عيد الفصح اليهودي – ماذا تعرف عن عيد الفصح פסח اليهودي؟ Pesach
عيد الفصح اليهودي - ماذا تعرف عن عيد الفصح פסח اليهودي؟ Pesach
عيد الفصح اليهودي – ماذا تعرف عن عيد الفصح פסח اليهودي؟ Pesach
الفصح פסח
إن أكبر الأعياد وأهمها، في الكتاب المقدّس، هو عيد الفصح פסח. يحتل هذا العيد مكانة مرموقة، سواء في العهد القديم أو العهد الجديد. ليس من المستبعد أن يكون بنو إسرائيل احتفلوا، قبل خروجهم من مصر بمدة طويلة، بعيد زراعي في الربيع، يتم فيه ذبح حمل. ربما تمت إضافة ذكرى ذبيحة إسحق، فيما بعد، إلى هذا العيد.
يرجع أصل العيد، بدون شّك، إلى الخروج من مصر، وهو أشهر أحداث تاريخ بني إسرائيل. هرب يعقوب وأولاده، في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، من المجاعة إلى مصر. سهل دخولهم مصر وجود يوسف، أحد أبناء يعقوب فيها، وتبوء منصباً هاماً، إذ كان ذراع فرعون اليمنى. عاش يعقوب وأولاده في بحبوحة وأمان في أرض جوشن، وهي منطقة خصيبة في الدلتا.
مرت السنون، واعتلى عرش مصر فراعنة نسوا أفضال يوسف على البلد، وإنقاذه لها من المجاعة في الماضي. وأهتم هؤلاء فقط بالحاضر. ازدهرت أحوال بني إسرائيل الاقتصادية، وزاد عددهم، وعزفوا عن الاختلاط بأهل البلد، فكونوا شيئاً فشيئاً، دولة داخل الدولة. لم يشكلّ هذا الأمر تهديداً مباشراً للدولة، إلاّ أنه أثار مخاوف السلطة. وفي تلك الآونة بدأ فرعون في إقامة مخازن غلال ضخمة، فرأى أن يضرب عصفورين بحجر واحد: تسخير هذا الشعب لبناء المخازن وبذلك تتوافر لديه اليد العاملة، وفي نفس الوقت يستطيع السيطرة على بني إسرائيل. هكذا بدأت فترة عبودية وسخرة بني إسرائيل في مصر.
عندما ظهر موسى، وهو أحد أبناء الشعب المضطهد، وأراد أن يخلص شعبه قاومه فرعون بكل السبل المُتاحة. وهنا تدخل إله إسرائيل، الذي أكثر من الآيات ليخلص من وضعوا ثقتهم وإيمانهم فيه. هلك في ليلة الخلاص، أبكار المصريين، بينما لم يصب أبكار بني إسرائيل بأي أذى، لأن هؤلاء نفذوا ما طلبه منهم موسى، وهو وضع علامة بدم الحمل على أبواب بيوتهم. هكذا نجا بنو إسرائيل من هذه الكارثة.
يصف هذا كتاب الخروج ويستعمل كلمة بسِخ: “فقولوا هي ذبيحة فصح نقدمها للرب الذي عبر عن بيوت بني إسرائيل في مصر” (خروج 27:12). الفصح פסח إذاً هو عبور. ويعبّر حادث عبور الحاجز المائي عن نفس الفكرة والمفهوم: فبدلاً من أن يغرق بنو إسرائيل في المياه، نجوا وخلصوا وبلغوا البر الثاني بأمان.
يحتفل بنو إسرائيل بذكرى هذا الحدث في عيد الفصح פסח في 14 نيسان، وهو الشهر الأوّل في السنة العبرانية. تعبر مكونات المأدبة عن أحداث الخلاص. تسمى هذه الوجبة سدِر، وبها يحيي بنو إسرائيل، سنوياُ، ذكرى هذا الخلاص من العبودية: إن العبودية الحقيقية ليست هي عبودية فرعون، إنمّا هي عبودية الخطيئة وهي التي تقود إلى الموت والفناء. لذلك فالاحتفال بالعبور ليس هو مجرد تذكر حدثٍ تم في الماضي، ولكنه احتفال بالهبات والعطايا الإلهية، التي انبثقت عن الخروج من مصر. وهناك ثلاث لحظات هامّة في الوجبة الطقسيّة.
