الرد على أحمد سبيع

ماذا قال المسيح عن لاهوته (طبيعته اللاهوتية)؟

ماذا قال المسيح عن لاهوته (طبيعته اللاهوتية)؟

ماذا قال المسيح عن لاهوته (طبيعته اللاهوتية)؟
ماذا قال المسيح عن لاهوته (طبيعته اللاهوتية)؟

بينما نبحث عن جديد الشبهات، والتي لا تخلو في غالبها من غرائب، تصل أحيانًا لحد الدعوة إلى سخرية من كاتبها، وجدنا تحديًا من قناة البينة، والتي عُرف عنها اجترار الشبهات المردود عليها باستفاضة مكررين إياها دون الرد على الردود التي انهالت عليها، بل وحتى دون أدنى محاولة للرد، حيث لا يجدون للرد سبيلاً إلا دفن رؤوسهم في الرمال مكررين ذات الشبهات بذات الصور بذات الأسئلة، لكن هذه المرة زادوا الطينة بِلة، ولم يكتفوا بأن يدفنوا رؤوسهم في الرمال، بل أرادوا أن يتحدَّوا!

وتحديهم هذا قد ذكرنا بتحدي هذا الرجل النحيف لمحمد صبحي، فهو مجرد تحدٍ أجوف لا يوجد فيه إلا الصوت العالي فقط، فهذا السؤال يجيبه أي مسيحي له من العلم ولو القليل! فلا أعرف لماذا التحدي؟ فقد وجدنا، لهم هذه الصورة:

الناسوتية واللاهوتية 

فهنا نجد هذا الشخص لا يسأل فقط، بل ويتحدى! بل ولا يستفسر عن هل ذكر المسيح أم لم يذكر، بل يفترض مسبقاً أنه لم يذكر ويسأل هنا عن سبب عدم ذكره! بل ويكمل ويقول متسائلاً أننا كيف عرفناها إذا كان المسيح لم يخبرنا بها! مجموعة من الأخطاء المركبة! لنحللها خطأ تلو الآخر.

الخطأ الأول:

الخطأ الأول هو خطأ الفصل بين كلام المسيح وكلام الكتاب المقدس، وكأن كلام المسيح لم يأت إلينا في الكتاب المقدس او كأنه ليس ضمن الكتاب المقدس أو كأن من نقلوا إلينا كلامه يختلفون عمن كتب الكتاب المقدس، وكأنهم ليسوا تلاميذه ورسله! فكلام المسيح هو كل الكتاب المقدس، وكل الكتاب المقدس هو كلام المسيح، فالمسيحي يمكنه أن يستشهد بأي مما جاء في الكتاب المقدس مؤكداً أنه كلام المسيح.

الخطأ الثاني:

ما هو الناسوت وما هو اللاهوت؟ الناسوت هو الطبيعة البشرية للسيد المسيح، واللاهوت هو الطبيعة الألوهية للسيد المسيح، فكيف لم يذكر المسيح عنهما شيئاً؟ ألم يقرأ هذا الشخص الكتاب المقدس ولو لمرة واحدة في حياته؟!

الخطأ الثالث:

من قال أن الرب يسوع المسيح لم يعلن عن طبيعته اللاهوتية؟ ألم يقرأ أول نص في إنجيل يوحنا الذي يقول بكل صراحة “وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ.”؟ ألم يقرأ بعدها بعدَّة نصوص قليلة “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا”؟ فها هو الكلمة _الذي هو الله_ قد صار جسداً! وقد قال المسيح كثيراً عن لاهوته، عندما قال “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ”، وقال عنه الكتاب المقدس أنه هو “الإِلهُ الْوَحِيدُ ” في (يوحنا 1: 18) وقال عن نفسه أنه كان قبل إبراهيم (يوحنا 8: 58).

