روحيات

خطوات طريق الحياة الروحية السليمة – الجزء الأول – أيمن فايق

خطوات طريق الحياة الروحية السليمة – الجزء الأول – أيمن فايق

خطوات طريق الحياة الروحية السليمة - الجزء الأول - أيمن فايق
خطوات طريق الحياة الروحية السليمة – الجزء الأول – أيمن فايق

خطوات طريق الحياة الروحية السليمة – الجزء الأول – أيمن فايق

أولاً – الخطوة الأولى (الوعي والإيمان بالمُخلِّص):

أننا من خلال تاريخ الكتاب المقدس نتعرف على أننا جميعاً طبيعة بشرية واحدة، لا تختلف قط مهما تغير الزمان أو المكان أو الظروف، فنحن جميعاً كإنسان نتعرض لنفس ذات التجارب والسقطات والشهوات، وان اختلف شكل السقوط أو مظهره من واحد لآخر، فمن الممكن أن يسقط أي أحد في أي خطية مهما كان علمه أو تربيته أو أخلاقه أو حتى قامته الروحية، بل ومن الممكن أن يسقط في أعظم الخطايا شراً وعنفاً بل وقد تصل للزنا أو القتل أو أي نوع من أنواع الخطايا التي نعتبرها بشعة للغاية !!!!

وبالرغم من ذلك كله – ومهما ما حدث لنا – فأن الله ينقذنا ويقدم لنا طوق النجاة، وهو الإيمان به كمخلص حقيقي وشافي للنفس فعلاً، وإمكانياته لا تتغير لأنه هو هو أمس واليوم وإلى الأبد، إذ أنه قادر بفعل نعمته أن يخلق من أشر المجرمين وأعظم العُتاة وأفجر الخطاة قديسين وبلا لوم أمامه في المحبة…

فلنا أن نعرف أننا لا نختلف عن القديسين الذين نعتبرهم أعمده في الكنيسة، لا أقصد من جهة القامة أو المواهب، إنما من جهة إنسانيتنا الواحدة، والتي تتعرض للتجارب والسقوط وحرب عدو الخير من جهة معرفته بمداخل الشرّ عندنا من ناحية خبرتنا التي قضيناها في الشرّ زماناً طويلاً، فهو يدخل لنا من خلال محبتنا للذة معينة أو بسبب كبرياء القلب أو غيرها من الأسباب المتعددة والتي توجد في عمق كل شخص فينا، وفي هذا لا فرق بين صغير وكبير وقديس متقدم في الطريق ومبتدأ في الحياة الروحية !!!

فيا ترى ما هو الفرق الحقيقي بيننا وبين القديسين الذين نجدهم وصلوا للحرية الحقيقية والتطبع بالطبع الإلهي وحراسة القلب والفكر بقوة الله وعمل نعمته فتحرروا من الهوى في داخل القلب الذي هو المحرك الأساسي للخطية فينا !!!

عموماً الفرق الحقيقي بيننا وبين القديسين ينصب في أمرين:
[1] الأمر الأول: هو معرفتهم – الإيمانية – بإمكانية النعمة الإلهية المُخلِّصة القوية القادرة أن تعمل بقوة الله في داخل النفس فتغيرها بالتمام، وقد وضعوا كل ثقتهم في الله المُغير مع تقديم توبة مستمرة عن كل خطأ، طالبين ليلاً ونهاراً المعونة الإلهية لتسندهم ليقينهم أنهم بدون نعمة الله لا يقدروا أن يصنعوا شيئاً قط، غير قادرين على أن يسيروا في طريق القداسة لأنهم لا يثقون في قوتهم الشخصية بل في قوة الله وحده !!!، لذلك اعتمادهم على الله قوي جداً، بل ثابت كجبل من الصخر لا يتزحزح مهما أتت من رياح أو عواصف شديدة أو حتى تكسرت بعض أجزاؤه !!!

