخة. ومثلما لاحظنا سابقًا، فإن السبب يعود على الأرجح إلى قلة عدد المخطوطات البيزنطية [المستخدمة] لهاتين الرسالتين. في جميع الحالات الثلاث، تؤكد البيانات أن العدد الكبير من المتغيرات يعكس تكرار النسخ من قبل الكتبة أكثر مما يعكس عدم أمانتهم في النسخ.[63]

    هناك فائدة إضافية لتقديرنا المقترح، وهي أنه يستند إلى بيانات نوعية، وليس كمية فقط .فيمكننا القول إن نحو 50٪ من المتغيرات التي قدّرناها هي من النوع الذي يعتبره كثير من نُقّاد النصوص الأقل احتمالًا لأن يكون أصليًا، أي “القراءات الشاذة”(singular readings) . يمكننا أيضًا أن نلاحظ أن في يوحنا 18، حوالي 44٪ من جميع المتغيرات هي من النوع الذي لم يتمكن المحرر من فهمه منطقيًا أو نحويًا، أي ما يُعرف بالقراءات “غير المفهومة”(nonsense variants). 
    أما في رسالتي فليمون ويهوذا، فالنسب أقل لكنها لا تزال تصل إلى 18٪ و29٪ على التوالي. هذا يثبت ببساطة ما كان نُقّاد النصوص المتمرّسون يعرفونه دائمًا، وهو أن نسبة كبيرة من المتغيرات الموجودة في مخطوطاتنا لا تملك، أو تملك احتمالية قليلة، لأن تكون أصلية.

     

    1. الخاتمة

    بعد نحو 150 عامًا من إصدار(ميل) نسخته التي قدّر فيها عدد المتغيرات النصية بنحو 30,000، اقترح (سكريفنر) أن يُضرب هذا الرقم في أربعة. واليوم، بعد أكثر من 150 عامًا من (سكريفنر)، يمكننا أيضًا أن نضاعف تقديره أربع مرات على الأقل، مع الإشارة إلى أن هذا التقدير يقتصر على المخطوطات اليونانية وحدها. ويمكن القول أيضًا إن جميع التقديرات السابقة كانت أقل من الواقع، ولا سيما تلك التي زعمت أنها تشمل قراءات نُقلت عن الترجمات القديمة أو عن آباء الكنيسة. الاستثناء الوحيد هو “التخمين الجريء” لـ (إلدون إيب) الذي يصل إلى 750,000 متغير، وهو على الأرجح مبالغ فيه، حتى مع احتساب الأدلة الأبائية والترجمية.

    الأهم من ذلك، أن هذا التقدير يتيح للباحثين عدم إلقاء مسؤولية تقديراتهم على مصادر غير مذكورة أو غير مرئية. فالتقدير الحالي يستند إلى بيانات واضحة ومنهجية محددة، وكلاهما متاح للفحص العلني. ويُؤمَل أن تكون هاتان الميزتان كافيتين لردعنا جميعًا عن إعادة تكرار معلومات غير موثقة أو لا يمكن التحقق منها بشأن انتقال نص العهد الجديد اليوناني.[64]

     

    1. الملحق: مسح للتقديرات السابقة

    تتضمن القائمة التالية مسحًا للتقديرات الواردة في كتب مقدمات العهد الجديد، ومقالات، والقواميس، والموسوعات، والدلائل التفسيرية، وكتب نقد نص العهد الجديد، وكتب تتناول أصل وتكوين الكتاب المقدس خلال الـ150 سنة الماضية. وعندما يكون المؤلف قد تم الاستشهاد به في هذه المقالة، يُكتفى هنا بذكر بيانات ببليوغرافية جزئية فقط.

     

    المصدر

    التاريخ

    التقدير

    العالم

    Plain Introduction, 3

    1861

    على الأقل 120,000

    Scrivener, F. H. A.

    Companion, 176

    1883

    150,000

    Schaff, Philip

    New Testament,’ The Imperial Bible-Dictionary: Historical  Biographical, Geographical, and Doctrinal (ed. Patrick Fairbairn; London: Blackie & Son) 370

    1886

    120,000

    Dickson, William P.

    Introduction, 13

    1889

    180,000 – 200,000

    Warfeild, B. B.

    ‘Bible Text—New Testament,’ I.278

    1891

    150,000

    Abbot, Ezra, C. von Tischendorf, and O. von Gebhardt

    Einführung, 14

    1897

    120,000 – 150,000

    Nestle, Eberhard

    History of the Textual Criticism, 6

    1899

    150,000-200,000

    Vincent, Marvin

    Introduction to the New Testament, 589

    1904

    30,000 أو 100,000

    Jülicher, Adolf

    The Ancestry of Our English Bibles: An Account of Manuscripts, Texts, and Versions of the Bible (New York: Harper & Brothers) 201

    1907

    150,000

    Price, Ira Maurice

    ‘Text and MSS (NT),’ V.2955

    1915

    200,000

    Sitterly, Charles

    Critique textuelle,’ II.262

    1934

    ‘حوالي 250,000’

    Pirot, Louis and H. J. Vogels

    Initiation, 9

    1934

    150,000-250,000

    Vaganay, Léon

    Text of the Epistles, 58

    [1946]

    1953

    “كتلة لا يمكن تصورها ولا يمكن التحكم بها”

    Zuntz, Günther

    ‘How to Use a Greek New Testament,’ 54

    1951

    250,000-300,000

    Nestle, Erwin

    ‘Text, NT,’ 595

    1962

    أكثر بكثير من 150,000-250,000

    Parvis, Merrill M.

    ‘The Textual Criticism of the New Testament,’ Peake’s Commentary on the Bible (ed. Matthew Black and H. H. Rowley; London: Thomas Nelson) 669

    1962

    300,000

    Clark, Kenneth W.

    ‘Theological Relevance,’ 3, 12

    1966

    300,000

    Clark, Kenneth W.

    Introduction to the New Testament (New York: Doubleday) 77

    1983

    200,000

    Collins, Raymond F.

    Introduction to New Testament Exegesis (Grand Rapids: Eerdmans) 13–14

    1993

    [1987]

    250,000

    Stenger, Werner

    ‘Textual Criticism,’ New Testament Criticism and Interpretation (ed. David Alan Black and David S. Dockery; Grand Rapids: Zondervan) 128 n. 21

    1991

    عشرات أو حتى مئات الآلاف

    Holmes, Michael W.

    Introduction, 2

    1991

    150,000-250,000

    Vaganay, Léon and C.-B. Amphoux

    Manuscripts and the Text, 21

    1995

    300,000

    Elliott, Keith and Ian Moir

    ‘Textual Criticism in the Exegesis of the New Testament, with an Excursus on Canon,’ A Handbook to the Exegesis of the New Testament (ed. Stanley E. Porter; Leiden: Brill) 52–53

    1997

    300,000

    Epp, Eldon J.

    Kenneth W. Clark Lectures, ‘Lecture One,’ §8

    1997

    300,000

    Ehrman, Bart D.

    ‘Multivalence,’ 277

    1999

    300,000

    Epp, Eldon J.

    The Study of the New Testament: A Comprehensive Introduction (Leiden: Deo, 20033) 84

    2003

    250,000

    Piñero, Antonio and Jesús Sáenz

    ‘Textual Criticism,’ 59

    2004

    300,000

    Schnabel, Eckhard J.

    ‘All About Variants,’ 275, 291

    2007

    ثُلثُ مليونٍ

    Epp, Eldon J.

    Misquoting Jesus, 89

    2005

    200,000-400,000

    Ehrman, Bart D.

    ‘Laying a Foundation: New Testament Textual Criticism,’ Interpreting the New Testament Text: Introduction to the Art and Science of Exegesis (ed. Darrell L. Bock and Buist M. Fanning; Wheaton: Crossway) 34

    2006

    300,000-400,000

    Wallace, Daniel B.

    Text of the New Testament, 38

    2008

    400,000

    Greenlee, J. Harold

    ‘Factor Analysis,’ 29

    2010

    300,000

    Baldwin, Clinton

    ‘Textual Criticism and New Testament Interpretation,’ 87

    2011

    400,000-750,000

    Epp, Eldon J.

    ‘Textual Criticism of the New Testament,’ np

    2012

    400,000

    Wallace, Daniel B.

    Formation of the Bible, 129, 144

    2012

    200,000-400,000

    McDonald, Lee Martin

    How We Got the New Testament, 23, 65

    2013

    أكثر من 100,000

    وقد تصل إلى 400,000

    Porter, Stanley E.

    Can We Still Believe the Bible?, 16–17, 27

    2014

    200,000-400,000

    Blomberg, Craig L.

    ‘Why Does New Testament Textual Criticism Matter?,’ 419

    2014

    400,000-750,000

    Epp, Eldon J.

     

     

     

    [1] Peter J. Gurry, “The Number of Variants in the Greek New Testament: A Proposed Estimate,” New Testament Studies 62, no. 1 (2016): 97–121.

    شكر خاص للأستاذ جرجس مخلص حنا على المراجعة اللغوية.

     

    [2] رُوِيَت هذه القصة في:

     Adam Fox, John Mill and Richard Bentley: A Study of the Textual Criticism of the New Testament 1675 1729 (Oxford: Basil Blackwell, 1954) 105–15.

    [3] Adam Fox, John Mill and Richard Bentley: A Study of the Textual Criticism of the New Testament 1675 1729 (Oxford: Basil Blackwell, 1954) 105–15.

    [4] للاطلاع على قائمة المخطوطات التي كانت متاحة لـ (ميل)، انظر: Fox, Mill and Bentley، الصفحات 143–146. أما القائمة التي يحتفظ بها معهد أبحاث نص العهد الجديد (INTF) فهي متوفرة على الرابط: http://ntvmr.uni-muenster.de/liste. وفي وقت كتابة هذا البحث، كانت الأعداد كالتالي: 127 بردية(papyri) ، و286 مخطوطة بحروف كبيرة(majuscules) ، و2841 مخطوطة صغيرة(minuscules) ، و2384 مخطوطة قراءات كنسية .(lectionaries)

    [5] Bart D. Ehrman, ‘Text and Interpretation: The Exegetical Significance of the “Original” Text,’ Studies in the Textual Criticism of the New Testament (NTTS 33; Leiden: Brill, 2006) 309; originally published as Bart D. Ehrman, ‘Text and Interpretation: The Exegetical Significance of the “Original” Text,’ TC: A Journal of Biblical Textual Criticism (2000), available athttp://rosetta.reltech.org/TC/v05/Ehrman2000a.html (accessed September 22, 2014). No estimate today ‘represents the sum total of all analyzed manuscripts’ as claimed by K. Martin Heide in ‘Assessing the Stability of the Transmitted Texts of the New Testament and the Shepherd of Hermas,’ The Reliability of the New Testament: Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace in Dialogue (ed. Robert B. Stewart; Minneapolis: Fortress, 2011) 157.

    [6] Günther Zuntz, The Text of the Epistles: A Disquisition upon the Corpus Paulinum (Schweich Lectures 1946; London: Oxford University Press, 1953) 58.

    [7] See especially Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace, ‘The Textual Reliability of the New Testament: A Dialogue,’ The Reliability of the New Testament: Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace in Dialogue (ed. Robert B. Stewart; Minneapolis: Fortress, 2011) 13–60, esp. 21–2, 32–4; Daniel B. Wallace, ‘Lost in Transmission: How Badly Did the Scribes Corrupt the New Testament Text?,’ Revisiting the Corruption of the New Testament: Manuscript, Patristic, and Apocryphal Evidence (Grand Rapids: Kregel, 2011) 26–40.

    [8] Stanley E. Porter, How We Got the New Testament: Text, Transmission, Translation (Grand Rapids: Baker Academic, 2013) 66; Craig L. Blomberg, Can We Still Believe the Bible? An Evangelical Engagement with Contemporary Questions (Grand Rapids: Brazos, 2014) 17.

    [9] Eldon Jay Epp, “Why Does New Testament Textual Criticism Matter? Refined Definitions and Fresh Directions,” ExpT 125, no. 9 (2014): 419.

    [10] غالبًا ما لا يُدرك أن هذا الرقم (30,000 اختلاف) لم يصدر عن جون ميل نفسه، بل هو تقدير قدمه (Gerard von Maestricht) في المقدمة التمهيدية لإصداره للعهد الجديد اليوناني عام 1711 (انظر Fox, Mill and Bentley, صـ 105).

    [11] F. H. A. Scrivener, A Plain Introduction to the Criticism of the New Testament for the Use of Biblical Students (Cambridge: Deighton, 1861) 3.

    [12] Philip Scha8f, A Companion to the Greek Testament and the English Version (New York: Harper & Brothers, 1883) 176.

    [13]كتب إلدون إيپ مؤخرًا أن “هورت (Hort) في عام 1882 تكلّم عن وجود 300,000 قراءة متنوّعة في الشواهد المعروفة”، لكن لم أجد أي دليل يدعم هذا الادعاء. انظر:  

    Eldon Jay Epp, “Textual Criticism and New Testament Interpretation,” in Method and Meaning: Essays on New Testament Interpretation in Honor of Harold W. Attridge (ed. Andrew B. McGowan and Kent H. Richards; Resources for Biblical Study 67; Atlanta: SBL, 2011), 87; cf. Epp, “Why Does New Testament Textual Criticism Matter?”, 419.

    [14] B. B. Warfield, An Introduction to the Textual Criticism of the New Testament (London: Hodder & Stoughton, 1889) 13.

    [15] وارفيلد، Introduction، صـ 13 (التأكيد مني). لا تزال نفس طريقة العد مستخدمة، على سبيل المثال، في: نيل آر. لايتفوت، How We Got the Bible (غراند رابيدز: إيردمانز، 2003³)، صـ 96: “إذا وُجد اختلاف بسيط واحد في 4000 مخطوطة مختلفة، فسيُعد ذلك 4000 ‘خطأ”.

    [16] طريقة العدّ هذه غير مستخدمة في الدراسات الحديثة، ولا يُعتدّ بها في الأوساط الأكاديمية، وليس من الأمانة استخدامها في الأعمال الدفاعية عربيةً كانت أو اجنبيةً، وقد نبّه الكاتب إلى ذلك بوضوح في مواضع أخرى من أعماله—المترجم.

    [17] Ezra Abbot, C. von Tischendorf, and O. von Gebhardt, ‘Bible Text—New Testament,’ A Religious Encyclopedia or Dictionary of Biblical, Historical, Doctrinal, and Practical Theology (ed. Philip Scha8f; 4 vols.; New York: Funk & Wagnalls, 1891) I.278; Eberhard ٥, Einführung in das Griechische Neue Testament (Göttingen: Vandenhoeck und Ruprecht, 18971) 14; Marvin R. Vincent, A History of the Textual Criticism of the New Testament (London: Macmillan, 1899) 6.

    [18] Adolf Jülicher, An Introduction to the New Testament (London: Smith, Elder & Co., 1904) 589–90.

    [19] Charles F. Sitterly, ‘Text and MSS (NT),’ The International Standard Bible Encyclopedia (ed. James Orr; 5 vols.; Chicago: Howard-Severance, 1915) V.2,955.

    [20] H. J. Vogels and L. Pirot, ‘Critique textuelle du Nouveau Testament,’ Dictionnaire de la Bible: Supplément (ed. Louis Pirot; 13 vols.; Paris: Librairie Letouzey, 1934) II.226; Léon Vaganay, Initiation à la critique textuelle néotestamentaire (BCSR 60 ; Paris: Bloud et Gay, 1934) 9.

    [21] Erwin Nestle, ‘How to Use a Greek New Testament,’ The Bible Translator 2, no. 2 (1951) 54.

    [22] Kenneth W. Clark, ‘The Theological Relevance of Textual Variation in Current Criticism of the Greek New Testament,’ JBL 85, no. 1 (1966) 12.

    [23] Merrill M. Parvis, ‘Text, NT,’ The Interpreter’s Dictionary of the Bible: An Illustrated Encyclopedia (ed. George Arthur Buttrick; 5 vols.; New York: Abingdon, 1962) IV.595; Clark, ‘Theological Relevance,’ 3.

    [24] J. K. Elliott and Ian Moir, Manuscripts and the Text of the New Testament: An Introduction for English Readers (Edinburgh: T&T Clark, 1995) 21; Eldon Jay Epp, ‘The Multivalence of the Term “Original Text” in New Testament Textual Criticism,’ HTR (1999) 52; Ehrman, ‘Text and Interpretation,’ §8; Eckhard Schnabel, ‘Textual Criticism: Recent Developments,’ The Face of New Testament Studies: A Survey of Recent Research (ed. Scot McKnight and Grant R. Osborne; Grand Rapids: Baker Academic, 2004) 59.

    [25] Eldon Jay Epp, ‘It’s All about Variants: A Variant-Conscious Approach to New Testament Textual Criticism,’ HTR 100, no. 3

    [26] 4 J. Harold Greenlee, The Text of the New Testament: From Manuscript to Modern Edition (Grand Rapids: Baker, 2008) 38; Daniel B. Wallace, ‘Textual Criticism of the New Testament,’ Lexham Bible Dictionary (ed. John D. Barry and Lazarus Wentz; Bellingham, WA: Lexham, 2012); Lee Martin McDonald, Formation of the Bible: The Story of the Church’s Canon (Peabody, MA: Hendrickson, 2012) 144.

    [27] Epp, ‘Textual Criticism and New Testament Interpretation,’ 87; Epp, ‘Why Does New Testament Textual Criticism Matter?,’ 419.

    [28] Joel Best, Stat-Spotting: A Field Guide to Identifying Dubious Data (Berkeley: University of California Press, 2013) 124.

    [29] Léon Vaganay and Christian-Bernard Amphoux, An Introduction to New Testament Textual Criticism (Cambridge: Cambridge University Press, 19912) 2; Ehrman, Misquoting Jesus, 89.

    [30] 28 Heide, ‘Assessing,’ 157.

    [31] Elliott and Moir, Manuscripts, 21.

    [32] Warfield, Introduction, 13.

    [33] Ehrman, ‘Text and Interpretation,’ §8; Wallace, ‘Lost in Transmission,’ 20.

    [34] Eberhard Nestle, Einführung in das Griechische Neue Testament (Göttingen: Vandenhoeck und Ruprecht, 1897) 14.

    [35] Jane E. Miller, The Chicago Guide to Writing about Numbers (Chicago: University of Chicago Press, 20041) 200.

    [36] Parvis, ‘Text,’ 595; Clark, ‘Theological Relevance,’ 3, 12. For comparison, David Parker estimates 11,000 variants in the nearly 2,000 Greek manuscripts of the Gospel of John. See David C. Parker, Textual Scholarship and the Making of the New Testament: The Lyell Lectures (Oxford: Oxford University Press, 2012) 84.

    [37] Eldon Jay Epp, ‘Textual Criticism (NT),’ The Anchor Bible Dictionary (ed. David Noel Freedman; 6 vols.; New York: Doubleday, 1992) IV.413–14. For an extended discussion, see Eldon Jay Epp, ‘Toward the Clarification of the Term “Textual Variant,”’ in Studies in the Theory and Method of New Testament Textual Criticism (Studies and Documents 45; Grand Rapids: Eerdmans, 1993)

    [38] Best, Stat-Spotting, 124.

    [39] وقد أدّى هذا المعيار الأخير، للأسف، إلى استبعاد عمل H. C. Hoskier المهم بعنوان:

    Concerning the Text of the Apocalypse: Collations of All Existing Available Greek Documents with the Standard Text of Stephen’s Third Edition, Together with the Testimony of Versions, Commentaries and Fathers. A Complete Conspectus of All Authorities, (2 vols.; London: Bernard Quaritch, 1929).

    [40] M. Bruce Morrill, ‘A Complete Collation and Analysis of All Greek Manuscripts of John 18’ (PhD diss.; University of Birmingham, 2012); S. Matthew Solomon, ‘The Textual History of Philemon’ (PhD diss.; New Orleans Baptist Theological Seminary, 2014); Tommy Wasserman, The Epistle of Jude: Its Text and Transmission (Coniectanea Biblica New Testament Series 43; Stockholm: Almqvist & Wiksell, 2006).

    [41] Kurt Aland et al., eds., Text und Textwert der griechischen Handscriften des Neuen Testaments (16 vols.; ANTF; Berlin: Walter de Gruyter, 1987–2005).

    [42] For details, see Morrill, ‘Complete Collation,’ 63; Solomon, ‘Textual History,’ 29–37; Wasserman, Jude, 129–130; Kurt Aland, Barbara Aland, and Klaus Wachtel, eds., Text und Textwert der griechischen Handschriften des Neuen Testaments: V. Das Johannesevangelium: 1. Teststellenkollation der Kaptiel 1–10: Band 1,1: Handschriftenliste und vergleichende Beschreibung (ANTF 35; Berlin: Walter de Gruyter, 2005) 7*–8*.

    [43] مخطوطات النص المستر هي: البرديات، ومخطوطات الأحرف الكبير، ومخطوطات الأحرف الصغير دون كتب القراءات (lectionaries) — المترجم.

    [44] For representative discussions, see E. C. Colwell and Ernest W. Tune, ‘Method in Classifying and Evaluating Variant Readings,’ Studies in Methodology in Textual Criticism of the New Testament (NTTS 9; Leiden: Brill, 1969) 96–105; Epp, ‘Clarification’; Gordon D. Fee, ‘On the Types, Classification, and Presentation of Textual Variation,’ Studies in the Methodology in Textual Criticism of the New Testament (Studies and Documents 45; Grand Rapids: Eerdmans, 1993) 62–79; David C. Parker, An Introduction to the New Testament Manuscripts and Their Texts (Cambridge: Cambridge University Press, 2008) 4–5; Barbara Aland et al., eds., Novum Testamentum Graecum: Editio Critica Maior IV: Catholic Letters (Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft, 20132) 26*–7*.

    [45] يجدر التنويه هنا إلى أن سولومون، على عكس موريل وواسرمان، يصنف الاختلافات بين الضمائر مثل ὑµῶν/ἡµῶν و αὐτοῦ/ἑαυτοῦ  ضمن فئة “فروق التهجئة” (Solomon, ‘Textual  History,’ (33 لقد قمتُ بحساب 18 حالة من هذه الاختلافات وأدرجتها فيما يلي، لأنني أرى أنه لا ينبغي تصنيفها كفروق تهجئة.

    [46] For this distinction, see especially, Epp, ‘Clarification,’ 50. Precisely because this definition is oriented to manuscripts rather than reconstructed texts, it avoids completely the debates about the identification of the ‘original’ text, on which see Michael W. Holmes, ‘From ‘Original Text’ to ‘Initial Text’: The Traditional Goal of New Testament Textual Criticism in Contemporary Discussion,’ The Text of the New Testament in Contemporary Research: Essays on the Status Quaestionis (ed. Bart D. Ehrman and Michael W. Holmes; NTTSD 42; Leiden: Brill, 20132) 637–88.

    [47] حول أهمية التمييز بين “variant” (الاختلاف النصي) و”variant unit” (وحدة الاختلاف)، انظر:

    Colwell and Tune, ‘Method in Classifying,’ 99 100; Epp, ‘Clarifucation,’ 49–50, 60–1.

    [48]  An excellent discussion of the problem is given in Morrill, ‘Complete Collation,’ 55–65. For a good illustration, see Parker, Introduction, 4–5. For an explanation of how software can segment texts in the process of collation, see Peter Robinson, ‘Rationale and Implementation of the Collation System Used on This CD-ROM,’ The Miller’s Tale on CD-ROM (Leicester: Scholarly Digital Editions, 2004), now available at http://www.sd-editions.com/AnaServer/?millerEx+3344574+text.anv (accessed October 2, 2014).

    [49] تم إجراء هذا الإحصاء إلكترونيًا باستخدام برنامج Logos Bible Software. وللمقارنة، يحتوي النص الإلكتروني لإصدار Westcott and Hort على 137,655 كلمة، بينما يحتوي نصRobinson-Pierpont البيزنطي على 140,155 كلمة. استخدام الإصدار الأحدث Nestle-Aland 28 لن يُحدث فرقًا كبيرًا، لأنه أقصر من إصدار NA27 بـ سبع كلمات فقط. أنظر:

    Barbara Aland et al., eds., Novum Testamentum Graece (Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft, 2012) 50*–1*).

    [50] عدد كلمات العَـيِّـنَـة وعدد كلمات العهد الجدي هي وفقًا لنص نستله ألاند الطبعة السابعة والعشرين — المترجم.

    [51] أشكر كلاوس فاختل (Klaus Wachtel) على تزويدي بالملفات الرقمية التي تقف خلف الإصدار الثاني من ((ECM2.

    [52] واسيرمان: 560 مخطوطة و1,694 متغير؛ :ECM2 156 مخطوطة و798 متغير.

    [53] كما يلاحظ الباحث المتخصص في دراسات العصور والوسطى باولو تروفاتو: “يبدو أن عدد المتغيرات يتناسب طرديًا مع عدد الشواهد الباقية، لكن هذا الازدياد يميل إلى الاستقرار، متبعًا منحنى تشبّع(saturation curve) ، بمجرد أن تكون غالبية الشواهد قد جُمعت.

    Everything You Always Wanted to Know about Lachmann’s Method: A Non-Standard Handbook of Genealogical Textual Criticism in the Age of Post-Structuralism, Cladistics, and Copy-Text (Storie e linguaggi; Padova: Libreriauniversitaria.it, 2014) 62.

    [54] الاستثناء الوحيد هو المجلد الأخير المتعلق بإنجيل يوحنا 1–10، إذ يسجّل كلًّا من القراءات غير المنطقية (nonsense variants) والقراءات الإملائية .(orthographic variants) باستثناء الجدول 6، سنستبعد هذه القراءات حفاظًا على التناسق في البيانات.

    [55] تقديرات عدد القراءات المختلفة  في كل سفر هي كما يلي: متى: 84,759، مرقس: 54,259، لوقا: 100,527، يوحنا:  54,097، أعمال الرسل: 74,907 رومية: 26,808 كورنثوس الأولى: 22,402 كورنثوس الثانية: 16,252 غلاطية: 10,927 أفسس: 9,518 فيلبي: 5,946 كولوسي: 8,369 تسالونيكي الأولى: 7,849 تسالونيكي الثانية: 3,185 تيموثاوس الأولى: 8,416 تيموثاوس الثانية: 5,918 تيطس: 4,903 فليمون: 1,554 عبرانيين: 20,555 يعقوب: 4,965 بطرس الأولى: 9,700 بطرس الثانية: 3,517 يوحنا الأولى: 5,417 يوحنا الثانية: 1,416 يوحنا الثالثة: 688 يهوذا: 1,535 الرؤيا: 42,655.  وبسبب عدم توفّر بيانات لسفر الرؤيا في سلسلة Text und Textwert، قمنا باحتساب المتوسط العام لمعدل التغيّر في الأسفار الستة والعشرين الأخرى، والذي بلغ 4.33.

    [56] Kurt Aland and Barbara Aland, The Text of the New Testament: An Introduction to the Critical Editions and to the Theory and Practice of Modern Textual Criticism (Grand Rapids: Eerdmans, 19892) 318. This would also explain the much higher rate of variants per variation unit.

    [57] Clark, ‘Theological Relevance,’ 5. In a similar vein, Bart Ehrman says of his ‘Orthodox corruptions’ that ‘it is pointless … to calculate the numbers of words of the New Testament a8fected by such variations’ (Bart D. Ehrman, The Orthodox Corruption of Scripture: The E9fect of Early Christological Controversies on the Text of the New Testament (New York: Oxford University Press, 2003) 276). For a response, see Heide, ‘Assessing,’ 125–59, esp. 155.

    [58] Porter, How We Got the New Testament, 66; Blomberg, Can We Still Believe?, 17.

    [59] See http://ntvmr.uni-muenster.de (accessed 5 February, 2015).

    [60] Examples are found in Eberhard Nestle, Einführung, 14; Vogels and Pirot, ‘Critique textuelle,’ II.262; Erwin Nestle, ‘How to Use,’ 54; Otto Stegmüller, ‘Überlieferungsgeschichte der Bibel,’ Die Textüberlieferung der antiken Literatur und der Bibel (München: Deutscher Taschenbuch, 19751) 195; Ehrman and Wallace, ‘Textual Reliability,’ 21, 32–3; Clinton S. Baldwin, ‘Factor Analysis: A New Method for Classifying New Testament Greek Manuscripts,’ Andrews University Seminary Studies 48, no. 1 (2010) 29.

    [61] المقصود هنا أنه عدد الاختلافات بين كامل مخطوطات العهد الجديد يجب أن يُقارن بإجمالي عدد الكمات في تلك المخطوطات، وليس بعدد كلمات العهد الجديد نفسه البالغة حوالي 138020 كلمة، قارن هذا مع اعمال أخرى للكاتب عبر فيها عن هذا بتفصيل:

    Peter J. Gurry, “Myths About Variants: Why Most Variants Are Insignificant and Why Some Can’t Be Ignored,” in Myths and Mistakes in New Testament Textual Criticism, ed. Peter J. Gurry and Elijah Hixson (Downers Grove, IL: IVP Academic, 2019), 191-210.

    [62] مخطوطتي الأحرف الصغير 1 و1582. أنظر Parker, Introduction, 137 .

    [63] كما يوضح )ديفيد باركر(: “إن مدى الاختلاف مرتبط بتكرار النسخ، بحيث يمكن أن تؤدي تغييرات نادرة نسبيًا، عبر عدد كبير من المخطوطات، إلى حجم الاختلاف الموجود”.

    Variants and Variance,’ Texts and Traditions: Essays in Honour of J. Keith Elliott (ed. Peter Doble and Je8fery Kloha; NTTSD 47; Leiden: Brill, 2014) 34.

    وقد أوضح )صموئيل تريجيليس( السبب ذاته، حيث فسر العدد الكبير من المتغيرات بأنه يعود “جزئيًا إلى تكرار نسخ العهد الجديد، وجزئيًا إلى العدد الكبير من النسخ التي وصلت إلينا”.

    Thomas H. Horne, John Ayre, and Samuel P. Tregelles, An Introduction to the Critical Study and Knowledge of the Holy Scriptures (4 vols.; London: Longmans, Green, & Co., 1869) IV.48)

    [64] من بين الذين قرأوا مسودات هذا البحث، يستحق كل من بيتر إم. هيد (Peter M. Head)، ديرك يونغكيند (Dirk Jongkind)، بيتر دي. مايرز (Peter D. Myers)، ودانيال ب. والاس (Daniel B. Wallace) تنويهاً خاصاً على ملاحظاتهم وتعليقاتهم.

     

    عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد اليوناني: تقدير مقترح – بيتر جوري [1] ترجمة: آرثر دانيال

  • أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري – ترجمة: جرجس مخلص حنا

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري – ترجمة: جرجس مخلص حنا

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري [1]

    ترجمة: جرجس مخلص حنا

    مراجعة وتعليق: آرثر دانيال

     

    لتحميل المقال بصيغة PDF

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]
    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري[1]

    لقد وصلنا نص العهد الجديد عبر آلاف النسخ، مصحوبةً بآلاف الفروقات النصية. وهذه حقيقة أساسية لا يختلف عليها أحد. إلا أن هذه الفروقات تثير إشكالية واضحة لدى من يؤمنون بأن العهد الجديد يشكّل أساس الإيمان بيسوع المسيح؛ إذ إن معرفتنا بيسوع تستند في المقام الأول إلى كتابات العهد الجديد.[2] وإذا لم نكن نعرف على وجه الدقة ما تقوله تلك الكتابات، فلا جدوى من الجدل بشأن مدى صحة ما تقرره.[3]

    لهذا، شكّلت الاختلافات النصية بين مخطوطات العهد الجديد محورًا دائمًا في النقاشات حول مصداقية الإيمان المسيحي. ومع ذلك، فإن قراءة الأدبيات الحديثة تكشف عن وجود رأيين مختلفين تمامًا حول عدد هذه الفروقات ومدى أهميتها. خذ على سبيل المثال بارت إيرمان (Bart Ehrman)، الذي بدأ يشك في فترة دراسته اللاهوتية في إمكانية الوثوق بنص العهد الجديد… كان (إيرمان) يقول أنه، حتى لو أوحي الله بالكلمات الاصلية للعهد الجديد فنحن بأي حال من الأحوال لا نستطيع أن نحصل على تلك الكلمات الاصلية. ومن هنا استنتج أن “مبدأ الوحي كان، إلى حد ما، غير ذي صلة بالكتاب المقدس كما هو بين أيدينا، لأن الكلمات التي يُقال إن الله أوحى بها قد غُيِّرت، وفي بعض الحالات فُقدت.”[4] باختصار، خَلُصَ (إيرمان) إلى أنّ عدد المتغيرات النصية كبير جدًا بحيث لا يمكن تصديق مزاعم الكتاب المقدّس حول وَحْيِهِ الذاتي.

    من ناحية أخرى، من الشائع أن نجد كُتّابًا مسيحيين يرون أن الاختلافات النصية لا تُشكّل تهديدًا حقيقيًا للإيمان المسيحي بوحي الكتاب المقدس، وذلك لأن “أكثر من 99٪ من كلمات الكتاب المقدس نعلم على وجه اليقين ما قالته المخطوطات الأصلية”، وأن “لأغلب الأغراض العملية، فإنّ النصوص الاكاديمية المنشورة حاليًا للعهد القديم العبري والعهد الجديد اليوناني تُطابق المخطوطات الأصلية.”[5]

    أحيانًا يُستخدَم هذا الرقم القريب من الكمال بطريقة معكوسة، بحيث يُقال إنّ 99% من جميع المتغيرات غير مهمّة، بدلًا من القول إنّ 99% من الكلمات الأصلية معروفة بدقة، وهو معيار مختلف قليلًا.[6]

    في كلتا الحالتين، تنطبع الفكرة بأنّ المتغيرات النصية —رغم شكوك (إيرمان)— لا تُشكّل أي تهديد حقيقي لثقة المسيحيين بالكتاب المقدّس، وبحسب تعبير (ماثيو باريت)، فإنّ أي غموض نصي تطرحه اختلافات المخطوطات لدينا هو “دائمًا في أمور غير مهمّة، ولا يتعلّق أبدًا بالعقيدة المسيحية أو مصداقية النصّ الكتابي.”[7]

    لكن أي من هذين الرأيين المتعارضين هو الصحيح؟ هل قضية وحي الكتاب المقدس باتت بلا جدوى لأن النص الأصلي ضاع وسط غياهب الزمن؟ أم أنه لا داعي للقلق لأن طَبَعاتِنا الحديثة تتطابق مع النص الأصلي في 99٪ من الحالات؟

    في هذا الفصل، سنبيّن لماذا يُعدّ كلا الادعاءين مبالغًا فيه، ففي الحالة الأولي: من الصحيح أن الغالبية العظمى من عدد المتغيرات الكبير الذي نملكه تُعدّ في الواقع تافهة بالنسبة لقراء الكتاب المقدس في العصر الحديث؛ لكننا نأمل أيضًا أن نُوضّح لماذا يُعطي القول بأن “لا متغير يؤثر في العقيدة المسيحية” انطباعًا خاطئًا بالمثل، فبعض المتغيرات، رغم كونها مدفونة في هوامش الكتاب المقدس أو التعليقات عليه، تَمسّ في الواقع عقائد مهمة، ولذلك لا يمكن تجاهلها من قِبَل المسيحيين الذين يَعتبرون الكتاب المقدس كلمة الله.

    إن أول ما يثير الاهتمام إذن هو النظر فيما يبدو أنه ادعاءات جامحة حول عدد المتغيرات في مخطوطاتنا وبعض الطرق المفيدة (وغير المفيدة أيضًا) لوضع هذا العدد المقدر في سياقه. بعد ذلك، ننظر فيما إذا كانت هذه المتغيرات تؤثر على العقيدة والممارسة المسيحية قبل أن نختتم ببعض التأملات حول أهمية هذه المتغيرات.

     

    عدد المتغيرات في العهد الجديد

    أول ما ينبغي التفكير فيه عند التساؤل عمّا إذا كانت الاختلافات النصية تؤثر على الإيمان المسيحي هو عدد هذه الاختلافات.

    على مرّ القرون، قدّم علماء العهد الجديد تقديرات مختلفة حول عدد المتغيرات النصية الموجودة في المخطوطات. ففي البدايات، كانت بعض الطبعات من العهد اليوناني تُدرج المتغيرات في الهامش بشكل محدود للغاية. لكن هذا تغيّر جذريًا مع صدور الطبعة الثورية التي أعدّها (جون ميل) عام 1707، والتي استغرقت منه ثلاثين عامًا، وسجّلت ما يقارب 30 ألف متغير نصي.[8] بعد مرور قرن من الزمان، أشار الباحث (فريدريك نولان) إلى أن الدراسات اللاحقة أضافت حوالي 100 ألف متغير جديد إلى ما رصده ميل.[9] ثم جاء قرن آخر ليُضيف تقديرًا آخر ب100 ألف متغير إضافي. أما في عصرنا الحالي، أصبح الرقم الأكثر تداولًا هو 400 ألف متغير. بل إن أحد النقاد النصيين البارزين قد اقترح رقمًا يصل إلى 750 ألف متغير.[10] ولتوضيح الصورة، تجدر الإشارة إلى أن عدد كلمات العهد الجديد لا يتجاوز 138,020 كلمة في العهد الجديد اليوناني القياسي، أي أن لدينا متغيرات تفوق عدد كلمات العهد الجديد نفسه.[11]

     

    تقدير أفضل.

