الردود على الشبهات

المطرقة والسندان تعليقاً على ما يسمى بـ بحث!

المطرقة والسندان تعليقاً على ما يسمى بـ بحث!



بينما أتجول في المواقع الإسلامية وجدت “بحثاً” لشخص مسلم حول الترجمة اليونانية للعهد القديم المسماة “الترجمة السبعينية” وإقتباسين في العهد الجديد منها، وهما:


النص الأول:

Mat 12:17 لكي يتم ما قيل بإشعياء النبي:
Mat 12:18 «هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي. أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق.
Mat 12:19 لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته.

Mat 12:20 قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق إلى النصرة.
Mat 12:21 وعلى اسمه يكون رجاء الأمم».

النص الثاني:

Luk 3:35 بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح
Luk 3:36 بن قينان بن أرفكشاد بن سام بن نوح بن لامك

ففي النص الأول تأتي هذه النبوة من سفر أشعياء النبي (أش 42: 1- 4) ويقول المسلم أن النص (أش 42 : 1) قد جاء في الترجمة السبعينية مضافاً عليه كلمة “يعقوب” بعد كلمة “عبدي” وأيضاً مضافاً عليه كلمة “إسرائيل” بعد كلمة “مختاري”، وهما كلمتان لم يوجدا في النص الماسوري العبري، ولم يقتبسهما كاتب إنجيل متى على الرغم من وجودهما في الترجمة السبعينية.

وفي النص الثاني يقول أن إسم “قينان” هو من إدخال كاتب الإنجيل لأن هذا الإسم لا يوجد في النص العبري الماسوري للنصوص (تك 10: 24) و (تك 11: 12) و (1أخ 1: 18)، ولكنه موجود في الترجمة السبعينية اليونانية في النصوص (تك 10: 24) و (تك 11: 12)، ولكن كاتب الإنجيل قد أخذ الإسم ووضعه بين أرفكشاد وبين شالح، أي أنه، وفقاً لوجهة نظر المسلم، قد أكد على صحة الترجمة السبعينية وخطأ النص الماسوري العبري!

ويستنتج المسلم من كلامه هذا الآتي:

1. إما أن يكون إقتباس كاتب إنجيل لوقا من الترجمة السبعينية شاهداً لصحتها، وبالتالي خطأ النص الماسوري لهذا النص وخطأ كاتب إنجيل متى الذي لم يأخذ الإسمين “يعقوب” و “إسرائيل” الموجودان أمامه في الترجمة السبعينية. وبالتالي يكون العهد القديم محرف ويكون العهد الجديد ليس وحياً أو كان وحياً ولكن تم تحريفه!
2. أو أن يكون إقتباس إنجيل متى من سفر أشعياء صحيحاً وفقا للنص العبري، وهو بهذا الإقتباس الذي لا يحوي على الإسمين “يعقوب” و”إسرائيل” يشهد لخطأ السبعينية التي أخذ منها كاتب إنجيل لوقا إسم “قينان” مخالفاً النص العبري الماسوري، وعليه يكون العهد الجديد ليس وحياً أو كان وحياً وتم تحريفه بسبب أن كاتب إنجيل لوقا أخذ من الترجمة السبعينية (المحرفة) إسم “قينان”!

ومن جانب آخر:

3. حيث أن اليهود الذين ترجموا نبوة أشعياء قد فسروا النبوة أنها تتكلم عن يعقوب وإسرائيل (كشعب أو كإسم شخص) ويكون هذا التفسير صحيحاً وفقاً لأن كاتب إنجيل لوقا قد شهد لصحة السبعينية بأخذه إسم “قينان” منها، وعليه فيكون كاتب إنجيل متى أخطأ عندما إعتقد أن النبوة هى عن المسيح وحذف الكلمتين، وبالتالي فهو لا يكتب بوحي ويكون إنجيله ليس وحياً.
4. أو أن يكون كاتب إنجيل متى قد فهم النبوة بشكل صحيح، ويكون بذلك يشهد على خطأ الترجمة السبعينية، وخطأ كاتب إنجيل لوقا الذي أخذ من السبعينية إسم قينان، ويكون هذا الكاتب، إذاً، لا يكتب بوحي وبالتالي يكون إنجيله ليس وحياً.

هذه هى خلاصه “بحثـ”ـه، وللأسف فـ”بحثـ”ـه كله يعتمد على خطأ بالغ، وهو أنه لابد أن تكون السبعينية خاطئة في كل الأحوال أو صحيحة في كل الأحوال، وأنها لو صحيحة تكون وحياً ولو خاطئة لا تكون وحياً! فدعونا نقدم تعليقاتنا على هذا الـ”بحث” ولا نرد عليه لأنه لا يحتاج إلى رد.

1. ما الذي يمنع أن يكون إقتباس القديس متى من سفر أشعياء صحيحاً لأن إضافات المترجمين خاطئة وأن يكون إقتباس القديس لوقا أيضاً صحيح لأنه قَدَّمَ معلومة صحيحة هنا بحيث أن النص العبري لم يذكر قينان؟ وبالتالي فالنص العبري لا يؤكد ولا يعارض وجود قينان، فعدم الذكر لا يعني عدم الوجود!