فالقديس هو إنسان مثلي ومثلك، له ضعفاتي وضعفاتك، لأنه عاش بنفس ذات الجسد عينه وبكل غرائزه وإمكانياته، إنما أدرك القوة الإلهية وتلامس معها وتلاقى مع الحب الإلهي في قوة الصليب والفداء بالإيمان، وعرف أنه هوَّ كما ما هو، أي أن ليس له شيء في ذاته يُنجيه أو يُخلصه حتى توبته نفسها، بل هي فقط نعمة الله العاملة فيه وغرس كلمة الحياة في قلبه [الكلمة المغروسة القادرة أن تخلص نفوسكم ] (يعقوب 1: 21)، لهذا لا عجب في أن القديس بولس الرسول لا يكف عن أن يطلب من أجل شعب المسيح لكي تستنير عيونهم وقلوبهم فيدركوا تلك القوة الفائقة العظيمة التي تعمل في قلوب المؤمنين:

+ لذلك أنا أيضاً إذ قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا أزال شاكراً لأجلكم ذاكراً إياكم في صلواتي. كي يُعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته. مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته (أفسس 1: 15 – 18)

[2] والأمر الثاني الذي ميز القديسين: أن معرفتهم لم تقف عند حدود المعرفة العقلية الجافة كمعلومة أو فكرة للوعظ أو النقاش والجدل، أو الإيمان النظري الفكري، لكن آمنوا إيماناً حياً عاملاً بالمحبة ظاهراً في حياتهم الشخصية واتكالهم التام على من يُقيم من الأموات: [ لكن كان لنا في أنفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على أنفسنا بل على الله الذي يُقيم الأموات ] (2كورنثوس 1: 9).

فالمعرفة الحقيقية تتطلب منا حياة حقيقية فعلية مُعاشه، بالجهد والاغتصاب [ ملكوت الله يُغتصب والغاصبون يختطفونه ]، فينبغي أن نعمل ونجتهد جداً بالنعمة التي لنا من الله، وكما يقول القديس بولس الرسول: [ لكن بنعمة الله أنا ما أنا ونعمته المُعطاة لي لم تكن باطلة بل “تعبت”… ولكن لا أنا بل نعمة الله التي معي ] (1كورنثوس 15: 1).

فالعمل عمل النعمة، والجهد والتعب والبذل يأتي بسبب خضوعي لنعمة الله العاملة فيَّ والتي معي، لأن النعمة تحرك الإنسان بقوة وتحثه على البذل لأقصى درجة حتى الموت، واي جهد أو تعب أو بذل بدون النعمة ينفخ الإنسان ويجعله يشعر أن له فضائل تخصه ويُريد ان يخفيها عن أعين الناس لكي لا يسرقها أحد منه وأن ظهرت تجلب المدح للإنسان وتعظيمه في أعين الناس إلى حد تقديسه حتى ينسى الناس عمل المسيح الرب نفسه وينحصروا في شخصيته التي تكون محور حديثهم وتفكيرهم حتى يصير لهم مصدر البركة، وهذه هي أعمال الإنسان الميتة حسب قدرته الشخصية التي تخفي عمل الله وتظهر ذاته؛ أما عمل النعمة لا يضيع ولا يسرقه أحد بل يظهر قوة الله في الإنسان، وبطبيعة ظهورها فأنها تجذب الكثيرين وتشدهم نحو المُخلِّص إذ يشتهوا هذه النعمة الجاذبة والكل يُمجد الله:

+ من يفعل الحق فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة؛ فليُضيء نوركم هكذا قُدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويُمجدوا أباكم الذي في السماوات (يوحنا 3: 21؛ متى 5: 16)

