أبحاث

كيف يمكننا أن نجانس بين قول الرب: (لو 22: 36) وبين قوله (متى 5: 9)؟

كيف يمكننا أن نجانس بين قول الرب: (لو 22: 36) وبين قوله (متى 5: 9)؟

كيف يمكننا أن نجانس بين قول الرب: (لو 22: 36) وبين قوله (متى 5: 9)؟

كيف يمكننا أن نجانس بين قول الرب: (لو 22: 36) وبين قوله (متى 5: 9)؟
كيف يمكننا أن نجانس بين قول الرب: (لو 22: 36) وبين قوله (متى 5: 9)؟

 

كيف يمكننا أن نجانس بين قول الرب: “…. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًاً” (لو 22: 36)، وبين قوله: “ طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ” (متى 5: 9)؟

(خدمة جناز المسيح)

إن التناقض الظاهري بين لوقا 22: 36 وبين متى 5: 9 يضمحل متى ميّزنا سياق الكلام في كل موضع من هذين الموضعين.

فالكلمة المتعلقة “بالسيف” قد تمّت ترجمتها بطرق متناقضة كثيرة. الكثيرون يقرأون هذا الأمر (الذي نطق به الرب) بصورة حرفية، كما لو كان يسوع ينصح بالدفاع عن النفس (باستعمال سيف مادي حرفي). القديس كيرلس الإسكندري مثلاً يعتقد أن هذا القول يشير إلى كل اليهود، وليس فقط إلى تلاميذ يسوع. فالذين تسمع ثروتهم بالهروب من الأرض التي يسكنوها قد ينجون من الاجتياح والنزاعات الآتية. أما الفقراء جداً بحيث لا يمكنهم فعل هذا، فيجب عليهم أن يبيعوا ممتلكاتهم الزهيدة ليستعدّوا للدفاع عن أنفسهم.

مفسّرون آخرون يقرأون هذه الكلمات بصورة رمزية أو مجازية فيفهمون يسوع أنه يتكلم عن الحرب الروحية التي يجب أن تحدث “في الأيام الأخيرة”، والتي تأتي مع آلامه وصلبه. ما يشير إلى أن هذه القراءة صحيحة هو قراءة الآية 36 سوية مع 37. فيسوع قد أرسل السبعين سلفاً، موصياً إياهم أن يتمّموا مهمتهم دون أن يحملوا “كِيسًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ أَحْذِيَةً” (لو 10: 4). أما الآن فقد نشأت جملة مختلفة من الظروف مع اقتراب تسليمه المزمع حدوثه.

يقول يسوع: “لكِنِ الآنَ” (لو 22: 36) لا تأخذوا فقط ما هو ضروري لاحتياجاتكم اليومية المادية (المال والملابس)، لكن أيضاً وسائل أخرى للانخراط في الحرب الروحية الآتية مع بداية آلام يسوع. يسم هذا نقطة تحوّل في تاريخ الخلاص، عندما سيّدعى التلاميذ، مثل معلمهم، للجهاد ضد قوى الشرّ والظلام.

إن حقيقة أن يسوع لا يتكلم هنا (22: 36-38) عن أسلحة فعلية هي حقيقة واضحة في الآية 38. فاستجابةً لإعلان يسوع أن الكتاب سيتمّ فيما يخص آلامه، أخرج التلاميذ سيفين، فأجابهم يسوع: “يَكْفِي!” (لو 22: 38). فليس المعنى هنا هو أن سيفيّن ماديين يكفيان حقاً لشنّ الحرب التي يواجهونها. بالحري، تعبّر كلمات يسوع عن شعوره بالإحباط بسبب نقص فهمهم. الكلمات ikanon estin يجب في الحقيقة أن تُترجم إلى “كفّوا عن هذا” أو حتى “كفى” مما يدل ضمنياً “أنتم لا تفهمون المعنى الذي أقصده!”.

هذا المقطع 22: 36-38 إذاً لا يمكن أن يُستعمل (كما قد حدث) للجدل بأن يسوع قد أوصى بالدفاع عن النفس بطريقة قتالية. أيضاً لا يمكن لتفسير العصور الوسطى الغربي المتعلق بالسيفيّن (الكنيسة والدولة) أن يُستنتج من هذا النص بصورة معقولة. أيضاً لا تدل كلمات يسوع، كما ظنَّ البعض، أنه كان عضواً في حزب الغيورين أو متعاطفاً معهم، وهو الحزب الذي كان يهدف إلى الإطاحة بالحكم الروماني في إسرائيل بقوة السلاح.

مرة أخرى، إن المعنى رمزي ومشابه للاحتكام الذي لجأ إليه الرسول بولس في أفسس “احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ” (6: 13). فهذا لا يشير إلى العنف الجسدي الحادث حتى بحسن نية. إنه يُشير بالحري إلى حرب روحية، يرمز إليها السيف الذي على كل مسيحي أن يتقلّد في العصر الجديد، عصر الكنيسة، عندما سيقع على الكثيرين اضطهادٌ وما يماثل آلام يسوع.

إذاً لا يوجد تناقض على الإطلاق بين كلمة السيف في إنجيل لوقا وبين: “طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ” (متى 5: 9). في حياة الكنيسة، ستستمر الجهادات المماثلة لجهاد يسوع، وسيكون الاضطهاد عنيفاً. لكن “طوبى للذين ينبذون العنف والقتال، حتى أمام الاضطهاد، ليصنعوا السلام على الأرض ويحافظوا عليه”. (الأب جان بريك).

“إن الجهل بالكتاب المقدس هو الذي يسبب الكثير من الضرر، والكثير من الأخطاء والخطايا. لا يكفي أن نقرأه بسطحية وسرعة، أو بدافع الفضول الصرف. لكن عندما يكون غامضاً، لا يتطلّب عندئذ مجرد مستمع أو قارئ يقظ وحسب، بل أيضاً مفسَّراَ جيداً وحكيماً”. (القديس يوحنا الذهبي الفم)

“قد وُلدتَ من بتولٍ لم تعرف نفاساً، وطُعن جنبك بحربة يا خالقي، فصنعتَ منه إعادة حواء لما صرتَ آدماً، ورقدت رقاداً مُحيياً للطبيعة بما يفوق الطبيعة، وأنهضت الحياة من الرقاد والفساد بما أنك قادرٌ على كل شيء” 

كيف يمكننا أن نجانس بين قول الرب: (لو 22: 36) وبين قوله (متى 5: 9)؟