2. ما الدليل أن القديس لوقا قد إقتبس من السبعينية؟ من قالوا أنه إقتبس منها لم يقدموا دليلاً على كلامهم هذا، ولا يمكن تقديم دليل، فكل ما يمكنك فعله هو جمع عدد أكبر يقول هذا، ففي النهاية ستظل آراء لا يدعمها دليل، وأظنك تعرف الفارق بين الرأي والدليل، وهنا نحن أمام مجرد أسماء في أنساب، وليست مثلاً نبوة كما في بشارة القديس متَّى، فما الدليل؟

3. ما الدليل أن القديس متى قد إقتبس هذه النبوة من النص السبعيني مباشرة، ولم يقم بترجمة النص العبري إلى اليونانية بنفسه، حتى تقول أنه لم يأخذ الأسماء “يعقوب” و “إسرائيل”؟، عند إجراء مقارنة لفظية بين النص اليوناني لإنجيل متى في هذه النبوة وبين النص اليوناني لسفر أشعياء فيها، فأنه يظهر بوضوح أن القديس متى لم يعتمد على الترجمة السبعينية هنا، ولكن عند عمل مقارنة ترجمية بين النص اليوناني لإنجيل متى في هذه النبوة وبين النص العبري الماسوري في الثلاث نصوص الأولى (لأن القديس متى إقتبس ثلاثة نصوص، وجزء من النص الرابع) فتجد إتفاقاً في أكبر[1] مما تجده في حالة المقارنة مع السبعينية، وهذا يؤكد أنه لم يعتمد على السبعينية، بل أن التشابهات بين نص متى ونص السبعينية هى الترجمات المفترضة لترجمة النص العبري في أغلب الأحوال في الكلمات “عبدي” و”روحي” و”قصبة” و”]على[ إسمه يكون رجاء الأمم” و”يطفيء” و”نفسي” ..إلخ[2]، وهذا يصب في مصلحة أن القديس متى لم يعتمد على النقل من السبعينية، فإذا كان لم يعتمد على السبعينية، فقد بطلت فكرتك كلها لأنه لم يأخذ منها أصلاً بل ترجم النص العبري مباشرةً وبالتالي فهو لا يتعارض مع القديس لوقا، لأن من ناحية فلم يثبت أن متى إقتبس من السبعينية حتى يثبت أنه ترك الإسمين، ومن ناحية أخرى فلم يثبت أن القديس لوقا إقتبس الإسم من السبعينية حتى يوضع في المقارنة، وحتى بفرض أنه إقتبسه منها فلا تعارض لسببين، الأول أنه بإقتباسه هذا الإسم (جدلا) فيشهد لصحة وجود هذا النسب، ولا يكون قد شهد أن السبعينية وحي، والثاني هو أنه لو إفترضنا جدلاً أنه شهد للسبعينية فهو قد شهد لسبعينية عصره، وليس بالضرورة أن كل كلمة في السبعينية اليوم هى ما كانت في أيامه، هذا كله تنزلاً في الحوار.

4. في الحقيقة يمكن الجمع بسهولة بين كل ما ظنه المسلم أن لا يمكن الجمع بينه إلا وخرجنا بما خرج به!، فيكون إقتباس القديس متى صحيحاً والترجمة السبعينية في هذا الموضوع تحديداً خاطئة فقام بترجمة النص العبري مباشرة، ويكون أيضاً القديس لوقا قد أخذ إسم قينان من الترجمة السبعينية أو لم يأخذه منها بسبب أنه نسب صحيح في كلا الحالتين.

تعليق أخير:
يقول في محاولة رده على رد يقدم دائماً:

 

المطرقة والسندان تعليقاً على ما يسمى بـ بحث! 3305559000


وتعليقي على كلامه كالآتي:

لقد إخترع قاعدة من عنده وصدقها وألزم بها من يرد عليه وكأنها مُحْكَمَة!، فليس شرطاً أنه طالما كل المرات التي ذُكرت فيها الكلمة العبرية (يلد) في هذا السياق كانت توضع لوصف العلاقات المباشرة ألا تأتي لوصف علاقة غير مباشرة بين جد وحفيد، هذا على إفتراض جدلي بأن كل العلاقات هنا علاقات مباشرة من الأساس، فلقد سقطتَ في خطأ آخر وهو أنه طالما لم يتم ذكر أسماء أخرى بين الشخص والشخص الآخر فيكون أن هذا هو من ولد ذاك بشكل مباشر، فيمكن أن تكون كل العلاقات هى علاقات غير مباشرة أو بعضها أو فقط في حالة قينان، ولا دليل مخالف يمكن إقامته هنا، خصوصاً أن الكلمة العبرية نفسها تحمل المعنيين (أي المعنى بين الأب والإبن المباشر، والمعنى بين الأب والإبن غير المباشر كأن يكون حفيده أو إبن حفيده…إلخ)، وأنت تعرف ذلك جيداً، أو هكذا أظن، فهل ستُقيّدُ أنت يا مسلم من يكتِب وفقاً لقواعدك الشخصية؟

في نهاية تعليقي الموجز هذا، لا أحتاج إلى أن أكرر أن هذا كان مجرد تعليق وليس رد، مع علمي بوجود أخطاء أخرى في “بحثـ”ـه، ولكني ركزت على الفكرة الرئيسية في “بحثـ”ـه، لأعرضها لحضراتكم..

لو هناك شيء غير واضح في التعليق أتمنى أن تخبروني لأعدله..

[1]Lange, J. P., & Schaff, P. 2008. A commentary on the Holy Scriptures : Matthew (220). Logos Research Systems, Inc.: Bellingham, WA
[2]Beale, G. K., & Carson, D. A. 2007. Commentary on the New Testament use of the Old Testament (43). Baker Academic; Apollos: Grand Rapids, MI; Nottingham, UK