    تكمن المشكلة في جميع هذه التقديرات في أننا لا نُخبَر عن مصدرها. على سبيل المثال، يُعد (إيرمان) أول باحث بارز يرفع العدد إلى 400 ألف، لكنه، مثل غيره، لا يوضح كيف وصل إلى هذا الرقم، بل يعزو إلى “علماء” مجهولين دون تقديم أي تفاصيل إضافية.[12] ومع ذلك، إذا اعتمدنا على أكثر المجموعات شمولًا most comprehensive collections للمتغيرات المتاحة، فمن الممكن التوصل إلى تقدير أكثر انضباطًا.

    لدينا الآن تجميعات شبه كاملة ومتاحة لمخطوطاتنا اليونانية لثلاثة أقسام على الأقل من العهد الجديد: يوحنا ١٨، وفليمون، ويهوذا.[13] إذا قمنا بحساب عدد الاختلافات في هذه الأجزاء وقسمناها على عدد الكلمات في العهد الجديد القياسي باللغة اليونانية، فإننا نحصل على معدل الاختلاف. النتائج هي: 3.86 اختلافًا فرديًا لكل كلمة في يوحنا ١٨، 3.53 في فليمون، و٣٫٦٧ في يهوذا.[14]

    إذا ضربنا هذه المعدلات في عدد كلمات العهد الجديد القياسي اليوناني (١٣٨,٠٢٠ كلمة)، نحصل على عدد يتراوح بين ٤٨٨,٢٢٠ و٥٣٣,٥٨٤ متغيرًا، وبما أننا نتعامل هنا مع تقدير، فمن الأفضل على الأرجح أن نُبقي الرقم تقريبيًا: نصف مليون اختلاف غير إملائي في مخطوطاتنا اليونانية.

    كل تفصيل يُحدث فرقًا، هذا التقدير لا يشمل الاختلافات الإملائية، ولا المتغيرات الموجودة فقط في مصادر أخرى، مثل اقتباسات آباء الكنيسة للعهد الجديد أو الترجمات المبكرة إلى السريانية واللاتينية ونحوها. يعود ذلك إلى محدودية البيانات المتوفرة، وكذلك إلى طبيعة هذه الشواهد الأخرى. فالترجمات، على سبيل المثال، من الصعب جدًا إرجاعها إلى اليونانية الأصلية، كما أن الطرق المتنوعة التي اقتبس بها الآباء العهد الجديد تجعل من تصنيف اختلافاتهم النصية وحسابها أمرًا صعبًا. ويجدر بنا أيضًا أن نُشير إلى أن تقديرنا يشمل “متغيرات” قد تكون في الواقع هي القراءة الأصلية، وذلك لأنه تُحصي المتغيرات بين مخطوطاتنا، لا المتغيرات مقارنةً بالنص الأصلي، إذ إن هذا النص الذي نعيد بناءه هو النص الأصلي في المقام الأول.[15]

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]
    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري[1]

    تفسير التقدير.

    الآن بعد أن أصبح لدينا تقدير موثوق، يبقى السؤال: ماذا يعني هذا التقدير؟ مثل أي إحصائية جيدة، فإن عدد الاختلافات المقدَّر يحتاج إلى سياق يفسره، وقد تم تقديم عدة مقاربات لهذا الغرض. لكن كثيرًا منها يعاني من مشاكل. فمثلًا، كما رأينا في المقدمة، يقارن بعض الباحثين العدد الإجمالي المُقدَّر للمتغيرات في جميع مخطوطاتنا بعدد الكلمات في طبعة معينة من العهد الجديد اليوناني. ورغم أن هذه المقارنة تُحدث أثرًا بصريًا قويًا، فإنها في الواقع لا تفيد كثيرًا؛ لأنها تقارن بين عدد ثابت من جهة (كلمات طبعة واحدة من العهد الجديد) وعدد مُتغير [أي غير ثابت] من الجهة الأخرى (المتغيرات في جميع مخطوطاتنا).

    من جهة أخرى، حاول بعض الباحثين مقارنة عدد المتغيرات بعدد المخطوطات لتوفير منظور مختلف. ولكن هذه أيضًا مقارنة ضعيفة، لأن المخطوطات تختلف كثيرًا في الحجم والمحتوى. فبعض مخطوطات العهد الجديد، مثل المخطوطة السينائية، تتكون من مئات الصفحات وتحتوي على العهد الجديد بالكامل، بينما توجد مخطوطات أخرى عبارة عن شذرات صغيرة تحتوي على آية واحدة فقط، مثل P12.[16] وبالتالي، فإن مقارنة توحي بأن كلا المخطوطتين تحتويان على نفس عدد المتغيرات ستكون غير مفيدة إلى حدٍ بعيد.

     ما تغفله كلتا المقارنتين هو أن الكتبة لا يخلقون تباينات في النص إلا عندما يقومون بعمل نُسَخ إضافية. بشكل عام إذا كُثِفت عملية النسخ، زادت الاختلافات. لكن هذه اللعنة تحمل في طياتها نعمة، لأن المزيد من المخطوطات، على غير المتوقع، يعني إمكانية الحصول على المزيد من البيانات التي يمكن من خلالها حل الخلافات.  وقد عبّر (ريتشارد بنتلي) عن هذا المعنى في رده على القلق الذي سببه تقدير (جون ميل) لعدد المتغيرات، والذي وصل إلى 30 ألفًا ونُشر سنة ١٧٠٧م. أشار (بنتلي) إلى أن كثرة المخطوطات أفضل، لأنَّه كما قال: “كلما زاد عدد المخطوطات، كان ذلك أفضل، لأنه من خلال المساعدة المتبادلة يمكن تصحيح كل الأخطاء: فبعض المخطوطات تحافظ على القراءة الصحيحة في موضعٍ ما، ومخطوطات أخرى تفعل ذلك في مواضع أخرى.”[17] بمعنى آخر، فإن السبب نفسه الذي يخلق المشكلة (عملية النسخ) يمكن أن يقدم الحل (الكثير من المخطوطات).

    ولحسن الحظ، يمكننا اليوم أن نتجاوز هذا المبدأ العام الذي وضعه )بنتلي(، لأن لدينا الآن بيانات أكثر – وأكثر دقة – بكثير مما كان في عصره. فعلى سبيل المثال، إذا قمنا بمقارنة عدد المتغيرات في مخطوطات النص المتصل (continuous-text manuscripts)[18] لإنجيل يوحنا الإصحاح ١٨، بعدد الكلمات المقدَّر في تلك المخطوطات نفسها، فإننا نحصل على صورة واضحة لعدد المتغيرات الفريدة التي خلقها النُساخ لكل كلمة نسخوها يدويًا.

    لدينا 3058 متغيرًا في 1659 مخطوطة لإنجيل يوحنا 18. ونظرًا لأن النسخة المتوسّطة من الإصحاح تحتوي على نحو 800 كلمة، فإن عدد الكلمات المنسوخة يبلغ تقريبًا 1,300,000 كلمة. النتيجة: متغير واحد فقط لكل 434 كلمة منسوخة، أو 3058 متغيرًا فريدًا من أصل 1,300,000 كلمة.[19]

    ولو قمنا بحذف ١٣٦٠ متغيرًا غير منطقي [عبارات غير مفهومة أو أخطاء نسخ صريحة]، فسيبقى لدينا ١٦٩٨ متغيرًا نصيًا ذا معنى.[20]

    بالطبع، هذا ما يزال رقمًا كبيرًا يحتاج أن يتعامل معه علماء النقد النصي المتخصصون عندما يقررون أي من هذه المتغيرات تعكس النص الأصلي، في مئات المواضع التي تتطلب اتخاذ قرار (معظم هذه المتغيرات سيكون سهل الحسم، إما لأن عدد المخطوطات التي تشهد بها قليل جدًا، أو لأنها تحريفات واضحة). لكن من وجهة نظر النُساخ، فإن خلق متغير واحد جديد فقط لكل ٤٣٤ كلمة منسوخة يُعتبر معدلًا جيدًا، خصوصًا عندما ندرك أن كل واحدة من هذه الكلمات كانت تمثّل فرصة محتملة لابتكار قراءة جديدة لم تُسجّل من قبل. حتى مع وجود هذه المتغيرات النصية، ما يزال علينا أن نسأل: كم من هذه التباينات في يوحنا ١٨ تؤثر فعلًا على المعنى؟

    للحصول على فكرة أوضح حول ذلك، يمكن النظر إلى ما ورد في الطبعات النقدية الحديثة. فالطبعة الثامنة والعشرون من العهد الجديد حسب نستل-ألاند (NA28)، والمُعدّة خصيصًا للدراسة الأكاديمية، تتضمن 154 قراءة مختلفة في هذا الاصحاح وحده من إنجيل يوحنا. أما الطبعة الرابعة من طبعة اتحاد جمعيات الكتاب المقدس (UBS4)، التي صُممت خصيصًا لمساعدة مترجمي الكتاب المقدس، فتتضمن فقط 10 قراءات. بينما تسجل نسخة احدث وهي العهد الجديد اليوناني الصادر عن دار تيندال(Tyndale House)، 12 قراءة مختلفة.

    إذا نظرنا في بعض من أهم مفسري إنجيل يوحنا، نلاحظ أن (كارسون) تناول فقط ثلاث قراءات مختلفة، بينما ناقش (باريت) ثماني قراءات فقط.[21] كم عدد هذه القراءات التي تستحق أن يطّلع عليها القارئ العادي للكتاب المقدس بالإنجليزية؟ استنادًا إلى الترجمات الحديثة الكبرى، الجواب هو صفر.  ففي الإصحاح الثامن عشر من إنجيل يوحنا، لا توجد أي إشارة إلى أي قراءة مختلفة في ترجمات مثل ESV, NIV, NRSV أو حتى NET  المعروفة بكثرة حواشيها. مترجمو هذه الإصدارات محقّون في ذلك، لأن جميع القراءات الرئيسية في يوحنا 18 يمكن حسمها بسهولة، أو لا تؤثر تأثيرًا كبيرًا في المعنى، أو كلا الأمرين معًا.

    من الطبيعي أن تختلف اصحاحات أخرى من انجيل يوحنا أو حتى اسفار أخرى، لكن هذا المثال يوضح الفكرة الأساسية، وهي أن نسبة ضئيلة جدًا من مجموع القراءات المتنوعة تستحق فعلاً اهتمام المترجم، فضلًا عن القارئ العادي للكتاب المقدس.[22] ووفقًا لحساباتي،  فإن حوالي ٠٫٣٪ إلى ٢٫٨٪ فقط من جميع الاختلافات النصية المُقدّرة [حوالي نصف مليون] تظهر في طبعة UBS4 المصممة خصيصًا للمترجمين.[23] وبالرغم من أن بعض هذه القراءات قد تم إغفالها بسبب الرقابة التحريرية أو بدافع الضرورة البحتة، فإن عدد القراءات التي قد تؤثر بشكل ملموس على الترجمة لا يبتعد كثيرًا عن هذه النسبة.[24]   

     

    التخمين.

    قبل أن نناقش بعض الاختلافات النصية المحددة، يجدر بنا أن نُشير إلى مدى ندرة لجوء محرري العهد الجديد اليوناني إلى “التخمين” بخصوص النص الأصلي — أي، مدى ندرة توصلهم إلى أن جميع المخطوطات المتوفرة لدينا خاطئة، وأن النص الأصلي غير موجود في أي منها.[25] هذا النوع من التخمين يُعد ممارسة شائعة نسبيًا بين محرري النصوص الكلاسيكية، وقد مارسه محررو العهد الجديد أيضًا لفترة طويلة.[26] ومع ذلك، عندما ننظر إلى الطبعة الأكاديمية الأساسية من العهد الجديد اليوناني، أي طبعة NA، نلاحظ أن استخدام التخمين فيها آخذ في التناقص بمرور الوقت. فعلى سبيل المثال، في الطبعة الثالثة عشر التي نُشرت عام ١٩٢٧م، أدخل المحرر إرفين نيستلِه (Erwin Nestle)، وهو ابن إيبرهارد نيستلِه (Eberhard Nestle)، ١٨ تخمينًا في الجهاز النقدي، اعتبرها “يجب أن تُعد أصلية”.[27]

    قارن ذلك مع إصدار نستله ألاند، الصادر عام ٢٠١٢، حيث نجد أن المحررين اعتبروا اقتراحين فقط من التخمينات النصية أصلية (واحد في أعمال الرسل 12:16، وآخر في ٢ بطرس 10:3)[28] [29] أما محررو إصدارات أخرى، مثل طبعة Tyndale House، فيرفضون التخمينات من حيث المبدأ، رغم استمرار الجدل حول مبررات هذا الرفض.[30] ومع ذلك، فإن حتى وجود ثمانية عشر تخمينًا في إصدار نستله الثالث عشر، يثبت مدى موثوقية نص العهد الجديد.
    فالقراءة الأصلية غالبًا—إن لم يكن دائمًا—موجودة في مكان ما ضمن الشهود.
    التحدي، عندما توجد، هو تحديد مكان القراءة الأصلية بدقة وبشكل مقنع.[31]

     

    بعض المتغيرات الصعبة والمهمة

    بالرغم مما قيل، لا يزال كثيرون يعترضون على فكرة أن مجرد عدّ القراءات المتنوعة يمكن أن يقدّم صورة كاملة. فعلى سبيل المثال، يكتب (كينيث كلارك): “عدّ الكلمات هو مقياس لا معنى له للتنوع النصي، وجميع هذه التقديرات تفشل في التعبير عن الأهمية اللاهوتية للقراءات المختلفة”.[32] وبالمثل، يقول (إيرمان) عما يسميه “التحريفات الأرثوذكسية” إن: “أهميتها [[أي المتغيرات]] لا يمكن ببساطة قياسها بالأرقام؛ فلا معنى، على سبيل المثال، في حساب عدد كلمات العهد الجديد المتأثرة بمثل هذه القراءات، أو في تحديد نسبة التحريفات المعروفة المرتبطة باللاهوت”.[33]

    ومن المؤكد أننا لا نحتاج إلى الذهاب بعيدًا لنقول إن العدّ بلا معنى، خاصة عندما توضع هذه الإحصاءات في سياقها الصحيح. ولكن من الصحيح أيضًا أن الاختلافات النصية، مثل المخطوطات، ينبغي أن توزن لا تعد، وبناءً على ذلك، دعونا نستعرض بعضًا من أصعب وأهمّ القراءات في العهد الجديد. هذا من شأنه أن يمنحنا فهمًا أكثر واقعية لما إذا كانت القراءات النصية تمثّل تهديدًا حقيقيًا للإيمان المسيحي عمومًا أو لوحي الكتاب المقدس بشكل خاص.

     

    التعريفات.

    عند التفكير في أهمية الاختلافات النصية، من المفيد أن نُبقي في أذهاننا فئتين رئيسيتين. الأولى تتعلق بما إذا كان الاختلاف مؤثّرًا في التفسير. وبالاتفاق العام، فإن معظم الاختلافات لا تؤثّر على معنى النص. وهذا ينطبق بوضوح على اختلافات التهجئة (هل يتغيّر المعنى إذا كتبنا اسم “يوحنا” بحرف “نون” واحد أو اثنين في اليونانية؟)، كما ينطبق أيضًا على العديد من الاختلافات البسيطة الأخرى، التي لا تفعل سوى تحويل الضمني إلى صريح أو توضيح ما هو غامض. هذه الأنواع من الاختلافات تظهر في جميع مخطوطاتنا، وأي طبعة رئيسية من العهد الجديد اليوناني ستُظهر ذلك بوضوح صفحة بعد صفحة.[34] ولا تشكّل هذه الأنواع من الاختلافات أي تهديد للإيمان المسيحي أو لوحي الكتاب المقدس. إنها تُظهر ببساطة أن النُسّاخ أو القرّاء كانوا – أحيانًا – ميّالين إلى جعل النص أكثر وضوحًا.

    قد يُساعدنا مثال على ذلك. في أعمال الرسل 33:13، نجد مشكلة معقّدة في خطاب بولس في أنطاكية بيسيدية. هناك، يشير بولس إلى تحقيق وعود الله في يسوع بقوله إن “ما وعد الله به الآباء” قد تحقق الآن في القيامة. لكن الأشخاص الذين تحققت لهم تلك الوعود ليسوا واضحين تمامًا. فالنص يقول إما: “لنا، نحن أولادهم”، أو “لأولادنا”، أو ربما “لنا، الأولاد”[35] — الاحتمالان الأول والأخير هما الأكثر منطقية في السياق. أما الثاني فهو غريب تمامًا، إذ لا نتوقع أن تكون الوعود قد تحققت بين أولاد جمهور بولس. المشكلة أن القراءة الأولى هي الأحدث من حيث التوثيق، والثانية هي الأقدم، والثالثة لا وجود لها في أي مخطوطة، بل هي افتراض (conjecture).[36] وبغض النظر عن كيفية حل هذه المسألة بعينها، فإن هذا الاختلاف النصي يؤثّر فعلًا على المعنى الدقيق لكلام بولس، ولكنه لا يؤثّر بأي حال على أهمية القيامة، فضلاً عن واقع حدوث القيامة. فلا أحد سيكون أحمق إلى درجة القول إن مجرد وجود اختلاف في هذا العدد يُعرّض حقيقة القيامة للخطر.

    ما يهمنا، إذًا، هو تلك الاختلافات النصية التي يصعب بالفعل حسمها، والتي تحمل أثرًا فعليًا على النص بطريقة قد تؤثّر على الادعاءات المسيحية. فلننتقل الآن إلى بعض الأمثلة التوضيحية.

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]
    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري[1]

    مرقس 1:1.

    في الآية الأولى من الإنجيل الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه أقدم الأناجيل، نجد اختلافًا نصيًا مهمًا وصعبًا. يبدأ الإنجيل بجملة تبدو وكأنها عنوان للإنجيل كله: “بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ“. الاختلاف النصي هنا يتعلق بعبارة “ابن الله”، إذ إن بعض الشواهد النصية المهمة تحذف هذه الكلمات.[37] في إنجيل مرقس، تُعد بنوّة يسوع لله موضوعًا محوريًا، يتكرر ذكره في عماده (مرقس 11:1)، ثم عندما يواجه الأرواح النجسة (مرقس 11:3)، وفي حادثة التجلي (مرقس 7:9)، ثم في محاكمته أمام السنهدرين (مرقس 61:14)، ويبلغ ذروته في اعتراف قائد المئة الوثني (مرقس 39:15). المسألة، إذًا، ليست ما إذا كان مرقس يقدّم يسوع كابن الله، بل: هل أراد مرقس أن نقرأ روايته عن بشارة يسوع بهذا المعنى منذ السطر الأول؟

    في النسخ النقدية القياسية للنص اليوناني (UBS – جمعية الكتاب المقدس المتحدة، وNA – نستله ألاند)، توضع العبارة “ابن الله” بين قوسين، ما يشير إلى أن “النقاد النصيين اليوم ليسوا مقتنعين تمامًا بأصالة هذه الكلمات”.[38] ويؤكد هذا التردد العلمي ما نراه في أحدث نسختين نقديتين. ف الكتاب المقدس اليوناني الصادر عن جمعية الكتاب المقدس الأمريكية (SBL Greek New Testament) يحذف العبارة كليًا، في حين أن الكتاب المقدس اليوناني الصادر عن دار تيندال (Tyndale House Greek New Testament) يثبتها بدون أقواس. أما داخل إصدار UBS، فقد أُعطي لهذا الاختلاف تصنيف C، مما يعني أن المحرّرين واجهوا صعوبة في اتخاذ قرار قاطع.

    وهذا ما يتّضح بسهولة عندما ننظر إلى أول مخطوطة واردة في الجهاز النقدي، وهي المخطوطة السينائية (01). هذه المخطوطة المهمة تحوي القراءتين معًا: القراءة الأقصر (بدون “ابن الله”) كُتبت أولًا (01*)، بينما أُضيفت القراءة الأطول لاحقًا كتصحيح من أحد النُساخ الأصليين.[39] وتوجد كلتا القراءتين أيضًا في كتابات الآباء المسيحيين الأوائل؛ فعلى سبيل المثال، أوريجانوس يشهد للقراءة الأقصر، بينما إيريناوس يقتبس القراءة الأطول في مناسبات عديدة. أقدم شاهد معروف لدينا على هذا الجزء من إنجيل مرقس وهي في الحقيقة تعويذة (amulet) من أواخر القرن الثالث أو الرابع (P.Oxy. 76.5073)، ولا تتضمن القراءة الأطول.[40] مع ذلك، يجب القول إن أغلب الأدلة المخطوطية والترجمية تميل لصالح القراءة الأطول.

    ما يجعل هذا الاختلاف النصي صعبًا بشكل خاص هو تناقض الأدلة حول كيفية نشوء كل قراءة في الأصل. فمن جهة، ليس من الصعب تخيُّل أن النسّاخ الذين كانوا ينسخون القراءة الأقصر قد أضافوا عبارة “ابن الله” بدافع التبجيل للمسيح أو نتيجة معرفتهم بمحتوى إنجيل مرقس.[41] ومن جهة أخرى، فإن تسلسل الكلمات في الآية الأولى من مرقس يجعل حدوث السقوط العفوي أمرًا سهل الحدوث، لأن ست كلمات منها تنتهي بالحرف نفسه. وعندما تُكتب أسماء يسوع بصيغ مختصرة أو ما يُعرف بالأسماء المقدسة (nomina sacra) ودون فواصل ((ΥΧΥΥΥΟΥ يصبح من السهل تخيّل سقوط اثنتين من هذه الكلمات سهوًا. يسمّي العلماء هذا النوع من السقوط ب “homoioteleuton” (هومويوتيليوتون)، ومعناه الحرفي: “تشابه النهايات”، لأن النهايات المتشابهة تُعد السبب الرئيسي في ذلك الخطأ.

     لكن بعض الباحثين اعترضوا على هذا التفسير، مشيرين إلى أن الأسماء المقدسة صُمّمت خصيصًا لتُبرز الكلمات ومنحها أهمية خاصة، لا لتسهيل إهمالها. علاوة على ذلك، وبما أن هذه الآية تقع في بداية الإنجيل، فمن المتوقع أن يكون الناسخ في قمة تركيزه في هذا الموضع تحديدًا، بل من المرجّح أنه أخذ استراحة قبل أن يبدأ في هذا الجزء.

    ورغم أن هذا قد يكون صحيحًا في بعض الحالات، فإن لدينا أمثلة واضحة تثبت وقوع هذا النوع من السقوط في بداية إنجيل مرقس في مخطوطات متأخرة.[42] أحد هذه الأمثلة هو مخطوطة محفوظة في مدينة فيرارا بإيطاليا، تُعرف باسم GA 582 (أو: مخطوطة مكتبة البلدية، القسم الثاني، رقم ١٨٧، الجزء الثالث – Bibliotheca Communal Cl. II, 187, III)، وهي نسخة كاملة من العهد الجديد تعود إلى القرن الرابع عشر، نُسخت على يد ناسخ كان سيئ السمعة لكثرة السهوات أثناء النسخ.

    عندما زرتُ هذه المخطوطة في يوليو ٢٠١٦، أحصيتُ أكثر من ١٣٠ حالة سهو تمّت إضافتها لاحقًا في الهوامش. وهذه كانت مواضع ترك فيها الناسخ نصوصًا دون أن يدرك ذلك إلا لاحقًا، فقام بإضافتها بعد التصحيح. ومن بين هذه ال 130 سهوًا، حوالي ٦٠٪؜ كانت بوضوح نتيجة لما يُعرف ب “هومويوتيليوتون”. وليس من المستغرب أننا نجد حالتين من هذا النوع على الصفحة الأولى من إنجيل مرقس نفسه، إحداهما في السطر الأول تمامًا، حيث تُحذف عبارة “ابن الله”υἱοῦ τοῦ θεοῦ من النص الرئيسي بوضوح، ولكنها أُعيدت أيضًا بوضوح في الهامش. بعبارة أخرى، لم يكن استخدام الأسماء المقدسة المختصرة (nomina sacra) ولا بداية السفر كافيَين لمنع هذا الناسخ من الحذف العفوي. وما حدث في هذا المخطوط يمكن بالتأكيد أن يفسّر السقوط (الحذف) الموجود في المخطوطة (01*) وغيرها من المخطوطات.[43]

    ومهما يكن النص الأصلي هنا (وأنا أعتقد أن الأدلة تميل نحو القراءة الأطول)، فإن هذا الاختلاف يُعد، بحسب إجماع الباحثين، قراءة صعبة ومهمة. ومن المؤكد أنها من النوع الذي يجب على الترجمات الإنجليزية أن تستمر في التنبيه إليه لقرّائها. وعلاوة على ذلك، فهي قراءة لا يستطيع المسيحيون تجاهلها عند قراءتهم المتأنّية لإنجيل مرقس، حتى لو لم تكن بنوة يسوع هي المسألة المطروحة محل نقاش في التحليل الشامل للإنجيل.

     

    لوقا 34:23.

    يوجد في هذا الموضع متغير آخر، أصعب وأكثر أهمية حتى من ذاك الموجود في مرقس ١:١، وهي تتعلّق بإحدى أشهر العبارات المعروفة في الكتاب المقدس. في لوقا ٢٣:٣٤، بينما يُصلب يسوع بين لصّين، ينطق بكلمات مدهشة بقدر ومشهورة: “فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».” بهذه الكلمات، يجسّد يسوع الاستجابة للاضطهاد الذي حذر نه أتباعه في موضع سابق (لوقا 28:6)، والتي سيقلّدها أتباعه لاحقًا (أعمال الرسل 60:7)، وسيشجّعون الآخرين على اتباعها (١ بطرس 21:2-23).[44]

    لكن المشكلة من الناحية النصّية، هي أن بعض المخطوطات القديمة والمهمة جدًا لا تحتوي على هذه الصلاة الاستثنائية على الإطلاق؛ فالكلمات ببساطة غير موجودة. وهذا ينطبق على أقدم مخطوطة نملكها، وهي P75 (من القرن الثاني إلى الثالث)، وكذلك المخطوطة الفاتيكانية (من القرن الرابع). وعندما تتفق الفاتيكانية مع البردية P75، فإنها في الغالب تشهد لنصّ يعود إلى القرن الثاني أو ربما أقدم.[45]

    لكن على خلاف مرقس ١:١، فإن هذا الحذف لا يمكن تفسيره بتشابه النهايات. ومرة أخرى، فإن المخطوطة السينائية تحتوي على كلا القراءتين. في هذه الحالة، كتب الناسخ الأصلي القراءة الأطول، ثم جاء ناسخٌ ثانٍ ووضع علامة لمسح الصلاة، ثم جاء ناسخ ثالث وحاول أن يمحو العلامة! أما مخطوطة بيزا (من القرن الخامس)، فهي تُظهر تصحيحًا أيضًا، حيث حذف الناسخ الأول الصلاة، بينما أضافها ناسخ لاحق من القرن السادس في هامش أسفل الصفحة.[46] إن القراءة المقصودة، أي الصلاة، غير موجودة في النص اللاتيني لمخطوطة بيزا، لا في أصلها ولا في أي تصحيحات لاحقة. ويؤيد هذا الحذف أيضًا عدد من مخطوطات الأحرف الكبيرة الأخرى (مثل ٠٣٢، ٠٣٨، ٠٧٠، و٠١٢٤(، بالإضافة إلى مخطوطتين من الأحرف الصغيرة (هما ٥٧٩ و١٢٤١)، وكذلك بعض من أقدم الترجمات السريانية واللاتينية والقبطية. وتشكل هذه المجموعة مجتمعة الأدلة المتوفرة التي تشير إلى غياب الصلاة من النص. أما على الجانب الآخر، فإن الصلاة محفوظة في معظم شهود النصوص المتوفرة لدينا، وتحديدًا في أهم وأقدم المخطوطات اليونانية، وهي: المخطوطة *٠١ المعروفة باسم السينائية، والمخطوطة ٠٢ المعروفة بالإسكندرية، والمخطوطة ٠٤ المعروفة بالإفرايمية.

    تشهد الأدلة من القرن الثاني أن الآية كانت معروفة بصيغتها الأطول عند إيريناوس في كتابه ضد الهرطقات (3.18.5). أما عن نسخة ماركيون من إنجيل لوقا، فليس واضحًا ما إذا كانت تحتوي على هذه العبارة أم لا.[47] وهناك أيضًا إشارة مثرة للاهتمام إلى نفس الصلاة منسوبة إلى يعقوب أخو يسوع عند استشهاده، وذلك بحسب أحد آباء الكنيسة في القرن الثاني يُدعى هيجيسيپُس وقد نُقلت لنا هذه الرواية لاحقًا فقط في القرن الرابع على يد يوسابيوس القيصري في كتابه تاريخ الكنيسة (٢:٢٣:١٦). تكمن المشكلة في أننا لا نعلم هل كانت هذه الصلاة مصدرًا لما ورد في لوقا ٢٣:٣٤، أم أن لوقا ٢٣:٣٤ كان هو المصدر للصلاة التي نسبها هيجيسيپُس (حسب إيريناوس) إلى يعقوب.[48]

    أما عن الأدلة المخطوطية، فهي منقسمة بعض الشيء؛ إلا أن اتفاق المخطوطات P75 و03 (المخطوطة الفاتيكانية) و05* (مخطوطة بيزا، نصها الأصلي قبل التصحيح) يحمل وزنًا كبيرًا في نظر معظم علماء النقد النصي، ولا شك أن هذا يُفسّر استخدام الأقواس المزدوجة [[…]] حول العبارة في NA28/UBS5، وكذلك الثقة التي أبدتها لجنة UBS في إعطاء قرارهم تقييم “A”، أي أعلى درجات الثقة النصية. أما أقوى حجة لصالح حذف الصلاة، فقد طُرحت منذ عام ١٨٨١ على يد )وستكوت( و)هورت( حين كتبا: “الحذف المتعمد بسبب المحبة والمغفرة اللتين أظهرهما الرب تجاه قاتليه هو أمر لا يُصدق على الإطلاق؛ لا يوجد أي اختلاف نصي في العهد الجديد يحمل دليلًا على نشأته من دافع كهذا.”[49] بالإضافة إلى ذلك، يُشار غالبًا إلى أن النص، دون هذه الصلاة، يتدفّق بسلاسة من مشهد صلب الجنود ليسوع (لوقا 33:23) إلى مشهد تقاسمهم ثيابه وإلقاء القرعة عليها (لوقا 35:23).

    من جهة أخرى، فإن صلاة يسوع هذه تنسجم تمامًا مع الجزء الثاني من عمل لوقا، أي سفر الأعمال، حيث يصلي استفانوس صلاة مشابهة لكنها ليست مطابقة عند استشهاده (أعمال الرسل 60:7)، فلو كانت لوقا 34:23 قد أُضيفت بتأثير من صلاة استفانوس، لَكُنّا نتوقع أن تتطابق العبارتان بشكل أكبر من حيث الصياغة. علاوة على ذلك، فإن موضوع “الجهل” الذي نراه في صلاة يسوع: «لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون»، هو موضوع يعود إليه لوقا مرارًا في سفر الأعمال (أعمال 17:3-19؛ 27:13؛ 30:17).[50] لكن هذا الجهل لا يعني البراءة، بما أن الصلاة تطلب الغفران. بل يبدو أن المغزى هو أن الجنود – وربما اليهود أيضًا؟ – لا يدركون حقيقة الشخص الذي يقومون بصلبه، ولا الطريقة التي بها يعتزم الله أن يُحوِّل شرّهم إلى خير أعظم بكثير. (انظر: يوحنا ذهبي الفم في عظاته على الرسالة الأولى إلى أهل كورنثوس، العظة السابعة، الفقرة الخامسة).[51]

    في النهاية، يجب أن يُتّخذ القرار استنادًا إلى أيّ القراءتين تفسّر أصل الأخرى بشكل أفضل. (وهذا هو المبدأ الأساسي في النقد النصي للعهد الجديد). فإن لم تكن الصلاة أصلية، فمن أين جاءت؟ وإن كانت أصلية، فلماذا قد يرغب أحدٌ في حذفها؟ بالنسبة للسؤال الأول، هناك من يجيب بأن الصلاة جاءت من صلاة استفانوس، لكننا قد أشرنا سابقًا إلى أن الصياغة بين الصلاتين ليست متطابقة كما هو متوقع لو أن إحدى الصلاتين قد استُمدت من الأخرى. من جهة أخرى، يمكن اقتراح أن الصلاة كانت بالفعل من أقوال يسوع، لكنها لم تكن أصلاً جزءًا من إنجيل لوقا، في هذا التصور، تكون العبارة بمثابة “تقليد عائم” – أي تقليد شفهي متداول – انتهى به المطاف أن يدخل إلى إنجيل لوقا لاحقًا.[52] لكن، إن كان هذا هو الحال، يبقى علينا تفسير لماذا أُضيفت هذه الصلاة إلى إنجيل لوقا فقط، دون أن ترد في أي من الأناجيل الأخرى.

     أما بالنسبة للسؤال الثاني – لماذا قد تُحذَف هذه الصلاة؟ – فقد قُدّمت العديد من الإجابات، وكلها تدور حول المشكلات اللاهوتية الظاهرة في هذه الصلاة. لكن يجدر بنا أن نتذكّر أن تلك “المشكلات اللاهوتية” لم تكن مشكلاتنا نحن، بل مشكلات الكنيسة الأولى. تتنوع هذه الإشكالات، مثل أن الصلاة تبدو بلا استجابة لأن الله أدان اليهود من خلال تدمير أورشليم في سنة 70 م، أو أن يسوع يقدّم الغفران لأشخاص غير تائبين، أو أن الآية تلمّح إلى ظلمٍ تجاه من تصرّفوا عن جهل، أو أن بعض المسيحيين الأوائل، بدافع عداء لليهود، لم يقبلوا أن تُظهر الآية رحمة تجاههم. لقد ناقش الكتّاب المسيحيون هذه القضايا العامة فعليًا، وفي بعض الحالات ألمحوا إلى هذه المخاوف أثناء تناولهم هذه الصلاة بالذات.[53]

    مع ذلك، من الضروري أن نُدرك أن هذه المناقشات نفسها تُظهر بوضوح أن الكتّاب المسيحيين كانوا قادرين على التعامل مع تحفظاتهم بشأن هذه الصلاة من خلال الشرح والتفسير، لا من خلال حذفها من إنجيل لوقا. بمعنى آخر، ما تغفله هذه التفسيرات التي تبرر حذف الصلاة هو أن التعليق التفسيري، لا التحرير النصي، كان الأسلوب المفضل لدى المسيحيين في التعامل مع المقاطع الإشكالية، آنذاك كما هو الحال اليوم.[54]

    في نهاية المطاف، من الصعب للغاية اتخاذ قرار حاسم بشأن هذا الاختلاف النصي. من جهة، يصعب التغاضي عن الدعم المبكر والثقيل الذي يحظى به النص من قبل المخطوطة P75 والمخطوطتين 03 و05، ومن جهة أخرى، من الصعب جدًا تفسير كيف ظهرت هذه الصلاة في هذا السياق، إن لم تكن نابعة من لوقا نفسه. ومهما كانت القراءة الأصلية، فإن هذا المثال يمثل حالة أخرى من الاختلافات النصية—مثل مرقس 1:1—لا يستطيع القراء المسيحيون تجاهله.

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]
    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري[1]

    يوحنا 18:1.

    بعد مناقشة اثنين من الاختلافات النصية الصعبة والمهمة، قد يكون من المفيد تحقيق نوع من التوازن في الحديث من خلال الإشارة إلى المواضع التي لا تحتوي على اختلافات نصية معقدة في العهد الجديد، وهي مواضع تبدو أقل إثارة، لكنها – من هذه الزاوية بالذات – مهمة. خذ على سبيل المثال بداية إنجيل يوحنا المشهورة، حيث تُعرض ألوهية المسيح بوضوح وقوة فريدين.  نجد متغيرًا  شهيرًا يتعلق بما إذا كان المسيح يُدعى “الله الوحيد المولود” (μονογενὴς θεόs) أو “الابن الوحيد المولود” (μονογενὴς υἱός ) الفرق بينهما حرف واحد فقط عند اختصار الأسماء المقدسة بصيغة nomina sacra ΘC vs. ΥC)) .

