أبحاث

ما هي حدود معرفتنا بطبيعة الله؟ يوحنا الدمشقي

ما هي حدود معرفتنا بطبيعة الله؟ يوحنا الدمشقي

ما هي حدود معرفتنا بطبيعة الله؟ (1) يوحنا الدمشقي

ما هي حدود معرفتنا بطبيعة الله؟ (1) يوحنا الدمشقي
ما هي حدود معرفتنا بطبيعة الله؟ (1) يوحنا الدمشقي

 

فيما نستطيع فهمه عن الله، دون التعبير عنه:

على من أراد اذاً أن يتكلّم أو يسمع عن الله أن يعلم حقّ العلم أن ما يختصّ بمعرفة الله وبتدبيره، ليس كلّه لا يُعبّر عنه ولا كلّه يُعبَر عنه، وأن الذي يُعرف غير الذي يُقال، كما أن الكلام غيرُ المعرفة. وعليه إن الكثير مماً يُفهم عن الله فهماً غامضاً لا يمكن التعبير عنه تعبيراً صائباً، بل نضطّر في الكلام عمّا يفوقنا إلى استعمال ما هو على شكلنا. مثلاً، في الكلام عن الله ننسب إليه تعالي النوم والغضب والإهمال واليدين والرجلين وما شابه ذلك

ما يمكننا فهمَه والتعبير عنه:

غير أننا نعرف ونقرّ أن الله لا بدء له ولا نهاية، أبديُّ وأزليّ، غيرُ مخلوق، لا يتحوّل ولا يتغيّر، بسيط وغير مركّب، لا جسم له، لا يُري ولا يُلمس ولا يُحدّ، ولا يقع تحت الحواسَ، لا يستوعبه العقلُ، لا يُحصر، لا يُدرك، صالحٌ وعادلٌ وقاضٍ. ثم نعرف ونقرّ أن الله واحد – أي ذاتٌ واحدة، معروفٌ في ثلاثة أقانيم، آب وابن وروح قدس، وأنَه كذلك. وأن الآب والابن والروح القدس واحد في كل شيء، ما عدا رحمته، ولأجل خلاصنا – برضي الآب ومؤازرة الروح القدس – حُبل به بلا زرع ووُلد بلا فساد من مريم البتول القدّيسة والدة الإله بواسطة الروح القدس، وصار منها إنساناً كاملاً.

وبما أنه هو نفسه إله كامل وإنسان كامل معاً – من طبيعتين لاهوت وناسوت، وفي طبيعتين عاقلتين ومُرتدتين وحرّتين -، وبوجيز العبارة، حاصلتين بالكمال علي ما يليق بكل منهما حداًّ وتعبيراً، وأعني بذلك اللاهوتَ والناسوتَ، مع أقنوم واحد مركّب، لأنه جاع وعطش وتعب، وصُلب واختبر الموت والدفّن ثلاثة أيام، وصعد إلي السماوات من حيث أتي إلينا. وسيأتي أيضاً في الانقضاء. يشهد الكتاب الإلهي وجماعة القديسين

ما لا يُستطاع فهمه ولا النطق به:

أمّا أي شيء هي الذات الإلهية، أو كيف هي في الثلاثة، وكيف الله الابن الوحيد الجنس أخلي ذاته فصار إنساناً من الدّماء البتولّية، مجبولاً بطريقة مخالفة للطبيعة، وكيف مشي على المياه ولم تُبل قدماه، فهذا كلّه نجهلُه ونعجزُ عن الكلام فيه. اذاً لا يمكن النطق والتفكير عن الله خارجاً عمّا صوَّره الله نفسه لنا أوقاله وأوضحه في المقولات الإلهية، في العهدين القديم والجديد.

ما هي حدود معرفتنا بطبيعة الله؟ (1) يوحنا الدمشقي