___ومن الأهمية ___
يا إخوتي أن لا تفزعوا أو تخوروا في أنفسكم وتفشلوا حينما تجدوا أنفسكم وقعتم في أشد الخطايا فظاعة وعنفاً، أو أحد القامات العليا وقعوا في خطايا لا يقع فيها المبتدئين، لأن جميعنا نضعف ونخور ونسقط لأسباب كثيرة متنوعة تختلف من واحد لآخر ومن قامة لقامة ومن حالة لحالة، إنما “أفزعوا من عدم التوبة”، لأن الفزع الحقيقي هو من عدم العودة لحياة القداسة والتقوى والشركة المقدسة مع الله والقديسين في النور، لأن نعمة الله مُخلِّصة فعلاً ويد الرب لا تُقصر على أن تُخلص، فهو قادر أن يُغير الفُجار لقديسين عِظام جداً، فلا تفشلوا أو تحزنوا حزن بلا رجاء حي بيسوع المسيح الذي مات لأجل خطايا العالم كله، لأن الخطية خاطئة جداً تجرح وتُميت، وخطورتها تكمن في أنها تعطي روح الفشل واليأس واحتقار الذات وكل مرض نفسي والإحساس بالدونية، فلنا أن نبتعد عنها فوراً مهما تورطنا فيها أو طال سقوطنا فيها، ولا نهتم أبداً بروح الفشل والحزن الذي بلا رجاء حي التي تولده فينا، لأن أي فشل وحزن واكتئاب هو ثمرتها المُرّة الطبيعية، أما نعمة الله المُخلِّصة فهي الأقوى والقادرة على تبديدها بل وتلاشيها تماماً وتفقدها سلطانها وفعل حزنها المُدمر للنفس، لأن الخطية لها سلطان الموت أما النعمة المخلصة لها سلطان الحياة في المسيح يسوع، لأن من آمن يرى مجد الله ويقوم من الموت، لأن ربنا يسوع هو القيامة والحياة، الذي إن آمنا به يكون لنا حياة أبدية ولا نأتي لدينونه بل به يحق أن ندخل للأقداس لأنه هو برنا وسلامنا الحقيقي (أفسس 2: 14) الذي نقلنا من الظلمة إلى النور:

+ الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة (يوحنا 5: 24)
+ لأن هذه مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أُقيمه في اليوم الأخير (يوحنا 6: 40)
الحق الحق أقول لكم: “من يؤمن بي فله حياة أبدية” (يوحنا 6: 47)
+ إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت (رومية 8: 1 و2)
+ فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، طريقاً كرسه لنا حديثاً حياً بالحجاب أي جسده. وكاهن عظيم على بيت الله. لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي. لنتمسك بإقرار الرجاء راسخاً لأن الذي وعد هو أمين. (عبرانيين 10: 19 – 23)

فاليوم لنا أن نتوب الآن، ونعود لذلك الحضن الحلو، فلا نفقد رجاءنا لأن اتكالنا عليه وحده، وهو الذي قام وأقامنا معه وصعد بجسم بشريتنا عن يمين الآب، وجلس في العظمة في الأعالي يشفع فينا وينجينا من فخ الصياد ومن الوباء الخطر، ويُدخلنا لعرش مملكه مجده لنتذوق حبه ونحيا له مُبررين بدمه، لأننا ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل أن يغفر لنا خطايانا إذ يسمع لنا وبدمه يطهرنا من أي خطية أو إثم.

________________________________________________

* ثانياً – الخطوة الثانية (بداية التوبة وأول ما ينبغي أن نسعى إليه)

دائماً عند بداية الطريق الروحي، يبدأ بشعور الإنسان أنه غير نافع وغير صالح في شيء وليس له أي قدرة أن يحيا مع الله بأصوامه أو جاهده الشخصي، لأن كل أعماله ستظل منقوصة لن يستطيع بها أن يُرضي الله أبداً لأنها تخلو من عنصري القداسة الداخلية وطهارة القلب والفكر، وحينما يحاول جاهداً أن يقدم صوماً ويتمم كل الطقوس والواجبات التي يراها مفروضة فأنه يجد أنه يعود ويرجع للخطية التي تعمل في أعماق قلبه وفكره بعنف وترديه صريعاً في النهاية لأنه غير قادر على التغلب عليها والنصرة حينما تهتاج عليه، ولو كان إنسان أميناً في السعي لإرضاء الله فأنه بأنين داخلي يصرخ في النهاية صرخة صامته يسمعها الله في أعماق قلبه المتألم الجريح: ويحيي أنا الإنسان الشقي من يُنقذني من جسد هذا الموت (رومية 7: 27).