    عند النظر إلى هذا الاختلاف بمفرده، يبدو ذا أهمية لاهوتية واضحة، إذ يبدو وكأنه اختيار بين ألوهية يسوع وبنوّته الفريدة. لكن هذا الاختلاف لا يأتي في عزلة، بل يأتي بعد مقدمة إنجيل يوحنا التي تُعلن ألوهية الكلمة (اللوغوس) بوضوح (يوحنا ١:١) وتجسّده (يوحنا 14:1)، ومن اللافت أن أول ١٤ آية من الإنجيل لا تحتوي على أي اختلاف لاهوتي على الإطلاق، في الواقع، هذه الآيات مستقرة نصيًّا إلى حد أنها تتطابق كلمة بكلمة بين أول طبعة منشورة للعهد الجديد باليونانية (طبعة إيرازموس، 1516) وأحدث طبعة (طبعة بيت تينديل، 2017). لا يوجد بينهما حتى حرف واحد مختلف.[55] هاتان الطبعتان تفصل بينهما قرون من الزمن، وتعتمدان على مخطوطات مختلفة تمامًا، ومناهج تحريرية متباينة. لذلك، أيًّا كانت القراءة الأصلية، فإن ألوهية يسوع تظل واضحة في مقدمة إنجيل يوحنا. ويمكن الاستشهاد بالعديد من المقاطع الأخرى الثابتة نصيًّا، التي يمكن وصفها بأنها ذات ثقل لاهوتي واضح، دون أي اختلافات نصيّة تُذكر.[56]

     هذه الأمثلة الثلاثة تمثّل حالات نموذجية للقراءات المتنوعة الهامة في العهد الجديد، لكن الجدير بالذكر أن مثل هذه القراءات نادرة نسبيًا، فمعظم أسفار العهد الجديد لا تحتوي إلا على عدد قليل جدًا من المواضع التي تجمع بين الأهمية والصعوبة. ويمكننا أن نذكر بعض هذه المواضع في الأناجيل مثل (متى ١٢:٤٧) و(متى ١٩:٩) و(متى ٢١:٢٩–٣١) و(متى ٢٤:٣٦) و(متى ٢٦:٢٨) و(مرقس ١:٢) و(مرقس ١٦:٩–٢٠) و(لوقا ٢:١٤) و(لوقا ١٠:١، ١٧) و(لوقا ١١:١–٤) و(لوقا ٢٢:٤٣–٤٤) و(يوحنا ٥:٣–٤) و(يوحنا ٧:٥٣–٨:١١)، كما نجد أمثلة أخرى خارج الأناجيل مثل (أعمال الرسل ٢٠:٢٨) و(رومية ٥:١) و(رومية ١٤:٢٣) أو (رومية ١٦:٢٥–٢٧) و(أفسس ١:١) و(٢ تسالونيكي ٢:٧) و(١ تيموثاوس ٣:١٦) و(العبرانيين ٢:٩) و(٢ بطرس ٣:١٠) و(يهوذا ٥)، ومع ذلك فإن كل هذه القراءات لا تُخفى على أحد،[57] بل تُذكر بوضوح في الهوامش الخاصة بمعظم الترجمات الإنجليزية الحديثة، وتُناقش في مراجع متخصصة مثل تعليق بروس متزجر النصي (Bruce Metzger) والتعليقات نصية  “TC” في ترجمة NET Bible، وكذلك في شروح الكتاب المقدس المختلفة، مما يدل على أن هذه التباينات ليست سرًا ولا تُدار حولها مؤامرة صمت، فهي معروفة ومتاحة للباحثين والقراء الجادين.

     

    المتغيرات والعقيدة

    توضح هذه الأمثلة، بالإضافة إلى البيانات المتعلقة بالعدد التقديري للمتغيرات في مخطوطاتنا، المشكلة التي نواجهها في مناقشتها بإنصاف. فمن جهة، من الواضح أن معظم المتغيرات يسهل حلها أو تجاهلها. ومن جهة أخرى، رأينا أمثلة في مرقس ١:١ ولوقا 34:23 حيث لا يمكن تجاهل المتغيرات. فكيف إذن نعرض الأدلة على أفضل وجه؟  أحيانًا تعطي المؤلفات الدفاعية (Apologetic literature) انطباعًا بأن الاختلافات النصية لا أهمية لها على الإطلاق. بينما يتعامل آخرون بحذر أكبر، فيزعمون فقط أن “لا يوجد أي تعليم أرثوذكسي أو ممارسة أخلاقية مسيحية تعتمد بشكل حصري على أي صياغة محل خلاف”.[58]

    (دانيال والاس) أكثر دقة، إذ يعترف بأن بعض “المعتقدات أو الممارسات غير المركزية” تبدو متأثرة باختلافات نصية يمكن الدفاع عنها (viable variants)، لكنه يضيف أنه “لا يوجد اختلاف نصي يمكن الدفاع عنه يؤثر على أي حقيقة جوهرية في العهد الجديد”.[59] هاتان النقطتان (“يمكن الدفاع عنه” و”جوهرية”) مهمتان للغاية، وهما تتوافقان مع ما أشرنا إليه هنا بالاختلافات “الصعبة والمهمة”. وبهذا المعنى، فإن (والاس) محق بلا شك في قوله إن أي عقيدة مسيحية أساسية (مثل القيامة، ألوهية المسيح، الخلاص، الثالوث) لا تعتمد حصريًا على موضع نصي فيه صعوبة أو نزاع كبير.

    حتى (بارت إيرمان) يقرّ بأن وجهة نظره لا تتعارض مع هذه النتيجة. فقد صرّح علنًا أن رأيه لا يختلف مع رأي أستاذه (بروس متزجر)، والذي كان يرى أن “المعتقدات المسيحية الجوهرية لا تتأثر بالاختلافات النصية في تقليد مخطوطات العهد الجديد”.[60]

    ومع ذلك، فهذا لا يعني أنه لا توجد فقرات تتناول أو تتعلق بعقائد أساسية وهي مشكوك في أصالتها من الناحية النصية. بل هناك فقرات من هذا النوع، مثل: رسالة يوحنا الأولى ٥: ٧–٨، والتي تقول في ترجمة الملك جيمس (KJV): “فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ، وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ.” وهذه هي أوضح صياغة لعقيدة الثالوث يمكن أن تجدها في الكتاب المقدس. ومع ذلك، لا يوجد أي ناقد نصي متخصص اليوم يقبل بأن هذه القراءة أصيلة، ولا حتى اللاهوتيون الإنجيليون، الذين ما زالوا قادرين تمامًا على تقديم حجج كتابية قوية لدعم عقيدة الثالوث.[61] بمعنى آخر، لا تستند عقيدة التثليث الجوهرية على هذه القراءة المشكوك فيها، رغم أنها تتناول هذا المعتقد. أما بالنسبة للاختلافات التي تمس قضايا الممارسة المسيحية، فيمكننا أن نذكر النقاشات النقدية النصية حول رومية 7:16 وكورنثوس الأولى 34:14-35، وما تحمله هذه النصوص للبعض من تأثير على مسألة سيامة النساء.[62]

    وفي ضوء مثل هذه الحالات، لا يمكننا أن نقول — دون تحفظ — إن القراءات المتغيرة لا تؤثّر أبدًا على نصوص تتعلّق بالعقيدة أو بالممارسة المسيحية. بل أحيانًا، من الواضح أنها تفعل. ومع ذلك، لا أحد يدّعي أن قضايا مثل الثالوث أو سيامة النساء تتوقّف مصيرها على مثل هذه النصوص المختلف عليها. لذا، سيكون من الأدق أن نقول: لا توجد أي عقيدة أو ممارسة مسيحية — سواء كانت جوهرية أو فرعية — تُحدد بناءً على مقطع نصّي يصعب تأكيد أصالته. السبب في ذلك سيكون واضحًا لأي شخص لديه حتى معرفة أساسية باللاهوت المسيحي. فالسبب هو أن المسيحيين لا يؤسّسون لاهوتهم على آية واحدة هنا أو هناك، دعك من أن تكون مجرد كلمة أو كلمتين داخلها. بل على العكس، فإن اللاهوت — في أفضل صوره — يُبنى على نسيج مترابط من الأدلة الكتابية، أي على “مجمل مشورة الله” (أعمال الرسل 27:20).

    كما يوضح اللاهوتي (جون فريم) عند مناقشته لأثر القراءات المتغيرة على اللاهوت، إذ يقول: “الكتاب المقدس يتسم بدرجة عالية من التكرار، ولكن بطريقة مفيدة”، بحيث أن “عقائد الإيمان المسيحي لا تُشتق أبدًا من نص واحد”.[63] وهكذا، إن كان أحد المقاطع التي تتحدث عن الثالوث محل شك، فإن العديد من النصوص الأخرى تتدافع لتحل محله، فشبكة اللاهوت المحكمة لا تنهار بسبب فقدان خيط واحد يتضح فيما بعد أنه ليس أصليًا. وفيما يخص يوحنا الأولى 7:5، من المفيد أن ندرك أن أهم التصريحات العقائدية التي قدمتها الكنيسة حول الثالوث — مثل قانون الإيمان النيقاوي — قد وُضعت تمامًا بدون أي استناد إلى هذا النص، والسبب بسيط: لم يكن هذا النص موجودًا في المخطوطات اليونانية عند صياغة هذه التصريحات.[64] وقد أشار إلى هذه النقطة بوضوح (ريتشارد بنتلي) في سنة ١٧١٧م، حيث كتب: “إذا لم يكن يوحنا الأولى 7:5 أصليًا، فإن ذلك يعني أن الأريوسية في أوج قوتها قد دُحِرت دون الحاجة إلى هذا العدد؛ ودع الحقائق تُظهر ما تشاء، فإن العقيدة [عقيدة الثالوث] لا تتزعزع.”[65]

    مع ذلك، قلّة فقط، إن وجدوا، من سيزعمون أن صلاة يسوع على الصليب في لوقا 34:23 ليس لها أي تأثير على لاهوتنا أو ممارساتنا. صحيح أنها لا تغيّر تعليمه بمحبة الأعداء (متى 43:5-48) أو الغفران لهم (متى 14:6-15؛ 21:18-35)، لكنها تؤثر بلا شك في الطريقة التي نفكر بها في هذه التعاليم، وفي كيفية تطبيقها وتعليمها. وبالمثل، قد نقبل أن قصة المرأة الزانية (يوحنا 53:7 – 11:8) ليست المكان الوحيد الذي نرى فيه رحمة يسوع، أو أن ما ورد في مرقس 9:16-20 يمكن العثور عليه في نصوص أخرى، لكن هل يمكن لأحد أن يدعي أن هذه النصوص لا تؤثر في التعليم أو الوعظ أو الحياة المسيحية؟ إن استمرار الجدل والاهتمام بهذه النصوص يدل على العكس. لذا، من الواضح أن لها بعض التأثير، حتى لو كان ضئيلاً مقارنة بالمجمل العام للإيمان والممارسة المسيحية.

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ - بيتر جوري[1]
    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري[1]

    الخلاصة

    في التحليل النهائي، من الأفضل الاعتراف بأنّه، في حالات نادرة نسبيًا، لبعض المتغيرات النصية تأثير فعلي على بعض العقائد والممارسات الأخلاقية في الإيمان المسيحي. لكن لا تستند أي من هذه العقائد أو الممارسات إلى هذه النصوص المختلف عليها، ولا تتعرض أيٌّ منها للخطر بسببها. على سبيل المثال، مرقس ١:١ يُعد مثالًا جيدًا على موضع تؤثر فيه القراءة المتغيرة على كيفية قراءتنا لإنجيل مرقس، لكن بنوة يسوع لله لا تعتمد على هذه القراءة، حتى في إنجيل مرقس نفسه.

    يمكن قول الشيء ذاته عن تعليم يسوع الأخلاقي حول الغفران فيما يتعلق بلوقا 34:23، وعن ألوهيته في حالة يوحنا 18:1. فالمسيح يعلّم بوضوح في العهد الجديد أن نغفر لأعدائنا، كما أنه يُقدَّم بوضوح مماثل باعتباره إلهيًا، سواء كانت هذه القراءات الهامة موجودة أم لا. علاوة على ذلك، كما رأينا في يوحنا ١٨، فإن الغالبية العظمى من القراءات المتغيرة — نحو ٩٩٪ منها — مملة للغاية بالنسبة لمعظم قرّاء الكتاب المقدس، وسهلة الحل، أو كلا الأمرين معًا. أما الاستثناءات — وهي موجودة وينبغي عدم تجاهلها — فهي قليلة جدًا ومتفرقة.

     لذلك يمكننا أن نعلن بأمان أن لا الإيمان المسيحي ولا وحي الكتاب المقدس مهددان بسبب القراءات المتغيرة. فكلمات (ستيفن نيل) التي قالها قبل نصف قرن ما زالت صادقة: “في الواقع، لا أظن أن من المبالغة أن نقول إن أسوأ مخطوطة يونانية موجودة حاليًا… تحتوي على ما يكفي من الإنجيل بشكله غير المحرّف ليقود القارئ إلى طريق الخلاص.”[66] فإن كانت أسوأ مخطوطة يمكنها أن تفعل ذلك، فكم يكون أماننا أعظم حين تكون أُسس عهدنا الجديد مبني على أفضل المخطوطات اليونانية المتاحة لدينا. صحيح أن ترجماتنا للكتاب المقدس قد تتغير قليلًا في المستقبل مع تقدم البحث أو تطور أساليب النقد النصي. وصحيح أيضًا أن بعض القرارات النصية المربكة والمهمة ما تزال قائمة ولا ينبغي تجاهلها. لكن، بسبب أمانة النُساخ العامة على مدار أكثر من ألف وخمسمئة عام، وبسبب الجهود الجبارة التي بذلها علماء النقد النصي على مدى مئات السنين بعد ذلك، يمكننا أن نرنم كلمات الترنيمة الشهيرة من القرن الثامن عشر بثقة:

     

    ما أرسخ الأساس، يا قديسي الرب،

    قد وُضع لإيمانكم في كلمته المجيدة!

    فماذا يمكن أن يقول أكثر مما قاله لكم،

    أانتم الذين التجأتم إلى يسوع؟[67]

     

    النقاط الأساسية

    • يُقدَّر عددُ الاختلافات النصية في المخطوطات اليونانية وحدها بنحو نصف مليون اختلاف، دون احتساب اختلافات الإملائية. ما يقرب من نصف هذه الاختلافات أخطاء غير ذات معنى.
    • لا يُناقَش سوى جزء ضئيل جدًا من الاختلافات النصية المعروف من قبل المفسّرين والمُعلقين. ورغم أن العدد قليل [أي الاختلافات الهامة] إلا أنه يستحق الذكر في الحواشي في الترجمات الحديثة. في يوحنا 18، لا يظهر فيه أي اختلاف من ال 3000 في حواشي الترجمات: ESV, NIV, NRSV  أو حتى NET.
    • صحيح إذًا أن معظم الاختلافات النصية لا تؤثّر في معنى النص أو في العقيدة المسيحية بشكل عام. مع ذلك، هناك عدد قليل منها — لا يتجاوز بضع عشرات — له أثر فعلي، وبعضها يحمل أهمية لاهوتية، كما هو الحال في: مر 1:1، لو 34:23، ويو 18:1.
    • يجب ألا نعطي انطباعًا بأن الاختلافات في العهد الجديد لا تهم إطلاقًا بالنسبة للاهوت المسيحي أو الممارسة الدينية، لكن يمكننا – بل يجب علينا – أن نُقرّ بأنه لا توجد أي عقيدة جوهرية من عقائد المسيحية في خطر بسبب وجود اختلاف خطير.

     

     

     

     

    [1] Peter J. Gurry, “Myths About Variants: Why Most Variants Are Insignificant and Why Some Can’t Be Ignored,” in Myths and Mistakes in New Testament Textual Criticism, ed. Elijah Hixson and Peter J. Gurry (Downers Grove, IL: IVP Academic, 2019), chap. 10, 191-210.

    مراجعة وتعليق آرثر دانيال.

    [2] للاطّلاع على الأدلة المتوفّرة من خارج العهد الجديد، أنظر:

    Robert E. van Voorst, Jesus Outside the New Testament: An Introduction to the Ancient Evidence (Grand Rapids: Eerdmans, 2000).

    [3] يشير ديل مارتن (Dale B. Martin) مؤخرًا إلى أنّ هذه الإشكالية يمكن تجاوزها عندما يُقِرّ المسيحيون بأنّ “الكتاب المقدّس هو أي نص من نصوص الكتاب يُوصله الروح القدس إلى المسيحيين، ويُقرأ في إطار الإيمان وتحت ارشاد الروح القدس”، أنظر:

    Biblical Truths: The Meaning of Scripture in the Twenty-First Century [New Haven, CT: Yale University Press, 2017], 75.

    على الرغم من صحّة ملاحظته العامة بشأن وجود الكتاب المقدّس في أشكال متعددة، فإنّ هذا التصريح نفسه يفترض وجود طريقة ما لمعرفة متى يكون “أي نص” من ضمن “الكتاب المقدّس”. لمزيد من آراء مارتن، انظر:

    The Necessity of a Theology of Scripture,” in The Reliability of the New Testament: Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace in Dialogue, ed. Robert B. Stewart (Minneapolis: Fortress, 2011), 81-93.

    [4] Bart D. Ehrman, Misquoting Jesus: The Story Behind Who Changed the Bible and Why (New York: HarperCollins, 2005), 211; similar statements are found on 7, 69.

    جدير بالذِّكر أنّ هذه المشكلة تتكرّر كثيرًا لدى المسلمين عند تفاعلهم مع المسيحية.

    [5] Wayne Grudem, Systematic Theology: An Introduction to Biblical Doctrine (Grand Rapids: Zondervan, 1994), 96 (emphasis original). In personal communication, Grudem was clear that he believes some variants, such as the ones discussed below, do matter; they are just relatively rare. For an older but similar view, see the introductory volume in Louis Berkhof, Systematic Theology: New Combined Edition (Grand Rapids: Eerdmans, 1996), 159, originally published in 1932.

    [6] For example, Timothy Paul Jones, Misquoting Truth: A Guide to the Fallacies of Bart Ehrman’s Misquoting Jesus (Downers Grove, IL: InterVarsity Press, 2007), 44.

    في بعض الحالات، يُطبَّق معدل ال99% من حيث عدم الأهمية على كل من المتغيرات الشاذة ومواضع الاختلاف، وهو تمييز يحرص نقّاد النصوص على إبرازه بوضوح. أنظر:

    Ron Rhodes, The Big Book of Bible Answers: A Guide to Understanding the Most Challenging Questions (Eugene, OR: Harvest House, 2001), 27-28.

    [7] Matthew Barrett, God’s Word Alone: The Authority of Scripture: What the Reformers Taught . . . and Why It Still Matters, The 5 Solas (Grand Rapids: Zondervan, 2016), 267.

    [8] وقد أثار هذا الأمر جدلًا، لكن ميل لم يعش ليراه؛ إذ توفي بعد أسبوعين من صدور طبعته، وبدلاً من ذلك، كان على رجل من كامبريدج، وهو المتخصص في الكلاسيكيات ريتشارد بنتلي، أن يتولى الدفاع عن عمل زميله في أكسفورد ضد الهجمات التي وُجهت إليه. أنطر:

    Adam Fox, John Mill and Richard Bentley: A Study of the Textual Criticism of the New Testament, 1675–1729 (Oxford: Basil Blackwell, 1954), 105-15; Grantley McDonald, Biblical Criticism in Early Modern Europe: Erasmus, the Johannine Comma and Trinitarian Debate (Cambridge: Cambridge University Press, 2016), 181-85, 218-28.

    [9] Frederick Nolan, An Inquiry into the Integrity of the Greek Vulgate or Received Text of the New Testament (London: F. C. & J. Rivington, 1815), 2.

    [10] للاطلاع على قائمة بالتقديرات المقترحة مرتبة زمنيًا، أنظر:

    Peter J. Gurry, “The Number of Variants in the Greek New Testament: A Proposed Estimate,” NTS 62, no. 1 (2016): 118-21.

    (هذه المقالة مترجمة ومنشورة، أنظر: بيتر جوري، عدد المتغيرات النصية في العهد الجديد: تقدير مقترح، ترجمة آرثر دانيال (2025)، ص28-30.)

    بالنسبة للاقتراح الذي يُقدّر العدد ب 750 ألف، أنظر:

    Eldon J. Epp, “Why Does New Testament Textual Criticism Matter? Refined Definitions and Fresh Directions,” ExpTim 125, no. 9 (2014): 419.

    [11] Ehrman, Misquoting Jesus, 89; Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace, “The Textual Reliability of the New Testament: A Dialogue,” in The Reliability of the New Testament: Bart D. Ehrman and Daniel B. Wallace in Dialogue, ed. Robert B. Stewart (Minneapolis: Fortress, 2011), 21.

    [12] Ehrman, Misquoting Jesus, 89; for others, see Gurry, “Proposed Estimate,” 102. The only earlier and higher estimate I have found is 500,000, given in Matthew S. DeMoss, Pocket Dictionary for the Study of New Testament Greek, IVP Pocket Reference (Downers Grove, IL: IVP Academic, 2001), 127. But I have not found anyone who references his number.

    [13] Michael Bruce Morrill, “A Complete Collation and Analysis of All Greek Manuscripts of John 18” (PhD thesis, University of Birmingham, 2012); S. Matthew Solomon, “The Textual History of Philemon” (PhD diss., New Orleans Baptist Theological Seminary, 2014); Tommy Wasserman, T he Epistle of Jude: Its Text and Transmission, ConBNT 43 (Stockholm: Almqvist & Wiksell, 2006).

    للمزيد من التفاصيل حول عمل سولومون، يُرجى مراجعة الفصل التاسع من هذا الكتاب.

    [14] للاطلاع على الأرقام التي تقف وراء هذه التقديرات، انظر: Gurry, “Proposed Estimate,” 110 .

    [15] في هذا السياق، انظر: Gurry, “Proposed Estimate,” 105-6.. وبناءً على بياناتي، إذا افترضنا أن القراءة الأصلية باقية في كل موضع من مواضع التغيّر، فإن نحو 17 إلى 25 بالمئة من هذه القراءات المتغيرة المُقدّرة تُعَدّ أيضًا قراءات أصلية.

    [16] للمزيد حول هذا التنوّع، وحول المخطوطة P12 بشكل خاص، يُرجى مراجعة الفصل الثالث من هذا الكتاب.

    [17] Richard Bentley, “Remarks upon a Late Discourse of Free-Thinking,” in The Works of Richard Bentley, ed. Alexander Dyce (London: Robson, Levey, and Franklyn, 1838), 3:349-50.

    [18] أي البرديات ومخطوطات الأحرف الكبير ومخطوطات الأحرف الصغير دون كتب القراءات — المترجم.

    [19] العدد 3,058 يُمثّل أكثرمن 0.2٪ من مجموع 3,1 مليون كلمة.  مع ذلك، تبقى هذه النسبة غير دقيقة. السبب في ذلك أننا نحسب كل متغير مرة واحدة فقط، بينما نحسب الكلمات المنسوخة في كل مرة تظهر فيها داخل أي مخطوطة. ولذلك، فإن قياس دقة النسّاخ بدقة عبر كامل التقليد النصي يتطلب مقارنة كل مخطوطة بالمخطوطة التي نُسخت عنها (exemplar)، وهذا أمر غير ممكن. وبدلاً من ذلك، استخدمتُ في موضع آخر مفهوم “الترابط “(coherence) للمساعدة في تحديد عدد المرات التي قد تكون ظهرت فيها نفس القراءة بشكل مستقل، أنظر:

    Peter J. Gurry, A Critical Examination of the Coherence Based Genealogical Method in New Testament Textual Criticism, NTTSD 55 (Leiden: Brill, 2017), 114-41.

    أما فيما يخص العدد 800 لكلمات يوحنا 18، فمعظم المخطوطات التي نملكها تنتمي إلى التقليد البيزنطي،
    والعدد 800 هو أقل بكلمة واحدة فقط من عدد الكلمات الواردة في نص Robinson-Pierpont البيزنطي.

    [20] For these numbers, see Gurry, “Proposed Estimate,” 108.

    [21] D. A. Carson, The Gospel According to John, PNTC (Grand Rapids: Eerdmans, 1991), 576, 579-80; C. K. Barrett, The Gospel According to St. John, 2nd ed. (London: SPCK, 1978), 517, 520, 522, 524, 531, 536, 539.

    [22]  للاطّلاع على وجهة نظر المُترجم، انظر الفصل الخامس عشر من هذا الكتاب.

    [23] See Peter J. Gurry, “How Many Variants Make It into Your Greek New Testament?,” Evangelical Textual Criticism (blog), May 10, 2016, http://evangelicaltextualcriticism.blogspot.com/2016/05 /how-many-variants-make-it-into-your.html.

    [24] “And while some of these are left out from editorial oversight or out of sheer necessity, the number of variants that might meaningfully affect translation cannot be far from this.”

    [25] التخمين الحدسي ((Conjectural Emendation هو مصطلح نقدي يُستخدم عندما يرفض المحررون قراءات المخطوطات [باللغة الأصلية] ويفترضون أن القراءة الأصلية قد فُقدت ولم تبق في أي شاهد لدينا، وبالتالي نلجأ لتخمينها بناءًا على حدس النُقاد — المترجم.

    [26] لمن أراد مقدّمة جيّدة عن التخمين الحدسي وتاريخه، أنظر:

    Jan Krans, “Conjectural Emendation and the Text of the New Testament,” in The Text of the New Testament in Contemporary Research: Essays on the Status Quaestionis, 2nd ed., ed. Bart D. Ehrman and Michael W. Holmes, NTTSD 42 (Leiden: Brill, 2013), 613-35; Krans, Beyond What Is Written: Erasmus and Beza as Conjectural Critics of the New Testament, NTTS 35 (Leiden: Brill, 2006). A remarkable—and remarkably large—catalog is available in the Amsterdam Database of New Testament Conjectural Emenda tion at http://ntvmr.uni-muenster.de/nt-conjectures.

    [27] Eberhard Nestle and Erwin Nestle, eds., Novum Testamentum Graece cum apparatu critico, 13th ed. (Württemberg: Württembergische Bibelanstalt, 1927), 12*.

    المواضع المذكورة التي وُجدت فيها تصحيحات تخمينية في تقليد نسله-آلاند (Nestle-Aland) هي: متى 2:6؛ متى 6:16؛ متى 12:33؛ متى 15:5؛ مرقس 7:11؛ أعمال الرسل 7:38؛ أعمال الرسل 16:12؛ رومية 13:3؛ ١ كورنثوس 2:4؛ ١ كورنثوس 6:5؛ ١ كورنثوس 14:38؛ ١ كورنثوس 16:22؛ ٢ كورنثوس 3:3؛ ٢ كورنثوس 7:8؛ ٢ كورنثوس 8:12؛ ١ تيموثاوس 4:3؛ ١ تيموثاوس 5:13؛ رؤيا 2:13. وهي مميزة بعلامة دايموند (◆) في جهاز النقد النصي. بعض هذه القراءات قد عُثر عليها لاحقًا في مخطوطات، بينما يمكن تصنيف عدد قليل منها كبدائل تحريرية، مثل عبارة “مارانا ثا” (μαράνα θά) مقابل “ماران أثا” (μαρὰν ἀθά) في ١ كورنثوس 16:22. حول هذه التخمينات والتصحيحات في تقليد نسله (أو نسله-آلاند) بشكل عام، أنظر:

    “Conjectural Emendation,” 620.

    [28] جدير بالذكر أن عدد التخمينات الحدسية في طبعة نستله آلاند ال 27 وطبعة UBS 4 فيها تخمين حدسي واحد وهو المذكور أعلاه في اعمال الرسل، بينما طبعة ECM الشهيرة قد ألغت التخمين الموجود في أع 12:17 وأضافت تخمين آخر في أع 33:13 وأضافت تخمين في 2 بط 10:3، وبالتالي يكون عدد التخمينات الحدسية اثنين في كامل العهد الجديد — المترجم.

    [29] أزالت طبعة ECM لسفر أعمال الرسل التخمين في أعمال 12:16، لكنها أضافت تخمينًا في أعمال 33:13.

    [30] For the justification, see Dirk Jongkind et al., eds., The Greek New Testament Produced at Tyndale House, Cambridge (Wheaton, IL: Crossway, 2017), 505. For a contrary view, see Ryan D. Wet tlaufer, No Longer Written: The Use of Conjectural Emendation in the Restoration of the Text of the New Testament, the Epistle of James as a Case Study, NTTSD 44 (Leiden: Brill, 2013).

    [31] For the underappreciated role of rhetorical argument in textual criticism, see R. J. Tarrant, Texts, Editors, and Readers: Methods and Problems in Latin Textual Criticism, Roman Literature and Its Contents (Cambridge: Cambridge University Press, 2016), 30-48; Gary Taylor, “The Rhetoric of Textual Criticism,” Text 4 (1988): 39-57.

    [32] Kenneth W. Clark, “The Theological Relevance of Textual Variation in Current Criticism of the Greek New Testament,” JBL 85, no. 1 (1966): 5.

    [33] Bart D. Ehrman, The Orthodox Corruption of Scripture: The Effect of Early Christological Con troversies on the Text of the New Testament, 2nd ed. (Oxford: Oxford University Press, 2011), 322.

    للمزيد حول هذا النوع من المتغيرات، أنظر الفصل الحادي عشر من هذا الكتاب.

    [34] One could consult Constantin von Tischendorf’s famed eighth edition (Novum Testamentum graece, editio octava critica maior, 2 vols. [Leipzig: Giesecke & Devrient, 1869–1872]) to see this in practice, or the volumes of the more recent ECM, published by the German Bible Society.

    [35] القراءات اليونانية هي، على التوالي، (τοῖς τέκνοις αὐτῶν ἡμῖν)، و(οῖς τέκνοις ἡμῶν)، والتخمين (τοῖς τέκνοις ἡμῖν).

    [36] لمناقشة هذا الاختلاف، أنظر:

    1. F. Westcott and F. J. A. Hort, The New Testament in the Original Greek: Introduction, Appendix, 2nd ed. (London: Macmillan, 1896), 65; Bruce M. Metzger, A Textual Commentary on the Greek New Testament, 2nd ed. (New York: United Bible Societies, 1994), 362; Klaus Wachtel, “Text-Critical Commentary,” in Novum Testamentum Grae cum: Editio Critica Maior III: The Acts of the Apostles, Part 3; Studies, ed. Holger Strutwolf et al. (Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft, 2017), 20.

    [37] هناك عدد من القراءات الثانوية الأخرى في هذا الموضع أيضًا، لكن اثنتين فقط تستحقان دراسة جدّية. للدراسات المتعلقة بهذا المتغير، انظر على وجه الخصوص:

    Peter M. Head, “A Text-Critical Study of Mark 1.1: ‘The Beginning of the Gospel of Jesus Christ,’” NTS 37, no. 4 (1991): 621-29; Tommy Wasserman, “The ‘Son of God’ Was in the Beginning (Mark 1:1),” JTS 62, no. 1 (2011): 20-50; Ehrman, Orthodox Corruption, 85-88.

    [38] NA28, 54*.

    [39] لتحليل دقيق ومفصّل لهذا التصحيح في مخطوطة السينائية، أنظر:

    Peter Malik, “The Earliest Corrections in Codex Sinaiticus: A Test Case from the Gospel of Mark,” BASP 50 (2013): 214-19.

    [40] G. S. Smith and A. E. Bernhard, “5073. Mark 1:1-2. Amulet,” in The Oxyrhynchus Papyri LXXVI, ed. D. Colomo and Juan Chapa (London: Egypt Exploration Society, 2011), 19-23.

    [41] While the particular addition of this title for Jesus has yet to be identified elsewhere in a manuscript (see Wasserman, “‘Son of God’ Was in the Beginning,” 49), this does not remove it from the realm of possibility here.

    [42] For additional examples, see Wasserman, “‘Son of God’ Was in the Beginning,” 46-47.

    [43] الأدلة من المنهج النسبي القائم على الترابط CBGM تدعم القراءة الأطول كقراءة أصلية، أنظر:

    Tommy Wasserman and Peter J. Gurry, A New Approach to Textual Criticism: An Introduc tion to the Coherence-Based Genealogical Method, SBLRBS 80 (Atlanta: SBL Press, 2017), 43-50. 39For the influence on later Christians, see Ignatius, To the Ephesians 10.2-3; Justin, First Apology 14; Eusebius, Hist. eccl. 5.2.5.

    [44] للتأثير الذي تركته هذه العبارة في المسيحيين اللاحقين، انظر: إغناطيوس، إلى أهل أفسس 2.10-3؛ يوستينوس الشهيد، الدفاع الأول 14؛ يوسابيوس، تاريخ الكنيسة 5.2.5.

    [45] للمزيد من التفصيل حول هذه المسألة أنظر: — المترجم

    Gordon D. Fee, The Significance of Papyrus Bodmer II and Papyrus Bodmer XIV–XV for Methodology in New Testament Textual Criticism (Nashville: Broadman Press, 1968) & Gordon D. Fee, “P75, P66, and Origen: The Myth of Early Textual Recension in Alexandria,” in Studies in the Theory and Method of New Testament Textual Criticism, ed. Eldon Jay Epp and Gordon D. Fee (Grand Rapids: Eerdmans, 1993), 247–273.

    [46] من اللافت أن NA27ص. *48 تنسب الإضافة في مخطوطة بيزا إلى مصحح من القرن التاسع، بينما تنسبها  NA28، ص. 59* إلى مصحح من القرن الثاني عشر. هذا التغيير غير مُفسَّر، ولكن التاريخ الأقرب إلى الصواب هو القرن السادس، أنظر:

    David C. Parker, Codex Bezae: An Early Christian Manuscript and Its Text (Cambridge: Cambridge University Press, 1992), 41-43; Parker, The Living Text of the Gospels (Cambridge: Cambridge University Press, 1997), 162.

    [47] Dieter T. Roth, The Text of Marcion’s Gospel, NTTSD 49 (Leiden: Brill, 2015), 407-8. The verse is also referenced in Ephrem’s Commentary on the Diatessaron 21.3; for the English, see Carmel McCarthy, trans., Saint Ephrem’s Commentary on Tatian’s Diatessaron: An English Translation of Chester Beatty Syriac MS 709 with Introduction and Notes, JSSSup 2 (Oxford: Oxford University Press, 1994), 318.

    [48] Compare the competing views of D. Daube, “‘For They Know Not What They Do’: Luke 23,34,” in Augustine, Post Nicene Latin Fathers, Orientalia, Nachleben of the Fathers, ed. F. L. Cross, StPatr 4 (Berlin: de Gruyter, 1961), 58; and Joël Delobel, “Luke 23.34a: A Perpetual Text-Critical Crux?,” in Sayings of Jesus: Canonical and Noncanonical: Essays in Honor of Tjitze Baarda, ed. William L. Petersen, Johan S. Vos, and Henk J. de Jonge (Leiden: Brill, 1997), 34n30.

    [49] Westcott and Hort, Appendix, 68.

    [50] See, for example, Eldon J. Epp, “The ‘Ignorance Motif’ in Acts and Anti-Judaic Tendencies in Codex Bezae,” HTR 55, no. 1 (1962): 51-62.

    [51] فيما يخص مسألة مَن الذي يطلب يسوع من الآب أن يُغفر له، انظر:

    Raymond E. Brown, The Death of the Messiah: From Gethsemane to the Grave; A Commentary on the Passion Narratives in the Four Gospels (New York: Doubleday, 1994), 2:973; Delobel, “Luke 23:34a,” 32-33.

    [52] Whitlark and Parsons, “‘Seven’ Last Words,” 201-4.

    [53] العديد من هذه التفسيرات عُرضت بشكل مفيد في: Eubank, “Luke 23:34a,” 528-35..

    [54] Contra Eric W. Scherbenske (Canonizing Paul: Ancient Editorial Practice and the Corpus Pau linum [Oxford: Oxford University Press, 2013], 229, 231, 236), I am not convinced that there is a discernable shift by the fourth century from controlling interpretation by changing the text itself to controlling it by changing the paratextual material.

    [55] See Peter J. Williams, Can We Trust the Gospels? (Wheaton, IL: Crossway, 2018), 119-20.

    [56] للاطلاع على قراءات متنوّعة أخرى تتعلّق بألوهية المسيح، انظر:

    see Brian J. Wright, “Jesus as ΘΕΟΣ: A Textual Examination,” in Revisiting the Corruption of the New Testament: Manuscript, Patristic, and Apocryphal Evidence, ed. Daniel B. Wallace, TCNT (Grand Rapids: Kregel, 2011), 229-66.

    [57] يتبادر إلى الذهن العنوان الفرعي لكتاب بارت إيرمان:

    Jesus, Interrupted: Revealing the Hidden Contradictions in the Bible (and Why We Don’t Know About Them) (New York: HarperOne, 2009).

    [58] Craig L. Blomberg, Can We Still Believe the Bible? An Evangelical Engagement with Contempo rary Questions (Grand Rapids: Brazos, 2014), 127 (emphasis original). D. A. Carson likewise says that “no doctrine and no ethical command is affected by the ‘probability’ passages, but only the precise meaning of specific passages” (The King James Version Debate: A Plea for Realism [Grand Rapids: Baker, 1979], 73).

    [59] J. Ed Komoszewski, M. James Sawyer, and Daniel B. Wallace, Reinventing Jesus: How Contem porary Skeptics Miss the Real Jesus and Mislead Popular Culture (Grand Rapids: Kregel, 2006), 114 (emphasis added).

    [60] This is found in an interview in the paperback edition of Ehrman, Misquoting Jesus, 252-53. He goes on to say that “most textual variants . . . have no bearing at all on what a passage means. But there are other textual variants . . . that are crucial to the meaning of a passage. And the theology of entire books of the New Testament are [sic] sometimes affected by the meaning of individual passages.” He expands further on this in Jesus, Interrupted, 183-89.

    [61] فريد ساندرز (Fred Sanders)، على سبيل المثال، يكتب أن هذا النص: “لا ينبغي استخدامه كدعم كتابي لاهوت التثليث، رغم أن له بعض القيمة باعتباره تعليقًا مسيحيًا مبكرًا على رسالة يوحنا.”

    The Triune God, NSD [Grand Rapids: Zondervan, 2016], 164). For a richly detailed survey of the debate over 1 Jn 5:7, see McDonald, Biblical Criticism in Early Modern Europe.

    [62] See, for example, Philip B. Payne, “Vaticanus Distigme-Obelos Symbols Marking Added Text, Including 1 Corinthians 14.34-35,” NTS 63, no. 4 (2017): 604-25; Eldon J. Epp, Junia: The First Woman Apostle (Minneapolis: Fortress, 2005); David Shaw, “Is Junia Also Among the Apostles? Romans 16:7 and Recent Debates,” Churchman 1 (2013): 105-18.

    [63] John M. Frame, The Doctrine of the Word of God, A Theology of Lordship 4 (Phillipsburg, NJ: P&R, 2010), 248.

