أبحاث

موقف المسيحية من العهد القديم – لماذا لا تتخلّص الكنيسة منه؟ عدنان طرابلسي

لماذا لا تتخلّص الكنيسة من العهد القديم بدلاً من ضمه إلى العهد الجديد في كتاب مقدس واحد؟ - عدنان طرابلسي

موقف المسيحية من العهد القديم – لماذا لا تتخلّص الكنيسة منه؟ عدنان طرابلسي

موقف المسيحية من العهد القديم - لماذا لا تتخلّص الكنيسة منه؟ عدنان طرابلسي
موقف المسيحية من العهد القديم – لماذا لا تتخلّص الكنيسة منه؟ عدنان طرابلسي

يطرح هذا السؤال أكثر من نقطة هامة حول علاقة العهد القديم بالجديد وبالكنيسة مفترضاً خطأ أن العهد القديم هو كتاب يهودي. العهد القديم (وهو تسمية كنسية له لا يهودية) هو جملة الأسفار اليهودية المكتوبة قبل مجيء المسيح بالجسد. وقد جمعته الكنيسة مع أسفار العهد الجديد في كتاب مقدس واحد للأسباب التالية:

  • الوحي الإلهي هو نفسه في العهدين (وحدة وحيوية).
  • العهد القديم هو كتاب نبوة عن مجيء المسيح وحياته وآلامه وصلبه وموته وقيامته وعن الخلاص الحاصل بالمسيح (وحدة نبوية).
  • إله العهدين هو نفسه الثالوث القدوس المتجلّي في العهد القديم بصورة رمزية ظلّية وفي العهد الجديد بصورة واضحة (وحدة لاهوتية).
  • شريعة العهد القديم الناقصة، المحدودة والجسدية هي تهيئة ومقدمة لشريعة العهد الجديد الكاملة، غير المحدودة والروحية (وحدة تشريعية).

الرب يسوع لم يرفض العهد القديم بل رفض الذهنية اليهودية التي خانت الوحي الإلهي المدوّن فيه (يو7: 19، متى23). لهذا استعمل الرب يسوع، ومن بعده التلاميذ والرسل، أسفار العهد القديم للتبشير (2تيمو6: 3، أع13: 13، أع4: 1-7) موضحاً ضأن العهد القديم قد كتب عنه وأن المسيح قد حقق هذه النبوات (يو5: 45، لو 16: 16، يو5: 45-46).

وقد أظهر العهد الجديد أن مجيء المسيح قد أبطل البر (المحدود) الذي كان بالناموس اليهودي وألغى دور هذا الناموس إلى الابد بعد أن فاضت شريعة الروح القدس على قلوب المسيحيين. غاية الناموس كانت المسيح (رو2: 4) لكن اليهود لم يكونوا أمناء على أقوال الله (رو3: 1-2) ولم يحفظوا الناموس (أع7: 53) وبرهنوا بأقوالهم وأعمالهم أن ليس جميعهم هم أبناء الموعد لأن “ليس جميع الذين من إسرائيل هم إسرائيليون”(رو9: 6)، ولا جميع نسل إبراهيم هم أولاد (رو9: 7)، لأن البنوّة لله هي الإيمان لا بالجسد (غل4: 28).

لهذا أخرج الله جميع اليهود غير المؤمنين بإبنه من مقاصده الابدية فصار اليهود غير المؤمنين بالمسيح: “من جهور الإنجيل هم اعداء” (رو11: 28)، وصار مجمع اليهود مجمع الشيطان (رؤ2: 9). وقد قرّر المجمع الرسولي الأول (أ‘15: 1-29) بإلهام من الروح القدس أن الناموس نير لم يستطع آباء اليهود تحمّله وثقلُ وبالتالي لا يصلح للعمل به بعد مجيء المسيح لأنه يبطل البر الذي بالمسيح.

لأن الناموس اليهودي كان ذا عيوب (عبرانيين 8: 7) وعتق وشاخ وقرب من الاضمحلال (عب8: 13)، لأن فيه كان ظلّ الخيرات فقط ولا يستطيع أن يغفر الخطايا (عبرانيين 10: 11) ولا يتبرر به أحدُ (غلاطية 3: 11). بينما ناموس الحق والحرية الموهوب بنعمة المسيح هو أفضل (عبرانيين 7: 22و8: 6) وهو لعهد جديد (عبرانيين 8: 8)، مكتوب لا على ألواح حجرية بل على ألواح القلب اللحمية (عبر8: 10 و10: 16)، ومجبول بدم المسيح بدون عيب (عبر9: 14و28 و10: 19) وصانعاً فداءاً   ابدياً (عبر9: 12 و20).

من هنا نستنتج أن الكنيسة جمعت العهدين معاً في كتاب مقدس واحد بسبب الوحدة بينهما كما ذكر ولأنها تؤمن بأن العهد القديم لم يعد ينتمي إلى اليهود بعد مجيء المسيح بل إلى الكنيسة فهي صاحبته والمؤتمنة عليه ومفسرته وهي التي أوصلته إلينا عبر القرون لا اليهود. لكن ابناء العهد الجديد غير ملتزمين بالعمل بالعهد القديم لا بل ملزمون بشريعة العهد الجديد حصراً لأن السوية الروحية واللاهوتية والأخلاقية للعهد الجديد تفوق بما لا يقاس سوية للعهد القديم.

لهذا فقديسو العهد الجديد الذين اعتمدوا بإسم الثالوث وسكن فيهم الروح القدس فتألّهوا به هم أعظم من ابرار العهد القديم الذين نالوا نعمة الروح القدس من خارج فقط. والاخلاق المسيحية هي اخلاق صوفيّة لأنها مبنية على الامتلاء من الروح القدس والاستنارة به والجهاد الروحي وليس على العمل بناموس حرفي كما كان الحال في العهد القديم. لهذا فإن أي رفض للعهد القديم يعني رفضاً لموقف المسيح والكنيسة من بعده ويعبّر عن سوء فهم ٍ للاهوت المسيحي[1] (د.عدنان طرابليس)

[1] راجع دراسة د.عدنان طرابلسي عن العلاقة بين العهدين في ملحق الجزء الثاني من شرح متى للذهبي الفم. قبل مدونات العهد الجديد، كان العهد القديم والبشارة الرسولية هما سلاح الرسل. في العهد القديم تعاليم أخلاقية تتفق مع العهد الجديد. بمكانتهما. هناك المزامير ابضاً وهي أشهر صلوات كتابية تُتلى وتُستعمل في الكنيسة الارثوذكسية وسواها.

موقف المسيحية من العهد القديم – لماذا لا تتخلّص الكنيسة منه؟ عدنان طرابلسي