وأنه هو الإله الحق والحياة الأبدية (1يوحنا 5: 20) وقيل عنه “الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا” (يهوذا 25)، وأنه هو يهوه الذي خلص شعب إسرائيل من أرض مصر (يهوذا 5) و(1كورنثوس 10: 4، 5، 9)، وأنه هو الله الذي فدانا بدمه (أعمال 20: 28)، وأنه هو الذي فضله موسى على أن يتنعم في بيت فرعون (العبرانيين 11: 26).

وعندما جاء الملاك ليطمئن يوسف النجار أن حبل مريم كان من الروح القدس، قال له ” فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ ” (متى 1: 21)، والشاهد هنا من ذكر هذه الآية هي كلمة ” لأَنَّهُ ” وفي اليونانية γὰρ وهي تعني for أو because، فهنا نجد أن تسمية المسيح باسم “يسوع” لم تكن بلا هدف، ولكن كان لهدف أوضحه الملاك نصاً حين قال “يخلص شعبه من خطاياهم”.

ونلاحظ هنا الضمير في كلمة “شعبه” فهو شعب يسوع المخلص، ولكن هل نعرف ماذا يعني إسم “يسوع” نفسه؟ لقد ورد الإسم في اليونانية Ἰησοῦς وهو من الإسم العبري יְהֹושֻׁעַ (ي ه و ش ع) وهو إسم مركب من كلمتين، الأولى هي “يهوه” יְהוִה والثانية هي “يخلص” יָשַׁע، أي أن معنى الإسم هو “يهوه يخلص” أو “يهوه خلاص”.

وإذا ما رجعنا لقول الملاك ” لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ ” سنعرف أن هذا الإسم يحمل في داخله سببه، فهو إسم وفقاً للعمل الذي سيقوم به المسيح، الخلاص، فهو “يهوه” الذي سيخلص شعبه من خطاياهم ولهذا دُعي “يشوع” أي “يسوع”، ومن هنا نعرف، أن لقب الرب يسوع “كيريوس” هو من الحبل المقدس لأجل كينونته، فهو يهوه.

وأيضاً بعدما زار الملاك العذراء وبشرها بحبلها وميلاد المسيح، القدوس إبن الله، ذهبت العذراء إلى أليصابات، ولما دخلت سلمت عليها، وعندما سمعت أليصابات سلام مريم، إمتلأت من الروح القدس وصرخت بصوت عظيم وقالت:

«مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ!43 فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44 فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45 فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ». (لوقا 1)

والشاهد من هذا الكلام هو ذكر أليصابات لكلمة “الرب” مرتين، ففي الأولى دعت فيها العذراء ” أُمُّ رَبِّي “، فمن هو رب أليصابات اليهودية التي نطقت به بالروح القدس؟! وفي نهاية كلامها أجابت أليصابات على هذا السؤال وقالت “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ”، فمن هو ذلك الرب الذي آمنت مريم بكلامه؟! إنه يهوه الذي أرسل لها الملاك كما لزكريا، وقد أكدت أليصابات أن الرب هو يهوه عندما قالت قبلاً:

«هكَذَا قَدْ فَعَلَ بِيَ الرَّبُّ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا نَظَرَ إِلَيَّ، لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ». (لوقا 1: 25).

وبعد كلام أليصابات الذي قالته بالروح القدس، سبحت العذراء تسبحتها الشهيرة وقالت ” تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، 48 لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، 49 لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ ” (لوقا 1)

فها هي العذراء مريم تعظم الرب وتدعوه الله مخلصها، وتدعو نفسها أمته، وتدعوه قديراً، فمن هو الذي تدعوه بهذه الألقاب؟ إنه يهوه، إلهنا!، والغريب أن كل هذه الألفاظ قد ذُكرت عن المسيح، فهو قد دعي “الرب” وقد دعي “الله”[1] وقد دعي “مخلص” وقد دعي “قديراً”[2] ودعي أيضاً “قدوس”[3]، إذن، فمن كلام أليصابات أيضاً الذي نطقت به بالروح القدس، وهي امرأة يهودية، نعرف أن “الرب” هنا هو “يهوه”، فلم يكن الصبي قد وُلد بعد وليس له أي سلطان (بحسب الجسد حينها) على أي إنسان، فهو مازال جنيناً في بطن أمه.