    الفصل الكامل الذي كتبه جون فريم (John Frame) عن “نقل الكتاب المقدس” (Transmission of Scripture)—وهو الفصل الذي اقتُبس منه هذا القول—يُعدّ، في رأيي، أفضل معالجة للاهوت المرتبط بمسألة القراءات النصية. لمن يرد التوسع: انظر صفحة 251 و 252.

    [64] On this point, see Komoszewski, Sawyer, and Wallace, Reinventing Jesus, 113-14.

    [65] A letter to J. Craven on Jan. 1, 1717, quoted in McDonald, Biblical Criticism in Early Modern Europe, 223.

    [66] Stephen Neill, The Interpretation of the New Testament: 1861–1961, The Firth Lectures, 1962 (London: Oxford University Press, 1964), 63-64.

    [67] من غير الواضح من هو مؤلف هذه الترنيمة.

     

    أساطير حول المتغيرات النصية: لماذا تُعدّ أغلب المتغيرات غير مهمّة، ولماذا لا يمكن تجاهل بعضها؟ – بيتر جوري[1]

  • الاستراتيجية الدفاعية البارعة للكنيسة في العصور القديمة Michael J. Kruger – ترجمة ودراسة Patricia Michael

    الاستراتيجية الدفاعية البارعة للكنيسة في العصور القديمة Michael J. Kruger – ترجمة ودراسة Patricia Michael

    الاستراتيجية الدفاعية البارعة للكنيسة في العصور القديمة – ولماذا نحن في أمسّ الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى Michael J. Kruger – ترجمة ودراسة – Patricia Michael

    الاستراتيجية الدفاعية البارعة للكنيسة في العصور القديمة - ولماذا نحن في أمسّ الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى Michael J. Kruger - ترجمة ودراسة - Patricia Michael
    الاستراتيجية الدفاعية البارعة للكنيسة في العصور القديمة – ولماذا نحن في أمسّ الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى Michael J. Kruger – ترجمة ودراسة – Patricia Michael

    من أبرز مزايا التعمّق في دراسة تاريخ المسيحية المبكرة، إدراك أن التحديات التي تواجه الإيمان المسيحي في الزمن المعاصر ليست طارئة أو غير مسبوقة. فعلى الرغم من أن بعض الهجمات الحديثة قد تبدو جديدة في صياغتها أو شكلها—مما يدفع البعض أحيانًا إلى ردود فعل تتّسم بالقلق أو الارتباك—إلا أن الكنيسة الأولى قد واجهت صعوبات مماثلة، بل في كثير من الأحيان كانت أشد وطأة وأكثر جذرية.

    ويُعدّ القرن الثاني الميلادي نموذجًا بارزًا لذلك السياق. فقد كانت الكنيسة آنذاك في طور التأسيس، ما تزال فتية وهشّة، شبيهة بمخلوق حديث الولادة على أراضي السافانا، يخطو خطواته الأولى المرتجفة وسط بيئة معادية لا ترحم. إذ لم تكن الظروف السياسية أو الاجتماعية أو الدينية تميل لصالحها، بل كانت الهجمات على المسيحيين تتوالى من كل جانب، بعنف وسرعة.

    ومع ذلك، لم تقف الكنيسة موقف الدفاع السلبي أو الانكماش. بل استجابت بمبادرة فكرية ولاهوتية جريئة، حيث صاغ القادة المسيحيون حججًا متماسكة، وبلوروا أفكارهم العقائدية، ودخلوا في حوار نقدي مع خصومهم. ومن ثمّ، أُطلق على تلك المرحلة عن جدارة لقب “العصر الذهبي للدفاعيات المسيحية” (The “golden age” of apologetics)

    ترتليان القرطاجي

    من بين العديد من المدافعين عن الإيمان المسيحي في العصور الأولى—وكان عددهم كبيرًا—يبرز ترتليان كأحد ألمع الشخصيات وأكثرهم تأثيرًا. هذا الأب الكنسي من شمال إفريقيا كتب مؤلَّفه الدفاعي الشهير (Apologeticum) نحو عام 197م، وقد تميّزت حججه بمستوى رفيع من العمق المنطقي والوضوح الخطابي، حتى إن قارئها اليوم قد يظن أنها كُتبت في زمننا المعاصر.

    وقد أشار المؤرخ ديفيد رايت (David Wright) إلى أن جاذبية هذا العمل الدفاعي تكمن في “روعة الحُجّة التي لا تزال، حتى يومنا، قادرة على أن تُلهِم القارئ وتثير إعجابه”.

    أما إيفريت فيرغسون (Everett Ferguson)، فقد وصفه بأنه “التحفة الأدبية لترتليان” بلا منازع.

    فما الذي جعل استراتيجية ترتليان الدفاعية بهذه الفاعلية؟

    يمكن تمييز عدد من الخصائص الجوهرية التي ساهمت في نجاح خطابه الدفاعي، وسنستعرض أبرزها فيما يلي:

    المناداة بالمعاملة العادلة

    في السياق الاجتماعي والسياسي لعصر ترتليان، كانت المسيحية هدفًا دائمًا لسلسلة من الاتهامات العامة التي ألقت على أتباعها اللوم في كل واقعة مأساوية. فبسبب امتناع المسيحيين عن تقديم العبادة للآلهة الرومانية، اعتُبروا سببًا مباشراً لغضب الآلهة، وهو ما فسّره المجتمع الروماني على أنه السبب الكامن وراء الكوارث العامة، من أوبئة ومجاعات وهزائم عسكرية.

    وقد أدّى هذا الربط المتعسّف بين المسيحية والكوارث العامة إلى انتشار واسع لأشكال العدالة الغوغائية، حيث كان المسيحيون يتعرضون للاتهام والإدانة دون أي سند قانوني أو محاكمة عادلة. فالاتهام باسم الانتماء الديني وحده كان كافيًا لإصدار الحكم.

    أمام هذا الواقع الجائر، سعى ترتليان في دفاعه إلى تفنيد الأسس الظالمة التي بُني عليها الاضطهاد، مطالبًا السلطات الرومانية بتطبيق مبدأ العدالة الإجرائية. فقد شدّد على أن مجرّد الانتماء إلى “المسيحية” لا يُشكّل تهمة بحد ذاته، بل ينبغي أن يستند أي حكم إلى دليل على ارتكاب فعل جُرمي فعلي. وعندما تُخضع التهم الموجّهة إلى المسيحيين للفحص العقلاني، يتّضح – في نظر ترتليان – أنها تفتقر تمامًا إلى أي أساس واقعي أو قانوني.

    وفي إحدى صوره البلاغية الرفيعة، يلخّص ترتليان المفارقة بقوله:

    “وإنما دليل جهلهم، الذي يُدينهم ويعذرهم في آنٍ معًا على ظلمهم، هو أن الذين كانوا يكرهون المسيحية من قبل، لكونهم يجهلون حقيقتها، ما إن يكتشفوها حتى يُسقطوا فورًا عداوتهم، ومن أعداء يصيرون تلاميذ.”(Apol. 1.6)

    بهذا، ينطلق ترتليان في مناشدته للسلطات العامة والجمهور على السواء، داعيًا إلى الإنصاف العقلي والأخلاقي: “لا تدينونا قبل أن تعرفونا”—وهي عبارة تختزل جوهر دعوته إلى معاملة قائمة على الفهم لا التحامُل، وعلى المعرفة لا الجهل.

    🔸تطبيق على الكنيسة المعاصرة:

    ادعُ حتى أكثر النقّاد عداءً إلى التعرُّف عليك وعلى مجتمعك المسيحي. فكثيرًا ما ندين ما نجهله. ان تقديم وعرض المسيحية من الداخل، لا من خلال مجرد التصورات الخارجية المسبقة عنها، قد يكون استراتيجية مؤثرة وناجحة.

    الحرية الدينية

    كثيرًا ما يُنظر إلى مفهوم “الحرية الدينية” بوصفه ثمرة تطورات فكرية حديثة، ارتبطت بمرحلة ما بعد التنوير وبالتحولات الفلسفية في الغرب الحديث. غير أن هذا التصور يتعرض للطعن من خلال كتابات آباء الكنيسة الأوائل، وعلى رأسهم ترتليان، الذي قدّم دفاعًا لافتًا عن هذا المبدأ في كتابه (Apologeticum).

    فمن اللافت أن استراتيجية ترتليان لم تكن دعوة لإقصاء الأديان الأخرى أو المطالبة بفرض المسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية، بل تمحورت حول مبدأ جوهري: وجوب السماح لكل جماعة دينية بأن تعبّر عن إيمانها بحرية، دون خوف من القمع أو الانتقام. لقد نادى بأن تكون العبادة فعلًا حرًّا يصدر عن القناعة الداخلية، لا نتيجة للإكراه أو الضغط.

    وتبرز المفارقة حين نعلم أن هذا النوع من الحرية كان مكفولًا فعليًا لسائر الديانات ضمن النظام الديني المتسامح نسبيًا في روما، لكنّه كان يُسلب على نحو خاص من أتباع المسيح. فبينما سُمح لعبدة الأوثان بممارسة شعائرهم، حُرم المسيحيون من أبسط حقوقهم في التعبّد الحر، وكأن عبادة يسوع المسيح وحدها تُمثّل تهديدًا.

    وقد عبّر ترتليان عن هذا المبدأ بوضوح حين كتب:

    “فليكرّس أحدهم حياته لإلهه، وليقدّم آخر تيسًا ذبيحة. ولكن احذر أن تُضيف سببًا آخر لتهمة عدم التديّن، بأن تُنْتزع الحرية الدينية، وتُمنع حرية اختيار الإله، حتى لا أعود أعبد بحسب ميولي، بل أُجبر على عبادة ما يخالفها.”(Apol. 24.5-6)

    العبارة التي قالها ترتليان تعبر عن دفاعه القوي عن الحرية الدينية وحرية المعتقد، وهي تحوي رسالتين أساسيتين:

    • حرية العبادة الشخصية:

    يقول ترتليان إن لكل إنسان الحق في أن يكرّس حياته لعبادته الخاصة، مهما كان هذا الإله—سواء كان إلهه هو الله الحقيقي الذي يعبده المسيحيون، أو حتى إلهًا من نوع آخر مثل “تيس” (وهو رمز لحيوان يُقدّم في بعض الطقوس الوثنية).

    الرسالة هنا أن الحرية في العبادة يجب أن تُحترم بغض النظر عن طبيعة الإله الذي يختاره الفرد.

    • التحذير من الإكراه الديني:

    يحذر ترتليان من أن تُنتزع هذه الحرية، أي أن يُجبر الإنسان على عبادة إله معين ضد رغبته، لأن هذا يُعتبر سببًا إضافيًا لتهمة “عدم التدين” أو الافتقار إلى التقوى من وجهة نظر المجتمع. بمعنى آخر، عندما تُمنع حرية الاختيار الديني، يتحول ذلك إلى ظلم يعزز الاتهامات ضد المسيحيين ويجعل الوضع أسوأ، لأن الإكراه على العبادة يُعد انتهاكًا لحرية الضمير والعبادة.

    باختصار: ترتليان يدعو إلى احترام حرية المعتقد والعبادة لكل فرد، وينتقد بشدة أي محاولات لفرض العبادة قسرًا، لأن ذلك يزيد من الظلم والاتهامات ضد المسيحيين.

    🔸تطبيق على الكنيسة المعاصرة:

    ينبغي أن تعي الكنيسة اليوم أن مهمة الدفاعيات المسيحية لا تكمن في السعي لفرض العقيدة بالإكراه السياسي أو الاجتماعي، بل في المطالبة المبدئية بحق مزدوج: أولًا، الحق في عبادة السيد المسيح بحرية وكرامة دون اضطهاد، وثانيًا، الحق في تقديم المسيح للآخرين بأسلوب مقنع لا يُقابل بالعقوبات أو المنع. هكذا يكون الدفاع عن الإيمان شهادة للحرية، لا وسيلة للهيمنة.

    التمسك بالأساسيات في الدفاعيات المسيحية

    في عالم الدفاعيات المسيحية، تتعدد القضايا والمواضيع التي يمكن تناولها للنقاش والجدال حولها، ولسوء الحظ، قد نسمح للموضوعات الساخنة في آخر الأخبار أن تتحكم في كل حوار نقوم به.

    غير أن ترتليان يُذكّرنا بأهمية التمسك بالأسئلة الأساسية والجوهرية التي تقوم عليها الرسالة المسيحية، لأنه حين يُحقق النجاح في معالجة هذه القضايا المحورية، فإن الكثير من المسائل الأخرى ذات الطابع الفرعي أو الثانوية يمكن أن تُحلّ وتتضح في ضوئها لاحقًا.

    أما هذه القضايا المحورية بالنسبة لترتليان، فتكمن في نقطتين رئيسيتين:

    • صدق وأصالة الكتاب المقدس
    • هوية المسيح وطبيعته الإلهية

    فيما يخص الكتاب المقدس، قدّم ترتليان دفاعًا متقنًا عن أصالة النصوص، مؤكّدًا أن الكتب المقدسة ذاتها تحمل في طياتها الأدلة الكافية والشهادة على مصدرها الإلهي، إذ يقول:

    “فالكتب المقدسة ذاتها تقدم برهانًا على أنها إلهية.” (Apol. 20.1)

    أما فيما يتعلق بالمسيح، فقد أولى ترتليان اهتمامًا خاصًا لإثبات ألوهيته، مستعينًا بلغة “اللوغوس” (logos) التي استُخدمت من قبل كتّاب سابقين مثل يوستينوس الشهيد، وخصوصًا كما وردت في مقدمة إنجيل يوحنا.

    🔸تطبيق على الكنيسة المعاصرة:

    في خضم الحوارات الدفاعية المعاصرة، يجب على المؤمنين أن يحافظوا على تركيزهم الحاسم على حقيقة كلمة الله وهويّة السيد المسيح. إن استقرت هذه الركائز الجوهرية في الفكر، فإن سائر القضايا والموضوعات الدفاعية يمكن بناؤها عليها بثقة وثبات.

    التحوّل من الدفاع إلى الهجوم في منهج ترتليان:”قلب الطاولة

    على الرغم من أن ترتليان كرس معظم جهوده للدفاع عن المسيحية ضد الانتقادات الموجهة إليها، إلا أنه لم يقتصر على موقف المدافع السلبي. بل على العكس، كان يتخذ أحيانًا موقفًا هجوميًا يظهر من خلاله نقاط الضعف والتناقض في الأنظمة الفكرية والدينية غير المسيحية.

    لقد أدرك ترتليان أن المسؤولية في تقديم مبررات للمعتقدات والسلوكيات لا تقع على عاتق المسيحيين فقط، بل ينبغي أيضًا أن تتحملها الأديان الوثنية. فعندما وُجهت إلى المسيحيين تهم باطلة مثل أكل الأطفال والانحلال الأخلاقي في اجتماعاتهم السرية، لم يكتفِ فقط بالنفي، بل كشف أن هذه الانحرافات كانت شائعة في الطقوس الوثنية التي لم يبدِ الرومان أيّة اعتراضات عليها.

    وبالنسبة لرفض المسيحيين لعبادة الآلهة الرومانية، لم يكتفِ ترتليان بالمطالبة بالحرية الدينية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك ليجادل بأن آلهة الرومان لم تكن آلهة حقيقية بالأساس، وبالتالي فلا يمكن لوم المسيحيين على امتناعهم عن عبادتها.

    🔸تطبيق على الكنيسة المعاصرة:

    لا ينبغي أن تقتصر الدفاعيات المسيحية على الموقف الدفاعي فحسب، بل يجب أن تتضمن أيضًا استراتيجيات وتدابير مدروسة متنوعة. فمن المهم الرد على الاعتراضات، ولكن من الضروري أيضًا اغتنام الفرص لكشف التناقضات أو ضعف التماسك المنطقي في النظم الفكرية والدينية المنافسة.

    الخاتمة

    إذا اقتصر تركيزنا على الهجمات المعاصرة الموجهة إلى الإيمان المسيحي، فقد نقع في وهم الاعتقاد بأننا نواجه تحديات غير مسبوقة في تاريخ الكنيسة. غير أن نظرة متأنية وسريعة إلى مسيرة الكنيسة وتاريخها ، لا سيما خلال القرن الثاني الميلادي، تكشف لنا أن واقع الأمر مختلف تمامًا.

    لقد مثّل القرن الثاني بحق العصر الذهبي للدفاعيات المسيحية، وكان عمل ترتليان بمثابة ذروة هذا العصر وتاجه المضيء. دفاعه اتسم بالعمق والرؤية، إلى حد أنه يبدو كأنه كُتب في زمننا الراهن. فقد دافع بجرأة عن حق المسيحيين في المعاملة العادلة، وحرية المعتقد الديني، ومصداقية الكتاب المقدس، وألوهية المسيح، كما اتسم بشجاعة المبادرة في توجيه النقد الحاد إلى منتقديه من غير المسيحيين، مما مكّنه من قلب الطاولة وموازين النقاش وتحويل الهجوم إلى دفاع حاسم عن المسيحية.

    وبينما كانت استراتيجية ترتليان حاسمة وضرورية في زمنه، فإن قيمتها تزداد إلحاحًا في عصرنا الحديث، وربما أكثر من أي وقت مضى.

    ليكون للبركة

    Patricia Michael

    The Brilliant Apologetic Strategy of the Ancient Church And Why We Need It Now More Than Ever – Michael J. Kruger

    الاستراتيجية الدفاعية البارعة للكنيسة في العصور القديمة – ولماذا نحن في أمسّ الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى Michael J. Kruger – ترجمة ودراسة – Patricia Michael

  • المخطوطات المبكرة للعهد الجديد: آليات النسخ والنقل والتوزيع، وكيفية حفظ النصوص في سياق نمو الكنيسة الأولى – ترجمة ودراسة: Patricia Michael

    المخطوطات المبكرة للعهد الجديد: آليات النسخ والنقل والتوزيع، وكيفية حفظ النصوص في سياق نمو الكنيسة الأولى – ترجمة ودراسة: Patricia Michael

    المخطوطات المبكرة للعهد الجديد: آليات النسخ والنقل والتوزيع، وكيفية حفظ النصوص في سياق نمو الكنيسة الأولى

    ترجمة ودراسة: Patricia Michael

    المخطوطات المبكرة للعهد الجديد: آليات النسخ والنقل والتوزيع، وكيفية حفظ النصوص في سياق نمو الكنيسة الأولى - ترجمة ودراسة: Patricia Michael
    المخطوطات المبكرة للعهد الجديد: آليات النسخ والنقل والتوزيع، وكيفية حفظ النصوص في سياق نمو الكنيسة الأولى – ترجمة ودراسة: Patricia Michael

     

    مقدمة

    يتناول هذا البحث كيفية نسخ ونَقْل مخطوطات العهد الجديد ضمن سياق التوسُّع والنمو الذي شَهِدَتْهُ الكنيسة الأولى، بدءًا من الحقبة الرسوليّة وحتى نهاية القرن الرابع الميلادي، وذلك في ظلِّ ظروفٍ قاسية اتَّسمت بتحديات ثقافية ودينية متعدّدة، فَضْلاً عن تكرار موجات الاضطهاد، وندرة الموارد، والصعوبات اللوجستية المتنوعة.

    رغم هذه العوائق والتحديات، واصلت الكنيسة نموَّها السريع والواسع النطاق عبر أرجاء الإمبراطورية الرومانية الأمر الذي أسْفَرَ عن ازدياد الحاجة إلى النصوص المقدسة التي كانت تُنسَخ يدويًا، ويتم تداولها بين الكنائس والمسيحيين الاوائل، ضمن تفاعل متكامل بين الجهود الجماعية للكنيسة والمبادرات الفرديّة للمؤمنين.

    يركّز هذا البحث على دراسة آليات النسخ اليدويّ، وتداول المخطوطات وانتقالها بين الجماعات المسيحية، مع إبراز الدور الحيويّ الذي قامت به الكنائس المحلية والمسيحيون الأوائل في حفظ نصوص العهد الجديد، إلى أن بلغ تداول الكتابات المسيحية مستوى غير مسبوق من الانتشار بحلول أواخر القرن الرابع الميلادي.

    وتعتمد هذه الدراسة على منهج تاريخي نقدي يستند إلى الشهادات المستقاة من العهد الجديد، إلى جانب وثائق تاريخية مبكّرة ذات موثوقية أكاديمية.

     

    النسخ اليدوي للنصوص في العالم القديم

    على خلاف الطباعة الآلية للكتب في الأزمنة الحديثة، كانت عملية إعداد وتوزيع كتابات العهد الجديد خلال القرون الميلادية الأولى تعتمد اعتمادًا كليًا على الجهد اليدوي. إذ كانت كل نسخة تُعدّ يدوياً على نَحْوٍ فرديّ، غالبًا على يد مسيحي مُلمّ بالقراءة والكتابة، يقوم بنسخها عن نسخة أصلية، تُسمّى في المصطلحات القديمة “أنتيغراف” (antigraph)، والتي تعني النسخة الأصلية أو النموذجية التي يُعاد نسخها.

    في بعض الحالات، كانت الأعمال الأدبية الشهيرة — مثل الإلياذة والأوديسة لهوميروس — تُنسخ بكميات أكبر في وُرَش نسخ جماعية تُعرف باسم “سكريبتوريا” (scriptoria)، حيث يقوم أحد القُرّاء بتلاوة النص بصوت مرتفع على مجموعة من الكتبة الذين يقومون بنسخه في الوقت ذاته. ومع ذلك، لم يكن هذا النمط هو السائد في الكنيسة الأولى، إذ كانت كتابات العهد الجديد خلال القرون الثلاثة الأولى تُنسخ يدويًا بالكامل (per manus)، نسخة تلو الأخرى، إمّا على يد أفراد متعلمين ضمن الجماعات الكنسية، أو بواسطة نُسّاخ شبه محترفين يمتلكون مهارات أساسية في نَسخ الوثائق، إلاّ أنّ هذا النمط من النسخ الجماعي وجد طريقه لاحقًا إلى المجتمعات الرهبانية المسيحية خلال الحقبة البيزنطية.

    لم تكن عملية نَسخ المخطوطات وإعدادها وتداولها في الكنائس الأولى موحّدة أو مركزيّة. ومع ذلك، وبرغم غياب البنية المؤسسية، فقد انتشرت كتابات العهد الجديد بكفاءة ملحوظة في أرجاء الإمبراطورية الرومانية. فقد كانت الكنائس في حاجة إلى نُسَخ من الكتابات الرسولية لاستخدامها في التعليم والعبادة والجدال العقائدي واللاهوتي. ورغم أن المسيحيين الأوائل لم يمتلكوا امتيازات وسائل الاتصال الجماهيري، إلا أنهم حافظوا على كلمة الله وقاموا بنشرها من خلال المبادرات الفردية والتفاني الكنسي.

     

    كيفية انتقال المخطوطات بين الجماعات المسيحية المبكّرة

    خلافًا للاعتقاد السائد بأن النظام البريدي الروماني كان يسهّل نقل الوثائق بسرعة، فإن الكتابات المسيحية لم تكن تُنقل عادةً عبر هذا النظام، بل كان يتم نقلها عن طريق التسليم اليدوي. فَـ”كُورْسُوسْ بُوبْلِيكُسْ” (Cursus Publicus) – وهو النظام البريدي الذي كانت تديره الدولة الرومانية – لم يكن متاحًا للعامّة وايضا لم يكن موثوقًا للاستخدام الشخصي، لا سيما فيما يخصّ الوثائق المسيحية. فقد كانت المراسلات الحكومية تحظى بالاولوية ضمن هذا النظام، كما ان الاستخدام الشخصي كان غالبا ما يكون مصحوباً بالضرائب الباهظة.

    وبدلاً من الاعتماد على هذا النظام الرسمي، كانت المخطوطات تُنقَل بواسطة أفراد موثوق بهم، مثل الاصدقاء، وزملاء في الخدمة، أو المؤمنين المسافرين. ويوثّق العهد الجديد نفسه هذا النمط؛ فرسائل بولس، على سبيل المثال، نُقلت بواسطة رجال مثل تيخيكس (كولوسي 4: 7)، وتيموثاوس (1 تسالونيكي 3: 2)، وأبفروديتس (فيلبي 2: 25). أما سفر الرؤيا، فقد أُرسل إلى الكنائس السبع في آسيا بواسطة سبعة “ملائكة” (سفر الرؤيا 1: 20)، والمقصود بهم ليس كائنات سماوية، بل رسل حقيقيون من البشر.

    وهكذا، ضمنت وسيلة التسليم اليدوي – رغم ما تنطوي عليه من مخاطر – أن تبقى المخطوطات في مأمن وأن يتم تداولها بثقة داخل الجماعة المسيحية الاولى.

     

    نمو الكنيسة وتداعياته على انتشار المخطوطات

    أثّر نمو الحركة المسيحية في القرنين الأول والثاني بشكل مباشر على توزيع كتابات العهد الجديد. بدأت الكنيسة في اورشليم بـ 120 تلميذًا (أعمال الرسل 1: 15)، وسرعان ما شهدت توسعًا سريعًا بانضمام الآلاف في وقت قصير (أعمال الرسل 2: 41، 4:4، 5: 14). وبحلول منتصف القرن الأول، كانت المسيحية قد انتشرت في جميع انحاء يهوذا والجليل والسامرة وسوريا وأجزاء من العالم اليوناني-الروماني.

    كانت كل كنيسة محلية بحاجة إلى نُسَخ مكتوبة من النصوص الرسولية المتداولة آنذاك. ومع بدء انتشار رسائل بولس الرسول (كولوسي4: 16)، أصبح من المعتاد أن تقوم الكنائس بعمل نُسَخ محلية منها. وبحلول عامي 56-57م، كان هناك على الأقل خمس كنائس منزلية في روما (رومية 16: 5 – 15). وفي أعقاب هذا التوسُّع، وخلال فترة اضطهاد نيرون 64-68م، سجّل المؤرخ الروماني تاسيتوس (Tacitus) إعدام “حشد هائل” من المسيحيين في تلك الآونة.

    أدى النمو المتسارع للمسيحية إلى ازدياد الطلب على الرسائل الرسولية والأناجيل بما يفوق قدرة الإنتاج اليدوي المحدودة، التي كانت تقتصر على نَسْخ نُسخة واحدة في كل مرة.

    برزت عدة مراكز رئيسية ساهمت في نَسخ وتداول هذه النصوص. فالإسكندرية، التي كانت تضم عدداً كبيراً من اليهود، شكّلت مركزًا رئيسيًا مهمّاً، ويستدلّ من حالة أبولوس في (أعمال الرسل 18: 24) الى أنّ المسيحية وصلت الإسكندرية مبكّرًا، ربما عن طريق يهود الشتات الذين آمنوا في عيد الخمسين (أعمال الرسل 2: 10).

    أمّا أفسس، فقد اصبحت مركزًا هامًا لنسخ الأناجيل والرسائل، لا سيّما بفضل خدمة بولس الرسول وتيموثاوس (1 تيموثاوس 1: 3-5؛ كولوسي 4: 16).

    كما لعبت أنطاكية في سوريا دورًا حاسمًا كمركز للبعثات التبشيرية إلى مناطق متعددة، حيث كانت نقطة الانطلاق لخدمة القديسين بولس وبرنابا ومن تبعهم من المبشرين في إعلان الإنجيل ونشر المسيحية بين الأمم (أعمال الرسل 13: 1-3). وفي أنطاكية، دُعي التلاميذ “مسيحيين” لأول مرة (أعمال الرسل 11: 26). وبحلول أوائل القرن الثاني، كان حكّام مثل بليني الاصغر (Pliny the Younger) يتعاملون مع وجود مسيحي واسع النطاق، حتى في مناطق لم يزرها بولس قَط مثل بيثينية (Bithynia).

    ومع اتساع رقعة انتشار المسيحية، اتّسع معها تداول كتابات العهد الجديد. لم تكن هذه النصوص تُوزَّع بكميات كبيرة عبر قنوات تجارية أو مكتبات عمومية، بل حُفِظت ونُسِخت وتناقلها المؤمنون الأُمناء، نسخةً تلو الأخرى، من خلال جهود فردية واعية ومتفانية.

     

    تقدير أعداد المخطوطات المبكرة

    إذا افترضنا أن الكنائس كانت تستبدل أسفارها المجلَّدة كل 20 إلى 25 عامًا بسبب التآكل الناتج عن الاستخدام الليتورجي المتكرر، يصبح من الممكن إجراء استقراء تقريبي لحجم النُسَخ المتداولة. وبالاعتماد على تقدير يشير إلى وجود نحو 100 كنيسة بحلول عام 200م، ومع افتراض دورة استخدام تمتد لـ 25 عامًا، يمكن الوصول إلى التقديرات المتحفظة التالية:

    • بحلول عام 100م: حوالي 200 نسخة كنسية من رسائل بولس والأناجيل.
    • وبحلول عام 200م: حوالي 250 إلى 300 نسخة كنسية اضافية.
    • وبحلول عام 300م: أكثر من 1000 نسخة مُجلّدة من رسائل بولس، وأكثر من 1000 نسخة مُجلّدة من الأناجيل.

    تعكس هذه الأرقام الاستخدام الكنسي العام فقط، أمّا المُلكيّة الفرديّة وعمليّات إعادة النسخ الخاصة، فكان من شأنها أن تُضاعف هذه الاعداد بدرجة كبيرة. فقد كان المسيحيون المتعلّمون، ولا سيّما من الطبقات الثريّة، يطلبون احياناً نُسَخًا شخصية، أو يموّلون انتاج نسخًا لفائدة الآخرين.

    وقد شجع آباء الكنيسة مثل إيريناؤس، وكليمندس الإسكندري، وأوريجينوس على القراءة الفردية، مما يشير إلى أن شريحة كبيرة من المؤمنين قد انخرطت في قراءة الكتابات المسيحية المقدّسة على نحو شخصي خارج نطاق العبادة الجماعية.

    فعلى سبيل المثال، أشار أوريجينوس مراراَ عن قيام المسيحيين بقراءة النصوص المقدّسة في منازلهم Homilies on Genesis 2.8. كما شجع كليمندس العائلات على القراءة المشتركة (Paedagogus2.10.96; 3.12.87) اما بامفيلوس، العالِم المسيحي والقس في قيصرية، فقد أنشأ مكتبة للنصوص الكتابية التي تُنسخ وتوزَع على المحتاجين، وهو أمر أكّد عليه القديس جيروم (Against Rufinus 1.9).

     

    اضطهاد دقلديانوس والمساعي لطمس الكتابات المقدّسة

    أدّى الانتشار الواسع لكتابات العهد الجديد إلى جعل الأدب المسيحي هدفًا مباشرًا خلال اضطهاد دقلديانوس الذي بدأ عام 303م. ولأول مرة في تاريخ الإمبراطورية الرومانية، لم يُستهدف المسيحيون بالاعتقال والإعدام فحسب، بل جرت أيضًا محاولات منهجية لتعقُّب نصوصهم المقدسة وتدميرها عمدًا. ففي 23 فبراير من عام 303م، صدر مرسوم إمبراطوري في نيقوميديا (Nicomedia) يقضي بهدم الكنائس وإحراق الكتابات المسيحية. سعى دقلديانوس من خلال ذلك إلى فرض وحدة الإمبراطورية عبر إحياء الديانة الرومانية التقليدية، وجعل من القضاء على الأساس الكتابي للمسيحية محورًا مركزيًا في هذا المسعى.

    يروي يوسابيوس، الذي عاصر تلك الأحداث، في كتابه تاريخ الكنيسة:

    “لقد أُلقيت الكتب المقدسة الملهمة في وسط الأسواق لتلتهمها النيران” (Ecclesiastical History 8.2.1).

    وأكد المؤرخ و. هـ. سي. فريند (Wilfred Howard Charles Frend) شمولية الحملة الرومانية بقوله:

    “في جميع أنحاء الإمبراطورية، شرعت السلطات في حرق الكنائس المسيحية وجمع نُسخ الكتابات المقدسة”.

    امتثل بعض المسيحيين وسلّموا ما كان لديهم من نُسخ، بينما قاوم آخرون بشجاعة، مفضلين الاستشهاد على التفريط بكلمة الله. ومن هؤلاء، على سبيل المثال، الأسقف فيليكس من ثيبيوكا (Bishop Felix of Thibiuca)، الذي رفض تسليم ما في حوزته من نُسخ مقدسة، مفضلًا الموت على التفريط بها. في المقابل، سلّم آخرون أعمالًا غير قانونية بدلًا من النصوص المقدسة، أو أخفوها في المنازل والكهوف.

    تشير بعض الشهادات إلى أساليب حفظ هذه النصوص. ففي مدينة قَفْطَ (كُوبْتُوسَ، Coptos) بمصر، أخفى أحد المسيحيين كتابات فيلو التي تتضمن اقتباسات من الأناجيل داخل فجوة في الجدار. كما وُزّعت المخطوطات في سيرتا (Cirta)، وهي مدينة قديمة في شمال إفريقيا، بين القراء المحليين تفاديًا للمصادرة.

    تشهد هذه الروايات على عمق التبجيل والتقدير الذي أبداه المؤمنون تجاه كلمة الله، وحرصهم الشديد على صونها وحمايتها من الاندثار.

    على الرغم من شدة الاضطهاد، نجت العديد من المخطوطات. وتشهد مجموعتا برديات بيتي وبودمر (The Beatty and Bodmer papyri collections)، اللتان يعود تاريخهما إلى القرنين الثاني والثالث، على صمود المجتمعات المسيحية وحرصها على حفظ نصوصها المقدسة. وشملت هذه المجموعات مخطوطات كاملة أو شبه كاملة نجت من محاولات الإتلاف والحرق. أما أضخم مجموعة محفوظة من برديات الكتاب المقدس فهي تعود إلى أوكسيرينخوس (Oxyrhynchus) — المدينة المصرية القديمة — والتي تقدم رؤية لا مثيل لها حول انتشار المخطوطات.

     

    أوكسيرينخوس (Oxyrhynchus): دليل على الانتشار الواسع

    أسفرت الاكتشافات الأثرية في مدينة أوكسيرينخوس، وهي مدينة قديمة في مصر، عن العثور على 46 بردية تحتوي على أجزاء من العهد الجديد، يعود معظمها إلى الفترة بين عامي 200 و400 ميلادي، مع وجود بعض البرديات التي يرجع تاريخها إلى القرن الثاني الميلادي (مثل: P52، P90، P77، P103، P104).

    “تعكس هذه البرديات مزيجًا من الاستخدام العام والخاص؛ فبعضها كُتب بوضوح ليتناسب مع القراءات الكنسيّة، من حيث استخدام الحروف الكبيرة وأسلوب الكتابة الرسمي، في حين يُظهر بعضها الآخر طابعًا شخصيًا وغير رسمي، ممّا يشير إلى استخدامات فرديّة.

     

    • أمثلة البرديات المرجح استخدامها في سياقات العبادة الليتورجية:

    P1, P5, P15+P16, P23, P30, P39, P48, P77+P103, P90, P95, P104, P108, and P109.

     

    • أما البرديات التي تعكس استخداما فردياً (شخصياً) فتشمل:

    P9, P17, P18, P24, P106, and P107

    يشير التفاوت في جودة النَّسخ وتنوُّع الصِّيَغ والأساليب إلى الانتشار الواسع لنصوص العهد الجديد، بما يتجاوز نطاق النُسّاخ المحترفين من رجال الدين أو الرهبان. فقد شاركت الكنائس والمؤمنون الأفراد على حد سواء في عملية نسخ النصوص وقراءتها، والمحافظة عليها، مما يعكس حرصًا جماعيًا دؤوبا في نقل الكلمة المقدسة وصيانتها عبر الأجيال.

     

    النهضة والتوسُّع بعد اضطهاد ديقلديانوس

    بعد مرسوم ميلانو الذي أصدره قسطنطين عام 313م، لم تعد الكتابات المسيحية محظورة بل أصبحت محميّة من قِبَل الدولة. وقد كلّف الامبراطور قسطنطين المؤرخ يوسابيوس بإعداد خمسين مخطوطة كاملة من الكتاب المقدس لكنائس القسطنطينية (Life of Constantine 4.36). وكانت هذه لحظة غير مسبوقة في تاريخ الكنيسة، إذ أصبح إنتاج الكتابات المقدّسة مدعومًا من الإمبراطورية.

    بحلول عام 400م ، بلغ عدد الأبرشيات حوالي 400 ابرشية. ووفقًا لتقدير جيه. دوبلاسي (J. Duplacy) فقد تم إنتاج ما بين 1500 إلى 2000 مخطوطة للعهد الجديد باللغة اليونانية في القرن الرابع، أي بمعدل يتراوح بين 4-5 مخطوطة لكل أبرشية. وهذا يُمثّل قفزة نوعية في وفرة المخطوطات وتوحيدها.

    في أوائل القرن الخامس، قام ثيودوريتوس القورشي (Theodoret of Cyrrhus) بإزالة نحو 200 نسخة من “الدياطسارون” (Diatessaron) لتاتيان من منطقته، واستبدلها بمخطوطات مستقلّة للأناجيل الأربعة—وهو ما يشير الى أن مخطوطات الأناجيل الأربعة كانت متوفرة على نطاق واسع، حتى في المناطق النائية نسبيًا.

     

    الخلاصة: الحفاظ على الكتابات المسيحية من خلال انتشارها

    بحلول نهاية القرن الرابع الميلادي، كانت الكتابات المسيحية قد حققت انتشارًا واسعًا وغير مسبوق في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية.

    فعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها في بداياتها—من غموض واضطهاد ونقص في الموارد والقيود المادية القاسية—فقد جرى نسخ العهد الجديد وتمَّ تداوله وتقديره من قِبَل الكنيسة المسيحية التي كانت تشهد توسعًا مستمرًا وسريعًا.

    لقد ساهم هذا الانتشار، إلى جانب جهود وتفاني المؤمنين الأوفياء الذين تناقلوا هذه النصوص من يدٍ إلى يدٍ، ومن قلبٍ إلى قلبٍ، في ضمان عدم ضياع كلمات السيد المسيح ورسله أو اندثارها.

    فمن المدن الصغيرة النائية في آسيا الصغرى، إلى الأوساط النخبوية والطبقات الراقية في القسطنطينية، ومن القرّاء الذين كانوا يطالعون النصوص بطريقة غير معلنة في أوكسيرينخوس إلى القُرّاء في كنائس أنطاكية الذين كانوا يتلون النصوص المقدّسة مجاهرةَ أمام الجماعات المسيحية —كان الحفاظ على كتابات العهد الجديد ثمرة تفانٍ، وإيمان عميق، وقناعة راسخة من المسيحيين الأوائل الذين خدموا الكلمة في ظروف استثنائية.

     

    ليكون للبركة

    Patricia Michael

    The Distribution of Early Manuscripts: New Testament Transmission, Church Growth, and Textual Preservation

    المخطوطات المبكرة للعهد الجديد: آليات النسخ والنقل والتوزيع، وكيفية حفظ النصوص في سياق نمو الكنيسة الأولى – ترجمة ودراسة: Patricia Michael

  • ثلاث عشرة حجة قوية لمصداقية العهد الجديد – غاري هابرمس وبنيامين شاو – ترجمة: عبدالمسيح

    ثلاث عشرة حجة قوية لمصداقية العهد الجديد – غاري هابرمس وبنيامين شاو – ترجمة: عبدالمسيح

    ثلاث عشرة حجة قوية لمصداقية العهد الجديد – غاري هابرمس وبنيامين شاو – ترجمة: عبدالمسيح

    ثلاث عشرة حجة قوية مصداقية العهد الجديد - غاري هابرمس وبنيامين شاو - ترجمة: عبدالمسيح
    ثلاث عشرة حجة قوية لمصداقية العهد الجديد – غاري هابرمس وبنيامين شاو – ترجمة: عبدالمسيح

    كتاب لمؤلفَيه: بنيامين شاو (Benjamin Shaw) وغاري هابرمس (Gary Habermas)

     

    منذ سنوات، التقيت بـ”بنيامين شاو” في مؤتمر دفاعيات مسيحية، وكان وقتها مساعدًا بحثيًّا لـ”غاري هابرمس” – الذي يُعتَبَر أحد أعظم المتخصصين فيما يتعلق بقيامة يسوع. من الرائع أن نرى “شاو” ينشر كتابه الأول حول موثوقية العهد الجديد، في حين أن هناك كتبًا كثيرة عن تاريخية العهد الجديد (مثل كتاب كريغ بلومبرغ Craig Blomberg الضخم “الموثوقية التاريخية للعهد الجديد”) لطالما شعرت أننا بحاجة إلى المزيد من الموارد التي تكون موجزة وتتطرّق إلى النقاط الحقيقية والهامّة حول موثوقية العهد الجديد. يرجى ملاحظة أنني لا أقول أننا لم نعد بحاجة إلى كتاب بلومبرغ. إنه كتاب رائع. لكن كتاب شو يساعد في سد الفجوة هنا!

    يقدم شاو عرضًا منهجيًا وتمهيديًا لموثوقية العهد الجديد من خلال استناده إلى 13 نقطة (انظر الصفحات 6-8).  سأقدم ملخصًا صغيرًا بالإضافة إلى بعض المداخلات أيضًا.

    بنيامين شاو (Benjamin Shaw)
    بنيامين شاو (Benjamin Shaw)

    أدلة نصية للعهد الجديد

    هل العهد الجديد الذي نقرأه اليوم هو نفسه الذي كُتب قديمًا؟ وكيف نعرف ذلك؟

    يقول شاو:

    “النقاد النصّيون هم علماء يقارنون مخطوطات مختلفة من كتابة قديمة مثل أفلاطون أو إنجيل متى. ولأنّنا لا نملك المخطوطات الأصلية (autographs)، فإنهم يقارنون النسخ المختلفة للتأكد إن كان النصّ الحالي، كما نقرأه، يعكس النصّ الأصلي على نحو وثيق. العهد الجديد يُعدّ أفضل نصّ موثّق في العالم القديم. هناك أكثر من 5000 مخطوطة باللغة اليونانية وحدها – بعضها يعود إلى قرن أو قرنين بعد وقت تأليف الأصل. ومع هذا الكمّ من النُّسَخ، من الطبيعي حدوث اختلافات بين المخطوطات (خصوصًا وأنها جميعها مكتوبة يدويًا). أغلب الاختلافات عرضي مثل أخطاء هجاء، ويقر النقّاد النصّيون، حتى المشكّكون منهم، بأنّ جوهر المسيحية لم يتأثر بأيّة اختلافات نصّية.” – صفحة 21.

    من المفيد أيضًا أن نتذكر كلام “بارت إيرمان” (Bart Ehrman)، أحد أبرز نقّاد الكتاب المقدس الناقد لفكرة الثبات النصي، عندما يقول:

    “لقد نجح علماء النصّ الكتابي إلى حدّ مقبول في إعادة بناء النصّ الأصلي للعهد الجديد. وباستثناء اكتشافات مستقبلية غير عادية أو تغييرات جذرية في الأسلوب، فمن غير المحتمل أن يتغيّر جوهر نص العهد الجديد اليوناني المطبوع بشكل كبير.” (من The Text of the New Testament in Contemporary Research, الطبعة الثانية، ص. 825)

    غاري هابرمس (Gary Habermas)
    غاري هابرمس (Gary Habermas)

    أنواع نصوص العهد الجديد وتوقّعات الجمهور

    كيف كان القراء القدامى يفهمون أسفار العهد الجديد؟

    إذا كان القراء يتوقعون أن تكون الروايات تاريخية، فإن هذا من شأنه أن يضيف إلى مصداقية النص من حيث أنه كان من المتوقع أن يؤخذ على محمل الجد. ومن ناحية أخرى، إذا كان الجمهور يعرف أنها روايات خيالية، فإن ذلك سيشير إلى أن المؤلفين كانوا أحراراً في اختراع مادة خيالية.

    يشرح شاو، باعتماد جزئي على دراسات “ريتشارد بورّيدج” (Richard Burridge):

    الأناجيل تُصنّف ضمن السير اليونانية–الرومانية (Greco-Roman biographies)، وليس ضمن الروايات الخيالية، وهذا يعني أنّ كُتّاب الأناجيل لم يكونوا حرّين في تأليف أحداث خيالية، خلافًا لما يحدث في الروايات. وأما رسائل بولس، فكانت موجهة داخل الكنائس، وتُعدّ جزءًا من التواصل الداخلي، وليست موجهة لتشكيل رأي أو دعاية لغير المؤمنين. – صفحة 31.

    يجدر بي أن أذكر أن هناك نقاشًا مستمرًا حول التصنيف الأدبي للأناجيل. أوصي بقراءة الفصل المعنون “تصنيف الأناجيل الأدبي” (The Genre of the Gospels) بقلم وِس أولمستيد (Wes Olmstead)، ضمن كتاب حالة دراسات العهد الجديد The State of New Testament Studies، وهو سلسلة من المقالات حررها سكوت مكنايت (Scot McKnight) ونيجاي ك. غوبتا (Nijay K. Gupta).

    لكن عندما سمعت لأول مرة بالدعوة لتصنيف الأناجيل ضمن السير الذاتية اليونانية-الرومانية (Graeco-Roman Biography)، وجدت نفسي أتساءل:

    هل من الممكن أن الأناجيل تندرج أكثر ضمن سيرة ذاتية يهودية؟

    مع ذلك، مما أستخلصه، فرغم أن الأناجيل تحتوي على العديد من العناصر اليهودية، فإنّه باستثناء محتمل لكتاب “حياة موسى” لفيلو السكندري (Philo’s Life of Moses)—والذي لا يعتبره كثير من العلماء سيرةً بالمعنى الدقيق—فليست لدينا أمثلة واضحة على سير ذاتية مكتوبة لرجال دين يهود معاصرين للمسيح.

     

    تأريخ أسفار العهد الجديد

    متى كُتبت هذه الأسفار؟ إن الأحداث التي يتم توثيقها بشكلٍ مكتوب في وقت أقرب إلى وقت حدوثها هي المفضَّلة بشكل عام على تلك التي تُوثَّق في وقت لاحق. إذا كانت هذه الأعمال قد كُتبت خلال حياة الرسل، فهذه علامة جيدة.

    يشير شاو إلى أن هناك بحثًا حديثًا لـ “جوناثان بيرنييه” (Jonathan Bernier) في كتابه Rethinking the Dates of the New Testament، يرى أنه من الممكن أن الأناجيل الأربعة جميعها كُتبت قبل رسائل بولس نفسها. لكن هذا الرأي لم يُعتمد إجماعيًا بعد، وَفقًا لكريج بلومبرغ الذي لا يقبله لتأريخ إنجيل يوحنا قبل 90م.

    شاو يجد أن الأناجيل كلها كُتبت خلال حياة جيل شهود العيان على حياة يسوع وخدمته. من المقبول على نطاق واسع أن الأناجيل كُتبت خلال عقود من حياة يسوع. بينما تُعد رسائل بولس أقدم، إذ كُتبت بعد نحو 20 عامًا من موت يسوع. – صفحة 42.

     

    تأليف أسفار العهد الجديد

    من كتب هذه الأسفار؟ وهل هم مشاركون مباشرون (أو كانوا يعرفون مشاركين مباشرين) في الأحداث؟

    يقول شاو أنه من بين الرسائل الـ13 المنسوبة إلى بولس، فإن سبعًا منها يقبلها حتى المشككون من النقاد كأصيلة ومكتوبة من قبل بولس نفسه، بالنسبة لي، هناك حجج قوية تؤيد أصالة الرسائل كلّها.

    ويقول أيضاً “رغم أن الأناجيل تُعتبَر من الناحية الفنية مجهولة الاسم (technically anonymous)، إلا أنه من غير المرجّح أنها كانت مجهولة عمليًا (functionally anonymous)، أو أنها كُتبت بنية إخفاء هوية كُتّابها.”

    ويُضيف:

    “هناك توافق مذهل على أسماء الكتّاب المرتبطة بكل إنجيل، وقد ظهر هذا التوافق في وقت مبكر. الأسماء الوحيدة المرتبطة بالأناجيل الأربعة هي: متى (Matthew)، ومرقس (Mark)، ولوقا (Luke)، ويوحنا (John).” – ص. 52

    ما معنى “مجهولة عمليًا”؟

    يقول شاو: “وفقًا لهذا، حتى ينجح الادّعاء القائل إن الأناجيل كانت مجهولة عمليًا، فسيكون علينا أن نُصدّق أن الأناجيل نُسِخت مرات عديدة، بواسطة أشخاص مختلفين وكنائس مختلفة، وعلى مدى مناطق جغرافية واسعة، ولفترة زمنية طويلة. وأثناء هذه العملية، قررت هذه الكنائس المختلفة في مناطق متفرقة من حوض البحر الأبيض المتوسط أن تبدأ فجأة بإعطاء أسماء مؤلفين لهذه الكتابات. وحدث أن جميعها اختارت نفس الاسم لكل إنجيل.

    وليس مرة واحدة فقط، بل أربع مرات – لكل إنجيل من الأناجيل الأربعة. هذا السيناريو يبدو مستبعدًا جدًا، بل عشوائيًا وملفّقًا. الأرجح أن الأناجيل كانت تحمل هذه الأسماء منذ البداية، لأنها ببساطة لم تكن مجهولة.” – ص. 48-49.

     

    تقاليد العقائد في العهد الجديد (New Testament creedal traditions)

    أولاً: ما المقصود بـ “تقليد عقائدي” (creedal tradition)؟

    وفقًا لشاو، التقليد العقائدي هو عبارة عن مقطع قصير محفوظ شفهيًا، كان يُتداول داخل الكنيسة الأولى قبل تدوين العهد الجديد.

    ثانيًا: ما علاقتها بالمزاعم في العهد الجديد؟

    هذه الصيغ ليست تلك التي ظهرت لاحقًا مثل قانون نيقية، بل هي صيغ داخلية داخل العهد الجديد نفسه وتستخدم كأدلة قوية.

    يقول شاو:

    “يوجد العديد من التقاليد العقائدية في العهد الجديد. هذه العقائد تعبّر عن تقاليد شفهية كانت موجودة قبل كتابة العهد الجديد نفسه. من المقبول على نطاق واسع بين العلماء أن التقاليد التي يذكرها بولس تعود إلى حوالي الثلاثينيات الميلادية. نعلم أن بولس التقى بشخصيتين كبيرتين في المسيحية: بطرس (Peter) ويعقوب (James) بحسب غلاطية 1، واحدة من أقدم العقائد في العهد الجديد تبدأ في 1 كورنثوس 15:3، وهذه العقيدة مرتبطة بشهود عيان مثل بطرس ويعقوب وبولس نفسه. وتعتبر أقدم دليل تاريخي على قيامة يسوع، لأنها سبقت الأناجيل ورسائل بولس.” (ص. 61–62)

    عليَّ أن أذكر أن هذه الحُجَّة تدحض فكرة أن العقائد ظهرت كزخرفة أسطورية بعد زمن طويل؛ بل إن الأناجيل والشهادات بدأت تُشكّل بُعيد وقت قريب من موت وقيامة يسوع.

     

    المعايير التاريخية (Historical criteria)

    ما الذي يُقنع المؤرخين أن حدثًا ما قد وقع فعلاً؟

    يستخدم المؤرخون معايير عدة تزيد من احتمال وقوع الحدث إذا ما تم استيفاؤها، وهي تساعدهم في البحث حتى في المصادر التي يعتبرونها غير موثوقة، مشكوكًا فيها أو منحازة.

    يقدم شاو أربعة معايير تنطبق على تنبؤ يسوع بموته وقيامته:

    • التواتر أو الشهادات المتعددة (Multiple attestation):

    تكررت هذه التنبؤات في مصادر متعددة: على سبيل المثال، يخبر يسوع تلاميذه عن موته الوشيك وقيامته، فيقوم بطرس بتوبيخه. فيرد عليه يسوع بكلمات قوية: “اذهب عني يا شيطان”.

    هذا الحدث مذكور في:

    • مرقس 8:31–33
    • متى 16:21–23
    • أما في لوقا 9:22، فذُكرت النبوّة فقط، دون ردّ بطرس أو توبيخ الرب له.

    ومع ذلك، حين يرد الحدث نفسه في مرقس ومتى ولوقا (وهي الأناجيل الإزائية أو “Synoptic Gospels”)، يُعتبر في البحث النقدي عادةً كمصدر واحد فقط، [لأن هذه الأناجيل تعتمد جزئيًا على نفس المصادر أو التقاليد الشفهية.]

    • تعدد الصيغ (Multiple forms):

    مذكورة في الأناجيل، وفي عقائد كـ 1 كورنثوس 11:24–25، ومن خلال الأمثال التي ضربها يسوع كمثل الكرّامين الأشرار (مرقس 12: 1-12). وعلامة يونان (متّى 12: 38-40) مثال آخر. وهكذا نجد تقارير عن هذه النبوءات في صيغ متعددة (روايات، عقائد، أمثال… إلخ).

    • التوثيق المبكّر (Reported early):

    الأحداث الموجودة في صيغ متعددة، مثل تلك التي ذكرناها، تعتبر مبكرة. بالإضافة إلى ذلك، نجد المادة العقائدية في بولس تشير إلى العشاء الأخير. وبالطبع، نجدها أيضًا في أقدم إنجيل، إنجيل مرقس.

    • الشهادة المحرجة (Embarrassing testimony):

    على سبيل المثال، توبيخ بطرس (Peter) للرب يسوع يمكن أن يُعد أمرًا محرجًا بحد ذاته (مرقس 8:32)،

    لكن ما هو أكثر إحراجًا هو أن يسوع نفسه ينادي بطرس: “اذهب عني يا شيطان” (مرقس 8:33)!

    وهذه الحادثة أكثر حساسية لأنها تتعلق بـ”بطرس”، الذي أصبح لاحقًا من أعمدة الكنيسة الأولى كما يشهد بولس في غلاطية 2:9.

    والأمر اللافت أن هذا الحدث مذكور في إنجيل مرقس، الذي بحسب التقليد الكنسي يُعتبر مترجم بطرس.

    لذلك، من غير المنطقي أن يكون بطرس قد اخترع رواية تظهره في موقف كهذا، ما يؤكد مصداقيتها.

    لا يقف الأمر هنا، بل هناك أمور أخرى محرجة في النص: طريقة موت يسوع محرجة للغاية (1 كو 1: 23)، والبعض يرى أن صلاة يسوع في بستان جثسيماني قبل الصلب مربكة للغاية (مرقس 14: 32-41). – الصفحات. 69-70.

    ويضيف شاو:

    “المعايير التاريخية هنا شائعة الاستخدام اليوم للتقارير الحالية. وهي تزيد من احتمال وقوع الحدث، وتطبق على مصادر يُحتمل أن تكون موثوقة أو غير موثوقة على حد سواء.” (ص. 71)

     

    المصادفات غير المقصودة (Undesigned coincidences)

    لماذا تبدو نفس الرواية مختلفة عندما ترد في مصدرين مختلفين؟ ما الذي يجب أن نفكر فيه إذا كانت الروايتان تتفقان معًا مثل قطع الأحجية وتشكلان صورة أكبر؟ عندما يضيء توثيقان مستقلان بعضهما البعض بطرق تبدو غير مصمَّمة أو مقصودة، يمكن أن يزيد ذلك من احتمالية وقوع الحدث.

    يرجع شاو إلى عمل “ليديا مكغرو” (Lydia McGrew):

    “المصادفات غير المقصودة تحدث عندما تؤكّد نصوص مختلفة بعضها البعض دون قصد. من الصعب تصور وجود مثل هذا التطابق في مصدرين خياليين. هذه المطابقة تزيد من موثوقية الروايات لأنها تقدم تأكيدًا متبادلًا.” (ص. 80)

     

    علم الآثار (Archaeology)

    هل هناك أي دليل مادي يدعم الادعاءات الواردة في العهد الجديد؟ هل وصلتنا أية بقايا مادية تؤثر على فهمنا للعهد الجديد؟ هل هناك اكتشافات أثرية تتحدى العهد الجديد؟ يمكن للأدلة المادية التي نجت حتى الوقت الحاضر أن تلقي الضوء على جوانب مختلفة من الادعاءات الواردة في العهد الجديد، والتي يمكن أن تظهر إما أنها متسقة أو غير متسقة.

    كما يقول شاو:

    “علم الآثار يشكل بُعدًا خاصًا لدراسة الماضي، فهو يؤكّد البقايا المادية، ويضيف مصداقية للأحداث الموصوفة مثل قبر قيافا مقارنة بأدواره في النصّ. هناك اكتشافات أثرية تسهم في تعزيز موثوقية العهد الجديد، مثل تحذير الهيكل و’يوحنا’ Yohanan ضحية الصلب.” (ص. 89)

    يجب أن أشير إلى أن هناك العديد من الاكتشافات الأثرية التي تؤيد شهادة العهد الجديد. انظر عمل تيتوس كينيدي Titus Kennedy في هذا الشأن.

    المصادر غير المسيحية (Non-Christian sources)

    ماذا تذكر المصادر غير المسيحية؟ هل هناك مصادر تؤكد تعاليم العهد الجديد أو تتفق معها؟ هل هناك مصادر تطعن في تقارير العهد الجديد؟ إذا كانت المصادر غير المسيحية تؤيد مزاعم العهد الجديد، فيبدو أن هذا سيضيف موثوقية لنصوص العهد الجديد.

    يقول شاو:

    “هناك مصادر غير مسيحية خارج العهد الجديد تشير إلى يسوع أو المسيحيين الأوائل: مثل نصوص موسّعة ليوسيفوس، وتاسيطوس، وبلينيوس الأصغر. رغم الطعون عليها، يُمكن استعادة نص يوسيفوس وتثبيته كمصدر غير مسيحي يدعم الرواية المسيحية. لا تذكر هذه المصادر مثلًا أن المسيح صُلب في مصر أو اليونان.” (ص.99)

    وبينما أتفق مع هذا، عندما يطلب مني الناس كتابات خارج العهد الجديد، أسألهم دائمًا لماذا لا يمكنهم الوثوق بالعهد الجديد؟ يجيبون عمومًا بالقول إن المؤلفين متحيزون.

    وعن التحيز المسيحي، يوضح شاو:

    “أريد أن أؤكد أنه لمجرد أن المؤلف مسيحي، فإن هذا لا ينفي تلقائيًا ما يقوله ذلك المؤلف. ما يُطلب منا حينها فقط أن نكون على دراية بتحيز المؤلف (وكذلك تحيزنا). يرى المتشكك بارت إيرمان Bart Ehrman أنّ أياً من المؤرخين لن يرفض الروايات المبكرة من حرب الاستقلال الأمريكية فقط لأن مؤلفيها كانوا أمريكيين، بل ينبغي استخدامها كمصادر هامة. ويتضمن ذلك روايات جورج واشنطن وأنصاره. “إن رفض استخدامها كمصادر،” يكتب إيرمان، “يعني التضحية بأهم السبل المتاحة لنا للماضي، وعلى أسس أيديولوجية بحتة، وليس تاريخية.” ما هو تأثير ذلك على الأناجيل؟ يجيب: “وكذلك الأناجيل.”- ص. 92.

     

    المصادر المسيحية غير القانونية (Noncanonical Christian sources)

    ماذا تقول هذه المصادر؟

    بمعنى آخر، ما الذي كانت الكنيسة الأولى تقوله عن يسوع والرسل؟ هل ترسم هذه المصادر صورة متسقة مع العهد الجديد؟ أم أنها تقدم تعاليم جديدة ومختلفة؟ إن كانت هذه المصادر تؤكد ما ورد في العهد الجديد، فهذا يعزز موثوقيته ويضيف طبقة أخرى من الاعتماد عليه.

    يشير شاو:

    “هذه المصادر ليست ضمن العهد الجديد، لكنها مبكرة وتقدم نظرة قيّمة على المسيحية الأولى، مثل:

    • كليمنضس الروماني (Clement of Rome)
    • إغناطيوس الأنطاكي (Ignatius of Antioch)
    • بوليكاربوس أسقف سميرنا (Polycarp of Smyrna)

    (ص.107)

     

    الأسفار القانونية ومصداقية العهد الجديد (New Testament Canon and Credibility)

    كيف أصبح العهد الجديد مجموعة واحدة من الأسفار؟

    وماذا عن الكتب التي لم تُدرج ضمن هذه المجموعة؟

    هل هي أفضل من حيث الشهادة التاريخية؟

    وإذا كانت الكنيسة قد جمعت العهد الجديد بناءً على معايير اعتمدت على النصوص الموثوقة، فهل هذا يدل على أن هذه الأسفار فعلاً يمكن الوثوق بها؟

    يشرح شاو هذه المسألة قائلًا: “المعايير تساعد فعلاً على فهم تكوين القانون، لكن سيكون من الخطأ التاريخي (an anachronism) أن نقول إن الكنيسة الأولى كانت تبحث هنا وهناك عن كتابات موثوقة لتجميعها. بل بالحقيقة، كانت الكنيسة تملك بالفعل بعض الكتابات التي كانت تؤمن أنها موثوقة بدرجات متفاوتة.

    بمعنى آخر، فإن المعايير التي استُخدمت لاحقًا لتحديد قانونية الأسفار، لم تكن عملية تقرير لما يجب أن يُضم، بل كانت محاولة من الكنيسة لـتفسير وتوضيح ما كان بين يديها أصلًا.

    وهكذا، فإن هذه المعايير المعقولة تُقدّم زاوية واحدة فقط لفهم كيفية تكوُّن الأسفار القانونية للعهد الجديد.

    ويقتبس شاو من العالِم الشهير بروس متزجر (Bruce Metzger) قوله:

    “الكنيسة لم تُنشئ قانون العهد الجديد، بل جاءت لتعترف به، وتقبله، وتؤكده، وتُثبت الصفة الذاتية للتوثيق التي تميّزت بها بعض الأسفار، والتي فرضت نفسها على الكنيسة باعتبارها معتمدة وموحى بها. وإذا تم تجاهل هذه الحقيقة، فإن المرء لا يقع في صراع مع العقيدة فحسب، بل مع التاريخ ذاته.” (ص. 111)

     

    التحوّل الروحي والحياتي (Spiritual and life transformation)

    هل يوجد دليل على تغيُّر حقيقي في حياة الناس بما يتوافق مع تعاليم العهد الجديد؟

    بمعنى آخر: إن كانت روايات العهد الجديد عن حياة يسوع وأعماله صحيحة، ومعها تعاليم الكنيسة الأولى، فينبغي أن نرى آثارًا واضحة لذلك من خلال التغيير في حياة الأفراد.

    أعتقد أن هذه النقطة كثيرًا ما يُتغافل عنها، وأنا سعيد لأن شاو قد أشار إليها.

    لقد قابلت عددًا كافيًا من المورمون والمسلمين الذين قالوا لي إن كتاب المورمون أو القرآن قد غيّر حياتهم.

    ويقول شاو:

    “لأكون واضحًا، أنا لا أقول إن مجرد تأثير كتاب ما يجعله موثوقًا، ولا أقول إن التحوُّل في حياة الإنسان يعني تلقائيًا أن مصدره موثوق.

    ما أريد التأكيد عليه هو أن الحجّة هنا تتعلق بالاتساق (consistency).

    من الواضح أن هناك كتبًا قد يكون لها تأثير كبير، ومع ذلك تكون خاطئة أو غير موثوقة.

    فالأثر أو التغيير لا يُثبت الموثوقية، ولكنه يتّسق معها.

    الفكرة هنا هي: إن كانت تعاليم العهد الجديد، على وجه التحديد، صحيحةً بالفعل، فمن الطبيعي أن يشعر الأفراد والمجتمعات بتأثيرها في حياتهم.” – ص. 119

    ويتابع قائلاً:

    “أنا لا أزعم أن تأثير المسيحية بحد ذاته يثبت موثوقيتها، بل أقول إن هذا التأثير ينسجم مع كونها موثوقة.

    فإن كانت المسيحية حقًا، فنتوقّع أن يكون لها الآثار التي وصفها المؤرخ ليكي (Lecky).

    وكما يشير المفكّر مانغالوادي (Mangalwadi)، فعندما نقرأ العهد الجديد ونفهمه بعمق، فإن تعاليمه تواجهنا وتتحدّانا.

    ملايين الناس قرأوا هذه النصوص، اكتشفوا خطاياهم، وتابوا، وتركوا حياة الشر، وتبعوا يسوع.

    هذه الخبرات المباشرة قادت إلى تغيّرات جذرية، لدرجة أن حتى من حولهم شهدوا على التغيير في حياتهم بشكل غير مباشر.” – ص. 127

     

    المقاربة القائمة على “الوقائع الدنيا” (Minimal Facts approach)

    هل يمكن تأكيد الوقائع الأساسية في رسالة الإنجيل، حتى لو كانت بعض جوانب العهد الجديد غير موثوقة بنظر البعض؟

    هل هناك حقائق تاريخية عن موت يسوع وقيامته يتفق عليها العلماء من خلفيات لاهوتية مختلفة، لأنها مدعومة بأدلة قوية؟

    إن كان الجواب نعم، فهذا يعطي قوة إضافية للحجج التي سبقت في النقاط الاثنتي عشرة أعلاه.

    يعرض شاو هنا ما يُعرف بـ”المقاربة القائمة على الوقائع الدنيا” (Minimal Facts Approach). وتقوم هذه المقاربة على معيارين:

    • أن تكون هذه الوقائع مدعومة بأدلة تاريخية متعددة.
    • أن يكون هناك إجماع واسع بين العلماء من مختلف الخلفيات (من المشككين إلى المؤمنين) حول صحة هذه الوقائع.

    وتعتمد هذه المقاربة على نهج من الأسفل إلى الأعلى يبدأ بالأحداث الأكثر موثوقية.

    ويورد شاو أهم هذه الوقائع الدنيا:

    • أن يسوع مات مصلوبًا.
    • أن التلاميذ اختبروا ظهورات ليسوع القائم من الموت.
    • أن التلاميذ كانوا مستعدّين أن يتألّموا ويموتوا من أجل إيمانهم.
    • أن يعقوب، أخا يسوع الجسدي والذي كان مشكّكًا، تحوّل وآمن به بعد القيامة.
    • أن بولس، مضطهد الكنيسة، آمن بالمسيح وتحول جذريًا.

    بشكلٍ عام، أنا معجب جدًا بالطريقة التي قدّم بها شاو هذا المحتوى.

    أنا شخصيًا أفضل العرض المنهجي المبني على نقاط واضحة، وهذا الكتاب لم يخيب ظني.

    أراه مصدرًا ممتازًا للتعليم للمدافعين والباحثين، بل وحتى الشخص العادي الباحث عن الحق.

    كما أنه يمكن أن يكون كتابًا مناسبًا لإعطائه لشخص يتساءل عن موثوقية العهد الجديد. آمل أن تحصل على نسخة منه.

     

     

    كاتب المقال: chab123

    رابط المقال:  https://chab123.wordpress.com/2024/08/26/trustworthy-thirteen-arguments-for-the-reliability-of-the-new-testament-by-benjamin-shaw-and-gary-habermas/

    ترجمة: عبدالمسيح

    ثلاث عشرة حُجَّة جديرة بالثقة على مصداقية العهد الجديد – غاري هابرمس وبنيامين شاو – ترجمة: عبدالمسيح

  • هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ – تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك – آرثر دانيال

    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ – تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك – آرثر دانيال

    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟
    تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك[1]

     

    ترجمة وتعليق: آرثر دانيال

    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك
    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك

     

    تحميل البحث بصيغة PDF

     

    الفصل الأول: النقاش الحالي حول النص الأصلي للعهد الجديد:[2]

    يبدأ الفصل بالإشارة إلى التغير الجوهري الذي طرأ على تعريف النص الأصلي للعهد الجديد. فبعدما كان البحث التقليدي يهدف إلى الوصول إلى نص واحد “نص المؤلف” هو نص الكُتّاب الأصلي، تحول الآن إلى البحث في عدة أنواع من النصوص عبر مراحل تاريخية مختلفة مثل:

    • النص السابق لنص المؤلف (pre-authorial)
    • نص المؤلف (authorial)
    • النص القانوني (canonical)
    • النص التفسيري أو النص ما بعد القانوني (postcanonical/interpretive).

    وقد أطلق إلدون إيب (Epp) هذا التصنيف في مقاله حول “تعدد المعاني لمصطلح النص الأصلي”،[3] معتبرًا أن أي دراسة لتكوين أو تعديل نصي على أي مستوى تدخل ضمن نطاق النقد النصي.[4]

    في هذا السياق ظهر منهج Coherence-Based Genealogical    Methodالذي أوجد تصنيفات جديدة:

    • نص المؤلف (Authorial text): النص الذي كتبه المؤلف نفسه.
    • النص الأُولَيِّ (Ausgangstext): نص افتراضي أعيد بناؤه كما كان قبل بداية نسخه.
    • نص النموذج الأقدم (Archetypal text): أول مخطوطة بدأ منها التقليد النصي للمخطوطات المتبقية.

    يُعتقد أن النص الأُولَيِّ لا يوجد في أي مخطوطة فعلية، بل يُعاد تكوينه من شواهد متفرقة. ووفقًا لـ Wachtel وMink، فإن النص الابتدائي يهدف إلى استعادة النص الذي سبق نص النموذج الأول ويفترض أن يكون أقرب لنص المؤلف، لكنه يبقى افتراضيًا حتى يُثبت عكس ذلك.

     

    نتائج هذا التحول:

    • النقد النصي الحديث لم يعد يهدف إلى استعادة النص الأصلي بالمفهوم التقليدي، بل يهتم بدراسة كيف ظهرت القراءات المختلفة.
    • بعض النقاد يلومون المطبعة أو الإصلاح البروتستانتي لنشر فكرة أن هناك نصًا أصليًا بلا أخطاء (نص معصوم في مخطوطاته الأصلية)
    • يزعمون أن فكرة النص الأصلي الخالي من الخطأ لا أساس تاريخي لها قبل العصور الحديثة.

    أثر ذلك على الإيمان المسيحي: يحذر الكاتب من أن هذه التحولات لها تبعات خطيرة:

    • غياب نص معياري مستقر قد يؤدي إلى إعادة تكوين النص حسب الهوى.
    • يؤدي ذلك إلى زعزعة اللاهوت المسيحي وإضعاف الممارسات الدينية المبنية على نص مقدس مستقر.

     

    الرد على اعتراضات بارت إيرمان:

    1. الادعاء الأول “نحن لا نملك الأصول”
    • صحيح أننا لا نملك المخطوطات الأصلية (autographs)، لكنها لم تكن الهدف بحد ذاته، بل الكلمات التي احتوتها.
    • فقدان الوثائق لا يعني ضياع النص، بوجود نسخ متعددة يمكننا إعادة بناء النص الأصلي بدقة.[5]

     

    1. الادعاء الثاني “لدينا نُسخ مليئة بالأخطاء”
    • نعم، هناك أخطاء، لكنها في الغالب غير مقصودة (مثل أخطاء البصر والسمع).
    • النسبة الكبرى من النص (حوالي 94%) مستقر بشكل كبير، والخلافات في 6% فقط وغالبًا غير مؤثرة على المعنى أو العقيدة.

     

    1. الادعاء الثالث “أغلب النسخ تعود لقرون بعد الأصل”
    • صحيح، هناك فجوة زمنية، لكن النصوص أظهرت استقرار نصي واضح، في الواقع، حسب كلام مايكل هولمز، نص العهد الجديد مستقر بشكل عام (على المستوى الكبير)[6].
    • شواهد مثل المخطوطات البردية أثبتت دقة النقل بنسبة تفوق 90% بحسب الدراسات.

     

    1. الادعاء الرابع “هناك آلاف الاختلافات بين النسخ”
    • في الحقيقة معظم هذه الاختلافات شكلية (إملائية، نحوية)، ولا تؤثر على المعنى، والاختلافات التي تؤثر على المعني أو الترجمة قليلة جدا.

     

    عن عصمة الكتاب المقدس:

    • عصمة النص لا تعتمد على وجود النسخ الأصلية بل على إلهام النص ذاته.
    • العصمة هي امتداد لمفهوم الوحي الإلهي (كل الكتاب موحى به من الله – 2 تيموثاوس 3:16).
    • الله أوحى بالكلمات، واستخدم شخصيات الكتّاب دون إلغاء بشريتهم لضمان خلو النص من الخطأ.

     

     

    الدليل على أن الكُتاب كانوا يعلمون أنهم يكتبون كلام الله المقدس:

    • نصوص مثل 1 تسالونيكي 2:13، 1 كورنثوس 14:37، و2 بطرس 3:15-16 تؤكد إدراكهم أنهم يكتبون كلام الله.
    • بولس يساوي في 1 تيموثاوس 5:18 بين نص من التوراة (تثنية) وكلام المسيح (لوقا)، معتبرًا كليهما “كتابا مقدسا”.

     

     

    دور الكنيسة المبكرة:

    • الكنيسة نظرت مبكرًا للأسفار كنصوص مقدسة وتعاملت معها باحترام شديد.
    • واجهت الكنيسة محاولات التحريف من الهراطقة أمثال مرقيون وفالنتينوس.
    • نشأت محاولات للحفاظ على النص من خلال القراءة العلنية والاقتباس المكثف في كتابات الآباء.

     

    في الختام:

    • التقليد النصي للعهد الجديد مستقر بدرجة كبيرة ولا توجد عقيدة مهددة بسبب الاختلافات.
    • النقد النصي خادم للعصمة لأنه يساعد في استعادة كلمات الله بدقة.
    • الهدف هو الاقتراب قدر المستطاع من النص الذي كتبه الرسل بإلهام الروح القدس.

     

    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك
    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك

    الفصل الثاني: الانتقائية العقلانية والنص الأصلي للعهد الجديد:[7]

    يبدأ الكاتب بيتر جاري بتأكيد أن نص العهد الجديد هو من أكثر نصوص العصور القديمة موثوقية من حيث التوثيق، إذ وصل إلينا عبر: (1) آلاف المخطوطات اليونانية، و(2) مئات الترجمات القديمة (كاللاتينية، السريانية، القبطية)، و(3) اقتباسات آباء الكنيسة المبكرين.

    لكنه يوضح أن هذه الشواهد رغم كثرتها لا تتفق دائمًا، مما يفرض الحاجة إلى منهج علمي نقدي لحسم الاختلافات واستعادة النص الأصلي.

     

     

    ما هي الانتقائية العقلانية؟

    • الانتقائية العقلانية (Reasoned Eclecticism) هي المنهج المهيمن في نقد نصوص العهد الجديد منذ عدة قرون.
    • تُدرَّس في الكليات والمعاهد اللاهوتية، وتستخدمها اللجان المشرفة على ترجمات الكتاب المقدس وتقوم على:
    • الأدلة الداخلية: تحليل أسلوب المؤلف، تراكيب لغوية، المفردات، والاحتمالات العقلية لوقوع الناسخ في خطأ معين.
    • الأدلة الخارجية: دراسة شواهد المخطوطات، من حيث تاريخها، جودتها، أصلها الجغرافي، وعلاقاتها المتبادلة.

