الردود على الشبهات

إله العهد القديم، هل هو إله يخلق الشر؟ شبهة والرد عليها

إله العهد القديم، هل هو إله يخلق الشر؟ شبهة والرد عليها

إله العهد القديم، هل هو إله يخلق الشر؟ شبهة والرد عليها
إله العهد القديم، هل هو إله يخلق الشر؟ شبهة والرد عليها

سألني عدد كبير من الناس بفزغ شديد قائلين: هل الرب هو مصدر الشر؟ ولماذا يقول الرب للشعب بوضوح <أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هذِهِ. > أشعياء (45: 7-8)

وللإجابة على هذا السؤال أقول:

لكي نعرف لماذا يعلن الرب صراحةً هنا أنه خالق الشر علينا أن نعرف اولاً: متى قال الرب هذه الكلمات ولمن؟ وما هي الخليفة التاريخية؟ وما معنى كلمة (الشر) هنا؟ وما المقصود بها؟

أولاً: يجب أن ندرك أن الكتاب المقدس يعلن لنا أن الله صالح وقد وردت عبارة (الرب صالح) عشرات المرات في الكتاب المقدس (مز25: 8، 100: 5، 135: 3، إر33: 11، 1بط2: 3) لقد هتف المرنم أكثر من مرة(مز106: 1،107:1 ، 118: 1و29 ، 136: 1) اِحْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ

وأضاف في مزمور آخر < الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ > مز (145: 9) فهو صالح مع كل إنسان

أن الله كلي الصلاح والحب والحكمة والرحمة لذلك فكل ما يخطط له ويفعله ويأمر به ويرضى عنه صالح. وفي الحقيقة لا يوجد من هو صالح بلا حدود الله مز(10:18)

وكل عطايا الله صالحة كما يقول الرسول يعقوب<كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ>يعقوب (1: 17). قال زكريا<مَا أجٌوَدَهُ وَمَا أَجٌمَلَهُ> زكريا(9:17) وصرخ القديس أغسطينوس (يؤلمني إنني تأخرت كثيراً في معرفتك أيها الجمال القديم وما تزال جديداً)). وقال تشارلس كنجلي في مرضه الخير: ((كم هو جميل الرب كم هو جميل))

ويجب أن ندرك أن الشر لا يتفق مع طبيعة صلاح الله. لذلك قال أيوب <لأَجْلِ ذلِكَ اسْمَعُوا لِي يَا ذَوِي الأَلْبَابِ. حَاشَا للهِ مِنَ الشَّرِّ، وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. > أيوب (34: 10)

وكلمة الشر هنا تأتي في معظم الترجمات الإنجليزية إما (Iniquity) او (Wickedness) أي أن الله بعيداً جداً عن إرادة وفعل الشر.

(MKJV) Therefore listen to me, O man of heart; far be it from God to commit iniquity; and from the Almighty, to do wrong.

(ESV) Therefore, hear me, you men of understanding: far be it from God that he should do wickedness, and from the Almighty that he should do wrong.

وقال الرسول يعقوب:< لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا. >

لقد تحدى أحد أساتذة الجامعة تلاميذه ذات مره بهذا السؤال: هل الله هو خالق كل ما هو موجود؟ فأجاب أحد الطلبة في شجاعة” نعم” فكرر الأستاذ السؤال: هل الله خالق كل شيء؟ ورد الطالب قائلاً نعم يا سيد الله خلق جميع الأشياء.

وهنا قال الأستاذ “ما دام الله خالق كل شيء إذاً الله خلق الشرّ. حيث أن الشر موجود وطبعاً للقاعدة أن أعمالنا تظهر حقيقتنا (إذاً الله شرير) وهنا فَرِح الأستاذ بهدوء معتداً بنفسه أمام الطلبة وراح يفتخر أمامهم قائلاً: إنه أثبت مره أخرى خرافة الإيمان بالله.