ونكمل الشواهد الكثيرة، فمن المعروف أن يوحنا المعمدان كان قد أتى أمام الرب يسوع المسيح، كممهدا للطريق قبل أن يأتي هو بحسب الجسد، فيقول زكريا أبوه عندما إنفك عقد لسانه ونطق بالروح القدس، كما نطقت زوجته أليصابات قبله، وقال:

“«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ، 69 وَأَقَامَ لَنَا قَرْنَ خَلاَصٍ فِي بَيْتِ دَاوُدَ فَتَاهُ. 70 كَمَا تَكَلَّمَ بِفَمِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ هُمْ مُنْذُ الدَّهْرِ، 71 خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا. 72 لِيَصْنَعَ رَحْمَةً مَعَ آبَائِنَا وَيَذْكُرَ عَهْدَهُ الْمُقَدَّسَ، 73 الْقَسَمَ الَّذِي حَلَفَ لإِبْرَاهِيمَ أَبِينَا: 74 أَنْ يُعْطِيَنَا إِنَّنَا بِلاَ خَوْفٍ، مُنْقَذِينَ مِنْ أَيْدِي أَعْدَائِنَا، نَعْبُدُهُ 75 بِقَدَاسَةٍ وَبِرّ قُدَّامَهُ جَمِيعَ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. 76 وَأَنْتَ أَيُّهَا الصَّبِيُّ نَبِيَّ الْعَلِيِّ تُدْعَى، لأَنَّكَ تَتَقَدَّمُ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ لِتُعِدَّ طُرُقَهُ. 77 لِتُعْطِيَ شَعْبَهُ مَعْرِفَةَ الْخَلاَصِ بِمَغْفِرَةِ خَطَايَاهُمْ، 78 بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ. 79 لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ السَّلاَمِ».”

فها هو زكريا الذي نطق بالروح القدس يتكلم عن الرب الذي صنع فداء لشعبه، بالخلاص بمغفرة خطاياهم، فمن هم شعب الرب؟ ومن هو الرب المقصود هنا؟ ومن هو الذي سيقدم الخلاص بمغفرة الخطايا؟ لنقرأ معاً مرة أخرى كلام الملاك عندما زار يوسف النجار فقد قال ” فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ ” (متى 1: 21).

إذن، فواضح من كلام الملاك حرفياً أن المسيح يسوع هو الذي سيخلص شعبه من خطاياهم، هذا حسب كلام الملاك نفسه، هذا الشاهد الأول في كلام زكريا، وأما الشاهد الثاني في كلامه أيضاً، فهو، من هو الذي كان يقصده زكريا عندما قال ” بِأَحْشَاءِ رَحْمَةِ إِلهِنَا الَّتِي بِهَا افْتَقَدَنَا الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ.79 لِيُضِيءَ عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ “؟

لنجعل عَبَدة النصوص تجيبهم النصوص، فقد جاء في بشارة القديس متى سنجده يقول ” اَلشَّعْبُ السَّالِكُ فِي الظُّلْمَةِ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا. الْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلاَلِ الْمَوْتِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُورٌ. ” (متى 4: 16)، وهذا تحقيقاً لنبوة أشعياء النبي ” لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ، لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ، مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ.” (أشعياء 42: 7)، إذن فواضح من كلام البشير متى، بحسب نبوة أشعياء أن المسيح هو النور العظيم الذي أبصره الشعب الجالس في الظلمة وظلال الموت، وهذا الشاهد الثاني في كلام زكريا.