ومن هنا تبدأ التوبة الحقيقية الصادقة، لأن التوبة في مفهومها الأصيل [ ألبسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيراً للجسد لأجل الشهوات (رومية 13: 14) ]، فيبدأ الله يتعامل مع النفس وتحل نعمة الله المُخلَّصة في القلب للشفاء والإبراء، ويتيقن الإنسان أن بالمسيح الرب وحده القيامة من موت الخطية، فيدخل في خبرة [ لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني (فكني وحررني) من ناموس الخطية والموت (رومية 8: 2) ]، فيبدأ الإنسان في حياة الإيمان الحي بشخص المسيح الرب الذي هو القيامة والحياة ويبدأ يُبصر مجد الله [ ألم أقل لك إن آمنتِ ترين مجد الله (يوحنا 11: 40) ]، ويبدأ التعرف على النعمة المُخلِّصة ويتذوقها بفرح حينما يجد قلبه يتحرر وينطلق نحو الله بالمحبة لأنه يشعر أنه هو من فداه وشفاه وهو حياته الأبدية، فلا يعد يخاف شراً ولا كل حروب العدو لأن من معه هو أقوى ممن عليه، وله النصرة الأكيدة المضمونة بيسوع وحده لأنه مُخلِّص نفسه من الفساد ومعطيه حياة داخليه باسمه، وله الوعد برجاء حي أنه يدخل للأقداس بدم المسيح يسوع حينما يستمر في حياة التوبة بإيمان حي ثابت لا يلين، وحتى لو سقط يعود ويقوم أعظم مما كان، بالرجاء الحي والثقة في شخص الكلمة الذي يعطيه النصرة ليغلب بالإيمان “العالم والجسد والشيطان”:
+ وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه؛ ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء (يوحنا 1: 12؛ لوقا 10: 19).
ومن هنا ينطلق الشكر من أعماق قلب الإنسان ليقول [ أشكر الله بيسوع المسيح ربنا ]، ويحب الاسم الحلو اسم [ يسوع ] ويصير أنشودة قلبه المبتهج به لأنه هو سرّ خلاصه وفرح حياته الخاص: اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم (متى 1: 21)

ولكن الطريق يمتد ويطول، لأن كل هذا المجد يبدأ ويتداخل مع خطوات أخرى ليدخل الإنسان في حياة تُسمى التجديد المستمر والذي لا يتوقف قط [ تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة (رومية 12: 2) ]، بل يستمر ليوم انتهاء أيامه على الأرض، لأن كل واحد فينا لازال وهو في الجسد معرض للسقوط والضعف واستمرار الحرب الروحية، وعليه أن يتقدم من مرحلة لمرحلة، قد تتوالي أو تتداخل، لذلك نحن نتدرج في الطريق الضيق لكي نسير معاً في درب المسيح الحلو الذي سنبلغ منتهاه للسكنى في حضره الرب بل في حضنه المبارك ونتهلل بلقائه المفرح إلى الأبد مع جميع القديسين…
+ فأن مصارعتنا ليست مع دمٍ ولحمٍ بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشرّ الروحية في السماويات (أفسس 6: 12)

 

+ إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون (2كورنثوس 10: 4)

وأول شي ينبغي أن نسعى إليه ونقتنيه هو “المحبة”، والمحبة ليست كلمة تُقال أو عاطفة مشاعر فياضة نتكلم بها ونبكي من شدة التأثير النفسي، إنما هي فعل ذات سلطان، لأنها وحدها القادرة أن تُدخلنا لله بجدارة، وبدونها سنفقد كل شيء حتى قوة النعمة المُخلِّصة، لأن بدون المحبة ليس هناك علاقة شركة مع الله القدوس ولا القديسين في النور، لأن هدف المسيحي الحقيقي هو أن يكون له شركة حيه مع الله بإيمان رائي وقلب شديد الحب…
ونشكر الله لأن المحبة ليست صناعة بشر ولا عمل إنسان لكي يخفق أو ينجح فيها، بل هي انسكاب الروح القدس في داخل القلب، لأنه مكتوب في رسالة رومية 5 [ محبة إلهنا قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا ].