- ذكر حالة العبودية (عبودية فرعون والخطيئة): ويتم ذلك بأكل أعشاب مرّة مغموسة في الماء والخل. قبل أن يشكر الإنسان الله ويحمده على الخلاص، عليه أن يتذكر حالته قبل الخلاص. تسمح مرارة الخطيئة بتقدير حلاوة الرحمة الإلهيّة.
- بركة الفطير وأكله: يذكر الفطير بالخبز الذي أكلوه في مصر، وبالمن الذي غذى الشعب في الصحراء.
- بركة وشرب بعض كؤوس الخمر: هناك أربع كؤوس، وذلك لأن نص الفصح פסח العبريّ يستعمل أربعة أفعال ليصف خلاص الرب.
يظل هذا الخلاص مفتوحاً: الخلاص من عبودية مصر هو مجرد إعلان مسبق عن الخلاص النهائي. لذلك كان كل بيت، ليلة الفصح פסח ، يملأ كأساً إضافية إكراماً لإيليا النبي، الذي يجسّم آمال بني إسرائيل المسيحانية.
تؤكد بعض التقاليد أن المسيح وحده، عند مجيئه، هو الذي يستطيع أن يأخذ هذه الكأس ويشربها، وبذلك يتمم خلاص البشرية.
إن رغبة يسوع المُلحة في أن يحتفل بالفصح مع تلاميذه يمكن فهمها فهماً جيداً على ضوء هذا التقليد. إنه أعلن بذلك أنه على وشك إتمام خلاص البشرية النهائي بإعطائه جسده ودمه مأكلاً ومشرباً. إن الإفخارستيّا، التي أسسها يسوع المسيح ليلة خميس العهد، هي استمرار واكتمال الفصح פסח الذي بدأ في مصر.
يصف القديس لوقا في إنجيله العشاء الإفخارستي بدقة شديدة: “وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء، فقال: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك من أجلكم” (لوقا 20:22).
في وصف طقس الفصح פסח، تظل كأس إيليا ملأى ولم تُشرب. يبدو أن لوقا يريد أن يقول بذلك إن يسوع هو الذي أخذ هذه الكأس وتقاسمها مع تلاميذه، لكي يعلن بذلك أن الخلاص قد تمّ. يعلن يسوع بكل وضوح، بهذه الطريقة، أنه المخلص المسيح. وفي اليوم التالي، الجمعة، يُسْفك دم يسوع فوق الجلجثة على أبواب أورشليم، كما سفك دم الحمل على أبواب بني إسرائيل في مصر. ومرّة أخرى ينجو بيت إسرائيل من الموت، بفضل دم يسوع الحمل المذبوح. يمثل أورشليم أو أورشليم السماوية، في كتاب الرؤيا، الكنيسة، أي جماعة الذين وضعوا إيمانهم وثقتهم في الله، وانتظروا أن يخلصهم من القوى المعادية.
إن عيد الفصح פסח الذي يجمع الخروج من مصر وعبور مياه الموت وقيامة يسوع المسيح، هو، بالنسبة للكتاب المقدّس، الحدث الرئيسيّ والمركزيّ في تاريخ البشرية وتاريخ الخلاص. الحب هو أقوى من الموت وسيظل دائماً كذلك. هذا هو الخبر السار (الإنجيل) الذي يجب أن يصل إلى أقاصى الأرض.
عيد الفصح اليهودي – ماذا تعرف عن عيد الفصح פסח اليهودي؟ Pesach
مدرسة الاسكندرية اللاهوتية – د. ميشيل بديع عبد الملك (1)
القديسة مريم العذراء – دراسة في الكتاب المقدس