أما الشاهد الثالث، وهو الأهم لديَّ، هو أن يوحنا المعمدان هو الذي سيتقدم أمام وجه الرب، فمن هو إذن هذا الرب الذي تقدم يوحنا أمام وجهه؟! لنترك يوحنا المعمدان نفسه يجيب على هذا السؤال، فإنه قال:

” 27 هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي، الَّذِي صَارَ قُدَّامِي، الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ».28 هذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَبْرَةَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ.29 وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!30 هذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ: يَأْتِي بَعْدِي، رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي.31 وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لكِنْ لِيُظْهَرَ لإِسْرَائِيلَ لِذلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ».32 وَشَهِدَ يُوحَنَّا قَائلاً: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ.33 وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ، ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.34 وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هذَا هُوَ ابْنُ اللهِ».35 وَفِي الْغَدِ أَيْضًا كَانَ يُوحَنَّا وَاقِفًا هُوَ وَاثْنَانِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ،36 فَنَظَرَ إِلَى يَسُوعَ مَاشِيًا، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ!».”  (يوحنا 1).

ولكي نفهم تمام الفهم، لابد ان نقتبس إقتباس آخر وهو:

” 1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ2 قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.3 فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً».4 وَيُوحَنَّا هذَا كَانَ لِبَاسُهُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ، وَعَلَى حَقْوَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ جِلْدٍ. وَكَانَ طَعَامُهُ جَرَادًا وَعَسَلاً بَرِّيًّا.5 حِينَئِذٍ خَرَجَ إِلَيْهِ أُورُشَلِيمُ وَكُلُّ الْيَهُودِيَّةِ وَجَمِيعُ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالأُرْدُنِّ،6 وَاعْتَمَدُوا مِنْهُ فِي الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ.

7 فَلَمَّا رَأَى كَثِيرِينَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ يَأْتُونَ إِلَى مَعْمُودِيَّتِهِ قَالَ لَهُمْ: «يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي، مَنْ أَرَاكُمْ أَنْ تَهْرُبُوا مِنَ الْغَضَبِ الْآتِي؟8 فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ.9 وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَبًا. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَدًا لإِبْراهِيمَ.10 وَالآنَ قَدْ وُضِعَتِ الْفَأْسُ عَلَى أَصْلِ الشَّجَرِ، فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.11 أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ.12 الَّذِي رَفْشُهُ فِي يَدِهِ، وَسَيُنَقِّي بَيْدَرَهُ، وَيَجْمَعُ قَمْحَهُ إِلَى الْمَخْزَنِ، وَأَمَّا التِّبْنُ فَيُحْرِقُهُ بِنَارٍ لاَ تُطْفَأُ».

13 حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ.14 وَلكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: «أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!»15 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ.16 فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ،” (متَّى 3).

ومن هذين الإقتباسين نستخلص أن يسوع هو الذي قال عنه يوحنا المعمدان “يأتي بعدي الذي صار قدامي” وأنه “كان قبله” وأنه “حمل الله الذي يرفع خطية العالم” وأنه هو “الذي يعمد بالروح القدس” وأنه هو “إبن الله“، إذن، فيسوع قد سبقه مجيء يوحنا، على الرغم من أن المسيح (في لاهوته) هو قبل يوحنا، وأن يوحنا بَشَّرَ بمجيء يسوع الذي سيعمد بالروح القدس والنار، وأن يوحنا نفسه محتاج أن يعتمد منه هو شخصياً وليس بمستحق أن يحل سيور حذائه، لكن، في ماذا كان يوحنا يتقدم أمام وجه يسوع؟!

حسب النصوص، فهو كان يتقدم أمام وجهة بالمعمودية للتوبة لمغفرة الخطايا، ويوحنا نفسه حرفياً، بشَّرَ بمجيء الآخر (يسوع) الذي سيعمد بالروح القدس والنار، لنقرأ:

[أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ. هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ..][4] (متى 3: 11).