وهنا رفع طالب أخر يده وقال: هل لي أن أسألك سؤال سيدي؟ فرد الأستاذ قائلاً: بالطبع يمكنك فوقف الطالب وسأل الأستاذ قائلاً: هل البرد له وجود؟ فأجاب الأستاذ بالطبع موجود ألم تشعر مره به؟ وضحك باقي الطلبة من سؤال زميلهم فأجاب الشاب قائلاً: في الحقيقة يا سيدي البرد ليس له وجود فطبقاً لقوانين الطبيعة ما نعتبره نحن برداً هو حقيقة غياب الحرارة واستطرد قائلاً: كل جسم أو شيء يصبح قابلاً للدراسة عندما يكون حاملاً للطاقة أو ناقلاً لها والحراة هي التي تجعل جسماً أو شيئاً حاملاً او ناقلاُ للطاقة. اما درجة الحرارة المسماة الصفر المطلق فهي درجة الحرارة التي بها يكون انعدام كلي لوجود الحرارة فالبرد ليس له وجود في ذاته ولكننا خلقنا هذا التعبير لنصف ما نشعر به عند غياب الحرارة.

واستمر الطالب يقول: أستاذي هل الظلام له وجود؟ فرد الأستاذ بالطبع الظلام موجود، فأجاب الطالب معذرة أخطأت مرة أخرى يا سيدي الظلام غير موجود فالظلام حقيقةَ هو عدم وجود النور. النور يمكن دراسته لكن ليس الظلام. وبالفعل يمكننا دراسة النور ونقيس شدته ونحدد الألوان التي تركِّبه ونحسب كمية الطاقة التي يحملها وكذلك يمكننا تصنيفه لضوء مرئي وغير مرئي وما إلى ذلك… لكنك لا تستطيع قياس الظلام. شعاع نور بسيط يمكنه أن يخترق عالم الظلام ويضيئه فيلاشيه. كيف يمكننا أن نعلم ما مقدار الظلام بمكان ما؟ لكن يمكننا ان نقيس كمية النور المتواجد بذات المكان أليس كذلك؟ فالظلام هو مصطلح يستعمل لوصف ما يحدث عندما لا يكون هناك نور. وفي النهاية سأل الطالب أستاذه: سيدي هل الشر موجود؟ قال الأستاذ” بالطبع كما سبق وقلت هذا قبل قليل ونحن نراه كل يوم في التصرفات اللاإنسانية. الإجهاض، الحرب، تعدد الجرائم وهذا المقدار الوافر من العنف في كل مكان من العالم حولنا. هذه الظواهر ليست سوى الشر بعينه.

وعلى هذا أجابا لطالب قائلاً: الشر ليس له وجود يا سيدي على الأقل ليس له وجود في ذاته. الشر ببساطة هو غياب “الله ” أنه مثل الظلام والبرد كلمة اشتقها الإنسان ليصف غياب الله.

الله لم يخلق الشر. الشر هو النتيجة التي تحدث عندما لا يحفظ الإنسان محبة الله في قلبه إنه مثل البرد تشعر به عندما تغيب الحرارة أو الظلمة التي تأتي عندما يغيب النور، وهنا جلس الإستاد مذهولاً وكان الشاب الصغير هو ألبرت آينشتاين.

ثانياً: الدارس لكلمة الله يجد ان هذه الكلمات جاءت على لسان أشعياء النبي الذي عاش في القرن الثامن وبداية السابع قبل الميلاد وكانت موجهة إلى الشعب أثناء السبي وقت أن كانت المملكة الفارسية متسيَّدة على كل العالم بقيادة الملك كورش ويظهر هذا في الآيات الأولى من هذا الإصحاح إذ يقول: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا، وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ، لأَفْتَحَ أَمَامَهُ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَالأَبْوَابُ لاَ تُغْلَقُ ، أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ، وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ.  إشعياء (45: 1-2) وكان القصد هو التأكيد على ثلاثة أمور هامة وهي:

  • وحدانية الله.
  • سيادة الله.
  • برُّ الله.