    والهدف الأساسي هو استنتاج القراءة الأصلية التي تفسّر كيف نشأت القراءات الأخرى.

     

     

     المناهج المنافسة:

    • أولوية النص البيزنطي (Byzantine Priority):
    • يعلي من شأن النص البيزنطي لأنه الأكثر عددًا في الشواهد.
    • يفترض أن الأغلبية تعكس نصًا أقدم وأكثر دقة بسبب أمانة النسّاخ.
    • يرفض فكرة أن الأغلبية يمكن أن تكون مخطئة في مقابل الأقلية.

    مثال: في 1 يوحنا 23:2 النص البيزنطي يحذف الشطر الثاني (من يعترف بالابن، يكون له الآب أيضًا) رغم وضوح كونه محذوفًا نتيجة السهو، وقد اختار انصار النص البيزنطي القراءة الأقصر لكون أغلب المخطوطات تدعمها فقط وليس لأي سبب آخر.

     

    الانتقائية الشاملة (Thoroughgoing Eclecticism):

    • لا تفضل أي مخطوطة أو عائلة نصية وتعتبرهم متساوون في القيمة.
    • تركّز على الأدلة الداخلية وحدها: أسلوب الكاتب، احتمالات النساخ، تركيب الجملة. ولا تعتمد على الأدلة الخارجية تقريبا.
    • تعتبر أن معرفة علاقات المخطوطات غير يقينية فلا يُعوّل عليها.

    خطرها: الاعتماد المفرط على الحكم الذاتي للنقاد حول أسلوب المؤلف، كما أن النتائج تثبت خطئها، على سبيل المثال: وفقًا للدراسات فإن المخطوطة الفاتيكانية قرائتها صحيحة بنسبة 74%، بينما مخطوطة كـ 044 صحيحة بنسبة 54% وهذه الإحصائية وفقًا للمعاير الداخلية فقط، مما يدحض اعداء أنصار منهج الانتقائية الشمولية أنه لا توجد مخطوطة أفضل من أخرى.

     

     

     مزايا الانتقائية العقلانية:

    • تعتمد على معلومات راسخة بدلاً من الافتراضات أو الجهل بعلاقات المخطوطات. فهي تعتمد على ما نعرفه وليس على ما نجهله،
    • على عكس منهج أولية النص البيزنطي فإنه قائم على عدم وجود شهود مبكرين بيزنطيين (هم يقولون أن المخطوطات المبكرة كانت بيزنطية لكن اندثرت والمخطوطات السكندرية القديمة حاليا هي مجرد تلاعب ولا تمثل النص الأصلي أو النص الأقدم).
    • وأيضًا على عكس الانتقائية الشمولية التي هي قائمة على عدم معرفتنا بالعلاقات بين المخطوطات، فكلا المنهجين قائم على ما ما نجهله (من وجه نظرهم)[8] أما الانتقائية العقلانية فهي قائمة على الأدلة المتاحة.
    • تعترف بأن بعض المخطوطات أفضل من غيرها لكنها لا تقدس أي شاهد.
    • توازن بين الأدلة الخارجية والداخلية بدلاً من إهمال أحدها.
    • لا تفترض أبدًا أن الأغلبية دائمًا صحيحة (كما في النص البيزنطي) ، ولا ترفض الشواهد القوية (كما في الانتقائية الشاملة).

     

     

    الاعتراض الشائع: “نص فرانكشتاين (Frankenstein)”أي نص هجين مركب غير موجود في مخطوطة بعينها: [9]

    ينتقد البعض (مثل روبنسون، وهو من أنصار النص البيزنطي) أن الانتقائية العقلانية تنتج نصًا مركبًا لا يوجد في أي مخطوطة واحدة، يدّعي هؤلاء أن ذلك يهدم سلطة النص لأنه تركيب حديث.

    الرد:

    • هذا الاتهام متناقض مع اتهام آخر (من انصار النص البيزنطي) يقول إن الانتقائية تقدس وتعتمد على مخطوطات بعينها مثل B و א (الفاتيكان والسينائي)، فكيف يكون المنهج يقدس مخطوطة بيعنها وفي نفس الوقت هو نص هجين؟
    • الهدف هو استعادة ما كتبه المؤلفون، لا إعادة إنتاج مخطوطة تاريخية بعينها فكون النص المُعاد بناءه نص مركب هذا يثبت أن المنهج مترابط ومتناسق داخليًا، فهو ينطلق من مبدأ أن كل المخطوطات أصابها فساد اثناء علمية النقل ويجب على الناقد ألا يفضل مخطوطة بعينها أو مجموعة مخطوطات أو عائلة نصية بل يتعامل في البداية مع الكل بشكل محايد ومع النتائج نحدد أي المخطوطات أو العائلات النصية أفضل من غيرها لمساعدتنا في تقييم بعض الخلافات موضع النزاع الشديد، والنتائج النهائية تثبت أن هناك بعض المخطوطات أفضل (مثل السينائية والفاتيكانية وأغلب البرديات) وهناك عائلات نصية أفضل من غيرها (مثل النص السكندري).

     

     

    الخلاصة: الانتقائية العقلانية هي:

    • ليست عبودية للمخطوطات القديمة، وليست وثوقية عمياء بالأغلبية، ولا تجاهلاً للشواهد الخارجية.
    • تعتمد على مقاربة متوازنة تحليلية، تقارن القراءات وتنتقي ما يُفسر تطور بقية القراءات.
    • لا تدعي الوصول إلى اليقين المطلق، لكنها تعتبر أفضل أداة حالية لاستعادة نص المؤلف.

     

    في النهاية، يدعو الكاتب للابتعاد عن الإفراط في الثقة أو الإفراط في الشك، ويرى أن الانتقائية العقلانية أفضل السبل العلمية لاستعادة كلمات الوحي الأصلية بدقة.

     

    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك
    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك

     

    الفصل الثالث: منظور أولوية البيزنطي للنص في تحديد أصالة النص الأصلي (الأوتوغراف):[10]

     يركّز روبنسون في البداية على أن النقد النصي للكتاب المقدس ليس نشاطًا علميًا مجردًا، بل هو ممارسة روحية تتعامل مع “كلمة الله”، ومن ثم فإن ضبط النص بدقة أمر بالغ الأهمية للاهوت المسيحي.

     

    يحدّد روبنسون ثلاث مدارس رئيسية في النقد النصي: الانتقائية العقلانية (Reasoned Eclecticism)، والانتقائية الشاملة (Thoroughgoing Eclecticism)، وأولوية النص البيزنطي (Byzantine Priority).

    ويقول إن نسبة الاتفاق بين النص البيزنطي والنص النقدي هي 94%، مما يعزز الثقة في أن النص الأصلي ما يزال قائمًا بدرجة عالية أيا كان المنهج الذي تتبعه.

     

     

     ما هي أولوية النص البيزنطي؟

    يرفض روبينسون تعريف أولوية النص البيزنطي بأنه مجرد تفضيل للقراءة الأغلبية في المخطوطات البيزنطية، بدلًا من ذلك، يطرح أن النص البيزنطي هو النص الأصلي الأسبق زمنًا، وأن بقية النصوص (النص السكندري والنص الغربي) تمثل انحرافات عنه، سواء بشكل واعٍ (مراجعة) أو عن طريق عملية تطور غير موجهة.

    ويقول إن المدارس النقدية الأخرى تفترض أن النص البيزنطي هو نتاج متأخر، بينما يرى هو أن النص البيزنطي نشأ قبل القرن الرابع، ويوجد العديد من القراءات البيزنطية (سواء كانت بيزنطية خالصة أو مشتركة مع عائلة أخرى) الموجودة في البرديات القديمة.

     

     

    ينتقد روبنسون فكرة أن النص البيزنطي هو نتاج عملية تطور بطيئة وغير مركزية، مشيرًا إلى أن:

    • لا يوجد تفسير مقنع لكيفية تحقيق وحدة نصية كبيرة كهذه عبر قرون ومناطق متباعدة بدون إدارة مركزية، فكيف يمكن أن يكون النص البيزنطي نصا مستقرا نوعا ما وفي نفس الوقت هو نتاج تنقيح متباعد؟
    • حتى المشاريع الرسمية مثل نسخة جيروم (الفولجاتا) لم تنجح في تحقيق هذا المستوى من التوحيد، رغم أن الفولجاتا كانت تحظى بدعم كنسي إلا أن عندم الاتساق يظهر في مخطوطاتها على عكس النص البيزنطي.
    • لذلك فإن فكرة أن النص البيزنطي هو “النص الموحد عبر الزمن دون تدخل رسمي” تتحدى المنطق التاريخي.

     

    يوضح روبنسون أن أولوية النص البيزنطي لا تعني دائمًا اختيار القراءة الأغلبية، بل تعني أن هذا الشكل النصي كان موجودًا منذ البداية (النص البيزنطي). النصوص الأخرى بما في ذلك الإسكندرية تمثل انحرافات لاحقة أو مراجعات محلية. هذا التفسير يضع النص البيزنطي كـ “المعيار المرجعي” التاريخي وليس كمجرد نتاج أغلبية عددية.

    يناقش أيضا التنوع داخل المخطوطات البيزنطية نفسها، مشيرًا إلى أن هذا لا ينفي وجود إجماع نصي واسع، يوضح أن النص البيزنطي يتكوّن من تيارات متعددة مثل Kx وKr وKc لكنها تحافظ على بنية أساسية مشتركة. فقط عندما يكون هناك انقسام حاد داخل هذه التيارات يُلجأ إلى معايير أخرى لاتخاذ القرار (وها يدل أن النص البيزنطي ليس نصا مسيطرا عليه من الكنيسة، ورغم ذلك هو مستقر)

     

     

     مشاكل الانتقائية:

    • لا توجد قاعدة موضوعية لاختيار القراءات: يُنتقد المنهج الانتقائي لأنه يعتمد على تقديرات الباحث الذاتية في اختيار القراءة الأصلية. فبدلًا من الالتزام بسلسلة مخطوطات معينة أو تقليد نصي واضح، يتم الجمع بين قراءات من مصادر متعددة وفق ما يراه المحرر “أفضل”، ما يفتح الباب أمام التحيّز والتقدير الشخصي.
    • إنتاج نص “Frankenstein” غير موجود في أي مخطوطة: أحد أخطر الانتقادات التي يوجهها روبنسون هو أن المنهج الانتقائي يؤلف نصوصًا هجينة (Hybrid Texts) لا توجد كاملة في أي مخطوطة تاريخية واحدة، بل يتم انتقاؤها من مصادر مختلفة. هذا يؤدي إلى ما يسميه البعض بـ”نص فرانكنشتاين”، أي نص مركّب لم يوجد يومًا ما في التداول المسيحي التاريخي. “النتيجة هي نص مركّب ليس له وجود فعلي عبر التاريخ الكنسي ولا في أي مخطوطة موجودة.”
    • الاعتماد المفرط على النصوص المبكرة النادرة: ينتقد أيضًا الاعتماد الزائد على عدد محدود من المخطوطات المبكرة (مثل السينائية والفاتيكانية والبرديات) على حساب آلاف المخطوطات البيزنطية المتأخرة، مما يعطي وزنًا غير متوازن لشهود نصيين أقل عددًا وأقل تمثيلًا للاستمرار التاريخي.

     

     

    ما الذي يقدمه أولية النص البيزنطي في المقابل؟

    • استقرار النص البيزنطي على مدى قرون: منذ القرن الرابع الميلادي، حافظت المخطوطات البيزنطية على نص ثابت وموثوق عبر الإمبراطورية البيزنطية. أن نسبة التوافق الداخلي بين آلاف المخطوطات البيزنطية مذهلة (حوالي 94–95%).
    • تمثيل حقيقي لنص الكنيسة: النص البيزنطي هو النص الذي استخدمته الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الشرقية لأكثر من ألف عام. هذا يجعله النص الذي عاش في العبادة، والتعليم، والوعظ، وليس مجرد افتراض نقدي.
    • وجود هيكل نصي متماسك: رغم وجود فروق طفيفة داخل التيارات البيزنطية Kx، Kr، Kc، فإنها تشترك في بنية أساسية واضحة ومتماسكة. يشير روبنسون إلى أن هذا يثبت أن النص لم يتطور عبر العشوائية، بل عبر تقليد محفوظ ومنضبط.
    • يتسق مع النقل الطبيعي :(Normal Transmission) بخلاف المنهج الانتقائي الذي يفترض أن النص الأصلي فُقد ويجب “إعادة إنشائه” وهو عبارة عن قراءات متناثرة هنا وهناك، يرى روبنسون أن النص البيزنطي ينقل النص بشكل طبيعي ومتماسك منذ الجيل الرسولي. المخطوطات القليلة والمنعزلة (مثل المخطوطات السكندرية) هي نتاج “انحراف محلي”، وليست النص السائد الأصلي.[11]

     

     

     في النهاية يختم روبينسن بصلاة اقتبسها من ويستكوت:

    “أيها الرب المبارك، الذي بعنايتك الكاملة كُتبت كل الأسفار المقدسة وحُفظت لأجل تعليمنا، امنحنا نعمة أن ندرسها كل يوم بصبر ومحبة. قوي نفوسنا بملء تعليمها الإلهي. أبعد عنّا كل كبرياء وعدم توقير. قدنا في أعماق حكمتك السماوية، وبمراحمك العظيمة، قُدنا بكلمتك إلى الحياة الأبدية، بواسطة يسوع المسيح مخلّصنا. آمين.”[12]

     

    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك
    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك

    الفصل الرابع: حل ستورز لمشكلة النص الأصلي كما يتضح في أفسس 1:1، متى 22:5، ويوحنا 13:3:[13]

     

     منهج ستورز:

    يعرض ديفيد آلان بلاك دفاعًا عن منهج ستورز (Harry Sturz) في نقد النصوص، الذي يعتبر محاولة توفيقية بين المدارس المختلفة، خصوصًا بين: منهج الأغلبية (Byzantine Priority) والانتقائية العقلانية (Reasoned Eclecticism)

    ويرى بلاك أن منهج ستورز هو الحل الأنسب لمشكلة تحديد النص الأصلي للعهد الجديد.

     

     

    ما هو منهج ستورتز؟

    • يسعى منهج ستورز إلى احترام جميع التيارات النصية المعروفة (الإسكندرية، الغربية، البيزنطية) بحيث يعتبرهم كلهم تيارات نصية نشأت في القرن الثاني.
    • لا يعطي أولوية مطلقة لأي تيار نصي بمفرده.
    • يرفض الإقصاء المسبق للنص البيزنطي من الدراسة العلمية.
    • يرى أن النص البيزنطي يحتوي على قراءات أصيلة مبكرة لا يجب تجاهلها.

     

    مبادئ المنهج:

    • كل شاهد نصي (بيزنطي أو غيره) يجب تقييمه بناءً على أدلته الخاصة وليس بناءً على افتراضات نظرية حول قيمته (غالبا ما يتم اعتبار المخطوط ذات قيمة أقل بمجرد معرفة أنه بيزنطي، والعكس، غالبا ما يعتبر الشاهد ذات قيمة عالية بمجرد معرفة أنه سكندري).
    • التيارات النصية تمثل تقاليد مختلفة لكنها جميعها تتصل بالنص الأصلي في نقاط معينة.
    • المطلوب ليس اختيار تيار واحد، بل إعادة بناء الصورة الكاملة من جميع التيارات مجتمعة.

     

    الفرق بين منهج ستورز والمناهج الأخرى

    • لا يفرض تفضيلًا مسبقًا (كما في البيزنطي أو الانتقائية العقلانية). لا تقل “الإسكندري أقدم إذن هو الأفضل”، ولا تقل “البيزنطي أغلب إذن هو الأفضل”، بل اعتبر أن كل تقليد نصي يمثل فرعًا له جذور تعود إلى النص الأصلي بدرجة ما.
    • لا يُقصي أي تقليد نصي، ويطالب بإعادة تقييم قيمة النص البيزنطي خصوصًا.
    • يهدف إلى إعادة بناء نص متوازن يعكس التنوع التاريخي للنقل.

     

     

     أمثلة تطبيقية:

    • أفسس 1:1:

    (بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، إِلَى الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ فِي أَفَسُسَ وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ)

    تضيف أغلب المخطوطات عبارة “في أفسس” بينمها تحذف أقدم المخطوطات نفس العبارة (مثل السينائية، الفاتيكانية والبردية 46)

    • الأدلة الخارجية: توجد العبارة في أغلب المخطوطات مما يعني أنها كانت منتشرة، بالإضافة لوجودها في النص الغربي مما يعني أن الحذف هو من أفضل مخطوطات النص اسكندري (وليس كلها)، مما يعني أن القراءة الأطول هي الموزعة جغرافيا.
    • الأدلة الداخلية: ليست حاسمة من وجهة نظر الكاتب، لكنه يجد مبررا لماذا يمكن لناسخ أن يحذف هذه العبارة (باعتبار أنها كانت اصلية وتم حذفها في وقت لاحق): وهي أن القُراء حاولوا أن يجعلوا لرسائل بولس طابع عام، واجهت الكنيسة الأولى مشكلة مع خصوصية رسائل بولس (أي انها أُرسلت حصرا لأفسس)، ويوجد عدة أمثلة مثلا في رومية 1:7، ورومية 1:15 حيث حذفت بعض المخطوطات عبارة “في رومية”.

    لذا القراءة الأفضل هي القراءة الأطول “في أفسس” مع فتح باب للنقاش.

     

    • متى 22:5:

    (وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ)

    تحذف المخطوطات القدمية كلمة “باطلًا” (مثل البردية 64 والسينائية والفاتيكانية) بينما تضيف أغلب المخطوطات هذه العبارة.

    يقول ميتزجر: “رغم أن القراءة التي تحتوي على εἰκῇ (باطلا/بلا سبب) منتشرة منذ القرن الثاني، إلا أن من الأرجح أنها أُضيفت من قبل النُساخ لتخفيف صرامة كلام يسوع، لا أنها حُذفت لأنها غير ضرورية.”[14]

    وهذا يعارض رأي الكاتب كما سأوضح.

    • الأدلة الخارجية: كما في المثال السابق، القراءة الأطول موزعة جغرافيا بشكل كبير فيهي مدعومة بأغلب المخطوطات والعائلات النصية: النص البيزنطي والغربي والقيصري وبعض مخطوطات النص السكندري، بينما القراءة الأقصر (حذف “باطلا”) هي حصريا للتقليد السكندري.
    • الأدلة الداخلية: مرة أخرى مثل المثال السابق يراها الكاتب غير واضحة، لكنه يجد مبرر لماذا يمكن للناسخ أن يحذف هذه الكملة: يمكن تفسير مسألة وجود كلمة “بلا سبب” (εἰκῇ) في متى 5:22 بطريقتين متقابلتين. فمن جهة، يُعرف يسوع بأسلوب تعليمي قاطع ومباشر، وكثيرًا ما يستخدم صياغات مطلقة في تعاليمه. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه لا يستخدم شروطًا توضيحية أو قيودًا ضمنية. في نفس الإصحاح (متى 5:11)، نلاحظ أن التطويب لا يُمنح لأي شتيمة، بل تلك التي تُقال “كذبًا” ضد التلاميذ. أي أن يسوع هنا يميز بين أنواع مختلفة من الاضطهاد، ويؤكد أن ليست كل الإهانات أو المعاناة تُعتبر بركة، بل فقط تلك المبنية على افتراء.

    هذا التوجه ليس غريبًا عن باقي أسفار العهد الجديد، فبطرس في رسالته الأولى (3:17–4:15) يُقر بأن المسيحيين قد يعانون أحيانًا بسبب أخطاءهم، وليس فقط بسبب تمسكهم بالحق. انطلاقًا من ذلك، من غير المستبعد أن يكون يسوع في متى 5:22 قد استخدم بالفعل تقييدًا لعبارته بوجود “سبب” للغضب، كما هو الحال مع استخدامه لعبارة “إلا لعلة الزنا” في متى 5:32 كاستثناء لعدم الطلاق.

    بالتالي، هناك احتمال أن أحد النُساخ قد حذف كلمة εἰκῇ من النص، ظنًا منه أن وجودها قد يُفسر بشكل متساهل مع الغضب، فيجعل النص أقل صرامة، مما يتناقض مع أسلوب يسوع المعتاد. وفي هذه الحالة، يكون النص الأصلي قد احتوى على كلمة “بلا سبب”، وأن الحذف جاء في محاولة “لتشديد” العبارة بدلًا من “تليينها”، وهو عكس ما يفترضه بعض النقاد. هذا يُبرز احتمالًا معقولًا أن القراءة الأقصر ليست الأصلية، بل هي نتيجة تدخل تحريري من ناسخ أراد أن يُظهر تعليم يسوع بأقصى درجات الصرامة، حتى على حساب الدقة النصية.

    لذا فإن القراءة الأطول (باطلا) هي غالبا القراءة الأصلية.

     

    • يوحنا 13:3:

    (وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ)

    تحذف المخطوطات المبكرة عبارة “الذي هو في السماء” (مثل السينائية والفاتيكانية البردية 66 و75) بينما تضيف أغلب نفس العبارة.

    • الأدلة الخارجية: القراءة الأطول موزعة جغرافيا فهي مدعومة من النص الغربي والبيزنطي والقيصري وبعض المخطوطات والآباء الإسكندريين، بينما لا تحظى القراءة الأقصر إلا بدعم من المخطوطات السكندرية الرئيسية.
    • الأدلة الداخلية: الحجة الداخلية لقراءة “الذي هو في السماء” في يوحنا 3:13 تتضمن عدة عناصر مترابطة. أولًا، القراءة الأطول تُعد أصعب من حيث المعنى، لأنها تُظهر يسوع كمن هو في السماء وعلى الأرض في آنٍ واحد، وهذا يفسر لماذا قد يشعر بعض النسّاخ بالحاجة لحذفها أو تعديلها لتجنب الالتباس. ثانيًا، يوحنا يُعرف بأسلوبه الذي يستخدم تراكيب مشابهة، مثل “الذي هو في…”، مما يجعل العبارة منسجمة لغويًا مع نمط الإنجيل. ثالثًا، لاهوت يوحنا يدعم هذا النوع من التصريحات، فالمسيح عنده هو الكلمة الأزلي الذي تجسّد، دون أن يفقد علاقته بالله أو وجوده الإلهي، ما يجعل العبارة “الذي هو في السماء” تعبيرًا طبيعيًا عن هذه العقيدة. وأخيرًا، حذف العبارة يمكن تفسيره بسهولة على أنه نتيجة لمحاولة تلطيف أو توضيح قول صعب، في حين يصعب تفسير إضافتها لو لم تكن أصلية. لهذه الأسباب، تُعتبر القراءة الأطول أكثر انسجامًا مع أسلوب يوحنا وتعليمه.

    لذا فالقراءة الأطول “الذي هو في السماء” هي القراءة الأصلية.

     

    خلاصة المنهج:

    • لا يمكن اعتبار أي مخطوطة يونانية فردية مطابقة للنص الأصلي.
    • لا يمكن اعتبار أي مجموعة مخطوطات أو نوع نصي معين ممثلًا للنص الأصلي (سواء كان سكندري أو بيزنطي).
    • لا يمكن اعتبار أي طبعة مطبوعة من العهد الجديد اليوناني مطابقة للنص الأصلي.
    • لا يمكن اعتبار أي ترجمة إنجليزية وحدها ممثلة للنص الأصلي.
    • عند تساوي العوامل الأخرى، فإن القراءات المدعومة من معظم الأنواع النصية تكون على الأرجح أقرب إلى الأصل.
    • الأدلة الداخلية لها دور مهم، لكن أقل من الأدلة الخارجية.
    • المنهج “ستورزي” (Sturzian) مثل “الانتقائية الصارمة” يرفض تفضيل أي نوع نصي دون مبرر، لكنه يميز نفسه بجعل الدليل الخارجي أساسًا حاسمًا، بينما يُعتبر الدليل الداخلي مجرد تأكيد داعم.
    • يشبه المنهج “ستورزي” الانتقائية المعقولة (reasoned eclecticism) في أنه يستخدم كلا الدليلين الداخلي والخارجي، لكنه يفضل الدليل الخارجي.
    • يقدّر هذا المنهج النص البيزنطي، مثل منهج أولوية النص البيزنطي، لكنه لا يمنحه الأولوية المطلقة كما يفعل أصحاب هذا الرأي.
    • المنهج المقترح يجمع بين الحذر في التعامل مع الأدلة وتقدير لتعددها، ويرفض الاعتماد على مصدر واحد، سواء كان مخطوطة أو طبعة أو ترجمة.

     

     

    ملحق الخلافات النصية المذكورة في الفصل الأخير

     

    أفسس 1:1

    א2 A B2 D F G K L P (Ψ* illegible) Ψc 075 0150 0278 33 81 88 104 181 256 263 326 330 365 424* 436 451 459 614 629 630 1175 1241 1319 1573 1852 1877 1881 1912 1962 1984 1985 2127 2200 2464 2492 2495 Byz Lect

     itar itb itc itd itdem itdiv ite itf itg ito itr itx itz vg 

    syrp syrh

    copsa copbo

     goth arm eth geo slav 

    Ambrosiaster Victorinus-Rome PsIgnatius Chrysostom Pelagius Theodorelat Cyril Ps-Jerome Theodoret Cassiodorus John-Damascus ς

    τοῖς ἁγίοις τοῖς οὖσιν ἐν Ἐφέσῳ καὶ πιστοῖς

     

    إلى القديسين الذين في افسس والمؤمنين

    p46 א* B* 6 424c 1739 

    Marcionaccording to Tertullian  Marcionaccording to Epiphanius Origenvid (Ephraem)

    mssaccording to Basil

    τοῖς ἁγίοις τοῖς οὖσιν

    καὶ πιστοῖς

     

    إلى القديسين والمؤمنين

     

     

     

     

    متى 22:5

    p64 א* B Ω 372 1292 1424mg 2174vid 2737 

    itaur vg 

    ethms 

    Gospel of the Nazarenes Ptolemy Justin Tertullianvid Origen Theodore-Heraclea Chromatius Jerome Theodoreaccording to Apollinaris Augustine3/4 Cassian Ps-Athanasius mssaccording to Apollinaris Greek mssaccording to Augustine

    ὅτι πᾶς ὁ ὀργιζόμενος τῷ ἀδελφῷ αὑτοῦ ἔνοχος

     

    إن كل من يغضب على أخيه يكون مستوجب الحكم

     

    א2 D E K L W Δ Θ Π Σ 0233 f1 f13 28 33 157 180 205 565 579 597 700 892 1006 1010 1071 1079 1195 1216 1230 1241 1242 1243 1342 1365 1424 1505 1546 1646 Byz Lect 

    ita itb itc itd itf itff1 itg1 ith itk itl itq vgms

    syrc syrs syrp syrh syrpa

    copsa copmae copbo 

    goth arm ethTH geo slav 

    Diatessaron Irenaeus Cyprian Eusebius Hilary Lucifer Basil Apostolic Constitutions Ps-Justin Chrysostom Augustine1/4 Cyril Speculum Theodoret mssaccording to Origen mssaccording to Apollinaris mssaccording to Jerome ς

    ὅτι πᾶς ὁ ὀργιζόμενος τῷ ἀδελφῷ αὑτοῦ εἰκῆ ἔνοχος

     

    إن كل من يغضب على أخيه باطلا (بلا سبب) يكون مستوجب الحكم

     

     

     

     

    يوحنا 13:3

    p66 p75 א B L T Wsupp 083 086 0113 33 1010 1241 

    copsa copbo(pt) copach2 copfay 

    geo2 

    Diatessaron Origenlat(2/4) Adamantius Eusebius Gregory-Nazianzus Apollinaris GregoryNyssa Didymus Epiphanius3/4 Jerome1/3 Cyril14/16 (Cyril1/16 θεοῦ) Theodoret1/4

    εἰ μὴ  ἐκ τοῦ οὐρανοῦ καταβάς υἱὸς τοῦ  ἀνθρώπου.

     

    إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان

     (A* omit ὢν) Ac E G H K N Δ Θ Π Ψ 050 (063 l751(1/2) θεοῦ for ἀνθρώπου) f1 f13 28 157 180 205 565 579 597 700 892 1006 1009 1071 1079 1195 1216 1230 1242 1243 1253 1292 1342 1344 1365 1424 1505 1546 1646 2148 2174 Byz Lect

     ita itaur itb itc itf itff2 itj itl itq itr1 (ite syrc syrpal vg 

    syrp syrh 

    copbo(pt) 

    arm eth geo1 slav 

    Hippolytus Hippolytus Novatian Origenlat(2/4) Origenlat Eustathius Jacob-Nisibis Zeno ὃς ἦν) Ambrosiaster Aphraates Hilary Lucifer Basil Amphilochius Ambrose Epiphanius1/4 Chrysostom Chromatius Jerome2/3 Augustine Nonnus Paul-Emesa Cyril1/16 Ps-Dionysius Hesychius Theodoret3/4 John-Damascus ς

    εἰ μὴ  ἐκ τοῦ οὐρανοῦ καταβάς υἱὸς τοῦ ἀνθρώπου ἀνθρώπου ὁ ὢν ἐν τῷ οὐρανῷ

     

    إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء

     

    [1] Black, D. A., & Shah, A. P. (Eds.). (2023). Can we recover the original text of the New Testament? Wipf and Stock Publishers.

    [2] Abidan Paul Shah, “The Current Debate Over the Original Text of the New Testament,” in Can We Recover the Original Text of the New Testament?, ed. D. A. Black and Abidan Paul Shah (Eugene, OR: Wipf and Stock Publishers, 2023), chap. 1.

    [3] Eldon J. Epp, “The Multivalence of the Term ‘Original Text’ in New Testament Textual Criticism,” Harvard Theological Review 92, no. 3 (1999): 245–281.

    [4] في رأي الشخصي: الاحتمال الأول لـ “النص الأصلي” الذي هو النص السابق لنص المؤلف (pre-authorial) لا يمكن للنقد النصي أن يتعامل معه أصلا، المقصود بمصطلح “النص السابق لنص المؤلف” هو المصادر التي أعتمد عليها الكتاب لتكوين نصهم، على سبيل المثال في متي ولوقا سيكون هذا النص هو المصدر “Q”، ومثل هذه النصوص لا يمكن للنقد النصي أن يتعامل معها، في الحقيقة هذا اختصاص النقد الأعلى وليس الأدنى. الاحتمال الثاني: نص المؤلف، وهو النص الذي كتبه المؤلف بخط يده، وهذا أيضًا لا يمكن استعادته أو إعادة تكوينه، وهذا لسبب منطقي جدا وهو أن اسفار العهد الجديد كانت تمر بعد تأليفها بعملية تحريرية غالبا على يد تلميذهم، ونحن نعلم أن انجيل يوحنا وأعمال لوقا وأغلب رسائل بولس مرت بهذه العملية، فكيف نعيد نص المؤلف وهو لم ينشر أصلا؟ أو بمعنى أخر كيف يمكننا أن نعيد بناء نص المؤلف ولم تتبق لنا أي مخطوطة له.

    والاحتمال الأقرب هو أننا نعيد بناء “النص القانوني” أو النص المُحرر edited text وهو التعريف الصحيح لـ “النص الأصلي” وهو يمكن الوصول إليه.   

    [5] التقليد النصي للعهد الجديد غني جدًا بحيث يجعلنا شبه متأكدين أننا نعيد صياغة النص الأصلي بدقة، نمتلك مخطوطات يونانية قديمة جدا تقليدها النص يعود لمنتصف القرن الثاني، مخطوطات موزعة جغرافيا بشكل كبير بالإضافة إلى الكم الهائل من الترجمات والاقتباسات الآبائية، كل هذا يجعلنا متأكدين من أن الصياغة الأصلية للعهد الجديد حُفظت هنا أو هناك، ودور الناقد هو الترجيح بينهم.

    [6] “First, it is evident that we are dealing with a situation that involves a mixture of both fluidity and stability; a key issue is the relationship between the two. On the one hand, there is evidence of variation (sometimes substantial) in the process of scribal transmission; on the other hand, there are also evident factors favoring the stability of the textual transmission. Second, with the possible exception of the gospel of Luke and of Acts (where the differences between the “Alexandrian” and “Western” textual traditions are considerably greater than they are elsewhere in the New Testament), there is little if any evidence of any major disruption to the text. Third, apart from the endings of Mark and of Romans,68 variation during the time period in view affects a verse or less of the text.69 nearly all In short, we appear to be dealing with a situation characterized by macro-level stability and micro-level fluidity.”

    Michael W. Holmes, “The Text of the New Testament in the Second Century: Witnesses and Tendencies,” in The Early Text of the New Testament, ed. Charles E. Hill and Michael J. Kruger (Oxford: Oxford University Press, 2012), 57-58.

    [7] Peter J. Gurry, “Reasoned Eclecticism and the Original Text,” in Can We Recover the Original Text of the New Testament?, ed. D. A. Black and Abidan Paul Shah (Eugene, OR: Wipf and Stock Publishers, 2023), chap. 2.

    [8] أي أنه من وجهة نطر أولية النص البيزنطي، كان هناك مخطوطات بيزنطية مبكرة لكن اندثرت، وهذا الزعم لا يقبله باقي المناهج. ووجهة نظر الانتقائية الشمولية فإننا لا يمكننا أن نعرف العلاقات بين المخطوطات، وهذا الزعم ترفضه باقي المناهج.

    [9] في الحقيقة هذا الادعاء عارٍ من الصحة، وفقا لبيانات Editio Critica Maior القائمة على CBGM: تتفق المخطوطة الفاتيكانية مع النص الأولي بنسبة 96% في الرسائل الكاثوليكية، وبنسبة 96.5% في أعمال الرسل، وبنسبة 96.8% في مرقس. كما يتفق نص الأغلبية مع النص الأولي في أعمال الرسل بنسبة 91.5%، وفي مرقس بنسبة 88.7%، وفي سفر الرؤيا بنسبة 99.2%. نسب الاتفاق العالي تدحض ادعاءات المشككين وأصحاب فكرة “النص الهجين”.

    http://intf.uni-muenster.de/cbgm2/Comp4.html

    https://ntg.uni-muenster.de/

     

    [10] Maurice A. Robinson, “A Byzantine-Priority Perspective Regarding the Recognition of Autograph Originality,” in Can We Recover the Original Text of the New Testament?, ed. D. A. Black and Abidan Paul Shah (Eugene, OR: Wipf and Stock Publishers, 2023), chap. 3.

    [11] في وجهة نظري هذه الادعاءات خاطئة ولو بشكل جزئي، نعم يوجد قراءات بيزنطية مبكرة تعود للقرن الثاني والثالث، ونعم رسخ منهج ويستكوت وهورت فكرة “احتقار النص البيزنطي” وأننا يجب أن نعيد النظر في أهمية النص البيزنطي وفي ادعاءات ويستكوت وهورت، لكن كل هذا لا يثبت أن النص البيزنطي هو النص الأصلي، في الحقيقة لا يوجد أي بردية نصها بيزنطي ولا يوجد أي مخطوطة نصها بيزنطي في الأناجيل قبل القرن الخامس، ولا يوجد مخطوطة نصها بيزنطي خارج الأناجيل نصها بيزنطي قبل القرن التاسع. لا يمكن في الحقيقة اثبات أن النص البيزنطي (ككتلة واحدة) قديم، وإن اكتشفت بردية تعود للقرن الثاني نصها بيزنطي، فهذا لا يثبت صحة منهج نص الأغلبية، بل هذا يدعم نظرية ستورز (سيتم مناقشتها في الفصل القادم).

    [12] Brooke Foss Westcott, “Devout Reverence,” in Some Lessons of the Revised Version of the New Testament (London: Hodder and Stoughton, 1897), 420.

    [13] David Alan Black, “A Sturzian Solution to the Problem of ‘Original Text’ as Illustrated by Eph 1:1, Matt 5:22, and John 1:18,” in Can We Recover the Original Text of the New Testament?, ed. D. A. Black and Abidan Paul Shah (Eugene, OR: Wipf and Stock Publishers, 2023), chap. 4.

    [14] Bruce M. Metzger, A Textual Commentary on the Greek New Testament, 2nd ed. (Stuttgart: Deutsche Bibelgesellschaft, 1994), 11.

    هل يمكننا استعادة النص الأصلي للعهد الجديد؟ تلخيص وتعليق على كتاب عبيدان بول شاه وديفيد آلان بلاك

  • تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد – ثيو دونر – ترجمة: عبدالمسيح

    تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد – ثيو دونر – ترجمة: عبدالمسيح

    تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد – ثيو دونر – ترجمة: عبدالمسيح

    تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد - ثيو دونر - ترجمة: عبدالمسيح
    تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد – ثيو دونر – ترجمة: عبدالمسيح

    بدأ وعي الكنيسة بالحاجة إلى قائمة متفق عليها من الكتب يتشكّل تدريجيًا؛ وربما كان لظهور قانون ماركيون (Marcion’s canon) دورٌ متفاوت في تحفيز هذا الوعي. وبحلول نهاية القرن الثاني، أصبحت مسألة قانونية الكتب محل نقاش محتدم. (ويُقدَّم قانون موراتوري (Muratorian Canon)، الذي يُرجّح أنه يعود إلى هذه الفترة⁴، كدليل على هذا النقاش.)