فيوحنا عمَّدَ وبشَّرَ بآخر سيأتي بعده، ويُعَمِّد، لمغفرة الخطايا، ومن هذا كله نتأكد ان المسيح هو الرب الذي جاء يوحنا قبله، وإذا ما رجعنا لنبوة أشعياء النبي، سنجده يقول أن الرب هو “يهوه”[5]، فهل قيل لأحد هذه الأوصاف بإعتباره “الرب” سوى المسيح له كل المجد؟ وأيضاً، يقول كاتب رسالة العبرانيين، بولس الرسول، في بداية رسالته “«أَنْتَ يَا رَبُّ فِي الْبَدْءِ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ. 11 هِيَ تَبِيدُ وَلكِنْ أَنْتَ تَبْقَى، وَكُلُّهَا كَثَوْبٍ تَبْلَى،12 وَكَرِدَاءٍ تَطْوِيهَا فَتَتَغَيَّرُ. وَلكِنْ أَنْتَ أَنْتَ، وَسِنُوكَ لَنْ تَفْنَى».” (ع 1: 10-12).

وهذا كان ضمن مجموعة من الإقتباسات من العهد القديم عن الإبن، وكان هذا الإقتباس من المزمور 102: 25-27، ونلاحظ بجلاء أنه ينسب كلمة “الرب” للإبن، المسيح، وهذا النص يحوي شاهدان لألوهية المسيح، فالأولى والواضحة أنه ينسب تأسيس الأرض والسموات للإبن، المسيح، أي أن الإبن هو الخالق، وينسب له أيضاً الديمومة إلى الأبد على عكس السموات والأرض التي تبيد، فهو الذي ليس به تغيير ولا ظل دوران.

وهذا هو الشاهد الأول لألوهيته، وهو ليس بموضوعنا في هذه النقطة تحديداً، ولكن الشاهد الذي نحن بصدد عرضه، وهو الخاص بموضوعنا هو دعوته له بـ”الرب”، في ظل الإقتباس من العهد القديم.

وإذا ما رجعنا للعهد القديم سنجد أن المزمور من بدايته لنهايته يتحدث عن “يهوه” وإليه، فقد جاء إسمه صريحاً ثمان مرات في المزمور، وكما قلت، فالمزمور كله يتحدث إلى يهوه، فكيف يقتبس كاتب الرسالة ما قيل ليهوه، والتي تترجم شبة دائماً إلى “الرب” إلى المسيح إن لم يكن هو الرب يهوه نفسه الذي كان يتحدث عنه المزمور؟!

فكيف يأتي هذا الشخص ويقول أن المسيح لم يعلن عن طبيعته اللاهوتية؟ هل عرفتم لماذا تذكرت المشهد التمثيلي في المسرحية؟

الخطأ الرابع:

من قال أن الرب يسوع المسيح لم يعلن عن طبيعته الناسوتية؟؟ ألم يصدعنا المسلمون بأن الكتاب المقدس يؤكد أن المسيح هو إنسان؟! ومن أشهر النصوص التي يستدلون بها هو النص [وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ.] (يوحنا 8: 40)، وتوجد نصوص أخرى تقول ذات المعنى، لكن لأن المسلم –في العادة- لا يعترض على ناسوت المسيح بل لاهوته، فلا داعي للإطالة في غير المختلف فيه!

فلا هي عقيدة سرية، ولا نساها المسيح، وقد عرفناها من الكتاب المقدس ومن الآباء كما ترى!

 

[1] يوحنا 1: 1، 1: 18، 20: 28؛ أعمال الرسل 20: 28؛ رومية 9: 5؛ عبرانيين 1: 8؛ تيطس 2: 13؛ 2بط 1: 1؛ 1يو 5:20

[2] أشعياء 9: 6.

[3] لوقا 1: 35.

[4] راجع: مرقس 1: 7-10.

[5] راجع: أشعياء 40: 3.

ماذا قال المسيح عن لاهوته (طبيعته اللاهوتية)؟