أولاً: وحدانية الله:

مفتاح فهم هذه الآية تجده في الآية السابقة لها حيث يقول الرب: أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. لاَ إِلهَ سِوَايَ. (ع5) والدارس المدقق يجد أن عبارة “أَنَا الرَّبُّ” ومترادفاتها ترد في هذا الإصحاح أكثر من 15 مرة والسبب هو أن الشعب الفارسي كان يعبد إلهين (اهورا) إله الخير. و(أهريمان) إله الشر فهذا الشعب لم يكن يعرف الإله الواحد الحي فجاءت رسالة التحذير هذه للشعب الإسرائيلي لئلا يسقط في هذه الوثنية خاصة وان الشعب كان مهيئاً لذلك فقد عبدو من قبل مولك وعشتاروث وكوش والعجل الذهبي … إلخ

وكان الشعب الفارسي يعبد أهوار إله الخير لكي يمنحه الخير ويعبد أهريمان إله الشر لكي يتقي شروره ولذلك نرى الرب يؤكد على الوحدانية في أكثر من عبارة فيقول أَنَا الرَّبُّ و(ع5) لاَ إِلهَ سِوَايَ. (ع5) لَيْسَ غَيْرِي. (ع6) أَنَا الرَّبُّ وَلَيْسَ آخَرُ. (ع6 وع18) أَلَيْسَ أَنَا الرَّبُّ وَلاَ إِلهَ آخَرَ غَيْرِي؟ (ع21) لَيْسَ سِوَايَ. (ع21) أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرَ. (ع22)

لقد أراد الله أن يعلن لهم أنه لا يوجد إله للخير وإله للشر فلا يوجد إله سواه مسيطر على كل الكون وكل ما يحدث فيه من خير ومن شر ولا يوجد شيء يحدث بعيداً عن دائرة سلطانه.

ثانياً: سيادة الله:

عندما كان الشعب في السبي راودته فكرة ضعف يهوه أمام آلهة الكلدانيين فهو لم يقدر أن ينقذهم من أيدي الأمم المجاورة لهم وتركهم يؤخذون إلى السبي ولذلك بدأوا يتوجهون إلى عبادة تلك الإله الغريبة لذلك كانت المهمة شاقة أمام إشعياء حتى يصحح مفاهيم الشعب ويعلن لهم أنه حتى وإن كان الله قد ترك يهوذا للسبي في بلاد بعيدة إلا أنه هو الآله الوجيد الذي لا يوجد غيره المتسلط على الكون وهذا ما نجده في القرينة الكبر (أش 4: 17-22، 41: 2، 43: 16 ، 44: 6 ، 46: 9)

فهو الخالق (40: 25 ، 45: 18) الذي خلق الطبيعة بكل ما فيها من سماء وأرض وشمس وقمر ونجوم وهو الذي له السلطان عليها (40: 22 ، 48: 12) وهو الذي يعطي نسمة لكل الساكنيين على كل الأرض (42: 5) وهو الذي يجب أن تجثو له كل ركبه ويحلف به كل لسان (45: 23) ويوضح لهم الفرق بين الإله الحي وآلهة الأمم فيقول لهم: فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ، وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ؟ اَلصَّنَمُ يَسْبِكُهُ الصَّانِعُ، وَالصَّائِغُ يُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ وَيَصُوغُ سَلاَسِلَ فِضَّةٍ. الْفَقِيرُ عَنِ التَّقْدِمَةِ يَنْتَخِبُ خَشَبًا لاَ يُسَوِّسُ، يَطْلُبُ لَهُ صَانِعًا مَاهِرًا لِيَنْصُبَ صَنَمًا لاَ يَتَزَعْزَعُ! أَلاَ تَعْلَمُونَ؟ أَلاَ تَسْمَعُونَ؟ أَلَمْ تُخْبَرُوا مِنَ الْبَدَاءَةِ؟ أَلَمْ تَفْهَمُوا مِنْ أَسَاسَاتِ الأَرْضِ؟ الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ الأَرْضِ وَسُكَّانُهَا كَالْجُنْدُبِ. الَّذِي يَنْشُرُ السَّمَاوَاتِ كَسَرَادِقَ، وَيَبْسُطُهَا كَخَيْمَةٍ لِلسَّكَنِ. الَّذِي يَجْعَلُ الْعُظَمَاءَ لاَ شَيْئًا، وَيُصَيِّرُ قُضَاةَ الأَرْضِ كَالْبَاطِلِ. (إش 40: 18-23)