    في ذلك الوقت، لم يعد هناك شك في الجزء الأكبر من أسفار العهد الجديد: الأناجيل الأربعة، سفر الأعمال، رسائل القديس بولس الرسول، وبعض الرسائل الجامعة (Catholic Epistles). أما الشكوك فظلّت قائمة حول الكتب السبعة “المُختلَف عليها”، (وهي: الرسالة إلى العبرانيين، رسالة يعقوب، رسالة بطرس الثانية، رسالتا يوحنا الثانية والثالثة، رسالة يهوذا، وسفر الرؤيا) حتى القرن الرابع، وحتى بعد ذلك في بعض المناطق.

    ومن المهم التنبيه إلى أن هذا العرض لا يتعدى كونه إطارًا عامًا للفهم السائد بشأن تكوين قانون أسفار العهد الجديد، إذ تختلف تفاصيل الحجة من كاتب إلى آخر.”

     

    لا يمكن لنا في مقال واحد أن نطمح إلى معالجة شاملة لكل ما يتعلّق بتاريخ قانون أسفار العهد الجديد، أو إلى مناقشة جميع الآراء والحجج التي طُرحت حول هذا الموضوع. ومع ذلك، من الممكن أن نطرح بعض التساؤلات حول الطريقة المعتادة التي يُتناوَل بها هذا الموضوع.

    أدلة مبكرة على أن كتب العهد الجديد كان يُنظر إليها على أنها تتمتع بسلطة كتابية

    ينبغي أن نلاحظ أولًا أن الأدلة المتوفرة لدينا من المسيحية الأولى لا تدعم دائمًا الافتراضات أو الاستنتاجات التي تم ذكرها أعلاه.

     

    أما فيما يخص الادّعاء القائل بأن كتابات العهد الجديد لم تكن تُعتبَر ذات سلطان “كتابي” (scriptural authority) حتى أواخر القرن الثاني، فإن الأدلة، على أقل تقدير، مبهمة. وأي شخص يرغب في الأخذ بهذا الادّعاء عليه أن يُفسّر الحقائق التالية:

     

    أ. في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 5:18، نرى مقطعًا من العهد القديم واقتباسًا من الإنجيل يُوضَعون جنبًا إلى جنب، ويُقدَّمون بنفس العبارة: “يقول الكتاب”. وحتى لو لم يكن الرسول بولس يشير إلى إنجيل مكتوب، إلا أنه من الواضح أنه يُساوي بين قول الرب وبين ما جاء في الكتاب المقدس للعهد القديم.

     

    ب. في رسالة بطرس الثانية 3:16، يُشار إلى رسائل بولس، ويذكر أن البعض “يحرّفونها كما يفعلون أيضًا مع الكتب المقدسة الأخرى”، مما يعني أن رسائل بولس كانت تُعتبَر في نظر الكاتب مساوية لأسفار العهد القديم (من حيث السلطان).

     

    ج. ينبغي الحذر عند استخلاص استنتاجات حاسمة من الديداخي (Didache)، بسبب الغموض الكبير حول تاريخ كتابته (ما بين سنة 70 إلى 150م تقريبًا) وطريقة تكوين هذه الوثيقة. لكن من الواضح في هذا أن الديداخي:

    1. يعتبر وصايا الرب ذات أعلى سلطان.
    2. يستشهد بإنجيل مكتوب (قارن: الديداخي 8:2 و15:3،4).
    3. يوصي قارئيه بشأن وصايا الرب قائلاً: “لا تُضِف عليها شيئًا ولا تُنقِص منها” (الديداخي 4:13، مقتبسًا من سفر التثنية 4:2 و12:32)، واضعًا بذلك وصايا الرب في مرتبة مساوية لشريعة موسى.

     

    د. نفس الاقتباس من سفر التثنية نجده أيضًا في رسالة برنابا (Epistle of Barnabas) التي تعود إلى الربع الأول من القرن الثاني (برنابا 19:11).5 وفي نفس الرسالة نقرأ: “فلنحذر لئلا يُقال عنا كما هو مكتوب: «كَثِيرِونَ يُدْعَونَ، وَلَكِنْ قَلِيلِينَ فَقَطْ يُختَارُونَ.»” (برنابا 4:14). ويبدو أن الكاتب هنا يشير إلى إنجيل متى كمصدر كتابي (قارن متى 20:16 و22:14).

     

    هـ. القديس إغناطيوس الأنطاكي (استُشهد بين عامي 98 و117م) يذكر في سياق واحد الإنجيل والرسل والأنبياء، وهو أسلوب معتاد للإشارة إلى أسفار العهد القديم.

     

    و. الغنوصي باسيليدس (Basilides) (125–150م) يُقدِّم اقتباسات من رسائل بولس بهذه العبارات: «كما كُتِب» (ويليها رومية 8:19، 22)، وأيضًا: «والكتاب يقول في هذا الصدد…» (ويليها 1 كورنثوس 2:13). (راجع: هيبوليتس، Refutation of All Heresies، الكتاب السابع، الفصول 13 و14 – ANF).

     

    ز. بوليكاربوس أسقف سميرنا (الذي استُشهد غالبًا حوالي عام 155م) يحضّ أهل فيلبي قائلاً: «كما قيل في هذه الكتب: “اغضبوا ولا تخطئوا” و”لا تغرب الشمس على غيظكم”» (رسالة بوليكاربوس إلى أهل فيلبي 12:1). وفي نفس الرسالة (6:3)، يضع المسيح والرسل والأنبياء معًا.

     

    ح. ما يُعرَف بـ الرسالة الثانية للقديس كليمندس الروماني (2 Clement)، والتي كُتِبت ربما حوالي سنة 150م، يقتبس في الإصحاح 2:4 أولًا من إشعياء 54:1، ثم يقول: «وكتاب آخر يقول أيضًا: “لم آتِ لأدعو أبرارًا بل خطاة”» (مرقس 2:17 وما يوازيه).

     

    وبالنظر إلى هذا النوع من الأدلة التي قدمناها، فإن الباحث ر. ب. س. هانسون R. P. C. Hanson6 جادل بأن هذه الشواهد لا تُثبت الأمر بشكل قاطع. فقد زعم أن التعبير الوحيد الذي يُعَدّ مؤشّرًا موثوقًا على المكانة التي منحها كتّاب القرن الثاني لأسفار العهد الجديد هو عبارة “الكتب المقدسة” (the Holy Scriptures). ويقول إننا لا نجد هذا التعبير مستخدمًا للإشارة إلى العهد الجديد حتى ما بعد منتصف القرن الثاني بفترة وجيزة، في دفاع أرستيدس (Aristides’ Apology، فقرة 16).

     

    لكن التركيز على هذا التعبير بعينه غير مبرَّر، خصوصًا وأنه لا يُستخدم في العهد الجديد كله إلا مرة واحدة فقط (رومية 1:2)، ثم لا يظهر مجددًا إلا عند القديس يوستينوس الشهيد (الذي كتب حوالي سنة 160م)، حيث استخدمه مرتين فقط في أكثر من 70 إشارة إلى العهد القديم كـ”الكتب المقدسة”.

     

    ما دام هناك مقاطع من أسفار العهد الجديد تُقدَّم بنفس الصيغ التي تُستخدم مع أسفار العهد القديم، فستظل هناك حاجة لإعطاء مبررات كافية إن أردنا التمييز في السلطان المنسوب لكل منهما.

     

    عدم اعتبار التقليد الشفهي منافسًا للتقليد المكتوب

    قضية أخرى يكتنفها الغموض في الأدلة هي مسألة التقليد الشفهي. لا شك في وجود تقليد شفهي في الكنيسة الأولى، ولكن يبدو أن مجرد حقيقة وجوده يُفهم أحيانًا وكأنه يُقلِّل من سلطان التقليد المكتوب.

     

    ومن المؤسف أن كامبنهاوزن7 لا يزال يرى أن بابياس Papias (الذي كتب ما بين سنة 110–130م تقريبًا) كان يؤمن بـ”تفوق التقليد الشفهي”، مستندًا إلى قول بابياس:

    «ما يأتي من الكتب لا يبدو لي نافعًا بقدر ما يأتي من الكلام الحي ويبقى كذلك» (تاريخ الكنيسة ليوسابيوس، الكتاب الثالث، الفصل 39، الفقرة 4 – ترجمة كامبنهاوزن).

     

    ولكن كما أظهر جي. بي. لايتفوت J. B. Lightfoot8 في وقت سابق، وأعاد تأكيده باحثون آخرون لاحقًا (ذكرهم كامبنهاوزن نفسه)، فليس هذا هو الفهم الأوضح أو الأرجح للنص الوارد في كتاب يوسابيوس.

     

    يبدو بالأحرى أن بابياس كان حقيقةً يعتمد على التقليد الشفهي فقط في تفسير أقوال الرب، لا في نقل مضمون تلك الأقوال نفسها. وقد يكون تعليقه المسيء على الكتب موجهًا في الواقع إلى الكتابات الهرطوقية التي كانت كما نعلم، في ذلك الوقت، تحاول تفسير أقوال الرب من منظورها الخاص، تمامًا كما كان يحاول بابياس أن يفسرها.

     

    من خلال ما يقوله يوسابيوس Eusebius عنه، فإن الصورة التي تتكون لدينا عن بابياس هي صورة “أصولي” من القرن الثاني، يتمسك بعقيدة المُلك الألفي الحرفي (Pre-millennialism)، ويؤمن بـعصمة الأناجيل، حيث يجادل بقوة أن غياب الترتيب الزمني في إنجيل مرقس لا يعني وجود خطأ في هذا الإنجيل من قِبل الكاتب. (وهذا أمر غريب أن يصدر عن شخص يُفترض أنه يفضل التقليد الشفهي على المكتوب.)

     

    ورغم أن هناك أدلة على استمرار وجود التقليد الشفهي، إلا أنه لا توجد أية أدلة على أن هذا التقليد كان يتنافس من حيث السلطان مع التقليد المكتوب.⁹

    تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد - ثيو دونر - ترجمة: عبدالمسيح
    تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد – ثيو دونر – ترجمة: عبدالمسيح

    السؤال الجوهري هو السلطان، وليس مسألة الإدراج الكنسي

    الأمر الأهم من مجرد النقاط المتعلقة باستخدام الأدلة من قِبَل الكُتّاب الذين تناولوا موضوع قانونية أسفار الكتاب المقدس، هو مسألة المنهجية التي يتّبعونها: هل يطرحون الأسئلة الصحيحة أصلًا عند بحثهم في تاريخ قانون العهد الجديد؟

     

    السؤال الذي يُطرح عادةً هو: “متى نجد أوّل دليل على وجود قائمة متفق عليها من الأسفار ذات سلطان مُلزِم للكنيسة؟” الاقتباس الذي ذكرناه سابقًا عن كامبنهاوزن (Campenhausen) يعبّر عن هذا بوضوح: لا يمكن الحديث عن “قانون” إلّا عندما تُمنَح وثيقة (أو مجموعة وثائق) عن قصدٍ مكانةً معيارية خاصّة، تضعها في مرتبة واحدة مع الكتب المقدسة الموجودة للعهد القديم.

    (والجدير بالذكر أن الافتراض بأن قانون العهد القديم كان قد اكتمل بشكل راسخ في الحقبة المعنيّة، هو أمر لا يتفق عليه جميع الباحثين).

     

    هذا يعني فعليًا أننا ننطلق من مفهومنا الحالي لكلمة “قانون” (Canon)، ثم نحاول أن نجد دليلاً على وجود هذا المفهوم في الكنيسة الأولى. وبناء على هذا، ينصبّ اهتمامنا على إيجاد – أو إثبات عدم وجود – قوائم طويلة أو قصيرة من الأسفار المقبولة في فترات محدّدة من تاريخ الكنيسة المبكرة، وهو ما سعى إليه كامبنهاوزن10 مثلًا.

     

    لكن، هل مسألة القوائم الرسمية هي في الحقيقة السؤال الأهم؟

    صحيح أن كلمة “قانون” (canon) تعني في الأصل “قائمة”، ومن ثم، فإن “تقنين” الأسفار بالمعنى الدقيق للكلمة قد يكون قد تم في وقت متأخر نسبيًا. ولكن من المضلِّل جدًا أن نُوحي بأن لحظة إعداد القوائم هي المرحلة الأولى التي بدأت فيها أسفار العهد الجديد تُعتَبَر ذات سلطان [إلهي].

     

    حينما يخبرنا كامبنهاوزن قائلاً: «في الكنيسة الأولى، كان المقصود بـ”الكتاب المقدس المسيحي” هو… ببساطة العهد القديم، الذي أُخذ من المجمع اليهودي وأُعيد تفسيره مسيحيًا. ولم تكن هناك بعد أية إشارة إلى قانون للعهد الجديد، لأن هذا نفسه لم يكن موجودًا…»،¹¹ فقد يكون محقًا من الناحية الفنية. لكن في الوقت نفسه، يكشف هذا عن قصور منهجيته بالكامل.

     

    القضية الجوهرية هنا هي قضية السلطان (السلطة) Authority. فلو افترض كامبنهاوزن، مثلاً، أن العهد القديم كان هو السلطان الوحيد، أو حتى الأعلى، في الكنيسة الأولى، لبدا هذا الافتراض عبثياً على الفور. فلم يكن هناك وقت – منذ يوم الخمسين (العنصرة) – كانت فيه الكنيسة تعتبر أن العهد القديم وحده يُشكّل السلطان الوحيد أو حتى الأعلى.

     

    يصف لوقا في أعمال الرسل 2 الكنيسة الأولى بأنها جماعة من المؤمنين «كانوا يواظبون على تعليم الرسل». فقد كان لسلطان الرسل وتعاليم المسيح التي نقلوها، مكانة أسمى من سلطان العهد القديم، إذ صار العهد القديم يُفهَم فقط في ضوء تعليم المسيح والرسل.

     

    ونجد هذا الأمر جليًا أيضًا خارج أسفار العهد الجديد، كما في السجال الذي يرويه لنا القديس إغناطيوس (في رسالته إلى أهل فيلادلفيا 8:2)، حيث قال له بعض الأشخاص (غالبًا من المتهوّدين): «إن لم أجد هذا الشيء في كتبنا القديمة (يقصدون العهد القديم؟)، فلن أؤمن به عندما يرد في الإنجيل.» وحينما أكد لهم إغناطيوس أن الأمر مذكور فعلًا في الكتب المقدسة القديمة، أجابوا: «هذا يحتاج إلى إثبات.» فردّ إغناطيوس قائلاً: «أما أنا، فسجلاتي هي يسوع المسيح، وسجلاتي المقدسة هي صليبه وموته وقيامته، والإيمان الذي يأتي من خلاله.»

     

    لا يمكن تقريباً التشكيك في أن المسيحيين الأوائل اعتبروا سلطان الرسل هو الأعلى، حتى أعلى من العهد القديم. ولا يوجد سبب يدعونا للاعتقاد أن هذا السلطان كان يقتصر فقط على تعليمهم الشفهي؛ بل من المؤكَّد تقريبًا أنه امتد أيضًا إلى كتاباتهم، منذ بدايتها.

     

    وعليه، يجب أن نعيد صياغة أسئلتنا بشأن تاريخ قانون العهد الجديد بطريقة مختلفة. ما ينبغي علينا تتبعه ليس مجرد وجود قوائم مبكرة للأسفار المقبولة، بل ما إذا كانت هذه الأسفار – التي أُدرِجت لاحقًا في القوائم – قد اعتُبرت في الأصل وقبل ذلك رسولية وذات سلطان. أي: هل تم قبولها كأسفار قانونية عمليًا، حتى إن لم تكن قد أُدرجت رسميًا بعد؟

    هذا سؤال أصعب بطبيعته من مجرد تتبُّع القوائم، لكنه يقودنا إلى ملاحظات جديرة بالاهتمام.

    • السلطان الذي يتجلى في الاستخدام المبكر لكتابات العهد الجديد

    لقد رأينا سابقًا بعض الأدلة المبكرة التي تشير إلى أن العهد الجديد كان يُعتبر ذا سلطان كتابي (انظر النقطة 1 أعلاه). ويمكننا هنا أن نضيف المزيد من الأدلة المتعلّقة بكيفية استخدام العهد الجديد في الكنيسة الأولى.

     

    يُقرّ كامبنهاوزن بأن حقيقة تكرار أو استخدام أو الإشارة إلى كتابات العهد الجديد لا تعني “تقنينها”¹². وهذا صحيح إذا ما أخذنا مفهوم “التقنين” بحسب فهم كامبنهاوزن له. ولكن إن كان يقصد أن التكرارات أو  الإشارات أو الاقتباسات لا تعني شيئًا بخصوص سلطان الكتب المشار إليها، فتصريحه هذا يحتاج إلى تبرير، في ضوء بعض الاعتراضات الواضحة. لا يمكن أن يُعتبر هذا الادعاء سليمًا إلا إذا أمكن إثبات أن كتّاب المسيحية الأولى رددوا أو اقتبسوا أو أشاروا إلى نصوص نعلم يقينًا أنها لم تكن تُعتبر ذات سلطان بنفس الطريقة. أما الواقع، فإن استخدام كتابات العهد الجديد هذا يعكس تمامًا الطريقة التي بها يُستَشهَد بالعهد القديم داخل أسفار العهد الجديد نفسها، وفي كتابات الكنيسة الأولى عمومًا.

     

    إن مثل هذه التلميحات والإشارات الضمنية تظهر بوتيرة أكبر بكثير من الاقتباسات الرسمية الصريحة. أفليس من المشروع أن ننظر إلى هذا الأسلوب في الإشارة إلى كتابات العهد الجديد بالطريقة التي نظر بها وستكوت Westcott، عندما قال عن آباء الكنيسة الرسوليين:

     

    «إن كلمات الكتاب المقدس (ويقصد بها العهد الجديد) منسوجة في نسيج كتبهم، لا مجزأة كاقتباسات رسمية. فهي ليست منظّمة بغرض الجدل [أو الاستدلال]، بل تُستخدم كتعبير طبيعي عن الحقائق المسيحية. وهذا الاستخدام للأسفار المقدسة يُظهِر – على الأقل – أنها كانت معروفة على نطاق واسع في ذلك الوقت، وبالتالي محروسة بشهادة جمع غفير [من المؤمنين]؛ بحيث أن لغتهم قد انتقلت إلى لغة المؤمنين اليومية؛ وأنها كانت مألوفة لدى أولئك المسيحيين الأوائل بقدر ما هي مألوفة لنا اليوم، بحيث كانوا يستخدمونها بلا وعي في كتاباتهم وحديثهم»¹³.

     

    حتى في محاولة التحقق من الأسفار التي كانت معروفة ومستخدمة من قِبل كتّاب الكنيسة بعد العصر الرسولي، لم يُجرَ بعدُ تحليل دقيق بالقدر الكافي للكشف عن هذه الاستشهادات والتلميحات والإشارات غير المباشرة التي قد تشير إلى تلك الأسفار. إذ انصبّ التركيز أثناء البحث غالبًا على الاقتباسات الصريحة والواضحة فحسب.

     

    لدينا مجال هنا لمزيد من الفحص الأدبي العميق، ليس فقط لاكتشاف التشابه في اللغة والمفردات والتراكيب النحوية، بل أيضًا لدراسة التشابه في الفكر اللاهوتي والمضمون العقائدي. إن السلطان الظاهري الذي تحظى به كتابات العهد الجديد لدى الكتّاب المسيحيين الأوائل، يتأكد بصورة لافتة من خلال استخدامها أيضًا من قِبل الهراطقة في القرن الثاني الميلادي.

     

    لقد أشرنا أعلاه إلى أن الغنوصي باسيليدس (في النصف الأول من القرن الثاني) اقتبس من رسائل بولس على أنها «الكتاب المقدس». أما ماركيون، فعندما وضع «قانونًا» خاصًا به في ذات الفترة تقريبًا، لم يكن غرضه منح بعض الأسفار سلطانًا أعلى، بل على العكس: كان هدفه استبعاد سلطان باقي الأسفار الرسولية.

     

    أما الغنوصي فالنتينوس (منتصف القرن الثاني)، فيقول عنه ترتليان14 Tertullian إنه لم يخترع “كتابات مقدسة” جديدة، بل حرّف معنى الكتابات المقبولة من خلال شروحه الخاصة. وقد دافع فان أونيك15 W.C. van Unnik بأن «إنجيل الحق» المنسوب إلى المدرسة الفالنتينية والموجود في مخطوطة نجع حمادي (Jung Codex) يؤكد هذا الرأي الذي أورده ترتليان. وفي موضع آخر، يقول ترتليان: «(الهراطقة) يتعاملون فعليًا مع الكتب المقدسة ويدعمون (آراءهم) منها. وبالطبع يفعلون ذلك؛ فمن أين يمكنهم أن يأتوا بحجج حول أمور الإيمان سوى من سجلات الإيمان؟»¹⁶

     

    ويقول إيريناوس Irenaeus عن الأناجيل الأربعة ما يلي: «إن أساس هذه الأناجيل متين جدًا لدرجة أن الهراطقة أنفسهم يشهدون لها، وكل واحد منهم يحاول أن يُقيم عقيدته الخاصة انطلاقًا من هذه (الوثائق)»¹⁷.

     

    • الأسفار المختلف عليها: كانت أيضًا ذات سلطان منذ وقت مبكر

    إن التركيز على مسألة السلطان والاستخدام العملي لكتابات العهد الجديد، بدلًا من حصر النظر في مسألة القوائم الرسمية للأسفار المعترف بها، قد يساعدنا أيضًا على إعادة النظر في مشكلة معينة تخص تاريخ تشكّل قانون العهد الجديد.

     

    نعلم أن النقاشات التي دارت في القرنين الثالث والرابع بشأن حدود قانون العهد الجديد، انصبت على وضع سبعة أسفار تُعرف بـ الأسفار المختلف عليها (Antilegomena)، وهي: الرسالة إلى العبرانيين، يعقوب، ٢ بطرس، ٢ و٣ يوحنا، يهوذا، وسفر الرؤيا. وهذه الأسفار لم تكن مقبولة على نطاق كلي من الكنيسة.

    غالبًا ما يُقال إن مكانة هذه الأسفار كانت محل شك حتى قررت الكنيسة في القرن الرابع إدراجها رسميًا ضمن أسفار العهد الجديد. غير أن الأدلة لا تدعم هذا الادعاء بالضرورة.

    بل يبدو أن التلميحات والإشارات إلى هذه الأسفار موجودة حتى منتصف القرن الثاني، وأن التشكيك في سلطانها لم يظهر إلا مع نهاية القرن الثاني، وذلك عندما فرض سيل الكتابات الهرطوقية على الكنيسة أن تبدأ في تقييم الأسفار التي لها سلطان مقابل تلك التي لا سلطان لها.

    تشير كل الأدلة إلى أن هذه الأسفار كانت مقبولة قبل نهاية القرن الثاني في المناطق التي كانت معروفة فيها (ومن المهم التأكيد على هذه النقطة، لأنها تفسّر الشكوك التي أثيرت لاحقًا بشأنها [في مناطق أخرى لم تصلها هذه الأسفار بالسرعة ذاتها]).

     

    لا يسعنا هنا سوى الإشارة الموجزة إلى الحقائق التالية:

    (أ) الرسالة إلى العبرانيين مقتبسة بشكل موسّع في رسالة أكليمندس الأولى Clement (بين عامي 90–110م)، كما استخدمها عدد من الكُتّاب الآخرين. ولم يظهر لنا أن كنيسة شمال إفريقيا لم تكن تتضمنها في قائمتها لأسفار العهد الجديد إلا في بداية القرن الثالث، بحسب ما نعلم من ترتليان.

    (ب) رسالة يعقوب موثقة في رسالة كليمنت الأولى ورسالة هرنياس Hernias (منتصف القرن الثاني) وغيرهما.

    (ج) أعتقد شخصيًا أن رسالة يهوذا 18 تقتبس من 2 بطرس 3:3، وهناك آثار من 2 بطرس يمكن تتبّعها في بعض آباء الكنيسة الرسوليين مثل (1 أكليمندس 9:3؛ 11:1؛ 23:3؛ رؤى هرماس IV 3:4؛ أمثال هرماس VIII 11:1). ومن المعروف عمومًا أن رسالة 2 بطرس هي الأقل توثيقًا بين الأسفار المُختلَف عليها Antilegomena.

    (د) الرسالتان الثانية والثالثة من يوحنا تمثلان تحديًا خاصًا من نوعهما. فعلى الرغم من وجود بعض الآثار لهما في كتابات مسيحية مبكرة، يبدو من سجلات مجمع قرطاج السابع (سنة 256 م)، ومن موضعين في كتابات إيريناوس (ضد الهرطقات Adv. Haer I 16:3؛ III 16:8)¹⁸، أن رسالتي يوحنا الأولى والثانية على الأقل كانتا تُعرفان كرسالة واحدة، إذ نُقلت اقتباسات من 2 يوحنا تحت عنوان: “من رسالة يوحنا”. وطالما لا نعرف على وجه الدقة الشكل الذي كانت تُعرف به هذه الرسائل الثلاث في ذلك الوقت، ونظرًا لِغموض الأدلة، لا يمكننا إلا أن نقول إنه لم تظهر أية شكوك حول صحة هذه الرسائل حتى نهاية القرن الثاني.

    (هـ) نجد آثارًا لرسالة يهوذا في كتابات آباء الكنيسة الرسوليين، والطريقة التي يقتبس بها ترتليان من الرسالة (في كتابه حول زينة النساء De Cult. Fem.، القسم الثالث) توحي بأنها كانت مقبولة ومعترف بها منذ وقت طويل في كنيسة شمال إفريقيا.

     

    سفر الرؤيا يبدو أنه كان مقبولًا على نطاق واسع حتى أواسط القرن الثالث. أما حقيقة أن صحة وسلطان هذه الأسفار قد أُثيرت حولها الشكوك عندما بدأت النقاشات حول مدى قانونية أسفار العهد الجديد في نهاية القرن الثاني، فتُفسَّر غالبًا بكون هذه الأسفار كانت معروفة في بعض المناطق دون غيرها، وكانت شبه مجهولة في مناطق أخرى.

     

    السبب الآخر المحتمل لهذه الشكوك يعود إلى محاولة بعضهم في ذلك الزمان تضييق مفهوم “رسولي” ليعني فقط “من تأليف رسول مباشرة”. وبما أن كُتّاب هذه الأسفار –باستثناء 2 بطرس– لم يكونوا معروفين على وجه الدقة أو كان هناك غموض بشأن هويتهم، فقد كان من الطبيعي أن تُثار تساؤلات بشأنها. أما أسفار مثل مرقس ولوقا وأعمال الرسل، فقد كانت مكانتها قد ترسخت بما يكفي لئلا تثير أية إشكالات من هذا النوع.

     

    الخلاصة

    من الواضح أن كل ما سبق يشكّل رسمًا مبدئيًا فقط لكيفية تناول موضوع تاريخ قانون أسفار العهد الجديد. فبعض النقاط التي ذكرناها تُظهر ضعف بعض العروض المعيارية التقليدية حول هذا الموضوع.

     

    ومن الواضح أيضًا أن أي نقاش حول سلطان كتابات العهد الجديد في الكنيسة ما بعد الرسولية يجب أن يأخذ في الاعتبار السؤال الأوسع عن مفهوم السلطان داخل الكنيسة في تلك الفترة. كما لا ينبغي أن يقلل بحثنا عن قوائم قانونية رسمية من أهمية دراسة ظهور ‘قانون’ العهد الجديد تدريجيًا؛ بل إن هدفنا هو توسيع نطاق التحقيق ووضعه في إطاره الصحيح.

     

    توحي رؤيتنا العامة – بنظرة شاملة – حول سلطان كتابات العهد الجديد في الكنيسة الأولى إلى أنه ليس من غير الممكن، ولا من المستبعد منطقيًّا، أن جميع الكتابات الرسولية التي تشكّل اليوم العهد الجديد قد قُبِلت منذ البداية ككتب رسولية وبالتالي ذات سلطة من قبل الكنيسة ما بعد الرسولية، وأن الصحة أو الأصالة لبعض هذه الكتب لم يُشكَّك فيها إلا في وقت لاحق، لأسباب تاريخية واضحة لا تُنقص من قبولها كرسولية من قِبَل الكنيسة ما بعد الرسولية.

     

    لكن، هذه ما هي إلا فرضية أولية بحاجة إلى تحليل أعمق وشامل لكل الأدلة المتاحة، للتحقق مما إذا كانت الأدلة فعلاً تدعم هذا الطرح. في حين لا يبدو أن تحليلاً من هذا النوع متوفر حتى الآن.

     

    المراجع:

    1. H. V. Campenhausen، The Formation of the Christian Bible (توبنغن 1968؛ الترجمة الإنكليزية لندن 1972)، ص 103.

    كان كامبنهاوزن (Campenhausen) أكثر دقة من ر. م. غرانت (R. M. Grant) في The Formation of the New Testament (لندن 1965). (للاطّلاع على بيان موجز عن موقف غرانت، انظر مقاله “The New Testament Canon” في Cambridge History of the Bible، الجزء الأول، ص 284 وما يليها).

    يشير كلا من د. إ. غروه (D. E. Groh) في Interpretation 28 (1974، ص 331–343) وأ. س. سوندبرغ (A. C. Sundberg) في Interpretation 29 (1975، ص 352–371) إلى أن كامبنهاوزن لم يكن صارمًا بما فيه الكفاية وأنه يُحدّد تكوّن القانون في وقت مبكر جدًا. انظر أيضًا د. ل. دنغان (D. L. Dungan) في “The New Testament Canon in recent study”، Interpretation 29 (1975، ص 339–351).

    أما الباحثون المحافظون، فيبدو أنهم نادرًا ما يتناولون الموضوع. ومن الاستثناءات إ. لايرد هاريس (E. Laird Harris) في Inspiration and Canonicity of the Bible (غراند رابيدز 1969)، إلا أن الكتاب يترك الكثير مما يُرغب بتناوله.

    يمكن العثور على معالجة مختصرة للموضوع في مقدمات الشروحات العامة للعهد الجديد. يقدم د. غذري (D. Guthrie) بيانًا مختصرًا مفيدًا في New International Dictionary of the Christian Church، لكنه للأسف لم يتناول الموضوع بشكل شامل في New Testament Introduction.

     

    1. انظر Nicene and Post-Nicene Fathers، السلسلة الثانية، مجلد IV، ص 551 وما بعدها.
    2. E. Hennecke، New Testament Apocrypha (توبنغن 1959؛ ترجمة إنكليزية لندن 1963)، ص 29.
    3. A. C. Sundberg، “Canon Muratori: a 4th Century List”، Harvard Theological Review 66 (1973)، ص 1–41، يشكّك في تأريخ هذا القانون [أنه يعود إلى القرن الرابع].
    4. W. C. van Unnik، “De la règle mēte prostheinai mēte aphelein dans l’histoire du canon”، Vigiliae Christianae 3 (1949)، ص 10 وما بعدها، لا ينفي أن الصيغة الواردة في الديداخي وبرنابا تشير إلى الوصايا المكتوبة، بل يلاحظ فقط الفرق بينها وبين استخدامها في الكتابات الأحدث.
    5. Tradition in the Early Church (لندن 1962)، ص 205 وما بعدها.
    6. كامبنهاوزن، المذكور أعلاه، ص 130 وما بعدها. قارن أيضًا ر. م. غرانت (R. M. Grant) في Cambridge History of the Bible، ص 291.
    7. Essays on the work entitled Supernatural Religion (لندن 1893)، ص 156 وما بعدها.
    8. عمل مفيد جدًا عن العلاقة بين التقليد والكتاب المقدس في الكنيسة الأولى هو كتاب بهذا العنوان لـ إ. فليسمان-فان لير (E. Flesseman-Van Leer) (آسن 1953).
    9. كامبنهاوزن، المرجع السابق، ص 103.
    10. نفس المرجع.
    11. نفس المرجع.
    12. B. F. Westcott، A general survey of the history of the canon of the New Testament (لندن 1896)، ص 49.
    13. De Praescr. Haer.، الفصل 38 (في Ante‑Nicene Fathers).
    14. W. C. van Unnik، “The ‘Gospel of Truth’ and the New Testament” في F. L. Cross (محرِّر)، The Jung Codex (لندن 1955)، ص 79 وما بعدها.
    15. De Praescr. Haer.، الفصل 14 (في Ante‑Nicene Fathers).
    16. Adv. Haer. II 11:7 (في Ante‑Nicene Fathers). كما يخصص Westcott في نفس الكتاب جلستي بحث لنظرته حول شهادة الهراطقة على الأسفار القانونية (ص 278–279، 404 وما بعدها). انظر أيضًا بليز باسكال (Blaise Pascal) في Pensées (نسخة Livre de Poche، ص 260): «Les hérétiques au commencement de l’Église servent à prouver les canoniques.»
    17. انظر Westcott، المرجع الثالث عشر، ص 372، 380، 390.

     

    كاتب المقال: ثيو دونر Theo Donner

    رابط المقال:

    https://www.thegospelcoalition.org/themelios/article/some-thoughts-on-the-history-of-the-new-testament-canon/

    ترجمة: عبدالمسيح

    تاريخ الأسفار القانونية للعهد الجديد – ثيو دونر – ترجمة: عبدالمسيح

  • أقدم دليل في العهد الجديد على ألوهية السيد المسيح – مايكل ج. كروجر Michael J. Kruger – ترجمة Patricia Michael

    أقدم دليل في العهد الجديد على ألوهية السيد المسيح – مايكل ج. كروجر Michael J. Kruger – ترجمة Patricia Michael

    أقدم دليل في العهد الجديد على ألوهية السيد المسيح – مايكل ج. كروجر Michael J. Kruger – ترجمة Patricia Michael

    أقدم دليل في العهد الجديد على ألوهية السيد المسيح - مايكل ج. كروجر Michael J. Kruger - ترجمة Patricia Michael
    أقدم دليل في العهد الجديد على ألوهية السيد المسيح – مايكل ج. كروجر Michael J. Kruger – ترجمة Patricia Michael

     في القرن الأول الميلادي، نسمع عن أحد أبرز الرِّجال الذين وُجِدوا في التّاريخ. قبل ولادته، قيل لأمّه إنه لن يكون كسائر البشر، بل سيحمل طبيعة إلهيّة أي انه سيكون له صفات الهيّة تختلف عن باقي البشر. وعندما بلغ أشُدَّه، طافَ يُبَشِّر برسالته ويصنع المعجِزات: شفى المرضى، طَرَد الأرواح الشّرّيرة، وأقام الموتى.

    وكان يحيط به جَمْعٌ من التّلاميذ الذين اعتبروه ابن الله. وفي نهاية المطاف، أثارت أعماله انتباه السُّلطات، فاعتُقِل، وقُدِّم للمحاكمة، وأُعدِم. غير أنّ أتباعه قالوا فيما بعد إنه حيٌّ، وجالسٌ في السماويّات. وكان اسم ذلك الرجل Apollonius of Tyana (أبولونيوس التِّياني)، نسبةً إلى مدينة (Tyana)، وهي مدينة قديمة تقع في منطقة كابادوكيا بجنوب آسيا الصغرى.

    يسوع كواحدٍ من بين العديد من “الآلهة”

    وكما هو متوقَّع، سارع الباحثون إلى الاستشهاد بأبولونيوس كدليل على أنَّ العالم اليوناني-الروماني القديم كان يَزْخَر بأشخاص يُنظر إليهم بوصفهم

    ذوي مكانةٍ شبه إلهيّة ضمن سياقاتٍ معينة. وهذا لا يعني، بطبيعة الحال، أنهم كانوا يُعتَبرون بأنهم “الله” خالق الكوْن الأزلي والمتسامي، بل يُقصد أنه كان يُنظَر إليهم كشخصيّاتٍ استثنائيّة حَظِيَت بمكانةٍ شبهِ إلهيّة، كما هو حال العديد من “الآلهة” في العالم القديم.

    وقد تمَّ تطبيق هذا الإطار التفسيري لاحقًا على السيد المسيح بشكل ما، إذ يُقال انّ أتباعه في مراحله الأولى، على الأقل، لم يكونوا ينظرون إليه باعتباره الإله الأعلى المتسامي للكوْن، بل رأوه إنسانًا عاديًّا رُفِع إلى نوعٍ من المكانة الإلهيّة التي لا تختلف كثيرًا عن تلك التي نُسِبَت إلى أبولونيوس.

    ألوهيّة السيد المسيح وإنجيل يوحنا

    يُفنِّد المسيحي التقليدي هذا الادّعاء بالإشارة إلى المواضع العديدة التي يُعلن فيها يسوع صراحةً ليس فقط عن ألوهيّته، بل كوْنِه هو ذاته إله العهد القديم.

     من أبرز هذه النصوص:

    «فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ». (يوحنا 1:1)

    ويمكن إضافة نصوص أخرى مثل:

     (يوحنا 8: 25)

    “فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ”.

     (يوحنا 10: 30)

    “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ”.

    ولكن هل هذا يَحْسِم الجَدَل؟ ليس تمامًا.

    للباحثين المعاصرين ردّ على هذا النوع من الاستدلال. فهم يقرّون بأن إنجيل يوحنّا يُقدّم يسوع بوصفه إلهًا كاملًا، لكنّه كان آخر الأناجيل تدوينًا، وقد كُتب – على الأرجح – في تسعينيّات القرن الأوّل الميلادي. وبحلول ذلك الوقت، كانت النظرة إلى مكانة يسوع الإلهيّة قد نَمَت وتوسّعت وتطوّرت. أمّا عند الرجوع إلى أقدم الأناجيل – إنجيل مرقس، الذي كُتب في سبعينيّات القرن الأوّل فإننا – بحسب رؤية هؤلاء الباحثين– نجده يقدّم يسوع بصورة تُبرِز إنسانيّته وتُركّز على جوانبه البشريّة، بحيث يبدو انساناً عاديّاً تمامًا.