والمحبة – حسب طبيعتها – ليست سلبية تنسكب ونسكت ولا نتحرك أو نقوم بفعل – لا بأعمالنا الخاصة بل بفعل سلطان المحبة كثمرها في حياتنا – لأن طبيعة المحبة مثمرة، وثمرتها هي حفظ وصية المحبوب يسوع، لأن من يحب الرب يحفظ وصاياه [ إن أحبني احد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً (يوحنا 14: 23) ]، ومن يحفظ وصاياه بالحب، يبحث عن كلام الرب بشغف لكي يحيا به، ومن يحيا به يبحث عن إرادة الله وينفذها بكل شوق واجتهاد عظيم، لأن المحبة في قلبه كالنار تشتعل فيه وتقوده لله بقوة وعزم لا يلين، لأنها تفتح بصيرته على مشيئة الله أبوه في المسيح يسوع متمم مشيئة الآب [ قال لهم يسوع طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأُتمم عمله – يوحنا 4: 34 ]
+ أجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك، لأن المحبة قوية كالموت، الغيرة قاسية كالهاوية، لهيبها لهيب نار لظى الرب، مياه كثيرة لا تستطيع أن تُطفئ المحبة والسيول لا تغمرها، أن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا (نشيد 8: 6 و7)
+ المتوكلون عليه سيفهمون الحق، والأمناء في المحبة سيلازمونه، لأن النعمة والرحمة لمختاريه (الحكمة 3: 9)
+ وتطلب التأديب هو المحبة، والمحبة حفظ الشرائع، ومراعاة الشرائع ثبات الطهارة (الحكمة 6: 19)
+ بنو الحكمة جماعة الصديقين وذريتهم أهل الطاعة والمحبة (سيراخ 3: 1)
+ الحكمة والعلم ومعرفة الشريعة من عند الرب، المحبة وطرق الأعمال الصالحة من عنده (سيراخ 11: 15)

يا إخوتي الآن لنا أن نعرف أن القداسة ليس معجزات ولا خوارق ولا دراسات عظيمة ولا معرفة لاهوت نظري أو فكري، بل أساسها وقاعدتها هي المحبة، أي إفراز النفس وتخصيصها لله، لتكون إناءه الخاص يحل فيها ويسكنها، ومن هنا تأتي قداستنا لأننا نكون اللابسي الله، أو المتوشحين بالله، فعلى الفور نصير قديسين لأن القدوس السماوي يسكننا وهو القدوس الذي يشع فينا قداسته…

أعود وأكرر بإلحاح كما كتبت سابقاً، وأحدث الكلمات قليلاً قائلاً:
لا ترتعبوا من سقوطكم في خطية ما، إنما ارتعبوا وخافوا جداً من عدم التوبة، وافزعوا من أن تكون توبتكم ليس لها هدف الشركة مع الله والقديسين في النور، واحزنوا جداً أن لم تسكن محبة الله في قلوبكم لتعيشوا كما يحق لإنجيل ربنا يسوع.

أفرحوا يا إخوتي بالرب كل حين واطلبوه ليلاً ونهاراً ولا تدعوه يسكت حتى يسكب محبته بالروح القدس في قلوبكم فتعيشوا الوصية بتدقيق وإخلاص المحبين لله والطالبين اسمه ليلاً ونهاراً:
+ ولكن لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم، بل افرحوا بالحري أن اسماءكم كُتبت في السماوات (لوقا 10: 20)
+ افرحوا بالرب وابتهجوا يا أيها الصديقون واهتفوا يا جميع المستقيمي القلوب (مزمور 32: 11)
+ افرحوا أيها الصديقون بالرب واحمدوا ذِكر قدسه (مزمور 97: 12)
+ ويا بني صهيون ابتهجوا وافرحوا بالرب إلهكم لأنه يُعطيكم المطر المبكر على حقه وينزل عليكم مطراً مبكراً و متأخراً في أول الوقت (يؤيل 2: 23)
+ أفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً افرحوا (فيلبي 4: 4)
+ افرحوا كل حين (1تسالونيكي 5: 16)
+ أخيراً أيها الإخوة افرحوا، اكملوا، تعزوا، اهتموا اهتماماً واحداً، عيشوا بالسلام، وإله المحبة والسلام سيكون معكم (2كورنثوس 13: 11)

__________ وسوف نتكلم في الجزء الثاني عن الخطوات الثلاثة الأخيرة__________ 

الجزء الثاني