وفي مرة أخرى يقول لهم: بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟ «اَلَّذِينَ يُفْرِغُونَ الذَّهَبَ مِنَ الْكِيسِ، وَالْفِضَّةَ بِالْمِيزَانِ يَزِنُونَ. يَسْتَأْجِرُونَ صَائِغًا لِيَصْنَعَهَا إِلهًا، يَخُرُّونَ وَيَسْجُدُونَ!  يَرْفَعُونَهُ عَلَى الْكَتِفِ. يَحْمِلُونَهُ وَيَضَعُونَهُ فِي مَكَانِهِ لِيَقِفَ. مِنْ مَوْضِعِهِ لاَ يَبْرَحُ. يَزْعَقُ أَحَدٌ إِلَيْهِ فَلاَ يُجِيبُ. مِنْ شِدَّتِهِ لاَ يُخَلِّصُهُ. (إش 46: 5-7) فكيف يشبهون الإله الحي بهذه الأحجار المنحوتة أو الأخشاب المصنوعة في أشكال متنوعة التي يظنها الناس آلهة؟

وأعلن لهم أنه هو الله الذي يخبر بالمستقبل (45: 11) فهل تستطيع الآلهة الأخرى أن تفعل ذلك بالطبع لا تستطيع قطعة الخشب أو الحجر ان تفعل ذلك أما الله فيفعل ذلك (48: 6) والأخبار بالمستقبل ليس من قبيل التخمين أو الاستنتاج بل هو حقيقة لا بد أن تحدث لسبب واحد بسيط هو أنه هو بنفسه الذي رتب هذا المستقبل وصنعه. فهو إله المستقبل كما أنه الحاضر والماضي إنه سيد التاريخ ومحرّك الأحداث صانع السلام وخالق الشر ومصور النور وخالق الظلمة فلا يوجد حدث يتم بصورة عشوائية أو خارج دائرة سلطانه.

ثالثاً: برّ الله:

كانت صرخة الشعب وهو في السبي «قَدِ اخْتَفَتْ طَرِيقِي عَنِ الرَّبِّ وَفَاتَ حَقِّي إِلهِي»؟ (إش 40: 27) ولذلك يتحدث النبي هنا عن برّ الله الذي يتجلى في خلاصه وهو ليس براً إيجابياً يخلص ويفدي (41: 10) وهذا الخلاص قد يقتضي التأديب والعقاب ولكن الشعب لم يفهم هذا.

والدارس المدقق يعرف أن الكلمة العبرية في آية موضوعنا المترجمة ((الشر)) هنا هي (רָע) وهيي تأتي في الترجمات الإنجليزية (Disaster – troubles – Calamity -Adversity) بمعنى كارثة أو مصيبة او أزمة “1”

(BBE) I am the giver of light and the maker of the dark; causing blessing, and sending troubles; I am the Lord, who does all these things.

(ESV) I form light and create darkness, I make well-being and create calamity, I am the Lord, who does all these things.

(GNB) I create both light and darkness; I bring both blessing and disaster. I, the Lord, do all these things.

(WEB) I form the light, and create darkness. I make peace, and create calamity. I am Yahweh, who does all these things.

(NASB) The One forming light and creating darkness, causing well-being and creating calamity; I am the Lord who does all these.

(NIV) I form the light and create darkness, I bring prosperity and create disaster; I, the Lord, do all these things.