    وهنا، لا ينبغي أن نقلّل من شأن مدى إقناع هذا المنطق لكثيرين. ففي العام الماضي، ألقيتُ محاضرة في جامعة برينستون “Princeton University” عن “الأناجيل المفقودة”، وكان هذا من أكثر الاعتراضات التي سمعتها شيوعًا.

    اليهوديّة في القرن الأوّل وإله العهد القديم

    كيف يمكن الإجابة على هذا السؤال؟ هل يوجد دليل في العهد الجديد يسبق إنجيل يوحنّا يُؤكِّد أن السيّد المسيح لم يُنظَر إليه كمجرّد شخص ذو مكانة شبه إلهيّة، بل باعتباره إله العهد القديم ذاته؟

    حسنًا، يعتمد الأمر على الكيفيّة التي كان اليهود الاوائل ينظرون بها إلى إله العهد القديم. ما هي السِّمات المُميّزة التي اعتبرها اليهودي المؤمن بوحدانيّة الله ضروريّة لوصْف إله العهد القديم؟ وبعبارةٍ أُخرى، ما هي الخَصائص التي يجب أن يتحلّى بها الله ليكون الإله الأسمى للكوْن؟

    الإجابة واضحة ومن السَّهل العُثور عليها. تُظهِر أقدم مصادرنا أن اليهود في القرن الأول، المؤمنين بوحدانيّة الله، كانوا يَصِفُونَ إله العهد القديم بطريقتين رئيسيتين:

    أوّلًا: إله العهد القديم هو الإله الوحيد المُستحقّ العبادة.

    وبالتالي إله الكتاب المقدّس هو الإله الحقيقي الوحيد، ولذلك هو الوحيد الذي يجب ان تقدَّم له العبادة.

    ثانيًا: إله العهد القديم هو خالق كلّ الأشياء.

    بالنسبة لليهودي، هناك فئتان فقط لا غير من الكائنات: الخالق، والمخلوق. وإله الكتاب المقدّس هو الذي خَلَق كلّ الاشياء، وهو في جَوهَره غير مخلوق.

    وبناءً عليه نتساءل: هل لدينا نُصوصًا مسيحيّة مُبكّرة تَسبق إنجيل يوحنّا، تَشهد وتُؤكِّد أن الرَّب يسوع كان يتّصف بهاتَين الصِّفتَين معاً، وأنّه وحده المُستحَقّ للعبادة، وأنّه خالق كلّ الاشياء؟

    الجواب: نعم. وهذه المصادر ليست أقدم من إنجيل يوحنّا فَحَسْب، بل وأقدم أيضًا من إنجيل مرقس. بل إنّ لهذه المصادر جُذورًا تَمتدّ إلى ما قبل أيّ كِتاباتٍ أُخرى في العهد الجديد بحوزتنا.

    بولس الرسول وألوهيّة السيد المسيح

    لفهم معتقدات المسيحيّين الأوائل حوْل الوهيّة السيد المسيح، ننتقل إلى بولس الطرسوسي. ولماذا بولس؟

    يشرح لاري هورتادو (Larry Hurtado) ذلك على أفضل وجه قائلاً:

    “المسيحيّة البولسيّة تُعدُّ أقدم شكل من أشكال الحركة المسيحيّة التي نمْلُك وصولا مباشرا اليها من مصادر أوليّة لا جدال فيها.”(Hurtado, Lord Jesus Christ, p. 85)

    وكما سنرى، لم يؤمن بولس الرسول بأن يسوع هو إله بشكل هامشيّ او مجرّد كائن شبه الهي،بل اعتبره هو ذاته إله إسرائيل، ربُّ الكون الأزليّ، خالق الكوْن، الموجود قبل كل شيء.

    دعونا نتأمل في مثاليْن فقط من كتابات بولس الرسول التي كتبها في خمسينيّات القرن الأول:

    المثال الأول: (1كو 8: 5-6)

    “لأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً، سِوَاءٌ كَانَ فِي السَّمَاءِ أَوْ عَلَى الأَرْضِ، كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ. لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ.”

    في صميم هذا النص الوارد في سياق حديث بولس الرسول حول مسألة تناول الطعام المقدَّم كذبيحة للأوثان في المُجتمع الروماني الوثني، يَكْمُن حرص بولس الرسول على التأكيد بشدّة على مفهوم الوحدانية، لا سيَّما وأن هذه المسألة مرتبطة بعبادة آلهة أخرى. إذ يؤكّد بولس انّه لا يوجد سوى إله واحد، خالق كل الاشياء، يستحق أن تُقدّم له العبادة، خلافًا للآلهة الزائفة في العبادات الوثنية.

    في الواقع، من المتعارَف عليه بين كثير من الباحثين وعلى نطاق واسع، أنّ بولس يستند هنا بوضوح إلى جوهر العقيدة اليهودية التي تؤمن بالوحدانية، والمتمثلّة في “الشِّماع”(shema) في (سفر التثنية 6: 4) «اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلٰهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ».

    لكن الجدير بالملاحظة، أن بولس يُدْرٍج يسوع المسيح ضمن مفهوم “الشِّماع”(shema)، مستخدمًا نفس الكلمة (“رَبٌّ” أي “كيريُوس” Κύριος”) التي كانت في الاصل تُستخدم للدلالة على اسم يهوه (יהוה). بولس هنا لا يُضيف يسوع إلى جوهر الله كما لو كان هناك إلهان، بل يعتبر انّ يسوع هو نفسه يهوه في الجوْهر الإلهي.

    وتأكيداً على ايمانه بألوهية السيد المسيح في هذا النص، يَنسِب بولس الرسول إلى يسوع فِعْل الخَلْق ذاته الذي ينسبه إلى إله العهد القديم فيقول:

    “لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ.” (1 كو 8: 6)، وعليه، فإنّ يسوع ليس مخلوقًا، بل هو الخالق ذاته.

    وهكذا يخلص باوكهام (Bauckham) الباحث وعالم اللاهوت إلى القول:

    “لا يمكن تصوُّر وجود كريستولوجيا أعلى من تلك التي يعرضها بولس الرسول في (1 كورنثوس 8: 6 )، وهذه الكريستولوجيا العالية (High Christology) هي الطابع المشترك لكل لاهوت العهد الجديد” (Bauckham, 2008: 30).

    المثال الثاني: (فيلبي 2: 6 -11)

    يُعَدّ هذا النص من أعمق وأوضح الإعلانات اللاهوتية في العهد الجديد التي تعكس ما يُعرف بالكريستولوجيا العالية (High Christology)، أي الإيمان بألوهية المسيح. فبولس لا يكتفي فيه بالتأكيد على الوجود السابق للمسيح وتجسُّده، بل يقدّمه كالمستحق للمجد الإلهي ذاته.

    “الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.”

    يشير هذا الاقتباس بوضوح إلى (إشعياء 45: 23)، حيث يقول يهوه (יהוה) في سياقه الاصلي:

    “بِذَاتِي أَقْسَمْتُ، خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ كَلِمَةٌ لاَ تَرْجعُ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ، يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ.”

    في هذا السياق، يستخدم بولس نصّ (إشعياء 45: 23)، الذي يَرْد في أصله ضمن سياق يتكلّم فيه يهوه عن نفسه (יהוה)، ويطبّقه مباشرةً على السيّد المسيح. الأمر الذي يُشير إلى أن المجد الذي يُنسَب حصريًا ليهوه في العهد القديم يُنسَب بالكامل إلى السيد المسيح. ولا يُعدُّ هذا مجرّد اقتباس أو إشارة عابرة، بل يعكس رؤية بولس الرسول التي تعتبر أن المجد المنسوب ليهوه في العهد القديم يعود بالكامل إلى يسوع المسيح، مما يدل على إيمانه بأن يسوع هو يهوه (יהוה) ذاته في الجوهر الإلهي.

    وقد لاحظ هورتادو (Hurtado)، أنه عند النظر الى هذا النص في (فيلبي 2: 6 – 11) كوحدة واحدة، فانه يصف عمل المسيح في تسلسل سَرْدي، يبدأ بوجوده السابق، ثم تجسُّده، ثم اتضاعه، وانتهاءً بصعوده وبعودته الى مجده الالهي السابق (Hurtado, 2003:123).

    الجدير بالملاحظة أن العديد من الباحثين يَروْن في هذين النصّيْن انعكاسًا لتقليد لاهوتي مسيحي سابق لزمن تدوين رسائل بولس نفسها.

    فالنص الوارد في (فيلبي 2: 6–11) يُعتبر على نطاق واسع ترنيمة مسيحيّة قديمة ذات طابع كريستولوجي، وقد استخدمها بولس الرسول في سياق هذه الرسالة.

    وبالمثل، يُنظر إلى النص في (1 كورنثوس 8:5 – 6 ) بوصفه أحد أقدم الصِّيَغ العقائدية الواردة ضمن مجموعة الرسائل البولسية.

    بالتالي، لا تُظهر هذه النصوص فقط أن بولس الرسول نفسه تبنّى كريستولوجيا عالية (High Christology) — أي إيمانًا واضحًا بألوهية المسيح — بل تكشف أيضًا أنّ هذا التصوُّر اللاهوتي عن المسيح يعود إلى ما قبل كتابات بولس وكان حاضرًا في أقدم مراحل الإيمان المسيحي، ربما حتى في أوائل أربعينيّات القرن الأول.

    يسوع باعتباره إله العهد القديم

    تنسب النصوص في (1 كورنثوس 8: 5-6) و(فيلبي 2: 6-11) إلى السيد المسيح الخاصّيتين الأساسيتين اللتين كان أيّ يهودي في القرن الأول ينسبهما إلى إله العهد القديم وهما: أنه وحده المستحقّ العبادة، وأنه خالق جميع الأشياء.

    ويرجع هذان النصّان إلى خمسينيات القرن الأول الميلادي، أي قبل إنجيل يوحنا، بل وحتى قبل إنجيل مرقس ، ويرجّح انهما يعودان إلى زمن أقدم من أي مصدر مسيحي آخر متوفر لدينا في العهد الجديد.

    فما معنى هذا؟

    هذا يعني أن الكرستولوجيا العالية لألوهية المسيح، كما يعرضها إنجيل يوحنا، لم تكن تطورًا لاحقًا أو نتيجةً لمسارٍ تدريجي في الفكر اللاهوتي. بل من الواضح أن هذا الفهم كان حاضرًا منذ البدايات الأولى لانتشار المسيحية.

    ليكون للبركة

    Patricia Michael

    What’s the Earliest New Testament Evidence for the Divinity of Jesus?

    Michael J. Kruger

    أقدم دليل في العهد الجديد على ألوهية السيد المسيح – مايكل ج. كروجر Michael J. Kruger – ترجمة Patricia Michael

  • هل نص العهد الجديد محرف؟ مايكل كروجر – ترجمة: عبدالمسيح

    هل نص العهد الجديد محرف؟ مايكل كروجر – ترجمة: عبدالمسيح

    هل نص العهد الجديد محرف؟ مايكل كروجر – ترجمة: عبدالمسيح

    هل نص العهد الجديد محرف؟ - ترجمة: عبدالمسيح
    هل نص العهد الجديد محرف؟ – ترجمة: عبدالمسيح

    على مدى الأسبوعين الماضيين، قمنا بنشر سلسلة من المقالات بعنوان “هرطقة الأرثوذكسية” مع الدكتور مايكل كروغر. وفي هذا الجزء الأخير، نختتم السلسلة بمناقشة كيف نُقِلَ نص العهد الجديد في المسيحية الأولى. ونسأل هنا: ما مدى موثوقية العهد الجديد الذي بين أيدينا اليوم؟

     

    هل تم نقل نص العهد الجديد بشكل موثوق؟

    المُحاوِر (AK): تحدثنا سابقًا عن الأسفار القانونية. دعنا الآن نتحدث عن النص الفعلي الموجود في كتبنا المقدسة اليوم، وبشكل خاص في العهد الجديد. كما تعلم، هناك بعض الأصوات في السنوات الأخيرة بدأت تشكك في موثوقية الكتاب المقدس، وادّعت أن النُسّاخ – أي أولئك الذين قاموا بنسخ وحفظ النصوص المقدسة التي بين أيدينا – كانوا غير أكفاء، بل إنهم أهملوا أحيانًا، أو حتى حرفوا بعض أجزاء الكتاب المقدس بدلًا من أن يحافظوا عليه بأمانة. كيف ترد على هذا الادعاء؟

     

    الدكتور مايكل كروغر (MK): نعم، هذا الاتهام منتشر على نطاق واسع—فكرة أن النسّاخ المسيحيين الأوائل كانوا هواة غير متمرّسين، أو أن بعضهم، كما يقول البعض، لم يكن حتى يعرف القراءة.

    لكن نرد عليهم بأن هناك أدلة قوية جدًا تُظهر أن الكتبة والنسّاخ المسيحيين الأوائل كانوا أصحاب كفاءة عالية. ويمكننا تقييم جودة عمل النسّاخ بعدّة طرق:

    • أولى هذه الطرق هي دراسة الخط في المخطوطات القديمة. كان يُقال سابقًا إن المخطوطات المسيحية الأولى كانت مجرد نسخ يومية عادية، غير أنيقة، مما يُظهر أن النسّاخ لم يكونوا يعرفون ما يفعلونه. لكن الاكتشافات الحديثة دحضت هذا الكلام. فلدينا الآن مخطوطات كثيرة مكتوبة بخط أنيق جدًا، بعضها يكاد يكون خطًا زخرفيًا (كالخط المستخدم في الزينة)، ما يدل على أن النسّاخ كانوا يعرفون تمامًا ما يفعلونه.
    • أما الطريقة الثانية لقياس الجودة، فهي جودة النصوص التي قاموا بنسخها. صحيح أن هناك بعض المخطوطات لنسّاخ أقل كفاءة، لكن بالمقابل لدينا عدد كبير من المخطوطات الدقيقة التي تُظهر عملًا دقيقًا للغاية—حيث كان الناسخ يصحّح أخطاءه فورًا عند اكتشافها، وكان الخط منظمًا، وتنسيق المسافة بين الكلمات واضحًا، وكان هناك التزام كبير بعملهم، بل وكان بعض النسّاخ يعرضون أعمالهم على آخرين لمراجعتها. وهذا لا يدل على عمل هاوٍ غير متمرس، بل على نظام مهني متقن.
    • وأخيرًا، لدينا أيضًا دليل على أن الكنيسة المسيحية الأولى طورت تقنيات متقدمة في إنتاج الكتب لا يمكن الوصول إليها من خلال وجود نوع من الكتبة الهواة غير المترابطين وغير المنظمين (على سبيل المثال: استخدام الكودكس—أي الكتاب بدلًا من اللفائف، واستخدام اختصارات الكلمات المقدسة مثل “يسوع” و”الله” بطريقة منظَّمة تُعرف بـ Nomina Sacra). هذه الممارسات كانت موحدة جدًا ومنظمة، مما يدل على وجود شبكة نسّاخ منظمة ومدرَّبة. كل هذا يؤكد أننا فعلاً نملك أسباباً منطقية للوثوق بنصوصنا المقدسة.

     

    المحاوِر (AK): أظن أن من يشاهدوننا قد يكونون مهتمين بأن تشرح بشيء من التفصيل عن “النومينا ساكرا” (Nomina Sacra) التي ذكرتها قبل قليل. أتذكر عندما سمعتُ بهذا الأمر لأول مرة، شعرت بدهشة كبيرة!—أعمال مثل عمل ديفيد تروبش وآخرين أثارت اهتمامي كثيرًا.

    فهل يمكنك أن تشرح بعد ذلك كيف يُظهر استخدام هذه الاختصارات كفاءة النسّاخ وثقافة النسخ آنذاك في الكنيسة الأولى؟

     

    الدكتور مايكل كروغر (MK): مصطلح “Nomina Sacra” هو ببساطة عبارة لاتينية تعني “الأسماء المقدسة”. ويُشير هذا إلى طريقة اختصار خاصة كان يستخدمها النسّاخ المسيحيون لبعض الكلمات اليونانية في الكتاب المقدس—مثل كلمات: “الله” (Θεός)، “يسوع” (Ἰησοῦς)، “الرب” (Κύριος)، و”المسيح” (Χριστός)—وهذه كانت أول الكلمات التي جرى اختصارها بهذه الطريقة.

    هذه الاختصارات كانت خاصة بالمسيحيين فقط، ولم يأخذوها من الثقافة العلمانية الرومانية أو الوثنية السائدة آنذاك، بل كانت تعبيرًا عن الإجلال والاحترام للاسم الإلهي.

    والأمر المُدهش في النومينا ساكرا هو مدى قِدمها وانتشارها الواسع. فمن النادر أن نجد مخطوطة للعهد الجديد لا تحتوي على هذه الاختصارات. حتى في أقدم المخطوطات المعروفة، مثل P52 (وهي أقدم قطعة موجودة من العهد الجديد)، هناك أسباب قوية للاعتقاد بأنها احتوت على النومينا ساكرا.

    لقد انتشرت هذه الطريقة في جميع أرجاء الإمبراطورية الرومانية، وفي وقت مبكر جدًا، مما يجعلها علامة فارقة للكتب المسيحية. وجود مثل هذا الاتساق والتنظيم والدقة في النسخ يُشير إلى وجود ثقافة وشبكة نسخ مسيحية منظّمة ومنتشرة، بل وتكنولوجيا كتب متقدمة نسبيًا في ذلك الزمان.

    فكّر في هذا: كيف عرف النسّاخ كيفية استخدام هذه الاختصارات؟ هل أرسل أحدهم “مذكرة قديمة” إلى جميع النسّاخ يقول فيها: “يا جماعة، استخدموا اختصارات الأسماء المقدسة!”؟ بالطبع لا. هذا يدل على وجود تواصل وتنسيق قوي بين النسّاخ المسيحيين. وهذا يُظهر بوضوح أن عملية نسخ الكتاب المقدس لم تكن متفرقة أو فوضوية أو منعزلة بشكلٍ ما، بل كانت جزءًا من نظام متكامل. وأنا أرى أن هذا يُشكّل دليلًا رائعًا على موثوقية النصوص المقدسة.

     

    المحاوِر (AK): أتفق معك. دعنا ننتقل إلى موضوع ثانٍ—قد يعتبره البعض “سر الكنيسة الذي تخفيه عن العالم”—وهو عدد الاختلافات النصّية الموجودة في العهد الجديد.

    بارت إيرمان (أحد أشهر النقّاد للكتاب المقدس)، يكرر باستمرار (وبشكلٍ مقزز) في مقابلاته الشهيرة قولًا مثيرًا للجدل، وهو:

    “لدينا عدد من الاختلافات في نصوص العهد الجديد أكثر من عدد الكلمات نفسها في النص اليوناني!”

    كيف نرد على هذا الاتهام؟

     

    الدكتور مايكل كروغر (MK): كما تعلم، الإحصائيات أحيانًا تكون خادعة، أليس كذلك؟ في بعض الأحيان تكشف الحقيقة، وأحيانًا أخرى قد تسبب ضبابية في المشكلة. الإحصائية التي تتحدث عن عدد الاختلافات النصية هي من النوع الثاني.

    في الواقع، أنا لا أختلف بالضرورة مع ما يقوله بارت إيرمان عن عدد الاختلافات. قد يكون لدينا أكثر من مئتي ألف اختلاف نصي بين المخطوطات. لكن ما يجب توضيحه حول هذا الرقم هو لماذا العدد كبير جدًا. الكثير يظن أن السبب هو وجود الكثير من الأخطاء في النسخ، وهذا ليس السبب الحقيقي.

    السبب الحقيقي هو أننا نمتلك عددًا هائلًا من المخطوطات. فكلما اكتُشفت مخطوطة جديدة، تصبح لدينا احتمالية جديدة لاكتشاف أخطاء أو اختلافات نسخية لم نكن نعلم بها من قبل. وهكذا، مع كل مخطوطة جديدة تُكتشف، نكتشف المزيد من الاختلافات النصية.

    هذا لا يعني بالضرورة أن هذه الاختلافات تقلل من ثقتنا في محتوى النص أو صحته؛ بل هو ببساطة نتيجة لزيادة عدد النسخ التي لدينا. لو كانت لدينا خمس نسخ فقط من كتاب معين، سيكون عدد الاختلافات قليلًا جدًا. لكن إذا كانت لدينا خمسة آلاف نسخة، فمن الطبيعي أن يكون هناك آلاف وآلاف من الاختلافات.

    لذا، أول شيء يجب أن نفهمه هو أن وجود هذا العدد الكبير من الاختلافات هو بسبب وجود هذا الكم الهائل من المخطوطات. يمكننا القول إننا تقريبًا ضحايا لنجاحنا [في حفظ النص عبر الأجيال].

     

    المُحاوِر (AK): نعم، يبدو أنه لا يمكننا الخروج من هذه المشكلة. إذا كان لدينا عدد قليل من المخطوطات، فلن يكون هناك سوى عدد قليل من الاختلافات. أما إذا كان لدينا عدد كبير من المخطوطات، فبالطبع سيزداد عدد الاختلافات.

    ولكن مع ذلك، بعض الناس لن يعجبهم هذا العدد الكبير من الاختلافات.

     

    الدكتور مايكل كروغر (MK): يبدو أننا فعلاً في “مأزق لا حل له” (Catch-22).

    والشيء الآخر الذي أود قوله حول العدد الكبير من الاختلافات النصية هو أننا بحاجة إلى توضيح نوعية هذه الأخطاء للناس. ليس كافيًا أن نتحدث عن الكم فقط، بل يجب أن نتحدث عن النوعية أيضًا.

    الغالبية العظمى من هذه الأخطاء، كما يعرف الكثيرون، هي أخطاء إملائية. وهذا يوضح لنا أن الناس في العالم القديم لم يكونوا أفضل كثيرًا منّا في التهجئة. وهذا ليس مفاجئًا، لكن هذه الأخطاء لا تُغير معنى النص. هناك أنواع أخرى من التغييرات—لن أدخل في تفاصيلها هنا—ولكنها أيضًا لا تؤثر بشكل جوهري على معنى النص.

    وعندما نُزيل كل الضبابية، ندرك أن هذه الاختلافات النصية لا تغيّر شيئًا جوهريًا. النص ما زال موثوقًا وأمينًا. القصة نفسها لم تتغير. ولم نصل إلى استنتاج مختلف. ولا توجد عقيدة جديدة مختلفة، إنها نفس القصة التي بدأنا بها.

     

    المُحاوِر (AK): إذن أخبرنا قليلاً… كيف كان النسّاخ ينسخون النصوص عادةً، سواء في الأديرة في العصور اللاحقة أو في أماكن أخرى في العصور الأقدم؟ هل كانوا يسمعون النص يُقرأ بصوت عالٍ ثم ينسخونه؟ أم كانوا ينسخون من نسخة أمامهم مباشرة؟ وكيف كانت هذه الطرق تؤدي إلى نوع معين من الأخطاء، سواء أخطاء سمعية أو بصرية؟

     

    الدكتور مايكل كروغر (MK): في الواقع، النسّاخ كانوا ينسخون النصوص بعدة طرق مختلفة.

    • نعرف أن كثيرًا منهم كان أمامه نموذج (أو نسخة أصلية) ينقل منها النص بشكل بصري، فكان ينسخ حرفًا بحرف أو كلمة بكلمة، حسب مهارة الناسخ.
      وبطبيعة الحال، عند هذه العملية، هناك احتمالية دائمة لارتكاب أخطاء نسخ عادية—مثل الفاصل الزمني بين قراءة الكلمة في النموذج وكتابتها على الصفحة، قد يقلب الناسخ ترتيب حروف الكلمات أو ترتيب الكلمات ضمن الجملة، أو يبدل كلمة بكلمة مرادفة. يمكن أن يرتكب خطأ كهذا، هذا يحدث فعلاً.
      لذا، عملية النسخ كانت شاقة. لكن ما نراه هو أن النسّاخ كانوا حريصين جدًا على هذه التفاصيل، وكان لديهم آلية للمراجعة وتصحيح الأخطاء.
    • النسّاخ أيضًا كانوا ينسخون شفهيًا أحيانًا. نعلم أنه لتوفير الوقت، كان يوجد أكثر من ناسخ في الغرفة مع النموذج أمامهم، وكان أحدهم يقرأ الكلمة بصوت عالٍ، والنسّاخ ينسخونها في الوقت نفسه.
      هذا الأسلوب عادةً ما كان ينجح، لكنه أحيانًا يؤدي إلى أخطاء لأن بعض الكلمات اليونانية تتشابه في النطق لكنها تُكتب بشكل مختلف، مثلما في اللغة الإنجليزية إذا قلت كلمة “there”، قد تخطر في بالك كلمات “there”، “their”، أو “they’re”. هذه الأخطاء تحدث أيضًا.
      ومع وجود هذه الأنواع من الأخطاء التي تتسرب إلى النص—وهي أخطاء نراها في كل الوثائق القديمة—ليس لدينا أي سبب للشك في سلامة نصوصنا.

     

    المُحاوِر (AK): بالطبع، كمسيحيين، لا نضع إيماننا في النسخ التي قد تحتوي على أخطاء، بل في النص الأصلي. والسؤال الذي قد يطرحه البعض هنا هو:

    إذا كانت المخطوطات الحالية دقيقة بنسبة 99% فقط، فهل يعني ذلك أن لدينا فقط نصًا موحى به وخاليًا من الخطأ بنسبة 99%؟ كيف نشرح للناس أننا يمكن أن نثق بنسبة 100% في الكتب المقدسة التي لدينا اليوم؟

     

    الدكتور مايكل كروغر (MK): دائمًا ما أذكر الناس أن علم النقد النصي (أي دراسة المخطوطات واختلافاتها) هو سؤال مختلف عن مسألة الوحي الإلهي. الوحي يتعلق بما إذا كان كلام الله في الكتاب المقدس هو الحق.

    أما النقد النصي فيسأل: هل لدينا الكلمات التي قالها الله بالفعل في الكتاب المقدس؟

    لذا أعتقد أنه يمكننا أن نؤكد بثقةٍ كاملة أننا نؤمن بالإلهام، حتى لو كان علينا على مستوى علم النقد النصي أن نبحث ونرجع إلى النص الأصلي، يمكننا الرجوع إلى هذا النص الأصلي بدرجة عالية من اليقين، وهذا يسمح لنا بأن نرفع الكتاب المقدس بكل ثقة ونقول:

    “نعم، هذه هي كلمة الله المُلهَمة 100%.”

    الناس أحيانًا يعلّقون على عدم وجود النسخ الأصلية (الأوتوغرافات)، وأعتقد أن هذا خطأ. الخطأ هو أنهم يخلطون بين النسخ الأصلية كأشياء مادية وبين النص الأصلي نفسه.

    أعتقد أننا نملك الوصول إلى النص الأصلي، ليس لأن لدينا النسخة الأصلية المادية، بل لأن النص الأصلي محفوظ في المخطوطات المتعددة.

    فالكثير يظن: “إذا لم تكن لدي النسخة الأصلية المادية من رسالة رومية التي كتبها بولس، فلا أملك رسالة رومية.”

    نقول لهم: لا، لأن الله كان قادراً على حفظ نص رسالة رومية في العديد من المخطوطات، حتى لو لم نملك النسخة الأصلية المادية.

    يجب ألا نخلط بين النسخ الأصلية المادية والنص الأصلي. يمكنك أن تملك النص الأصلي دون أن تملك النسخ الأصلية المادية، وهذا فرق مهم جدًا يتوجب إيضاحه.

     

    المُحاوِر (AK): إذًا، لنختصر كلامنا، ما نستنتجه هو باختصار كلمات ابنتي الكبرى التي تخرّجت من جامعة كارولاينا الشمالية UNC حيث يدرّس بارت إيرمان، وحيث درستَ أنت وزوجتك، وقد أخبرتُها بفكرة الكتاب—قالت لي:

    “أبي، ما تقوله لي هو أنه يمكن أن تكون شخصًا ذكيًا ومفكرًا وتبقى في نفس الوقت واثقًا من الكتاب المقدس.”

    قلت لها: “لقد فهمتِ الأمر، هذا هو بالضبط.”

     

    الدكتور مايكل كروغر (MK):

    نهاية رائعة جدًا! أتفق معك 100%.

     

    كاتب المقال: أندرياس كوستنبرغر Andreas Köstenberger

    الدكتور أندرياس كوستنبرغر هو عالم لاهوت مقيم في كنيسة الزمالة رالي. وهو مؤلف ومحرر ومترجم لأكثر من 60 كتابًا، بما في ذلك اللاهوت الكتابي ولاهوت إنجيل يوحنا ورسائله، والله والزواج والعائلة.

    رابط المقال:

    https://biblicalfoundations.org/is-the-nt-text-corrupt/

    هل نص العهد الجديد محرف؟ – ترجمة: عبدالمسيح

  • هل تغيرت طبيعة الله عندما تجسد؟ Tim Staples – ترجمة مارڤين

    هل تغيرت طبيعة الله عندما تجسد؟ Tim Staples – ترجمة مارڤين

    هل تغيرت طبيعة الله عندما تجسد؟ Tim Staples – ترجمة مارڤين

    هل تغيرت طبيعة الله عندما تجسّد ؟ Tim Staples - ترجمة مارڤين
    هل تغيرت طبيعة الله عندما تجسّد ؟ Tim Staples – ترجمة مارڤين

    سؤالٌ ممتازٌ ومتكرر ربما خمس أو ست مراتٍ سنويًا، هو:

    إذا كان “الكلمة صار جسدًا” عند التجسد، ألا يعني هذا أن الله قد تغيّر؟

    وإذا تغيّر، فكيف يُمكن أن يكون إلهًا؟


    هذا سؤالٌ وجيهٌ ومهمٌّ جدًّا، ويستحقُّ التكرار.

    الإجابة المختصرة هي: لا، فالله لا يتغير (انظر ملاخي 3: 6)، ولذلك لم يتغير في التجسد.

    لفهم هذا، علينا تعريف مصطلح مهم: الاتحاد الأقنومي.

    عند التجسد قبل ألفي عام، اتخذ الأقنوم الثاني طبيعة بشرية؛ ومنذ ذلك الحين، يمتلك الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس طبيعتين، إحداهما إلهية والأخرى بشرية، قائمتين في طبيعة واحدة.

    يرجى ملاحظة أنه لا يوجد “اختلاط” للطبيعتين هنا.

    فطبيعة المسيح الإلهية والبشرية متميزتان تمامًا.

    ومع ذلك، فهما غير منفصلتين أو منقسمتين: إنهما “متحدتان” في الاتحاد الأقنومي.

    ماذا نعني بهذا الاتحاد القائم “داخل” الأقنوم الإلهي الواحد؟

    هذا يعني ضمنًا تغيرًا في الله، أليس كذلك؟


    يشرح القديس توما الأكويني:

    “ولما كان الشخص الإلهي لانهائيًا، فلا يمكن إضافة أي شيء إليه:

    ولذلك يقول كيرلس [مجمع أفسس، الجزء الأول، الفصل 26]:

    “نحن لا نتصور أن طريقة الاقتران تكون وفقًا للإضافة”؛ فكما أنه في اتحاد الإنسان بالله، لا يُضاف شيء إلى الله بنعمة التبني، بل ما هو إلهي يتحد بالإنسان؛ ومن ثم، لا يكتمل الله بل الإنسان.”

    (الخلاصة اللاهوتية III، السؤال 3، المادة 1، الرد على الموضوع 1).

    عندما نتحدث عن الاتحاد الأقنوميّ للطبيعتين الإلهية والبشرية للمسيح في شخصه الإلهي الواحد، علينا أن نحدد ما نعنيه بالاتحاد “في شخص” المسيح.

    يوضح القديس توما أنه بما أن الاتحاد الأقنوميّ “اتحاد مخلوق”، فلا يمكن أن يكون “في الله”:

    كل علاقة نفكر فيها بين الله والمخلوق هي في الحقيقة في المخلوق، الذي بتغيره تنشأ هذه العلاقة؛ بينما هي ليست في الله حقًا، بل في طريقة تفكيرنا فقط، لأنها لا تنشأ عن أي تغير في الله.

    ومن ثم، يجب أن نقول إن الاتحاد الذي نتحدث عنه ليس في الله حقًا، إلا في طريقة تفكيرنا فقط؛ بل في الطبيعة البشرية، التي هي مخلوق…

    لذلك، يجب أن نقول إنه [الاتحاد الأقنوميّ] شيء مخلوق.

    (المرجع نفسه، السؤال 2، المادة 7).

    وهكذا، عندما تحدث مجمعا أفسس وخلقيدونية عن الاتحاد الأقنومي بأنه “في شخص المسيح”، فذلك بقدر ما أن الطبيعة البشرية التي اتخذها المسيح الآن لها موضوعها هو شخص المسيح الإلهي.

    وكما يقول توما الأكويني، فهي “ليست في الله حقًا، إلا في طريقة تفكيرنا”

    – أي لأن الطبيعة البشرية لها موضوعها هو شخص إلهي.


    “لكن انتظر لحظة”، قد يقول أحدهم.

    “كان الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس مجرد إله، ولكن في التجسد أصبح مزيجًا من الله والإنسان. هذا تغيير!”

    صحيح أنه في التجسد، أضاف الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس طبيعة بشرية لم تكن لديه من قبل،

    لكنه (الطبيعة الإلهية) لم يتغير في جوهره الإلهي.

    التغيير الحقيقي الوحيد حدث في طبيعته البشرية، التي نالت كرامة لا نهائية في الاتحاد الأقنومي ومن خلاله، لكن الله لم يتغير في هذه العملية.

    ولكن بسبب الاتحاد الأقنومي، عندما يشير المرء إلى الطبيعة البشرية للمسيح، فإن الموضوع هو الشخص الإلهي.

    ولهذا السبب يمكننا أن نعبد الإنسان، يسوع المسيح.

    ولهذا السبب يمكننا أن نؤكد أن الله، قد وُلد وتألم ومات.

    لا يمكن للطبيعة الإلهية أن تموت،

    ولكن شخصًا إلهيًا مات، بسبب الاتحاد الأقنومي.

    وبالمثل، فإننا نعبد أيضًا المسيح كله، وليس جزءًا منه.

    لقد وُلدت مريم المسيح كله، لا إحدى طبيعتيه.

    وعندما نتحدث عن يسوع، فإننا نتحدث عن شخصه الإلهي، الذي يُنسب إليه كل شيء إنساني وإلهي بالكامل.

    حتى النساطرة الهراطقة، الذين رأوا فعليًا شخصين في المسيح، لم يرتكبوا خطأً واضحًا لدرجة الادعاء بوجود “تغيير” في الله.

    في النهاية، فإن خطأ أولئك الذين يعتقدون أن الله تغير في التجسد متجذر في عدم فهم الفرق بين الشخص (من هو شخص ما) والطبيعة (ما هو شخص ما أو شيء ما).

    في حالة يسوع، لا يتغير “من” بالضرورة بإضافة “ماذا” آخر.

    كما لا يوجد تغيير في “ماذا” الآخر – الطبيعة الإلهية.

    التغيير الوحيد الذي يمكننا التحدث عنه هو التغيير الجذري في الطبيعة البشرية، الذي يحدث بنعمة الاتحاد الأقنومي، حيث ترتفع الطبيعة البشرية للمسيح، كما كانت، إلى الشخص الإلهي،

    وتتلقى كرامة لا نهائية نتيجة لذلك.


    وهكذا، فإن “الإنسان، يسوع المسيح” (1 تيموثاوس 2: 5) لم يصبح مجرد “[شريك] في الطبيعة الإلهية” (2 بطرس 1: 4)، كما نحن المسيحيون.

    إن “الإنسان” يسوع المسيح هو الله بسبب الاتحاد الأقنومي.

    أليس هذا بالضبط ما نراه في الكتاب المقدس؟

    ادرس كولوسي 1: 15–22، وسترى أن “هو”، أو شخص المسيح، يُشار إليه بأنه:

    • “خالق” كل الأشياء (كإله)

    • وبأنه “عانى ومات على الصليب من أجل خلاصنا” (كإنسان):

    “هو صورة الله غير المنظور، بكر كل خليقة.

    لأنه فيه خُلقت كل الأشياء، ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى، سواء كان عروشًا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين.

    كل شيء به وله خُلِق.

    هو قبل كل شيء، وفيه يقوم كل شيء.

    هو رأس الجسد، الكنيسة.

    هو البداءة، البكر من بين الأموات، لكي يكون هو متقدمًا في كل شيء.

    لأنه فيه سرّ الله أن يحلّ كل الملء، وأن يصالح به كل الأشياء إلى نفسه، سواء على الأرض أو في السماء، صانعًا السلام بدم صليبه.

    وأنتم، الذين كنتم في يوم من الأيام غرباء وأعداء في الفكر، تفعلون الشرور، صالحكم الآن في جسده البشري بموته،

    لكي يقدمكم قديسين وبلا لوم ولا عيب أمامه.” (التأكيدات مضافة)

    إنه الله الخالق والإنسان الذي مات على الصليب.

    كيف؟

    لأن أي ظاهرة نتحدث عنها، نجد مصدرها أو مكانها أو كليهما في المسيح، يجب أن تُنسب في النهاية إلى الشخص الإلهي الواحد.

    ولهذا السبب يمكننا أن نقول بثقة:

    إن الله أصبح إنسانًا، ومع ذلك فإن الله لا يتغير.

    هل تغيرت طبيعة الله عندما تجسد ؟ Tim Staples – ترجمة مارڤين