شهادة التاريخ والآثار

الاكتشافات الاثرية وأثرها على دراسات العهد القديم ج3

الاكتشافات الاثرية وأثرها على دراسات العهد القديم ج3

من بين الاكتشافات الأثرية المهمة التي دعمت المصداقية التاريخية للعهد القديم هي اكتشاف حقيقة وجود شعب الحثيين والحوريين، فقبل هذه الاكتشافات كانت كل المصادر التاريخية الموثوقة لا تعرف شيئا عن هذين الشعبين ولم يذكرهما اي من المؤرخين المعروفين، لذلك اعتبر النقاد الحثيين والحوريين اساطير لا وجود لها خارج الكتاب المقدس، بعد الاكتشافات الاخيرة في بدايات القرن التاسع عشر تم العثور على اثار تعود للحثيين والحوريين والتي ظلت مدفونة تحت الارض لقرون طويلة.
 
الاكتشافات الاثرية وأثرها على دراسات العهد القديم ج3
الاكتشافات الاثرية وأثرها على دراسات العهد القديم ج3
 
ذكر في التوراة اسم هذا الشعب خمسة مرات وجاء في الاصحاح الرابع عشر من سفر التكوين ان جيش الحوريين قد هزم من قبل الملك كدرلعومر والجيوش الاخرى التي كانت معه
سفر التكوين 14: 5-6
وَفِي السَّنَةِ الرَّابِعَةَ عَشَرْةَ أَتَى كَدَرْلَعَوْمَرُ وَالْمُلُوكُ الَّذِينَ مَعَهُ وَضَرَبُوا الرَّفَائِيِّينَ فِي عَشْتَارُوثَ قَرْنَايِمَ، وَالزُّوزِيِّينَ فِي هَامَ، وَالإِيمِيِّينَ فِي شَوَى قَرْيَتَايِمَ،وَالْحُورِيِّينَ فِي جَبَلِهِمْ سَعِيرَ إِلَى بُطْمَةِ فَارَانَ الَّتِي عِنْدَ الْبَرِّيَّةِ
 
كان يحكم هذا الشعب من قبل الامراء كما جاء في العهد القديم:
سفر التكوين 36: 39-29
هؤُلاَءِ أُمَرَاءُ الْحُورِيِّينَ: أَمِيرُ لُوطَانَ وَأَمِيرُ شُوبَالَ وَأَمِيرُ صِبْعُونَ وَأَمِيرُ عَنَىوَأَمِيرُ دِيشُونَ وَأَمِيرُ إِيصَرَ وَأَمِيرُ دِيشَانَ. هؤُلاَءِ أُمَرَاءُ الْحُورِيِّينَ بِأُمَرَائِهِمْ فِي أَرْضِ سَعِيرَ.
 
ويذكر الكتاب ايضا بأنهم قد هزموا من قبل ابناء عيسو لاحقا:
سفر التثنية 2: 22
كَمَا فَعَلَ لِبَنِي عِيسُو السَّاكِنِينَ فِي سِعِيرَ الَّذِينَ أَتْلَفَ الْحُورِيِّينَ مِنْ قُدَّامِهِمْ، فَطَرَدُوهُمْ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
ومن خلال ما قالته التوراة نسطيع ان نقول بان هذا الشعب كان شعب محلي يسكن ويعيش في الكهوف لان اسمهم في العبرية مشتق من حور والتي تعني كهف او حفرة، في الاربعين السنة الاخيرة تم العثور على ادلة جديدة سلطت الضوء على هذا الشعب الغامض، والادلة التاريخية المكتشفه لم تثبت وجود هذا الشعب وحسب اثبت ايضا بانه كان يلعب دورا مهما في حضارة الشرق الادنى، فالحوريين كانوا شعب غير سامي عاش في الالفية الثانية قبل الميلاد وقد هاجروا من موطنهم الاصلي جنوب القوقاز الى شمال العراق واستقروا هناك، ظهروا لأول مرة في صفحات التاريخ حوالي سنة 2400 قبل الميلاد في جبال زاغروس شرق نهر دجلة، وظلوا هناك وتكاثروا خاصة بعد انتهاء حكم الاكديين، ويبدوا انهم قد تواجدوا في الجنوب ايضا لان هناك اسماء حوريه في جنوب العراق اثناء فترة حكم سلالة اور الثالثة سنة 1960 قبل الميلاد وظلت اسمائهم منتشره حتى سلالة بابل الاولى بعد حوالي قرن بعد سلالة اور الثالثة، عثر عالم فرنسي بالقرب من حوض نهر الفرات سنة 1934 الواح حورية تعود الى ما بين 1800-2200 قبل الميلاد وبعد ان تم تحليها تبين بانها نصوص دينية حوريه، تم لاحقا اكتشاف الواح طينية تعود الى الحوريين في عاصمة المملكة الحثية حاتوشا في تركيا، لكن الاكتشاف الاكبر بخصوص الحوريين كان في العثور على الواح نوزو بالقرب من مدينة كركوك العراقية، فمدينة نوزو كانت مأهوله بشعوب سامية قبل نهاية الالفية الثالثة قبل الميلاد ويظهر لاحقا بعد قرون بان التعداد السكاني للمدينة قد تغيير وقد تغير اسمها من جاسور الى نوزو التي اصبحت اهم مدن الحوريين وقد عثر على الواح مكتوبة باللغة البابلية وتحتوي على مصطلحات واسماء حورية (1) وبعض هذه الالواح هي عبارة عن وصول تجارية وشهادات تبني وغيرها من المعاملات المدنية وقد ظلوا هكذا الى ان غزاهم الاشوريين ودمروا مدينة نوزو حوالي سنة 1400 قبل الميلاد، وبهذا قد تم حل احدى الالغاز الكتابية.
 