وقد كان الشرّ المقصود في ذلك الوقت هو السبي وهنا يعلن الله أنه هو صانع هذا الشر فهو الذي أرسلهم إلى السبيّ تأديباً لهم. وقد قال بوضوح< هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ وَعَلَى سُكَّانِهِ، جَمِيعَ اللَّعَنَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِي السِّفْرِ الَّذِي قَرَأُوهُ أَمَامَ مَلِكِ يَهُوذَا.  > (2أخبار 34: 24)

وقال لهم على لسان أرميا بوضوح:< اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا مُلُوكَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ. هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا جَالِبٌ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ شَرًّا، كُلُّ مَنْ سَمِعَ بِهِ تَطِنُّ أُذْنَاهُ. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُونِي، وَأَنْكَرُوا هذَا الْمَوْضِعَ وَبَخَّرُوا فِيهِ لآلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ يَعْرِفُوهَا هُمْ وَلاَ آبَاؤُهُمْ وَلاَ مُلُوكُ يَهُوذَا، وَمَلأُوا هذَا الْمَوْضِعَ مِنْ دَمِ الأَزْكِيَاءِ > (ارميا 19: 3-4) وراجع أيضاً (إش 10: 5-8 وجب 1: 1-11)

فإن كان قد سمح لهم بالسبي فقد فعل هذا لخيرهم وكانت عينه عليهم وسوف يردهم كما قال على لسان أرميا< كَهذَا التِّينِ الْجَيِّدِ هكَذَا أَنْظُرُ إِلَى سَبْيِ يَهُوذَا الَّذِي أَرْسَلْتُهُ مِنْ هذَا الْمَوْضِعِ إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِلْخَيْرِ. وَأَجْعَلُ عَيْنَيَّ عَلَيْهِمْ لِلْخَيْرِ، وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ، وَأَبْنِيهِمْ وَلاَ أَهْدِمُهُمْ، وَأَغْرِسُهُمْ وَلاَ أَقْلَعُهُمْ.  ارميا ( 24: 5-7) ويؤكد مرة أخرى على لسان أرميا أنه كان قد سمع بالشر الذي هو السبي فإنه سيجلب عليهم الخير الذي هو العودة من السبي فيقول: <لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: كَمَا جَلَبْتُ عَلَى هذَا الشَّعْبِ كُلَّ هذَا الشَّرِّ الْعَظِيمِ، هكَذَا أَجْلِبُ أَنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ الْخَيْرِ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ إِلَيْهِمْ.> فبرّ الله الذي يتجلى خلاصه قد يقتضي التأديب وهكذا فعل مع شعبه وأرسلهم إلى السبي ولكنه لا يتوقف عند هذا الحدّ  بل يتقدم إلى خلاصهم لذلك نراه يقيم كورش ويمسك يمينه ويفتح أمامه المصرعين. ويمهد الهضاب ويعطيه انتصاراً على كل الممالك المجاورة ويقول بوضوح <أَنَا قَدْ أَنْهَضْتُهُ بِالنَّصْرِ، وَكُلَّ طُرُقِهِ أُسَهِّلُ. هُوَ يَبْنِي مَدِينَتِي وَيُطْلِقُ سَبْيِي، > ارن عز (1: 1-5) إش45: 1-4) فهنا يعلن الله لهم بوضوح أن ما يضنونه شراً لم يخرج عن دائرة سلطانه فهو الذي أرسلهم إلى السبي وهو سيخلصهم منه.

أن هذه الآية تعلن بوضوح للشعب الذي يعيش في السبي متألماً ومهدداً بخطر السقوط في الوثنية إن الله واحد ولا يوجد غيره وهو المتحكم في كل شيء وما نضنه شراً يستخدمه الله لخيرنا.

المراجع:

(1) Willam L. Holladay. A Concise Hebrew and Aramaic Lexicon of O.T. pp. 284285-.