الحثيين
aaa
 
مثل الحوريين ايضا قد ضل الحثيين شعب غامض لم يذكره اي من المؤرخين ولا وجود له خارج الكتاب المقدس، يقول الكتاب بان جيران ابراهيم في حبرون كانوا من الحثيين ولاحقا اشترى ابراهيم منهم المغارة ليدفن فيها زوجته سارة
سفر التكوين 25: 10
الْحَقْلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بَنِي حِثٍّ. هُنَاكَ دُفِنَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ امْرَأَتُهُ.
ولعل أشهر الشخصيات الحثية التي ذكرها الكتاب المقدس هو اوريا الحثي الذي قتله داود لكي ياخذ زوجته
سفر صموئيل الثاني 12: 9
لِمَاذَا احْتَقَرْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ لِتَعْمَلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيْهِ؟ قَدْ قَتَلْتَ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذْتَ امْرَأَتَهُ لَكَ امْرَأَةً، وَإِيَّاهُ قَتَلْتَ بِسَيْفِ بَنِي عَمُّونَ.
في سنة 1871 اثناء التنقيب في احدى المواقع الاثرية بالقرب من نهر الفرات تم العثور على اثار حثية ساهمت في معرفة ماهية هذا الشعب، ولاحقا قام مبعوث في دمشق اسمه وليام رايت مع البروفيسور اي اتش رايت بترميم اول اثار حثيه (2)
لاحقا في سنة سنة 1907 عثر البروفيسور في جامعة برلين هوغو وينكلر على حوالي 10000 لوح طينين في هذا المكان، والالواح كانت قد كتبت باللغات الحثية والسومرية والاكدية والحوريه، عرف من خلال هذه الالواح بان الحثيين كانوا في قمة قوتهم في حقبتين من الزمن، الحقبة الاولى كانت في عهد السلالة البابلبة الاولى سنة 1800 قبل الميلاد والحقبة الثانية كانت بعدها بحوالي 400 سنة
 

بعدها قام حاكم حثي بتاسيس مملكة قوية وتحالف مع الميتانيين وغزى سورية والعراق واصبحت مملكة الحثيين تعيش افضل عصورها، وكانت لهذا الحاكم علاقة بالمصريين وكان هناك مراسلات بينه وبين امون حوتب الثالث والرابع بحسب ما جاء في رسائل تل العمارنة (3)، تذكر المنقوشات الاشورية بان الملك تغلث فلاسر حارب الحثيين وقام خلفه الملك اشور ناسربال بالزامهم بدفع الجزية له، قام لاحقا الملك سرجون الثاني بغزو مدينتهم كركاميش وتدميرها.

 

(1) Edward Chiera، Joint Expedition with the Iraq Museum at Nuzu، 6 vols
(2)William Wright، The Empire of the Hittites، 1884
(3)Samuel A. B. Mercer، The Tell el Amarna Tablets، 2 vols.، (1939)، Nos. 17–25; 27–29[1]

[1]Bibliotheca Sacra : A Quarterly Published by Dallas Theological Seminary. (Dallas TX: Dallas Theological Seminary, 1996, c1955-1995), 1.

الاكتشافات الاثرية وأثرها على دراسات العهد القديم ج3